تنازع

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

التنازع لغة:

مصدر قولهم: تنازع يتنازع، وهو مأخوذ من مادّة (ن ز ع) الّتي تدلّ على قلع الشّيء، ومن ذلك: نزعت الشّيء من مكانه نزعا (إذا قلعته)، ونازعت إلى الأمر نزاعا، ونزعت إليه، إذا اشتهيته، ونزع عن الأمر نزوعا إذا تركه [مقاييس اللغة لابن فارس ( 5/ 415) ]، وقال الرّاغب: يقال: نزع الشّيء جذبه من مقرّه، ويستعمل ذلك في الأعراض (أيضا)، فيقال: نزع العداوة والمحبّة من قلبه، ومنه قول اللّه تعالى: (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) [الحجر: 47]، والنّزع: السّلب في قوله تعالى: (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران: 26]، والتّنازع والمنازعة المجاذبة، ويعبّر به عن المخاصمة والمجادلة [المفردات للراغب ص 488، وبصائر ذوي التمييز (5/ 36)]، قال تعالى: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء: 59] قيل في تفسيرها: أي تجادلتم واختلفتم، فكأنّ كلّ واحد ينتزع حجّة الآخر ويذهبها. والمنازعة على ذلك: مجاذبة الحجج [تفسير القرطبي (5/ 169)]، وهذه المجاذبة تكون في المعاني والأعيان، فمن المنازعة في المعاني قوله تعالى: (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) [الحج: 67] المنازعة هنا: المجادلة، والمعنى: لا تجادلهم في أمر المناسك [تفسير القرطبي (12/ 63)]، ومن المنازعة في الأعيان ما جاء في الحديث الشّريف: «أنا فرطكم على الحوض، فلألفينّ ما نوزعت في أحدكم، فأقول: هذا منّي» أي يجذب ويؤخذ منّي [النهاية لابن الأثير (5/ 40) ]، وقال الأعشى: نازعتهم قضب الرّيحان متّكئا [تفسير القرطبي (5/ 169)]. ومن معاني التّنازع: التّخاصم، قال الجوهريّ: يقال: نازعته منازعة ونزاعا إذا جاذبته في الخصومة، وبينهم نزاعة أي خصومة في حقّ، وقولهم في المثل: «صار الأمر إلى النّزعة» إذا قام بإصلاحه أهل الأناة، والمنزعة (بالفتح) ما يرجع إليه الرّجل من أمره ورأيه وتدبيره [الصحاح للجوهري (3/ 1290)]. لقد أضاف الفيروز اباديّ إلى المنازعة معنى التّناول [القاموس المحيط ص 990 (ط. بيروت)]، ولعلّ المراد تناول الحجج، أو تناول الأعيان، ومن الأخير قوله تعالى (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) [الطور: 23]، أي يتجاذبونها (ويتناولونها) تجاذب ملاعبة [انظر تفسير البحر المحيط (8/ 147) ] .

وقال ابن منظور: أصل النّزع: الجذب والقلع، ومنه نزع الرّوح من الميّت، ونزع القوس إذا جذبها، وبئر نزوع ونزيع قريبة القعر تنزع دلاؤها بالأيدي نزعا لقربها، وفي الحديث: «رأيتني أنزع على قليب» معناه رأيتني في المنام أستقي بيدي من قليب. والنّزاعة والنّزاعة، والمنزعة والمنزعة الخصومة، والتّنازع في الخصومة مجاذبة الحجج فيما يتنازع فيه الخصمان، يقال قد نازعه منازعة ونزاعا: جاذبه في الخصومة، قال ابن مقبل:

نازعت ألبابها لبّي بمقتصر *** من الأحاديث حتّى زدنني لينا

أي نازع لبّي ألبابهنّ، والتّنزّع التّسرّع، يقال: رأيت فلانا متنزّعا إلى كذا أي متسرّعا إليه [لسان العرب «نزع» (4395- 4397) بتصرف واختصار]، وأمّا قول اللّه تعالى (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) (آل عمران/ 152) فالمراد اختلفتم، يعني الرّماة حين قال بعضهم لبعض: نلحق الغنائم، وقال بعضهم: بل نثبت في مكاننا الّذي أمرنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالثّبات فيه [تفسير القرطبي (4/ 152)].

 

التنازع اصطلاحا:

قال المناويّ: التّنازع والمنازعة: المجاذبة ويعبّر بها عن المخاصمة والمجادلة [التوقيف على مهمات التعاريف ص 323]. قال: والنّازع: الشّيطان لأنّه ينزع بين القوم أي يفرّق ويفسد [التوقيف على مهمات التعاريف ص 323]، [ وانظر نضرة النعيم (9/4265) ] .

العناصر

1- معنى التنازع .

 

 

2- الفرق بين التنازع و التفرق .

 

 

3- أسباب التنازع .

 

 

4- التنازع مدخل كبير من مداخل الشيطان .

 

 

5- التنازع يفتت قوة المجتمع و يؤدي الى الفرقة .

 

 

6- التنازع يشغل الأمة بنفسها عن مهمتها الرسالية في الدعوة إلى الخير.

 

 

7- التنازع يوجب الفشل .

 

 

8- وجوب رد التنازع والاختلاف إلى الله و رسوله و الرضا و التسليم لحكمهما.

 

 

9- حرص الأعداء على تشتيت كلمة المسلمين وتفريق كلمتهم  .

 

 

 

10- علاج التنازع .

 

الايات

1- قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران:152].

 

2- قوله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء:59].

 

3- قوله -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].

 

4- قوله -تعالى-: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) [الحج:67].

 

5- قوله -تعالى-: (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) [الكهف:21].

 

6- قوله -تعالى-: (قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى * فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى * قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) [طه:61-63].

 

7- قوله -تعالى-: (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [البقرة:113].

 

8- قوله -تعالى-: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [آلعمران:105].

 

9- قوله -تعالى-: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [المائدة:48].

 

10- قوله -تعالى-: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [الشورى:10].

الاحاديث

1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: لمّا اشتدّ بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجعه قال: «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده» قال عمر: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم غلبه الوجع وعندنا كتاب اللّه حسبنا، فاختلفوا وكثر اللّغط. قال: «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التّنازع» فخرج ابن عبّاس يقول: إنّ الرّزيّة كلّ الرّزيّة ما حال بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبين كتابه . [ البخاري- الفتح 1 (114) ] .

 

 

2- عن جنادة بن أبي أميّة قال: دخلنا على عبادة بن الصّامت وهو مريض، قلنا: أصلحك اللّه، حدّث بحديث ينفعك اللّه به سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: دعانا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألّا ننازع الأمر أهله ، قال: «إلّا أن تروا كفرا بواحا  عندكم من اللّه فيه برهان». زاد في رواية أحمد: «وإن رأيت أن لك» [البخاري- الفتح 13 (7056، 7057) واللفظ له، وأحمد، المسند 5/ 321، وأبو داود 4 (4090) ] .

 

 

3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن نتنازع في القدر فغضب حتّى احمرّ وجهه حتّى كأنّما فقيء في وجنته الرّمّان، فقال: «أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت  عليكم، عزمت عليكم ألّا تتنازعوا فيه») [سنن الترمذي 4 (2133)، وقال محقق جامع الأصول (2/ 752): الحديث حسن بشواهده وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (حسن) ] .

 

 

4- عن سليمان بن يسار، أنّ أبا سلمة بن عبد الرّحمن وابن عبّاس اجتمعا عند أبي هريرة. وهما يذكران المرأة تنفس  بعد وفاة زوجها بليال. فقال ابن عبّاس عدّتها آخر الأجلين. وقال أبو سلمة قد حلّت. فجعلا يتنازعان ذلك. قال: فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (أبي سلمة) فبعثوا كريبا (مولى ابن عبّاس) إلى أمّ سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم فأخبرهم أنّ أمّ سلمة قالت: إنّ سبيعة الأسلميّة نفست بعد وفاة زوجها بليال. وإنّها ذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأمرها أن تتزوّج. [مسلم 2 (1485) ] .

 

 

5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أصحابه وهم يتنازعون في هذه الشّجرة الّتي اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ فقالوا نحسبها الكمأة. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الكمأة من المنّ وماؤها شفاء العين والعجوة من الجنّة وهي شفاء من السّمّ») [أحمد في المسند 2 (305)، رواه الطيالسي (2397) والترمذي (2799) وابن ماجه (1455) وسنده حسن  وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي صحيح بما قبله] .

 

 

6- عن فضالة بن عبيد- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «ثلاثة لا تسأل عنهم:

رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا. وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها، قد كفاها مؤنة الدّنيا فتبرّجت بعده. فلا تسأل عنهم. وثلاثة لا تسأل عنهم: رجل نازع اللّه- عزّ وجلّ- رداءه فإنّ رداءه الكبرياء وإزاره العزّة، ورجل شكّ في أمر اللّه، والقنوط من رحمة اللّه» [أحمد في المسند 6/ 19، والحاكم (1/ 119) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة وأقره الذهبي، وعزاه الهيثمي (1/ 105) للبزار والطبراني وقال: رجاله ثقات، وقال الألباني في صحيح الأدب (590)  المفرد صحيح ] .

 

 

7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه- عزّ وجلّ-:

الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النّار» [أبو داود 14 (4090)، وابن ماجه (4174) وقال الألباني صحيح ] .

 

 

8- عن ابن أبي مليكة- رضي اللّه عنه- قال: كاد الخيّران أن يهلكا- أبو بكر وعمر لمّا قدم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- وفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التّميميّ الحنظليّ أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره فقال أبو بكر لعمر: إنّما أردت خلا في فقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إلى قوله عَظِيمٌ) [الحجرات: 2] قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزّبير: فكان عمر بعد، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر إذا حدّث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بحديث حدّث كأخي السّرار لم يسمعه حتّى يستفهمه) [البخاري- الفتح 13 (7302) ] .

 

 

9- عن عرفجة- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة، وهي جميع فاضربوه بالسّيف كائنا من كان) [مسلم (1852) واللفظ له، وأبو داود 4/ 4762، والنسائي 7/ 92 ] .

 

الاثار

1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال في قوله تعالى: ( حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ...) [آل عمران: 152] لمّا هزم اللّه المشركين يوم أحد، قال الرّماة: أدركوا النّاس، لا يسبقونا إلى الغنائم فتكون لهم دونكم، وقال بعضهم (أي الرّماة): لا نريم  حتّى يأذن لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزل قوله تعالى: (منْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ) [الدر المنثور 2/ 152] .

 

 

2- عن مجاهد- رحمه اللّه- في قوله تعالى: ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) قال: (المعنى) لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم . [الدر المنثور 2/ 318] .

 

 

3- عن مجاهد - رحمه اللّه - في قوله تعالى: ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) [النساء: 59] قال: فإن تنازع العلماء في شيء ردّوه إلى كتاب اللّه وسنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم .[الدر المنثور 3/ 343] .

 

 

4- عن قتادة- رحمه اللّه- في قوله تعالى: ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) قال: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم. [الدر المنثور 3/ 343 ] .

 

القصص

1- عن ابن أبي مليكة رضي اللّه عنه قال: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر لمّا قدم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التّميميّ الحنظليّ أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره فقال أبو بكر لعمر: إنّما أردت خلا في فقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إلى قوله عَظِيمٌ) [الحجرات: 2] قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزّبير: فكان عمر بعد، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر إذا حدّث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بحديث حدّث كأخي السّرار لم يسمعه حتّى يستفهمه [البخاري- الفتح 13 (7302) ] .

 

2- عن مالك بن أوس النّصريّ قال: انطلقت حتّى أدخل على عمر (و) أتاه حاجبه يرفأ فقال: هل لك في عثمان وعبد الرّحمن والزّبير وسعد يستأذنون، قال نعم. فدخلوا فسلّموا وجلسوا فقال هل لك في عليّ وعبّاس، فأذن لهما. قال العبّاس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظّالم، استبّا. فقال الرّهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر. فقال: اتّئدوا، أنشدكم باللّه الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة»- يريد رسول اللّه نفسه- قال الرّهط: قال ذلك. فأقبل عمر على عليّ وعبّاس فقال: أنشدكما باللّه هل تعلمان أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذلك؟ قالا: نعم. قال عمر: فإنّي محدّثكم عن هذا الأمر. إنّ اللّه كان خصّ رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره، فإنّ اللّه يقول: (ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ ... الآية) فكانت هذه خالصة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ واللّه ما احتازها [النسائي (2/ 229)، والحاكم (2/ 45) وقال: صحيح، ووافقه الذهبي] دونكم، ولا أستأثر بها عليكم، وقد أعطاكموها وبثّها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثمّ يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال اللّه. فعمل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك حياته، أنشدكم باللّه هل تعلمون ذلك. فقالوا: نعم. ثمّ قال لعليّ وعبّاس: أنشدكما اللّه هل تعلمان ذلك. قالا: نعم. ثمّ توفّى اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأنتما حينئذ وأقبل على عليّ وعبّاس- فقال تزعمان أنّ أبا بكر فيها كذا [مسلم (1852) واللفظ له، وأبو داود 4/ 4762، والنسائي 7/ 92]، واللّه يعلم أنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحقّ. ثمّ توفّى اللّه أبا بكر، فقلت أنا وليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكر، ثمّ جئتماني وكلّمتكما على كلمة واحدة وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أنّ عليكما عهد اللّه وميثاقه تعملان فيها بما عمل به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبما عمل أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها، وإلّا فلا تكلّماني فيها، فقلتما: ادفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما بذلك، أنشدكم باللّه هل دفعتها إليهما بذلك، قال الرّهط: نعم. فأقبل على عليّ وعبّاس فقال: أنشدكما باللّه هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم. قال: أفتلتمسان منّي قضاء غير ذلك؟ فو الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتّيبتقوم السّاعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها .[ البخاري- الفتح 13 (7305)] .

الاشعار

1- رحم الله من قال:

 

كل يرى رأيا وينصر قولـه *** وله يعادي سائر الإخوان

 

 

ولو أنهم عند التنازع وفقـوا *** لتحاكموا لله دون تــوان

 

 

ولأصبحوا بعد الخصام أحبة *** غيظ العدا ومذلة الشيطان

 

المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد المدري ( 298،299)

 

متفرقات

1- يقول الشيخ محمد عبد الرحمن الراوي: قد تعلمنا من وقائع ديننا أن الأمم يقذف في قلوب أبنائها الوهن عندما تصل إلى درجة الغثاء، ولا يكون ذلك إلا عندما تفشو الفرقة ويقع التنازع فيأتي الفشل ويذهب الريح. إن شيئا واحدا قد عمل على تكوين الشخصية الإسلامية والمحافظة عليها على مر التاريخ، وهو الإسلام، وفي عصرنا هذا قد تكالب الأعداء علينا بعد أن استطاعوا بوسائل متعددة إضعاف الروح الإسلامية وإغراء المسلمين بسفك دماء بعضهم بعضا، والعمل دؤوب على تدمير الروابط الإسلامية بشتى الوسائل ليظل أعداء الإسلام هم أصحاب الكلمة في ديار الإسلام [مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة المؤلف : الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (21/322) ] .

 

2- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة علمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المُسْتَنَّة في محنة الصفات والقرآن محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة على عليٍّ وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبِّهة على المنزِّهة، وكما قد يبغي بعض المستنة إما على بعضهم، وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به وهو الإسراف المذكور في قولهم: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا) [آل عمران: 147]، [الفتاوى (14/482-483) ] .

 

3- قال الإمام أبو يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة ـ رحمهما الله: الخصومة في الدين بدعة، وما ينقض أهل الأهواء بعضهم على بعض بدعة محدثة، لو كانت فضلاً لسبق إليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم؛ فهم كانوا عليها أقوى ولها أبصر، وقال الله تعالى: (فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) [آل عمران: 20]، ولم يأمره بالجدل، ولو شاء لأنزل حججاً، وقال له: قل كذا وكذا [الفتاوى (16/ 476) ] .

 

4- قال ابن سعدي: (وَلا تَنَازَعُوا) تنازعاً يوجب تشتت القلوب وتفرقها؛ (فَتَفْشَلُوا) أي: تجبنوا (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي: تنحل عزائمكم، وتفرق قوتكم، ويرفع ما وعدتم به من النصر على طاعة اللّه ورسوله [تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن، سورة الأنفال: 46] .

 

5- قال النووي: في حديث عبادة بن الصامت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان فرُفعت» [صحيح البخاري (1/ 27) ]: وفيه أن المخاصمة والمنازعة مذمومة، وأنها سبب للعقوبة المعنوية [شرح النووي على مسلم (8/ 63)]، وقال ابن حجر: قوله: «فتلاحى» بفتح الحاء المهملة، مشتق من التلاحي بكسرها، وهو التنازع والمخاصمة... قال القاضي عياض: فيه دليل على أن المخاصمة مذمومة، وأنها سبب في العقوبة المعنوية أي الحرمان [الفتح 1/113 باختصار، ومثلهما قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/ 370) ] .

 

6- قال الشّيخ محمّد الغزاليّ: إنّ التّنازع واختلاف الرّأي حول أمر من الأمور قد يكون مطلوبا إذا صحبته نيّة حسنة، وكان الغرض منه إظهار الحقّ بالبرهان والحجّة، وهو حينئذ أقرب إلى التّشاور منه إلى الجدال والخصام. إنّ اختلاف الأفهام واشتجار الآراء ليس بمستغرب في الحياة ولكن شريطة ألّا يؤدّي ذلك للتّقاطع (التّفرّق)، والشّقاق»، ولو تجرّدت النيّات للبحث عن الحقيقة، وأقبل روّادها وهم بعداء عن طلب الغلب والسّمعة والرّئاسة والثّراء لصفّيت المنازعات الّتي ملأت التّاريخ بالأكدار والمآسي، وأردف- رحمه اللّه- قائلا: إنّ النّاس إذا لم يجمعهم الحقّ شعّبهم الباطل، وإذا لم يستهوهم نعيم الآخرة تخاصموا على متاع الدّنيا ولهذا كان (التّنازع) والتّطاحن المرّ من خصائص الجاهليّة المظلمة وديدن من لا إيمان لهم [خلق المسلم (190) بتصرف واختصار].

 

7- قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) [النساء: 59]: أي تجادلتم واختلفتم فكأنّ كلّ واحد ينتزع حجّة الآخر ويذهبها. والنّزع: الجذب، والمنازعة: مجاذبة الحجج [تفسير القرطبي (5/ 169) ] .

الإحالات

1- موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net - التنازع على السلطة والملك وحب الرئاسة والظهور والبغي (1/71) .

2- الموسوعة العقدية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net - رد التنازع إلى الكتاب والسنة (1/88) .

3- مجلة المنار لمحمد رشيد رضا - التنازع والتخاصم بين علماء الدين المجددين والجامدين الرسميين (34/158) .

4- مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة المؤلف : الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - وحدة المسلمين في مواجهة الأخطار سبيلها وغايتها فضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن الراوي رئيس قسم التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (21/314) .

5- مجلة البيان المؤلف : تصدر عن المنتدى الإسلامي - الاختلاف في العمل الإسلامي الأسباب والآثار أ. د. ناصر بن سليمان العمر (206/7) .

6- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة 09/4265) .

7- نحن والأخر في أدب الحوار معالم التكامل وآفاق المستقبل الصادق بن عبد الرحمن الغرياني (1/21) .

8- مسافر فى قطار الدعوة د / عادل عبد الله الشويخ - التنازع بين العلماء .

9- المسلم بين الهوية الإسلامية والهوية الجاهلية جمع وإعداد:الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود (1/276) .

10- العوائق االمؤلف : محمد أحمد الراشد االناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة : الرابعة 1401 هـ - 1981م .