أشراط الساعة الكبرى
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
معنى الأشراط والعلامات لغة: الأشراط: جمع شرط بالتحريك، والشرط العلامة، وأشراط الساعة أي علاماتها، وأشراط الشيء أوائله، ومنه شرط السلطان وهم نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من مجموع جنده. قال الجوهري: أشراط الساعة علاماتها وأسبابها التي دون معظمها وقيامها (الصحاح للجوهري:3-136). وقال ابن الأثير الأشراط: العلامات، واحدها شرط بالتحريك، وبه سميت شرط السلطان؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها (النهاية في غريب الحديث:2-460). وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)[محمد: 18]: أشراطها أي أماراتها وعلاماتها، وقيل: أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها، وفيه يقال للدون من الناس الشرط.. إلى أن قال: وواحد الأشراط شرط، وأصله الأعلام، ومنه قيل الشرط؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، ومنه الشرط في البيع وغيره (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:16-240). فتبين من هذا أن الأشراط في اللغة هي علامات الشيء المتقدمة عليه والدالة عليه، ومما يدل على تسمية هذه الأشراط في السنة بالعلامات ما جاء في حديث جبريل المشهور عند النسائي، قال: "يا محمد، أخبرني متى الساعة، قال: فنكس، فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ورفع رأسه فقال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن لها علامات تعرف بها..." الحديث (سنن النسائي: كتاب الإيمان وشرائعه - باب صفة الإيمان والإحسان:8-102). والساعة: هي جزء من أجزاء الليل أو النهار وجمعها ساعات وساع (المعجم الوسيط:1-466). والساعة: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وقد سميت بذلك لسرعة الحساب فيها، أو لأنها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة (انظر: النهاية في غريب الحديث:2-422). قال ابن منظور في لسان العرب: وقوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ)[الروم: 55] يعني بالساعة: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، فلذلك ترك أن يعرف أي ساعة هي، فإن سميت القيامة ساعة فعلى هذا، والساعة القيامة. وقال الزجاج: الساعة اسم للوقت الذي تصعق فيه العباد، والوقت الذي يبعثون فيه وتقوم فيه القيامة. سميت ساعة لأنها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم عند الصيحة الأولى.. والساعة في الأصل تطلق بمعنيين: أحدهما: أن تكون عبارة عن جزء من أربعة وعشرين جزءا هي مجموع اليوم والليلة. والثاني: أن تكون عبارة عن جزء قليل من النهار أو الليل. قال الزجاج: معنى الساعة في كل القرآن الوقت الذي تقوم فيه القيامة، يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم فلقلة الوقت الذي تقوم فيه سماها ساعة (لسان العرب:8-169). معنى الأشراط والعلامات اصطلاحا: أشراط الساعة اصطلاحا: هي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومها. يقول الحليمي: أما انتهاء الحياة الأولى فإن لها مقدمات تسمى أشراط الساعة وهي أعلامها (المنهاج في شعب الإيمان:1-22). ويقول البيهقي في تحديد المراد من الأشراط: أي ما يتقدمها من العلامات الدالة على قرب حينها (البعث والنشور: ص:69). وقال ابن حجر -رحمه الله-: "الأحداث التي أخبر عنها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بوقوعها في آخر الزمان، تسبق الساعة وتدل على قدومها. إما على قربها، وإما على حصولها، فمن الأمثلة على قربها: الدَّجَّال، ونزول عيسى، ويأجوج ومأجوج، والخسف، ومن الأمثلة على حصولها: الدُّخَّان، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة والنار التي تحشر الناس" (فتح الباري: 13/352) (انظر أشراط الساعة - عبد الله بن سليمان الغفيلي الطبعة: الأولى الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر: 1422هـ ص: (40-43).
العناصر
- خروج المهدي.
- فتنة المسيح الدجال.
- نزول عيسى ابن مريم -عليه السلام-.
- خروج يأجوج ومأجوج.
- طلوع الشمس من مغربها.
- خروج الدابة.
- الدخان الذي يكون في آخر الزمان.
- الخسوفات الثلاثة.
- النار التي تحشر الناس.
الايات
- قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ)[هود:123 ].
- قوله تعالى: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)[يونس:20].
- قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)[الأعراف:187].
- قوله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)[محمد:18].
- قوله تعالى: (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ)[النجم:56-57].
- قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)[القمر:1-2].
- قوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ)[النحل:1].
- قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء:1].
- قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)[الزخرف:61].
- قوله تعالى: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)[محمد:4].
- قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)[النساء:159].
- قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)[الكهف:93-98].
- قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ)[الأنبياء:96-97].
- قوله تعالى: (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا)[الكهف:94-95].
- قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)[الأنعام:158].
- قوله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)[النمل:82].
- قوله تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)[الدخان:10-13].
الاحاديث
- عن حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه- قال: "طلع النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون"؟ قالوا: نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات. فذكر الدخان والدجال والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم -عليه السلام-، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم" (أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة:/2225-2226).
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما" (رواه ابو داود رقم: 4282، والترمذى رقم:2231، وانظر صحيح الجامع رقم: 5304، ومشكاة المصابيح رقم:5452-16، وقال الشيخ الألباني: حسن].
- عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" (أخرجه أبو داود:4-474)، وابن ماجه:2-1368)، والحاكم في المستدرك:4-557)، وصححه الألباني في صحيح الجامع:2-140).
- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" (أخرجه أحمد:1-84، وابن ماجه:2-1367). ومعنى يصلحه الله في ليلة: يتوب عليه ويوفقه ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك، (النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير:1-55، وصححه الألباني.
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، ويملك سبع سنين" (أخرجه أحمد:3-17، وأبو داود برقم:4285، والحاكم في المستدرك:4-557)، وقد أشار الشيخ الألباني إلى صحته في تخريج المشكاة برقم:5454).
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا، أو ثمانيا، يعني حججا" (أخرجه الحاكم في المستدرك:4/557-558، وقال: حديث حسن صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وقال الألباني: هذا سند صحيح، رجاله ثقات).
- عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم". ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي" (أخرجه مسلم:2-193).
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة" (أخرجه مسلم:2-193).
- عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده". وفي رواية: "يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا" (أخرجه مسلم:4-2234-2235).
- عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته" (أخرجه مسلم:4-2210).
- عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وان الله ليس بأعور" (أخرجه البخاري:8-103، ومسلم:4-2248).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه؟ إنه أعور، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه" (أخرجه مسلم:4-2250).
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما يحدثنا به أنه قال: "يأتي الدجال، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس - أو من خير الناس - فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم الآن، قال: فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه" (أخرجه البخاري:8-102، ومسلم:4-2256، واللفظ لمسلم).
- عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: "ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه، عرف ذلك فينا، فقال: "ما شأنكم؟" قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدجال الغداة، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بـ (عبد العزى بن قطن) فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا، وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا. قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذاك اليوم الذي كسنة: أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره، قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كان ذرا وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله. قال: فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أحوالهم، ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فيتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين، رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم -عليه السلام-، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوما قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى -عليه السلام- وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار، فيرغب نبي الله عيسى -عليه السلام- وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى، كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى -عليه السلام- وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ كل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى إن اللقحة من الإبل؛ لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحا طيبا، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن ومسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة" (أخرجه مسلم:4-2255).
- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" (أخرجه مسلم:1-413).
- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال" قال مسلم: قال شعبة: من آخر الكهف، وقال همام: من أول الكهف (أخرجه مسلم:1-555).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، لا يقبلها من كافر، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها" (أخرجه البخاري:4-143)، ومسلم:1-135).
- عن زينب بنت جحش - رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل يوما فزعا يقول: "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه"، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش: فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبث" (أخرجه البخاري:6-381، وكتاب الفتن:13-106)، ومسلم:4-2207).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون، فذلك حيث لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" (أخرجه البخاري:7-191، ومسلم:1-138).
- عن حذيفة بن أسيد -رضي الله عنه- قال: اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون"؟: قالوا: نذكر الساعة قال: "إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات" فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم" (أخرجه مسلم:4-2226).
- عن أبي أمامة -رضي الله عنه- يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثم تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل البعير، فيقال: ممن اشتريت؟ فيقول اشتريته من أحد المخطمين" (أخرجه أحمد:5-268، وقال الهيثمي في المجمع:8-6: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير عمر بن عبد الرحمن بن عطية، وهو ثقة).
- عن أنس -رضي الله عنه-: أن عبد الله بن سلام لما أسلم سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مسائل ومنها: ما أول أشراط الساعة؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب" (أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب أحاديث الأنبياء:6/417-418).
- عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس" (أخرجه أحمد:7-133، برقم:5146، والترمذي:4-431، وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وصححه الألباني).
الاثار
- قال عبد الله بن عمر: تخرج - أي الدابة- من جبل الصفا بمكة، يتصدع فتخرج منه، وقال عبد الله بن عمرو نحوه، قال: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت (تفسير القرطبي:13-263).
- كان ابن مسعود يقول: هما دخانان قد مضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن إلا كالزكمة، وأما الكافر فتثقب مسامعه (التذكرة:655).
الاشعار
أيقن بأشراط القيامـة كلهـا *** واسمع هديت نصيحتي وبياني كالشمس تطلع من مكان غروبها *** وخروج دجال وهول دخان وخروج يأجوج ومأجوج معا *** من كل صقع شاسع ومكان ونزول عيسى قاتلا دجالهم *** يقضي بحكم العدل والإحسان واذكر خروج فصيل ناقة صالح *** يسم الورى بالكفر والإيمان والوحي يرفع والصلاة من الورى *** وهما لعقد الدين واسطتان [القحطاني]
متفرقات
- من علامات الساعة وأماراتها الكبرى ظهور المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، ويلي أمر هذه الأمة ويجدد لها دينها، وهو رجل يحكم بالإسلام ويملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وظلما، تنعم الأمة في عهده بالخيرات والنعم التي لم تنعم بمثلها قط، قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم (النهاية في الفتن والملاحم:1-31).
- يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في المهدي: وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني -رضي الله عنه- (النهاية في الفتن والملاحم:1-31).
- يقول الحافظ أبو الحسن الآبري: وقد تواترت الأخبار واستفاضت وكثرت بكثرة رواتها عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بخروجه -أي المهدي-، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأنه يخرج مع عيسى -عليه السلام- فيساعده على قتل الدجال بباب لد، بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه (انظر كلامه هذا في تهذيب التهذيب:9-144).
- يقول الحافظ ابن كثير: فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان، وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض وترتجي ظهوره من سرداب في سامرا، فإن ذاك ما لا حقيقة له ولا عين ولا أثر... وأما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه في آخر الدهر، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث (النهاية في الفتن والملاحم:1-49).
- يقول العلامة محمد السفاريني في المهدي: وقد كثرت بخروجه - أي المهدي - الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عد من معتقداتهم.
- ويقول أيضا: وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ما يفيد بمجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب، كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة (لوامع الأنوار البهية:2-84).
- يقول العلامة محمد البرزنجي في كتابه - الإشاعة لأشراط الساعة -: قد علمت أن أحاديث المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ولد فاطمة عليها السلام بلغت حد التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها (الإشاعة في أشراط الساعة:236).
- يقول سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- ما ملخصه: أمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، وتواترها تواتر معنوي، لكثرة طرقها، واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق، وهو محمد بن عبد الله العلوي الحسني من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان، يخرج فيقيم العدل والحق، ويمنع الظلم والجور، وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلا وهداية وتوفيقا وإرشادا للناس وقد اطلعت على كثير من أحاديثه فرأيتها كما قال الشوكاني وغيره، وكما قال ابن القيم وغيره: فيها الصحيح، وفيها الحسن، وفيها الضعيف المنجبر، وفيها أخبار موضوعة، ويكفينا من ذلك ما استقام سنده، سواء كان صحيحا لذاته أو لغيره، وسواء كان حسنا لذاته أو لغيره، وهكذا الأحاديث الضعيفة إذا انجبرت وشد بعضها بعضا، فإنها حجة عند أهل العلم... والحق أن جمهور أهل العلم - بل هو كالاتفاق - على ثبوت أمر المهدي، وأنه حق، وأنه سيخرج في آخر الزمان، أما من شذ عن أهل العلم في هذا الباب فلا يلتفت إلى كلامه في ذلك (نقلا عن كتاب: الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي للعباد -حفظه الله- ص:157-159).
- قال الخطابي -رحمه الله-: "هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا، والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره ويقتله عيسى -صلى الله عليه وسلم- ويثبت الله الذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار، خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة، وخلافا للبخاري المعتزلي وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود، ولكن الذي يدعي مخارق وخيالات لا حقائق لها. وزعموا أنه لو كان حقًّا لم يوثق بمعجزات الأنبياء -صلى الله عليه وسلم-، وهذا غلط من جميعهم؛ لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له، وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله، ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه، وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه؛ لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأرض فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله، ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته ونبهوا على نقصه ودلائل إبطاله. وأما أهل التوفيق فلا يغترون ولا يخدعون بما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذوبة له مع ما سبق لهم من العلم بحاله، ولهذا يقول الذي يقتله ثم يحييه: ما ازددت فيك إلا بصيرة (شرح صحيح مسلم للنووي:18/58-59).
- قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله معلقا على أحاديث نزول عيسى عليه السلام-: "فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رواية أبي هريرة وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، والنواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية، وأبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنهم، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه، وأنه بالشام، بل بدمشق عند المنارة الشرقية، وأن ذلك يكون عند الإقامة لصلاة الصبح... فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان، حيث تنزاح عللهم، وترتفع شبههم من أنفسهم، ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى -عليه السلام- وعلى يديه، ولهذا قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)[النساء:159]. وهذه الآية كقوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)[الزخرف:61]. وقرئ " لَعَلَم بالتحريك، أي أمارة ودليل على اقتراب الساعة، وذلك لأنه ينزل بعد خروج المسيح الدجال فيقتله الله على يديه ويبعث الله في أيامه يأجوج ومأجوج فيهلكهم الله ببركة دعائه" (تفسير ابن كثير:1/519-20).
- قال القاضي عياض: الأحاديث الواردة في يأجوج ومأجوج: هذه الأخبار على حقيقتها يجب الإيمان بها؛ لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة، وقد ورد في خبرهم أنه لا قدرة لأحد على قتالهم من كثرتهم، وأنهم يحصرون نبي الله عيسى -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين الذين نجوا من الدجال، فيدعو عليهم فيهلكهم الله عز وجل أجمعين بالنغف - وهو دود في رقابهم - فيؤذون الأرض والمؤمنين بنتنهم، فيدعو عيسى وأصحابه ربهم فيرسل الله طيرا فتحملهم حيث شاء الله (إكمال المعلم:6/115-116).
- قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: الذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى ابن مريم، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب (فتح الباري:11-353).
- قال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-: والآية صريحة بالقول العربي أنها (دابة)، ومعنى الدابة في لغة العرب معروف واضح، لا يحتاج إلى تأويل، وقد بين الحديث بعض فعلها، ووردت أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها بخروج هذه الدابة الآية، وأنها تخرج آخر الزمان، ووردت آثار أخر في صفتها لم تنسب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المبلغ عن ربه والمبين آيات كتابه، فلا علينا أن ندعها.
- ولكن بعض أهل عصرنا من المنتسبين إلى الإسلام، الذين فشا فيهم المنكر من القول، والباطل من الرأي، الذين لا يريدون أن يؤمنوا بالغيب، ولا يريدون إلا أن يقفوا عند حدود المادة التي رسمها لهم معلموهم وقدوتهم من ملحدي أوربا الوثنيين الإباحيين، المتحللين من كل خلق ودين، فهؤلاء لا يستطيعون أن يؤمنوا بما نؤمن به، ولا يستطيعون أن ينكروا إنكارا صريحا، فيجمجمون ويحاورون ويداورون، ثم يتأولون فيخرجون الكلام عن معناه الوضعي الصحيح للألفاظ في لغة العرب، يجعلونه أشبه بالرموز، لما وقر في أنفسهم من الإنكار الذي يبطنون!.
- إن بعضهم لينقل التأويل عن رجل هندي معروف أنه من طائفة تنتسب للإسلام، وهي له عدو مبين، وعبيد لأعدائه المستعمرين !! فانظر إليهم أنى يترددون ويصرفون؟ وأي نار يقتحمون؟ ذلك بأنهم بآيات الله لا يوقنون (انظر: مسند الإمام أحمد بتحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر:15-82).
الإحالات
- 1- أشراط الساعة - عبد الله بن سليمان الغفيلي الطبعة: الأولى الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر: 1422هـ.
- معالم ومنارات في تنزيل أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة على الوقائع والحوادث راجعه عدد من طلبة العلم بقلم: عبدالله بن صالح العجيري.
- السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها - أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ الداني الناشر: دار العاصمة - الرياض الطبعة الأولى، 1416 تحقيق: د. ضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري.
- الفتن - نعيم بن حماد المروزي الناشر: مكتبة التوحيد - القاهرة الطبعة الأولى، 1412 تحقيق: سمير أمين الزهيري.
- كشف المنن في علامات الساعة والملاحم والفتن - محمود رجب حمادي الوليد الناشر: مكتبة عباد الرحمن، جمهورية مصر العربية، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م.
- موقف أهل السنة والجماعة من تنزيل نصوص الفتن وأشراط الساعة على الحوادث السفياني أنموذجا رسالة ماجستير في قسم الثقافة الإسلامية إعداد: زاهر بن محمد بن سعيد الشهري إشراف الأستاذ الدكتور: عبدالله بن صالح البراك أستاذ العقيدة بكلية التربية قسم الثقافة الإسلامية السعودية - وزارة التعليم العالي - جامعة الملك سعود - عمادة الدراسات العليا - كلية التربية - قسم الثقافة الإسلامية.
- إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - حمود بن عبد الله التويجري.
- النهاية في الفتن والملاحم - الإمام أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان-بيروت - 1408هـ - 1988م الطبعة: الأولى تحقيق: ضبطه وصححه: الأستاذ عبده الشافعي.