تكفير

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

تعريف الكفر لغة واصطلاحاً:

الكفر لغة: التغطية، قال تعالى: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ) فسمي الفلاح كافراً لتغطيته الحب، وسمي الليل كافراً لتغطيته كل شيء [انظر لسان العرب 5/144 - 145 مادة كفر] .

 

وأما معناه اصطلاحاً، فنورد جملة من كلام أهل العلم في ذلك. يقول ابن تيمية: إنما الكفر يكون بتكذيب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم. [الدرء 1/242] .

ويقول ابن حزم في تعريف الكفر: وهو في الدين: صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان: بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معاً، أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج بذلك عن اسم الإيمان. [الإحكام 1/45] . 

ويقول ابن القيم في بيان معنى الكفر: - الكفر جحد [يطلق بعض السلف الصالح معنى الجحود ويراد به التكذيب المنافي للتصديق، كما يراد به الامتناع والرد والإباء، فليس الجحود محصوراً في تكذيب كما ظن المرجئة، انظر بيان ذلك في الفتاوى لابن تيمية 20/98، منهاج السنة النبوية 5/130، والصارم المسلول ص 521-522- ما علم أن الرسول جاء به، سواءً كان من المسائل التي تسمونها علمية أو عملية، فمن جحد ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد معرفته بأنه جاء به فهو كافر في دق الدين وصلبه. [مختصر الصواعق المرسلة 2/ 421] .

ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: وحد الكفر الجامع لجميع أجناسه، وأنواعه، وأفراده هو جحد ما جاء به الرسول، أو جحد بعضه، كما أن الإيمان اعتقاده ما جاء به الرسول والتزامه جملة وتفصيلاً، فالإيمان والكفر ضدان متى ثبت أحدهما ثبوتاً كاملاً انتفى الآخر. [الإرشاد إلى معرفة الأحكام ص 203] .

العناصر

1- التكفير فتنة عظيمة قديمة تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة المعروفة بالخوارج .

2- النهي عن تكفير المسلم وتفسيقه .

3- ضوابط التكفير عند أهل السنة .

4- الفرق بين تكفير المطلق وتكفير المعين، وكذا والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة .

5- بيان الفرق بين التكفير عند أهل السنة وفرق الضلال .

6- حكم تفضيل الدولة العلمانية على الدولة الإسلامية .

7- من عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطؤن ولا يكفِّرون .

8- من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال .

9- عدم تكفير من تأول حكم الكتاب لشبهة عرضت له .

10- اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما المباني الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها .

الايات

1- قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) [سورة النساء :60] .

 

2- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) [النساء: 51] .

 

3- قوله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65] .

 

4- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) [النساء:150] .

 

5- قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) [النساء:115] .

 

6- قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ - وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ - وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة: 204 - 206] .

 

7- قوله تعالى: (وَقَالَ إنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ) [العنكبوت: 25] .

الاحاديث

1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» [رواه البخاري رقم: 6044] .

 

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء به أحدهما» [رواه البخاري رقم:6103] .

 

3- عنة أي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: « يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان» [أخرجه الترمذي (2601) وكذا النسائي (2 / 270) وأحمد (3 / 94) ] وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم: 2450] .

 

4- عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: «ليس بين العبد وبين الكفر أو قال بين الشرك إلا ترك الصلاة« [أخرجه مسلم رقم: 82 في الإيمان: باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة] .

الاثار

1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: لَا تَقُولُوا: كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ وَلَكِنْ قُولُوا: فَسَقُوا، ظَلَمُوا. [مصنف ابن أبي شيبة37843] .

متفرقات

1- قال ابن الوزير: وكم بين إخراج عوام فرق الإسلام أجمعين، وجماهير العلماء المنتسبين إلى الإسلام من الملة الإسلامية، وتكثير العدد بهم، وبين إدخالهم في الإسلام ونصرته بهم وتكثير أهله، وتقوية أمره، فلا يحل الجهد في التفرق بتكلف التكفير لهم بالأدلة المعارضة بما هو أقوى منها أو مثلها مما يجمع الكلمة، ويقوي الإسلام، ويحقن الدماء، ويسكن الدهماء حتى يتضح كفر المبتدع اتضاح الحق الصادق، وتجتمع عليه الكلمة [إيثار الحق على الخلق ص 455] .

 

2- وقال أيضاً: وقد عوقبت الخوارج أشد العقوبة، وذمت أقبح الذم على تكفيرهم لعصاة المسلمين مع تعظيمهم في ذلك لمعاصي الله، وتعظيمهم لله تعالى بتكفير عاصيه، فلا يأمن المكفّر أن يقع في مثل ذنبهم، وهذا خطر في الدين جليل، فينبغي شدة الاحتراز فيه من كل حليم نبيل [المصدر السابق ص 447] .

 

3- قال الشوكاني: اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-، أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما..[السيل الجرار 4 /578] .

 

4- محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: وبالجملة فيجب على من نصح نفسه ألا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقله، ... فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله من أعظم أمور الدين وقد استزل الشيطان أكثر الناس في هذه المسألة، فقصر بطائفة فحكموا بإسلام من دلت نصوص الكتاب والسنة والإجماع على كفره، وتعدى بآخرين فكفروا من حكم الكتاب والسنة مع الإجماع بأنه مسلم..[الدرر السنية 8/217] .

 

5- يقول ابن تيمية: فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم؛ لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك، وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه، ولا تزني بأهله؛ لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق الله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله. [الرد على البكري ص 257] .

 

6- يقول القرافي: كون أمر ما كفراً، أي أمر كان، ليس من الأمور العقلية بل هو من الأمور الشرعية، فإذا قال الشارع في أمر ما هو كفر فهو كذلك، سواءً كان ذلك القول إنشاء أم إخباراً. [تهذيب الفروق 4/158-159] .

 

7- يقول ابن القيم مقرراً ذلك: الكفر ذو أصل وشعب، فكما أن شعب الإيمان إيمان، فشعب الكفر كفر، والحياء شعبة من الإيمان، وقلة الحياء شعبة من شعب الكفر، والصدق شعبة من شعب الإيمان، والكذب شعبة من شعب الكفر، والصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الإيمان، وتركها من شعب الكفر، والحكم بما أنزل الله من شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله من شعب الكفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر، كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان [كتاب الصلاة ص 53] .

 

8- يقول ابن تيمية: وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة [الفتاوى 12/ 466 (الكيلانية)] .

 

9- ويقول أيضاً: إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعيّن، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع، يعين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه [المصدر السابق 12/487 -488] .

 

10- يسوق ابن تيمية بعضاً من الأعذار الواردة على المعين فيقول: الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده، ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ؛ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجماهير أئمة الإسلام [الفتاوى 23/346، 348-349، والرد على البكري ص 259] .

 

11- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ومسألة تكفير المعيّن مسألة معروفة إذا قال قولاً يكون القول به كفراً، فيقال: من قال بهذا القول فهو كافر، لكن الشخص المعيّن إذا قال ذلك لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. [الدرر السنية 8/244] .

 

12- يقول ابن تيمية رحمه الله: فالحجة على العباد إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل به، فأما العاجز عن العلم كالمجنون، أو العاجز عن العمل، فلا أمر عليه ولا نهي..[ الفتاوى لابن تيمية 20/59] .

 

13- يقول ابن القيم: إن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب، ولم يحضر ترجمان يترجم له [طريق الهجرتين ص 414] .

 

14- يقول الذهبي: ونعوذ بالله من الهوى والمراء في الدين، وأن نكفِّر مسلماً موحداً بلازم قوله، وهو يفرُّ من ذلك اللازم، وينزِّه ويعظم الربّ [الرد الوافر، لابن ناصر الدين الدمشقي، ص 48] .

 

 

الإحالات

1- تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين – ابن النحاس ص 153 الطبعة الثالثة 1407 .

2- توضيح المقاصد شرح نونية ابن القيم – أحمد بن عيسى – تحقيق زهير الشاويش 2/406 المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة 1406 .

3- حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة – إسحاق بن عبد الله آل الشيخ دار طيبة الطبعة الأولى 1409 .

4- الرد القويم على المجرم الأثيم – حمود التويجري ص 296 الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية الطبعة الأولى 1403 .

5- ضوابط التكفير عند أهل السنة – عبد الله محمد القرني رسالة ماجستير جامعة أم القرى .

6- فتاوى اللجنة الدائمة – جمع أحمد الدويش 2/89 الرئاسة العامة الطبعة الأولى 1411 .

7- فتاوى ومسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – محمد بن إبراهيم – جمع محمد بن قاسم 1/73 مطبعة الحكومة الطبعة الأولى 1399.

8- فتاوى ومسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – تحقيق خالد أبو صالح ص 36- 51 .

9- قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال – سعيد بن علي بن وهف .

10- المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين – فهد بن ناصر السليمان 3/16 دار الوطن للنشر الطبعة الأولى 1410 .

11- مجموع الفتاوى – ابن تيمية 36/138 الطبعة الأولى 1398 .

12- مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 5/93 ، 103 دار العاصمة الرياض الطبعة الثالثة 1412 .

13- مصباح الظلام – عبد اللطيف آل الشيخ ص 65 دار الهداية .

14- نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء – محمد حسن موسى ص 1689 دار الأندلس – جدة الطبعة الأولى 1411 .

15- هذه مفاهيمنا – صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ص 172/ 1406 .