توديع
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
الوداع - بفتح الواو - لغة : اسم مصدر بمعنى التوديع ، كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم .
قال الفيومي : وادعته موادعة صالحته والاسم الوداع - بالكسر - وودعته توديعا ، والاسم الوداع بالفتح ، وهو أن تشيعه عند سفره [القاموس المحيط ، والمصباح المنير]
وقال ابن منظور : الوداع توديع الناس بعضهم بعضا عند المسيرة [انظر لسان العرب ، والقاموس المحيط] .
وكل من المسافر والمقيم مودع ومودع ، يقال : أراد فلان السفر ، فودعنا وودعناه . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .
العناصر
1- تعريف التوديع .
2- جواز توديع الميت وذلك بتقبيله ومشاهدة وجهه والدعاء له قبل تكفينه .
3- من أدب المدعو توديع العلماء والدعاة إذا أرادا سفرا .
4- جواز صلاة التطوع في السفر عند توديع المنازل .
5- من آداب الإخوة توديع المسلم أخاه عند إرادة السفر .
6- أدب توديع الجيش .
الايات
1- قال الله تعالى: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) [الضحى: 3] .
2- قوله تعالى: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) [مريم: 47، 48] .
الاحاديث
1- عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث وقال لنا: «إن لقيتم فلانا وفلانا لرجلين من قريش سماهما فحرقوهما بالنار» قال: ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج فقال: «إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن أخذتموهما فاقتلوهما» [صحيح البخاري (2954) ] .
2- عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين [قال الأعظمي : رواه الحاكم (1 / 315 - 316) من طريق ابن خزيمة قال الذهبي معلقا عليه : ذكر أبو حفص الفلاس عبد السلام هذا فقال لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه و قال الألباني : إسناده ضعيف كما بينته في الضعيفة 1047 وانظر صحيح ابن خزيمة (1260) ] .
3- عن حنظلة أنه سمع القاسم يقول : كنت عند ابن عمر فجاءه رجل فقال : أردت سفرا فقال عبد الله : انتظر حتى أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يودعنا استودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك [صحيح ابن خزيمة (2531) و قال الأعظمي : إسناده صحيح] .
4- عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلا أخذ بيده، فلا يدعها حتى يكون الرجل هو يدع يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ،ويقول : « أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك » [الترمذي (3443 )، وأبو داود (2600 )، والحاكم (4524)، وانظر صحيح الجامع : (957)، والصحيحة : (14 ، 16) ] .
5- عن محمد بن كعب عن عبد الله بن يزيد الخطمي مرفوعاً كان إذا ودع الجيش قال: « أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم » [أخرجه المحاملي في الدعاء (2/30) ] .
الاثار
1- عن أنس -رضي الله عنه- قال: أقبل النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وهو يردف أبا بكر -رضي الله عنه- وهو شيخ يعرف والنبي لا يعرف فكانوا يقولون: يا أبا بكر من هذا الغلام بين يديك ؟ فيقول: هاد يهديني السبيل [المصنف في الأحاديث والآثار - أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 (7/346)].
2- عن مغيرة ؛ قال: كان إبراهيم إذا طلبه إنسان لا يحب أن يلقاه ؛ خرجت الجارية، فقالت: اطلبوه في المسجد [المجالسة وجواهر العلم لأبي بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (رقم: 3056)].
3- قال إسحاق بن هانئ: كنا عند أحمد بن حنبل في منزله ومعه المروذي أحد طلبته ومهنا طالب آخر، فدق داق الباب فقال: المروذي هنا؟ فكأن المروذي كره أن يعلم موضعه، فوضع مهنا إصبعه في راحته وقال: ليس المروذي هاهنا، والطارق يسمع، وما يصنع المروذي هاهنا، فضحك أحمد ولم ينكر [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي المحقق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الثالثة، 1405 هـ / 1985 م (11/319)].
4- عن عمران بن حصين أنه قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب [رواه البخاري في الأدب المفرد (857)، وابن أبي شيبة (5/ 282) (26096)، والطحاوي في شرح المشكل (7/ 370) (2924). وصحح وقفه الألباني في صحيح الأدب المفرد (رقم: 622)].
5- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما في المعاريض ما يغنى الرجل عن الكذب [رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 335) (رقم: 20841)].
6- قال النخعي رحمه الله: إذا بلغ الرجل عنك شيء قلته فقل: الله يعلم ما قلت من ذلك من شيء، فيتوهم السامع النفي، ومقصودك الله يعلم الذي قلته [الأذكار للنووي (ص: 381)].
7- كان الشعبي يخط دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها وقولي: ليس هو هاهنا [الأذكار للنووي (ص: 381)].
متفرقات
1- قال الدكتور سعيد بن علي بن وهب القحطاني: من أدب المدعو توديع العلماء والدعاة إذا أراد سفرا: ظهر في هذا الحديث أن من الأدب توديع العلماء والدعاة قبل السفر؛ ولهذا قال أبو هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث في شأن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج». فينبغي أن يعتني المدعو وكذلك الداعية بتوديع العلماء في بلده؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفيه مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده، وتوديع أصحابه له أيضا [فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 151، وانظر: عمدة القاري للعيني 14/ 221 وانظر فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري لسعيد بن علي بن وهب القحطاني] .
2- قال الطاهر بن عاشور في تفسير قوله تعالى: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) [مريم: 47، 48]: سلام عليك سلام توديع ومتاركة. وبادره به قبل الكلام الذي أعقبه به إشارة إلى أنه لا يسوءه ذلك الهجر في ذات الله تعالى ومرضاته. ومن حلم إبراهيم أن كانت متكارته أباه مثوبة بالإحسان في معاملته في آخر لحظة [التحرير والتنوير (16/121) ] .
3- قال الألباني تعليقاً على حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلا أخذ بيده، فلا يدعها حتى يكون الرجل هو يدع يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ،ويقول : « أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك »: يستفاد من هذا الحديث الصحيح جملة فوائد : الأولى : مشروعية التوديع بالقول الوارد فيه " أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك " أو يقول : " أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه " . الثانية : الأخذ باليد الواحدة في المصافحة ، وقد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة ، و على ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة . ففي " لسان العرب " : " والمصافحة : الأخذ باليد ، والتصافح مثله ، والرجل يصافح الرجل : إذا وضع صفح كفه في صفح كفه ، وصفحا كفيهما : وجهاهما ، ومنه حديث المصافحة عند اللقاء ، وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه على الوجه " . الفائدة الثالثة : أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضا ويؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم " من تمام التحية المصافحة " وهو حديث جيد باعتبار طرقه و لعلنا نفرد له فصلا خاصا إن شاء الله تعالى ، ثم تتبعت طرقه ، فتبين لي أنها شديدة الضعف ، لا تلصح للاعتبار وتقوية الحديث بها ، ولذلك أوردته في " السلسلة الأخرى " ( 1288 ) . ووجه الاستدلال بل الاستشهاد به إنما يظهر باستحضار مشروعية السلام عند المفارقة أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ، وإذا خرج فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الأخرى " . رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بسند حسن . فقول بعضهم : إن المصافحة عند المفارقة بدعة مما لا وجه له ، نعم إن الواقف على الأحاديث الواردة في المصافحة عند الملاقاة يجدها أكثر وأقوى من الأحاديث الواردة في المصافحة عند المفارقة ، ومن كان فقيه النفس يستنتج من ذلك أن المصافحة الثانية ليست مشروعيتها كالأولى في الرتبة ، فالأولى سنة ، والأخرى مستحبة ، وأما أنها بدعة فلا ، للدليل الذي ذكرنا . و أما المصافحة عقب الصلوات فبدعة لا شك فيها إلا أن تكون بين اثنين لم يكونا قد تلاقيا قبل ذلك فهي سنة كما علمت [السلسلة الصحيحة ح16] .
4- قال ابن القيم رحمه الله: كان إذا ودع أصحابه في السفر يقول لأحدهم أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك . وجاء إليه رجل وقال يا رسول الله إني أريد سفرا ، فزودني . فقال زودك الله التقوى . قال زدني . قال وغفر لك ذنبك . قال زدني . قال ويسر لك الخير حيثما كنت . وقال له رجل إني أريد سفرا ، فقال أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف " فلما ولى ، قال " اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر [زاد المعاد (2/407) ] .
5- قال الشوكاني تعليقاً على كلام السائب بن يزيد: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع : والتشييع الخروج مع المسافر لتوديعه وفيه الترغيب في تشييع الغازي وإعانته على بعض ما يحتاج إلى القيام بمؤنته ، لأن الجهاد من أفضل العبادات والمشاركة في مقدماته من أفضل المشاركات . وفي الحديث دليل على مشروعية تلقي الغازي إلى خارج البلد ، ولما في ذلك من التأنيس له والتطييب لخاطره والترغيب لمن كان قاعداً في الغزو [نيل الأوطار] .
6- قال ابن الهمام : يودع المسافر أهله وإخوانه ، ويستحلهم ، ويطلب دعاءهم ، ويأتي إليهم لذلك ، وهم يأتون إليه إذا قدم[فتح القدير 2 / 319 ] .
7- قال ابن علان : وهذا لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أتى أصحابه فسلم عليهم ، وإذا قدم من سفر أتوا إليه فسلموا عليه قال : وإنما كان هو المودع لأنه المفارق ، والتوديع منه . والقادم يؤتى إليه ليهنأ بالسلامة [شرح الأذكار 5 / 112 ، 113 ] .
8- قال النووي: السنة أن يقول المودع للمسافر ما ورد أن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول للرجل إذا أراد سفرا : ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك [حديث : أن ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد سفرا . . . أخرجه الترمذي ( 5 / 499 - ط الحلبي ) وقال : حديث حسن صحيح ] ، قال الخطابي : الأمانة هنا أهله ومن يخلفه منهم وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله أو ما في معناهما ، وجرى ذكر الدين مع الودائع لأن السفر موضع خوف وخطر ، وقد تصيبه فيه المشقة والتعب ، فيكون سببا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق .
9- قال ابن عبد البر: إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع أخوانه فإن الله جاعل في دعائهم بركة [الآداب الشرعية لابن مفلح (1/450) ] .
10- قال فهد بن يحى الغماري: يستحب توديع المسافر أهله وأصحابه: بقوله: (أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه) [رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني في الجامع برقم 958] . ويردون عليه: (نستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك) [رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني في الجامع برقم 957] . ويقال كذلك: (زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث كنت) وكلها صحيحة [رواه الترمذي والحاكم وحسنه الحافظ]. والحكمة من قولهم نستودع الله دينك..: لأن السفر مظنة للتقصير والتساهل في أمور الدين بسبب المشقة، وعدم الرقيب من البشر، والبعد عنهم فكان الدعاء بذلك مناسباً للحال [المختصر في أحكام السفر ص 19] .
الإحالات
1- بهجة المجالس وأنس المجالس - القرطبي 2/246 دار الكتب العلمية.
2- فتح الباري - ابن حجر 6/115 دار الفكر.
3- الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن : وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت (42/360).
4- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت - لبنان عام النشر : 1415 هـ - 1995 مـ (8/554).
5- التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» - محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي الناشر : الدار التونسية للنشر - تونس سنة النشر: 1984 هـ (16/121).
6- صحيح ابن خزيمة الناشر : المكتب الإسلامي - بيروت ، 1390 - 1970 تحقيق : د. محمد مصطفى الأعظمي باب صلاة التطوع في السفر عند توديع المنازل (2/248).
7- شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال - أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي دار النشر : مكتبة الرشد - السعودية / الرياض - 1423هـ - 2003م الطبعة : الثانية تحقيق : أبو تميم ياسر بن إبراهيم (5/126).
8- فتح الباري - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني المحقق : عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها : محمد فؤاد عبد الباقي الناشر : دار الفكر (6/151).
9- مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى : 1420هـ) أشرف على جمعه وطبعه : محمد بن سعد الشويعر (16/98).
10- المهذب في الآداب الإسلامية جمعه وأعده الباحث في القرآن والسنَّةِ علي بن نايف الشحود الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م ماليزيا ( بهانج -دار المعمور ) (1/369).