استغاثة

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

تعريف الاستغاثة حسب مفهومها اللغوي والشرعي : فالاستغاثة مصدر استغاث والاسم الغوث, والغوثاء, والغواث .

يقال : أجاب الله دعاءه وغُواثه , وغَواثه , ولا يوجد في اللغة فعال بالفتح في الأصوات إلا غواث والباقي بالضم أو الكسر ويقول الواقع في بلية : أغثني أي فرج عني . فالاغاثة هي الاستجابة إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال .

وبهذا نعرف أن الاستغاثة بشيء لا يقدر عليه إلا الله هو إشراك بالله وبقدرته في ذلك كأن يقول القائل: يا محمد أهدي الوهابية فهذا لا يجوز لأن الهداية لا يملكها إلا الله وقائلها مشرك لأنه أشرك بالله في دعاء لا يجوز .

 

ثانياً: اعتقاده القدرة في شيء من خصائص الله ولهذا حكم على المستغيث بشيء لا يقدر عليه إلا الله شرك لأنه أشراك في قدرة الله وحده . ولفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به لا بمعنى التوسل، وقد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن الاستغاثة لا تجوز بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقول القائل أستغيث به بمعنى توسلت بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقةً ولا مجازاً ولم يقل أحد مثل هذا، ولا معناه لا مسلم ولا كافر. كما أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به .

كما أن من سأل الشيء، أو توسل به، لا يكون مخاطباً له ولا مستغيثاً به، لأن قول السائل، أتوسل إليك يا إلهي بفلان: إنما هو خطاب لله، لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسئول منه الغوث فيما سأل من الله فحصلت المشاركة في سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله، وكل دعاء شرعي لابد أن يكون الله هو المدعو فيه. كما أن لفظ التوسل والتوجه ومعناهما يراد به أن يتوسل إلى الله ويتوجه إليه بدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم عند خالقهم في حال دعائهم إياه، فهذا هو الذي جاء في بعض ألفاظ السلف من الصحابة رضوان الله عليهم ..

وهذا هو الذي عناه الفقهاء في كتاب الاستسقاء في قولهم ويستحب أن يستسقى بالصالحين. وبهذا نفهم أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به . ثانياً : لو فرضنا حلية الاستغاثة بالرسول ، وهذا أمر مستبعد بالكلية .

فإنه لا يجوز الاستغاثة به في إصلاح أحد . لأنه لا يستطيع ولا يملكه فهذا الأمر نفاه الله عن رسوله في حيال حياته فكيف به وقد مات أو ماهم من دونه من أشياخ الطرق والأولياء ؟! فقد قال الحق في حق نبيه : (إنك لا تهدي من أحببت ولاكن الله يهدي من يشاء)

ولقد أمرنا الله أن نعتقد أن النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقد قال الحق : (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا) (قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله) وبهذا يفهم أنه لا يجوز الاستغاثة بغير الله فيما يقدر عليه الله وأيضاً لا يجوز التلبيس بن الاستغاثة والتوسل ليوهم بها الجهال . قال شيخ الإسلام في تعريف الاستغاثة : هي طلب الغَوْث ؛ وهو إزالة الشدة ؛ كالاستنصار : طلب النصر ، والاستعانة : طلب العون [مجموع الفتاوى (1/103) ] .

العناصر

1- معنى الاستغاثة .

 

 

2- الفرق بين الاستغاثة والدعاء .

 

 

3- الاستغاثة منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع .

 

 

4- من صور الاستغاثة الغير مشروعة، الاستغاثة بالأموات ودعائهم، أو الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وادعاء أنه يعلم الغيب .

 

 

5- الاستغاثة بالله والدعاء من أهم وأعظم أسباب النجاة .

 

 

6- الاستغاثة بالأنبياء في الآخرة لا تعني جواز الاستغاثة بهم في الدنيا .

 

 

7- الاستغاثة بالمخلوقين على دربين .

 

 

8- التنبيه على ما في البردة من الأخطاء المتعلقة بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم .

 

 

9- التنبيه على بعض الأحاديث التي يحتج بها الشيعة في جواز الاستغاثة .

 

الايات

1- قول الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 9- 10] .

 

 

2- قوله تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) [القصص: 15] .

 

 

3- قوله تعالى: (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) [ يونس: 84- 86] .

 

الاحاديث

1- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: أتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بواكي ، فقال:" اللّهمّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضارّ عاجلا غير آجل". قال: فأطبقت عليهم السّماء. [رواه أبو داود (1169)، وذكره الألباني في الصحيحه برقم (1036) وقال: صحيح (2/ 216) ] .

 

 

2- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: إنّ رجلا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائم يخطب فاستقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائما ثمّ قال: يا رسول اللّه، هلكت الأموال، وانقطعت السّبل، فادع اللّه يغثنا. قال: فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يديه ثمّ قال: " اللّهمّ أغثنا. اللّهمّ أغثنا.اللّهمّ أغثنا ". قال أنس: ولا واللّه ما نرى في السّماء من سحاب ولا قزعة ، وما بيننا وبين سلع  من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل التّرس  فلمّا توسّطت السّماء انتشرت ثمّ أمطرت قال: فلا واللّه ما رأينا الشّمس سبتا قال: ثمّ دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال: يا رسول اللّه، هلكت الأموال، وانقطعت السّبل، فادع اللّه يمسكها عنّا. قال: فرفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يديه ثمّ قال: " اللّهمّ حولنا ولا علينا، اللّهمّ على الآكام والظّراب  وبطون الأودية ومنابت الشّجر". فانقلعت، وخرجنا نمشي في الشّمس.[رواه مسلم (897) ] .

 

 

3- عن عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- قال: لمّا كان يوم بدر نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا.فاستقبل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم القبلة ثمّ مدّ يديه فجعل يهتف بربّه " اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللّهمّ آت ما وعدتني، اللّهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربّه مادّا يديه مستقبل القبلة، حتّى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثمّ التزمه من ورائه، وقال يا نبيّ اللّه:كذاك مناشدتك ربّك، فإنّه سينجز لك ما وعدك، فأنزل اللّه- عزّ وجلّ-: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال/ 9] فأمدّه اللّه بالملائكة ... الحديث. [رواه مسلم (1763) ] .

 

الاثار

 

1- كان موسى- عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام- يقول: " اللّهمّ لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث وعليك التّكلان، ولا حول ولا قوّة إلّا بك"[ مجموع الفتاوى (1/ 112) ] .

 

 

2- قال أبو يزيد (البسطاميّ)- رحمه اللّه تعالى-: " استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق" [مجموع الفتاوى (1/ 106) ] .

 

الاشعار

1- رحم الله الشيخ حافظ بن حكمي حيث قال:

هَذَا وَثَانِي نَوْعَيِ التَّوْحِيدِ *** إِفْرَادُ رَبِّ الْعَرْشِ عَنْ نَدِيدِ

أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ إِلَهًا وَاحِدَا *** مُعْتَرِفًا بِحَقِّهِ لَا جَاحِدَا

وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْإِلَهُ أَرْسَلَا *** رُسْلَهُ يَدْعُونَ إِلَيْهِ أَوَّلَا

وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالتِّبْيَانَا *** مِنْ أَجْلِهِ وَفَرَقَ الْفُرْقَانَا

وَكَلَّفَ اللَّهُ الرَّسُولَ الْمُجْتَبَى *** قِتَالَ مَنْ عَنْهُ تَوَلَّى وَأَبَى

حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ خَالِصًا لَهُ *** سِرًّا وَجَهْرًا دِقُّهُ وَجِلُّهُ

وَهَكَذَا أُمَّتُهُ قَدْ كُلِّفُوا *** بِذَا وَفِي نَصِ الْكِتَابِ وُصِفُوا

وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَهْ *** فَهِيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَهْ

مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا *** وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا

فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنًا *** يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا

فَإِنَّ مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ *** دَلَّتْ يَقِينًا وَهَدَتْ إِلَيْهِ

أَنْ لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلَهٌ يُعْبَدُ *** إِلَا الْإِلَهُ الْوَاحِدُ الْمُنْفَرِدُ

بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَبِالتَّدْبِيرِ *** جَلَّ عَنِ الشَّرِيكِ وَالنَّظِيرِ

وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّدَتْ *** وَفِي نُصُوصِ الْوَحْيِ حَقًّا وَرَدَتْ

فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ قَائِلُهَا *** بِالنُّطْقِ إِلَّا حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا

الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ وَالْقَبُولُ *** وَالِانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أَقُولُ

وَالصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْمَحَبَّهْ *** وَفَّقَكَ اللَّهُ لِمَا أَحَبَّهْ

ثُمَّ الْعِبَادَةُ هِيَ اسْمٌ جَامِعُ *** لِكُلِ مَا يَرْضَى الْإِلَهُ السَّامِعُ

وَفِي الْحَدِيثِ مُخُّهَا الدُّعَاءُ *** خَوْفٌ تَوَكُّلٌ كَذَا الرَّجَاءُ

وَرَغْبَةٌ وَرَهْبَةٌ خُشُوعُ *** وَخَشْيَةٌ إِنَابَةٌ خُضُوعُ

وَالِاسْتِعَاذَةُ وَالَاسْتِعَانَهْ *** كَذَا اسْتِغَاثَةٌ بِهِ سُبْحَانَهْ وَ

الذَّبْحُ وَالنَّذْرُ وَغَيْرُ ذَلِكْ *** فَافْهَمْ هُدِيتَ أَوْضَحَ الْمَسَالِكْ

وَصَرْفُ بَعْضِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ *** شِرْكٌ وَذَاكَ أَقْبَحُ الْمَنَاهِي

[مختصر معارج القبول (1/124ن 125) ] .

متفرقات

1- قال الطّبريّ في قوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ ُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9] أي تستجيرون به من عدوّكم، وتدعونه للنّصر عليهم (فاستجاب لكم) أي: أجاب دعاءكم ب (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) يردف بعضهم بعضا، ويتلو بعضهم بعضا) [ تفسير الطبري (مجلد 6/ ج 9/ 126- 127)].

 

2- قال القرطبيّ في قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ... فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ* فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ.. الآيات) [القمر: 9-15]. أي: دعا عليهم حينئذ نوح وقال: ربّ أَنِّي مَغْلُوبٌ أي غلبوني بتمرّدهم فَانْتَصِرْ أي فانتصر لي. (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ) أي فأجبنا دعاءه، وأمرنا باتّخاذ السّفينة وفتحنا أبواب السّماء (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) أي كثير.. [ تفسير القرطبي (ج 17/131)].

 

3- قال ابن تيميّة- رحمه اللّه تعالى-: "قال العلماء المصنّفون في أسماء اللّه تعالى: يجب على كلّ مكلّف أن يعلم أن لا غيّاث ولا مغيث على الإطلاق إلّا اللّه، وأنّ كلّ غوث فمن عنده" [مجموع الفتاوى (1/110-111)].

 

4- قال بعض أهل العلم: الفرق بين الاستغاثة والدّعاء. أنّ الاستغاثة لا تكون إلّا من المكروب وأمّا الدّعاء فإنّه أعمّ من ذلك؛ إذ إنّه يكون من المكروب وغيره. فبينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان في دعاء المكروب، وينفرد الدّعاء عنها في غير ذلك، فكلّ استغاثة دعاء، وليس كلّ دعاء استغاثة [فتح المجيد (165- 166) بتصرف شديد وانظر نضرة النعيم (2/241)].

 

5- قال ابن تيميّة رحمه اللّه تعالى- في بيان معنى الاستغاثة المشروعة وغير المشروعة: "من توسّل إلى اللّه تعالى بنبيّه في تفريج كربة فقد استغاث به، سواء كان ذلك بلفظ الاستغاثة أو التّوسّل أو غيرهما ممّا هو في معناهما، وقول القائل: أتوسّل إليك يا إلهي برسولك أو أستغيث برسولك عندك أن تغفر لي: استغاثة حقيقيّة بالرّسول في لغة العرب وجميع الأمم، والتّوسّل بالرّسول استغاثة به، وهذا لا يجوز إلّا في حياته وحضوره لا في موته ومغيبه، وذلك كلّه فيما يقدر عليه من الأمور كما قال تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) [الأنفال: 72] وكقوله تعالى: (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) [القصص: 15]. أمّا فيما لا يقدر عليه إلّا اللّه فلا يطلب إلّا منه سبحانه وتعالى. ولهذا كان المسلمون لا يستغيثون بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا يستسقون به ولا يتوسّلون به بعد موته كما في صحيح البخاريّ: "أنّ عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- استسقى بالعبّاس وقال: اللّهمّ إنّا كنّا إذا أجدبنا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا فيسقون". وأمّا التّوسّل بغير النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سواء سمّي استغاثة أو لم يسمّ، لا نعلم أحدا من السّلف فعله، ولا روي فيه أثر؛ بل لا نعلم فيه إلّا المنع" [مجموع الفتاوى (1/ 101- 105) بتصرف شديد وانظر نضرة النعيم (2/241)].

 

6- وقال رحمه اللّه: "والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة كما أنّ الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة" [مجموع الفتاوى (1/ 111)]. 7- قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-: "ومن أنواع الشّرك: طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتّوجّه إليهم، وهذا أصل شرك العالم؛ فإنّ الميّت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا، فضلا عمّن استغاث به أو سأله أن يشفع له إلى اللّه" [فتح المجيد (168)].

الإحالات

1- إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد المؤلف : صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان الناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة : الطبعة الثالثة، 1423هـ 2002م (1/201) .

2- مختصر معارج القبول المؤلف : أبو عاصم هشام بن عبد القادر بن محمد آل عقدة الناشر : مكتبة الكوثر – الرياض الطبعة : الخامسة ، 1418 هـ .

3- قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية - دراسة وتحقيق: ربيع بن هادي عمير المدخلي .

4- مجموع الفتاوى المؤلف : أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني المحقق : أنور الباز - عامر الجزار الناشر : دار الوفاء الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م (1/101- 112 ، 11/2 - 13) .

5- بدائع الفوائد المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله الناشر : مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة الطبعة الأولى ، 1416 – 1996 تحقيق : هشام عبد العزيز عطا - عادل عبد الحميد العدوي - أشرف أحمد (2/410) .

6- توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم المؤلف : أحمد بن إبراهيم بن عيسى الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة الثالثة ، 1406 تحقيق : زهير الشاويش (2/174) .

7- مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين المؤلف : محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ) جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان الناشر : دار الوطن - دار الثريا الطبعة : الأخيرة - 1413 هـ (7/96- 99) .

8- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عدد الأجزاء: 95 جزءا (28/68) .

9- شرح سنن أبي داود المؤلف: عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net