إبراهيم عليه السلام
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
- هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن أسرغ بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح. قال: وكذلك في التوراة إلّا أنّه مكان أسرغ شاروغ.
- واختلف في الموضع الذي ولد فيه، فقيل: بالسّوس من أرض الأهواز، وقيل: بأرض بابل من أرض السّواد، سواد الكوفة. وقال بعضهم: بكوثا من السّواد أيضا، وفيها كان نمرود. وقال عامّة السلف: ولد في عهد نمرود بن كوش المتقدّم الذكر، وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة وتسع وسبعون سنة، وقال بعض أهل الكتاب: ألف سنة ومائتا سنة وثلاث وستّون سنة. وقيل: تسعمائة واثنتان وأربعون سنة. قيل: وإنّما سمّي أبو إبراهيم آزر النمرود لمّا صار قيّما على خزائنه. وقيل: إنّ النمرود ملكه الشرق، وقال مجاهد: إنّ آزر ليس باسم أبيه وإنّما هو اسم صنم، وقيل: إنّه عيب عابه به؛ معناه معوج.
- ولمّا قرب أمر إبراهيم طلع كوكب على نمرود، فذهب بضوء الشمس والقمر، فدعا المنجمين والكهنة فسألهم عن ذلك. وفي زمانه ظهر القول؛ [المسالك والممالك المؤلف: أبو بكر (المشهور بالبكري) بن محمد شطا الدمياطي:1-81).
العناصر
- نسبه -عليه السّلام-.
- انهدام البيت الحرام بعد إبراهيم -عليه السّلام- وبنيان العمالقة وغيرهم إياه.
- فضائل إبراهيم -عليه السّلام-.
- قصة ابتلاء إبراهيم -عليه السّلام-.
- ذكر أزواج إبراهيم -عليه السّلام- وولده.
- مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية.
- مولد إسماعيل -عليه السّلام- من هاجر.
- مهاجرة إبراهيم بابنة اسماعيل وأمه هاجر وبنائه البيت العتيق.
- قصة الذبيح.
- وفاة إبراهيم -عليه السّلام-.
الايات
- قال الله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [سورة البقرة:124-132].
- قوله تعالى حاكياً عن إبراهيم -عليه السّلام-: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) [مريم:48-49].
- قوله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ...) إلى أن قال سبحانه: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت:16-27].
- قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) [إبراهيم:35-41].
- قوله تعالى: (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا ءَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلايَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) [الأنبياء:51-73].
- قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج:26-27].
- قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران:96-97].
- قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوني فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبي شَيْئاً وَسِعَ رَبي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم باِللَّهِ مَا لَمْ يُنَزلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنعام:74-81] إلى أن قال: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا) [الأنعام:83-84].
- قوله تعالى في وصف إبراهيم: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة:114].
- قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ * فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ * يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) [هود69-76].
- (وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ * قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * الُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) [الحجر:51-60].
- قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ * إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ * قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ * قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ * قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:69-89].
- قوله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [النحل:120-122].
- قوله تعالى: (ألمْ ترَ إلىَ الذَّي حَاجَّ إبراهيمَ في ربِّه أّن آتَاهُ اللهُ الملْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ واللهُ لا يهْدِي القومَ الظالمينَ) [البقرة 258].
- قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:260].
- قوله تعالى: (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَل مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلهُ لِلجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ) [الصافات:83-113].
- قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف:26-28].
- قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) [الشورى:13].
- قوله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) [الأحقاف:35].
- قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) [الذاريات:24-34].
- قوله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم:37].
الاحاديث
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة أسري بي "لقيت موسى قال فنعته فإذا رجل حسبته قال: مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة قال: ولقيت عيسى فنعته النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام - ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به قال وأتيت بإناءين أحدهما لبن والآخر فيه خمر فقيل لي خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فشربته فقيل لي هديت الفطرة أو أصبت الفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك"؛ (رواه البخاري:3-1289، رقم:3254).
- عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته، فحدثهم بمسيره، وبعلامة بيت المقدس، وبعيرهم، فقال ناس، قال حسن: نحن نصدق محمدا بما يقول؟ - فارتدوا كفارا، فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل، وقال أبو جهل: يخوفنا محمد بشجرة الزقوم، هاتوا تمرا وزبدا، فتزقموا، ورأى الدجال في صورته رؤيا عين، ليس رؤيا منام، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، صلوات الله عليهم، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الدجال؟ فقال: "أقمر هجانا - قال حسن: قال: رأيته فيلمانيا أقمر هجانا - إحدى عينيه قائمة، كأنها كوكب دري، كأن شعر رأسه أغصان شجرة، ورأيت عيسى شابا أبيض، جعد الرأس، حديد البصر، مبطن الخلق، ورأيت موسى أسحم آدم، كثير الشعر - قال حسن: الشعرة - شديد الخلق، ونظرت إلى إبراهيم، فلا أنظر إلى إرب من آرابه، إلا نظرت إليه مني، كأنه صاحبكم، فقال جبريل -عليه السّلام-: سلم على مالك، فسلمت عليه"؛ (مسند الإمام أحمد بن حنبل:5-476، 477، رقم:3546).
- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: جاء رجل إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا خير البريّة، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك إبراهيم -عليه السّلام-"؛ (رواه مسلم:2369).
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون فأى خزى أخزى من أبي الأبعد فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بِذِيخٍ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار"؛ (رواه البخاري:3350).
- عن أم شريك رضي الله عنها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أمر بقتل الوزغ. وقال: "كان ينفخ على إبراهيم -عليه السّلام-"؛ (رواه البخاري:3359).
- عن عبدالله بن زيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "أن إبراهيمَ حرَّم مكةَ ودعا لها ، وحَرَّمت المدينةَ كما حرَّم إبراهيمُ مكةَ ، ودعوت لها في مُدِّها وصاعِها مثلَ ما دعا إبراهيمُ -عليه السلام- لمكةَ"؛ (رواه البخاري: 2129).
- عن ابي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "لقد رأيتني في الحجْرِ. وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ. فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها. فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط. قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ. ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ. وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ. فإذا موسى قائمٌ يصلي. فإذا رجلٌ ضربٌ جعْدٌ كأنه من رجالِ شنوءةٍ. وإذا عيسى بن مريم -عليه السلام- قائمٌ يصلي. أقربُ الناسِ بهِ شبها عروةُ بن مسعودٍ الثقفيّ. وإذا إبراهيمُ -عليهِ السلامُ- قائمٌ يصلي. أشبهُ الناسِ بهِ صاحبكُم -يعني نفْسهُ- فحانتِ الصلاةُ فأممتهُم. فلما فرغتُ من الصلاةِ قال قائل: يا محمدُ! هذا مالكُ صاحبُ النارِ فسلّمَ عليهِ. فالتفتُّ إليهِ فبدأَنِي بالسلامِ"؛ (رواه مسلم: 172).
- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يُعوِّذُ الحسنَ والحسينَ فيقولُ: "أُعيذُكما بكلمةِ اللهِ التَّامةِ من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ" ثم يقولُ: "هكذا كان أبِي إبراهيمُ -عليهِ السلامُ- يُعوِّذُ إسماعيلَ واسحاقَ -عليهما السلامُ-"؛ (رواه أحمد في مسنده:4-143، وصححه أحمد شاكر).
- عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: لما فرغَ إبراهيمُ -عليه السلام- من بناءِ البيتِ قيلَ له أذِّنْ في الناسِ بالحجِّ ، قال: ربِّ وما يبلغُ صَوْتي ؟ قال: أذِّنْ وعليَّ البلاغُ. قال فنادى إبراهيمُ: يا أيُّها الناسُ كُتِبَ عليكُمُ الحجُّ إلى البيتِ العتيقِ، فسمِعَهُ من بينَ السماءِ والأرضِ ، أفلا ترونَ أن الناسَ يَجيئونَ مِن أَقصى الأرضِ يُلبونَ؛ (فتح الباري لابن حجر: 3/478، وقال ابن حجر: إسناده قوي).
- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "لَقيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْريَ بي فقالَ: يا محمَّدُ، أقرئ أمَّتَكَ منِّي السَّلامَ وأخبِرْهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ عذبةُ الماءِ ، وأنَّها قيعانٌ، وأنَّ غِراسَها سُبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ" (رواه الترمذي:3462، وحسنه الألباني).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقال: يا خيرَ البريَّةِ! فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "ذاك إبراهيمُ -عليه السلامُ-"؛ (رواه مسلم:2369).
- قلتُ لابنِ عباسٍ: يَزعُمُ قومُك أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- رَمَلَ بالبيتِ وأنَّ ذلك سُنَّةٌ فقال: صَدَقُوا وكَذَبُوا قلتُ: وما صَدَقُوا وكَذَبُوا قال: صَدَقُوا رَمَلَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بالبيتِ وَكَذَبُوا ليس بِسُنَّةٍ إنَّ قُرَيْشًا قالت زمنَ الحُديبيةِ دَعُوا محمدًا وأصحابَهُ حتى يَموتوا موتَ النَّغفِ فلمَّا صالحوهُ على أن يَقدُموا من العامِ المقبلِ ويُقيموا بمكةَ ثلاثةَ أيامٍ، فقَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- والمشركونَ من قَبْلِ قُعَيْقِعَانَ فقال رسولُ اللهِ لأصحابِهِ: ارْمِلوا بالبيتِ ثلاثًا وليس بسُنَّةٍ.قلتُ: ويَزعمُ قومُك أنه طاف بينَ الصَّفا والمروةِ على بعيرٍ وأنَّ ذلك سنَّةٌ فقال: صَدَقُوا وكَذَبُوا فقلتُ: وما صَدَقُوا وكَذَبُوا فقال: صَدَقُوا قد طاف بينَ الصَّفا والمروةَ على بعيرٍ وكّذَبُوا ليست بسُنَّةٍ كان الناسُ لا يُدفعون عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ولا يُصرفونَ عنه فطاف على بعيرٍ ليَسمعوا كلامَهُ ولا تَنالُهُ أيديهم. قلتُ: ويَزعمُ قومُك أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- سَعَى بينَ الصَّفا والمروةِ وأنَّ ذلك سُنَّةٌ قال: صَدَقٌوا إنَّ إبراهيمَ لمَّا أَمرَ بالمناسِكِ عرضَ له الشيطانُ عندَ السعيِ فسابقهُ فسَبَقهُ إبراهيمُ ثم ذهب به جبريلُ إلى جمرةِ العقبةِ فعرَضَ له شيطانٌ، فرماهُ بسبعِ حَصَيَاتٍ حتى ذهب ثم عرضَ له عندَ الجمرةِ الوُسطى فرماهُ بسبعِ حَصَيَاتٍ قال: قد تَلَّهُ للجبينِ، وعلى إسماعيلَ قميصٌ أبيضٌ وقال: يا أبتِ إنه ليس لي ثوبٌ تُكفِّنُني فيه غيرُهُ فاخْلَعْهُ حتى تُكَفِّنَني فيه فعالجَهُ ليخْلعَهُ فنُودِيَ مِن خلفِهِ (أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) فالتفتَ إبراهيمُ فإذا هو بِكبشٍ أبيضَ أقرنَ أعْينَ. قال ابنُ عباسٍ: لقد رأيتُنا نبيعُ هذا الضَّربَ من الكِباشِ. قال: ثم ذهب به جبريلُ إلى الجمرةِ القُصوَى فعرضَ له الشيطانُ فرماهُ بسبعِ حَصَيَاتٍ حتى ذهب ثم ذهب به جبريلُ إلى مِنىً قال: هذا مِنىً -قال يونسُ: هذا مناخُ الناسِ- ثم أَتى به جمعًا فقال: هذا المشعرُ الحرامُ ثم ذهب به إلى عرفةَ فقال ابنُ عباسٍ: هل تدري لما سُمِّيتْ عرفةَ قلتُ: لا قال: إنَّ جبريلُ قال لإبراهيمَ: عرَفتَ؟ قال: نعم قال ابنُ عباسٍ: فمِن ثمَّ سُمِّيتْ عرفةَ. ثم قال: هل تدري كيفَ كانت التَلبيةُ قلتُ: وكيفَ كانت قال: إنَّ إبراهيمَ لمَّا أُمرَ أنْ يُؤذِّنَ في الناسِ بالحَجِّ خَفَضتْ له الجبالُ رؤوسَها ورُفعتْ له القُرَى فأَذَّنَ في الناسِ بالحَجِّ"؛ (رواه أحمد في مسنده: 4/247، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).
- عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا صلَّى صلاةً اقبلَ علينا بوجهِه، فقال: مَنْ رأى منكم الليلةَ رؤيا؟ قال: فإِنْ رأى أحدٌ قصَّهَا. فيقولُ: ما شاءَ اللهُ. فسألَنا يومًا فقال: هل رأى أحدُ منكم رؤيا؟ قلْنَا: لا. قال: لكني رأيتُ الليلةَ رجلين أَتَيَاني فأخذَا بيدي.." إلى أن قال: " فانطلقْنَا حتى انتهيَا إلى رَوْضَةٍ خضراءَ فيها شجرةٌ عظيمةٌ، وفي أصلِها شيخٌ وصِبْيَانٌ.." ثم جاء ذكر من هذا الشيخ في قول الملكين للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "والشيخُ في أصلِ الشَّجَرَةِ إبراهيمُ -عليه السلام-، والصِّبْيَانُ حولَه فأولادُ النَّاسِ" الحديث؛ (رواه البخاري:1386).
- عن أم شريك -رضي الله عنها- أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أَمَرَ بقتلِ الوَزَغِ، وقال: " كان ينفخُ على إبراهيمَ -عليهِ السلامُ-" (رواه البخاري:3359).
- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- خطيبًا بموعظةٍ. فقال: "يا أيها الناسُ! إنكم تُحشرون إلى اللهِ حفاةٌ عراةٌ غرلًا. (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء:104] ألا وإنَّ أول الخلائقِ يُكسى يومَ القيامةِ إبراهيمُ -عليهِ السلامُ-.." الحديث؛ (رواه البخاري:6526، ومسلم:2860).
- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "إنِّي لأقومُ المقامَ المحمودَ ، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ ! ما ذلك المقامُ المحمودُ ؟ ! قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ذاك إذا جيءَ بكُمْ حُفاةً عُراةً غُرلًا ، فيكونُ أوَّلُ من يُكسَى إبراهيمُ -عليه السلام- ، فيؤتَى بِرِيطَتَينِ بيْضاوَينِ ، فيلبسهُما ثمَّ يقعدُ مستقبلَ العرشِ ، ثمَّ أوتَى بكِسوتي فألبسُها ، فأقومُ عن يمينهِ مقامًا لا يقومُهُ غيري ، يغْبطُني فيه الأوَّلونَ والآخِرونَ ، ثمَّ يُفتحُ نهرٌ من الكوثرِ إلى الحوضِ"؛ (رواه الطبري في تفسيره: 9-1، برقم:181، وصححه).
- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-، يَجُزُّ شاربَهُ، وَكانَ إبراهيمُ -علَيهِ السَّلامُ- يجزُّ شاربَهُ؛ (رواه العيني في نخب الأفكار:13/175، وصححه).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "اختتن إبراهيمُ -عليه السلام- ، وهو ابنُ ثمانينَ سنةً ، بالقَدَومِ"؛ (رواه البخاري:3356).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "لم يَكْذب إبراهيمُ -علَيهِ السَّلامُ- في شيءٍ قطُّ إلَّا في ثلاثٍ: قولِهِ: (إِنِّي سَقِيمٌ) ولم يَكُن سَقيمًا، وقولُهُ: لسارَّةَ أختي، وقولِهِ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)"؛ (رواه الترمذي: 3166، وقال: حسن صحيح).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "لمَّا أُلقيَ إبراهيمُ -عليهِ السَّلامُ- في النَّارِ قالَ: "اللَّهمَّ إنَّكَ واحدٌ في السَّماءِ وأنا في الأرضِ واحدٌ أعبدُكَ"؛ (رواه الذهبي في العلو:20، وحسنه).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "ذراريُّ المسلمينَ في الجنةِ يَكْفلُهُم إبراهيمُ -عليه السلام--"؛ (رواه أحمد: 16/140، وحسنه أحمد شاكر).
- قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "إن أولَ مَن عمَّر البيتَ الحرامَ هو إبراهيمُ -عليه السلامُ-"؛ (مجموع فتاوى ابن باز: 185/17، وقال: محفوظ).
- عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال لها: "ألَم ترَي أنَّ قومَك لما بنَوا الكعبةَ اقتصَروا عن قواعدِ إبراهيمَ". فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تردُّها على قواعدِ إبراهيمَ؟ فقال: "لولا حَدَثانُ قومُك بالكفرِ". فقال عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: لئن كانت عائشةُ سمعتْ هذا من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، ما أرى أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ترك استلامَ الرُّكنَينِ اللَّذَينِ يلِيانِ الحِجرَ، إلا أنَّ البيتَ لم يُتمَّمْ على قواعدِ إبراهيمَ"؛ (رواه البخاري:3368، ومسلم:1333).
- عن يزيد بن مربع الأنصاري رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: "كونوا على مَشاعِرِكم؛ فإنكم على إرثٍ مِن إرثِ إبراهيمَ"؛ (رواه الترمذي:883، وقال: حسن صحيح).
- عن أصحابِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنهم قالوا له: أَخبِرْنا عن نفسِك قال: "نعم أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ.." الحديث؛ (رواه ابن كثير في البداية والنهاية:2/256، وقال: إسناده جيد قوي).
الاثار
- عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: حسبنا اللّه ونعم الوكيل. قالها إبراهيم -عليه السّلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قالوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا ونعم الوكيل) [آل عمران: 173]، (رواه البخاري:4563).
- قال عبد اللّه بن الحارث: "من لم يكرم ضيفه فليس من محمّد -صلى الله عليه وسلم- ولا من إبراهيم -عليه السّلام-"؛ (جامع العلوم والحكم:132).
- قال ابن عباس وأبو العالية: لولا أن الله قال: وسلاما على إبراهيم لآذى إبراهيم بردها (قصص الأنبياء لابن كثير:1-183).
- قال كعب الاحبار: لم ينتفع أهل الارض يومئذ بنار، ولم تحرق منه سوى وثاقه (المصدر السابق المجلد والصفحة نفسها).
- قال الضحاك: "يروى أن جبريل -عليه السّلام- كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شئ غيره"؛ (المصدر السابق المجلد والصفحة نفسها).
- عن أبى هريرة – رضي الله عنه- قال: أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم، إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال: نعم الرب ربك يا إبراهيم! (المصدر السابق:1-184).
- عن عكرمة، أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها -عليه السّلام- فنادته: يا بنى إنى أريد أن أجئ إليك فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك، فقال: نعم. فأقبلت إليه لا يمسها شئ من حر النار، فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت (المصدر السابق المجلد والصفحة نفسها).
- عن مجاهد قال: "لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج ، قام على المقام فقال : يا عباد الله ، أجيبوا الله فقالوا : لبيك ربنا لبيك ، فمن حج فهو ممن أجاب دعوة إبراهيم"؛ (رواه عبدالرزاق في مصنفه:5-97).
- قال سعيدُ بنُ المسيَّب: "إبراهيمُ أوَّلُ من اختَتنَ، وأوَّلُ من أضافَ وأوَّلُ من قصَّ الشَّاربَ، وأوَّلُ من قصَّ الظُّفرَ، وأوَّلُ من شابَ، فقال: يا ربِّ! ما هذا؟ قال: وَقارٌ، قال: يا ربِّ! زِدْني وقارًا"؛ (رواه البخاري في الأدب المفرد:946، وصححه الألباني)
القصص
- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: "ولم يكذب إبراهيم -عليه السّلام- إلّا ثلاث كذبات: ثنتين منهنّ في ذات اللّه- عزّ وجلّ-: قوله: (إِنِّي سَقِيمٌ)، وقوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) وقال: بينا هو ذات يوم وسارة، إذ أتى على جبّار من الجبابرة، فقيل له: إنّ ها هنا رجلا معه امرأة من أحسن النّاس، فأرسل إليه فسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: أختي. فأتى سارة، قال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإنّ هذا سألني عنك فأخبرته أنّك أختي، فلا تكذّبيني. فأرسل إليها، فلمّا دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ، فقال: ادعي اللّه لي ولا أضرّك، فدعت اللّه فأطلق. ثمّ تناولها الثّانية فأخذ مثلها أو أشدّ، فقال: ادعي اللّه لي ولا أضرّك، فدعت فأطلق. فدعا بعض حجبته فقال: إنّكم لم تأتوني بإنسان، إنّما أتيتموني بشيطان، فأخدمها هاجر. فأتته وهو قائم يصلّى. فأومأ بيده: مهيم؟ قالت: ردّ اللّه كيد الكافر أو الفاجر، في نحره، وأخدم هاجر. قال أبو هريرة: تلك أمّكم يا بني ماء السّماء (رواه البخاري:3358، واللفظ له، ومسلم:2371).
- قال عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: لمَّا كان بين إبراهيمَ وبين أهلِهِ ما كان، خرج بإسماعيلَ وأمِّ إسماعيلَ، ومعهم شَنَّةٌ فيها ماءٌ، فجعلتْ أمُّ إسماعيلَ تشربُ من الشَّنَّةِ، فيَدِرُّ لبنها على صبيها، حتى قَدِمَ مكةَ فوضعها تحتَ دَوْحَةٍ، ثم رجع إبراهيمُ إلى أهلِهِ، فاتَّبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ، حتى لمَّا بلغوا كَدَاءٍ نادتْهُ من ورائِهِ: يا إبراهيمُ إلى من تتركنا؟ قال: إلى اللهِ، قالت: رضيتُ باللهِ. قال: فرجعتْ فجعلتْ تشربُ من الشَّنَّةِ ويَدِرُّ لبنها على صبيها، حتى لمَّا فني الماءُ، قالت: لو ذهبتَ فنظرتَ لعلِّي أُحِسُّ أحدًا، قال: فذهبتْ فصعدتِ الصفا فنظرتْ، ونظرتْ هل تُحِسُّ أحدًا، فلم تُحِسَّ أحدًا، فلمَّا بلغتِ الوادي سعتْ أتتِ المروةَ، ففعلت ذلك أشواطًا، ثم قالت: لو ذهبتُ فنظرتُ ما فعل، تعني الصبيَّ، فذهبتْ فنظرتْ فإذا هو على حالِهِ كأنَّهُ يَنْشَغُ للموتِ، فلم تُقِرَّهَا نفسها، فقالت: لو ذهبتُ فنظرتُ، لعلِّي أُحِسُّ أحدًا، فذهبتْ فصعدتِ الصفا، فنظرتْ ونظرتْ فلم تُحِسَّ أحدًا، حتى أَتَمَّتْ سبعًا، ثم قالت: لو ذهبتُ فنظرتُ ما فعل، فإذا هي بصوتٍ، فقالت: أَغِثْ إن كان عندكَ خيرٌ، فإذا جبريلُ، قال: فقال بعقبِهِ هكذا، وغمزَ عقبَهُ على الأرضِ، قال: فانبثَقَ الماءُ، فدهشت أمُّ إسماعيلَ، فجعلت تحفِرُ. قال: فقال أبو القاسمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "لو تركتَهُ كان الماءُ ظاهرًا". قال: فجعلتْ تشربُ من الماءِ ويَدِرُّ لبنها على صبيها. قال: فمرَّ ناسٌ من جُرْهُمَ ببطنِ الوادي، فإذا هم بطيرٍ، كأنَّهم أنكروا ذاك، وقالوا: ما يكونُ الطيرُ إلا على ماءٍ، فبعثوا رسولهم فنظرَ فإذا هم بالماءِ، فأتاهم فأخبرهم، فأَتَوْا إليها فقالوا: يا أمَّ إسماعيلَ، أتأذنينَ لنا أن نكونَ معكِ، أو نسكنَ معكِ، فبلغ ابنها فنكح فيهمُ امرأةً. قال: ثم إنَّهُ بدا لإبراهيمَ، فقال لأهلِهِ: إني مُطَّلِعٌ تركتي، قال: فجاء فسلَّمَ، فقال: أين إسماعيلُ؟ فقالت امرأتُهُ: ذهب يصيدُ، قال: قولي لهُ إذا جاء غَيِّرْ عتبةَ بابكَ، فلمَّا جاء أخبرتْهُ، قال: أنتِ ذاكَ، فاذهبي إلى أهلكِ. قال: ثم إنَّهُ بدا لإبراهيمَ، فقال لأهلِهِ: إني مُطَّلِعٌ تركتي. قال: فجاء فقال: أين إسماعيلُ؟ فقالت امرأتُهُ: ذهب يصيدُ، فقالت: ألا تنزلُ فتَطْعَمَ وتشربَ، فقال: وما طعامكم وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحمُ وشرابنا الماءُ. قال: اللهمَّ بارك لهم في طعامهم وشرابهم. قال: فقال أبو القاسمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "بركةٌ بدعوةِ إبراهيمَ". قال: ثم إنَّهُ بدا لإبراهيمَ، فقال لأهلِهِ: إني مُطَّلِعٌ تركتي، فجاء فوافقَ إسماعيلَ من وراءِ زمزمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لهُ. فقال: يا إسماعيلُ، إنَّ ربكَ أمرني أن أبني لهُ بيتًا. قال: أطعْ ربكَ، قال: إنه قد أمرني أن تُعينني عليهِ، قال: إذن أفعلُ، أو كما قال، قال: فقاما فجعل إبراهيمُ يبني، وإسماعيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارةَ ويقولانِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). قال: حتى ارتفعَ البناءُ، وضعف الشيخُ عن نقلِ الحجارةِ، فقام على حَجَرِ المقامِ، فجعل يُنَاوِلُهُ الحجارةَ ويقولانِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)؛ (رواه البخاري: 3364-3365).
- وُلد إبراهيم. في أسرةٍ من أسرِ ذلك الزمان البعيد. لم يكن أبوه "آزر" كافرًا عاديًا من عبدة الأصنام، كان كافرًا متميزًا يصنع بيديه تماثيل الآلهة. وهذه المهنة تُضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانًا ممتازًا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة. من هذه الأسرة المقدسة، وُلد طفلٌ قُدِرَ له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه بأكمله وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار. مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبُه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟! قرر إبراهيمُ -عليه السلام- أن يواجه هذه الخرافات جميعًا.. وبدأ بمواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحــة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربًا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم قومُه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزُهرة كأي كوكب آخر.. يظهر ويختفي. فقال إبراهيم عندما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربًا يختفي ويَأْفُل " لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي " يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مخلوقات تأفل. وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم. استطاعت حُجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال: " أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ. وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ". الأنعام 80-81 لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟؛ (رجل بأمة إبراهيم عليه السلام؛ منير عرفة).
- بعد أن بين إبراهيم -عليه السلام- حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة. سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية. خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال بحسم غاضب وغيرة على الحق: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) [الأنبياء:52-56]. انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدُهم ذهولا وغضبا هو أبوه "آزر".. واشتبك أبوه آزر في صراع مع إبراهيم. فصلت بينهما المبادئ فاختلفا.. إبراهيم يقف مع الله، وأبوه آزر يقف مع الباطل. قال أبوه آزر: مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم.. لقد خذلتني. قال إبراهيم: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) [مريم:42-45]. انتفض "آزر" واقفا وهو يرتعش من الغضب. قال لإبراهيم -وهو ثائر-: إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك، سأقتلك ضربا بالحجارة. هذا جزاء من يقف ضد الآلهة..اخرج من بيتي.. لا أريد أن أراك.. انتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته. كما أسفر عن تهديده بالقتل رميا بالحجارة. رغم ذلك تصرف إبراهيم بأدب الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل: (سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا) [مريم:47-48]. وخرج إبراهيم من البيت. هجر قومه وما يعبدون من دون الله. وقرر في نفسه أمرًا. كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر، وينصرف الناس جميعا إليه. وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينة التي يعيش فيها من الناس. وخرج إبراهيم حذرًا وهو يقصد بخطاه المعبد. كانت الشوارع المؤدية إلى المعبد خالية. وكان المعبد نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال. دخل إبراهيم المعبد ومعه فأس حادة. نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم " : (أَلَا تَأْكُلُونَ) كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد يسأل التماثيل : (مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة. وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم "لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ" فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها، فيرجعون إلى صوابهم. إلا أن قوم إبراهيم الذين عطّلت الخرافة عقولهم عن التفكير، وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل والتدبر. لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن تدفع عن أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟! وبدلا من ذلك (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ). عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها! فأحضروا إبراهيم -عليه السلام-، وتجمّع الناس، وسألوه (أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ) ؟ فأجابهم إبراهيم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) والتهكم واضح في هذا الجواب الساخر. أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن كنت أنا أم هذا الصنم الكبير الذي لا يملك مثلها حراكا. فهي جماد لا إدراك له أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلا تعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي حطمها! ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا، وردهم إلى شيء من التدبر التفكر: (فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ) [الأنبياء:64]. وكانت بادرة خير أن يستشعروا ما في موقفهم من سخف، وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم. وأن تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم، وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون. ولكنها لم تكن إلا ومضة واحدة أعقبها الظلام، وإلا خفقة واحدة عادت بعدها قلوبهم إلى الخمود: (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ) [الأنبياء:65]. وحقا كانت الأولى رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير القرآني المصور العجيب.. كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما الثانية فكانت انقلابا على الرأس فلا عقل ولا تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية حجة لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟ ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور الحليم. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم: (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ. أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء:66-67]. وهي قولة يظهر فيها ضيق الصدر وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي يتجاوز كل مألوف. عند ذلك أخذتهم العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة والعذاب الغليظ: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) [الأنبياء:68]. وفعلا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم. انتشر النبأ في المملكة كلها. وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة، وحفروا حفرة عظيمة ملئوها بالحطب والخشب والأشجار. وأشعلوا فيها النار، وأحضروا المنجنيق -وهو آلة جبارة-؛ ليقذفوا إبراهيم فيها فيسقط في حفرة النار.. ووضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق. واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء. وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة. وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار. جاء جبريل -عليه السلام- ووقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟ قال إبراهيم: أما إليك فلا. انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار. كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق. فقد أصدر الله -جل جلاله- إلى النار أمره (كُوْنِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ). أحرقت النار قيوده فقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة. كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده. لم يكن في قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئ بالخوف أو الرهبة أو الجزع. كان القلب مليئا بالحب وحده. ومات الخوف. وتلاشت الرهبة. واستحالت النار إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة الجو. جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد. كانت حرارتها تصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها. وظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا. فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل. ووجهه يتلألأ بالنور والجلال. وثيابه كما هي لم تحترق. وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق. خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة. وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة. خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة. (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) [الأنبياء:70]. وكان المفترض أن يؤمنوا جميعًا لكن القرآن يفاجئنا بحالهم فيقول: (فآمن له لوط) رجل واحد هو الذى آمن بإبراهيم؟؛ (رجل بأمة إبراهيم عليه السلام؛ منير عرفة).
- بعد أن أقام إبراهيم الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم، ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم.. وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين. فذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه كان في زمانه. كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق. سأله الملك آمرًا ابراهيم أن يعبده من دون الله . فقال إبراهيم بهدوء: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ). قال الملك: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا يسير في الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت. لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة ما يقول. غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم : (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ). استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهت الملك. أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب. لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب.. إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها. ولو كان الملك صادقا في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا يقول، ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك، بعد أن بهت الذي كفر؟؛ (رجل بأمة إبراهيم عليه السلام؛ منير عرفة).
- ملأ اليوم الآخر قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين. وأراد أن يرى يوما كيف يحيي الله عز وجل الموتى. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي). لا تكون هذه الرغبة في طمأنينة القلب مع الإيمان إلا درجة من درجات الحب لله. (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم) [البقرة:26]. فعل إبراهيم ما أمره به الله. ذبح أربعة من الطير وفرق أجزاءها على الجبال. ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه، وبحثت الصدور عن رؤوسها، وتطايرت أجزاء الطير مندفعة نحو الالتحام، والتقت الضلوع بالقلوب، وسارعت الأجزاء الذبيحة للالتئام، ودبت الحياة في الطير، وجاءت طائرة مسرعة ترمي بنفسها في أحضان إبراهيم؟؛ (رجل بأمة إبراهيم عليه السلام؛ منير عرفة).
الاشعار
- 1- قال الشاعر:
- فاضت بالعبرة عيناه *** أضناه الحلم وأشقاه
- شيخ تتمزق مهجته *** تتندى بالدمع لحاه
- ينتزع الخطوة مهموما *** والكون يناشد مسراه
- وغلام جاء على كبر *** يتعقب في السير أباه
- والحيرة تثقل كاهله *** وتتعثر في الدرب خطاه
- ويهم الشيخ لغايته *** ويشد الابن بيمناه
- بلغا في السعي نهايته *** والشيخ يكابد بلواه
- لكن الرؤيا لنبي *** صدق وقرار يلقاه
- والمشهد يبلغ ذروته *** وأشد الأمر وأقساه
- إذ تمرق كلمات عجلى *** ويص الوالد رؤياه
- وأمرت بذبحك يا ولدي *** فانظر في الأمر وعقباه
- ويجيب الابن بلا فزع *** افعل ما تؤمر أبتاه
- لن نعصى لالهي أمرا *** من يعصي يوما مولاه؟
- واستل الوالد سكينا *** واستسلم الابن لرداه
- ألقاه برفق لجبين *** كي لا تتلقى عيناه
- أرأيتم قلبا أبويا *** يتقبل أمرا يأباه؟؟
- أرأيتم ابنا يتلقى *** أمرا بالذبح ويرضاه؟
- وتهز الكون ضراعات *** ودعاء يقبله الله
- تتوسل للملأ الأعلى *** أرض وسماء ومياه
- ويقول الحق ورحمته *** سبقت بفضل عطاياه
- صدقت الرؤيا لا تحزن *** يا ابراهيم فديناه
- 2- قال الشاعر:
- الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى ** إِنْعَامِهِ فَهُوَ ذُو الأَنْعَامِ وَالنِّعَمِ
- وَبَعْدَ هَذَا فَآلافُ الصَّلاةِ عَلَى ** مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْعُرْبَانِ وَالْعَجَمِ
- وَالآلِ وَالصَّحْبِ ثُمَّ التَّابِعِينَ لَهُمْ ** مَا لاحَ بَرْقٌ وَسَحَّتْ أَعينُ الدِّيمِ
- إِنِّي نَظَمْتُ لأَمْرٍ لِلْخَلِيلِ بِمَا ** أَدَّاهُ فِكْرِي وَمَا أَبْدَى بِهِ قَلَمِي
- فَبَيْنَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُضْطَجِعًا ** الْعَيْنُ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ لَمْ يَنَمِ
- رَأَى مَنَامًا بِأَنَّ اللهَ يَأْمُرُهُ ** بِذَبْحِ ابن صَدُوقِ الْقَوْلِ ذِي الشِّيَمِ
- أَعْنِي أَبَا الْعَرَبِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ بِهِ ** جَمَاعَةٌ مِنْ ذَوِي الأَلْبَابِ وَالْحِكَمِ
- وَبَعْضُهُمْ قَالَ إِسْحَقَ الذَّبِيحَ وَقَدْ ** تَوَاتَرَ الْقَوْلُ فِيمَنْ قَبْلُ كَانَ سُمِي
- نَادَاهُ إِنِّي أَرَى فِي النَّوْمِ ذَبْحَكَ يَا ** بُنَيَّ فَانْظُرْ فَمَا رُؤْيَايَ بِالْحُلُم
- فَقَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ ** مُبَادِرًا أَنْتَ أَمْرَ اللهِ لَنْ تُلَمِ
- لَكِنَّ وَالدَتِي وَارَحْمَتَاهُ لَهَا ** مَاذَا يَحِلُّ بِهَا إِنْ خُبِّرَتْ بِدَمِ
- فَاقْرِي وَالِدَتِي مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ ** لَهَا أصْبِرِي لِقَضَاءِ اللهِ وَاعْتَصِم
- حَولْ لِوَجْهِكَ عِنْدَ الذَّبْحِ يَا أَبَتِي ** وَاغْضُضْ بِطَرْفِكَ لا تَجْزَعْ لِسَفْكِ دَمِي
- فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ يَفْعَلُ بِي ** مَا شَاءَ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ وَذُو كَرَمِ
- فَاسْتَسْلَمَا ثُمَّ سَارَ عَازِمِينَ عَلَى ** إِنْفَاذِ أَمْرِ إلَهٍ مُحْيِي الرِّمَمِ
- فَجَاءَ إِبْلَيْسُ يَسْعَى وَهُوَ ذُو عَجَلٍ ** فِي زِيِّ شَيْخٍ كَبِيرِ السِّنِّ ذِي هَرَمِ
- فَقَالَ أَنْتَ خَلِيلُ اللهِ تَسْمَعُ مَا ** يُوحِيهِ إِبْلَيْسَ فِي الأَضْغَانِ وَالْحُلُمِ
- أَجَابَهُ اخْسَأْ عَدَوَّ اللهِ إِنَّكَ إِبْـ ** ـلَيْسُ اللَّعِينُ قَرِينُ الشَّرِّ وَالنَّدَمِ
- فَرَاحَ عَنْهُ وَوَلَّى خَاسِئًا خَجِلاً ** يَقُولُ قَدْ فَاتَنِي الْمَطْلُوبُ وَآلِمِ
- ثُمَّ انْثَنَى نَحْوَ إِسْمَاعِيلَ مُمْتَحِنًا ** لَهُ يَقُولُ ادْنُ مِنِّي وَاسْتَمِعْ كَلَمِ
- أَبُوكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ يَأْمُرُهُ ** بِذَبْحِكَ اليوم مَا هَذَا مِنَ الشِّيَمِ
- فَقَالَ إِنْ كَانَ رَبُّ الْعَرْشِ يَأْمُرُهُ ** فَإِنَّنِي صَابِرٌ رَاضٍ بِلا نَدَمِ
- وَطَاعَةُ الرَّبِّ فَرْضٌ لا مَحِيصَ لَنَا ** عَنْهَا لأَنْ كُتِبَتَ فِي اللَّوْحِ بِاْلَقَلمِ
- فَارْجِعْ بِكِبْرِكَ عَنَّا إِنَّنَا بَرَءَآ ** مِنْكَ فَإِنَّكَ مَطْرُودٌ مِنَ الرَّحِمِ
- فراحَ عنه لِنَحْو الأم قَالَ لَهَا ** إنَّ ابنَكَ اليومَ مَذْبُوحٌ على وَهَمِ
- مِنْ أَجْلِ رُؤْيًا رَآهَا الشَّيْخُ حَقَّقَهَا ** يُرِيدُ انْجازَهَا هَلْ ذَا بِمُلْتَزَمِ
- قَالَتْ نَعَمْ مَا لَهُ بُدٌ وَكَيْفَ لَهُ ** بِأَنْ يُخَالِفَ مَنْ أَنْشَاهُ مِنْ عَدَمِ
- لَمَّا رَأَى إليأْسَ مِنْهُمْ رَدَّ مُكْتَئِبًا ** يَرنَّ أَرْنَانَ ذَاتِ الثُّكْلِ وَإليتُمِ
- إِذَا فَاتَهُ مَا جَرَى مِنْهُ وَأَمَّلَهُ ** وَبَاءَ بِالْخِزْيِ وَالْخُذْلانِ وَالنَّدَمِ
- وَانْقَادَ لِلذَّبْحِ إِسْمَاعِيلُ مُحْتَسِبًا ** لِحُكْمِ مَوْلاهُ يَمْشِي حَافِي الْقَدَمِ
- فَبَيْنَمَا هُوَ مُنْقَادٌ لِسَيِّدِهِ ** مَا فِيهِ مِنْ جَزَعٍ كَلا وَلا سَئَمِ
- أَتَى الْخَلِيلُ بِسِكِّينٍ فَأَشْحَذْهَا ** حَتَّى غَدَتْ مِثْلَ بَرْقٍ دُجَى الظُّلَم
- فَقَالَ يَا أَبَتَاهُ ارْفَعْ ثِيَابَكَ لا ** يُصِيبُهَا قَذَرٌ عِنْدَ اصْطِبَابِ دَمِي
- وَيَفْجَعُ الأُمَّ مَهْمَا شَاهَدَتْهُ كَذَا ** فَاللهُ يَعْصِمُهَا مِنْ زَلَّةِ الْقَدَمِ
- وَالأَمُّ يَا وَالَدِي مَهْمَا رَجَعْتَ لَهَا ** فَاطْلُبْ لِي الْحَلَّ مِنْهَا وَأحْفَظْ الذِّمَمِ
- وَأَمْرَ مَوْلايَ نَفَّذْهُ بِذَبْحِكَ لِي ** وَاشْحذ لِشَفْرَةِ ذَبْحِي يَا أَبَا الْكَرَمِ
- كَيْمَا يَهُونُ عَليَّ الْمَوْت إِنَّ لَهُ ** لَشِدَّةٍ لَمْ تَصِفْهَا أَلْسُنُ الأُمَمِ
- قَالَ الْخَلِيلُ فَنِعْمَ الْعَوْنِ أَنْتَ عَلَى ** مَرْضَاةِ رَبِّي فَثِقْ بِاللهِ وَاعْتَصِمِ
- فَجَاءَ بِالْحَبْلِ شَدَّ الإِبْنُ ثُمَّ بَكَى ** لِرِقَّةِ غَلَبَتْهُ فَهُوَ لَمْ يُلَمِ
- أَمَرَّ شَفْرَتَهُ بِالنَّحْرِ فَانْقَلَبَتْ ** عَنْهُ ثَلاثًا وَلَمْ يَمْسَسْهُ مِنْ أَلَمِ
- فَقَالَ إِنَّ شَقَّ ذَا وَالنَّفْسُ مَا سَمِحَتْ ** فَكُبَّ وَجْهِي فَإِنِّي غَيْرَ مُهْتَضِمِ
- فَكَبَّهُ مِثْلَ مَا أَوْصَاهُ فَانْقَلَبَتْ ** إِذْ ذَاكَ شَفْرَتُهُ لَمْ تُفْرِ مِنْ أَدَمِ
- وَالأَرْضُ رَجَّتْ وَأَمْلاكُ السَّمَا جَارَتْ ** وَالْوَحْشُ عَجَّتْ وَعَمَّ الْخَطْبُ فِي الأُمَمِ
- وَاللهُ ذُو الْعَرْشِ فَوْقَ الْعَرْشِ يَعْجِبُ مِنْ ** إِيمَانِ عَبْدَيْهِ مَا عَنْهُ بِمُنْكَتِمِ
- أَوْحَى لِجِبْرِيلَ أَنْ أَدْرَكْهُمَا عَجلاً ** بِكَبْشِ ضَانٍ رَبِّي فِي رَوْضَةِ النَّعَمِ
- أَيْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا فِي الْجِنَانِ رَعَى ** يَسْقَى مِنْ أَنْهَارَهَا عَذْبًا بِلا وَحَم
- فَجَاءَ بِالْكَبْشِ جِبْرِيلُ الأَمِينُ إِلَى ** ذَاكَ الْخَلِيلِ النَّبِيلِ الطَّاهِرِ الْعَلَمِ
- فَقَالَ هَذَا الْفِدَى مِنْ عِنْدَ رَبَّكَ عَنْ ** هَذَا الذَّبِيحِ جَزَا هَذَا دَمٌ بِدَمِ
- فَكَبَّرَ اللهَ جُبْرَائِيلُ حِينَئِذٍ ** وَالْكَبْشُ كَبَّرَ أَيْضًا نَاطِقًا بِفَمِ
- ثم الخَلِيلُ كَذاكَ الإِبنُ مَا بَرَحَا ** مُكَبَّرِيْنَ وذَا شُكْرٌ على النَّعَمِ
- وَسَرَّ أَهْلَ السَّمَا وَالأَرْضُ حَالَهُمَا ** وَاغْتَمَ إِبْلَيْسَ غَمًّا غَيْرَ مُنْصَرِمِ
- عَوَاقِبُ الصَّبْرِ تُنْجِي مَنْ يُلازِمُهَا ** وَالْحَمْدُ للهِ هَذَا آخِرُ الْكَلِمِ
- ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى الْمُخْتَارِ أَحْمَدَ مَا ** غَنَّتْ مُطَوَّقَةٌ فِي الأَيْكِ بِالنِّعَمِ
- وَالآلُ وَالصَّحْبُ ثُمَّ التَّابِعِينَ لَهُمْ ** مَا لاحَ فَجْرٌ فَأَجْلَى غَيْهَبَ الظُّلَم
- 3- قال الشاعر:
- باسم الإله بدأت نظمي مُطْــلَقاً *** وزَهَا الحديث بخير بدء مُنْتَقَــــى
- ثم الصلاة على النبي المصطفى *** وعلى جميع الأنبياء مُسَبَّقــــــا
- والآل والأصحاب... كلُّ منِ اقتفـى *** أَثَرًا بِبَيِّنَةِ وكان مُصَــدِّقـــــــا
- حَمَلُوا الرِّسالةَ بَلَّغُوا بِأَمَانَـــــةٍ *** للشِّرْكِ والتَّوْحِيدِ حَطُّوا مَفْـرِقــــا
- قِصَصٌ بقرآنٍ تُرتَّل عبـــرةً *** لأولي النهى تُعْطِي اعتبارًا مُشْــرِقـا
- تحكي بيانا من حوادث قد جرت *** مما تدافعت الخلائق مُسْبَـقــــــا
- مولد سيدنا إسماعيل (عليه السلام )
- بيت النبوة والخليل مُـــــــــؤَزرٌ *** يَرْجُو الذَّرارِيَ بالتَّعَبُّـدِ فارْتَقــــى
- مَهْدُ الوَقَارِ على الفَضِيلَةِ سُيِّرُوا *** مَوْلاَيَ جُدْ فضلاً وَهَبْ لِي مِرْفَقا
- وَلدٌ لميراث النبــــــــوة وارثٌ *** صَبْرًا وكان الله خيرًا مُغْدِقــــــــــــا
- جَرَتِ السِّنُونُ وَلَمْ يَخِبْ ظَنَّا وَلاَ *** أَفَلَ الرَّجَاءُ بِقَلْبِ سَارَة مُطْلَقـــا
- وَبَدَا الوِدَادُ مِنَ الكَرِيمة وَافِيًـا *** صُنْعُ المُحِبِّ إلَى الْحَبيبِ تَنسَّقَــــا
- بَدَأَتْ بِوِدٍّ تستشِيرُ ضَمِيرَهـَـــــا *** وتُحسُّ فقْدًا مَاضِيًا متَعَمِّقـــــــــا
- هَمَّتْ بِإدْخالِ السُّرُورِ مَعَــــزَّةً *** فِي قَلْبِ زَوْجٍ سِرُّهُ قَدْ أَرْهَقـــــــــا
- وَهَبَتْ لإبْراهيم جاريةً لَــــــهَا *** ردٌّ جميلٌ بالْوَفَاءِ تأَلَّقَـــــــــــــــــــا
- هي هاجرُ المصريةُ...الأَمْرُ اقْتَضَى *** صارت لإبراهيمَ زوجًا مُعْتَقَـا
- حَمَلَتْ فَطوَّقَتِ البَشائِرُ دَارَهُــــــمْ *** يا فَرْحةً دُومِي ضياءً مُبْرِقــــــا
- قدْ أحسَنَ الصَّبْرَ الجَميلَ معَ الْمُنَى *** نَالَ الجَزاءَ عَلَى الدُّعَاءِ مُحَقَّقَا
- وُلدَ النَّبِيُّ ابْنُ النَّبِيِّ بِفَرحَـــــــةٍ *** غَمَرَتْ كَيَانَ البَيْتِ زَهْرا عَبَّقـــــا
- والإسْمُ إِسْماعيلُ أَوَّلُ نَسْلِــــــهِ *** اِبْنُ النَّبِيِّ وَمَنْ رَآهُ تَعَلَّقَـــــــــــــا
- الأمر بالرحيل إلى مكة وهو رضيع
- وَجْهُ البَشَائِرِ حَازَ كلَّ مَــوَدّةٍ *** أَوَ كَيْفَ لاَ! وهوَ الرَّجاءُ تَحَقَّـقَــا
- وَبِقَلْبِ سَارة طَافَ طَائِفُ غُرْبَةٍ *** فَتَحَسَّسَت فَقْدًا وَهاجَ فَضَايَقــــا
- قالت بِنَفْسِي يا نبيُّ تَصـــــارعٌ *** أبْعِدْهُمَا إِنِّي أجِدْهُ ألْيَقــــــــــــــا
- ما كَانَ إِجْحافًا ولا ظُلْمًا أَتـَى *** مْنْ نَفْـسِ صَالِحَةٍ تُصَارعُ مَوْبِقـــا
- خيْرًا يَشَاء الله بالغَيْبِ اِسْتَوَى *** أمرُ الإلهِ سيَنْجَلِي ما أَلْحَقَــــــــا
- كَانَ ابْتِلاَءً مَا أشَدَّ فُراقَــــــــهُ *** هَذا الصّبيُّ وأُمهُ قَدْ أَّرَّقَـــــــــــا
- فَنَوَى الْرَّحِيلَ عَزِيمَةً وَتَوَكُّـــلاً *** وَبِحُسْنِ ظَنّ والرَّجَاءُ الُملتَقـــى
- شَدَّ الرِّحَالَ بِأَمْرِ رَبٍّ فَامْتَـــطى *** رُوحَ التّوَكُّلِ صَارِمًا مُسْتَرْزِقــا
- حَطَّ الرِّحَالَ بِأَمْرِ رَبٍّ قَدْ قَضَــــى *** بِرِحَابِ وَادٍ لَا حَيَاة مُطْلَقـــــا
- ثُمّ اسْتَدَار بِدُونِ تَعْليقٍ أتَـــى *** صَمْتُ الإنَابَةِ وَالعزيمَةِ مُطْبِقــــا
- لَكأَنَّ مَنْ يَمْشِي بِخُطْوَةِ سَائِرٍ *** وَالقَلْبُ يَأْبَى فُرْقَةً فَتَمَــزَّقَــــــــا
- فَزِعَتْ تَقُولُ لِمَنْ تُخَلِّفُنَا هُنَــــا *** حُبِسَ الكَلامُ فَلَمْ يُجِبْهَا مَنْطِقـــا
- حَالُ المُجيبِ سُؤالهُ فاستغرقَتْ *** وَتَعَمَّقَتْ بِيَقِينِهَا وَتَعَمَّقَـــــــــــا
- فَهِمَتِ بِأَن الله قَدْ أَوحَى لَــــــهُ *** صمتًا أَقَرَّ وَدَمْعُهُ اِغْرَوْرَقَــــــــا
- قَالت: مُسَائِلَةً لِتُثْبِتَ ظَنَّـــــهَــا *** ولِصَدِّ وِسْوَاسٍ تَمَادَى مُخْنِقــــا
- آللهُ قَدْ أَمَرَ الْبَقَاء لِوَحدِنَـــــا!؟ *** قَالَ الخَلِيلُ: نَعَمْ وَسَارَ مُوَفَقـا
- قالَتْ لَهُ برِضًا عَظِيمٍ وَاثِـــــــقٍ *** مَا دَامَ رَبِّي بِالمَعيَّةِ مُرْفِقَــــــا
- أَبَدًا فَرَبِّي لَنْ يُضَيِّعَنَا مَعًـــــــا *** فالله خيرُ حافِظًا لِي مُرْزِقــــــــا
- وَهُنَا تَجَلَّتْ للفَضِيلةِ روحَهَـــا *** حُسْنُ التَّبَعُّلِ بالإنَابَةِ وَ التُّقَــــى
- مَسَكَ الطَّريقَ مُغَالِبًا شوْقًا هَمَى *** يَدْعُو بِقَلْبٍ مُؤْمِنٍ قَدْ أُشْفَقَـــــا
- لَمَّا اخْتَفى طَرَحَ الدُّعَاءَ مُنَاجِيًــا *** مَلِكَ المُلوُكِ وبالتَّوَاَضُعِ عَلَّقَــا
- ربِّي لقَدْ أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيّتِــــي *** بِتُرَابِ وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وَقَـــى
- فَاجْعَلْ أُنَاسًا يَهْتَدونَ تُجَاهَهُــمْ *** ولقبلة البيت الحرام تَوَفُّقــــــــا
- ظهور ماء زمزم والبشارة
- بَقِيَا بِحُضْنِ طَبِيعَة مَا أَخْصَبَتْ *** لا حِسَّ لا هَمْسًا لِطَيْرٍ زَقْزَقَــــــا
- وَقَرَتْ وأُنْسُ الله حوْلَ مَقَامِهَا *** ضَمَّتْ رَضيعًا عَانَقَ الْغيْبَ النَّقى
- رَضَعَ الصّبِيُّ حَليبَهَا وَحَنَانَها *** وَتَحَيَّزَتْ بسُرادِقٍ قَدْ سُرْدِقَـــــــا
- جَفَّتْ مَنَابِعُ شُرْبُهُمْ وَغِذَاؤهُــمْ *** زَادَتْ يَنَابِيعُ الحَنَانِ تَدفُّقــــــــا
- فَبَكَتْ، وَكيْفَ تُجِيبُ صَرْخَةَ جَائِعٍ *** وَبُكَاءَ طِفْلٍ في لَهيبٍ أَحْرَقَا
- لا حِيلَةً، لا قُوَّةً تَسْعَى بِهــا *** يَاصَرْخَةً دَوَّتْ نِدَاءً مُقْلِقَـــــــــــا
- فَتَطَلَّعَتْ بُعْدَ المَكَان عَسَى تَــرَى *** أَمَلاً يُؤَمِّنُ أَنْفُسًا أوْ مُنْفِقـــــا
- هَرَعَتْ تُكَاشِفُ لِلْمَكَانِ بِسِرِّهـا *** وَاللَّهَ تَسَأَلُ أَنْ يُفَرِّجَ مَأْزَقــــــا
- سبعا تَكَرَّرَ سَعْيُهَا بَيْنَ الصَفَا *** وَالْمَرْوَةِ، ارْتَفَعَ الدُّعَاءُ مُحَلِّقَــا
- في عِزِّ لَهْثَتِهَا وَسَعْي جَوَارِحٍ *** وَلِفَجْأَةٍ لَكَأنَّ صَوْتًا شَقْشَقَــــــا
- قَالَتْ: أَغِثْنَا... ذَاك جِبْرِيلٌ أَتَى *** بالْأَمْنِ طَمْأنَهُمْ وَعَاقِبَةِ التُّقى
- ضَرَبَ الثَّرَى مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِ الصَّبِـــيِّ تَفَجَّرَتْ عَيْنًا بِمَاءٍ رَقْرَقَـــا
- طَفِقَتْ تُحِيطُ الْمَاء خَوفَ ضَيَاعِهِ *** وتقول زَمْ زَمْ فِي نَعِيمٍ أَغْرَقَا
- هذاَ الصَّبِيُّ سَيَرْفَعُ الْبَيْتَ الْحَرَا مَ مَعَ الخليل إلَى الْحَجِيجِ مُعَتَقَـا
- وتبارك الرَّحْمَنُ في عَلْيَائِــــــه *** جَعَلَ الكفاية من مِيَاهٍ قَدْ سَقــا
- شَعُرَتْ بِأَمْنٍ قزَّمَ الْهَـمَّ الّذِي *** كَادَ المُقَنِّطُ نَفْسَهَا فَتَفَرّقَــــــــــــا
- تِلْكَ الْمَنَاسِكُ بَاقِيَاتٌ ذِكْـرُها *** بِفَرِيضَةِ الْحَجِّ الْمُبَارَكِ مُلْحَقــــــا
- وَأَتَى انْحِدَارُ قَبِيلَةٍ عَرَبِيَّــــةٍ *** الله وَجَّهَهُمْ بِغَيْـــبٍ وَفَّقَــــــــــــا
- فَاسْتَأْذَنُوا لِجِوَارِهِمْ بِإِقَامَـــةٍ *** وَبِيعرُبٍ فَصُحَ اللِّسَانُ تَفَـتَّـقـــــا
- وَلِسَانُ إسْمَاعيل أَفْصَحُ ذَاكِـرٍ *** شَبَّ الْفَتَى يَرْعى بِسَعْيٍ نَسَّقَـا
- وَبَدَا انْتِعَاشٌ للحَيَاةِ مُبَــــارَكٌ *** الْجَدْبُ وَارى وَجْهَهُ مُتَزَحْلِـقــا
- زهَتِ الحَيَاةُ وطَوَّرُوا عُمْرَانَهمْ *** وَتكَاثَرَ العَيْشُ الْكَرِيمُ وَأَوْرَقَـا
- كَانَ المُقَدَّرُ في النَّتِيجَةِ خَيْرَهَا *** مَاكَان إسِمَاعِيلُ يُدْرِكُ مَفْرِقـــا
- في كُلِّ هَذَا وَالْخَلِيلُ مُـــزَاوِرٌ *** يَغْدوُا الِبُراقُ بِهِ وَيُمْسِي مُبْرِقـا
- كَسَبَ الْغُلَام مَعَزَّةً كَبُرَتْ بِــــهِ *** وَغَدَا رَشِيدًا زَوَّجوهُ توَفُّـقـــــا
- رؤية الذبح
- حَانَ امْتِحَانٌ للخَلِيل بِرِؤيَــــــةٍ *** ظَلَّتْ تُرَاودُهُ... وَثَـمَّ تَحَقَّقَــــــا
- رُؤْيَا بِذَبِحٍ لابْنِهِ وَحِيٌ أَتَــــــى *** بِيَديْهِ، رُؤْيَا الْحَقِّ تَعْبِيرٌ رَقَــى
- فَأَتَى بِإِسْمَاعِيلُ يُخْبِرُ سِــــرَّهُ *** عَنْ أُمِّهِ يُخْفِيِ بِقَلْبٍ أَشْفَقَـــــــــا
- إنّي رَأَيْتُ كَأَنْ سَأَذْبَحُكَ الضُّحَى؟ *** مَاَكان يُفْجِعُهُ بِذَبْحٍ حَدَّقَـــــا
- قَالَ الذَّبِيحُ يُجِيبُ: افعلْ مَاترىَ *** وَلِأمرِ رَبِّي طَاعةً قَدْ سَبَّقَـــــــا
- تَقْرِيرُ تَسْلِيمٍ لِرَبٍّ أسْلَمَــــــــا *** خَفَضَ الجَنَاحَ لِوَالِدٍ وَتَعَنَّقـــــــــا
- وأَطَاع رَبًّا صَابِرا وَمُسَلِّمًــــــا *** فَأكَبَّهُ مسْتَسْلِمًا مُسْتَغْرِقــــــــــــا
- لَوَّى الذِّرَاعَ وَتَلَّهُ بِوَثَاقِـــــــهِ *** سَمَّى الإلـَه وَكَبَّرَاهُ لٍيُزْهَــــــــــقَـا
- وَعلَى وَدَاعٍ سَلَّمَ العُنُقَ الرَّدَى *** مُسْتَعْجِلاً ذَبْحًا أَتى مُسْتَوْثِقــــــا
- الذَّبْحَ يَنْوِي طَاعَةً وَاللَهُ فـــــي *** عَلْيائِهِ فَدّاه كَبْشا مُعْتِقَـــــــــــــا
- سَمِعَا نِدَاءً وَالْقُدومُ لِفِدْيَـــــــةٍ *** مَهْلاً وَفَدّي ذِبْحُ كَبْشٍ طَقْطَقــــــا
- فرِحَا بأَكْمَلِ فْدْيَةٍ كَهَدَّيَـــــــــةٍ *** في عِيدِ أَضْحىَ سُنَّةً قَدْ وُثِّقَـــــا
- بناء الكعبة والخاتمة
- وَتَوالَتِ الَأحْدَاثُ تَطْوِي بَعْضَهَا *** رَبَّى الْخُيُولَ رَاقِيًا ومُحَذِّقَــــــا
- واستبدل الزَّوْجَ التِي قَدْ أَخْفَقَـتْ *** طَوْعًا لِوَالِدِهِ تَزَوَّجَ ما رَقــــى
- لَبَّى لِرَفْعِ البَيْتِ كَعْبَةِ رَبِّنَــــــا *** أَمْرٌ وَفِعْلٌ سَيّرَاهُ مُزَوَّقـــــــــــــا
- حفرَ الأسَاسَ مَعَ الخَلِيلِ وَثَبَّتَا *** أُسُسًا لِتِوْحيدِ الإلهِ وَوُفِّقَــــــــــا
- أَعْظِمْ بِبَيْتٍ والسَّوَاعِدُ مَنْ بَنَتْ *** وَبِصَبْرِ تَطْوِيعِ الْحِجَارَةِ نَسَّقَــا
- بَقِيَتْ مَنَاسِكُ وَالشَّواهِدُ أَنَّـــهُمْ *** نَسْلٌ شَريفٌ مُجْتَبَى ما أخْفَقـــا
- تَبْقَى دروسًا عِبْرَةً بِبَيَانِــــــهَا *** سِحْرٌ تَجَلَّى في الْقلوبِ فَأشْرقَـا
- بَقِيَتْ كَعَهْدٍ والجذور تَعَمَّقَــتْ *** مَا هَزَّ رِيحٌ ثَابِتًا، أَوْ صَفَّــــــقَــا
- تَبْقَى ابْتِلاءاتٌ تُؤانِسُ مُبْتَلًــى *** عِظَمُ الشَّدَائِدِ عِنْدَهُمْ لَنْ تَسْحَقـاَ
- وَقُلوبُهُمْ عَمُرَتْ بإيمانٍ طَغـى *** أشْقَى الشَّقَاءَ فَكَانَ سُحْقًا مُمْحَقـا
- هَذَا الذَّبِيحُ وتِلْكَ بَعْضُ مَشَاهِدٍ *** نَقْشٌ كَحَرْفٍ في السَّرائِر أَعْرَقَا
- رَحَلُوا لِيَبْقَى ذِكْرُهُمْ مُتَوَاتَــــرٌ *** وَأَتَى مُحَمَّدُ خيْرُ نَسْلٍ مُنْتَقـــــــى
- غُفْرَانَكَ اللَّهُمَّ مِنْ زَلَلٍ أَتَــــــى *** والحَمْدُ لله الَّذِي قَدْ وَفَّقـــــــــــــا
متفرقات
- لقد سجل القرآن الكريم في أكثر من موضع موقف إبراهيم -عليه السّلام- من الابتلاءات العديدة التي تعرض لها. وكان أبرز هذه الابتلاءات أمر اللّه- عز وجل- له بذبح ابنه إسماعيل، يقول اللّه تعالى: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ [الصافات:103-106].وقد عقب ابن القيم على الابتلاء في هذه القصة فقال: "تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وخليل رب العالمين من بني آدم، وانظر ما آلت إليه محنته وصبره، وبذله نفسه للّه، وتأمل كيف آل به بذله للّه نفسه، ونصرته دينه، إلى أن اتخذه اللّه خليلا لنفسه وأمر رسوله محمدا -صلى الله عليه وسلم- أن يتبع ملته. وأنبهك على خصلة واحدة مما أكرمه اللّه به في محنته بذبح ولده، فإن اللّه تبارك وتعالى لا يتكرم عليه أحد، وهو أكرم الأكرمين، فمن ترك لوجهه أمرا أو فعله لوجهه، بذل اللّه له أضعاف ما تركه من ذلك الأمر أضعافا مضاعفة، وجازاه بأضعاف ما فعله لأجله أضعافا مضاعفة" (مفتاح دار السعادة:1-300).
- الكلمات الّتي ابتلى اللّه تعالى بها إبراهيم -عليه السّلام-، وهي الواردة في قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة: 124]، وقد اختلف المفسّرون في المراد بها اختلافات كثيرة، فقيل المراد بها شرائع الإسلام، وهي ثلاثون سهما، عشرة منها في سورة براءة [التّوبة: 112] وهي قوله -عزّ وجلّ-: (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)، وعشرة في (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى قوله تعالى (أَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب:35]، وعشرة في [المؤمنون من أوّلها إلى قوله سبحانه (يُحافِظُونَ) [الآيات:1-9]. (وسَأَلَ سائِلٌ) [المعارج:22-34] من أوّل قوله (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) إلى قوله (يُحافِظُونَ)، قال ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما-: "ما ابتلى اللّه أحدا بهنّ فقام بها كلّها إلّا إبراهيم -عليه السّلام-، ابتلي بالإسلام فأتمّه فكتب اللّه له البراءة"، وقال بعضهم: الكلمات (هنا) ما أمر به أو نهي عنه، وقيل ابتلي بذبح ابنه، وقال بعضهم: ابتلي بأداء الرّسالة، قال القرطبيّ- رحمه اللّه تعالى- والمعنى في ذلك متقارب"؛ [تفسير القرطبي (2-9)، وقد ذكر آراء أخرى، تنظر تفصيلا في الموضع المذكور. وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: اختلف في تعيين الكلمات، فقال قتادة عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- ابتلاه اللّه بالمناسك، وقيل بالطّهارة: خمس في الرّأس وخمس في الجسد، فأمّا الّتي في الرّأس فهي قصّ الشّارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسّواك، وفرق الرّأس، وأمّا الّتي في الجسد فتقليم الأظافر، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر البول والغائط بالماء (الاستنجاء). وقيل غير ذلك (تفسير ابن كثير:1-171).
- قال ابن كثير في معرض كلامه عن إبراهيم -عليه السّلام-: لما هجر قومه في الله، وهاجر من بين أظهرهم، وكانت امرأته عاقرا لا يولد لها، ولم يكن له من الولد أحد، بل معه ابن أخيه لوط بن هاران بن آزر، وهبه الله تعالى بعد ذلك الاولاد الصالحين، وجعل في ذريته النبوة والكتاب.فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الانبياء من بعده، فعلى أحد نسله وعقبه؛ خلعة من الله وكرامة له، حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه -عز وجل- ودعوة الخلق إليه. والارض التي قصدها بالهجرة أرض الشام، وهي التي قال الله -عز وجل-: (إِلَى الأَرْضِ التِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلعَالَمِينَ) [الأنبياء:69]. قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم. وروى العوفي عن ابن عباس قوله: (إِلَى الأَرْضِ التِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلعَالَمِينَ) [الأنبياء:69]. مكة، ألم تسمع إلى قوله: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين) [آلعمران:96]. وزعم كعب الأحبار أنها حران. وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب: أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط، وأخوه ناحور، وامرأة إبراهيم سارة، وامرأة أخيه " ملكا " فنزلوا حران، فمات تارح أبو إبراهيم بها وقال السدى: انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام، فلقى إبراهيم سارة - وهى ابنة ملك حران - وقد طعنت على قومها في دينهم، فتزوجها على أن لا يغيرها. (رواه ابن جرير وهو غريب). والمشهور أنها ابنة عمه هاران الذي تنسب إليه حران. ومن زعم أنها ابنة أخيه هاران أخت لوط، كما حكاه السهيلي عن القتيبى والنقاش، فقد أبعد النجعة وقال بلا علم. ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذ ذاك مشروعا فليس له على ذلك دليل. ولو فرض أن هذا كان مشروعا في وقت - كما هو منقول عن الربانيين من اليهود - فإن الانبياء لا تتعاطاه. والله أعلم. ثم المشهور أن إبراهيم -عليه السّلام- لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجرا من بلاده كما تقدم؛ (قصص الانبياء لابن كثير:1-192).
- قال المعلمي رحمه الله: "وقصة مجيء إبراهيم ولقائه امرأة إسماعيل قد ذكرها ابن عباس، وليس فيها ما يحكي من وضع رجله على الحجر، وكان مجيئه ذلك قبل بناء البيت؛ فهب أنه ثبت وضع رجله على الحجر وهو على دابته فليس هذا بقيام على الحجر، ولا هو في عبادة؛ فلا يناسب مزية للحجر، وإنما القيام الحقيقي على الحجر الذي يناسب مزية له هو ما وقع بعد ذلك من قيامه عليه لبناء الكعبة ثم للأذان بالحج. فهذا هو الثابت في وجه تسمية الحجر مقام إبراهيم"؛ (مقام إبراهيم؛ للمعلمي:50).
الإحالات
- مقام إبراهيم -عليه السلام- - تاريخه وأحكامه وما ورد فيه من آثار (ماجستير) د. يوسف بن عبد الله بن محمد الصمعاني
- سيدنا إبراهيم -عليه السلام-.. أمة في رجل د.صلاح الدين سلطان.
- رجل بأمة إبراهيم -عليه السلام- أ. منير عرفه.
- النبوة والأنبياء في القُرآنِ والسنَّةِ إعداد: علي بن نايف الشحود.
- كتاب دلائل النبوة - إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني (1-75) الناشر: دار طيبة – الرياض الطبعة الأولى، 1409 تحقيق: محمد محمد الحداد
- دلائل النبوة ـ للبيهقى تحقيق: وثق أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه: الدكتور -عبد المعطى قلعجى الناشر: دار الكتب العلمية ـ ودار الريان للتراث الطبعة الأولى 1408 هـ -1988 م.
- قصص الأنبياء لابن كثير (1-174).