إحسان

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

الإحسان لغة:

 

ضدّ الإساءة، ورجل محسن ومحسان، الأخيرة عن سيبويه.

والمحاسن في الأعمال: ضدّ المساويء. وقوله تعالى (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) [الرعد: 22]، أي يدفعون بالكلام الحسن ما ورد عليهم من سيّء غيرهم.

وحسّنت الشّيء تحسينا: زيّنته، وأحسنت إليه وبه، وروى الأزهريّ عن أبي الهيثم أنّه قال في قوله تعالى في قصّة يوسف، على نبيّنا وعليه الصّلاة والسّلام: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) [يوسف: 100] أي قد أحسن إليّ  [لسان العرب (باختصار وتصرف) ج 1 ص 877 وما بعدها (ط. دار المعارف) ] .

 

الإحسان اصطلاحا:

 

يختلف معنى الإحسان اصطلاحا باختلاف السّياق الّذي يرد فيه، فإذا اقترن بالإيمان والإسلام كان المراد به: الإشارة إلى المراقبة وحسن الطّاعة، وقد فسّره النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك عندما سأله جبريل: ما الإحسان؟ فقال: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك .. »

أمّا إذا ورد الإحسان مطلقا فإنّ المراد به:

فعل ما هو حسن، والحسن وصف مشتقّ من الحسن الّذي يراد به اصطلاحا- فيما يقول الجرجانيّ: ما يكون متعلّق المدح في العاجل والثّواب في الآجل [ التعريفات للجرجاني (91) ] .

وذهب التّهانويّ إلى أنّ لفظ الحسن يطلق ويراد به- اصطلاحا- واحد من أمور ثلاثة:

الأوّل: كون الشّيء ملائما للطّبع وضدّه القبح بمعنى كونه منافرا له.

الثّاني: كون الشّيء صفة كمال وضدّه القبح وهو كونه صفة نقصان وذلك مثل العلم والجهل.

الثّالث: كون الشّيء متعلّق المدح وضدّه القبح بمعنى كونه متعلّق الذّمّ.

وقال المناويّ: الإحسان إسلام ظاهر، يقيمه إيمان باطن، يكمّله إحسان شهوديّ.

وقال الرّاغب: الإحسان: فعل ما ينبغي فعله من المعروف، وهو ضربان: أحدهما: الإنعام على الغير، والثّاني الإحسان في فعله وذلك إذا علم علما محمودا، وعمل عملا حسنا، ومنه قول عليّ- رضي اللّه عنه-: النّاس أبناء ما يحسنون. أي منسوبون إلى ما يعلمون ويعملون. [بصائر ذوي التمييز (2/ 465) ] .

وقال الكفويّ: الإحسان: هو فعل (الإنسان) ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنا به، كإطعام الجائع، أو يصير الفاعل به حسنا بنفسه، فعلى الأوّل:

الهمزة في أحسن للتّعدية وعلى الثّاني للصّيرورة [ انظر كشاف اصطلاحات الفنون (2/ 148) وما بعدها والتوقيف على مهمات التعاريف لمحمد عبد الرءوف المناوي (41) والمفردات للراغب (119)، والكليات للكفوي (53) ] .

 

العناصر

1- معنى الإحسان .

 

 

2- درجات الإحسان .

 

 

3- الإحسان من أهم وسائل نهضة ورقي المسلم وتقدمه .

 

 

4- من تعظيم شعائر الله إحسان العمل وإتمامه والحرص على كماله .

 

 

5- الإحسان من منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

 

 

6- المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الإحسان .

 

 

7- إحسان الظن بالله يقتضي العمل .

 

 

8- إحسان خاتمتنا يقوم على دعامتين هما جناحي العبادة وهما الخوف والرجاء .

 

 

9- من أخطر العيوب إحسان الظن بالنفس وإغفال عيوبها والإعجاب بالعمل .

 

 

10- إحسان العشرة مع الناس من حسن الخلق ومن أعظم الوسائل لكسب قلوبهم .

 

 

11- صور من الإحسان يغفل عنها الناس .

 

الايات

1- فقول الله تعالى: (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 236] .

 

 

2- قوله تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [يوسف: 36] .

 

 

3- قوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) [لقمان: 22] .

 

 

4- قوله تعالى: (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) [الصافات: 113] .

 

 

5- قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) [البقرة: 83] .

 

 

6- قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 151- 152] .

 

 

7- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 178] .

 

 

8- قوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة: 229] .

 

 

9- قوله تعالى: (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) [ النساء: 86] .

 

 

10- قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [ النحل: 90] .

 

 

11- قوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [ القصص: 77] .

 

 

12- قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [ البقرة: 195] .

 

 

13- قوله تعالى: (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 172] .

 

 

14- قوله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) [النساء: 128] .

 

 

15- قوله تعالى: (َيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 91].

 

 

16- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 28- 29 ] .

 

 

17- قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33 ] .

 

الاحاديث

1- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- قال: أقبل رجل إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من اللّه. قال: «فهل من والديك أحد حيّ؟» قال: نعم، بل كلاهما. قال: «أفتبتغي الأجر من اللّه؟» قال: نعم، قال: «فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما» [رواه مسلم (2549) ] .

 

 

2- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفّر اللّه عنه كلّ سيّئة كان زلفها  وكان بعد ذلك القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسّيّئة بمثلها، إلّا أن يتجاوز اللّه عنها» [رواه البخاري- الفتح 1 (41) ].

 

 

3- عن شدّاد بن أوس- رضي اللّه عنه- قال: ثنتان حفظتهما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ قال: «إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح، وليحدّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته» [رواه مسلم (1955) ] .

 

 

4- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها، ثمّ قامت فخرجت، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فحدّثته. فقال: «من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهنّ كنّ له سترا من النّار» [رواه البخاري- الفتح 10 (5995) ] .

 

 

5- عن سليمان بن عمرو بن الأحوص؛ قال: حدّثني أبي، أنّه شهد حجّة الوداع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فحمد اللّه وأثنى عليه، وذكّر ووعظ. فذكر في الحديث قصّة فقال: «ألا واستوصوا بالنّساء خيرا، فإنّما هنّ عوان عندكم  ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك، إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة، فإن فعلن فاهجروهنّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا. ألا إنّ لكم على نسائكم حقّا، ولنسائكم عليكم حقّا. فأمّا حقّكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقّهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ وطعامهنّ» [رواه الترمذي (1163) وقال: هذا حديث حسن صحيح والحديث أصله في مسلم من حديث جابر رضي اللّه عنه (1218) ] .

 

 

6- عن عقبة بن عامر- رضي اللّه عنه- قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي فروّحتها بعشيّ. فأدركت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائما يحدّث النّاس، فأدركت من قوله: «ما من مسلم يتوضّأ فيحسن وضوءه. ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين. مقبل عليهما بقلبه ووجهه. إلّا وجبت له الجنّة» قال: فقلت: ما أجود هذه! فإذا قائل بين يديّ يقول: الّتي قبلها أجود. فنظرت فإذا عمر. قال: إنّي قد رأيتك جئت آنفا. قال: «ما منكم من أحد يتوضّأ فيبلغ (أو يسبغ) الوضوء ثمّ يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا عبد اللّه ورسوله إلّا فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية يدخل من أيّها شاء» [رواه مسلم (234) ] .

 

 

7- عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل موته بثلاثة أيّام يقول: «لا يموتنّ أحدكم إلّا وهو يحسن الظّنّ  باللّه عزّ وجلّ»[رواه مسلم (2877) ].

 

 

8- عن حذيفة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تلقّت الملائكة روح رجل ممّن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئا؟ قال: لا.قالوا: تذكّر. قال: كنت أداين النّاس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر  ويتجوّزوا عن الموسر. قال: قال اللّه عزّ وجلّ-: «تجوّزوا عنه»[رواه مسلم (1560) ].

 

الاثار

1- عن عبيد الله بن عديّ بن خيار: أنّه دخل على عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- وهو محصور فقال: "إنّك إمام عامّة، ونزل بك ما نرى، ويصلّي لنا إمام فتنة ونتحرّج". فقال: "الصّلاة أحسن ما يعمل النّاس، فإذا أحسن النّاس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم". [رواه البخاري- الفتح (2 /695) ].

 

2- قال عليّ -رضي الله عنه-: "النّاس أبناء ما يحسنون" [نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم (2/67) ].

 

3- عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: "خمسا لهنّ أحسن من الدّهم الموقفة: لا تكلّم فيما لا يعنيك، فإنّه فضل ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلّم فيما يعنيك حتّى تجد له موضعا، فإنّه ربّ متكلّم في أمر يعنيه، قد وضعه في غير موضعه فعنّت، ولا تمار حليما ولا سفيها؛ فإنّ الحليم يقليك وإنّ السّفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا تغيّب عنك ممّا تحبّ أن يذكرك به. وأعفه عمّا تحبّ أن يعفيك منه، واعمل عمل رجل يرى أنّه مجازى بالإحسان، مأخوذ بالإجرام [كتاب الصمت، لابن أبي الدنيا (264-265) ].

 

4- عن الحسن قال: "ليس الإيمان بالتّحلّي ولا بالتّمنّي، ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال، من قال حسنا، وعمل غير صالح، ردّه الله عليه" [انظر اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (43) ].

 

5- قرأ الحسن البصري: (هذه الآية إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل:90]، ثمَّ وقف فقال: "إنَّ الله جمع لكم الخير كلَّه والشَّر كلَّه في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحْسَان شيئًا مِن طاعة الله -عزَّ وجلَّ- إلَّا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي مِن معصية الله شيئًا إلَّا جَمَعه".

القصص

1- عن عبيد الله بن عديّ بن خيار: أنّه دخل على عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- وهو محصور فقال: "إنّك إمام عامّة، ونزل بك ما نرى، ويصلّي لنا إمام فتنة ونتحرّج. فقال: الصّلاة أحسن ما يعمل النّاس، فإذا أحسن النّاس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم". [رواه البخاري- الفتح (2/695) ].

 

2- عن المقداد -رضي الله عنه- قال: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد. فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز، فقال النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "احتلبوا هذا اللّبن بيننا" قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- نصيبه قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلّي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة. وقد شربت نصيبي. فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة. فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت في بطني وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان، فقال: ويحك، ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي.

وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما، ولم يصنعا ما صنعت. قال: فجاء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى، ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم ير فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء. فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك. فقال: "اللهمّ أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني". قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة ، فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فإذا هي حافلة وإذا هنّ حفّل كلّهنّ. فعمدت إلى إناء لآل محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة. فجئت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: "أشربتم شرابكم اللّيلة؟ قال: قلت: يا رسول الله! اشرب. فشرب، ثمّ ناولني. فقلت: يا رسول الله اشرب فشرب ثمّ ناولني. فلمّا عرفت أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد روي وأصبت دعوته، ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "إحدى سوآتك يا مقداد" فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا. فقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما هذه إلّا رحمة من الله. أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها". قال: فقلت: والّذي بعثك بالحقّ! ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتها معك، من أصابها من النّاس" [مسلم:(2055) ].

 

3- عن عمرو بن ميمون -رضي الله عنه- قال: رأيت عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قبل أن يصاب بأيّام بالمدينة ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف. قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا حمّلتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حمّلناها أمرا هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكونا حمّلتما الأرض ما لا تطيق. قالا: لا. فقال عمر: لئن سلّمني الله لأدعنّ أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا. قال: فما أتت عليه إلّا رابعة حتّى أصيب. قال: إنّي لقائم ما بيني وبينه إلّا عبد الله بن عبّاس غداة أصيب - وكان إذا مرّ بين الصّفين قال: استووا، حتّى إذا لم ير فيهم خللا تقدّم فكبّر، وربّما قرأ سورة يوسف أو النّحل ذلك في الرّكعة الأولى حتّى يجتمع النّاس- فما هو إلّا أن كبّر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني- الكلب، حين طعنه فطار العلج بسكّين ذات طرفين، لا يمرّ على أحد يمينا ولا شمالا إلّا طعنه، حتّى طعن ثلاثة عشر رجلا. مات منهم سبعة. فلمّا رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا، فلمّا ظنّ العلج أنّه مأخوذ نحر نفسه. وتناول عمر يد عبد الرّحمن بن عوف فقدّمه، فمن يلي عمر فقد رأى الّذي أرى، وأمّا نواحي المسجد فإنّهم لا يدرون غير أنّهم فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله. فصلّى بهم عبد الرّحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلمّا انصرفوا قال: يا ابن عبّاس، انظر من قتلني، فجال ساعة، ثمّ جاء فقال: غلام المغيرة. قال: الصّنع؟ قال: نعم. قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد للّه الّذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدّعي الإسلام. قد كنت أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العبّاس أكثرهم رقيقا. فقال: إن شئت فعلت -أي إن شئت قتلنا-. قال: كذبت، بعد ما تكلّموا بلسانكم وصلّوا قبلتكم، وحجّوا حجّكم؟ فاحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأنّ النّاس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ. فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه... الأثر. وفيه: وقال عمر -رضي الله عنه-: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأوّلين، أن يعرف لهم حقّهم. ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا. الّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنّهم ردء الإسلام. وجباة المال وغيظ العدوّ، وأن لا يوخذ منهم إلّا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنّهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمّة الله وذمّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلّفوا إلّا طاقتهم! [البخاري- الفتح 7 (3700) ].

 

4- عن عليّ بن عمرو قال: نزل عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب منزلا منصرفه من الشّام نحو الحجاز، فطلب غلمانه طعاما، فلم يجدوا في ذلك المنزل ما يكفيهم؛ لأنّه كان مرّ به زياد بن أبي سفيان أو عبيد الله بن زياد في جمع عظيم، فأتوا على ما فيه، فقال عبيد الله لوكيله: اذهب في هذه البرّيّة ، فلعلّك أن تجد راعيا، أو تجد أخبية فيها لبن أو طعام، فمضى القيّم ومعه غلمان عبيد الله، فدفعوا إلى عجوز في خباء، فقالوا: هل عندك من طعام نبتاعه منك؟ قالت: أمّا طعام أبيعه فلا، ولكن عندي ما إليه حاجة لي ولبنيّ، قالوا: وأين بنوك؟ قالت: في رعي لهم. وهذا أوان أوبتهم ، قالوا: فما أعددت لك ولهم؟ قالت: خبزة وهي تحت ملّتها أنتظر بها أن يجيئوا، قالوا: فما هو غير ذلك؟. قالت: لا.. قالوا: فجودي لنا بنصفها، قالت: أمّا النّصف فلا أجود بها، ولكن إن أردتم الكلّ فشأنكم بها، قالوا: ولم تمنعين النّصف وتجودين بالكلّ؟ قالت: لأنّ إعطاء الشّطر نقيصة. وإعطاء الكلّ فضيلة، فأنا أمنع ما يضعني، وأمنح ما يرفعني، فأخذوا الملّة، ولم تسألهم من هم؟ ولا من أين جاءوها؟ فلمّا أتوا بها عبيد الله، وأخبروه بقصّة العجوز، عجب وقال: ارجعوا إليها فاحملوها إليّ السّاعة، فرجعوا فقالوا: انطلقي نحو صاحبنا فإنّه يريدك... [انظر الأثر كاملا في صفة (الكلم الطيب) ج 8 ص 3291 (أثر رقم 50) و انظر المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي (137- 141) ].

الاشعار

1- قال الشّاعر:

 

أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان

 

[ديوان «عنوان الحكم» للبستي].

 

2- وقال آخر:

 

يا منزل الآيات والفرقان *** بيني وبينك حرمة القرآن

 

 

إشرح به صدري لمعرفة الهدى *** واعصم به قلبي من الشيطان

 

 

يسر به أمري وأقض مآربي *** وأجر به جسدي من النيران

 

 

واحطط به وزري وأخلص نيتي *** واشدد به أزري وأصلح شاني

 

 

واكشف به ضري وحقق توبتي *** واربح به بيعي بلا خسراني

 

 

طهر به قلبي وصف سريرتي ***  أجمل به ذكري واعل مكاني

 

 

واقطع به طمعي وشرف همتي *** كثر به ورعي واحي جناني

 

 

أسهر به ليلي وأظم جوارحي ***  أسبل بفيض دموعها أجفاني

 

 

أمزجه يا رب بلحمي مع دمي *** واغسل به قلبي من الأضغاني

 

 

أنت الذي صورتني وخلقتني ***  وهديتني لشرائع الإيمان

 

 

أنت الذي علمتني ورحمتني *** وجعلت صدري واعي القرآن

 

 

أنت الذي أطعمتني وسقيتني *** من غير كسب يد ولا دكان

 

 

وجبرتني وسترتني ونصرتني ***  وغمرتني بالفضل والإحسان

 

 

أنت الذي آويتني وحبوتني ***  وهديتني من حيرة الخذلان

 

 

وزرعت لي بين القلوب مودة *** والعطف منك برحمة وحنان

 

 

ونشرت لي في العالمين محاسنا *** وسترت عن أبصارهم عصياني

 

 

وجعلت ذكري في البرية شائعا *** حتى جعلت جميعهم إخواني

 

 

والله لو علموا قبيح سريرتي *** لأبى السلام علي من يلقاني

 

 

ولأعرضوا عني وملوا صحبتي *** ولبؤت بعد كرامة بهوان

 

 

لكن سترت معايبي ومثالبي *** وحلمت عن سقطي وعن طغياني

 

 

فلك المحامد والمدائح كلها *** بخواطري وجوارحي ولساني

 

المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد البدري

 

3- وقال آخر:    

    

مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا *** واتبعه يوم عليك شهيد

 

 

فإن تك بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد

 

 

ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد

 

 

إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ***  حميمك فاعلم أنها ستعود

 

المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد البدري

 

4- وقال محمود الوراق:

 

إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمـي *** وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي

 

 

ورأيتـه أسْـدَى إلــيَ يداً *** لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِـلْـمِـي

 

 

رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِـي *** فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم

 

 

<p style="text-align: justify; line-height:

متفرقات

1- قال ابن قدامة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»: أراد بذلك ـ أي الإحسان ـ استحضار عظمة الله، ومراقبته في حال العبادة. وقال ابن الأثير: أراد بالإحسان الإشارة إلى المراقبة، وحسن الطاعة. وقال ابن حجر: وإحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع، وفراغ البال حال التلبّس بها، ومراقبة المعبود.... وقال حافظ الحكمي: فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين: أعلاهما: عبادة الله كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة، والثاني: مقام المراقبة. وقال ابن رجب: والإحسان في ترك المحرمات الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها. [موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود] .

 

2- قال المباركفوري: والإحسان: مصدر؛ تقول: أحسن يحسن إحسانا. ويتعدى بنفسه وبغيره، تقول: أحسنت كذا إذا أتقنته، وأحسنت إلى فلان إذا أوصلت إليه النفع, والأول هو المراد لأن المقصود إتقان العبادة وقد يلحظ الثاني بأن المخلص مثلا محسن بإخلاصه إلى نفسه [تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، 3/354] .

 

3- قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم، لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به، فقال صلى الله عليه وسلم: اعبد الله في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان فإن التتميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه؛ فلا يقدم العبد على تقصير في هذا الحال للاطلاع عليه .وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد فينبغي أن يعمل بمقتضاه، فمقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة، ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في إتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك [شرح مسلم للنووي، المجلد الأول، (1/157-158) ] .

 

4- قال المباركفوري: وإحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود [تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، 3/354] .

 

5- قال السندي في شرح سنن النسائي: والحاصل أن الإحسان هو مراعاة الخشوع والخضوع وما في معناهما في العبادة على وجه رعاه لو كان رائيا، ولا شك أنه لو كان رائيا حال العبادة لما ترك ما قدر عليه من الخشوع وغيره، ولا منشأ لتلك المراعاة حال كونه رائيا إلا كونه تعالى رقيبا عالما مطلعا على حاله، وهذا موجود وإن لم يكن العبد يراه تعالى ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم في تعليله «فإن لم تكن تراه فإنه يراك» أي: وهو يكفي في مراعاة الخشوع بذلك الوجه [شرح سنن النسائي للسندي، المجلد الرابع، 8/99] .

 

6- قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الإحسان وهي لب الإيمان وروحه وكماله وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل فجميعها منطوية فيها وكل ما قيل من أول الكتاب إلى ههنا فهو من الإحسان قال صاحب المنازل رحمه الله وقد استشهد على هذه المنزلة بقوله تعالى: (هل جزاء الأحسان إلا الأحسان) [الرحمن: 60] فالإحسان جامع لجميع أبواب الحقائق «وهو أن تعبد الله كأنك تراه» أما الآية: فقال ابن عباس رضي الله عنه والمفسرون: هل جزاء من قال: لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد إلا الجنة [مدارج السالكين] .

الإحالات

1- موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود .

2- سلسلة أحاديث في الدعوة والتوجيه ( 13) حديث إن الله كتب الإحسان دراسة حديثية نفسية إعداد أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغير أستاذ السنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض .

3- معاني الأمر بالمعروف في القرآن (1/13) .

4- مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - المؤلف: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (36/30) .

5- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - محمد نصر الدين محمد عويضة (8/17- 34) .

6- شرح سنن النسائي للسندي، المجلد الرابع (8/99) .

7- تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي (3/354) .

8- شرح مسلم للنووي، المجلد الأول (1/157-158) .

9- فتح الباري شرح صحيح البخاري (1/457 حديث رقم (50)، 2/10) .