افتراء
2025-02-17 - 1446/08/18
التعريف
العناصر
1- مفهوم الافتراء وحكمه
2- أنواع الافتراء
3- حادثة الإفك في السيرة النبوية
4- أسباب الافتراء
5- آثار الافتراء
6- طرق الوقاية من الافتراء
8. كيفية التعامل مع الافتراء
الايات
1- قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [آل عمران: 24].
2- قال تعالى: (فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [آل عمران: 94].
3- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)[النِّسَاءِ: 48]
4- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) [النِّسَاءِ: 49 - 50].
5- قال تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)[المائدة:103].
6- قال تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)[الْأَنْعَامِ:22-24].
7- قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام: 93].
8- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)[الأنعام: 112].
9- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا ۖ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ ۚ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)[الأنعام: 137-140].
10- قال تعالى: (قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 143-144].
11- قال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ)[الأعراف: 37].
12- قال تعالى: (قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)[الْأَعْرَافِ: 89].
13- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ * وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)[الْأَعْرَافِ:152-153].
14- قال تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)[يونس:37-38].
15- قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ)[يونس: 59].
16- قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[هُودٍ:13].
17- قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) [هود:34].
18- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النحل: 116-117].
19- قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ)[هُودٍ: 50].
20- قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[يوسف: 111].
21- قال تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ) [النحل:101].
22- قال تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النحل: 105].
23- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى)[طه: 61].
24- قال تعالى: (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 5].
25- قال تعالى: (أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [القصص: 74-75].
26- قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت: 12-13].
27- قال تعالى: (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [الأَحۡقَافِ: ٢٨].
28- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الممتحنة: 12].
29- قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصَّفِّ: 6-9].
30- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) [الأحزاب: 69].
31- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) [البقرة: 102].
32- قال تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [يوسف: 25-28]. إلى قوله تعالى: (قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف: 51].
33- قال تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) [الإسراء: 47-48]
34- قال تعالى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: 156].
35- قال تعالى: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) [يوسف: 77].
الاحاديث
1- عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، قالَ: البَحِيرَةُ: الَّتي يُمْنَعُ دَرُّها لِلطَّواغِيتِ، فلا يَحْلُبُها أحَدٌ مِنَ النّاسِ، والسّائِبَةُ: كانُوا يُسَيِّبُونَها لِآلِهَتِهِمْ، لا يُحْمَلُ عليها شَيءٌ. قالَ: وقالَ أبو هُرَيْرَةَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ عامِرٍ الخُزاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النّارِ، كانَ أوَّلَ مَن سَيَّبَ السَّوائِبَ. والوَصِيلَةُ: النّاقَةُ البِكْرُ، تُبَكِّرُ في أوَّلِ نِتاجِ الإبِلِ، ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بأُنْثى، وكانُوا يُسَيِّبُونَها لِطَواغِيتِهِمْ، إنْ وصَلَتْ إحْداهُما بالأُخْرى ليسَ بيْنَهُما ذَكَرٌ. والحامِ: فَحْلُ الإبِلِ يَضْرِبُ الضِّرابَ المَعْدُودَ، فإذا قَضى ضِرابَهُ ودَعُوهُ لِلطَّواغِيتِ، وأَعْفَوْهُ مِنَ الحَمْلِ، فَلَمْ يُحْمَلْ عليه شَيءٌ، وسَمَّوْهُ الحامِيَ. أخرجه البخاري: ٤٦٢٣، ومسلم: ٢٨٥٦.
2- عن مالك بن نضلة الجشمي -رضي الله عنه- قال: أتَيتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في خُلْقانٍ مِنَ الثِّيابِ، فقال لي: هل لكَ مِن مالٍ؟ فقُلتُ: نَعَمْ. قال: مِن أيِّ المالِ؟ قال: فقُلتُ: مِن كُلِّ المالِ؛ مِنَ الإبِلِ والغَنَمِ والخَيلِ والرَّقيقِ. قال: فإذا آتاكَ اللهُ مالًا فلْيُرَ عليكَ. ثم قال: تُنتِجُ إبِلُكَ وافيةً آذانُها؟ قال: قُلتُ: نَعَمْ. قال: وهل تُنتِجُ الإبِلُ إلّا كذلك؟ قال: فلَعَلَّكَ تَأخُذُ الموسى فتَقطَعَ آذانَ طائِفةٍ منها وتَقولَ: هذه بَحيرةٌ، وتَشُقُّ آذانَ طائِفةٍ منها، وتَقولَ: هذه صَرُمٌ؟ قُلتُ: نَعَمْ. قال: فلا تَفعَلْ، إنَّ كُلَّ ما آتاكَ اللهُ لكَ حِلٌّ، ثم قال: (ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) [المائدة: ١٠٣]، أمّا البَحيرةُ فهي التي يَجدَعونَ آذانَها، فلا تَنتَفِعُ امرَأتُه ولا بَناتُه ولا أحَدٌ مِن أهلِ بَيتِه بصُوفِها ولا أوْبارِها ولا أشعارِها ولا ألْبانِها، فإذا ماتَتِ اشتَرَكوا فيها. وأمّا السّائِبةُ: فهي التي يُسَيِّبونَ لِآلِهَتِهم، ويَذهَبونَ إلى آلِهَتِهم فيُسَيِّبونَها، وأمّا الوَصيلةُ: فالشّاةُ تَلِدُ سِتَّةَ أبطُنٍ، فإذا وَلَدتِ السّابِعَ جُدِعتْ وقَطَعَ قَرنًا، فيَقولونَ: قد وُصِلتْ؛ فلا يَذبَحونَها، ولا تُضرَبُ، ولا تُمنَعُ” أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار: ٣٠٤١، والطبراني (١٩/٢٧٧) (٦٠٨) وأشار أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير (١/٧٤٦) إلى صحته.
3- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: شَهِدْتُ الصَّلاةَ يَومَ الفِطْرِ مع رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمانَ؛ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيها قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَأَنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجالَ بيَدِهِ، ثُمَّ أقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حتّى أتى النِّساءَ مع بلالٍ، فَقالَ: (يا أَيُّها النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ) [الممتحنة: ١٢] حتّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّها، ثُمَّ قالَ حِينَ فَرَغَ: أنْتُنَّ على ذلكَ؟ فَقالتِ امْرَأَةٌ واحِدَةٌ -لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُها-: نَعَمْ يا رَسولَ اللَّهِ -لا يَدْرِي الحَسَنُ مَن هي- قالَ: فَتَصَدَّقْنَ. وبَسَطَ بلالٌ ثَوْبَهُ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ والخَواتِيمَ في ثَوْبِ بلالٍ. أخرجه البخاري: ٤٨٩٥، ومسلم: ٨٨٤.
4- قالَتْ عائِشةُ -رضي الله عنها-: خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقامَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقَرَأَ سُورَةً طَويلةً، ثُمَّ رَكَعَ فأطالَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ بسُورَةٍ أُخْرى، ثُمَّ رَكَعَ حتّى قَضاها وسَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ ذلكَ في الثّانِيَةِ، ثُمَّ قالَ: إنَّهُما آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ فَصَلُّوا حتّى يُفْرَجَ عَنْكُمْ، لقَدْ رَأَيْتُ في مَقامِي هذا كُلَّ شيءٍ وُعِدْتُهُ، حتّى لقَدْ رَأَيْتُ أُرِيدُ أنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الجَنَّةِ، حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أتَقَدَّمُ، ولقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُونِي تأَخَّرْتُ، ورَأَيْتُ فِيها عَمْرَو بنَ لُحَيٍّ، وهو الذي سَيَّبَ السَّوائِبَ. أخرجه البخاري: ١٢١٢، ومسلم: ٩٠١.
5- عن واثِلةَ بنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ مِن أعظَمِ الفِرى أن يَدَّعِيَ الرَّجلُ إلى غيرِ أبيه، أو يُريَ عينَه ما لَم تَرَ، أو يقولَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما لم يَقُلْ". أخرجه البخاري: 3509.
6- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أعظَمُ النَّاسِ فِريةً اثنانِ: شاعِرٌ يهجو القبيلةَ بأَسْرِها، ورجُلٌ انتفى من أبيه وزنَّى أمَّه". أخرجه ابن ماجه: 3044، وابن حبان: 5785 واللفظ له، والبيهقي: 21659. وصحَّحه الألباني.
7- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أتدرون ما الغِيبةُ؟" قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: "ذِكْرُك أخاك بما يَكرَهُ"، قيل: أفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: "إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبْتَه، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه". أخرجه مسلم: 2589.
8- عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه -وكان شَهِد بَدرًا، وهو أحَدُ النُّقَباءِ ليلةَ العَقَبةِ-: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال وحولَه عصابةٌ من أصحابِه: "بايِعوني على ألَّا تُشرِكوا باللهِ شيئًا، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنوا، ولا تقتُلوا أولادَكم، ولا تأتوا ببُهتانٍ تَفترونَه بَينَ أيديكم وأرجُلِكم، ولا تَعْصُوا في معروفٍ، فمَن وفى منكم فأجرُه على اللهِ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقِبَ في الدُّنيا فهو كفَّارةٌ له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثمَّ سَتَرَه اللهُ فهو إلى اللهِ؛ إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقَبَه" فبايعناه على ذلك. أخرجه البخاري: 18 واللفظ له، ومسلم: 1709.
9- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ أعظَمَ النَّاسِ فِريةً لرَجُلٌ هاجى رجُلًا؛ فهجا القبيلةَ بأَسْرِها". أخرجه مطوَّلًا ابن ماجه: 3044 واللفظ له، وابن حبان: 5785. صحَّحه ابن حبان، والألباني.
الاثار
1- عنِ ابنِ عبّاسٍ -رَضيَ اللهُ عنهُما- في قولِهِ عزَّ وجلَّ: (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل: ١٠٣]. قالوا: إنَّما يُعلِّمُ مُحمَّدًا عبدُ بنُ الحَضْرميِّ، وهو صاحبُ الكُتُبِ. فقالَ اللهُ: (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل: ١٠٣]، (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ) [النحل: ١٠٥]. رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين: ٣٤٠٦، وقال: صحيح الإسناد.
2- قال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: "البُهتانُ: أن تقولَ ما ليس فيه". أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت: 209.
3- عن مسروقٍ قال: قالت أمُّ المُؤمِنين عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: "ثلاثٌ من تكَلَّم بواحِدةٍ منهنَّ فقد أعظَمَ على اللهِ الفِريةَ. قلتُ: ما هنَّ؟ قالت: من زَعَم أنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى ربَّه فقد أعظَمَ على اللهِ الفِريةَ ... ومَن زَعَم أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَتَم شيئًا مِن كتابِ اللهِ، فقد أعظَمَ على اللهِ الفِريةَ... ومن زعم أنَّه يخبِرُ بما يكونُ في غَدٍ، فقد أعظَمَ على اللهِ الفِريةَ...". أخرجه البخاري: 4855، ومسلم: 177 واللفظ له.
4- قال فُضَيلٌ: "في آخِرِ الزَّمانِ قومٌ بهَّاتون عيَّابون، فاحذَروهم؛ فإنَّهم أشرارُ الخَلقِ، ليس في قلوبِهم نورُ الإسلامِ، وهم أشرارٌ، لا يرتَفِعُ لهم إلى اللهِ عَمَلٌ". أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه: 217.
5- قال سَهلُ بنُ عبدِ اللهِ: "مَن سَلِم من الغِيبةِ سَلِم من الزُّورِ، ومَن سَلِم من الزُّورِ سَلِم من البُهتانِ". أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: 6783.
6- عن أبو غالِبٍ عليِّ بنِ أحمَدَ بنِ النَّضرِ الأزديِّ، قال: قال أحمَدُ لمن حوله: "اعلَموا -رحِمَكم اللهُ- أنَّ الرَّجُلَ من أهلِ العِلمِ إذا منحه اللهُ شيئًا من العِلمِ وحُرِمَه قرناؤه وأشكالُه، حَسَدوه، فرَمَوه بما ليس فيه، وبِئْسَتِ الخَصلةُ في أهلِ العِلمِ!". يُنظر: مناقب الشافعي؛ للبيهقي: 2-259.
القصص
1- قِصَّةُ حادثةِ الإفكِ؛ حيثُ اتَّهم المُنافِقون أمَّ المؤمِنين عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، حتى أنزل اللهُ براءتَها في القرآنِ؛ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ [النور: 11-16] .
والقِصَّةُ مشهورةٌ معروفةٌ، وهي في الصَّحيحِ. أخرجها البخاري: 2661، ومسلم: 2770 من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها.
2- عن جابِرِ بنِ سَمُرةَ، قال: "شكا أهلُ الكوفةِ سَعدًا إلى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، فعَزَله، واستعمَلَ عليهم عمَّارًا، فشَكَوا حتى ذكَروا أنَّه لا يحسِنُ يُصَلِّي! فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاقَ، إنَّ هؤلاء يزعُمون أنَّك لا تحسِنُ تُصَلِّي، قال أبو إسحاقَ: أمَّا أنا واللهِ فإني كنتُ أُصَلِّي بهم صلاةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أخرِمُ عنها، أصلِّي صلاةَ العِشاءِ، فأركُدُ في الأوليَينِ وأخِفُّ في الأخرَيَينِ، قال: ذاك الظَّنُّ بك يا أبا إسحاقَ! فأرسل معه رجُلًا أو رجالًا إلى الكوفةِ، فسأل عنه أهلَ الكوفةِ ولم يَدَعْ مسجِدًا إلَّا سأل عنه، ويُثنون معروفًا، حتى دخل مسجِدًا لبني عَبسٍ، فقام رجلٌ منهم يقالُ له أسامةُ بنُ قتادةَ يُكنى أبا سَعْدةَ، قال: أمَا إذ نشَدْتَنا فإنَّ سعدًا كان لا يَسيرُ بالسَّرِيَّةِ ، ولا يَقسِمُ بالسَّوِيَّةِ، ولا يَعدِلُ في القَضِيَّةِ! قال سعدٌ: أمَا واللهِ لأدعُوَنَّ بثلاثٍ: اللَّهُمَّ إن كان عبدُك هذا كاذِبًا، قام رياءً وسُمعةً، فأطِلْ عُمُرَه، وأطِلْ فَقْرَه، وعَرِّضْه بالفِتَنِ! وكان بَعدُ إذا سُئِل يقولُ: شيخٌ كبيرٌ مفتونٌ، أصابتني دعوةُ سعدٍ! قال عبدُ المَلِكِ -راوي الأثَرِ عن جابرِ بنِ سَمُرةَ-: فأنا رأيتُه بَعْدُ قد سقَط حاجباه على عينَيه من الكِبَرِ، وإنَّه ليتعَرَّضُ للجواري في الطُّرُقِ يَغمِزُهنَّ". أخرجه البخاري: 755 واللفظ له، ومسلم: 453.
3- قال الذَّهبيُّ: "قال ابنُ طاهِرٍ: سَمِعتُ أصحابَنا بهَراةَ يقولون: لمَّا قَدِم السُّلطانُ ألَب أرسَلانَ هراةَ في بعضِ قَدَماتِه، اجتمع مشايخُ البلَدِ ورؤساؤُه، ودخلوا على أبي إسماعيلَ وسَلَّموا عليه وقالوا: ورد السُّلطانُ ونحن على عَزمٍ أن نخرُجَ ونُسَلِّمَ عليه، فأحبَبْنا أن نبدأَ بالسَّلامِ عليك، وكانوا قد تواطَؤوا على أن حمَلوا معهم صنَمًا من نُحاسٍ صغيرٍ وجعلوه في المحرابِ تحتَ سجَّادةِ الشَّيخِ، وخَرَجوا وقام إلى خَلوتِه، ودخَلوا على السُّلطانِ واستغاثوا من الأنصاريِّ وأنه مجسِّمٌ وأنَّه يترُكُ في محرابِه صَنَمًا، يزعُمُ أنَّ اللهَ على صورتِه، إن بعَث الآن السُّلطانُ يجِدْه! فعَظُم ذلك على السُّلطانِ وبعَث غلامًا ومعه جماعةٌ، فدخلوا الدَّارَ وقصَدوا المحرابَ فأخذوا الصَّنَمَ، ورجع الغُلامُ بالصَّنَمِ، فبعَث السُّلطانُ من أحضَرَ الأنصاريَّ، فأتى فرأى الصَّنَمَ والعُلَماءَ، والسُّلطانَ قد اشتَدَّ غَضَبُه؛ فقال السُّلطانُ له: ما هذا؟ قال: هذا صنَمٌ يُعمَلُ من الصُّفرِ شِبهُ اللُّعبةِ، قال: لستُ عن ذا أسألُك؟ قال: فعَمَّ يسألُني السُّلطانُ؟ قال: إنَّ هؤلاء يزعُمون أنَّك تعبُدُ هذا، وأنك تقولُ: إنَّ اللهَ على صورتِه! فقال الأنصاريُّ بصَولةٍ وصَوتٍ جَهْوَريٍّ : سُبحانَك! هذا بهتانٌ عظيمٌ! فوقَع في قلبِ السُّلطانِ أنَّهم كَذَبوا عليه، فأمر به فأُخرِجَ إلى دارِه مُكَرَّمًا، وقال لهم: اصدُقوني، وهَدَّدهم، فقالوا: نحن في يدِ هذا الرَّجُلِ في بَليَّةٍ من استيلائِه علينا بالعامَّةِ، فأرَدْنا أن نقطَعَ شَرَّه عنا، فأَمَر بهم ووكَّل بكُلِّ واحدٍ منهم وصادَرَهم وأهانَهم". تذكرة الحفاظ: 3/251، 252.
4- افتِراءُ اليهودِ على نبيِّ اللهِ موسى عليه السَّلامُ:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) [الأحزاب: 69].
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ موسى كان رجلًا حَيِيًّا سَتِيرًا لا يُرى مِن جِلْدِه شَيءٌ استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه من بني إسرائيلَ، فقالوا: ما يستَتِرُ هذا التسَتُّرَ إلَّا مِن عَيبٍ بجِلْدِه: إمَّا بَرَصٌ، وإمَّا أُدْرَةٌ وإمَّا آفَةٌ، وإنَّ اللهَ أراد أن يُبَرِّئَه مِمَّا قالوا لموسى، فخلا يومًا وَحْدَه، فوضع ثيابَه على الحَجَرِ، ثمَّ اغتسل، فلمَّا فَرَغ أقبل إلى ثيابِه ليأخُذَها، وإنَّ الحَجَر عدا بثوبِه، فأخذ موسى عصاه وطَلَب الحَجَرَ، فجعل يقولُ: ثوبي حَجَرُ! ثوبي حَجَرُ! حتَّى انتهى إلى ملأٍ من بني إسرائيلَ فرأوه عُريانًا أحسَنَ ما خلق اللهُ، وأبرَأَه مِمَّا يقولون! وقام الحَجَرُ، فأخذ بثَوبِه فلَبِسَه، وطَفِقَ بالحَجَرِ ضَربًا بعصاه، فواللهِ إنَّ بالحَجَرِ لنَدَبًا من أثَرِ ضَرْبِه، ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا! فذلك قَولُه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب: 69]". أخرجه البخاري: 3404 واللفظ له، ومسلم: 339.
5- الافتِراءُ على نبيِّ اللهِ سُلَيمانَ واتِّهامُه بالسِّحرِ:
فقد زعَموا بُهتانًا وباطلًا أنَّ سُليمانَ عليه السَّلامُ كان ساحرًا، وما مَلَك مُلكًا ولا وقَعَت له مُعجِزةٌ إلَّا بسِحرِه! وقد برَّأه سُبحانَه من هذا الإفكِ المفترى.
قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) [البقرة: 102].
قال أبو السُّعودِ العِماديُّ: "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ تنزيهٌ لساحتِه عليه السَّلامُ عن السِّحرِ، وتكذيبٌ لمن افترى عليه بأنَّه كان يعتَقِدُه ويعمَلُ به، والتَّعرُّضُ لكونِه كُفرًا للمُبالغةِ في إظهارِ نزاهتِه عليه السَّلامُ، وكَذِبِ باهِتيه بذلك". إرشاد العقل السليم: 1-137.
6- افتِراءُ امرأةِ العزيزِ على يوسُفَ عليه السَّلامُ ورَمْيُه كَذِبًا بالفاحِشةِ:
قال تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [يوسف: 25-28] .
وقد ذكَر اللهُ تعالى اعترافَ امرأةِ العزيزِ بما افترته على يوسُفَ عليه السَّلامُ، فقال تعالى: (قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف: 51].
7- افتِراءُ إخوةِ يوسُفَ عليه السَّلامُ عليه واتِّهامُهم له بالسَّرِقةِ:
قال تعالى في حكايةِ افتِراءِ إخوةِ يوسُفَ عليه السَّلامُ واتِّهامِهم له: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) [يوسف: 77].
(فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا): أي: فأخفى يوسُفُ في نفسِه هذه الفِريةَ التي افترَوها عليه، ولم يُظهِرْها لهم أنَّها فِريةٌ؛ كتمانًا لأمرِه حتَّى يُفاجَؤوا في نهايةِ القِصَّةِ بما آل إليه أمرُه في المُلكِ، فيندَموا على ما فَرَط منهم في حَقِّه". التفسير الوسيط؛ لمحمد سيد طنطاوي: 5-364.
8- الافتِراءُ على مريمَ رضيَ الله عنها:
بيَّن اللهُ تعالى بعضَ الذُّنوبِ التي ارتكبها اليهودُ، ممَّا أوجب لعْنَتَهم وطَرْدَهم وإبعادَهم عن الهُدى، فقال: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: 156] ، فأمَّا «البُهتانُ» فهو قَذْفُهم مريمَ بالزِّنا. مع براءتِها من كُلِّ ريبةٍ؛ لذا وصَف اللهُ تعالى طَعْنَ اليهودِ فيها بأنَّه بُهتانٌ عظيمٌ. مفاتيح الغيب؛ للرازي: 11-259.
9- امرأةٌ بَغِيٌّ تفتري الكَذِبَ على رَجُلٍ عابِدٍ في بني إسرائيلَ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "كان رجلٌ في بني إسرائيلَ -يُقالُ له جُرَيجٌ- يُصَلِّي، فجاءته أمُّه فدعَتْه، فأبى أن يجيبَها، فقال: أُجيبُها أو أُصَلِّي، ثمَّ أتَتْه فقالت: اللَّهُمَّ لا تُمِتْه حتَّى تُرِيَه وجوهَ المومِساتِ! وكان جُرَيجٌ في صَومعتِه، فقالت امرأةٌ: لأفتِنَنَّ جُرَيجًا، فتعَرَّضَت له، فكلَّمَتْه فأبى، فأتت راعيًا، فأمكَنَتْه من نفسِها، فولَدَت غلامًا، فقالت: هو من جُرَيجٍ! فأتوه وكَسَروا صومعتَه، فأنزلوه وسَبُّوه، فتوضَّأَ وصَلَّى ثمَّ أتى الغلامَ، فقال: من أبوك يا غُلامُ؟! قال: الرَّاعي، قالوا: نبني صومعَتَك من ذَهَبٍ، قال: لا، إلَّا مِن طينٍ". أخرجه البخاري: 2482 واللفظ له، ومسلم: 2550.
10- الافتِراءُ على امرأةٍ في بني إسرائيلَ واتِّهامُها بالزِّنا والسَّرِقةِ وهي بريئةٌ منهما:
عن أبي هُرَيرةَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: "... وكانت امرأةٌ تُرضِعُ ابنًا لها من بني إسرائيلَ، فمَرَّ بها رجُلٌ راكِبٌ ذو شارةٍ فقالت: اللَّهُمَّ اجعَلِ ابني مِثْلَه، فتَرَك ثَدْيَها وأقبَل على الرَّاكِبِ، فقال: اللَّهُمَّ لا تجعَلْني مِثلَه، ثمَّ أقبل على ثَدْيِها يَمَصُّه - قال: أبو هُرَيرةَ: كأنِّي أنظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمَصُّ إصبَعَه- ثمَّ مرَّ بأَمَةٍ، فقالت: اللَّهُمَّ لا تجعَلِ ابني مِثلَ هذه، فتَرَك ثَدْيَها، فقال: اللَّهُمَّ اجعَلْني مثلَها، فقالت: لمَ ذاك؟ فقال: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ من الجبابرةِ، وهذه الأَمَةُ يقولون: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ، ولم تفعَلْ". أخرجه البخاري: 2436، ومسلم: 2550.
11- افتِراءُ قُرَيشٍ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
قال تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) [الإسراء: 47-48] ، قال ابنُ القَيِّمِ: "انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا مثَّلوك بالشَّاعِرِ مَرَّةً، والسَّاحِرِ أُخرى، والمجنونِ مرَّةً، والمسحورِ أُخرى، فضَلُّوا في جميعِ ذلك ضلالَ مَن يَطلُبُ في تِيهِه وتحيُّرِه طريقًا يَسلُكُه فلا يَقدِرُ عليه؛ فإنَّ أيَّ طريقٍ أخَذها فهي طريقُ ضلالٍ وحَيرةٍ، فهو متحَيِّرٌ في أمرِه لا يهتدي سبيلًا ولا يقدِرُ على سلوكِها، فهكذا حالُ أعداءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معه، حتَّى ضربوا له أمثالًا برَّأه اللهُ منها، وهو أبعَدُ خَلقِ اللهِ منها، وقد عَلِم كُلُّ عاقِلٍ أنَّها كَذِبٌ وافتِراءٌ وبُهتانٌ". بدائع الفوائد: 2-226.
12- افتِراءُ اليهودِ على عَبدِ اللهِ بنِ سَلامٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ سَلامٍ بَلغَه مَقدَمُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم المَدينةَ، فأتاه يَسأَلُه عن أشياءَ، فقال: إنِّي سائِلُكَ عن ثَلاثٍ لا يَعلمُهنَّ إلَّا نَبيٌّ، ما أوَّلُ أشراطِ السَّاعَةِ؟ وما أوَّلُ طَعامٍ يَأكلُه أهلُ الجَنَّةِ؟ وما بالُ الوَلدِ يَنزِعُ إلى أبيه أو إلى أُمِّه؟ قال: أخبَرَني به جِبريلُ آنِفًا. قال ابنُ سَلامٍ: ذاكَ عَدُوُّ اليَهودِ مِنَ المَلائِكةِ، قال: أمَّا أوَّلُ أشراطِ السَّاعةِ فنارٌ تَحشُرُهم مِنَ المَشرِقِ إلى المَغرِبِ، وأمَّا أوَّلُ طَعامٍ يَأكلُه أهلُ الجَنَّةِ فزيادةُ كَبِدِ الحُوتِ، وأمَّا الوَلدُ فإذا سَبَقَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المَرأةِ نَزَعَ الوَلدَ، وإذا سَبَقَ ماءُ المَرأةِ ماءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الوَلدَ، قال: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، قال يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّ اليَهودَ قَومٌ بُهتٌ فاسأَلهم عَنِّي قَبل أن يَعلمُوا بإسلامي، فجاءَتِ اليَهودُ، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ رَجُلٍ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ فيكم؟ قالوا: خَيرُنا وابنُ خَيرِنا، وأفضَلُنا وابنُ أفضَلِنا، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أرَأيتُم إن أسلمَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ! قالوا: أعاذَه اللَّهُ مِن ذلك، فأعادَ عليهم، فَقالوا مِثل ذلكَ. فخَرَجَ إليهم عبدُ اللَّهِ فقال: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ! قالوا: شَرُّنا وابنُ شَرِّنا، وتَنَقَّصُوه! قال: هذا كُنتُ أخافُ يا رَسول اللَّهِ". أخرجه البخاري: 3329.
13- يومُ الوِشاحِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: "أسلمَت امرأةٌ سوداءُ لبَعضِ العَرَبِ، وكان لها حِفشٌ في المسجِدِ، قالت: فكانت تأتينا فتُحَدِّثُ عندَنا، فإذا فرَغَت من حديثِها قالت:
ويومُ الوِشاحِ من تعاجيبِ رَبِّنا *** ألَا إنَّه من بلدةِ الكُفرِ أنجاني
فلمَّا أكثَرت قالت لها عائشةُ: وما يومُ الوِشاحِ؟ قالت: خرَجَت جُوَيريةٌ لبعضِ أهلي، وعليها وِشاحٌ من أدَمٍ، فسَقَط منها، فانحطَّت عليه الحُدَيَّا، وهي تحسَبُه لحمًا، فأخذَتْه فاتَّهَموني به فعَذَّبوني، حتَّى بلغ من أمري أنَّهم طَلَبوا في قُبُلي! فبينا هم حولي وأنا في كَرْبي إذ أقبَلَتِ الحُدَيَّا حتَّى وازت برُؤوسِنا، ثمَّ ألقَتْه، فأخذوه، فقُلتُ لهم: هذا الذي اتَّهمتُموني به وأنا منه بريئةٌ!". أخرجه البخاري: 3835.
14- الافتِراءُ على سَعيدِ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن عُمَرَ بنِ محمَّدٍ، أنَّ أباه حدَّثه، عن سعيدِ بنِ زيدِ بنِ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ: "أنَّه خاصَمَته أَرْوى في حقٍّ زعَمَت أنَّه انتقَصه لها، إلى مروانَ، فقال سعيدٌ: أنا أنتقِصُ مِن حقِّها شيئًا؟! أشهَدُ لَسَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: مَن أخَذ شِبرًا مِن الأرضِ ظُلمًا فإنَّه يُطَوَّقُه يومَ القيامةِ مِن سَبعِ أرَضينَ، اللَّهُمَّ إن كانت كاذِبةً فأعْمِ بصَرَها، واجعَلْ قَبْرَها في دارِها، قال: فرأيتُها عمياءَ تلتَمِسُ الجُدُرَ تقولُ: أصابتني دعوةُ سعيدِ بنِ زيدٍ، فبينما هي تمشي في الدَّارِ مرَّت على بئرٍ في الدَّارِ، فوقعت فيها، فكانت قَبْرَها". أخرجه البخاري: 3198، ومسلم: 1610 واللفظ له.
15- الافتِراءُ على الشَّافعيِّ:
- عن أبي غالِبٍ عليِّ بنِ أحمَدَ بنِ النَّضرِ الأزديِّ، قال: "سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ أحمَدَ بنَ محمَّدِ بنِ حَنبَلٍ، وسئِل عن محمَّدِ بنِ إدريسَ الشَّافعيِّ، قال أحمدُ: لقد منَّ اللهُ علينا به، لقد كُنَّا تعلَّمْنا كلامَ القومِ وكَتَبْنا كتُبَهم حتَّى قَدِم علينا الشَّافعيُّ، فلمَّا سمِعْنا كلامَه عَلِمْنا أنَّه أعلَمُ من غيرِه، وقد جالَسْناه الأيَّامَ واللَّياليَ، فما رأينا منه إلَّا كُلَّ خيرٍ، رحمةُ اللهِ عليه. قال أبو غالِبٍ: فقال له رجُلٌ: يا أبا عبدِ اللهِ، فإنَّ فلانًا وفلانًا لا يرضيانِه -يعني في نِسبتِهما إيَّاه إلى التَّشيُّعِ!- فقال أحمدُ: ما أدري ما يقولانِ! واللهِ ما رأينا منه إلَّا خيرًا، ولا سمِعْنا منه إلَّا خيرًا". يُنظر: مناقب الشافعي؛ للبيهقي: 2-259.
16- الافتِراءُ على البُخاريِّ واتِّهامُه بالقَولِ بخَلقِ القُرآنِ:
قال أبو أحمَدَ بنُ عَدِيٍّ: "ذَكَر لي جماعةٌ من المشايخِ أنَّ محمَّدَ بنَ إسماعيلَ لمَّا ورد نيسابورَ اجتمع النَّاسُ عليه، حسَدَه بعضُ من كان في ذلك الوقتِ من مشايخِ نيسابورَ لَمَّا رأوا إقبالَ النَّاسِ إليه، واجتماعَهم عليه، فقال لأصحابِ الحديثِ: إنَّ محمَّدَ بنَ إسماعيلَ يقولُ: اللَّفظُ بالقرآنِ مخلوقٌ، فامتَحِنوه في المجلِسِ.
فلمَّا حضر النَّاسُ مجلِسَ البُخاريِّ قام إليه رجلٌ، فقال: يا أبا عبدِ اللهِ، ما تقولُ في اللَّفظِ بالقُرآنِ: مخلوقٌ هو أم غيرُ مخلوقٍ؟ فأعرض عنه البخاريُّ ولم يجِبْه. فقال الرَّجُلُ: يا أبا عبدِ اللهِ، فأعاد عليه القولَ، فأعرَض عنه، ثمَّ قال في الثَّالثةِ، فالتَفَت إليه البُخاريُّ، وقال: القرآنُ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وأفعالُ العبادِ مخلوقةٌ، والامتحانُ بِدعةٌ. فشَغَّب الرَّجُلُ، وشَغَّب النَّاسُ، وتفَرَّقوا عنه وقَعَد البُخاريُّ في مَنزِلِه". سير أعلام النبلاء؛ للذهبي: 12/453، 454.
الاشعار
1- قال منصورُ بنُ إسماعيلَ:
هَبْني تحرَّزْتُ ممَّن يَنُمُّ بالكتمانِ *** فكيف لي باحترازٍ مِن قائِلِ البُهتانِ
الطيوريات؛ لأبي طاهر السِّلَفي: 2-259.
2- وقال بعضُ الحُكَماءِ:
إنَّ الكريمَ إذا تقضَّى وُدُّه *** يُخفي القبيحَ ويُظهِرُ الإحسانا
وترى اللَّئيمَ إذا تصَرَّم حَبلُه *** يُخفي الجميلَ ويُظهِرُ البُهتانا
قوت القلوب؛ لأبي طالب المكي: 2-362.
3- وقال بعضُهم:
إذا أنت عِبْتَ النَّاسَ عابوا وأكثَروا *** عليك وأبدَوا منك ما كان يُستَرُ
وقد قال في بعضِ الأقاويلِ قائِلٌ *** له مَنطِقٌ فيه كلامٌ مُحبَّرُ
إذا ما ذكَرْتَ النَّاسَ فاترُكْ عُيوبَهم *** فلا عَيبَ إلَّا دونَ ما مِنكَ يُذكَرُ
فإن عِبْتَ قومًا بالذي ليس فيهمُ *** فذلك عندَ اللهِ والنَّاسِ أكبَرُ
وإن عِبْتَ قومًا بالذي فيك مِثلُه *** فكيف يَعيبُ العورَ مَن هو أعوَرُ
وكيف يَعيبُ النَّاسَ مَن عَيبُ نفسِه *** أشَدُّ إذا عَدَّ العُيوبَ وأنكَرُ
متى تلتَمِسْ للنَّاسِ عيبًا تجِدْ لهم *** عيوبًا ولكِنَّ الذي فيك أكثَرُ
روضة العقلاء؛ لابن حبان: ص: 125.
الحكم
1- من أمثالِهم: إنَّ خَصلَتينِ خَيرُهما الكَذِبُ لخَصْلَتا سُوءٍ. يُنظر: الأمثال؛ لابن سلام: ص: 46.
2- حَسْبُك مِن شَرٍّ سَماعُه. يُضرَبُ في شَينِ المقالةِ وإن كانت باطِلًا. المستقصى في أمثال العرب؛ للزمخشري: 2-63.
3- قد قيل ذلك إنْ حَقًّا وإنْ كَذِبًا. أي: إن كان حَقًّا وإن كان كَذِبًا. المستقصى في أمثال العرب؛ للزمخشري: 2-191.
4- إذا سَمِعْتَ بسُرى القَينِ فإنَّه مُصبِحٌ.
يُضرَبُ به للرَّجُلِ يَعرِفُه النَّاسُ بالكَذِبِ والافتِراءِ، فلا يُقبَلُ قَولُه وإن كان صادِقًا.
وأصلُه أنَّ القَينَ -وهو الحَدَّادُ- إذا كسَد عَمَلُه أشاع بارتحالِه وهو يريدُ الإقامةَ، وإنَّما يَذكُرُ الرَّحيلَ ليَستعمِلَه أهلُ الماءِ، ثمَّ إذا صَدَق لم يُصدَّقْ؛ لأنَّ مَن عُرِف بالصِّدقِ جاز كَذِبُه، ومَن عُرِف بالكَذِبِ لم يَجُزْ صِدقُه. يُنظر: الأمثال؛ لابن سلام: ص: 47، جمهرة الأمثال؛ للعسكري: 1-23.
5- مَن عُرِف بالصِّدقِ جاز كَذِبُه، ومَن عُرِف بالكَذِبِ لم يَجُزْ صِدقُه. يُنظر: الأمثال؛ لابن سلام: ص: 47.
6- ليس لمكذوبٍ رأيٌ. يُنظر: الأمثال؛ لابن سلام: ص: 48.
7- قولُهم: "يا لَلأَفيكةِ!". وهي فعيلةٌ من الإفكِ، وهو الكَذِبُ. وقولهم: "يا لَلْبَهيتةِ!". وهي البُهتانُ. وقولُهم: "يا لَلْعَضيهةِ!". مِثلُهما في المعنى. يُضرَبُ عِندَ المقالةِ يُرمى صاحِبُها بالكَذِبِ، واللَّامُ في كُلِّها للتَّعجُّبِ. مجمع الأمثال؛ للميداني: 2-412.
متفرقات
1- قال الألوسي عند قوله تعالى: (وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) [آل عمران ٢٤] قال: “(وغرهم في دينهم)؛ أي أطمعهم في غير مطمع وخدعهم (ما كانوا يفترون) [ 24 ] أي افتراؤهم وكذبهم أو الذي كانوا يفترونه من قولهم: (لن تمسنا النار) الخ، قاله مجاهد أو من قولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه) قاله قتادة، أو مما يشمل ذلك ونحوه من قولهم: “إن آباءنا الأنبياء يشفعون لنا وإن الله تعالى وعد يعقوب أن لا يعذب أبناءه إلا تحلة القسم”
2- قال الشيخ ابن سعدي عند قوله تعالى: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) [آل عمران ٢٤] قال: “والسبب الذي غر أهل الكتاب بتجرئهم على معاصي الله هو قولهم (لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) افتروا هذا القول فظنوه حقيقة فعملوا على ذلك ولم ينزجروا عن المحارم؛ لأن أنفسهم منتهم وغرتهم أن مآلهم إلى الجنة، وكذبوا في ذلك، فإن هذا مجرد كذب وافتراء، وإنما مآلهم شر مآل، وعاقبتهم عاقبة وخيمة”. تفسير السعدي.
3- قال الشيخ ابن سعدي عند قوله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ...) [المائدة: ١٠٣] قال: “هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما أحله الله، فجعلوا بآرائهم الفاسدة شيئا من مواشيهم محرما، على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما أنزل الله فقال: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) وهي: ناقة يشقون أذنها، ثم يحرمون ركوبها ويرونها محترمة.
(وَلَا سَائِبَةٍ) وهي: ناقة، أو بقرة، أو شاة، إذا بلغت شيئا اصطلحوا عليه، سيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها ولا تؤكل، وبعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة.
(وَلَا حَامٍ) أي: جمل يحمى ظهره عن الركوب والحمل، إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم. فكل هذه مما جعلها المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان. وإنما ذلك افتراء على الله، وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم، ولهذا قال: (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) فلا نقل فيها ولا عقل، ومع هذا فقد أعجبوا بآرائهم التي بنيت على الجهالة والظلم”. تفسير السعدي.
4- قال القرطبي في قوله تعالى: (وضل عنهم ما كانوا يفترون) [الأنعام: ٢٤]: “أي فانظر كيف ضل عنهم افتراؤهم أي تلاشى وبطل ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم. وقيل: (وضل عنهم ما كانوا يفترون) أي فارقهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلم يغن عنهم شيئا، عن الحسن. وقيل: المعنى عزب عنهم افتراؤهم لدهشهم، وذهول عقولهم”. تفسير القرطبي
5- قال الرازي عند قوله تعالى: (فذرهم وما يفترون) [الأنعام: ١١٢]: "قال ابن عباس: معناه يريد ما زين لهم إبليس وغرهم به، قال القاضي: هذا القول يتضمن التحذير الشديد من الكفر والترغيب الكامل في الإيمان، ويقتضي زوال الغم عن قلب الرسول من حيث يتصور ما أعد الله للقوم على كفرهم من أنواع العذاب، وما أعد له من منازل الثواب بسبب صبره على سفاهتهم ولطفه بهم". تفسير الرازي
6- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال: "أي: مع كذبه وافترائه على الله، قصده بذلك إضلال عباد الله عن سبيل الله، بغير بينة منه ولا برهان، ولا عقل ولا نقل". تفسير السعدي
7- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) [الأعراف: ١٥٢] قال: "قال اللّه تعالى "مبينا حال أهل العجل الذين عبدوه: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) أي: إلها (سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) كما أغضبوا ربهم واستهانوا بأمره. (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) فكل مفتر على اللّه، كاذب على شرعه، متقول عليه ما لم يقل، فإن له نصيبا من الغضب من اللّه، والذل في الحياة الدنيا، وقد نالهم غضب اللّه، حيث أمرهم أن يقتلوا أنفسهم، وأنه لا يرضى اللّه عنهم إلا بذلك، فقتل بعضهم بعضا، وانجلت المعركة عن كثير من القتلى ثم تاب اللّه عليهم بعد ذلك".
8- قال الطبري عند قوله تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ)[يونس:37]. قال: " يقول لهم جل ثناؤه: ما كان هذا القرآن ليختلقه أحدٌ من عند غير الله، لأن ذلك لا يقدر عليه أحدٌ من الخلق". تفسير الطبري
9- قال العَينيُّ عند حديث: "إنَّ مِن أعظَمِ الفِرى أن يَدَّعِيَ الرَّجلُ إلى غيرِ أبيه": "قولُه: "الفِرَى"... جمع فِرية، وهي الكذب والبهتان. قوله: "أن يدَّعي الرجل"؛ أي أن ينتسب إلى غير أبيه. وقوله: "أو يُري عينه ما لم ترَ"، فمعناه أن يزعم أنه رأى في المنام شيئًا لم يره. فإن قيل: إن كذبه في المنام لا يزيد على كذبه في اليقظة، فلماذا زادت عقوبته؟ فالجواب: لأن الرؤيا جزء من النبوة، والنبوة لا تكون إلا وحيًا، فمن كذب في الرؤيا فكأنه يدَّعي أن الله أراه ما لم يره، وأعطاه جزءًا من النبوة ولم يُعطه، والكذب على الله أعظم افتراء من الكذب على غيره. وقوله: "أو يقول ما لم يقل"؛ أي ما لم يقله الرسول. وفي الحديث تشديد على الكذب في هذه الأمور الثلاثة". يُنظر: عمدة القاري؛ لبدر الدين العيني (16-80) بتصرُّفٍ.
10- قال المُناويُّ: " قوله صلى الله عليه وسلم: "أعظَمُ النَّاسِ فِريةً" -بالكسرِ- أي: كَذِبًا، "اثنان" أحدُهما: "شاعِرٌ يهجو" من الهَجْوِ "القبيلةَ" المُسلِمةَ "بأسْرِها" أي كُلَّها؛ لإنسانٍ واحدٍ منهم كان ما يقتضيه؛ لأنَّ القبيلةَ لا تخلو من عبدٍ صالحٍ، فهاجي الكُلِّ قد تورَّط في الكَذِبِ على التَّحقيقِ؛ فلذلك قال: أعظَمُ فِريةً". فيض القدير: 2-7. وقال السندي: "قوله صلى الله عليه وسلم: "وزنَّى" بتشديدِ النُّونِ من التَّزنيةِ، أي: نسَبها إلى الزِّنا؛ لأنَّ كونَه ابنًا للغيرِ لا يكونُ إلَّا كذلك". حاشية السندي على سنن ابن ماجه: 2-411.
11- قال النَّوويُّ: "يُقالُ: بَهَتَه، بفتحِ الهاءِ مخَفَّفةً، قلتَ فيه البُهتانَ، وهو الباطِلُ، والغِيبةُ ذِكرُ الإنسانِ في غَيبتِه بما يَكرَهُ، وأصلُ البَهتِ أن يُقالَ له الباطِلُ في وَجهِه، وهما حرامانِ". شرح النووي على مسلم: 16-142.
12- قال البَغَويُّ: "معنى الحديثِ: لا تَبْهَتوا النَّاسَ افتِراءً واختلاقًا بما لم تَعلَموه منهم، فتَجْنوا عليهم من قِبَلِ أيديكم وأرجُلِكم -أي: قِبَلِ أنفُسِكم- جنايةً تَفضَحونهم بها، وهم بُرآءُ، واليَدُ والرِّجلُ كنايةٌ عن الذَّاتِ". شرح السنة: 1-62.
13- قال ابنُ الجَوزيِّ: "المرادُ بالبُهتانِ هاهنا أربعةُ أقوالٍ: أحَدُها: أنَّه الزِّنا، وافتِراءُ المرأةِ بَيْنَ يدَيها ورِجلَيها، وهو وَلَدُ الزِّنا؛ لأنَّه يقَعُ عِندَ الوَضعِ بَيْنَ يديها ورجليها، فإذا ألحقَتْه بزَوجِها فذلك البُهتانُ المفترى. وقولُه للرِّجالِ: "ولا تأتوا ببُهتانٍ تفترونَه". يحتَمِلُ شيئينِ: أحَدُهما: أن يكونَ بايعَ الرِّجالَ والنِّساءَ، فاجتَمَع الكُلُّ في النَّهيِ عن الزِّنا، وانفَرَد النِّساءُ بصيغةِ الافتِراءِ بَيْنَ أيديهنَّ وأرجُلِهنَّ. والثَّاني: أن يكونَ قرَأَ عليهم الآيةَ، ولم يُسقِطْ ما يتعَلَّقُ بالنِّساءِ منها. والقَولُ الثَّاني: أنَّ المرادَ بالبُهتانِ هاهنا قَذفُ المحصَناتِ والمُحصَنين، ويدخُلُ في ذلك الكَذِبُ على النَّاسِ والاغتيابُ لهم، وإنَّما ذُكِرَت الأيدي والأرجُلُ؛ لأنَّ مُعظَمَ أفعالِ النَّاسِ إنَّما تُضافُ منهم إلى الأيدي والأرجُلِ؛ إذ كانت هي العوامِلَ والحوامِلَ، يقولون: لفُلانٍ عندي يدٌ. والكنايةُ باليَدِ عن الذَّاتِ، قاله أبو سُلَيمانَ الخطَّابيُّ. والقولُ الثَّالثُ: البُهتانُ هاهنا المشيُ بالنَّميمةِ، والسَّعيُ بالفسادِ. والرَّابعُ: أنَّهما السِّحرُ". كشف المشكل من حديث الصحيحين: 2-79. ويُنظر: أعلام الحديث؛ للخطابي: 1- 152، فتح الباري؛ لابن حجر: 1-65.
14- قال أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ عاصمٍ الأنطاكيُّ: "أشَرُّ مَكِنةِ الرَّجُلِ البَذاءُ -وهو الوقيعةُ منه، وهي الغِيبةُ- وذلك أنَّه لا ينالُ بذلك منفعةً في الدُّنيا ولا في الآخرةِ، بل يُبغِضُه عليه المتَّقون ويَهجُرُه الغافِلون، وتجتَنِبُه الملائكةُ، وتَفرَحُ به الشَّياطينُ... والغِيبةُ والنَّميمةُ قرينتانِ، ومخرَجُهما من طريقِ البَغيِ، والنَّمَّامُ قاتِلٌ، والمغتابُ آكِلُ الميتةِ، والباغي مُستكبِرٌ، ثلاثتُهم واحِدٌ، وواحِدُهم ثلاثةٌ، فإذا عوَّد نفسَه ذلك رفَعَه إلى دَرَجةِ البُهتانِ، فيَصيرُ مُغتابًا مباهِتًا كذَّابًا، فإذا ثَبَت فيه الكَذِبُ والبُهتانُ صار مجانِبًا للإيمانِ". حلية الأولياء؛ لأبي نعيم: 9-291.
15- قال محمَّدٌ الغَزاليُّ: "الافتِراءُ على الأبرياءِ جريمةٌ، يدفَعُ إليها الكُرهُ الشَّديدُ، ولمَّا كان أثَرُها شديدًا في تشويهِ الحقائِقِ وجَرحِ المستورينَ، عدَّها الإسلامُ من أقبَحِ الزُّورِ... ولا شَكَّ أن تَلمُّسَ العُيوبِ للنَّاسِ وإلصاقَها بهم عن تعمُّدِ يدُلُّ على خُبثٍ ودناءةٍ، وقد رتَّب الإسلامُ عُقوباتٍ عاجلةً لبعضِ جرائِمِ الافتِراءِ، وما يبيتُ في الآخِرةِ لصنوفِ الافتِراءِ كُلِّها أشَدُّ وأنكى". خلق المسلم: ص: 90.
16- قال ابنُ تَيميَّةَ: "الشِّركُ وسائِرُ البِدَعِ مبناها على الكَذِبِ والافتِراءِ؛ ولهذا: كُلُّ من كان عن التَّوحيدِ والسُّنَّةِ أبعَدَ، كان إلى الشِّركِ والابتداعِ والافتِراءِ أقرَبَ، كالرَّافضةِ الذين هم أكذَبُ طوائفِ أهلِ الأهواءِ، وأعظَمُهم شِركًا، فلا يوجَدُ في أهلِ الأهواءِ أكذَبُ منهم، ولا أبعَدُ عن التَّوحيدِ منهم، حتَّى إنَّهم يُخَرِّبون مساجِدَ اللهِ التي يُذكَرُ فيها اسمُه، فيُعَطِّلونها عن الجماعاتِ والجُمُعاتِ، ويَعمُرون المشاهِدَ التي على القبورِ، التي نهى اللهُ ورَسولُه عن اتِّخاذِها". اقتضاء الصراط المستقيم: 2/281، 282.
17- قال السَّعدي عند قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) "فكُلُّ مُفترٍ على اللهِ، كاذِبٍ على شَرعِه، متقَوِّلٍ عليه ما لم يَقُلْ؛ فإنَّ له نصيبًا من الغَضَبِ من اللهِ، والذُّلِّ في الحياةِ الدُّنيا". تفسير السعدي
18- قال ابنُ عساكِرَ: "اعلَمْ -يا أخي- وفَّقَنا اللهُ وإيَّاك لِمَرْضاتِه، وجعَلَنا ممَّن يخشاه ويتَّقِيه حَقَّ تُقاتِه، أنَّ لُحومَ العُلَماءِ -رحمةُ اللهِ عليهم- مسمومةٌ، وعادةَ اللهِ في هَتْكِ أستارِ مُنتَقِصِيهم معلومةٌ؛ لأنَّ الوقيعةَ فيهم بما هم منه بَراءٌ أَمْرُه عظيمٌ، والتناوُلَ لأعراضِهم بالزُّورِ والافتراءِ مَرْتَعٌ وَخِيمٌ، والاختِلاقَ على من اختاره اللهُ منهم لِنَعْشِ العِلمِ خُلُقٌ ذَميمٌ". تبيين كذب المفتري: ص: 29.
19- قال ابنُ بطَّةَ: "إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قد أعلَمَنا اختلافَ الأمَمِ الماضين قَبْلَنا، وأنَّهم تفرَّقوا واختَلفوا، فتفَرَّقت بهم الطُّرُقُ، حتَّى صار بهم الاختلافُ إلى الافتِراءِ على اللهِ عزَّ وجَلَّ، والكَذِبِ عليه والتَّحريفِ لكتابِه، والتَّعطيلِ لأحكامِه، والتَّعدِّي لحدودِه... قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة: 213]". الإبانة الكبرى: 1/270، 271.
20- قال ابنُ بطَّةَ: "أعلَمَنا تعالى أنَّ السَّبَبَ الذي أخرَجَهم إلى الفُرْقةِ بعدَ الأُلفةِ، والاختِلافِ بعدَ الائتلافِ، هو شِدَّةُ الحَسَدِ من بعضِهم لبعضٍ، وبغيُ بعضِهم على بعضٍ، فأخرجهم ذلك إلى الجُحودِ بالحَقِّ بعدَ مَعرفتِه، وردِّهم البيانَ الواضِحَ بعدَ صحَّتِه... قال تعالى: وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ [الشورى: 14]". الإبانة الكبرى: 1/270، 271.
21- قال أبو طالِبٍ المكِّيُّ: "الكلامُ مفتاحُ كبائِرِ اللِّسانِ، فيه الكَذِبُ، والغِيبةُ والنَّميمةُ، والبُهتانُ، وفيه شهادةُ الزُّورِ، وفيه قَذفُ المُحصَنِ، والافتِراءُ على اللهِ تعالى". قوت القلوب: 1-175.
22- خَطَب عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رحمه اللهُ- يومًا، فقال في موعظتِه: "إنِّي لأقولُ هذه المقالةَ وما أعلَمُ عِندَ أحَدٍ من الذُّنوبِ أكثَرَ ممَّا أعلَمُ عندي، فأستغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليه. وكتَب إلى بعضِ نُوَّابِه على بعضِ الأمصارِ كتابًا يَعِظُه فيه، وقال في آخِرِه: وإنِّي لأعِظُك بهذا، وإنِّي لكثيرُ الإسرافِ على نفسي، غيرُ مُحكِمٍ لكثيرٍ من أمري، ولو أنَّ المرءَ لا يَعِظُ أخاه حتَّى يُحكِمَ نفسَه إذًا لتواكَلَ الخيرُ، وإذًا لرُفِع الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المُنكَرِ، وإذًا لاستُحِلَّت المحارِمُ وقَلَّ الواعِظون والسَّاعون للهِ بالنَّصيحةِ في الأرضِ. والشَّيطانُ وأعوانُه يودُّون ألَّا يأمُرَ أحَدٌ بمعروفٍ ولا ينهى عن مُنكَرٍ، وإذا أمرَهم أحدٌ أو نهاهم عابوه بما فيه وبما ليس فيه". يُنظر: لطائف المعارف؛ لابن رجب: ص: 19، 20.
23- قال السَّمَرقَنديُّ: "ليس شيءٌ من الذُّنوبِ أعظَمَ من البُهتانِ، فإنَّ سائِرَ الذُّنوبِ يحتاجُ إلى توبةٍ واحدةٍ، وفي البُهتانِ يحتاجُ إلى التَّوبةِ في ثلاثةِ مواضِعَ. وقد قَرَن اللهُ تعالى البُهتانَ بالكُفرِ، فقال تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج: 30]".