أخذ
2024-05-30 - 1445/11/22التعريف
الأخذ لغة:
1- أَخَذَ: فَالْأَصْلُ حَوْزُ الشَّيْءِ وَجَبْيُهُ وَجَمْعُهُ. تَقُولُ أَخَذْتُ الشَّيْءَ آخُذُهُ أَخْذًا. قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ خِلَافُ الْعَطَاءِ، وَهُوَ التَّنَاوُلُ. مقاييس اللغة: (1/68).
2- الأخذ: حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده الآية وتارة بالقهر والغلبة نحو: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)، ومنه: أخذته الحمى، وفلان يأخذ مأخذ فلان، يذهب مذهبه ويسلك مسلكه. التوقيف على مهمات التعاريف (ص: 43).
3- الأَخْذ: خِلافَ العَطَاءِ، وَهُوَ أَيضاً (التَّنَاولُ)، كَمَا فِي الصِّحَاح والمصباح والأَساس، وَقَالَ بعضُهم: الأَخْذُ: حَوْزُ الشيْء. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ فِي الأَصْلِ بمعنَى القَهْرِ والغَلَبةِ، واشتَهَر فِي الإِهلاكِ والاستِئصالِ. (أَخذَه) يَأْخُذُه (أَخذاً: تَناوَلَه.) والإِخْذُ، بِالْكَسْرِ، الاسْمُ، وإِذا أَمرْتَ قُلتَ: (خُذْ، وأَصْلُه اؤْخُذْ، إِلاّ أَنهم استَثْقَلُوا الهمزتين فحَذَفُوهما تَخْفِيفًا، وَقَالَ ابنُ سِيدَه: فلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمزتانِ، وكَثُرَ استعمالُ الكَلمةِ، حُذِفَت الهمزَةُ الأَصْلِيَّةُ، فَزَالَ الساكِنُ، فاسْتُغْنِيَ عَن الهَمْزَةِ الزَائِدَةِ، وَقد جَاءَ على الأَصْلِ: فَقيل اؤُخُذْ، وكذلك القولُ فِي الأَمْر من أَكلَ وأَمَرَ وأَشْبَاهِ ذلك، وَيُقَال: خُذ الخِطَامَ وخُذْ بِالخِطَامِ، بمَعْنًى، (كالتَّأْخَاذِ)، تَفْعَالٌ من الأَخْذ. تاج العروس: (9/ 363).
الأخذ اصطلاحًا:
يَرِد مُصْطلَح (أَخذ) في الفقه في عِدَّةِ مَواطِنَ، ويراد به:
1- أخذ الشيء: حازه وحصّله. قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها). [التوبة: 103]. وأخذه: تناوله وقبله، قال تعالى: (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي). [آل عمران: 81]. وأخذ فلانا: أي حبسه، قال تعالى: (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ). [يوسف: 78]. وعاقبه: قال تعالى: (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ). [هود: 102]. وقتله: قال تعالى: (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ). [غافر: 5]. وأسره: قال تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ). [التوبة: 5]. وغلبه: قال تعالى: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ). [البقرة: 255]. وأمسك: قال تعالى: (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ). [الأعراف: 150]. معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية: (1/104).
العناصر
1- مفهوم الأخذ وبيانه لغة واصطلاحًا.
2- الأخذ في الاستعمال القرآني.
3- سُنة الله في الأخذ
4- أخذ الظالمين والمترفين
5- الحث على الأخذ بالأسباب
6- الحث على الأخذ بالكتاب والسنة بقوة
7- أخذ العلم من أهله
الايات
1- قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها). [التوبة: 103].
2- قال تعالى: (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي). [آل عمران: 81].
3- قال تعالى: (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ). [يوسف: 78].
4- قال تعالى: (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ). [هود: 102].
5- قال تعالى: (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ). [غافر: 5].
6- قال تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ). [التوبة: 5].
7- قال تعالى: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ). [البقرة: 255].
8- قال تعالى: (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ). [الأعراف: 150].
9- قال تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ). [البقرة: 48].
10- قال تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ). [البقرة: 51].
11- قال تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ). [البقرة: 55].
12- قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ). [البقرة: 206].
13- قال تعالى: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا). [النساء: 21].
14- قال تعالى: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ). [المائدة: 58].
15- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ). [الأنعام: 74].
16- قال تعالى: (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ). [الأعراف: 51].
17- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف:١٧٢].
18- قال تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ). [التوبة: 50].
19- قال تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). [يونس: 24].
20- قال تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ). [الرعد: 32].
21- قال تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ). [الحجر: 73].
22- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ). [هود: ١٠٢].
23- قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) [المؤمنون:٦٤].
24- قال تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) [الرَحمن:٤١].
25- قال تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)[مريم:12].
26- قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الْأَعْرَافِ: 199].
27- قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31].
28- قال تعالى: (وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالمينَ)[البقرة: 35].
29- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 63].
30- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)[الْبَقَرَةِ: 83].
31- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا)[الْبَقَرَةِ: 93].
32- قال تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْأَعْرَافِ: 171].
33- قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)[آلِ عِمْرَانَ: 187].
34- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)[الْمَائِدَةِ: 12].
35- قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 101]. والنبذ عكس الأخذ.
الاحاديث
1- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ" وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ: حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ. البخاري (٣٧٥٧)
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ". رواه البخاري: (٢٣٨٧)
3- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ. رواه البخاري: (3398)
4- عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ". رواه البخاري: (٣١٩٦)
5- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ". رواه البخاري: (٦٩٢١).
6- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَالَ مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ". رواه البخاري: (٦٥٥٤).
7- عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَاللهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْبُرْ". قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ، حَلَاوَتُهُ تَنْطِفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا" قَالَ: فَوَاللهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَالَ: "لَا تُقْسِمْ". رواه البخاري: (٧٠٤٦)، ومسلم: (٢٢٦٩).
8- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرُ خَمْسِ نِسْوَةٍ؛ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلَاءِ، وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَتَيْنِ. أَوِ: ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَةٍ أُخْرَى. رواه البخاري: (١٣٠٦)، ومسلم: (٩٣٦).
9- عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ، قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ"، لَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلَامِ، وَاللهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللهُ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ قَدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا. رواه البخاري: (٥٢٨٨)، ومسلم: (١٨٦٦).
10- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلهِ بِهَا. رواه البخاري: (٣٥٦٠)، ومسلم: (٢٣٢٧).
11- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ". رواه البخاري: (٢٨٨٧).
12- عن أبي جُحَيْفَةَ قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ، فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. رواه البخاري: (١٨٧)، ومسلم: (٥٠٣).
13- عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا، فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا. رواه البخاري: (٣٧٣٥).
14- عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا"، وَرُبَّمَا قَالَ: "أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ"، وَرُبَّمَا قَالَ: "أَصَبْتُ، فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا، قَالَ: قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثَلَاثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ. رواه البخاري: (٧٥٠٧).
15- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ في بعضِ خُطبِهِ ومواعظِهِ أيُّها الناسُ أما رأيتُمُ المأخوذينَ على الغرةِ والمزعجينَ بعدَ الطمأنينةِ الذينَ أقامُوا على الشبهاتِ وجَنَحوا إلى الشهواتِ حتّى أتتهُمْ رسلُ ربِّهِمْ فلا ما كانوا أمَّلُوا أدركُوا ولا إلى ما فاتهُمْ رجَعُوا قدمُوا على ما عمِلُوا وندِمُوا على ما خلفوا فلمْ يُغنِ الندمُ وقدْ جفَّ القلمُ فرحِمَ اللهُ امرأً قدَّمَ خيرًا وأنفقَ قصدًا وقال صِدقًا ومَلكَ دواعِي شهوتِهِ فلمْ تملكْهُ وعصى إمرةَ نفسِهِ فلمْ تهلكْهُ". الأربعون الودعانية: (١٣).
16- عن كثيرِ بنِ قَيسٍ قال: كُنْتُ جالسًا مع أبي الدَّرداءِ في مسجِدِ دِمَشقَ فأتاه رجُلٌ فقال: يا أبا الدَّرداءِ إنِّي أتَيْتُكَ مِن مدينةِ الرَّسولِ في حديثٍ بلَغني أنَّكَ تُحدِّثُه عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو الدَّرادءِ: أما جِئْتَ لحاجةٍ أما جِئْتَ لتجارةٍ أما جِئْتَ إلّا لهذا الحديثِ؟ قال: نَعم قال: فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "مَن سلَك طريقًا يطلُبُ فيه عِلمًا سلَك اللهُ به طريقًا مِن طُرقِ الجنَّةِ والملائكةُ تضَعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ وإنَّ العالِمَ يستغفِرُ له مَن في السَّمواتِ ومَن في الأرضِ والحِيتانُ في الماءِ وفَضْلُ العالِمِ على العابِدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ إنَّ العلماءَ ورَثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لَمْ يُورِثوا دينارًا ولا دِرهمًا وأورَثوا العِلْمَ فمَن أخَذه أخَذ بحظٍّ وافرٍ". رواه وأبو داود: (٣٦٤١)، وابن حبان: (٨٨).
17- عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَه، فيَحْتَطِبَ على ظَهْرِه؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَأْتيَ رَجُلًا، فيَسْأَلَه، أعْطاهُ أوْ مَنَعَه". رواه البخاري (١٤٧٠).
18- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الرُّؤْيا، قالَ: "أَمّا الذي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفِضُهُ، ويَنامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ". رواه البخاري (١١٤٣).
19- عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ ألْحَنُ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فمَن قَضَيْتُ له بحَقِّ أخِيهِ شيئًا، بقَوْلِهِ: فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النّارِ فلا يَأْخُذْها". رواه البخاري: (٢٦٨٠).
وجاء في رواية أخرى عند أبي داود: (٣٥٨٤): أتى رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلانِ يَختَصمانِ في مَواريثَ لهما، لم يَكُنْ لهما بَيِّنةٌ إلّا دَعواهُما، فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.. فذَكَرَ مِثلَه، فبَكى الرَّجُلانِ، وقال كُلُّ واحِدٍ منهما: حَقِّي لكَ. فقال لهما النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أما إذْ فَعَلتُما ما فَعَلتُما، فاقتَسِما، وتَوَخَّيا الحَقَّ، ثم استَهِما، ثم تَحالّا. وقال شعيب الأرنؤوط: "إسناده حسن". وضعفه الألباني
20- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن بَيْعِ الثِّمارِ حتّى تُزْهيَ. فقِيلَ له: وما تُزْهِي؟ قالَ: حتّى تَحْمَرَّ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أرَأَيْتَ إذا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مالَ أخِيهِ؟!" رواه البخاري: (٢١٩٨).
21- عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "مَن آتاهُ اللَّهُ مالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكاتَهُ مُثِّلَ له مالُهُ يَومَ القِيامَةِ شُجاعًا أقْرَعَ له زَبِيبَتانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بشِدْقَيْهِ- ثُمَّ يقولُ أنا مالُكَ أنا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلا: (لا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) أخرجه البخاري: (١٤٠٣).
22- عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، (خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ) قالَ: ما أنْزَلَ اللَّهُ إلّا في أخْلاقِ النّاسِ، وقال عبد الله بن براد: حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: أمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِن أخْلاقِ النّاسِ، أوْ كما قالَ. رواه البخاري: (٤٦٤٣).
23- عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: "اسْتَعْمَلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا مِنَ الأزْدِ، يُقالُ له ابنُ الأُتْبِيَّةِ على الصَّدَقَةِ، فَلَمّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ وهذا أُهْدِيَ لِي، قالَ: "فَهَلّا جَلَسَ في بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدى له أَمْ لا؟ والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا يَأْخُذُ أَحَدٌ منه شيئًا إلّا جاءَ به يَومَ القِيامَةِ يَحْمِلُهُ على رَقَبَتِهِ، إنْ كانَ بَعِيرًا له رُغاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَها خُوارٌ، أَوْ شاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ بيَدِهِ حتّى رَأَيْنا عُفْرَةَ إبْطَيْهِ: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا". أخرجه البخاري: (٢٥٩٧)، ومسلم: (١٨٣٢).
24- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَلَسَ ذاتَ يَومٍ على المِنْبَرِ وجَلَسْنا حَوْلَهُ، فَقالَ: إنِّي ممّا أخافُ علَيْكُم مِن بَعْدِي، ما يُفْتَحُ علَيْكُم مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا وزِينَتِها. فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أوَيَأْتي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فقِيلَ له: ما شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ولا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنا أنَّه يُنْزَلُ عليه. قالَ: فَمَسَحَ عنْه الرُّحَضاءَ، فَقالَ: "أيْنَ السّائِلُ؟" -وكَأنَّهُ حَمِدَهُ- فَقالَ: "إنَّه لا يَأْتي الخَيْرُ بالشَّرِّ، وإنَّ ممّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أوْ يُلِمُّ، إلّا آكِلَةَ الخَضْراءِ؛ أكَلَتْ حتّى إذا امْتَدَّتْ خاصِرَتاها اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وبالَتْ، ورَتَعَتْ، وإنَّ هذا المالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صاحِبُ المُسْلِمِ ما أعْطى منه المِسْكِينَ واليَتِيمَ وابْنَ السَّبِيلِ -أوْ كما قالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-- وإنَّه مَن يَأْخُذُهُ بغيرِ حَقِّهِ، كالَّذِي يَأْكُلُ ولا يَشْبَعُ، ويَكونُ شَهِيدًا عليه يَومَ القِيامَةِ". أخرجه البخاري: (١٤٦٥)، ومسلم: (١٠٥٢).
25- عن عبيدالله بن مقسم أنَّهُ نَظَرَ إلى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ كيفَ يَحْكِي رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَماواتِهِ وَأَرَضِيهِ بيَدَيْهِ، فيَقولُ: أَنا اللَّهُ، وَيَقْبِضُ أَصابِعَهُ وَيَبْسُطُها، أَنا المَلِكُ حتّى نَظَرْتُ إلى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِن أَسْفَلِ شيءٍ منه، حتّى إنِّي لأَقُولُ: أَساقِطٌ هو برَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ وفي رواية: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، على المِنْبَرِ وَهو يقولُ: يَأْخُذُ الجَبّارُ، عَزَّ وَجَلَّ، سَماواتِهِ وَأَرَضِيهِ بيَدَيْهِ. رواه مسلم: (٢٧٨٨).
26- عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ناسٌ من أمَّتي بغائطٍ يُسمُّونه: البصرةَ، عند نهرٍ يُقالُ له: دِجلةُ، يكونُ عليه جسرٌ يكثُرُ أهلُها وتكونُ من أمصارِ المهاجرين – قال ابنُ يحيى: قال أبو مَعمرٍ: وتكونُ من أمصارِ المسلمين – فإذا كان في آخرِ الزَّمانِ، جاء بنو قنطوراءَ عِراضُ الوجوهِ، صغارُ الأعينِ، حتّى ينزلِوا على شطِّ النَّهرِ، فيتفرَّقُ أهلُها ثلاثَ فرقٍ: فِرقةٌ يأخذون أذنابَ البقرِ والبريَّةِ وهلَكوا، وفِرقةٌ يأخذون لأنفسِهم وكفروا، وفِرقةٌ يجعلون ذراريَهم خلف ظهورِهم ويُقاتلونهم وهم الشُّهداءُ". أخرجه أبو داود (٤٣٠٦)، وحسنه الألباني.
27- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال: "اعقِلها وتوكَّلْ". رواه الترمذي: (٢٥١٧)، وصححه الألباني.
28- عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتّى ترجعوا إلى دينِكُم". أخرجه أبو داود (٣٤٦٢)، وصححه الألباني.
29- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرٍئٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"(أخرجه البخاري: 4275).
30- عن سعيد بن زيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيّاهُ يَومَ القِيامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ. أخرجه البخاري: (٣١٩٨)، ومسلم: (١٦١٠).
31- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه". أخرجه البخاري: (٦٥٣٤).
32- عن سويد بن غفلة قال: بلَغَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ ناسًا يأخُذونَ الجِزْيةَ منَ الخَنازيرِ، فقامَ بلالٌ، فقال: إنَّهم لَيَفْعَلونَ، فقال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه: "لا تَفْعَلوا وَلُّوهم بَيعَها". قال شعيب الأرنؤوط في تخريج زاد المعاد (٥/٦٧٧): "رجاله ثقات".
الاثار
1- في قَولُه تعالى: (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) قال عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: شديدُ الأخذِ. تفسير السمعاني: (3 / 85).
2- قال عمر بن عبد العزيز: "خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم؛ فإنهم كانوا أعلم منكم، فأما ما خالف عمل أهل المدينة من الحديث فهذا كان مالك يرى الأخذ بعمل أهل المدينة، والأكثر أخذوا بالحديث". كتاب فضل علم السلف على علم الخلف (ص18).
3- وفي الأخذ بالأسباب قال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه لأبي عُبَيدةَ لَمَّا جاء الخبرُ بانتشارِ الوَباءِ في الشَّامِ، ورأى عُمَرُ الرُّجوعَ، فقال له أبو عُبَيدةَ: "أفِرارًا من قَدَرِ اللهِ؟ فقال عمر: لو غيرُك قالها يا أبا عُبَيدةَ! نعم نَفِرُّ من قَدَرِ اللهِ إلى قَدَرِ اللهِ، أرأيتَ لو كان لك إبلٌ هبَطَت واديًا له عُدْوَتانِ؛ إحداهما خِصبةٌ، والأُخرى جَدْبةٌ، أليس إن رعيتَ الخِصبةَ رعَيتَها بقَدَرِ اللهِ، وإن رعَيتَ الجَدْبةَ رَعَيتَها بقَدَرِ اللهِ؟". رواه البخاري: (5729).
4- عن مالِكِ بنِ أنسٍ قال: كان عُمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ يَقولُ: "سَنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وولاةُ الأمرِ من بُعدِه سُنَنًا، الأخذُ بها تَصديقٌ لكِتابِ اللَّهِ، واستِكمالٌ لطاعةِ اللَّهِ، وقوَّةٌ على دينِ اللَّهِ، من عَمِلَ بها مُهتَديًا بها هُدِي، ومن استَنصَرَ بها مَنصورٌ، ومن خالَفَها اتَّبَعَ غيرَ سَبيلِ المُؤمنين، ووَلَّاهُ اللَّهُ ما تولَّى". رواه عبد الله بن أحمد في السنة: (1/357).
4- قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اطلبوا العلم، فإن لم تطلبوه فأحِبُّوا أهله، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم. الزهد لأحمد بن حنبل: (1/ 113).
5- عن سَلمان الفارسي رضي الله عنه قال: "لا يزال الناسُ بخير ما بقي الأول حتى يتعلَّم الآخِر، فإذا هلك الأوَّلُ قبل أن يتعلَّم الآخِر هلك الناس". رواه الدارمي: (٢٥٥).
القصص
1- ذكر نوح -عليه السلام_.
أرسل الله نوحاً إلى قومه، وقد اختلف في ديانتهم، وأصح ذلك ما نطق به الكتاب العزيز، بأنهم كانوا أهل أوثان. قال الله تعالى: (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً) [نوح: 23-24]" وصار نوح يدعوهم إلى طاعة الله تعالى، وهم لا يلتفتون. وكان قوم نوح يخنقون نوحاً حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وبقي لا يأتي قرن منهم إلا كان أخبث من الذي قبله، وكانوا يضربونه حتى يظنوا أنه قد مات، فإذا أفاق نوح اغتسل، وأقبل إليهم يدعوهم إلى الله تعالى.
فلما طال ذلك عليه، شكاهم إلى الله تعالى، فأوحى الله إليه (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) [هود: 36] " فلما يئس نوح منهم دعا عليهم فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً) [نوح: 26] " فأوحى الله إلى نوح أن يصنع السفينة، فصار قومه يسخرون منه ويقولون: يا نوح قد صرت نجاراً بعد النبوة. وصنع السفينة من خشب الساج، فلما فار التنور - وكان هو الآية بين نوح وبين ربه - حمل نوح من أمره الله بحمله، وكان منهم أولاد نوح الثلاثة وهم: سام وحام ويافث، ونساؤهم، وقيل: حمل أيضاً ستة أناسي، وقيل ثمانين رجلاً، أحدهم جرهم، كلهم من بني شيث.
ثم أدخل ما أمره الله تعالى من الدواب، وتخلف عن نوح ابنه يام - وكان كافراً - وارتفع الماء وطمى، وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال، وعلا الماء على رؤوس الجبال خمسة عشر ذراعاً، فهلك ما على وجه الأرض من حيوان ونبات، وكان بين أن أرسل الله الماء وبين أن غاض ستة أشهر وعشر ليال، وقيل إن ركوب نوح في السفينة كان لعشر ليال مضت من رجب، وكان ذلك أيضاً لعشر ليال خلت من آب، وخرج من السفينة يوم عاشوراء من المحرم، وكان استقرار السفينة على الجودي من أرض الموصل. الكامل في التاريخ لابن الأثير: (1/ 62-64).
2- قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَلَمَّا نُودِيَ مُوسَى أُعْلِمَ أَنَّ قَابُوسَ فِرْعَوْنَ مِصْرَ مَاتَ وَقَامَ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبٍ مَكَانَهُ، وَكَانَ عُمُرُهُ طَوِيلًا، وَكَانَ أَعْتَى مِنْ قَابُوسَ وَأَفْجَرَ، وَأُمِرَ أَنْ يَأْتِيَهُ هُوَ وَهَارُونُ بِالرِّسَالَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْوَلِيدَ تَزَوَّجَ آسِيَةَ بَعْدَ أَخِيهِ، ثُمَّ سَارَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا مَعَ هَارُونَ...
وكَانَ فِرْعَوْنُ مُوسَى، وَكَانَ أَعْتَاهُمْ عَلَى اللَّهِ وَأَعْظَمَهُمْ قَوْلًا وَأَطْوَلَهُمْ عُمُرًا، وَاسْمُهُ فِيمَا ذُكِرَ الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَكَانَ سَيِّئَ الْمَلَكَةِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُعَذِّبُهُمْ وَيَجْعَلُهُمْ خَوَلًا وَيَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ.
فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَسْتَنْقِذَهُمْ بَلَغَ مُوسَى الْأَشُدَّ وَأُعْطِيَ الرِّسَالَةَ،
فَلَمَّا أَبَى فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ إِلَّا الثَّبَاتَ عَلَى الْكُفْرِ، تَابَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْآيَاتِ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ، وَهُوَ الْمَطَرُ الْمُتَتَابِعُ، فَغَرِقَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُمْ. فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنَّا هَذَا وَنَحْنُ نُؤْمِنْ بِكَ وَنُرْسِلْ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَنَبَتَتْ زُرُوعُهُمْ، فَقَالُوا: مَا يَسُرُّنَا أَنَّا لَمْ نُمْطَرْ. فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَرَادَ فَأَكَلَ زُرُوعَهُمْ،، فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَكْشِفَ مَا بِهِمْ وَيُؤْمِنُوا بِهِ، فَدَعَا اللَّهَ فَكَشَفَهُ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا وَقَالُوا: قَدْ بَقِيَ مِنْ زُرُوعِنَا بَقِيَّةٌ. فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّبَا، وَهُوَ الْقُمَّلُ، فَأَهْلَكَ الزُّرُوعَ وَالنَّبَاتَ أَجْمَعَ، وَكَانَ يُهْلِكُ أَطْعِمَتَهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَحْتَرِزُوا مِنْهُ، فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ، فَفَعَلَ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الضَّفَادِعَ، وَكَانَتْ تَسْقُطُ فِي قُدُورِهِمْ وَأَطْعِمَتِهِمْ وَمَلَأَتِ الْبُيُوتَ عَلَيْهِمْ، فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ لِيُؤْمِنُوا بِهِ فَفَعَلَ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَصَارَتْ مِيَاهُ الْفِرْعَوْنِيِّينَ دَمًا، وَكَانَ الْفِرْعَوْنِيُّ وَالْإِسْرَائِيلِيُّ يَسْتَقِيَانِ مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَيَأْخُذُ الْإِسْرَائِيلِيُّ مَاءً وَيَأْخُذُ الْفِرْعَوْنِيُّ دَمًا، وَكَانَ الْإِسْرَائِيلِيُّ يَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ فَمِهِ فَيَمُجُّهُ فِي فَمِ الْفِرْعَوْنِيِّ فَيَصِيرُ دَمًا، فَبَقِيَ ذَلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ لِيُؤْمِنُوا، فَفَعَلَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا.
فَلَمَّا يَئِسَ مِنْ إِيمَانِهِمْ وَمِنْ إِيمَانِ فِرْعَوْنَ دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُونُ فَقَالَ: (رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) [يونس: 88]. فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُمَا، فَمَسَخَ اللَّهُ أَمْوَالَهُمْ، مَا عَدَا خَيْلَهُمْ وَجَوَاهِرَهُمْ وَزِينَتَهُمْ حِجَارَةً، وَالنَّخْلَ، وَالْأَطْعِمَةَ، وَالدَّقِيقَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ إِحْدَى الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُوسَى.
فَلَمَّا طَالَ الْأَمْرُ عَلَى مُوسَى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ تَابُوتَ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ وَيَدْفِنَهُ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَسَأَلَ مُوسَى عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا امْرَأَةٌ عَجُوزٌ فَأَرَتْهُ مَكَانَهُ فِي النِّيلِ، فَاسْتَخْرَجَهُ مُوسَى، وَهُوَ فِي صُنْدُوقٍ مَرْمَرٍ، فَأَخَذَهُ مَعَهُ فَسَارَ، وَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَسْتَعِيرُوا مِنْ حُلِيِّ الْقِبْطِ مَا أَمْكَنَهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَأَخَذُوا شَيْئًا كَثِيرًا.
وَخَرَجَ مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْلًا وَالْقِبْطُ لَا يَعْلَمُونَ، وَكَانَ مُوسَى عَلَى سَاقَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهَارُونُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِمْ، وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمَّا سَارُوا مِنْ مِصْرَ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَتَبِعَهُمْ فِرْعَوْنُ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَامَانُ، (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء: 61] يَا مُوسَى! (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) [الأعراف: 129]، أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَانُوا يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَنَا، وَأَمَّا الْآنَ فَيُدْرِكُنَا فِرْعَوْنُ فَيَقْتُلُنَا. قَالَ مُوسَى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 62].
وَبَلَغَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الْبَحْرِ وَبَقِيَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَفِرْعَوْنُ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَأَيْقَنُوا بِالْهَلَاكِ، فَتَقَدَّمَ مُوسَى فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَانْفَلَقَ، (فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء: 63]، وَصَارَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ، فَقَالَ كُلُّ سِبْطٍ: قَدْ هَلَكَ أَصْحَابُنَا. فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَاءَ فَصَارَ كَالشُّبَّاكِ، فَكَانَ كُلُّ سِبْطٍ يَرَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى خَرَجُوا، وَدَنَا فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْبَحْرِ فَرَأَى الْمَاءَ عَلَى هَيْئَتِهِ وَالطُّرُقَ فِيهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا تَرَوْنَ الْبَحْرَ قَدْ فَرَقَ مِنِّي وَانْفَتَحَ لِي حَتَّى أُدْرِكَ أَعْدَائِي؟ فَلَمَّا وَقَفَ فِرْعَوْنُ عَلَى أَفْوَاهِ الطُّرُقِ لَمْ تَقْتَحِمْهُ خَيْلُهُ، فَنَزَلَ جَبْرَائِيلُ عَلَى فَرَسٍ أُنْثَى وَدِيقٍ، فَشَمَّتَ الْحُصُنُ رِيحَهَا فَاقْتَحَمَتْ فِي أَثَرِهَا حَتَّى إِذَا هَمَّ أَوَّلُهُمْ أَنْ يَخْرُجَ وَدَخَلَ آخِرُهُمْ أُمِرَ الْبَحْرُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ فَالْتَطَمَ عَلَيْهِمْ فَأَغْرَقَهُمْ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ.
وَانْفَرَدَ جَبْرَائِيلُ بِفِرْعَوْنَ يَأْخُذُ مِنْ حَمْأَةِ الْبَحْرِ فَيَجْعَلُهَا فِي فِيهِ، وَقَالَ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَغَرِقَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِيكَائِيلَ يُعَيِّرُهُ، فَقَالَ لَهُ: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 91]. وَقَالَ جَبْرَائِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا أَدُسُّ مِنْ حَمْأَةِ الْبَحْرِ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَةً يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا.
فَلَمَّا نَجَا بَنُو إِسْرَائِيلَ قَالُوا: إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَغْرَقْ. فَدَعَا مُوسَى فَأَخْرَجَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ غَرِيقًا، فَأَخَذَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَتَمَثَّلُونَ بِهِ، ثُمَّ سَارُوا فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ فَقَالُوا (يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف: 138]. فَتَرَكُوا ذَلِكَ. الكامل في التاريخ لابن الأثير 1/ 150- 164.
3- الإمام بقي بن مخلد الأندلسي رحمه الله تعالى رحل إلى بغداد ماشياً على قدميه.
فهل تتصور أن رجلاً يرحل من الأندلس إلى بغداد ماشياً على قدميه في طلب العلم؟! لقد رحل هذا الإمام من الأندلس إلى بغداد ماشياً على قدميه، وكان جل بغيته أن يلقى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ليأخذ عنه العلم، حكي عنه أنه قال: لما قربت من بغداد اتصل بي خبر المحنة التي دارت على أحمد بن حنبل.
أي: علم أن الإمام أحمد كان في أثناء امتحانه المحنة المعروفة عنه، وكان الإمام أحمد في المرحلة التي هي تحديد الإقامة، والتي كان فيها ممنوعاً من الخروج لمقابلة الناس، ولا يقابله أحد.
قال: اتصل بي خبر المحنة التي دارت على الإمام أحمد، وأنه ممنوع من الاستماع إليه والسماع منه، فاغتممت بذلك غماً شديداً، فاحتللت الموضع، فلم أعرج على شيء بعد إنزالي متاعي في بيت اكتريته في بعض الفنادق أن أتيت المسجد الجامع الكبير، وأنا أريد أن أجلس إلى الخلق وأسمع ما يتذاكرونه.
فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يكشف عن الرجال، فيضعف ويقوي، فقلت لمن كان قربي: من هذا؟ قال: هذا يحيى بن معين رحمه الله، فرأيت فرجة قد انفرجت قربه، فقمت إليه، فقلت له: أبا زكريا! رحمك الله، رجل غريب نائي الدار -يعني: بعيد الدار- أردت السؤال، فلا تستخفني.
فقال لي: قل.
فسألته عن بعض من لقيت من أهل الحديث، فبعضاً زكى وبعضاً جرح، فسألته في آخر السؤال عن هشام بن عمار، وكنت قد أكثرت من الأخذ منه، فقال - الإمام يحيى بن معين رحمه الله تعالى-: أبو الوليد هشام بن عمار صاحب صلاة، دمشقي ثقة، وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر وتقلد كبراً ما ضره شيئاً لخيره وفضلة.
فصاح أهل الحلقة: يكفيك رحمة الله عليك، غيرك له سؤال! فقلت وأنا واقف على قدمي: أكشفك عن رجل واحد. يعني: أعطني فرصة أسألك عن رجل واحد فقط.
قال: أكشفك عن رجل واحد أحمد بن حنبل! فنظر إلي يحيى بن معين كالمتعجب، وقال لي: ومثلنا نحن يكشف عن أحمد بن حنبل؟! إن ذاك إمام المسلمين وخيرهم وفاضلهم.
ثم خرجت استدل على منزل أحمد بن حنبل فدللت عليه، فقرعت بابه، فخرج إلي وفتح الباب، فنظر إلى رجل لم يعرفه، فقلت: يا أبا عبد الله! رجل غريب الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث، ومقيد سنة -يعني: جامع سنة-، ولم تكن رحلتي إلا إليك.
فقال لي: ادخل الأسطوان، ولا تقع عليك عين.
يعني: راقب الطريق جيداً، فالمهم أن لا يراك أحداً وأنت تدخل.
فقال لي: وأين موضعك -يعني: أين بلدك- فقلت: المغرب الأقصى، فقال لي: إفريقية؟ فقلت: أبعد من ذلك، أجوز من بلدي البحر إلى أفريقية.
أي: من الأندلس، فقال لي: إن موضعك لبعيد، وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك على طلبه، غير أني في حيني هذا ممتحن بما لعله قد بلغك.
فقلت له: بلى، قد بلغني وأنا قريب من بلدك مقبل نحوك، فقلت له: أبا عبد الله! هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم -يعني: أنا لست من أهل البلد، فإذا جئت أزورك فلن يلفت هذا النظر أحد؛ لأني لست معروفاً هنا في هؤلاء الناس.
قال: أبا عبد الله! هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي في كل يوم في زي السؤال فأكون عند باب الدار وأقول ما يقولون، فتخرج إلى هذا الموضع.
والسؤال هم المتسولون، يعني أنه يلبس ملابس المتسولين، ويأتي الإمام أحمد فيقول عند باب الدار ما يقولون، أي: من طلب الصدقة.
قال: فتخرج إليَّ إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني في كل يوم إلا بحديث واحد لكان فيه كفاية.
فقال لي: نعم، على شرط أن لا تظهر في الخلق، ولا عند أصحاب الحديث.
أي: لأنه لو تردد على مجالس العلم فسيشتهر، فيعرف أنه طالب علم وطالب حديث، وحينئذ لا يصلح أن يزوره، لكن إذا كان في صورة السؤال فلن يعرفه أحد إذا أتقن أداء هذا الدور.
قال: فقلت: شرطك.
فكنت آخذ عوداً بيدي، وألف رأسي بخرقة، وأجعل كاغدي- يعني الورق- ودواتي في كمي، ثم آتي بابه فأصيح: الأجر رحمكم الله.
والسؤال هنالك كذلك.
أي أن هذا هو اصطلاح المتسولين، فإنهم كانوا إذا سألوا يقولون: الأجر رحمكم الله.
قال: فيخرج إلي، ويغلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد بن حنبل، وسما ذكره، وعظم في عيون الناس، وعلت إمامته.
والإمام أحمد يلقب بإمام أهل السنة، مع أنه آخر الأئمة الأربعة، ولم يقل ذلك في حق الإمام الشافعي أو الإمام مالك أو أبي حنيفة؛ لأنهم لم يدركوا المحنة، فالأئمة الثلاثة ما أدركوا هذه المحنة، وإنما أدركها الإمام أحمد بن حنبل، وثبت فيها، فمن ثمَّ أطبقت الأمة على اعتباره إماماً لأهل السنة؛ لصبره الشديد في هذه المحنة، ومنافحته عن الدين وعن الحق في هذه المحنة الطويلة المعروفة.
قال: فظهر أحمد بن حنبل، وسما ذكره -يعني: رفع الله سبحانه وتعالى شأنه في الناس- وعظم في عيون الناس، وعلت إمامته، وكان تضرب إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري -يعني صبره على طلب العلم-، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، وأدناني من نفسه، ويقول لأصحاب الحديث: هذا يقع عليه اسم طالب علم -أي: هذا يستحق أن يوصف بأنه طالب علم-. ثم يقص عليهم قصتي معه. كتاب سلسلة علو الهمة لمحمد إسماعيل المقدم 12/ 4.
4- قصة هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذه بالأسباب
غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة الموافق 12/ 13 سبتمبر سنة 622 م. وأتى إلى دار رفيقه- وآمن الناس عليه في صحبته وماله- أبي بكر رضي الله عنه. ثم غادرا منزل الأخير من باب خلفي، ليخرجا من مكة على عجل، وقبل أن يطلع الفجر.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستجد في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالا، فقد سلك الطريق الذي يضاده تماما، وهو الطريق الواقع جنوب مكة، والمتجه نحو اليمن. سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال، حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور، وهذا جبل شامخ، وعر الطريق، صعب المرتقى، ذا أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره فحفيت قدماه، وأيا ما كان، فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل، عرف في التاريخ بغار ثور.
وكمنا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد. وكان عبد الله ابن أبي بكر يبيت عندهما. قالت عائشة: وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام. و (كان) يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل- وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث. وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفى عليه.
وحين خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى، تهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة. الرحيق المختوم (ص: 146-150).
الاشعار
1- قال البوصيري:
قَدْ أخَذَ المُسْلِمُونَ عَكاً *** وَأَشْبَعوا الكافِرِينَ صَكا
وساقَ سُلْطَانُنَا إلَيْهِمْ *** خَيْلاً تَدُّكُّ الجِبَالَ دَكَّا
وَأَقْسَمَ التُّرْكُ مِنْذُ سارَتْ *** لا تَرَكُوا لِلْفُرَنجِ مُلْكا
ديوان البوصيري (ص: 312).
2- يقول حسان بن ثابت:
إِن يَأخُذِ اللَهُ مِن عَينَيَّ نورَهُما *** فَفي لِساني وَقَلبي مِنهُما نورُ
قَلبٌ ذَكِيٌّ وَعَقلٌ غَرُ ذي دَخَلٍ *** وَفي فَمي صارِمٌ كَالسَيفِ مَأثورُ
ديوان حسان بن ثابت (ص: 103).
3- قال ابن الرومي:
من أخذ الحذر من المحذورِ *** قلّ تجنِّيه على المقدورِ
فلْيحزمِ الناظر في الأمور *** فإن نجا من كبوة العَثور
لم ينج منجى حائنٍ مغرور *** يحملهُ يوماً على الغرور
وإن كبا والعذر للمعذور *** لم يؤتَ من مأتى الضعاف الخور
ديوان ابن الرومي (ص: 2086).
4- قال العباس بن الأحنف:
أَخَذَ اللَهُ لِقَلبي مِن ظَلوم *** قَسَمَتهُ فِرَقاً بَينَ الهُموم
إِنَّما يُبكى لِمثلي أَنَّني *** مُبتَلىً أَشكو إِلى غَيرِ رَحيم
شامَني مَن كانَ يَسعى بَينَنا *** وَلَقَد أَعهَدُهُ غَيرَ مَشوم
إِنَّما لاطَفتُهُ أَخدَعُهُ *** قُلتُ كَي يَشفَعَ لي عِندَ ظَلوم
ديوان أبي الفضل بن الأحنف (ص: 313).
5- قال جرير:
رَأَت مَرَّ السِنينَ أَخَذنَ مِنّي *** كَما أَخَذَ السَرارُ مِنَ الهِلالِ
وَمَن يَبقى عَلى غَرَضِ المَنايا *** وَأَيّامٍ تَمُرُّ مَعَ اللَيالي
ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب: (2/ 546).
6- قال بديع الزمان الهمذاني:
استودع اللّه عيناً تنتحي دفعاً *** حتى تؤوب وقلباً يرتمي لهبا
وظاعناً أخذت منه النوى وطراً *** من قبل أن أخذت منه المنى أربا
فقلت ردي قناع الصبر إن لنا *** إليك أوبة مشتاق ومنقلبا
ديوان بديع الزمان الهمذاني (ص: 6).
7- قال أحمد شوقي:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي *** وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ *** إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
موسوعة الشعر الإسلامي (ص: 1202).
8- قال عبد الغني النابلسي:
لا تأخذُ الخلاقَ يا قومُ *** في خلقه سنة ولا نومُ
فالروح تأخذها به سنةٌ *** والجسم نوم فيه مرغومُ
والله عن روح وعن جسد *** قد جلَّ لا يحكيه مفهومُ
ما في سماوات له وهي ال *** أرواح قيدومٌ فقيدومُ
ديوان عبد الغني النابلسي (ص: 462).
9- قال ابن المعتز:
أَخَذَت مِن شَبابِيَ الأَيّامُ *** وَتَوَفّى الصِبا عَلَيهِ السَلامُ
وَاِرعَوى باطِلي وَبَرَّ حَديثُ ال *** نَفسِ مِنّي وَعَفَّتِ الأَحلامُ
وَنَهاني الإِمامُ عَن سَفَهِ الكَأ *** سِ فَرُدَّت عَلى السُقاةِ المُدامُ
عِفتُها مُكرَهاً وَلَذّاتِ عَيشٍ *** قامَ بَيني وَبَينَهُنَّ الإِمامُ
ديوان ابن المعتز (ص: 820).
10- قال ابو الفتح محمد بن الحسين المعروف بكشاجم:
خُذْ منْ زَمانِكَ ما صفا *** وَدَعِ الذي فيهِ الكَدَرْ
فالدَّهْرُ أَقصرُ من مُعَا *** تبةِ الزَّمانِ على الغِيَرْ
ديوان كشاجم (ص: 191).
الحكم
1- "أخَذَهُ أخْذَ سَبُعةٍ". قال الأصمعي: يعني أخذ سَبُعَةٍ - بضم الباء - وهي اللَّبُؤة، وقال ابن الأعرابي: أخذ سَبْعَة أراد سَبْعَةً من العدد، قال: وإنما خص سبعة لأن أكثر ما يستعملونه في كلامهم سبع، كقولهم: سبع سَموات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، وقال ابن الكلبي: سَبُعة رجلٌ شديدُ الأخذ يضرب به المثل، وهو سَبُعة ابن عَوْف بن ثعلبة بن سَلَامَان بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث. مجمع الأمثال: (1/ 26).
2- "أَخَذَهُ أَخْذَ الضَّبِّ وَلَدَهُ". أي أخذه أخذةً شديدة، أراد بها هلَكَته، وذلك أن الضب يحرس بيضه عن الهوامّ، فإذا خرجت أولادُه من البَيْض ظنَّها بعض أحناش الأرض، فجعل يأخذ ولده واحداً بعد واحد ويقتله، فلا ينجو منه إلا الشريد. مجمع الأمثال: (1/ 27).
3- "إذَا أَخَذْتَ بِذَنَبَةِ الضَّبِّ أغْضَبْتَهُ". ويروى "برأس الضب" والذَّنَبة والذنب واحد، وقيل: الذَّنبة غير مستعملة. يضرب لمن يُلْجئ غيرَه إلى ما يكره. مجمع الأمثال: (1/ 27).
4- "أخَذَتِ الأَرْضُ زُخَارِيَّها". وذلك إذا طال النبتُ والتفَّ وخرج زهره، و "مكان زخَارِيّ النباتِ" إذا كان نبتُه كذلك، من قولهم: زَخَر النبتُ، يضرب لمن صَلُح حالُه بعد فساد. مجمع الأمثال: (1/ 31).
5- "أخَذَهُ بِرُمَّتِهِ". أي بجُمْلته، الرُّمَّة: قطعة من الحبل بالية والجمع رُمَم ورِمَام.
وأصل المثل أن رجلا دَفَع إلى رجل بعيرا بحَبْل في عنقه، فقيل لكل مَنْ دفع شيئا بجملته: دفَعه إليه برُمّته، وأخذه منه برمته، والأصل ما ذكرنا. مجمع الأمثال: (1/ 33).
6- "الأَخْذُ سُرَّيْطٌ والقَضَاءُ ضُرَّيْطٌ". يَقُول إِن الَّذِي يَأْخُذ بِالدّينِ يَأْخُذ بِسُرْعَة وسهولة وَإِذا جَاءَ صَاحب الدّين يَقْتَضِيهِ ضرط بِهِ وسخر مِنْهُ والسريط من السرط وَهُوَ سر. جمهرة الأمثال: (1/ 170).
7- "أخَذُوا في وَادِي تُوُلِّهَ". من الوَلَه، وهو مثل تُضُلِّل في وزنه ومعناه، والوَلَه: التحير. يضرب لمن وقع فيما لا يهتدي للخروج منه. مجمع الأمثال: (1/ 50).
8- "إذَا أخَذْتَ عَمَلاً فَقَعْ فيه، فاِنَّما خَيْبَتُهُ تَوَقِّيهِ". ويروى "إذا أردت عملاً فخُذْ فيه"؛ أي إذا بدأت بأمرٍ فمارِسْهُ ولا تَنْكُلْ عنه، فإن الخيبة في الهيبة. مجمع الأمثال: (1/ 52).
9- "أخَذُوا طَرِيقَ الْعُنْصُلَيْنِ". قالوا: طريقُ العنصلِ هو طريقٌ من اليمامة إلى البصرة. يضرب للرجل إذا ضَلَّ. مجمع الأمثال: (1/ 58).
10- "أخَذَهُ بِأبْدَحَ وَدُبَيْدَحَ". إذا أخذه بالباطل، قاله الأصمعي، فهو (يضرب للأمر الذي يبطل ولا يكون). مجمع الأمثال: (1/ 63).
11- "أَخَذَهُ عَلَى قِلِّ غَيْظِهِ". أي على أثَرِ غَيْظٍ منه في قلبه. مجمع الأمثال: (1/ 77).
12- "أَخَذَنِي بِأطِيرِ غَيْرِي". الأَطِيرُ: الذنْبُ، قال مسكين الدَّارِمِيُّ:
أتَضْرِبُني بأطِيرِ الرَجالِ *** وَكَلَّفْتَنِي مَا يَقُولُ الْبَشَرْ
مجمع الأمثال: (1/ 78).
13- "أرْمَي مَنْ أخَذَ بأَفْوَاقِ النَّبْلِ". مجمع الأمثال: (1/ 317).
14- "الأخذ سلجان، والقضاء ليان". سلج سلجانا إِذا بلع والليان المطل يضربان فِي مدافعة الْحُقُوق ومطلها. المستقصى في أمثال العرب: (1/ 298).
15- "أخذ الليل جملاً". الاتخاذ مر، والليل معروف، وكذا الجمل من الإبل. يضرب هذا المثل لمن سرى الليل اجمع، إما لأنه بات ساريا مستيقضا عارفا بجميع ما مر عليه من أجزاء الليل كان مصاحبا لليل حقيقة، غير تارك له ولا غافل عنه بالنوم، ولا مفارق له كمصاحبة الراكب لراحلته، وأما لأنه صار الليل له سببا في وصوله إلى مأربه وبلوغه حين سراة، كما أن الجمل يكون سببا في وصول إلى مطلبه حين يركبه؛ وإما لأن الدلجة تعين على السير وتقطع المسافة البعيدة كما في الحديث فأشبهت الجمل لأن أقوى على السير، وأبقى على الأير، وأقطع للفلوات، وأنجح في بلوغ الحاجات. قال حبيب:
جعل الدجى جملا وودع راضيا *** بالهون يتخذ القعود قعودا.
زهر الأكم في الأمثال والحكم: (1/ 66).
16- "أخذهم ما قدم وما حدث". يضرب هذا المثل لمن يستولي عليه الهم، وكأنهم يريدون انه اجتمع عليه قديمه وحديثه. زهر الأكم في الأمثال والحكم: (1/ 68).
متفرقات
1- وقال ابنُ القَيِّمِ: "فمن هداه اللهُ سُبحانَه إلى الأخذِ بالحقِّ حيثُ كان، ومع مَن كان، ولو كان مع من يُبغِضُه ويُعاديه، وردِّ الباطِلِ مع من كان، ولو كان مع مَن يحِبُّه ويُواليه؛ فهو ممَّن هُدِيَ لِما اختُلِفَ فيه من الحَقِّ". الصواعق المرسلة: (2/516).
2- قال ابنُ حزم: "من بلغه الأمرُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من طريقٍ ثابتةٍ، وهو مسلِمٌ، فتأوَّل في خلافِه إيَّاه، أو في ردِّ ما بلغه بنصٍّ آخَرَ، فما لم تقُمْ عليه الحُجَّةُ في خَطَئِه في تَرْكِ ما ترك، وفي الأخذِ بما أخذ، فهو مأجورٌ معذورٌ؛ لقَصْدِه إلى الحَقِّ، وجَهْلِه به، فإن قامت عليه الحُجَّةُ في ذلك، فعاند، فكما ذكَرْنا قبلُ من التكفيرِ أو التفسيقِ، فلا تأويلَ بعد قيامِ الحُجَّةِ". الفصل لابن حزم: (3/296).
3- قال ابنُ تيميَّةَ: "كُلُّ داعٍ شافِعٍ دعا اللهَ سُبحانَه وتعالى وشَفَع، فلا يكونُ دعاؤه وشفاعتُه إلَّا بقضاءِ اللهِ وقَدَرِه ومشيئتِه، وهو الذي يجيبُ الدُّعاءَ ويَقبَلُ الشَّفاعةَ، فهو الذي خلق السَّبَبَ والمسَبَّبَ، والدعاءُ من جملةِ الأسبابِ التي قدَّرها اللهُ سُبحانَه وتعالى. وإذا كان كذلك فالالتفاتُ إلى الأسبابِ شِركٌ في التوحيدِ، ومحوُ الأسبابِ أن تكونَ أسبابًا نَقْصٌ في العَقلِ، والإعراضُ عن الأسبابِ بالكُليَّةِ قَدحٌ في الشَّرعِ، بل العبدُ يجِبُ أن يكونَ توكُّلُه ودعاؤه وسؤالُه ورغبتُه إلى اللهِ سُبحانَه وتعالى، واللهُ يُقَدِّرُ له من الأسبابِ مِن دُعاءِ الخَلْقِ وغيرِهم". مجموع الفتاوى: (1/131).
4- وقال ابنُ تيميَّةَ: أيضًا: "من ظَنَّ أنَّ التوكُّلَ يُغني عن الأسبابِ المأمورِ بها فهو ضالٌّ، وهذا كمن ظَنَّ أنَّه يتوكَّلُ على ما قُدِّرَ عليه من السعادةِ والشقاوةِ بدون أن يفعَلَ ما أمره اللهُ". مجموع الفتاوى: (8/528).
5- في قوله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ)قال ابن عطية: يؤخذ منه مراعاة الأسباب، وإلا فالله سبحانه قادر على إيصال ذلك إليها من غير هز. تفسير ابن عرفة: (3/ 114).
6- قال عمر رضي الله عنه: "إن العلم ليس عن حداثة السن ولا قدمه، ولكن الله تعالى يضعه حيث يشاء". الآداب الشرعية والمنح المرعية: (2/ 110).
7- وقال وكيع: "لا يكون الرجل عالما حتى يسمع ممن هو أسن منه ومن هو مثله ومن هو دونه في السن". الآداب الشرعية والمنح المرعية: (2/ 110).
8- وقد كان حكيم بن حزام يقرأ على معاذ بن جبل فقيل له: "تقرأ على هذا الغلام الخزرجي؟ قال: إنما أهلكنا التكبر". الآداب الشرعية والمنح المرعية: (2/ 111).
9- وقال الشَّاطبيُّ: "إنَّ زَلَّةَ العالِمِ لا يَصِحُّ اعتِمادُها مِن جِهةٍ، ولا الأخذُ بها تقليدًا له، وذلك لأنَّها موضوعةٌ على المُخالَفةِ للشَّرعِ؛ ولذلك عُدَّت زَلَّةً، وإلَّا فلو كانت مُعتَدًّا بها لم يُجعَلْ لها هذه الرُّتبةُ، ولا نُسِبَ إلى صاحِبِها الزَّلَلُ فيها". الموافقات: (5/ 136).
10- قال النووي -رحمه الله- معلقًا على حديث: (مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) قال: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم دَعْوَى مَا لَيْسَ لَهُ فِي كُلّ شَيْء سَوَاء تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْحَاكِم إِذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ"(شرح النووي على مسلم: 2/ 50).
11- قال الرازي: "(خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ) [البقرة: ٦٣]؛ أيْ بِجِدٍّ وعَزِيمَةٍ كامِلَةٍ وعُدُولٍ عَنِ التَّغافُلِ والتَّكاسُلِ". مفاتيح الغيب
12- قال ابن عاشور: "(وإذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ)؛ أي وإذا وعَظَهُ واعِظٌ بِما يَقْتَضِي تَذْكِيرَهُ بِتَقْوى اللَّهِ تَعالى غَضِبَ لِذَلِكَ، والأخْذُ أصْلُهُ تَناوُلُ الشَّيْءِ بِاليَدِ، واسْتُعْمِلَ مَجازًا مَشْهُورًا في الِاسْتِيلاءِ قالَ تَعالى (وخُذُوهم واحْصُرُوهُمْ) [التوبة: ٥] وفي القَهْرِ نَحْوَ وأخَذْناهم بِالبَأْساءِ.
وفِي التَّلَقِّي مِثْلُ (أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) [آل عمران: ٨١] ومِنهُ أُخِذَ فُلانٌ بِكَلامٍ فُلانٍ، وفي الِاحْتِواءِ والإحاطَةِ يُقالُ أخَذَتْهُ الحُمّى وأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، ومِنهُ قَوْلُهُ هُنا (أخَذَتْهُ العِزَّةُ)؛ أيِ احْتَوَتْ عَلَيْهِ عَزَّةُ الجاهِلِيَّةِ... فَأخْذُ العِزَّةِ لَهُ كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ إصْغائِهِ لِنُصْحِ النّاصِحِينَ.
وقَوْلُهُ: بِالإثْمِ الباءُ فِيهِ لِلْمُصاحَبَةِ أيْ أخَذَتْهُ العِزَّةُ المُلابِسَةُ لِلْإثْمِ والظُّلْمِ وهو الِاحْتِراسُ؛ لِأنَّ مِنِ العِزَّةِ ما هو مَحْمُودٌ قالَ تَعالى: (ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: ٨]؛ أيْ فَمَنَعَتْهُ مِن قَبُولِ المَوْعِظَةِ وأبْقَتْهُ حَلِيفَ الإثْمِ الَّذِي اعْتادَهُ لا يَرْعَوِي عَنْهُ وهُما قَرِينانِ". التحرير والتنوير