الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
أصل هذه اللّفظة في اللّغة يرجع إلى معنيين: أحدهما: الدّعاء والتّبريك. والثّاني: العبادة، فمن الأوّل قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [التوبة: 103].
وقوله تعالى في حقّ المنافقين: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) [التوبة: 103]. وقول النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “إذا دعي أحدكم إلى الطّعام فليجب، فإن كان صائما فليصلّ”(أخرجه أحمد: 2-507، ومسلم: 1431) فسّر بهما، قيل “فليدع لهم بالبركة” وقيل: “يصلّي عندهم” بدل أكله. وقيل: “إنّ الصّلاة” في اللّغة معناها الدّعاء. والدّعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والعابد داع، كما أنّ السّائل داع، وبهما فسّر قوله تعالى: (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]. قيل: أطيعوني أثبكم، وقيل: سلوني أعطكم، وفسّر بهما قوله تعالى: (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة: 186].
والصّواب: أنّ الدّعاء يعمّ النّوعين: وهذا لفظ متواطيء لا اشتراك فيه، فمن استعماله في دعاء العبادة قوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [سبأ: 22] وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [النحل: 20]. وقوله تعالى: (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) [الفرقان: 77].
والصّحيح من القولين لولا أنّكم تدعونه وتعبدونه، أي أيّ شيء يعبأ بكم لولا عبادتكم إيّاه، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل، وقال تعالى، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) [الأعراف: 55، 56]
وقال تعالى إخبارا عن أنبيائه ورسله: (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً [الأنبياء: 90]. وهذه الطّريقة أحسن من الطّريقة الأولى، ودعوى الاختلاف في مسمّى الدّعاء وبهذا تزول الإشكالات الواردة على اسم الصّلاة الشّرعيّة، هل هو منقول عن موضعه في اللّغة، فيكون حقيقة شرعية أو مجازا شرعيّا. فعلى هذا تكون الصّلاة باقية على مسمّاها في اللّغة، وهو الدّعاء، والدّعاء: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والمصلّي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة، فهو في صلاة حقيقيّة لا مجاز، ولا منقولة، لكن خصّ اسم الصّلاة بهذه العبادة المخصوصة كسائر الألفاظ الّتي يخصّها أهل اللّغة والعرف ببعض مسمّاها كالدّابة، والرّأس، ونحوهما، فهذا غايته تخصيص اللّفظ وقصره على بعض موضوعه، ولهذا لا يوجب نقلا ولا خروجا عن موضوعه الأصليّ، واللّه أعلم. صلاة اللّه على عبده هذه صلاة الآدميّ، وأمّا صلاة اللّه سبحانه على عبده فنوعان: عامّة، وخاصّة. أمّا العامّة: فهي صلاته على عباده المؤمنين، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) [الأحزاب: 43]، ومن دعاء النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالصّلاة على آحاد المؤمنين كقوله: “اللّهمّ صلّ على آل أبي أوفى”(أخرجه البخاري: 7941، ومسلم: 1078) من حديث عبد اللّه بن أبي أوفى)، وفي حديث آخر أنّ امرأة قالت له: صلّ عليّ وعلى زوجي. قال: “صلّى اللّه عليك وعلى زوجك”(أخرجه الدارمي: 1-24 ضمن حديث مطول عن جابر ابن عبد اللّه، وقال الأرناؤوط رجاله ثقات).
النّوع الثّاني: صلاته الخاصّة على أنبيائه ورسله خصوصا على خاتمهم وخيرهم محمّد -صلى الله عليه وسلم-. فاختلف النّاس في معنى الصّلاة منه سبحانه على أقوال: أحدها أنّها رحمته.
قال إسماعيل: حدّثنا نصر بن عليّ، حدّثنا محمّد بن سواء، عن جويبر، عن الضّحّاك قال: صلاة اللّه رحمته، وصلاة الملائكة الدّعاء (فضل الصلاة على النبي: 96، وسنده ضعيف جدا، جويبر هو ابن سعيد الأزدي البلخي، قال في “التقريب”: ضعيف جدا. وانظر جلاء الأفهام ص: 109) ، وقال المبرّد: أصل الصّلاة الرّحمة، فهي من اللّه رحمة، ومن الملائكة رقّة، واستدعاء للرّحمة من اللّه، وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخّرين. والقول الثّاني (ذكر ابن القيم أن هذا القول من جنس الذي قبله، وقد ضعفها من عدة وجوه. للمراجعة انظر: جلاء الأفهام ص 109): أنّ صلاة اللّه مغفرته. قال إسماعيل: حدّثنا محمّد بن أبي بكر، حدّثنا محمّد بن سواء، عن جويبر، عن الضّحّاك (هو الّذي يصلّي عليكم) قال: صلاة اللّه: مغفرته، وصلاة الملائكة الدّعاء (فضل الصلاة على النبي: 97، وهو كسابقه ضعيف جدّا).
وقد ذكر البخاريّ في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاة اللّه على رسوله: ثناؤه عليه عند الملائكة (رواه البخاري: 8-409 تعليقا بصيغة الجزم، ووصله إسماعيل القاضي كما ذكره المؤلف: 95، وسنده قابل للتحسين). وقال إسماعيل في كتابه، حدّثنا نصر بن عليّ، حدّثنا خالد بن يزيد، عن أبي جعفر، عن الرّبيع بن أنس عن أبي العالية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) [الأحزاب: 56]
قال: صلاة اللّه عزّ وجلّ: ثناؤه عليه، وصلاة الملائكة عليه: الدّعاء. فإذا كان معنى الصّلاة: هو الثّناء على الرّسول، والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته، كما هو المعروف من هذه اللّفظة، لم يكن لفظ الصّلاة في الآية مشتركا محمولا على معنييه، بل يكون مستعملا في معنى واحد، وهذا هو الأصل. وقيل الصّلاة المأمور بها في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) هي الطّلب من اللّه ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه، وإظهار لفضله وشرفه وإرادته تكريمه وتقريبه، فهي تتضمّن الخبر والطّلب، وسمّي هذا السّؤال والدّعاء منّا نحن صلاة عليه لوجهين: أحدهما:
أنّه يتضمّن ثناء المصلّى عليه، والإشادة بذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبّة لذلك من اللّه تعالى، فقد تضمّنت الخبر والطّلب.
والوجه الثّاني: أنّ ذلك سمّي منّا صلاة، لسؤالنا من اللّه أن يصلّي عليه. فصلاة اللّه عليه: ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا اللّه تعالى أن يفعل ذلك به. وأمّا ما ذكر عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)
قال: يباركون عليه، فهذا لا ينافي تفسيرها بالثّناء، وإرادة التّكريم والتّعظيم، فإنّ التّبريك من اللّه يتضمّن ذلك، ولهذا قرن بين الصّلاة عليه والتّبريك عليه، وقالت الملائكة لإبراهيم: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [هود: 73]، وقال المسيح: (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) [مريم: 31]، قال غير واحد من السّلف: معلّما للخير أينما كنت، وهذا جزء المسمّى، فالمبارك كثير الخير في نفسه الّذي يحصّله لغيره تعليما، وإقدارا ونصحا، وإرادة واجتهادا، ولهذا يكون العبد مباركا، لأنّ اللّه بارك فيه، وجعله كذلك، واللّه تعالى متبارك، لأنّ البركة كلّها منه، فعبده مبارك وهو المتبارك (تَبارَكَ الَّذِي) [الملك: 1] ، (انظر نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: 1-577).
العناصر
1- فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
2- معنى صلاة الله على نبيه.
3- من هم آل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
4- حكم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
5- فضائل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
6- المواطن التي تجب فيها الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
7- حال السلف في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
8- حكم الاكتفاء بحرف الصاد في الكتابة عند الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الايات
1- قَالَ الله تَعَالَى: (إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].
الاحاديث
1- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما: أنَّه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً”(رواه مسلم: ٣٨٤).
2- عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “أَوْلَى النَّاسِ بِي يَومَ القِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً”(رواه الترمذي: ٤٨٤، وقال: حديث حسن).
3- عن أوس بن أوس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ”. قَالَ: قالوا: يَا رسول الله، وَكَيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ ؟! قَالَ: يقولُ بَلِيتَ. قَالَ: “إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ”(رواه أَبُو داود: ١٥٣١).
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ”(رواه الترمذي: ٣٥٤٥، وقال: حديث حسن).
5- وعنه رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ”(رواه أَبُو داود: ٢٠٤٢).
6- وعنه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: “مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ”(رواه أَبُو داود: ٢٠٤١).
7- عن عليّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “البَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ”(رواه الترمذي: ٣٥٤٦، وقال: حديث حسن صحيح).
8- عن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، رَجُلاً يَدْعُو في صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “عَجِلَ هَذَا” ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ -: “إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ”(رواه أَبُو داود: ١٤٨١، والترمذي: ٣٤٧٧، وقال: حديث حسن صحيح).
9- عن أَبي محمدٍ كعبِ بن عُجْرَة رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: “قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجْيدٌ”(رواه البخاري: ٣٣٧٠، ومسلم: ٤٠٦).
10- عن أَبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه، قَالَ: أتَانَا رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَنَحنُ في مَجْلِسِ سَعدِ بن عُبَادَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ بَشْيرُ بْنُ سَعدٍ: أمَرَنَا الله تَعَالَى أنْ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ”(رواه مسلم: ٤٠٥).
11- عن أَبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قالوا: يَا رسولَ الله كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: “قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجِيدٌ”(رواه البخاري: ٦٣٦٠).
12- عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ”(رواه أحمد: 19-57 برقم 11998 وقال محققوه: حديث صحيح).
13- عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي، فَقَالَ: “مَا شِئْتَ”، قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: “مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ”، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: “مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ”، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: “مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ”، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: “إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ”(رواه الترمذي: 2457 وقال: حديث حسن صحيح).
14- عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كُلُّ دُعَاءٍ مَحجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-”(صححه الألباني في صحيح الجامع: ٤٥٢٣).
15- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ: بَلَى فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْنَا يَا رَسُولَ الله: كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: “قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”(رواه البخاري: ٣٣٧٠).
16- “مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ”(أخرجه الترمذي: ٣٣٨٠، وصححه الألباني).
الاثار
1- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهّد، وصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-”(جلاء الأفهام لابن القيم).
2- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “بلغني أن الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك -صلى الله عليه وسلم-”(رواه الترمذي وحسنه).
3- قال زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه: “علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-”(الترغيب والترهيب لأبي القاسم التيمي).
القصص
1- ساق البيهقي بإسناده إلى أبي عبد الله الدينوري قال: “سمعت أبا الحسن الشافعي يقول: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، في المنام فقلت: يا رسول الله، بِمَ جُزِيَ الشافعي عندك حيث يقول في كتاب الرسالة: “وصلى الله على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون”؟ قال: فقال: جزي عني أنه لا يوقف للحساب”(مناقب الشافعي: 2-304).
2- قال ابن القيم: “قال عبد الله بن عبد الحكم: رأيت الشافعي في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: رحمني وغفر لي وزفَّني إلى الجنة كما يُزَفُّ بالعروس، ونثر عليَّ كما ينثر على العروس. فقلتُ: بِمَ بلغتَ هذه الحال؟ فقال لي قائل: يقول لك: بما في كتاب “الرسالة” من الصلاة على النبي ﷺ. قلتُ: فكيف ذلك؟ قال: “وصلَّى الله على محمد عددَ ما ذكره الذاكرون، وعددَ ما غفل عن ذكره الغافلون”. قال: فلمَّا أصبحت نظرت في كتاب الرسالة، فوجدت الأمر كما رأيتُ”(جلاء الأفهام: ص: 489).
3- كان أخوان في الله يطلبان الحديث، فتوفي أحدهما، فرآه أخوه في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: كساني الله ثياباً خضراً، وأدخلني الجنة، فقال: بماذا؟ قال: كنت عندما أكتب الحديث وجاء ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أكتب -صلى الله عليه وسلم-.
الاشعار
ألا يا رسـول الله يا خـير مرسل *** عليك صلاة الله لا تتناهى
فيا فوز من صلى عليك في الورى *** صلاة يعم الكون منها سناها
(..........)
متفرقات
1- قال الخطابي: “الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء والتبريك تقال لغيره؛ ومنه: قوله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى”(تحفة الأحوذي).
2- قال ابن القيم رحمه الله: “الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- للدعاء مثل الفتاحة للصلاة؛ فمفتاح الصلاة الطهور”(جلاء الأفهام).
3- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56] قال: “المقصود من الآية: أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً”(تفسير ابن كثير).
4- قال ابن القيم -رحمه الله-: “سُئل شيخنا -رحمه الله- عن تفسير حديث أبي بن كعب: “أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي” فقال: كان لأُبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه-صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن زدت فهو خير لك، فقال له: النصف، فقال: إن زدت فهو خير لك، إلى أن قال: إن زدت فهو خير لك، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها، أي أجعل دعائي كله صلاة عليك، قال: إذاً تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك، لأن من صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه -رحمه الله-”(جلاء الأفهام في فضل الصلاة على خير الأنام: ص76).
5- قال السيوطي -رحمه الله-: “كثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تكثر الأرزاق والبركات، وتقضى الحوائج، وتكشف الهموم والغموم والكروب؛ كلها بالمشاهدة والتجربة بين السلف والخلف”().
6- قال الإمام الشافعي رحمه الله: "صلَّى اللهُ على نبينا كُلَّمَا ذكرَه الذَّاكِرُون، وغَفَل عن ذِكْره الغافلون. وصَلَّى عليه في الأوَّلين والآخِرين، أَفْضَلَ وأكْثَرَ وأَزْكَى ما صَلَّى عَلَى أَحدٍ مِنْ خَلْقه. وزكَّانَا وَإيَّاكم بالصلاة عليه، أفضلَ ما زَكَّى أَحدًا من أمَّتِه بصلاته عليه. والسلامُ عليه ورحمةُ الله وبركاتُه. وجَزَاهُ الله عَنَّا أفضلَ ما جَزَى مُرْسَلًا عن من أُرْسِلَ إليه؛ فإِنه أَنْقَذَنَا به مِنَ الهَلَكَةِ، وَجَعَلَنَا في خَيْر أمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناس، دائنينَ بدينه الذي ارْتَضَى، واصطفَى به ملائكته ومَنْ أَنْعَمَ عليه من خَلْقِه. فلم تُمْسِ بِنَا نعمةٌ ظَهَرَتْ ولا بَطَنَتْ، نِلْنَا بها حَظًّا في دينٍ ودنيا، أو دُفِعَ بها عَنَّا مكْرُوهٌ فيهما، وفي واحدٍ منهما: إلَّا ومحمد صلى الله عليه سَبَبُهَا، القائِدُ إلى خيرها، والهادي إلى رُشدها، الذَّائِدُ عن الهَلَكَةِ وموارِدِ السَّوْءِ في خلاف الرُّشْدِ، المُنَبّهُ للأَسْباب التي تُورِدُ الْهَلَكَةَ، القائمُ بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها. فصلَّى اللهُ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّى على إبراهيم وآل إبراهيم، إنه حميد مجيد"(خطبة كتاب الرسالة).
الإحالات
1- جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام – ابن القيم دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1405.