"تجليات وصفية في خطب النبي صلى الله عليه وسلم المنبرية" في ضوء حديث جابر رضي الله عنه

"تجليات وصفية في خطب النبي صلى الله عليه وسلم المنبرية"! في ضوء حديث جابر رضي الله عنه

عصام محمد الخضيري


روى جابر - رضي الله عنه- كما عند مسلم أنه قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ....."


هذا الحديث الذي هو عمدة في وصف خطب النبي عليه الصلاة والسلام ... وهديه فيها ... تتجلى فيه عظمة منبره عليه الصلاة والسلام وقوته وسموه . أداء ومضمونا ورؤية !


ولعله مما يحسن -هنا- أن نستلهم معان هذا الحديث في ضوء التجليات والوقفات الآتية:


الوقفة الأولى : اتسام وصف -جابر رضي الله عنه- لخطب النبي صلى الله عليه وسلم بالعموم وهذا ظاهر في قوله :"كان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه ...."


ف( كان ) في الحديث كما يذكر محققو أهل الأصول تقتضي في أصلها المعاودة والاستمرار على الشيء في غير ما قرينة تصرف هذا الأصل عن ظاهره !


الوقفة الثانية : اتسام منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعظمة والقوة في جوانبه الآتية:


الجانب الأول :" السمعي " وذلك يشمل :


المستوى الأول: الإلقائي. وقوة هذا ظاهر في قوله في وصف صوته عليه الصلاة والسلام:
" علا صوته "


يقول النووي في شرحه على مسلم "يستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يرفع صوته"


المستوى الثاني : المضموني . وقوته ظاهرة في قوله :" حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم"

يقول النووي في شرحه على مسلم : " يستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمرالخطبة ويجزل كلامه"


الجانب الثاني :"البصري" وقوته تتجلى عند قوله :"واحمرت عيناه"


الجانب الثالث: "النفسي" وقوته تتجلى عند قوله " واشتد غضبه "


فهذه الجوانب الثلاث كانت أبرز التجليات التي اتسمت بها خطب النبي عليه الصلاة والسلام!


الوقفة الثالثة: مكانة النبي عليه الصلاة والسلام بوصفه رسولا وإماما وقائدا للأمة الإسلامية، وبوصفه مطاعا في كل ما يقول ويؤمر به يجعل المتصف بتلك الصفات عادة ليس بحاجة لأن تتجلى فيه الجوانب الثلاث من القوة !... ولو أحد بإمكانه أن يستغني عنها لاستغنى عنها النبي صلى الله عليه وسلم .؛ إذ بمجرد الإشارة منه ينفذ عنه ما أراده !


الوقفة الرابعة : الرأفة والرحمة والحرص صفات أثبتها الله لنبيه دل عليها قوله : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم .." وفي غيرها من الأدلة.


وهذه الصفات كانت هي أكبر دافع لأن يتسم منبره عليه الصلاة والسلام بهذه القوة وهذا السمو ..!


ولقد كان حتى في رحمته ورأفته قويا وعظيما ... فهو يرحم ويحرص ويرأف إذن يستلزم ذلك أن يكون قويا في خطابه وتأثيره .


فعظمة و قوة خطابه على قدر عظمة رحمته ورأفته لأمته -صلى الله عليه وسلم-


هذه أبرز الوقفات التي استوقفتني في حديث جابر رضي الله عنه في وصف خطبه عليه الصلاة والسلام ..


فأين من يريدون أن يميعوا رسالة المنبر ...! ومن يريدون أن يئدوا تأثيره الذي كان الوسيلة الأكبر تأثيرا على مر الأزمنة والعصور ...!


المقصود أن منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان عظيما وكانت خطبه عليه السلام قوية سامية عظيمة كذلك.. حتى ورد عنه أنه كاد في أحد أحواله أن يسقط المنبر مما حمل من عظمة وقوة!!


وقوة خطبه كما أسلفت في الجانبين جميعا ..


الجانب الأدائي للخطبة ..! والجانب المضموني ... ! فكلاهما كان قويا ...


ولم يكن عليه الصلاة والسلام ليجامل أحدا فيه ... من أساء فإنه سينال ماعمل ..فيبين خطأه .على المنبر.. بلا مواربة غير أنه لم يكن من هديه أن يسمي! ... وربما علم أحد الحاضرين من هو المقصود من إشارته له ...!!


خلاصة القول كما أرشد إليه حديث جابر - رضي الله عنه-: أنه متى ما استعدنا بريق أول منبر في الإسلام فإن قوى الشر ستسقط على حافة خشبة أصغر منبر !


فأين الذين يريدون أن يطبخوا كل شيء .. وكل موضوع على نار هادئة !!


حتى ماتت المنابر ...!!


ليتهم امتثلوا هديه عليه الصلاة والسلام !


ألا رحم الله الرافعي إذ يقول : " ألا ليت المنابر الإسلامية لا يرقى فيها إلا رجال فيهم أرواح المدافع .. لا رجال في أيديهم سيوف من خشب ...!!


وما أكثر السيوف الخشبية .. ألا ليت الأخشبين يطبق عليها !


عاصم محمد الخضيري
المشاهدات 1746 | التعليقات 0