إلحاد
2022-10-12 - 1444/03/16التعريف
قال ابن فارس: اللام والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على ميل عن استقامة. يقال: ألْحَدَ الرجل، إذ مال عن طريقة الحقِّ والإيمان. وسُمِّي اللَّحدُ لأنه مائل في أحد جانبي الجَدَث. يقال: لحَدْت الميِّتَ وألحدت. والمُلْتَحَد: الملجأ، سمِّي بذلك لأن اللاجئ يميل إليه (ينظر: معجم مقاييس اللغة؛ لابن فارس:5-236).
قال الأزهري: معنى الإلحاد في اللغة: الميل عن القصد. وقال الليث: ألحد في الحرم إذا ترك القصد فيما أمر به ومال إلى الظلم وأنشد:
لما رأى الملحد حين ألحما *** صواعق الحجاج يمطرن دما"(ينظر: تهذيب اللغة الأزهري:2-73).
وقال ابن قتيبة: "الملحد: فهو العادل الجائر عن القصد ومنه قول الله جل وعز (إن الذين يلحدون في آياتنا)؛ أي يجورون ويعدلون، ومنه سمي اللحد؛ لأنه في ناحية، ولو كان مستقيما لكان ضريحا. يقال: ألحدت ولحدت، وكان الأحمر يفرق بينهما فيقول: ألحدت ماريت وجادلت ولحدت جرت وملت، وقد قرئ باللغتين جميعا يُلْحِدون ويَلْحَدون"(غريب الحديث لابن قتيبة:١-٥٩).
وقال ابن الجوزي: "الإلحاد العدول عن الاستقامة"(تلبيس إبليس:145)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الإلحاد يقتضي ميلاً عن شيء إلى شيء باطل"(مجموع الفتاوى:12-124)، وقال الكفوي: "الإلحاد: الميل عن الحق"(الكليات، ص490). وقال ابن عثيمين: "العدول عمَّا يجب اعتقاده أو عمله"(فتح ربِّ البرية بتلخيص الحَمَوية، ص7).
فالإلْحَاد: العُدُول عن الاستقامة والانحراف عنها. وأَلْحَدْتُ: مَارَيْتُ وجَادَلْتُ، قوله تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ)[الحج:25]؛ أَي انحرافا بظلم، وقد أَلْحَد في الحَرَمِ: تَرَكَ القَصْدَ فيما أُمِرَ به ومالَ إلى الظلم، وألحد في الحرم: أشرك بالله تعالى، وقيل: الإلحاد فيه: الشك في الله، وأصل الإلحاد الميل والعدول عن الشيء، و لاحد فلان فلانا: اعوج كل منهما على صاحبه ومالا عن القصد. والملتحد: الملتجأ والملجأ؛ أي لأن اللاجئ يميل إليه، قال تعالى: (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا)[الجـن:22] (ينظر: المخصص لابن سيده:2-78، وتاج العروس من جواهر القاموس:9-135).
تعريفه كمذهب:
جاء في المعجم الفلسفي: "الإلحاد مذهب من ينكرون الألوهية، والملحد غير مؤلِّه، وهذا معنى شائع في تاريخ الفكر الإنساني"(المعجم الفلسفي:20).
العناصر
1- حقيقة وجود الله والدلائل عليه 2- حقيقة الإلحاد وتعريفه 3- نشأته ورموزه 4- أسباب الإلحاد ودواعيه 5- أصول الفكر الإلحادي وأسسه 6- أنواع الإلحاد وأقسامه 7- وسائل نشر الإلحاد وطرائقه 8- أهداف الإلحاد ومقاصده 9- خطر الإلحاد وأضراره 10- أبرز شبهات الفكر الإلحادي والرد عليها 11- وسائل وقاية الأفراد والمجتمعات من الإلحاد
الايات
1- قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[البقرة:34]. 2- قال الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[البقرة:164]. 3- قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[البقرة:258]. 4- قال الله تعالى: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِم وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[الأعراف:16-17]. 5- قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)[الأعراف: 172-173]. 6- قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الأنعام:75-79]. 7- قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الأنعام:109-110]. 8- قال الله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون * وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأعراف:179-180]. 9- قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[يونس: 22- 23]. 10- قال الله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)[يونس:39] 11- قال الله تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[يونس:90]. 12- قال الله تعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)[إبراهيم:10]. 13- قال الله تعالى: (وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)[النحل:52-55]. 14- قال الله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)[النحل:103]. 15- قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)[الكهف:50]. 16- قال الله تعالى: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طه:49-50]. 17- قال الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63] 18- قال الله تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)[الفرقان:43-44]. 19- قال الله تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)[الشعراء:23-29]. 20- قال الله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)[النمل:14]. 21- قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِـخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)[الروم:30]. 22- قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ)[السجدة:4-7]. 23- قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر:41]. 24- قال الله تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُظلِمُونَ * وَالشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ * وَالقَمَرَ قَدَّرنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ * لا الشَّمسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَلا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُونَ)[يس:37-40]. 25- قال الله تعالى: (فَسَجَدَ الملائِكَةُ كُلُّهُم أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[ص:74-75]. 26- قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر:76] 27- قال الله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)[غافر:83]. 28- قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[فصلت:40]. 29- قال الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[فصلت:53] 30- قال الله تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)[الجاثية:6]. 31- قال الله تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لّا يُوقِنُونَ)[الطور:35-36]. 32- قال الله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ * أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ)[الواقعة:57-61]. 33- قال الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ)[الملك:1-3].
الاحاديث
1- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أحدَ أصبرُ على أذًى يسمَعُه من اللهِ عزَّ وجلَّ . إنَّه يُشرَكُ به، ويُجعَلُ له الولدُ، ثمَّ هو يُعافيهم ويرزقُهم"(رواه البخاري:٧٣٧٨، ومسلم:٢٨٠٤). 2- عن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: إني عِندَ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذ جاءه قومٌ من بني تَميمٍ، فقال: "اقبَلوا البُشرى يا بني تَميمٍ". قالوا: بشَّرْتَنا فأعطِنا، فدخَل ناسٌ من أهلِ اليمَنِ، فقال: "اقبَلوا البُشرى يا أهلَ اليمَنِ، إذ لم يقبَلْها بنو تميمٍ". قالوا: قبِلْنا، جئناك لنتفَقَّهَ في الدينِ، ولنسألَكَ عن أولِ هذا الأمرِ ما كان، قال: "كان اللهُ ولم يكُنْ شيءٌ قبلَه، وكان عرشُه على الماءِ، ثم خلَق السماواتِ والأرضَ، وكتَب في الذِّكرِ كلَّ شيءٍ"(رواه البخاري:٧٤١٨). 3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ الناسُ يتساءلونَ حتى يقالَ: هذا، خلقَ اللهُ الخلقَ، فمَنْ خلَقَ اللهَ؟ فمن وجَدَ مِن ذلِكَ شيئًا فلْيِقُلْ: آمنتُ باللهِ". وفي روايَةٍ: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ: مَنْ خلَقَ السماءَ؟ مَنْ خلَقَ الأرْضَ؟ فيقولُ: اللهُ" ثُمَّ ذَكَرَ بمثلِهِ. وزادَ: "ورسلِهِ"(أخرجه البخاري:٣٢٧٦، ومسلم واللفظ له:١٣٤). 4- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قولِه عز وجل (وَمَن يُّرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) قال: "لو أنَّ رجلًا همَّ فيه بإلحادٍ وهو بِعَدَنِ أَبْيَنَ لأذاقه اللهُ عزَّ وجلَّ عذابًا أليمًا"(رواه أحمد:٦-٦٥، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح). 5- عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: كانتْ لي جاريةٌ تَرعى غنمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ والجَوَّانِيَّةِ . فاطَّلَعتُ ذاتَ يومٍ فإذا الذئبُ قد ذهَب بشاةٍ من غنمِها . وأنا رجلٌ من بني آدَمَ آسَفُ كما يأسَفونَ . لكني صكَكْتُها صكَّةً . فأتَيتُ رسولَ اللهِ ﷺ فعظَّم ذلك عليَّ . قلتُ: يا رسولَ اللهِ ! أفلا أُعتِقُها؟ قال: "ائتِني بها" فأتَيتُه بها . فقال: "لها أينَ اللهُ؟" قالتْ: في السماءِ . قال: "مَن أنا؟" قالتْ: أنت رسولُ اللهِ . قال: "أَعتِقْها؛ فإنها مؤمنةٌ"(رواه مسلم:٥٣٧).
الاثار
1- قال محمد بن كعب: "لو قَدَروا الله حق قَدْره ما كذَّبوه"(حاشية كتاب التوحيد؛ لابن قاسم:396). 2- قال السائب بن شريكٍ -رحمه الله-:" يأكل الإنسانُ ويشرب من مكانٍ واحدٍ، ويُخرج من مكانين، ولو شرب لبنًا محضًا لخرج منه الماء ومنه الغائط، فتلك الآية في النفسِ"(تفسير القرطبي:17-39). 3- قال ابن زيدٍ -رحمه الله-: المعنى أنه خلقكم من ترابٍ، وجعل لكم السمعَ والأبصار والأفئدة (ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)[الروم:20](تفسير القرطبي:17-39). 4- قال السُّديُّ -رحمه الله-: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ)[الذاريات:21]؛ "أي: في حياتكم وموتكم، وفيما يدخُل ويخرُج مِن طعامكم"(تفسير القرطبي:17-39). 5- قال الحسن البصري -رحمه الله-: "وفي الهَرَمِ بعد الشباب، والضعف بعد القوة، والشَّيب بعد السواد"(تفسير القرطبي:17-39).
القصص
1- "حُكي عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ: أن قوماً من أهل الكلام أرادوا البحث معه في تقرير توحيد الربوبية، فَقَالَ لهم: أخبروني -قبل أن نتكلم في هذه المسألة- عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلأ من الطعام والمتاع وغيره بنفسها، وتعود بنفسها، فترسي بنفسها، وتتفرغ وترجع كل ذلك من غير أن يدبرها أحد؟! فَقَالُوا: هذا محال لا يمكن أبداً! فَقَالَ لهم: إذا كَانَ هذا محالاً في سفينة، فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله؟!"(شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة النعمان:22). 2- قال الشيخ محمد العريفي: "ذكر أهل العلم أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله -تعالى- ناظر يوما قوما من السومانية، قال: وكان هؤلاء السومانيه قوما ملحدين ينكرون وجود الله -تعالى- ويقولون إن هذا الكون وجد هكذا صدفة من غير خالق، من غير موجِد، وأن ما نرى من جبال وأحجار وأشجار و مخلوقات متنوعة على إتقانها وجلالة هيبتها ودقة صنعتها أن هذا كله إنما وجد هكذا صدفة دون أن يكون له خالق و موجد -جل في علاه-. فناظرهم أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- فإذا بهم يتأففون عنه ويترفعون عن حواره و يظنونه ضالا في عقيدته، فواعدهم من غده أن يلتقوا عند الأمير -يعني عند أمير البلد- فلما كان الموعد تأخر عليهم أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- فأخذوا يتكلمون عنه ويذمونه ويقولون للأمير: هؤلاء علماؤكم يتأخرون عن مواعيدهم!. فلما دخل أبو حنيفة قال له الأمير: تأخرت يا أبا حنيفة. قال: نعم؛ إني لم أجد مركبا ينقلني من ضفة النهر إلى الضفة الأخرى. قال له: فماذا فعلت؟ "لما لم تجد مركبا يحملك" فماذا فعلت؟ هل قطعت النهر سباحة؟. قال: كلا، إنما بينما أنا واقف على جانب ضفة النهر فإذا بسحابه تمر علينا، وإذا ببرق عظيم ورعد شديد، وإذا هذا البرق تنطلق منه صاعقه فتشق شجرة عظيمه كانت بجانبي تشقها إلى نصفين فيقع نصفها هكذا صدفة في البر ونصفها في البحر، وصدفةً إذا بالنصف الذي في البحر تنطلق قطعة من حديد كانت موجودة على الارض ثم تلتصق بغصن من اغصان هذه الشجرة، ثم هكذا يلتصق هذا الحديد بذلك اللوح ثم يقبل على هذا الجزء الذي على الماء ثم يبدأ يقطعه حتى صُنع منه قارب يستطيع إن يسير في الماء، ثم دنا هذا القارب صدفةً إلى جانب الشط فركبت فيه، ثم صدفة هكذا انطلقت الواح من يمين ويسار وصنعت مجاديف، والتصق بعض الأخشاب ببعض حتى صنعت مجدافين، ثم جعلت تجدف من نفسها دون أن يكون لها صانع، دون أن يكون لها مجدِّف، دون أن يكون لها موجِّه و لا قبطان يقود هذا القارب، فإذا نحن بعد قليل في الضفة الأخرى، فها نحن الآن بين أيديكم تعالوا نتحاور، هل وجد هذا الكون صدفه أم أن له صانع؟. قال: فالتفت السومانية إلى الأمير وقالوا: عالمكم هذا مجنون. قال لهم أبو حنيفة: لما؟ قالوا: معقول أن يوجد قارب كامل من غير صانع؟ ثم هذا الفأس يوجد من غير صانع، ثم ما هذه الصدفة التي قسمت هذه الشجرة نصفين وجعلت نصفا على البر ونصفا على البحر؟ ثم كيف يسير هذا القارب من غير قبطان يقوده و لا رجل يوجهه؟ أنت مجنون!(رحلة حياة؛ للشيخ محمد العريفي). فقال لهم أبو حنيفة: سبحان الله! الآن لم تصدقوني بأن قاربا واحدا وجد هكذا صدفة وصنع هكذا من غير صانع، وأنتم تقولون إن السموات و الأرض والجبال والشمس والقمر وما في الكون كله تدَّعون أن هذا الكون كله وجد صدفه! فحجهم رحمه الله -تعالى-. 3- قال الشيخ علي الطنطاوي: "قرأت في مجلة (المختار) المترجمة عن مجلة (ريدر زاديجست)، مقالة نشرت أيام الحرب، لشاب من جنود المظلات -يوم كانت المظلات والهبوط بها شيئا جديدا- يروي قصته فيقول : إنه نشأ في بيت ليس فيه من يذكر الله، أو يصلي، ودرس في مدارس ليس فيها دروس للدين، ولا مدرس متدين، نشأ نشأة (علمانية) مادية؛ أي مثل نشأة الحيوانات التي لا تعرف إلا الأكل والشرب والفساد، ولكنه لما هبط أول مرة، ورأى نفسه ساقطا في الفضاء، قبل أن تنفتح المظلة، جعل يقول: يا الله يا رب. ويدعو من قلبه، وهو يتعجب من أين جاءه هذا الإيمان. وبنت (ستالين) نشرت من عهد قريب مذكراتها، فذكرت فيها كيف عادت إلى الدين، وقد نشأت في غمرة الإلحاد، وتعجب هي نفسها من هذا المعاد. وما في ذلك عجب، فالإيمان بوجود إله شيء كامن في كل نفس، إنه فطرة (غريزة) من الفِطَر البشرية الأصلية، كغريزة الجنس، والإنسان (حيوان ذو دين)"(تعريف عام بدين الإسلام للشيخ علي الطنطاوي:46). 4- حين صعد جاجارين رائد الفضاء الروسي الأول إلى الجو، أخذته روعة الكون وذهل لما رآه، لقد رأى الكون على صورة أخرى غير التي نراها ونحن على سطح الأض مغلفين بالغلاف الجوى، لم ير السماء زرقاء كما نراها نحن، إنما رآها سوداء تماما، ورأى الكواكب والنجوم في داخلها لامعة شديدة اللمعان، لقد كان المنظر - كما يصفه رواد الفضاء - يشبه قطعة من المخمل الأسود مرصعة بالجواهر اللامعة. وفوجئ جاجارين بما رآه.. فوجئ بالتجربة الجديدة، والمشهد الجديد كما ذكرنا آنفا يوقظ الحس من غفلته، ويوقظ المشاعر من سباتها، ويجلي الكون جديدا كأنما يواجهه الإنسان لأول مرة، فيدرك من دلائل إعجازه ما كان غافلا عنه من قبل، ويحس بيد الله المبدعة وآثارها في تضاعيف هذا الكون. وهذا هو الذي حدث لجاجارين، لقد نسى كل إلحاده الذي ربته المدرسة عليه.. نسى كل الدروس التي لقن فيها أنه لا وجود لله.. وأخذ يحملق في الكون مدهوشا من صنعة الله، مبهورا بما رآه من إعجاز. وحين هبط إلى الأرض كان أول تصريح أدلى به للصحفيين الذين استقبلوه: "حين صعدت إلى الجو أخذتني روعة الكون فمضيت أبحث عن الله"! وهكذا تنطق الفطرة حين تواجه الحقيقة! وهذا على الرغم من كل الإلحاد الذي لقن لجاجارين"(ركائز الإيمان، محمد قطب:43-44).
الاشعار
1- قال لبيد بن ربيعة: فَيا عَجَباً كَيفَ يُعصى الإِلَهُ *** أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِدُ وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ *** وَتَسكينَةٍ أَبَداً شاهِدُ (ملحق الديوان:363). 2- سئل أبو نُواسٍ عن وجود الله تعالى، فأنشد قائلًا: تأمَّل في نبات الأرضِ وانظُر *** إلى آثارِ ما صنَع المليك عيونٌ مِن لُجَينٍ شاخصات *** وأزهارٌ كما الذَّهب السبيك على قُضُب الزَّبرجدِ شاهداتٍ *** بأنَّ اللهَ ليس له شريك (تفسير الرازي2-334). 3- قال أحد الشعراء: انظر لتلك الشجرة *** ذات الغصون النضرةْ كيف نمت من حبة *** وكيف صارت شجرةْ فانظر وقل من ذا الذي *** يخرج منها الثمرة ذاك هو الله الذي *** أنعُمُه منهمرة ذو حكمة بالغة *** وقدرة مقتدرة انظر إلى الشمس التي *** جذوتها مستعرة فيها ضياء وبها *** حرارة منتشرة من ذا الذي أوجدها *** في الجوِّ مثل الشَّرَرة ذاك هو الله الذي *** أنعُمُه منهمرة (أبيات مختارة؛ لعبدالله البصيري:35)
الدراسات
1- قال جون كلوفر مونسما: "إن الأمر الذي نستطيع أن نثق به كل الثقة، هو أن الإنسان وهذا الوجود من حوله لم ينشأ هكذا نشأة ذاتية من العدم المطلق بل إن لهما بداية ولا بد لكل بداية من مبدئ كما أننا نعرف أن النظام الرائع المعقد الذي يسود هذا الكون يخضع لقوانين لم يخلقها الإنسان وأن معجزة الحياة في حد ذاتها لها بداية كما أن وراءها توجيهاً وتدبيراً خارج دائرة الإنسان إنه بداية مقدسة وتوجيه مقدس وتدبير إلهي محكم"(الله يتجلى في عصر العلم؛ جون كلوفر مونسما:44). 2- جاء الموسوعة العربية: "انتشر الإلحاد خلال القرون الثلاثة الأخيرة -الثامن عشر، والتاسع عشر، والعشرين-، وجاء نتيجة للصراع بين:" العلم والكنيسة في أوروبا؟!!"، وانتهى ذلك الصراع بانتصار العلم وانهزام دعاة الكنيسة، وقد اتخذ مفكرو تلك الفترة هذا الموقف ذريعة: لرفض الدين جملة وإنكار حقائقه، وعلى رأسها:" الإيمان بالله"(الموسوعة العربية:2-528). 3- جاء في: (البروتوكول الرابع من بروتوكولات حكماء صهيون) ما يأتي:"من المحتم علينا: أن ننسف الدين كلَّه، لنمزق من أذهان:" الغوييم -يعني الأميين-: المبدأ القائل بأن هناك:" إلهاً ربّاً وروحاً"، ونضع موضع ذلك الأرقام الحسابية والحاجات المادية"(بروتكولات حكماء صهيون:1-201). 4- قال جان بول سارتر -زعيم الوجودية الإلحادية-: "أنا لا أشعر بأني مجرد ذرّة غبار ظهرت في هذا الكون، وإنما أنا كائن حساس تم التحضير لظهوره، وأُحسن تكوينه، أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجيء إلاّ من خالق"(مجلة الدوحة القطرية في مايو 1982م). 5- قال الدكتور أحمد أبو زيد: "صدر في إنكلترا من شهور قليلة وفي أواخر عام 1981 م كتاب يحمل عنواناً طريفاً هو " التطور من الفضاء : (Evolution From Space) قام بتأليفه عالم الفلك الشهير (سير فريد هويل) وعاونه في ذلك أستاذ هندي يدرّس في جامعة كارديف. ويعترف الأستاذان بصراحة في ذلك الكتاب بأنهما ملحدان، ولا ينتميان لأي دين أو عقيدة، وأنهما يعالجان أمور الفضاء وحركات الكواكب بأسلوب علمي بحت، ومن زاوية عقلانية خالصة لا تحفل ولا تتأثر بأي موقف ديني. ويدور الكتاب حول مسألة احتمال وجود حياة على الكواكب الأخرى، ويتناول بالبحث الدقيق الفكرة التي سادت في بعض الكتابات التطورية عن ظهور الحياة تلقائياً من الأوحال الأولى نتيجة لبعض الظروف والتغيرات البيئية. ومع أن هنالك نظريات معارضة لهذا الاتجاه، وهي نظريات ترى أن احتمال ظهور الحياة من هذه الأوحال أو الطين الأولى لا تزيد عن (1 : 10 : 40.000) أي واحد إلى عشرة أمامها أربعون ألف صفر. مما يعني أنه لا تكاد توجد فرصة لظهور الحياة عن طريق التوالد التلقائي من هذا الطين، وبالتالي فإن الحياة لا يمكن أن تكون نشأت عن طريق الصدفة البحتة، وأنه لابد من وجود عقل مدبّر يفكر ويبدّل لهدف معين. وعلى الرغم من اعتراف المؤلفين الصريح ـ كما قلنا ـ بإلحادهما، فإنهما لا يجدان أمامهما مفراً من أن يكتبا الفصل الأخير من الكتاب تحت عنوان " الله ـ God "(مقال له بعنوان: "هل مات دارون حقاً؟" نشر في مجلة العربي في تموز 1982م). 6- قال عالم الأحياء والنبات رسل تشارلز إرنست الأستاذ بجامعة فرانكفورت بألمانيا: "لقد وضعت نظريات عديدة لكي تفسر نشأة الحياة من عالم الجمادات؛ فذهب بعض الباحثين إلى أن الحياة قد نشأت من البروتوجين، أو من الفيروس، أو من تجمع بعض الجزيئات البروتينية الكبيرة. وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه النظريات قد سدت الفجوة التي تفصل بين عالم الأحياء وعالم الجمادات. ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية، قد باءت بفشل وخذلان ذريعين. ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع الذرات والجزيئات عن طريق المصادفة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة، فهذا شأنه وحده ! ولكنه إذ يفعل ذلك، فإنما يسلم بأمر أشد إعجازا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله، الذي خلق الأشياء ودبرها. إنني أعتقد أن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقد درجة يصعب علينا فهمها. وأن ملايين الملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرته شهادة تقوم على الفكر والمنطق. ولذلك فإنني أومن بوجود الله إيماناً راسخا"(الله يتجلى في عصر العلم؛ جون كلوفر مونسيما:66-67).
متفرقات
1- قال الإمام القرطبي (رحمه الله): "وقيل: المعنى: وفي خلق أنفسكم من نطفةٍ وعلقةٍ ومضغةٍ ولحمٍ وعظمٍ إلى نفخ الروح، وفي اختلاف الألسنة والألوان والصور، إلى غير ذلك من الآيات الباطنة والظاهرة، وحسبُك بالقلوب وما ركز فيها من العقول، وما خُصَّت به من أنواع المعاني والفنون، وبالألسن والنُّطق ومخارج الحروف والأبصار والأطراف وسائر الجوارح، وتأَتِّيها لما خُلقت له، وما سوَّى في الأعضاء من المفاصل للانعطاف والتثنِّي، وأنه إذا تيبَّس شيءٌ منها جاء العجز؛ (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون:14](تفسير القرطبي:17-39). 2- قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذِكْرُه: ومن يرد فيه إلحادا بظلم نذقه من عذاب أليم، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم... واختلف أهل التأويل في معنى الظلم الذي من أراد الإلحاد به في المسجد الحرام، أذاقه الله من العذاب الأليم، فقال بعضهم: ذلك هو الشرك بالله وعبادة غيره به... وقال آخرون: هو استحلال الحرام فيه أو ركوبه... عن ابن عباس، قوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الحج:25] يعني أن تستحل من الحرام ما حرم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم... وقال آخرون: بل ذلك احتكار الطعام بمكة... وقال آخرون: بل ذلك كل ما كان منهيا عنه من الفعل، حتى قول القائل: لا والله، وبلى والله... وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معني بالظلم في هذا الموضع كل معصية لله، وذلك أن الله عَمَّ بقوله (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ)[الحج:25] ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصي الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له"(جامع البيان:18-595). 3- قال الإمام الطبري رحمه الله:" وأما قوله: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ)[الأعراف:180]، فإنه يعني به المشركين، وكان إلحادهم في أسماء الله، أنهم عدلوا بها عما هي عليه، فسموا بها آلهتهم وأوثانهم، وزادوا فيها ونقصوا منها، فسموا بعضها "اللات" اشتقاقا منهم لها من اسم الله الذي هو "الله"، وسموا بعضها "العُزَّى" اشتقاقا لها من اسم الله الذي هو "العزيز"(جامع البيان:13-282). 4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قال جبير بن مطعم : (لما سمعتها أحسست بفؤادي قد تصدع). وهو استفهام إنكار يقول: أوجدوا من غير مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوّن، ويعلمون أنهم لم يكونوا نفوسهم، وعلمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه، لا يحتاج أن يستدل عليه بأن كل كائن محدث"(مجموع الفتاوى:2-12). 5- قال ابن رشد: "إن العرب كلها تعترف بوجود الباري سبحانه وتعالى"(منهاج الأدلة:128-129). 6- قال الباقلاني رحمه الله: "يجب أن يعلم: أن العالم محدث؛ وهو عبارة عن كل موجود سوى الله تعالى، والدليل على حدوثه: تغيره من حال إلى حال، ومن صفة إلى صفة، وما كان هذا سبيله ووصفه كان محدثاً، وقد بين نبينا صلى الله عليه وسلم هذا بأحسن بيان يتضمن أن جميع الموجودات سوى الله محدثة مخلوقة، لما قالوا له: يا رسول الله: أخبرنا عن بدء هذا الأمر؟ فقال: نعم. كان الله تعالى ولم يكن شيء، ثم خلق الله الأشياء فأثبت أن كل موجود سواه محدث مخلوق. وكذلك الخليل عليه السلام، إنما استدل على حدوث الموجودات بتغيرها وانتقالها من حالة إلى حالة؛ لأنه لما رأى الكوكب قال: هذا ربي، إلى آخر الآيات فعلم أن هذه لما تغيرت وانتقلت من حال إلى حال دلت على أنها محدثة مفطورة مخلوقة، وأن لها خالقاً، فقال عند ذلك وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض"(الإنصاف؛ للباقلاني:30-31). 7- قال ابن كثير رحمه الله: "وقد ذكر غير واحد أن القرامطة لما أخذوه حملوه على عدة جمال فعطبت تحته واعترى أسنمتها القرح، ولما ردوه حمله قعود واحد ولم يصبه أذى. ومكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه"(البداية والنهاية:1-161). 8- قال أيضا رحمه الله: "وقد سأل بعضهم ههنا سؤالاً فقال: قد أحل الله سبحانه بأصحاب الفيل (وكانوا نصارى) ما ذكره في كتابه ولم يفعلوا بمكة شيئًا مما فعله هؤلاء، ومعلوم أن القرامطة شر من اليهود والنصارى والمجوس بل ومن عبدة الأصنام ... فهل لا عوجلوا بالعذاب والعقوبة؟ وقد أجيب عن ذلك بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارًا لشرف البيت ولما يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم في البلد الذي فيه البيت الحرام، فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعًا عاجلاً ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله، فلو دخلوه وأخربوه لأنكرت القلوب فضله. وأما هؤلاء القرامطة فإنما فعلوا ما فعلوا بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد والعلم بالضرورة من دين الله بشرف مكة والكعبة ... فلهذا لم يحتج الحال إلى معاجلتهم بالعقوبة، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار اهـ" (البداية والنهاية:11-162) . 9- قال ابن القيم: "وعبَّاد الأصنام كانوا يثبتون ربّاً، خالقاً، مبدعاً، عالماً، قادراً، حيّاً"(إغاثة اللهفان:2-1016). 10- قال ابن القيم عن الدهرية: "وهؤلاء قوم عطَّلوا المصنوعات عن صانعها، وقالوا ما حكاه الله عنهم: (وَقَالُوا مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ)[الجاثية:24]"(إغاثة اللهفان:2-999). 11- قال ابن الجوزي: "لَـمَّا رأى إبليـس قلَّة موافقيه على جحد الصانع؛ لكون العقول شاهدة بأنه لا بد للمصنوع من صانع، حسَّن لأقوام أن هذه المخلوقات من فِعْل الطبيعة"(تلبيس إبليس: 2/307). 12- قال ابن القيم بعد حديثه عن فِرَق الفلاسفة: "وبالجملة فملاحدتهم: هم أهل التعطيل المحض؛ فإنهم عطلوا الشرائع، وعطلوا المصنوع عن الصانع، وعطلوا الصانع عن صفات كماله"(إغاثة اللهفان:2-1016). 13- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أشهر من عُرِف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع فرعونُ، وقد كان مستيقناً في الباطن كما قال له موسى عليه السلام: (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ)[الإسراء:102]، وقال -تعالى- عنه وعن قومه: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)[النمل:14]"(مجموع الفتاوى:4-245). 14- قال الشهرستاني: "أما تعطيل العالم عن الصانع العالم القادر الحكيم فلست أراها مقالة لأحد ولا أعرف عليه صاحب مقالة إلا ما نقل عن شرذمة قليلة من الدهرية أنهم قالوا العالم كان في الأزل أجزاء مبثوثة تتحرك على غير استقامة واصطكت اتفاقاً فحصل عنها العالم بشكله الذي تراه عليه ودارت الأكوار وكرت الأدوار وحدثت المركبات ولست أرى صاحب هذه المقالة ممن ينكر الصانع بل هو معترف بالصانع لكنه يحيل سبب وجود العالم على البحث والاتفاق احترازاً عن التعليل"(نهاية الإقدام في علم الكلام؛ للشهرستاني:123-124). 15- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الكفر عدم الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب، أو لم يكن معه تكذيب، بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله، حسدا أو كبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة، وإن كان الكافر المكذب أعظم كفرا، وكذلك الجاحد المكذب حسدا مع استيقان صدق الرسل"(مجموع الفتاوى:12-335). 16- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مَن أنكر المعاد مع قوله بحدوث هذا العالم فقد كفَّرَه الله، فمن أنكره مع قوله بقدم العالم فهو أعظم كفرا عند الله تعالى"(مجموع الفتاوى:17-291) 17- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض إلزام منكري الصفات: "وإما أن يلتزم التعطيل المحض فيقول : ما ثم وجود واجب ؛ فإن قال بالأول وقال: لا أثبت واحدًا من النقيضين لا الوجود ولا العدم. قيل: هب أنك تتكلم بذلك بلسانك، ولا تعتقد بقلبك واحدًا من الأمرين، بل تلتزم الإعراض عن معرفة اللّه وعبادته وذكره، فلا تذكره قط، ولا تعبده، ولا تدعوه، ولا ترجوه، ولا تخافه، فيكون جحدك له أعظم من جحد إبليس الذي اعترف به"(مجموع الفتاوى:5-356). 18- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المستكبر الذي لا يقر بالله في الظاهر؛ كفرعون أعظم كفرا منهم -يعني مِن مشركي العرب- وإبليس الذي يأمر بهذا كله ويحبه ويستكبر عن عبادة ربه وطاعته أعظم كفرا من هؤلاء، وإن كان عالما بوجود الله وعظمته، كما أن فرعون كان أيضا عالما بوجود الله"(مجموع الفتاوى:7-633). 19- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "قول الفلاسفة - القائلين بقدم العالم وأنه صادر عن موجب بالذات متولد عن العقول والنفوس الذين يعبدون الكواكب العلوية ويصنعون لها التماثيل السفلية - : كأرسطو وأتباعه - أعظم كفرا وضلالا من مشركي العرب الذين كانوا يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام بمشيئته وقدرته، ولكن خرقوا له بنين وبنات بغير علم وأشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، وكذلك المباحية الذين يسقطون الأمر والنهي مطلقا، ويحتجون بالقضاء والقدر، أسوأ حالا من اليهود والنصارى ومشركي العرب ؛ فإن هؤلاء مع كفرهم يقرون بنوع من الأمر والنهي والوعد والوعيد ولكن كان لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، بخلاف المباحية المسقطة للشرائع مطلقا، فإنما يرضون بما تهواه أنفسهم، ويغضبون لما تهواه أنفسهم، لا يرضون لله، ولا يغضبون لله، ولا يحبون لله، ولا يغضبون لله، ولا يأمرون بما أمر الله به، ولا ينهون عما نهى عنه ؛ إلا إذا كان لهم في ذلك هوى فيفعلونه لأجل هواهم، لا عبادةً لمولاهم ؛ ولهذا لا ينكرون ما وقع في الوجود من الكفر والفسوق والعصيان إلا إذا خالف أغراضهم فينكرونه إنكارا طبيعيا شيطانيا، لا إنكارا شرعيا رحمانيا ؛ ولهذا تقترن بهم الشياطين إخوانهم فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، وقد تتمثل لهم الشياطين وتخاطبهم وتعينهم على بعض أهوائهم كما كانت الشياطين تفعل بالمشركين عباد الأصنام"(مجموع الفتاوى:8-/457-458). 20- ذكر ابن القيم خمسة أنواع للإلحاد في أسماء الله وصفاته، وهي: الأول: أن يسمِّي الأصنامَ بها؛ كتسميتهم اللات من الإله، والعزى من العزيز. الثاني: تسميته -تعالى- بما لا يليق بجلاله، كتسمية النصارى له أباً، وتسمية الفلاسفة له موجباً بذاته أو علةً فاعلة بالطبع... ونحو ذلك. الثالث: وَصْفه -تعالى وتقدَّس- بالنقائص؛ كقول اليهود: إنه فقير. وقولهم: إنه استراح بعد أن خلق خلقه. وقولهم: يد الله مغلولة. وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته. الرابع: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها؛ كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم: إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معانٍ. الخامس: تشبيه صفاته بصفات خَلْقه (مختصر الصواعق المرسلة:2-110). 21- قال الإمام أحمد: "لا يفلح صاحب الكلام أبداً"(الصواعق المرسلة:4-1269). 22- قال أبو يوسف: "من طلب الدين بالكلام تزندق"(اعتقاد الأئمة الأربعة:1-12). 23- قال ابن الصلاح: "الفلسفة أُسُّ السَّفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة"(فتاوى ابن الصلاح:34). 24- قال الإمام ابن القيم (رحمه الله) - مخاطبًا كل إنسان -: ارجع الآن إلى نفسك، وكرر النظر فيك؛ فهو يكفيك، وتأمَّل أعضاءك، وتقدير كل عضو منها للمنفعة والأرب المهيأ لها؛ فاليدانِ للعلاج والبطش، والأخذ والإعطاء، والمحاربة والدفع، والرِّجلان لحمل البدن، والسعي والركوب، وانتصاف القامة، والعينان للاهتداء والجمال، والزينة والملاحة، ورؤية ما في السموات والأرض وآياتهما وعجائبهما، والفم للغذاء والكلام والجمال، وغير ذلك، والأنف للنَّفَس وإخراج فضلات الدماغ، وزينة للوجه، واللسان للبيان والترجمة عنك، والأذنان صاحبتا الأخبار، تؤديانها إليك، واللسان يبلِّغ عنك، والمعِدة خزانة يستقر فيها الغذاء، فتُنضجه وتطبخه، وتصلحه إصلاحًا آخرَ وطبخًا آخر غير الإصلاح والطبخ الذي توليته من خارج، فأنت تعاني إنضاجه وطبخه وإصلاحه حتى تظن أنه قد كمل، وأنه قد استغنى عن طبخٍ آخر وإنضاجٍ آخر، وطبَّاخه الداخل ومُنضِجه يعاني من نضجه وطبخه ما لا تهتدي إليه، ولا تقدر عليه؛ فهو يوقد عليه نيرانًا تُذيب الحصى، وتذيب ما لا تذيبه النار، وهي في ألطف موضع منك، لا تحرقك ولا تلتهب، وهي أشد حرارة من النار، وإلا فما يذيب هذه الأطعمة الغليظة الشديدة جدًّا حتى يجعلها ماءً ذائبًا، وجعل الكبِد للتخليص وأخذِ صفو الغذاء وألطفه، ثم رتب منها مجاريَ وطرقًا يسوق بها الغذاء إلى كل عضو وعظم وعصب ولحم وشعر وظُفر، وجعل المنازل والأبواب لإدخال ما ينفعك وإخراج ما يضرك، وجعل الأوعية المختلفة خزائن تحفظ مادة حياتك؛ فهذه خزانة للطعام، وهذه خزانة للحرارة، وهذه خزائن للدم، وجعل منها خزائن مؤديات؛ لئلا تختلط بالخزائن الأخر، فجعل خزائن للمرة السوداء، وأخرى للمرة الصفراء، وأخرى للبول، وأخرى للمني؟! فتأمل حال الطعام في وصوله إلى المعدة وكيف يسري منها في البدن! فإنه إذا استقر فيها اشتملت عليه وانضمت، فتطبخه وتجيد صنعته، ثم تبعثه إلى الكبد في مجارٍ دقاقٍ، وقد جعل بين الكبد وبين تلك المجاري غشاءً رقيقًا كالمصفاة الضيقة الثقوب، تصفيه، فلا يصل إلى الكبد منه شيء غليظ خشن فينكؤها؛ لأن الكبد رقيقة لا تحمل الغليظ، فإذا قبلته الكبد أنفذته إلى البدن كله في مجارٍ مهيأة له بمنزلة المجاري المعدة للماء ليسلك في الأرض، فيعمها بالسقي، ثم يبعث ما بقي من الخبث والفضول إلى مصارف قد أعدت لها، فما كان من مرة صفراء بعثت به إلى المرارة، وما كان من مرة سوداء بعثت به إلى الطحال، وما كان من الرطوبة المائية بعثت به إلى المثانة، فمن ذا الذي تولَّى ذلك كله وأحكمه ودبره وقدره أحسن تقدير؟! إنه الله تعالى أحسن الخالقين؛ (مفتاح دار السعادة؛ لابن القيم:1-298) 25- قال العلامة ابن سعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَات) قال: "من الكتب الإلهية، والخوارق العظيمة، والعلم النافع المبيِّن للهدى من الضلال، والحق من الباطل، (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ الْعِلْمِ): المناقض لدين الرسل. ومن المعلوم أن فرحهم به: يدل على شدة رضاهم به وتمسُّكِهم، ومعاداة الحق الذي جاءت به الرسل، وجَعْلِ باطلهم حقاً، وهذا عامٌّ لجميع العلوم التي نوقض بها ما جاءت به الرسل، ومن أحقها بالدخول في هذا:" علوم الفلسفة، والمنطق اليوناني": الذي رُدَّت به كثير من آيات القرآن، ونقصت قدرَه في القلوب، وجعلت أدلَّته اليقينية:" أدلَّة لفظية": لا تفيد شيئاً من اليقين، ويقدَّم عليها عقول أهل السفه والباطل، وهذا من أعظم الإلحاد في آيات الله، والمعارضة لها والمناقضة، فالله المستعان"(تفسير الكريم الرحمن:1-743). 26- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "جماع الفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، وطريق السعادة والنجاة، وطريق الشقاوة والهلاك: أن يجعل ما بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه، وبه يحصل الفرقان والهدى، والعلم والإيمان، فيصدِّق بأنه حق وصدق، وما سواه من كلام سائر الناس يُعرَض عليه؛ فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل"(مجموع الفتاوى:13-135). 27- قال الشهرستاني: "إن أول شبهة وقعت في الخليقة: شبهة إبليس، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الأمر"(الملل والنحل:1-16). 28- قال الإمام الفخر الرازي -رحمه الله-: "إن كل أحدٍ من الناس يعلم بالضرورة أنه ما كان موجودًا قبل ذلك، وأنه صار الآن موجودًا، وأن كل ما وجد بعد العدم فلا بد له من موجِدٍ، وذلك الموجد ليس هو نفسه، ولا الأبوان، ولا سائر الناس؛ لأن عجز الخلق عن مثل هذا التركيب معلومٌ بالضرورة، فلا بد من موجِدٍ يخالف هذه الموجودات حتى يصح منه إيجادُ هذه الأشخاص"(تفسير الرازي:2-333). 29- قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ومن الشرك أن يعبد غير الله عبادة كاملة، فإنه يسمى شركا ويسمى كفرا، فمن أعرض عن الله بالكلية، وجعل عبادته لغير الله كالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو الجن أو بعض الأموات، من الذين يسمونهم بالأولياء، يعبدهم أو يصلي لهم أو يصوم لهم، وينسى الله بالكلية : فهذا أعظم كفرا وأشد شركا، نسأل الله العافية. وهكذا من ينكر وجود الله، ويقول: ليس هناك إله والحياة مادة كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا نسأل الله العافية"(مجموع فتاوى ابن باز:4/32-33). 30- قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الاشتراكيون ذبائحهم محرمة من جنس ذبح المجوس وعبدة الأوثان، بل ذبائحهم أشد حرمة، لكونهم أعظم كفرا بسبب إلحادهم وإنكارهم الباري عز وجل ورسوله، إلى غير ذلك من أنواع كفرهم"(مجموع فتاوى ابن باز:23-30). 31- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ذكر أهل العلم للإلحاد في أسماء الله تعالى أنواعاً يجمعها أن نقول : هو الميل بها عما يجب اعتقاده فيها، وهو على أنواع: النوع الأول : إنكار شيء من الأسماء، أو مما دلت عليه من الصفات، ومثاله :- من ينكر أن اسم الرحمن من أسماء الله تعالى كما فعل أهل الجاهلية. أو يثبت الأسماء، ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات، كما يقول بعض المبتدعة: إن الله تعالى رحيم بلا رحمة، وسميع بلا سمع. النوع الثاني : أن يسمى الله سبحانه وتعالى بما لم يسم نفسه. ووجه كونه إلحاداً : أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه؛ لأن هذا من القول على الله بلا عِلْم، ومن العدوان في حق الله عز وجل، وذلك كما فعل بعض الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة، وكما فعل النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك. النوع الثالث : أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها دالة على التمثيل. ووجه كونه إلحاداً: أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه. فقد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة، وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر، لأن تمثيل الله بخلقه كفر، لكونه تكذيباً لقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الشورى:11]، ولقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)[مريم:65]. قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري رحمها الله : "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه". النوع الرابع: أنه يشتق من أسماء الله تعالى أسماء الأصنام، كاشتقاق اللات من الإله، والعُزَّى من العزيز، ومَنَاة من المّنَّان"(فتاوى العقيدة:44). 32- يقول بعض الملحدين: إذا كان الله قدر عليَّ أعمالي، فلماذا يحاسبني؟ قال ابن عثيمين -رحمه الله-: "أفعال العباد كلها من طاعات ومعاصٍ كلها مخلوقة لله، ولكن ليس ذلك حجَّة للعاصي على فعل المعصية؛ وذلك لأدلة كثيرة، منها: (1) أن الله أضاف عمل العبد إليه، وجعله كسبًا له فقال سبحانه: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)[غافر: 17]، ولو لم يكن له اختيار في الفعل وقدرةٌ عليه ما نُسب إليه. (2) أن الله أمر العبد ونهاه ولم يكلفه إلا ما يستطيع؛ لقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: 286]، وقوله سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[التغابن: 16]، ولو كان مجبَرًا على العمل ما كان مستطيعًا على الفعل أو الكف؛ لأن المجبَر لا يستطيع التخلُّص. (3) أن كل واحد يعلم الفرق بين العمل الاختياري والإجباري، وأن الأول يستطيع التخلص منه. (4) أن العاصي قبل أن يُقدِم على المعصية لا يدري ما قدر له، وهو باستطاعته أن يفعل أو يترك، فكيف يسلك الطريق الخطأ ويحتج بالقدر المجهول؟ أليس من الأحرى أن يسلُكَ الطريق الصحيح ويقول: هذا ما قدر لي؟! (5) أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة؛ قال سبحانه: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)[النساء: 165]. ولو كان القدر حجةً للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعةٍ؛ قال الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: 286]، وقال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[التغابن: 16]، وقال سبحانه: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ)[غافر:17]. فدل على أن للعبد فعلًا وكسبًا يجزى على حسنه بالثواب، وعلى سيِّئِه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره؛ (شرح لمعة الاعتقاد؛ لابن عثيمين:93-94). 33- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "تلمسوا عظمته سبحانه في خلقه وآياته.. انظروا كم خلق منذ أدركتم معنى الخلق؟ كم أوجد في هذا الكون من بشر وحيوان وطير وجماد؟ تأملوا آياته في تقلب القلوب وتغير الأجواء وتبدل الأحوال.. تأملوها في تغير الناس والدول والأمم، كم من جبار قصمه؟ وكم من عزيز أذله؟ وكم من غني أفقره؟ وكم من دول سادت ثم بادت، وله سبحانه في كل يوم أفعال ومقادير وأقضية لا يحصيها غيره، ولا يقدرها سواه (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)[الرَّحمن:29]. تلكم هي أفعال الرب سبحانه (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)[هود:107] لا يحيط بها علمًا سواه (وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا)[الأنعام:59]. هذه الأفعال الربانية التي تحار فيها العقول، وتذهل من كثرتها ودقتها وتنوعها النفوس؛ قد ضل فيها كثير من البشر، وهي بوابة الإلحاد لمن لم يؤمن ويسلم، وهي طريق الشك والارتياب لمن أقحم عقله في الغيب المستور، وتكلف كشف القدر المكنون، وبحث في علل أفعال الرب سبحانه وتعالى، وجعل شرط الإيمان أن يعلم علة كل فعل لله تعالى، وحكمة كل قدر قدره سبحانه"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 34- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "قليل من الملاحدة الذين أنكروا الله تعالى نشئوا على الإلحاد؛ لأن الإيمان بالخالق سبحانه مغروس في الفطر، بل إن أكثر الملاحدة قديمًا وحديثًا يقرون بأنه لا يمكن أن يوجد الكون وما فيه بلا موجد له. لكن أكثرهم في القديم والحديث وصلوا للإلحاد عبر طريق تعليل أفعال الله تعالى، ولم تستسلم قلوبهم لشرعه، ولم تؤمن وتسلم بقدره، بل اشتغلوا بماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟!"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 35- وقال أيضا: "يغتر الواحد من هؤلاء المفتونين بذكائه وحدة عقله، ويعتقد أن التسليم بأفعال الله تعالى دون معارضة مخالف للعقل، وأن إيمانا هذا طريقه ليس إلا إيمان العوام والعجائز والمقلدة، وأن في العقل قدرة على كشف الغيب، وتعليل الفعل، والاطلاع على سر القدر، حتى قالوا: لا سلطان على العقل إلا العقل"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 36- وقال أيضا: "كثير ممن اعترضوا على شيء من شريعة الله تعالى، وقذفوا الناس بمتشابهها؛ عوقبوا على ذلك بالاعتراض على أفعال الله تعالى، والتشكيك في قدرته أو في حكمته، وكثير ممن اعترضوا على شيء من الشريعة في بدايات أمرهم لم يظنوا أن اعتراضهم سيئول بهم إلى الشك والارتياب، أو يوصلهم إلى الزندقة والإلحاد، ولكن من تأمل قول الله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63] علم خطورة الأمر، ولم يأمن على نفسه الزيغ، وأمسك لسانه وقلمه عن الاعتراض على شيء من أوامر الله تعالى. وكم من شخص اعترض على حكم شرعي رآه صغيرًا انتهى به المطاف إلى الزندقة! وكم من مؤمنة اعترضت على الحجاب فانتهت إلى الإلحاد! وسر ذلك: أن من اجترأ على محرم فأباحه، أو واجب فأسقطه، أو اعترض على شيء من الدين فقد كسر هيبة الشريعة في قلبه، وهان صاحب الشريعة سبحانه في نفسه، فانتقل في اعتراضه من الجزئي إلى الكلي، وصار مع اعتراضه على الشريعة يعترض على أفعال الله تعالى وقضائه في عباده"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 37- وقال أيضا: "إن الاعتراض على حكم الله تعالى، وطلب العلة لأفعاله كثير في الناس، حتى سرت فيهم ألفاظ وأمثال يقولونها، فيها قلة أدب مع الله تعالى، وسوء ظن به سبحانه، ولاسيما إذا رأوا الرزق يصب على من يظنونه لا يستحقه، أو رأوا حرمان من يظنون أنهم مستحقون، وكم من قائل: لماذا يسلط الله تعالى الطغاة على الشعوب فيسومونهم سوء العذاب، وهو قادر على أخذهم؟ وكم من قائل هذه الأيام: ما ذنب أطفال سوريا يذبحون ولا ينتصر الله تعالى لهم؟ وما ذنب نسائها الصالحات تغتصب وتهان ولا ينتقم الله تعالى من المجرمين؟ بل سرت عند بعض الناس مقولة: لماذا يموت المجرم الظالم الذي عذب ملايين البشر موتًا طبيعيًّا، ولماذا لم يعذبه الله في الدنيا ونرى عذابه؟! وتشاهد كثيرا من الناس إذا أصابه نوع من البلاء يقول: يا رب ما كان ذنبي حتى فعلت هذا بي؟! وهذا البلاء العظيم، والداء الوبيل بتقحم الإنسان ما لا علم له به، والسعي لإدراك علل أفعال الرب سبحانه، والاعتراض على قدره؛ يتسرب اليوم إلى شباب المسلمين وفتياتهم عن طريق الروايات العربية والأجنبية، وكتابات المفكرين الغربيين وزنادقة العرب.. تلك الكتب والمقالات والروايات التي يسوق لها ولأصحابها الإعلام المنحرف، وهي مليئة بهذه الأسئلة والاعتراضات، فلا يقرؤها أحد منهم إلا كرع من الشبهات ما يغطي قلبه، وعب من الضلال ما يعمي بصيرته، فلا يلبث إلا يسيرًا ثم يظهر تمرده على الله تعالى وطعنه في شريعته.. ولو كُشفت لكم قلوب من فلتت ألسنتهم ببعض الطعن في شريعة الله تعالى من الإعلاميين والمفكرين لرأيتم الشك والجحود يملؤها، والتوتر والقلق يمزقها، والصدأ والظلمة تغطيها، فتحجبها عن أنوار الإيمان، وشفاء القرآن"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 38- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "إن مقتضى إيمان العبد بأن الله تعالى خلق الكون وأحكمه، وأنه لا يمكن للكون وما فيه أن يسير بهذا الانتظام إلا بمدبر عليم قدير يجب أن يقوده إلى التسليم والإقرار بأنه سبحانه لا يخلق ولا يفعل إلا لحكمة، ولو خفيت هذه الحكمة على العباد كلهم. وهذا أمر كلي كبير، فإذا ورد على قلبه من الأفعال الجزئية ما لا يدرك حكمته فلا يعلق قلبه بهذا الشيء الجزئي الصغير، بل يرده إلى الأمر الكلي الكبير، وهو أصل الخلق والوجود، فيقضي به على الشبهة"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 39- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "ليعلم العبد أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة، فمن كان أعلم وأقدر؛ كانت أفعاله أحكم وأكمل، والرب سبحانه منفرد بكمال العلم والقدرة، فحكمته بحسب علمه وقدرته، فأنى للعبد العاجز الجاهل أن يدرك حكمة العليم القدير إن حجبها عنه، وتأملوا قول الملائكة عليهم السلام وهم هم علمًا وحكمة وقربًا من الله تعالى (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ)[البقرة:32]. وما حال المعترض على أفعال الله تعالى لجهله بحكمتها إلا كحال من وصفهم الله تعالى بقوله (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)[يونس:39]"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 40- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "من ابتُلي بكثرة الوارد من الشبهات على قلبه فليلجأ إلى الله تعالى بالضراعة، وليكثر من ذكره سبحانه؛ ليطرد وساوس الشيطان، وليردد الدعاء القرآني المبارك الذي جاء عقب ذكر الشبهات التي تزيغ بها القلوب (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ)[آل عمران:8]. وليدمن على القرآن، ففيه من البراهين العقلية ما يدحض الشبهات، وفيه من صفات الله تعالى ما يملأ القلب إيمانًا وتعظيمًا لربه سبحانه"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 41- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "إن الشر لا ينسب لله تعالى ولو كان لا يقع إلا بقدره سبحانه، ولما ذُكر الإعزاز والإذلال في آية إيتاء الملك ونزعه؛ عُقب عليه (بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[آل عمران:26] فذُكر الخير ولم يذكر الشر، مع أن الذل ونزع الملك شر بالنسبة لمن أصابه، لكن فيه من الخير ما يطغى على الشر؛ ولذا قدره الله تعالى، فتلك طريقة القرآن في عدم نسبة الشر لله تعالى. تأملوا أدب الخليل عليه السلام مع الله تعالى حين عرَّف به فقال (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشعراء:80] فلم ينسب المرض إلى الله تعالى، ونسب الشفاء إليه سبحانه. وانظروا أدب الصالحين من الجن حين قالوا (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)[الجنّ:10]؛ فحكوا الشر بصيغة المجهول لئلا ينسب لله تعالى، ونسبوا الرشد إليه سبحانه. وتعلموا من أدب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الله تعالى حين كان يقول في دعاء صلاة الليل: "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ وَالشَّرُّ ليس إِلَيْكَ"(رواه مسلم). فالشر لا ينسب لله تعالى وإن كان داخلاً في عموم خلقه (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[الأنعام:101]"(خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ المصدر ملتقى الخطباء). 42- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "الواجب على المسلم أن يبرأ إلى الله تعالى من كل مرتد وزنديق وملحد، وأن يحذر من امتداحه أو الثناء المطلق عليه دون التحذير من زندقته وإلحاده؛ فإن مدح الزنادقة من صفات المنافقين الذين كانوا يزكون المشركين، ويطعنون في المؤمنين، ومن مقتضيات إيمان العبد بالله تعالى أن يحب لله تعالى ويبغض لله تعالى، ويوالي في الله تعالى، ويعادي في الله تعالى، ولا يغرنكم كثرة المادحين في الصحافة والإعلام للزنادقة والملاحدة؛ فإن ذلك من أوضح الأدلة على فساد الصحافة والإعلام، وأنه لا يمثل الإسلام والمسلمين"(خطبة الصحافة وتمجيد الزنادقة؛ المصدر ملتقى الخطباء). 43- قال د. عمرو شريف "الدَّهريَّة: :مذهب كل من اعتقد في قِدَم الزمان والمادة والكون، وأنكر الألوهية والخَلْق، والعناية والبعث والحساب، كما يرون أن الموجب للحياة والموت هو طبائع الأشياء، وحركات الأفلاك، وهؤلاء الدَّهريَّة المنكرون للألوهية هم أقرب الكافرين من الملاحدة المعاصرين، كما يخبرنا القرآن الكريم عما سيدعيه بعض الدهريين بعد أربعة عشر قرنًا عن خلق الكون والإنسان من عدم، فيقول الحق عز وجل: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)[الطور:35]؛ (وهم الإلحاد؛ د. عمرو شريف:17). 44- قال د. عمرو شريف عند قوله سبحانه: (مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ)[الطور:35] هنا تعني: من غير مادة ومن غير سبب، كما تعني (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)[الطور:35] أن الشيء يخلق ذاته، وقد ادعى الملاحدة المعاصرون وقوع هاتين الفرضيتين المستحيلتين؛ (وهم الإلحاد؛ د. عمرو شريف:18). 45- قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: "الناس جميعا، المؤمن منهم والكافر، والناشئ في صوامع العبادة، والمتربي في مخادع الفسوق، اذا ألمّت بهم ملمّة ضاقوا بها ذرعا، ولم يجدوا لها دفعا، لم يعوذوا منها بشيء من هذه الكائنات، وإنما يعوذون بقوة وراء هذه الكائنات، قوة لا يرونها، ولكنهم يشعرون بأرواحهم وقلوبهم، وكل عصب من أعصابهم بوجودها، وبعظمتها وجلالها. يقع هذا لكثير من الطلاب أيام الامتحان، ولكثير من المرضى عند اشتداد الألم وعجز الطبيب كلهم يعودون إلى ربهم، ويقبلون على عبادته. فهل سألتم أنفسكم، ما السبب في هذا وأمثاله؟ لماذا نجد كل من وقع في شدة يرجع إلى الله؟ نذكر جميعا أيام الحرب الماضية، والتي قبلها، كيف كان الناس يقبلون على الدين، ويلجؤون إلى الله؟! الرؤساء والقواد يؤمّون المعابد، ويدعون الجنود إلى الصلاة"(تعريف عام بدين الإسلام للشيخ علي الطنطاوي:45). 46- قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: "في قرارة نفس كل إنسان الإيمان بإله، هذه حقيقة نعرفها نحن المسلمين؛ لأن الله خبرنا أن الإيمان فطرة فطر الناس عليها، وقد عرفها الإفرنج من جديد، (دوركايم) أستاذ الاجتماع الفرنسي المشهور له كتاب في أن الإيمان بوجود إله بديهية. لا يمكن أن يعيش الإنسان ويموت من غير أن يفكر في وجود إله لهذا الكون، ولكنْ ربما قصر عقله فلم يهتد إلى المعبود بحق، فعبد من دونه أشياء، عبدها على توهم أنها هي الله، أو أنها تقرب إلى الله. فإذا جد الجد، وكانت ساعة الخطر، رجع إلى الله وحده، ونبذ هذه المعبودات. مشركو قريش، كانوا يعبدون (هبل)، و (اللات)، و (العزى)، حجارة وأصنام، (هبل) صنم من العقيق، جاء به (عمرو بن لحيّ) من عندنا، من (الحمّة) قالوا له : إنه إله عظيم قادر، فحمله على جمل وجاء به، فسقط على الطريق فانكسرت يده، فعملوا له يدا من ذهب. إله تنكسر يده ! وكانوا مع ذلك يعبدونه !! يعبدونه في ساعات الأمن، فإذا ركبوا البحر، وهاجت الأمواج، ولاح شبح الغرق، لم يقولوا : يا (هبل). بل قالوا : يا الله. وهذا مشاهد إلى اليوم عندما تغرق السفن، أو تشب النيران، أو يكون الخطر، أو يشتد المرض، تجد الملحدين يرجعون إلى الدين. لماذا؟ لأن الإيمان غريزة، أصدق تعريف للإنسان أنه (حيوان متدين)"(تعريف عام بدين الإسلام للشيخ علي الطنطاوي:46-47). 47- قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: "الاعتقاد بوجود الله من الأمور البديهية التي تدرك بـ (الحدس) النفسي، قبل أن تقبل بالدليل العقلي، فهي لا تحتاج إلى دليل، وإن كانت الأدلة على صحتها ماثلة في كل شيء، ولست أعرض هذه الأدلة فهي أكثر من أن تستقصى، والعالم الدمشقي الشيخ جمال الدين القاسمي ذكر منها الكثير الكثير، في كتابه (دلائل التوحيد). مع أنه ألف من أكثر من نصف قرن. ومع أنها قد جدت اليوم أدلة أظهرها العلم الحديث. الذي لم يكن معروفا قبل خمسين سنة، ومن نظر في كتاب: (الله يتجلى في عصر العلم)، وقد كتبه ثلاثون من علماء الطبيعة والفلك ممن انتهت إليهم الرياسة في هذه العلوم. ومثله كتاب: (العلم يدعو للإيمان)، يجد أن العالِم الحقيقي لا يكون إلا مؤمنا، والعامي لا يكون إلا مؤمنا، وان الالحاد والكفر انما يبدوان من أنصاف العلماء، وأرباع العلماء، ممن تعلم قليلا من العلم، فخسر بذلك (الفطرة) المؤمنة، ولم يصل إلى العلم الذي يدعو إلى الإيمان، فوقع في الكفر. في هذين الكتابين مقالات، هي ثمرة ما وصل اليه تفكير هؤلاء العلماء، من أمثال (فرنك الن) الذي أثبت أن القول بقدم العالم - كما كان يقول فلاسفة اليونان - مستحيل، وان العلم كشف ان لكل شيء عمرا، أي أن له بداية، تنفي كونه قديما. و (فرنك الن) هذا، من أكبر علماء الحياة (البيولوجيا). وأمثال (روبرت موريس بدج) مكتشف الرادار، وعالم الكيمياء (جون كليفلاند كوثران)، و (جون هربرت بلوند) استاذ الفيزياء، وأنا أرجو أن تقرأوا هذين الكتابين وأمثالهما... وأمثالهما كثير: أنا لا أحب أن أعيد سرد الادلة القديمة على وجود الله، أدلة علماء الكلام، ولا الادلة الحديثة التي جاء بها هؤلاء العلماء، ولكن أشير إلى دليل واحد من الادلة القرآنية، وادلة القرآن: واضحة، صريحة، حاسمة. تأتي بالحجة الضخمة، في العبارة القصيرة، التي يفهمها العامي، وتمتلئ نفس العالم الذي يدرك مغزاها، اعجابا منها، وعجبا من قوتها ودقتها ووضوحها، وكلاهما (العامي والعالم) لا يملك الا أن يقول: صحيح! نبهنا الله في القرآن بكلمة واحدة، على أن الدليل فينا، "في أنفسنا"، فكيف ننكر قضية قد سطر على جباهنا ما يشعر بصدقها، قال تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟!} فنحن نشعر - من أعماق قلوبنا - بأنه موجود، نلجأ اليه في الشدائد والملمات، بفطرتنا المؤمنة، بغريزة التدين فينا، ونرى الادلة عليه فينا، وفي العالم من حولنا، فالعقل الباطن يؤمن وجوده بالحدس، والعقل الواعي يؤمن بوجوده بالدليل. فكيف لعمري يجحد الله الجاحد، وهو -نفسه- الدليل على وجوده؟! بأنه كمن يحمل مالك بيده، ويدعي انه لم يأخذه ولم يلمسه، ومن يلبس ثيابه مبتلة يقطر منها الماء، ويدعي أنه لم يقرب الماء. هذه حقيقة الحقائق، ولكن لماذا نجد أكثر الناس لا ينتبهون اليها؟! الجواب: لأنهم لا يفكرون في أنفسهم، {نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم}. انهم يفرون منها، يخافون الانفراد بها، لا يستطيع أحدهم أن يبقى وحيدا، خاليا بنفسه بلا عمل، لذلك يشتغل عنها بحديث فارغ، أو كتاب تافه، أو عمل يشغل نفسه، ويصرم فيه عمره، كأن نفسه عدو له يكرهه، وينفر منه. وكأن عمره - وهو رأس ماله - حمل على عاتقه، يرمي به ليتخلص منه. أنظر إلى أكثر الناس تجدهم يأكلون ويشربون، وينامون ويستيقظون. يحرصون على اللذة، ويبتعدون عن الألم، يبتغون الخير في الدنيا لأنفسهم وأهلهم ومن يحبون. يصبح الواحد منهم فينظف جسده، ويرتدي ثيابه، ويتناول طعامه، ويغدو إلى عمله، يعمل لجمع المال ويستزيد من الربح، ثم يعود إلى داره، فيتغذى ويستريح. ثم يعود إلى العمل، أو يعمد إلى التسلية. يفتش عما يملأ به الفراغ، ويضيع به الوقت، ويقطع به العمر، حتى يعاوده الجوع فيأكل، أو يدركه النعاس فينام. ثم يستقبل يوماً جديداً، فيعيد فيه (برنامج) اليوم الذي مضى. يذكر ماضيه، وما ماضيه الا الأيام التي أحس أنه عاشها في هذه الدنيا، ويفكر في مستقبله، وما مستقبله الا الأيام التي يقدّر أنه يعيشها في هذه الدنيا. أما المسلم، فلا يكتفي من الحياة بأن يأكل ويشرب، ويعمل ويتسلى، بل يسأل نفسه، من أين جئت؟ وإلى أين أسير؟ ما المبدأ؟ وما المصير؟ ينظر فيجد ان حياته لم تبدأ بالولادة حتى تنتهي بالموت. يرى انه كان جنينا في بطن أمه قبل أن يولد، وكان حُوَيْناً منويا في ظهر أبيه قبل أن يَسْتَجِنّ. وكان قبل ذلك دما يجري في عروق هذا الأب. وهذا الدم جاء مما تناول من الغذاء، وهذا الغذاء كان نباتا نبت من الأرض، او حيوانا تغذى من النبات.. أطوار مرّ بها قبل الولادة لا يعرف عنها شيئا، سلسلة طويلة، فيها حلقات قليلة واضحة، وباقيها يحجبه عن عيوننا الظلام، فكيف يوجد نفسه بعقله وارادته وقد كان موجودا، قبل أن يكون له عقل وارادة؟ إن الواحد منا لا يعرف نفسه قبل بلوغه الرابعة من عمره، لا يذكر أحد منها مولده. من يذكر مولده؟ من يذكر أيامه لما كان في بطن أمه؟ فاذا كان موجودا قبل أن يعلم بوجوده، فهل يمكن أن يقال انه هو الذي أوجد نفسه؟ سل هذا الكافر الملحد - ان لقيته - وقل له: هل خلقت أنت نفسك بإرادتك وعقلك؟ هل أنت الذي ادخلت نفسك في بطن أمك؟ وهل أنت الذي اختار هذه المرأة لتكون له أما؟ وهل أنت الذي ذهب بعد ذلك فجاء بالقابلة لتخرجه من هذا البطن؟ فهل خلق اذن من العدم بلا فاعل ولا خالق؟ هذا مستحيل. فهل خلقته اذن هذه الموجودات التي كانت من قبله؟ الجبال والبحار والشمس والكواكب؟ (ديكارت) لما جرّب مذهب الشك الذي اشتهر به وشك في كل شيء، وصل إلى نفسه. فلم يستطع أن يشك فيها؟ لأنه هو الذي يشك ولا بد في الشك من شاك، لذلك قال كلمته المشهورة (أنا أفكر فأنا موجود)، موجود لا شك في وجوده، فمن أوجده؟ هل أوجدته هذه الكائنات المادية؟ انها جمادات لا عقل لها، وهو عاقل، فهل يمنح العقل من ليس بعاقل؟ هل يعطي الشيء فاقده؟"(تعريف عام بدين الإسلام:53-56). 48- قال الأشعري: "إن سأل سائل فقال: ما الدليل على أن للخلق صانعاً صنعه ومدبرا دبره؟ قيل له: الدليل على ذلك أن الإنسان الذي هو في غاية الكمال والتمام، كان نطفة ثم علقة ثم لحما ودما وعظما، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال إلى حال، لأننا نراه في حال كمال قوته وتمام عقله لا يقدر أن يحدث لنفسه سمعا ولا بصرا، ولا أن يخلق لنفسه جارحة، ويدل ذلك على أنه في حال ضعفه ونقصانه عن فعل ذلك أعجز، ورأيناه طفلا ثم شابا كهلا ثم شيخا، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال الشباب إلى حال الكبر والهرم، لأن الإنسان لو جهد أن يزيل عن نفسه الكبر والهرم ويردها إلى حال الشباب لم يمكنه ذلك، فدل ما وصفنا على أنه ليس هو الذي ينقل نفسه في هذه الأحوال، وأن له ناقلا نقله من حال إلى حال، ودبره على ما هو عليه، لأنه لا يجوز انتقاله من حال إلى حال بغير ناقل ولا مدبر، ومما بين ذلك أن القطن لا يجوز أن يتحول غزلا ومفتولا، ثم ثوبا منسوجا، بغير ناسج ولا صانع ومدبر، ومن اتخذ قطنا ثم انتظر أن يصير غزلا مفتولا ثم ثوبا منسوجا بغير صانع ولا ناسج كان عن المعقول خارجا، وفي الجهل والجا، وكذلك من قصد إلى برية ولم يجد قصرا مبنيا فانتظر أن يتحول الطين إلى حالة الآجر وينتضد بعضه على بعض بغير صانع ولا بانٍ، كان جاهلا، وإذا كان تحولة النطفة علقة، ثم مضغة، ثم لحما ودما وعظما، أعظم في الأعجوبة، وكان أولى أن يدل على صانع صنع النطفة ونقلها من حال إلى حال. وقد قال الله تعالى: “أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ” (الواقعة: 58، 59). فما استطاعوا أن يقولوا أنهم يخلقون ما يمنون مع تمنيهم للولد. وقد قال الله تعالى منبها لخلقه على وحدانيته: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ). بيّن لهم عجزهم وفقرهم إلى صانع صنعهم ومدبر دبرهم". 49- قال أحمد خالد الطحان: "اغتر كثير من الباحثين بكتابات المستشرقين عن الإلحاد وساروا في ركابهم فأصبحوا يرددون:" إن كلمة الإلحاد هي ترجمة لكلمة إغريقية قديمة وهي atheos وكانت هذه الكلمة مستعملة من قِبَل اليونانيون القدماء بمعنى ضيق وهو عدم الإيمان بإله وفي القرن الخامس قبل الميلاد تم إضافة معنى آخر لكلمة إلحاد وهو إنكار فكرة الإله الأعظم الخالق. ثم قسموا الإلحاد قسمين: الأول: إلحاد قوي أو إلحاد موجب وهو نفي وجود إله (إلحاد نفي). الثاني: إلحاد ضعيف أو إلحاد سالب وهو عدم الاعتقاد بوجود إله. فالفرق بين الملحد الموجب والسالب -عندهم- هو أن الملحد الموجب ينفي وجود الله تعالى، وقد يستعين بنظريات علمية وفلسفية لإثبات ذلك، بينما الملحد السالب يكتفي فقط بعدم الاعتقاد بالله نظرا لعدم قناعته بالأدلة التي يقدمها المؤمنون"(مقال: معنى الإلحاد وأقسامه). 50- قال أحمد خالد الطحان: "الحق الذي لا مِرية فيه عندنا نحن المسلمين: أن الإلحاد ظهر قبل اليونانيين القدماء بل وقبل كل القدماء الأقدمين، نعلمه من ديننا علم اليقين، وقد سجل القرآن الكريم معالم الإلحاد الأولى وحكاها تفصيلا وتحذيرا فقال رب الأرباب سبحانه: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[البقرة:34] وقال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)[الكهف:50]، وقال جل وعز: (فَسَجَدَ الملائِكَةُ كُلُّهُم أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[ص:74-75]. فإبليس الملعون هو أبو الملحدين ففي آيات البقرة وص " وكان من الكافرين " وفي آية الكهف " ففسق عن أمر ربه " فالفسق والكفر هما أصل الإلحاد وعينه، وهذه هي بذرة الإلحاد الأولى.. ". إلى أن قال: "فإبليس هو أول من ألحد وجاء الوصف في القرآن الكريم بالكفر والفِسْق.. ولنكن دائما على ذكْرٍ لمعنى الإلحاد وأنه: الميل والعدول عن الطريق القويم، وأن الكفر: الجحود والإنكار، والفسق هو: الخروج والعدول وقد ذكر الله تعالى أن إبليس قال: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِم وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[الأعراف:16-17]. والطريق القويم هو صراط الله المستقيم وقد قال إبليس: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم)، فكان أول الملحدين وأول من دعا إلى الإلحاد، وأمَالَ العباد عن الطريق المستقيم مستعينا بذريته من الجن ومن أطاعه من الإنس فتشيطنوا وأصبحوا شياطين الإنس (شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)[الأنعام:112]. فالإلحاد عمليا بدأه إبليس لكنه لم يُسَمَّى إلحادا بل سمي: كُفرا، وفسوقا، وإباءً لأمر الله تعالى، واستكبارا، وضلالا... وسمي فيما بعد زندقة وإلحاداً" (مقال: معنى الإلحاد وأقسامه). "الشيوعية هي مذهب فكري يقوم على الإلحاد وإنكار الخالق، ويعتبر المادة أساسَ كل شيء. وقد وضع أسسه الفكرية والنظرية (كارل ماركس) اليهودي الألماني"(الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة:2-929). 51- الوجودية: وهي مذهب فكري يقوم على الإلحاد وإنكار الخالق، ويعتبر الوجود الإنساني هو المشكلة الكبرى، والتجربة الإنسانية هي منبع المعرفة وأساس البحث عندهم"(الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة:2-978). 52- كيف دخل الإلحاد بلاد المسلمين؟ يمكن أن نوجز أسباب دخول ظاهرة الإلحاد إلى كثير من بلاد المسلمين فيما يلي: (1) انحراف كثير من المسلمين عن دينهم، ونسيانهم حظًّا مما ذُكِّروا به، وإلا فإن الصبر والتقوى كفيلان بردِّ كل باطل. (2) هزيمة العالم الإسلامي أمام غزو الدول الأوروبية، فما كاد الأوروبيون يمتلكون القوة المادية، ويستخدمون الآلة، ويبنون المصانع - حتى اتجهوا إلى الدول الإسلامية؛ بحثًا عن الأسواق لبيع منتجاتهم الصناعية، وجلبًا للمواد الخام اللازمة للصناعة، ولما كان العالم الإسلامي في غاية الضعف - اقتصاديًّا وعسكريًّا - لم يصمد أمام تلك الهجمة، وكان للهزيمة العسكرية أثرها في زعزعة العقيدة، ووجود الشعور بالنقص، وتقليد الأوروبيين، والتشبُّه بأخلاقهم؛ ظنًّا من بعض المسلمين ـ لشدة جهلهم ـ أن أوروبا لم تتطور إلا عندما أبعدت الدين عن الحياة. (3) احتلال الدول الغربية لكثير من بلاد المسلمين؛ فلقد عانى المسلمون من الاستعمار وويلاته؛ حيث امتصت الدول الغربية دماء المسلمين، وخيراتهم، وأوطانهم. (4) تركيز الدول الأوروبية على إفساد التعليم، والإعلام، والمرأة، وتشويه صورة علماء المسلمين، مع الحرص على نشر الفوضى الخُلقية، والإباحية؛ حيث غرق كثير من الشباب في هذا المستنقع الآسن، والإلحاد لا يظهر إلا في مثل هذا الجو. (5) انتشار الجهل بدين الإسلام، وانتشار الخرافات بين المسلمين؛ فاستغل الملاحدة ذلك، ودخلوا من خلاله إلى الطعن في الدِّين. (6) إرسال كثير من أبناء المسلمين إلى الدول الأوروبية لطلب العلوم المختلفة، وهم غير محصنين بالعقيدة الصحيحة، فعاشوا في تلك البلاد، وتأثروا بما فيها من أفكار وأخلاق، وربما رجعوا بشهادة الدكتوراه بعد أن يفقدوا شهادة: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله. (7) تقصير علماء المسلمين في جانب الدعوة إلى الله تعالى، وخاصة في جانب ترسيخ عقيدة توحيد الله تعالى. (8) سقوط الخلافة الإسلامية. (9) اهتمام كثير من المسلمين بملذات الدنيا، والركون إلى الراحة. (رسائل محمد بن إبراهيم الحمد في العقيدة:29-31). 53- قال فاروق الدسوقي: "المنهج النفسي التجريبي حيث يجري عليهم تجربة نفسية تتلخص في أن نأخذ بعض الملاحدة في قارب صغير في بحر لجي حيث يوشك القارب أن يغرق بهم بشرط أن تكون التجربة دون علم هؤلاء الملاحدة، ثم علينا بعد ذلك أن نسجل مشاهداتنا وملاحظاتنا عن سلوكهم حيال هذا الخطر على حياتهم، وسنرى هل سيتوجهون إلى الأرض أم السماء؟ وهل سيدعون البحر أم رب البحر وخالقه؟ وعلينا أن نسألهم بعد ذلك: من أين لهم هذا الإيمان دون مناظرة أو مجادلة؟ إن القرآن الكريم يخبرنا أنهم في تلك اللحظة لا يؤمنون فقط بوجود الله، ولكن بأنه الواحد الأحد القادر، ونحن نتحدى ملاحدة هذا العصر أن يقيموا هذه التجربة بشرط أن يتحلوا بالأمانة والحياد، والرغبة في الوصول إلى الحق والحقيقة"(القضاء والقدر في الإسلام؛ لفاروق الدسوقي:1/99-101).
الإحالات
1- خطبة الصحافة وتمجيد الزنادقة؛ للشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل 2- خطبة الاعتراض طريق الإلحاد؛ للشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل. 3- نقد العقل الملحد؛ أ.د خالد كبير علال 4- الإلحاد.. أسبابه طبائعه مفاسده أسباب ظهوره علاجه؛ الشيخ محمد الخضر حسين. 5- العقيدة الإسلامية في مواجهة التيارات الإلحادية؛ د. فرج الله عبدالباري. 6- تعريف عام بدين الإسلام؛ الشيخ علي الطنطاوي 7- حوار مع صديقي الملحد؛ لمصطفى محمود 8- الإلحاد؛ للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق. 9- رسائل في العقيدة؛ د. محمد بن إبراهيم الحمد. 10- الله يتجلى في عصر العلم؛ نخبة من العلماء الأمريكيين 11- العلم يدعو للإيمان؛ لكريسى موريسون؛ المترجم: محمود صالح الفلكي 12- مقال ظاهرة الإلحـــاد؛ خالد بن محمد الشهري 13- مقال معنى الإلحاد وأقسامه؛ للشيخ أحمد خالد الطحان