استعاذة
2024-05-25 - 1445/11/17التعريف
الاستعاذة: مصدر استعاذ، وهي قول القائل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأعوذ فعل مضارع يصلح للحال والاستقبال، وهو مشتق من العوذ؛ وهو الالتجاء إلى الشيء، ثم يحمل عليه كل شئ لصق بشئ أو لازمه. (انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس: (٤/١٨٣). وعلى هذا فإن العوذ له معنيان:
أحدهما: الالتجاء إلى الشيء، والانحياز له، والاستجارة به.
يقال: عذت بالشيء أعوذ عوذًا وعياذًا إذا لجأت إليه، وهو عياذي: أي ملجئي. (انظر: جمهرة اللغة، ابن دريد: (١/٨٣٣)، الصحاح، الجوهري: (١/٤٧٣)، تهذيب الأسماء واللغات، النووي (ص٣٢٩).
قال ابن منظور: “عاذ به يعوذ عوذًا وعياذًا ومعاذًا: لاذ به ولجأ إليه واعتصم”. (لسان العرب: (٩ /٤٦٤)
والثاني: الالتصاق، يقال: أطيب اللحم عوذه، وهو ما التصق منه بالعظم. (انظر: لسان العرب: (٩ /٤٦٥)
فعلى الوجه الأول: معنى قوله: أعوذ بالله: أي ألتجئ إلى رحمة الله وعصمته، ومنه: العوذة، وهو ما يعاذ به من الشر، وقيل للرقية والتميمة- وهو ما يعلق على الصبي-: عوذة وعوذة. (انظر: لسان العرب: (٩/٤٦٥)، الدر المصون، السمين الحلبي: (١/٧) وعلى الوجه الثاني: معناه: التصق نفسي بفضل الله ورحمته. (انظر: مفاتيح الغيب، الرازي: (١/٦٤)، بدائع الفوائد، ابن القيم: (٢/١٧١).
قال ابن القيم: “والقولان حق، والاستعاذة تنتظمهما معًا”. (بدائع الفوائد: (٢/١٧١)
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
لا يختلف معنى الاستعاذة الاصطلاحي كثيرًا عن المعنى اللغوي.
عرفها ابن كثير بقوله: “هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل شر، والعياذة تكون لدفع الشر، و اللياذة تكون لطلب الخير”. تفسير القرآن العظيم: (١/١٦).
العناصر
1- مفهوم الاستعاذة
2- منزلة الاستعاذة وآثارها
3- أنواع الاستعاذة
4- المستعاذ منه
5- مواطن الاستعاذة
6- ثمرات الاستعاذة وآثارها
الايات
1- قال الله تعالى: (قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)[الْبَقَرَةِ:67].
2- قال تعالى: (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آلِ عِمْرَانَ: 36].
3- قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[الْأَعْرَافِ: 200].
4- قال تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التَّوْبَةِ:118].
5- قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[هُودٍ: 47].
6- قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[يُوسُفَ: 23].
7- قال تعالى: (فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ) [يوسف 78-79].
8- قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[النحل: 98].
9- قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)[مريم: 16-19].
10- قال تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)[المؤمنون: 97].
11- قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) [ص: 41- 42].
12- قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)[غَافِرٍ: 27].
13- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[غَافِرٍ: 56].
14- قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[فصلت: 36].
15- قال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) [الدخان: 17-20].
16- قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم: 11].
17- قال تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)[الجن: 6].
18- قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)[الْفَلَقِ: 1-5].
19- قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ)[الناس:1-6].
الاحاديث
1- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: أنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ، لَمّا أُدْخِلَتْ على رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ودَنا منها، قالَتْ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقالَ لَها: "لقَدْ عُذْتِ بعَظِيمٍ، الحَقِي بأَهْلِكِ". رواه البخاري: (٥٢٥٤).
2- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النّارِ وعَذابِ النّارِ، وفِتْنَةِ القَبْرِ وعَذابِ القَبْرِ، وشَرِّ فِتْنَةِ الغِنى وشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بماءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ، ونَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وباعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطايايَ كما باعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، والمَأْثَمِ والمَغْرَمِ". أخرجه البخاري: (٦٣٧٧) ومسلم: (٥٨٩).
3- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: لَمّا نَزَلَ على رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ هو القادِرُ على أنْ يَبْعَثَ علَيْكُم عَذابًا مِن فَوْقِكُمْ) [الأنعام: ٦٥]، قالَ: أعُوذُ بوَجْهِكَ، (أَوْ مِن تَحْتِ أرْجُلِكُمْ) [الأنعام: ٦٥] قالَ: أعُوذُ بوَجْهِكَ، فَلَمّا نَزَلَتْ: (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ويُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) [الأنعام: ٦٥] قالَ: هاتانِ أهْوَنُ، - أوْ أيْسَرُ -. رواه البخاري: (٧٣١٣).
4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ". أخرجه البخاري (٦٣٦٩)، ومسلم (٢٧٠٦).
5- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا أوى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ)، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما على رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ. رواه البخاري: (٥٠١٧).
6- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا دَخَلَ الخَلاءَ قالَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبائِثِ". أخرجه البخاري: (١٤٢)، ومسلم: (٣٧٥).
7- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو ويقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، ومِنْ عَذابِ النّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ". أخرجه البخاري: (١٣٧٧) واللفظ له، ومسلم: (٥٨٨).
8- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَعَوَّذُ يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، وأَعُوذُ بكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بكَ مِنَ الهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِنَ البُخْلِ". أخرجه البخاري: (٦٣٧١)، ومسلم: (٢٧٠٦).
9- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، ويقولُ: "إنَّ أَباكُما كانَ يُعَوِّذُ بها إسْماعِيلَ وإسْحاقَ: أَعُوذُ بكَلِماتِ اللَّهِ التّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ". أخرجه البخاري: (٣٣٧١).
10- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُنا هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، كما تُعَلَّمُ الكِتابَةُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ البُخْلِ، وأَعُوذُ بكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بكَ مِن أنْ نُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيا، وعَذابِ القَبْرِ". رواه البخاري: (٦٣٩٠).
11- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يَدْعُو في الصَّلاةِ ويقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ"، فَقالَ له قائِلٌ: ما أكْثَرَ ما تَسْتَعِيذُ يا رَسولَ اللَّهِ مِنَ المَغْرَمِ؟ قالَ: "إنَّ الرَّجُلَ إذا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، ووَعَدَ فأخْلَفَ". رواه البخاري (٢٣٩٧).
12- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كانَ الرَّجُلُ في حَياةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذا رَأى رُؤْيا قَصَّها على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَتَمَنَّيْتُ أنْ أرى رُؤْيا أقُصُّها على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وكُنْتُ غُلامًا شابًّا أعْزَبَ، وكُنْتُ أنامُ في المَسْجِدِ على عَهْدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَرَأَيْتُ في المَنامِ كَأنَّ مَلَكَيْنِ أخَذانِي فَذَهَبا بي إلى النّارِ، فَإِذا هي مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وإذا لَها قَرْنانِ كَقَرْنَيِ البِئْرِ، وإذا فِيها ناسٌ قدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أقُولُ أعُوذُ باللَّهِ مِنَ النّارِ، أعُوذُ باللَّهِ مِنَ النّارِ، فَلَقِيَهُما مَلَكٌ آخَرُ، فَقالَ لِي: لَنْ تُراعَ فَقَصَصْتُها على حَفْصَةَ، فَقَصَّتْها حَفْصَةُ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللَّهِ لو كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ" قالَ سالِمٌ: فَكانَ عبدُ اللَّهِ لا يَنامُ مِنَ اللَّيْلِ إلّا قَلِيلًا. رواه البخاري: (٣٧٣٨).
13- عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ونَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وأَحَدُهُما يَسُبُّ صاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وجْهُهُ، فَقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لو قالَها لَذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ" فَقالوا لِلرَّجُلِ: ألا تَسْمَعُ ما يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قالَ: إنِّي لَسْتُ بمَجْنُونٍ. رواه البخاري: (٦١١٥).
14- عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قالَ حِينَ يُمْسِي فَماتَ دَخَلَ الجَنَّةَ - أوْ: كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ - وإذا قالَ حِينَ يُصْبِحُ فَماتَ مِن يَومِهِ مِثْلَهُ". رواه البخاري: (٦٣٢٣).
15- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: تُوُفِّيَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وكانَتْ إحْدانا تُعَوِّذُهُ بدُعاءٍ إذا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّماءِ، وقالَ: في الرَّفِيقِ الأعْلى، في الرَّفِيقِ الأعْلى. رواه البخاري: (٤٤٥١).
16- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّهُ كانَ يَضْرِبُ غُلامَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: أَعُوذُ باللَّهِ، قالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَقالَ: أَعُوذُ برَسولِ اللهِ، فَتَرَكَهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "واللَّهِ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عليه، قالَ: فأعْتَقَهُ". رواه مسلم: (١٦٥٩).
17- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أَلَمْ تَرَ آياتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟! (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ)". رواه مسلم: (٨١٤).
18- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا دَخَلَ الخَلاءَ قالَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبْثِ والْخَبائِثِ". وفي رواية: وقالَ: "أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الخُبْثِ والْخَبائِثِ". أخرجه البخاري: (١٤٢)، ومسلم: (٣٧٥).
19- عن خولة بنت حكيم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، فإنَّه لا يَضُرُّهُ شيءٌ حتّى يَرْتَحِلَ منه". رواه مسلم: (٢٧٠٨).
20- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، كانَ يقولُ في دُعائِهِ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما عَمِلْتُ، وَشَرِّ ما لَمْ أَعْمَلْ". رواه مسلم (٢٧١٦).
21- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يقولُ: "اللَّهُمَّ لكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بعِزَّتِكَ -لا إلَهَ إلّا أَنْتَ- أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يَمُوتُ، والْجِنُّ والإِنْسُ يَمُوتُونَ". رواه مسلم (٢٧١٧). وأخرجه البخاري (٧٣٨٣) مختصراً.
22- عن عبدالله بن سرجس رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا سافَرَ يَتَعَوَّذُ مِن وَعْثاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ، والْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ، وَدَعْوَةِ المَظْلُومِ، وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأهْلِ والْمالِ. [وفي رواية]: يَبْدَأُ بالأهْلِ إذا رَجَعَ. [وفي رواية]: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثاءِ السَّفَرِ". رواه مسلم: (١٣٤٣).
23- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، ما لَقِيتُ مِن عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البارِحَةَ، قالَ: أَما لو قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ. وفي روايةٍ: قالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ... رواه مسلم: (٢٧٠٩).
24- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: فقَدْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً مِنَ الفِراشِ فالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي على بَطْنِ قَدَمَيْهِ وهو في المَسْجِدِ وهُما مَنْصُوبَتانِ وهو يقولُ: "اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعافاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ أنْتَ كما أثْنَيْتَ على نَفْسِكَ". رواه مسلم: (٤٨٦).
25- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أنَّهُ شَكا إلى رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ضَعْ يَدَكَ على الَّذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ: باسْمِ اللهِ، ثَلاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرّاتٍ: أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحاذِرُ". رواه مسلم: (٢٢٠٢).
26- كانَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ رضي الله عنهما في إبِلِهِ، فَجاءَهُ ابنُهُ عُمَرُ، فَلَمّا رَآهُ سَعْدٌ قالَ: أَعُوذُ باللَّهِ مِن شَرِّ هذا الرّاكِبِ، فَنَزَلَ فَقالَ له: أَنَزَلْتَ في إبِلِكَ وَغَنَمِكَ، وَتَرَكْتَ النّاسَ يَتَنازَعُونَ المُلْكَ بيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ في صَدْرِهِ، فَقالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَنِيَّ، الخَفِيَّ. رواه مسلم: (٢٩٦٥).
27- عن سهيل، قال: كانَ أَبُو صالِحٍ يَأْمُرُنا إذا أَرادَ أَحَدُنا أَنْ يَنامَ، أَنْ يَضْطَجِعَ على شِقِّهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ يقولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَواتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنا وَرَبَّ كُلِّ شَيءٍ، فالِقَ الحَبِّ والنَّوى، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ والْفُرْقانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بناصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الباطِنُ فليسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقْضِ عَنّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنا مِنَ الفَقْرِ. وَكانَ يَرْوِي ذلكَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. يروى عن أبي هريرة. رواه مسلم: (٢٧١٣).
28- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يُعَلِّمُهُمْ هذا الدُّعاءَ كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يقولُ قُولوا: "اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والْمَماتِ". رواه مسلم: (٥٩٠).
29- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كان يتعوَّذُ بهنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ "اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من البخلِ، وأعوذُ بك من الجبنِ، وأعوذُ بك من أن أُرَدَّ إلى أرذلِ العمرِ، وأعوذُ بك من فتنةِ الدنيا وعذابِ القبرِ". رواه النسائي: (٥٤٩٤)، وصححه الألباني.
30- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَها، وَخَيْرَ ما فِيها، وَخَيْرَ ما أُرْسِلَتْ به، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّها، وَشَرِّ ما فِيها، وَشَرِّ ما أُرْسِلَتْ به، قالَتْ: وإذا تَخَيَّلَتِ السَّماءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عنْه، فَعَرَفْتُ ذلكَ في وَجْهِهِ، قالَتْ عائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: لَعَلَّهُ، يا عائِشَةُ كما قالَ قَوْمُ عادٍ: (فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا)[الأحقاف:٢٤]. رواه مسلم: (٨٩٩).
31- عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قال:كنتُ معَ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في طريقِ مَكَّةَ فأصبتُ خلوةً من رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فدنوتُ منْهُ فقالَ: "قل" فقلتُ: ما أقولُ؟ قالَ: "قل" قلتُ: ما أقولُ؟ قالَ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ..." حتّى ختمَها ثمَّ قالَ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ..." حتّى ختمَها ثمَّ قالَ: "وما تعوَّذَ النّاسُ بأفضلَ منْهُما". رواه النسائي (٥٤٤٤)، وقال الألباني: "إسناده صحيح".
32- عن أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ الجوعِ، فإنَّهُ بئسَ الضَّجيعُ، وأعوذُ بِكَ منَ الخيانةِ، فإنَّها بئستِ البِطانةُ". رواه أبو داود: (١٥٤٧)، وحسنه الألباني
33- عن كعب بن عمرو رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- - كان يدعُو "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من التردِّي والهدْمِ والغرقِ والحرقِ، وأعوذُ بك أن يتَخبطَني الشيطانُ عند الموتِ، وأعوذُ بك أن أموتَ في سبيلِك مُدْبرًا، وأعوذُ بك أن أموتَ لديغًا". أخرجه أبو داود (١٥٥٢)، وصححه الألباني.
34- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قالَ: لا أَقُولُ لَكُمْ إلّا كما كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ؛ كانَ يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والْكَسَلِ، والْجُبْنِ والْبُخْلِ، والْهَرَمِ، وَعَذابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْواها، وَزَكِّها أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكّاها، أَنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَها". رواه مسلم: (٢٧٢٢).
35- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن استعاذَ باللهِ فأَعِيذوه، ومَن سأَلَكم بوجهِ اللهِ فأَعَطوه". وفي لفظٍ: "مَن سألَكم باللهِ..".
رواه أبو داود: (٥١٠٨)، وقال الألباني: "حسن صحيح".
36- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كنتُ أقومُ مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ليلةَ التَّمامِ، فكان يقرأُ سورةَ البقرةِ، وآلَ عمرانَ، والنساءَ، فلا يمرُّ بآيةٍ فيها تخويفٌ إلّا دعا اللهَ عزَّ وجلَّ واستعاذَ، ولا يمرُّ بآيةٍ فيها استبشارٌ إلّا دعا اللهَ عزَّ وجلَّ ورغِبَ إليه. أخرجه أحمد: (٢٤٦٥٣)، وابن المبارك في الزهد: (١١٩٦)، وأبو يعلى: (٤٨٤٢) باختلاف يسير، وقال الألباني في أصل صفة الصلاة (٢/٥٠٦): "إسناده جيد".
37- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا اشْتَكى نَفَثَ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ عنْه بيَدِهِ، فَلَمّا اشْتَكى وجَعَهُ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أنْفِثُ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذاتِ الَّتي كانَ يَنْفِثُ، وأَمْسَحُ بيَدِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- عنْه. رواه البخاري: (٤٤٣٩).
38- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وقَرَأَ بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ بهِما جَسَدَهُ. رواه البخاري: (٦٣١٩).
39- عن أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ أبو بَكْرٍ: يا رسولَ اللَّهِ مُرني بشَيءٍ أقولُهُ إذا أصبَحتُ وإذا أمسَيتُ؟ قالَ: قُل: "اللَّهمَّ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ، ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلّا أنتَ، أعوذُ بِكَ من شرِّ نفسي ومن شرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ، قالَ: قلهُ إذا أصبَحتَ، وإذا أمسيتَ، وإذا أخذتَ مَضجعَكَ". أخرجه أبو داود (٥٠٦٧)، والترمذي (٣٣٩٢)، وصححه الألباني.
40- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قالَ: كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا أَمْسى قالَ: "أَمْسَيْنا وَأَمْسى المُلْكُ لِلَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له". قالَ الحَسَنُ: فَحدَّثَني الزُّبَيْدُ أنَّهُ حَفِظَ عن إبْراهِيمَ في هذا: له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هذِه اللَّيْلَةِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَها، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عَذابٍ في النّارِ وَعَذابٍ في القَبْرِ. رواه مسلم: (٢٧٢٣).
41- عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قالَ: خرجنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمَةٍ شديدةٍ نطلبُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيُصليَ لنا، فأدركناه، فقال: "أصليتم؟" فلم أقلْ شيئًا، فقال: "قلْ". فلم أقلْ شيئًا، ثم قال: "قلْ". فلم أقلْ شيئًا، ثم قال: "قلْ": فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: "قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ". رواه أبو داود: (٥٠٨٢)، وحسنه الألباني.
42- عن عبدالرحمن بن خنبش رضي الله عنه قال: جاءَتِ الشياطِينُ إلى رسولِ اللهِ مِنَ الأوْدِيَةِ، وتَحَدَّرَتْ عليهِ مِنَ الجبالِ، وفيهِمْ شَيْطانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ من نارٍ يُرِيدُ أنْ يَحْرِقَ بِها رسولَ اللهِ، قال: فَرُعِبَ، قال جَعْفَرٌ: أَحْسَبُهُ قال: جعلَ يَتَأَخَّرُ. قال: وجاء جبريلُ فقال: يا محمدُ! قُلْ. قال: "ما أَقُولُ؟" قال: قُلْ: أعوذُ بكلماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِرٌ، من شرِّ ما خلقَ وذَرَأَ وبَرَأَ، ومن شرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ، ومن شرِّ ما يَعْرُجُ فيها، ومن شرِّ ما ذَرَأَ في الأرضِ، ومن شرِّ ما يخرجُ مِنْها، ومن شرِّ فِتَنِ الليلِ والنَّهارِ، ومن شرِّ كلِّ طارِقٍ إِلّا طارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يا رَحْمَنُ!"، فَطَفِئَتْ نارُ الشَّيَطانِ، وهَزَمَهُمْ اللهُ عزَّ وجلَّ. أخرجه أبو يعلى في مسنده: (6844)، والطبراني في المعجم الأوسط: (٤٣)، وأبو نعيم في دلائل النبوة: (١٣٨)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٩٩٥): "إسناده حسن".
43- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ إذا غزا أو سافر فأدركه الليلُ قال: "يا أرضُ ربِّي وربُّك اللهُ أعوذُ باللهِ من شرِّكِ وشرِّ ما فيكِ وشرِّ ما خُلِقَ فيكِ وشرِّ ما دَبَّ عليكِ أعوذُ باللهِ من شرِّ كلِّ أسدٍ وأسودٍ وحيةٍ وعقربٍ ومن شرِّ ساكنِ البلدِ ومن شرِّ والدٍ وما ولدَ". أخرجه أبو داود: (٢٦٠٣)، والنسائي في السنن الكبرى: (٧٨٦٢)، وابن خزيمة: (٢٥٧٢) باختلاف يسير، وقال أحمد شاكر في تخريج المسند (٩/١٩): "إسناده صحيح". وقال الإمام القرطبي -رحمه الله-: "خبر صحيح، وقول صادق، فإني منذ سمعته عملت به، فلم يضرني شيء، فتركته ليلة -يعني ناسياً- فلدغتني عقرب".
44- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان مِن دُعاءِ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عافِيَتِكَ، وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ". رواه مسلم: (٢٧٣٩).
45- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قالَ: قال رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ: "ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ"، قالوا: وإيّاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: "وإيّايَ، إلّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلّا بخَيْرٍ". [وفي رواية]: "وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ وقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ". رواه مسلم: (٢٨١٤).
46- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ: "ذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الدِّيَكَةِ فاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ؛ فإنَّها رَأَتْ مَلَكًا، وإذا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمارِ فَتَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ؛ فإنَّه رَأى شيطانًا". أخرجه البخاري: (٣٣٠٣)، ومسلم: (٢٧٢٩).
47- عثمان بن أبي العاص الثقفي وامرأة من قريش قال أحدهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ ! اغفرْ لي ذنُوبي؛ خَطَئِي وعَمْدِي". وقال الآخرُ: إنِّي سمعْتُهُ يقولُ: "اللهمَّ ! إنِّي أَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وأعوذُ بِكَ من شرِّ نَفسي". أخرجه أحمد: (١٦٣١٣)، وابن حبان: (٩٠١)، وفي موارد الظمآن للهيثمي: (٢٤٢٨) واللفظ له، والطبراني (٩/٥٣) (٨٣٦٩)، وصححه الألباني في صحيح الموارد: (٢٠٥٩).
48- شكل بن حميد العبسي رضي الله عنه قال: كانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "اللهمَّ إنَّي أعوذُ بك من شرِّ سمْعي، ومن شرِّ بصري، ومن شرِّ لساني، ومن شرِّ قلْبي، ومن شرِّ منيَّتي". أخرجه أبو داود (١٥٥١)، والترمذي (٣٤٩٢)، والنسائي (٥٤٤٤)، وأحمد (١٥٥٨٠) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (١٢٩٢).
49- عن قطبة بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من منكراتِ الأَخلاقِ والأعمالِ والأَهْواءِ". رواه الترمذي: (٣٥٩١)، وصححه الألباني.
50- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ: "تعوَّذوا باللهِ من جارِ السُّوءِ في دارِ المقامِ، فإنَّ الجارَ البادي يتحولُ عنك". أخرجه النسائي: (٥٥٠٢)، والبخاري في الأدب المفرد: (١١٧)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (٢٩٦٧).
51- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك، فليستعذ بالله ولْيَنْتَهِ" رواه البخاري: (3276)، ومسلم: (134).
الاثار
1- قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: (ادفع بالتي هي أحسن) قال: "أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم".
2- عَنْ عِكْرِمَةَ، قالَ لي ابنُ عَبّاسٍ ولِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقا إلى أبِي سَعِيدٍ فاسْمعا مِن حَديثِهِ، فانْطَلَقْنا فَإِذا هو في حائِطٍ يُصْلِحُهُ، فأخَذَ رِداءَهُ فاحْتَبى، ثُمَّ أنْشَأَ يُحَدِّثُنا حتّى أتى ذِكْرُ بناءِ المَسْجِدِ، فَقالَ: كُنّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وعَمّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَيَنْفُضُ التُّرابَ عنْه، ويقولُ: ويْحَ عَمّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ الباغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إلى الجَنَّةِ، ويَدْعُونَهُ إلى النّارِ. قالَ: يقولُ عَمّارٌ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ. رواه البخاري: (٤٤٧).
3- عن إبراهيم في قوله: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ) كانوا إذا نزلوا الوادي قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادي من شرّ ما فيه، فتقول الجنّ: ما نملك لكم ولا لأنفسنا ضرّا ولا نفعا. تفسير الطبري عند قوله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ).
4- قال عكرمة: "كان الجن يفرقون - يخافون - من الإنس كما يفرق – يخاف - الإنس منهم أو أشد، وكان الإنس إذا نزلوا واديًا هرب الجن، فيقول سيد القوم: نعوذ بسيد أهل هذا الوادي، فقال الجن: نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم، فدنَوا من الإنس فأصابوهم بالخبل والجنون؛ فذلك قول الله: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) [الجن: 6]"؛ تفسير ابن كثير: (14/ 149-148).
5- عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: " كان من دعاء داود عليه السلام اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب ومن ولد يكون علي ربا ومن مال يكون علي عذاباً ومن خليل ماكرٍ عيناه ترياني وقلبه يرعاني إذا رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها". رواه ابن أبي شيبة: (10/ 277)، وهناد: (2038، 1401).
الاشعار
قال المتنبي:
يا من ألوذ به فيما أُؤمله *** ومن أعوذ به مما أُحاذره
الحكم
1- "أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَيْبَةِ، فأَمَّا الهَيْبَةُ فَلَا هَيْبَةَ". قَالها سُليك بن سُلَكَة والمعنى أعوذ بك أن تخيبني، فأما الهيبة فلا هَيْبة، أي لست بِهيَوُبٍ. مجمع الأمثال: (2/ 23).
متفرقات
1- قال ابن كثير -رحمه الله- عند تفسير سورة الفاتحة في معنى: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم": "أَيْ: أَسْتَجِيرُ بِجَنَابِ اللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ أَنْ يَضُرَّنِي فِي دِينِي، أَوْ دُنْيَايَ، أَوْ يَصُدَّنِي عَنْ فِعْلِ مَا أُمِرْتُ بِهِ، أَوْ يَحُثَّنِي عَلَى فِعْلِ مَا نُهِيتُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَكُفُّهُ عَنِ الْإِنْسَانِ إِلَّا اللَّهُ، وَلِهَذَا أمَرَ -تعالى- بِمُصَانَعَةِ شَيْطَانِ الْإِنْسِ، وَمُدَارَاتِهِ، بِإِسْدَاءِ الْجَمِيلِ إِلَيْهِ؛ لِيَرُدَّهُ طَبْعُهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الْأَذَى، وَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ شَيْطَانِ الْجِنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ رَشْوَةً، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ جَمِيلٌ؛ لِأَنَّهُ شِرِّيرٌ بِالطَّبْعِ، وَلَا يَكُفُّهُ عَنْكَ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُ". تفسير ابن كثير
2- قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الاستعاذة لا تكون إلا بالله في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم "أعوذ بوجهك" و "أعوذ بكلمات الله التامات" و "أعوذ برضاك من سخطك" ونحو ذلك وهذا أمر متقرر عند العلماء". مجموع الفتاوى: (35/ 273).
3- قال الإمام ابن جرير الطبري عند قوله تعالى: (وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) قال: "يعني -جلّ ثناؤه- بقوله: (وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدّك عن الإعراض عن الجاهلين، ويحملك على مجازاتهم: (فاسْتَعِذْ باللّهِ) يقول: فاستجر بالله من نزغه. (إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نزع الشيطان؛ سميع لجهل الجاهل عليك، ولاستعاذتك به من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان، وغير ذلك من أمور خلقه". تفسير الطبري
4- قال القرطبي عند قوله تعالى: (وإني سميتها مريم وإني أعيذها..)[آل عمران: 36] في كلامه عن حديث: "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، إلا ابن مريم وأمه" قال: "قال علماؤنا: أفاد هذا الحديث أن الله تعالى استجاب دعاء أم مريم؛ فإن الشيطان ينخس جميع ولد آدم، حتى الأنبياء والأولياء، إلا مريم وابنها". تفسير القرطبي
5- قال ابن كثير رحمه الله: "قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) [المؤمنون: 97]: أمر الله نبيه أن يستعيذ به من الشياطين؛ لأنهم لا تنفع معهم الحيل، ولا ينقادون بالمعروف". تفسير ابن كثير.
6- قال ابن كثير رحمه الله: "قوله تعالى: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [المؤمنون: 98]؛ أي: في شيء من أمري"؛ تفسير ابن كثير
7- قال ابن كثير عند تفسير سورة الفاتحة: "ومن لطائف الاستعاذة: أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث، وتطيب له، وهو لتلاوة كلام الله، وهي استعانة بالله، واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني، الذي لايقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه". تفسير ابن كثير
8- قال البجيرمي -رحمه الله-: "ومن لطائف الاستعاذة أن قوله: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم إقرار من العبد بالعجز والضعف، واعتراف من العبد بقدرة الباري عز وجل وأنه الغني القادر على رفع جميع المضرات والآفات، واعتراف العبد أيضًا بأن الشيطان عدوّ مبين. ففي الاستعاذة التجاء إلى الله تعالى القادر على دفع وسوسة الشيطان الغويّ الفاجر وأنه لا يقدر على دفعه عن العبد إلا الله تعالى". إعانة الطالبين: (1/ 20).
9- قال ابن عطية عند قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِن هَمَزاتِ الشَياطِينِ) [المؤمنون: 97]: "والنزغات وسورات الغضب من الشيطان، وهي المتعوذ منها في الآية. وهمزات الشيطان: خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان". المحرر الوجيز
10- قال الطبري عند قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) "ثم أمر الله نبيه بأنه إذا حمله الشيطان على مجازاة المسيء بالإساءة؛ بالاستجارة منه والاعتصام بالله من خطراته؛ إن الله هو (السميع) لاستعاذتك منه، واستجارتك به من نزغاته (العليم) بما ألقى في نفسك من نزغاته، وحدثتك به نفسك ومما يذهب ذلك عن قلبك". [فصلت: ٣٦]. تفسير الطبري
11- قال ابن عطية عند قوله تعالى: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[غَافِرٍ: 56] قال: "أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله في كل أمره من كل مستعاذ منه؛ لأن الله يسمع أقواله وأقوال مخالفيه، وهو بصير بمقاصدهم ونياتهم، ويجازي كلًا بما يستوجبه، كأنه قال: هؤلاء لهم كبر لا يبلغون منه أملًا؛ فاستعذ بالله من حالهم. وظاهر الاستعاذة هنا العموم في كل مستعاذ منه". المحرر الوجيز
12- قال ابن القيم عند تفسيره لسورة الفلق: "فالاستعاذة من شر ما خلق تعم شر كل مخلوق فيه شر، وكل شر في الدنيا والآخرة، وشر شياطين الإنس والجن، وشر السباع والهوام ، وشر النار والهواء، وغير ذلك". تفسير ابن القيم
13- قال ابن جرير عن قوله تعالى: (وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب)[غافر: 27]: "وإنما خص موسى صلوات الله وسلامه عليه الاستعاذة بالله ممن لا يؤمن بيوم الحساب؛ لأن من لا يؤمن بيوم الحساب مصدقًا لم يكن للثواب راجيًا ولا للعقاب خائفًا؛ لذلك كانت استجارته من هذا الصنف من الناس خاصة". تفسير الطبري
14- قال ابن القيم: "تَضَمَّنَت هاتان السُّورتان -الفَلَق، النَّاس- الاستعاذةَ من هذه الشرور كلِّها، بأوجزِ لفظٍ، وأجمعِهِ، وأَدَلِّهِ على المُراد، وأعمِّه استعاذةً؛ بحيث لم يبقَ شرٌّ من الشُّرور إلاَّ دَخَلَ تحتَ الشَّرِّ المُستعاذِ منه فيهما". تفسير ابن القيم
15- قال ابن القيم: "وإن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس". تفسير ابن القيم
16- قال ابن القيم: "بعد أن ذكر حديث: (أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إلى مسلم) قال: "فتضمن هذا الحديث الشريف الاستعاذة من الشر وأسبابه، وغايته، فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس، أو من الشيطان، وغايته: إما أن يعود على العامل أو على أخيه المسلم". إغاثة اللهفان: (1/ 146).
17- قال ابن حجرٍ -رحمه الله- عند حديث: "تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطَن" قال: "فيه دليلٌ على استِحباب الاستِعاذة من الفتن ولو علِم المرء أنه مُتمسِّكٌ فيها بالحق؛ لأنها قد تُفضِي إلى وقوع ما لا يرَى وقوعَه". الفتح: (13/ 32).
18- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [فصلت: 36] قال: "إن الله ضمن لمن استعاذه أن يعيذه؛ لأنه هو الذي أمر بذلك". التحرير والتنوير
19- قال ابن عاشور (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) [النحل: 99]: "العلة من الاستعاذة أنها تمنع تسلط الشياطين على المستعيذ؛ لأن الله منعهم من التسلط على الذين آمنوا المتوكلين، والاستعاذة منهم شعبة من شعب التوكل على الله؛ لأن اللجأ إليه توكلٌ عليه". التحرير والتنوير
20- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل: 98] قال: "إنما شرعت الاستعاذة عند ابتداء القراءة إيذانًا بنفاسة القرآن ونزاهته؛ إذ هو نازل من العالم القدسي الملكي، فجعل افتتاح قراءته بالتجرد عن النقائص النفسانية التي هي من عمل الشيطان، ولا استطاعة للعبد أن يدفع تلك النقائص إلا أن يسأل الله أن يبعد الشيطان عنه بأن يعوذ بالله". التحرير والتنوير
21- قال العراقي: "وفيه أن ذلك من وسوسة الشيطان، وأنه يحرم النطق به ويجب الإعراض عنه، ودفعه عن الخاطر، وأن يلجأ الإنسان إلى الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان ليكفيه شر وسوسته وفتنته، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [فصلت: 36] وسبب ذلك أنه لا سبيل إلى محاسنة الشيطان لتأصل عداوته وتأكدها، وأنه لا يدفع كيده إلا الاستعاذة بالله تعالى منه". طرح التثريب: (4/ 164).
22- قال القاري: "قوله: (فليستعذ بالله): طردًا للشيطان؛ فيجب عليه أن يلتجئ إلى مولاه، ويعتصم بالله من الشيطان الذي أوقعه في هذا الخاطر الذي لا أقبح منه؛ فيقول بلسانه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويلوذ بجنابه إلى جنابه أن يدفع عنه شره، وكيده، فإنه مع اللطف الإلهي لا أضعف منه، ولا أذل، فإنه مشبه بالكلب الواقف على الباب، ولذا قال تعالى: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) [النساء: 76] أي: بالنسبة إلى القوة الإلهية.
23- قوله: (ولينتهِ): أي: يترك التفكر في هذا الخاطر، ويشتغل بأمر آخـــــر؛ لئلا يستحوذ عليه الشيطان، فإنه إنما أوقعه الشيطان فيه رجاءَ أن يتمكن في نفسه، فيحصل له الشك في الله تعالى". مرقاة المفاتيح: (1-137).
24- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: "سورة الفلق استعاذة بالله من الشرور الخارجية لكيد الإِنسان والجن وغيرهما، وسورة الناس استعاذة بالله من الشرور الداخلية كالوساوس والأمراض". خطب التوحيد المنبرية؛ لعبدالملك القاسم (ص: 134).
25- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُون) [المؤمنون: 98] قال: "أعوذ بك من الشر الذي يصيبني بسبب مباشرتهم وهمزهم ومسهم، ومن الشر الذي بسبب حضورهم ووسوستهم ، وهذه استعاذة من مادة الشر كله وأصله، ويدخل فيها الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان ومن مسه ووسوسته، فإذا أعاذ الله عبده من هذا الشر، وأجاب دعاءه؛ سلم من كل شر، ووفق لكل خير". تفسير السعدي
26- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ...)[النحل: 98-100]. قال: "أي: فإذا أردت القراءة لكتاب الله الذي هو أشرف الكتب وأجلها، وفيه صلاح القلوب والعلوم الكثيرة، فإن الشيطان أحرصُ ما يكون على العبد عند شروعه في الأمور الفاضلة، فيسعى في صرفه عن مقاصدها ومعانيها.
فالطريق إلى السلامة من شره: الالتجاء إلى الله، والاستعاذة به من شره، فيقول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، متدبرًا لمعناها، معتمدًا بقلبه على الله في صرفه عنه، مجتهدًا في دفع وساوسه وأفكاره الرديئة مجتهدًا، على السبب الأقوى في دفعه، وهو التحلي بحلية الإيمان والتوكل.
فإن الشيطان (لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ)؛ أي: تسلط (عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ) وحده لا شريك له، (يَتَوَكَّلُونَ)، فيدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان، ولا يبق له عليهم سبيل.
(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ)؛ أي: تسلُّطه (عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ)؛ أي: يجعلونه لهم وليا، وذلك بتخليهم عن ولاية الله، ودخولهم في طاعة الشيطان، وانضمامهم لحزبه، فهم الذين جعلوا له ولاية على أنفسهم، فأزَّهم إلى المعاصي أزًّا وقادهم إلى النار قَوْدًا". تفسير ابن سعدي.
الإحالات
الاستعاذة بالله في السنة النبوية رواية ودراية؛ لمنال إبراهيم بن عبد الولي الشيخ.