تهليل
2022-10-04 - 1444/03/08التعريف
مصدر هلّل وهو مأخوذ من مادّة (هـ ل ل) الّتي تدلّ على رفع الصّوت ثمّ يتوسّع فيه. فيسمّى الشّيء الّذي يصوّت عنده ببعض ألفاظ الهاء واللّام (المضعّفة) ثمّ يشبّه بهذا المسمّى غيره فيسمّى به والأصل قولهم: أهلّ بالحجّ رفع صوته بالتّلبية، واستهلّ الصّبيّ صارخا صوّت عند ولادته، قال ابن أحمر في الإهلال: يهلّ بالفرقد ركبانها *** كما يهلّ الرّاكب المعتمر ويقال: انهلّ المطر في شدّة صوبه وصوته انهلالا. وقال الرّاغب: والإهلال رفع الصّوت عند رؤية الهلال، ثمّ استعمل لكلّ صوت وبه شبّه إهلال الصّبيّ، وقوله عزّ وجلّ: (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) [البقرة:173] أي ما ذكر عليه غير اسم اللّه وهو ما كان يذبح لأجل الأصنام، وقيل الإهلال والتهلّل أن يقول: لا إله إلّا اللّه، ومن هذه الجملة ركّبت هذه اللّفظة كقولهم التّبسمل والبسملة، والتّحوقل والحوقلة إذا قال: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه، ومنه الإهلال بالحجّ، وتهلّل السّحاب ببرقه تلألأ ويشبّه في ذلك بالهلال، وثوب مهلّل خفيف النّسج، ومنه شعر مهلهل أي رقيق، والخلاصة أنّ اشتقاق التّهليل فيه لعلماء العربيّة رأيان: الأوّل: أنّه مصدر الّتي تدلّ على الصّوت. الآخر: أنّه مصدر لفعل منحوت من قوله لا إله إلّا الله. [مقاييس اللغة (6/ 11)، مفردات الراغب (ص 544)].
هلّل الرّجل، أي قال: لا إله إلّا اللّه. ويقال: قد أكثرت من الهيللة أي من قول: لا إله إلّا اللّه، وكذا قولهم: قد أخذنا في الهيللة، إذا أخذوا في التّهليل، وهو مثل قولهم: حوقل الرّجل وحولق إذا قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، وكذا حيعل الرّجل إذا قال حيّ على الصّلاة. قال الخليل: العرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضمّوا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى. قال أبو العبّاس: أربع كلمات هي الحوقلة، والبسملة، والسّبحلة، والهيللة، أحرفها جاءت هكذا، قيل له: فالحمدلة؟ قال: لا وأنكره، يقال أيضا: أهلّ الرّجل أي رفع صوته بذكر اللّه تعالى عن نعمة أو رؤية شيء يعجبه [لسان العرب (8/ 4688- 4692). والصحاح (6/ 1851- 1853). والمصباح المنير (2/ 639)].
التهليل اصطلاحا: لم تذكر كتب المصطلحات هذا اللّفظ: بيد أنّه من الممكن أن نستخلص ذلك من جملة أقوال اللّغويّين فنقول: التّهليل: أن يرفع المسلم صوته بقول لا إله إلّا اللّه [انظر نضرة النعيم (4/1245)].
العناصر
1- معنى التهليل .
2- فضل التهليل .
3- ذكر جملة من فضائل لا إله إلا الله .
4- الإكثار من ذكر لا اله إلا الله يورث الطاعة ويوجب المغفرة .
5- صور من أحوال الصحابة والسلف للتهليل والذكر عموماً .
6- الأفضل في العشر الأول من ذي الحجة كثرة التهليل والتكبير والتمجيد .
7- عدم اعتبار التهليل من المشرك إذا قاله حال استمراره على شركه .
الايات
1- قال الله تعالى: (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) [الرعد: 30] .
2- قوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87] .
3- قوله تعالى: (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) [الصافات: 35] .
4- قوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) [محمد: 19] .
الاحاديث
1- عن البراء بن عازب رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ثمّ شهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه، فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) [إبراهيم: 27]» [البخاري- الفتح 3 (1369) ] .
2- عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا قال المؤذّن: اللّه أكبر اللّه أكبر. فقال أحدكم: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه. قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه. ثمّ قال: أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. قال: أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. ثمّ قال: حيّ على الصّلاة. قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. ثمّ قال: حيّ على الفلاح. قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، ثمّ قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثمّ قال: لا إله إلّا اللّه. قال: لا إله إلّا اللّه من قلبه دخل الجنّة»[مسلم (385) ] .
3- عن النّعمان بن بشير رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ ممّا تذكرون من جلال اللّه، التّسبيح والتّهليل والتّحميد ينعطفن حول العرش لهنّ دويّ كدويّ النّحل. تذكّر بصاحبها، أما يحبّ أحدكم أن يكون له (أو لا يزال له) من يذكّر به؟» [ابن ماجة (3809) في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات] .
4- عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه قال: إنّ ناسا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يا رسول اللّه ذهب أهل الدّثور بالأجور. يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضول أموالهم. قال: «أو ليس قد جعل اللّه لكم ما تصدّقون؟ إنّ بكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة». قالوا: يا رسول اللّه: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»[مسلم (1006) ] .
5- عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنّه خلق كلّ إنسان من بني آدم على ستّين وثلاثمائة مفصل فمن كبّر اللّه وحمد اللّه وهلّل اللّه، وسبّح اللّه، واستغفر اللّه، وعزل حجرا عن طريق النّاس أو شوكة أو عظما عن طريق النّاس، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك السّتّين والثّلاثمائة السّلامى فإنّه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النّار» [مسلم (1007) ] .
6- عن سمرة بن جندب رضي اللّه عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أحبّ الكلام إلى اللّه أربع: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر. لا يضرّك بأيّهنّ بدأت ولا تسمّينّ غلامك يسارا، ولا رباحا، ولا نجيحا، ولا أفلح. فإنّك تقول: أثمّ هو؟ فلا يكون. فيقول: لا إنّما هنّ أربع فلا تزيدنّ عليّ»[مسلم (2137). والبخاري تعليقا: الفتح (11/ 566) ] .
7- عن سعد بن أبي وقّاص رضي اللّه عنه أنّه قال: دخلت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبّح به فقال: «أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل» فقال: «سبحان اللّه عدد ما خلق في السّماء، وسبحان اللّه عدد ما خلق في الأرض، وسبحان اللّه عدد ما خلق بين ذلك، وسبحان اللّه عدد ما هو خالق، واللّه أكبر مثل ذلك، والحمد للّه مثل ذلك، ولا إله إلّا اللّه مثل ذلك، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه مثل ذلك»[أبو داود (1500) وهذا لفظه. والترمذي (3568) وقال: حسن غريب. وذكره النووي في الأذكار (62). وعزاه للترمذي ونقل تحسينه، وقال مخرجه: قال الحافظ: حديث صحيح] .
8- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أفضل الدّعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنّبيّون من قبلي لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له»[ الموطأ مرسلا (ص 188) وهذا لفظه، وقال ابن عبد البر: روي موصولا من طرق. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 6): الحديث ثابت بمجموع الشواهد] .
9- عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه، وأفضل الدّعاء الحمد للّه»[الترمذي (2333)، وابن ماجة (3800) وهذا لفظه، وذكره في المشكاة (2306)، وقال الألباني (2/ 714): حسنه الترمذي وهو كما قال. وكذلك في صحيح الجامع (1/ 362) رقم (1115) وعزاه للترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان والمستدرك وهو في الصحيحة (3/ 484) رقم (1497) ] .
10- عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسا يعني ورجل قائم يصلّي فلمّا ركع وسجد وتشهّد دعا فقال في دعائه: اللّهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت المنّان بديع السّماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيّوم إنّي أسألك. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: «تدرون بم دعا؟» قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «والّذي نفسي بيده لقد دعا اللّه باسمه العظيم الّذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى»[النسائي (3/ 25) وذكره الألباني في الصحيح منه (1/ 279) حديث (1233) وهذا لفظه وقال: صحيح] .
11- عن شدّاد بن أوس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «سيّد الاستغفار أن يقول: «اللّهمّ أنت ربّي لا إله إلّا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي، اغفرلي، فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت. من قالها من النّهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنّة، ومن قالها من اللّيل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنّة»[البخاري- الفتح 11 (6306) ] .
الاثار
1- عن الرّبيع بن خثيم رحمه اللّه قال: لا خير في الكلام إلّا في تسع: تهليل، وتكبير، وتسبيح، وتحميد، وسؤالك عن الخير، وتعوّذك من الشّرّ، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك القرآن [الصمت لابن أبي الدنيا (246) ] .
2- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: إنّ هذه الآية الّتي في القرآن (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) [الأحزاب: 45] قال في التّوراة: يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا وحرزا للأمّيّين، أنت عبدي ورسولي، سمّيتك المتوكّل، ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب بالأسواق، ولا يدفع السّيّئة بالسّيّئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه اللّه حتّى يقيم به الملّة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلّا اللّه، فيفتح به أعينا عميا، وآذانا صمّا وقلوبا غلفا [البخاري- الفتح 8 (4838) ] .
3- عن عروة بن الزّبير رضي اللّه عنهما أنّه كان لا يؤتى أبدا بطعام ولا شراب، حتّى الدّواء فيطعمه أو يشربه، إلّا قال: الحمد للّه الّذي هدانا وأطعمنا وسقانا ونعّمنا. اللّه أكبر. اللّهمّ ألفتنا نعمتك بكلّ شرّ، فأصبحنا منها وأمسينا بكلّ خير. نسألك تمامها وشكرها. لا خير إلّا خيرك، ولا إله غيرك، إله الصّالحين، ربّ العالمين، الحمد للّه ولا إله إلّا اللّه ما شاء اللّه، ولا قوّة إلّا باللّه، اللّهمّ بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النّار[الموطأ (934- 935)] .
4- قال ميمون بن مهران رحمه اللّه تعالى الذّكر ذكران: ذكر اللّه باللّسان حسن، وأفضل من ذلك أن يذكر اللّه العبد عند المعصية فيمسك عنها [الورع لابن أبي الدنيا (58)].
5- عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت لعاصم بن حميد، لمّا سألها بم كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يستفتح قيام اللّيل: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك. كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكبّر عشرا ويحمد عشرا ويسبّح عشرا ويهلّل عشرا ويستغفر عشرا ويقول: «اللّهمّ اغفرلي واهدني وارزقني وعافني. أعوذ باللّه من ضيق المقام يوم القيامة» [النسائي (3/ 209) وهذا لفظه وقال الألباني: حسن صحيح (1/ 356) رقم (1525)] .
القصص
1- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء رجل من أهل البادية عليه جبّة سيجان مزرورة بالدّيباج فقال: "ألا إنّ صاحبكم هذا قد وضع كلّ فارس ابن فارس" أو قال: "يريد أن يضع كلّ فارس ابن فارس، ويرفع كلّ راع ابن راع. قال: فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمجامع جبّته، وقال: "ألا أرى عليك لباس من لا يعقل!" ثمّ قال: "إنّ نبيّ اللّه نوحا صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا حضرته الوفاة قال لابنه: إنّي قاصّ عليك الوصيّة: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلّا اللّه فإنّ السّماوات السّبع، والأرضين السّبع، لو وضعت في كفّة ووضعت لا إله إلّا اللّه في كفّة، رجحت بهنّ لا إله إلّا اللّه ولو أنّ السّماوات السّبع والأرضين السّبع، كنّ حلقة مبهمة قصمتهنّ لا إله إلّا اللّه وسبحان اللّه، وبحمده، فإنّها صلاة كلّ شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشّرك والكبر"، قال: قلت أو قيل: يا رسول اللّه هذا الشّرك قد عرفناه، فما الكبر؟ قال: أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال: "لا"، قال: هو أن يكون لأحدنا حلّة يلبسها؟، قال: "لا"، قال: الكبر هو أن يكون لأحدنا دابّة يركبها؟ قال: "لا"، قال:، فهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟. قال: "لا"، قيل يا رسول اللّه، فما الكبر؟ قال: "سفه الحقّ وغمص النّاس" [أحمد (2/ 170) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (8/ 87) حديث (6583). والبخاري في الأدب المفرد (80-81)].
2- عن عمر بن يحيى قال: سمعتُ أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرج عليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ فقلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرتهُ، و لم أرَ ـ و الحمد لله ـ إلا خيرًا، قال: و ما هو؟ قال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، و في أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ فقال: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك، أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، و ضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى و مضينا معه؛ حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعد به التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، و يحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، و هذه ثيابه لم تبل، و آنتيه لم تُكسر، والذي نفسي بيده: إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: و كم مريد للخير لن يصيبه ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، و ايم الله لا أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم النهروان مع الخوراج [الباعث على إنكار البدع والحوادث المؤلف: عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة الناشر: دار الهدى – القاهرة الطبعة الأولى، 1398 – 1978 تحقيق: عثمان أحمد عنبر (1/14)]
متفرقات
1- يقول عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر:...ثم إنَّ أفضل هؤلاء الكلمات هو التهليل لاشتماله على التوحيد الذي هو أصل الإيمان، وهو الكلام الفارق بين أهل الجنة وأهل النار، وهو ثمن الجنة، ولا يصلح إسلام أحد إلاَّ به ومن كان آخر كلامه لا إله إلاَّ الله دخل الجنة، ومنزلة التحميد والتسبيح منه منزلة الفرع من الأصل، فالتهليل أصل وما سواه فرع له وتابع [فقه الأدعية والأذكار (1/292) ] .
2- يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:... في قراءة القرآن أفضل من الذكر والذكر أفضل من الدعاء هذا من حيث النظر لكل منهما مجردا وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة وكذلك التسميع والتحميد في محلهما أفضل من القراءة وكذلك التشهد وكذلك [رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني] بين السجدتين أفضل من القراءة وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة ـ ذكر التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد ـ أفضل من الاشتغال عنه بالقراءة وكذلك إجابة المؤذن والقول كما يقول أفضل من القراءة وإن كان فضل القرآن على كل كلام كفضل الله تعالى على خلقه لكن لكل مقام مقال متى فات مقاله فيه وعدل عنه إلى غيره اختلت الحكمة وفقدت المصلحة المطلوبة منه وهكذا الأذكار المفيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة من استغفار أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحفظه وكذلك أيضا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كله على الله تعالى وأحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس وفرقان بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة فيعطي كل ذي حق حقه ويوضع كل شيء موضعه : فللعين موضع وللرجل موضع وللماء موضع وللحم موضع وحفظ المراتب هو من تمام الحكمة التي هي نظام الأمر والنهي والله تعالى الموفق [الوابل الصيب من الكلم الطيب (1/122) ] .
الإحالات
1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (4/1245) .
2- العظمة المؤلف : عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني أبو محمد الناشر : دار العاصمة – الرياض الطبعة الأولى ، 1408 تحقيق : رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري (3/1057) .
3- المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد تأليف : أبي يوسف مدحت بن الحسن آل فراج قدم له : الشيخ عبد الله السعد (1/312) .
4- عمدة العرفان فى تحرير أوجه القران للإمام مصطفى بن عبد الرحمن الأزميرى بتعليقات للأستاذين محمد محمد جابر و عبد العزيز الزيات من علماء الأزهر الشريف - مدرس بقسم تخصص القراءات مكتبة الجندى - لصاحبها محمد علي الجندى 91- شارع جوهر القائد بسيدنا الحسين بمصر (1/110) .
5- أحكام القرآن المؤلف: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ) راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الثالثة، 1424 هـ - 2003 م (1/126) .
6- جامع الأصول في أحاديث الرسول المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606هـ) تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط - التتمة تحقيق بشير عيون الناشر : مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان الطبعة : الأولى (4/391) .
7- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم تأليف الإمام الحافظ الفقيه زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي الشهير بابن رجب المتوفى سنة ( 795 ) ه حقق نصوصه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه الدكتور ماهر ياسين الفحل – الحديث الثالث والعشرين .
8- فتح الباري المؤلف : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) المحقق : عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها : محمد فؤاد عبد الباقي الناشر : دار الفكر ( مصور عن الطبعة السلفية ) – باب فضل التهليل (18/206) .
9- مجموع الفتاوى المؤلف : أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني . المحقق : أنور الباز - عامر الجزار الناشر : دار الوفاء الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م (24/232) .
10- الوابل الصيب من الكلم الطيب المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الأولى ، ذ1405 – 1985 تحقيق : محمد عبد الرحمن عوض .
11- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (7/50) .