"التايم": هل يمكن للولايات المتحدة وقف موجة الاحتجاجات على امتداد العالم الإسلامي؟

احمد ابوبكر
1433/11/01 - 2012/09/17 08:28AM
"التايم": هل يمكن للولايات المتحدة وقف موجة الاحتجاجات على امتداد العالم الإسلامي؟

نشرت مجلة "تايم" الأميركية اليوم السبت تحليلا يتساءل عما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع عمل أي شيء لوقف الاحتجاجات الإسلامية ضد سفاراتها، ويستكشف الأسباب الكامنة وراء تفجر غضب العرب والمسلمين عند ظهور أي بارقة إهانة لدينهم حتى لو كانت مكشوفة الهدف ومحدودة. وتشير المجلة إلى ان المظاهرات العنيفة المحتجة على فيديو مسيء للإسلام امتدت بسرعة إلى أنحاء كثيرة من العالم العربي والإسلامي.

"هل هناك أي شيء تستطيع الولايات المتحدة عمله لوقف موجة المظاهرات التي كثيرا ما تكون عنيفة في أنحاء العالم الإسلامي هذا الأسبوع والمستهدفة لسفاراتها وسفارات حلفائها؟ الجواب المختصر هو لا.

"سيتعين عليها أن تتحمل الغضب الذي يذكيه انتهازيون في العواصم الإسلامية يتطلعون لتحقيق مكسب سياسي من وراء غضب شعبي حقيقي من فيلم مهين للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأن تأمل (أميركا) ألا يقتل المزيد من الدبلوماسيين أو المحتجين، وهو ما سيصعد من المواجهة".

لقد شهد يوم الجمعة احتجاجات في بلدان بعيدة تباعد سري لانكا ونيجيريا وجزر المالديف، بالإضافة إلى مواجهات قاتلة في تونس حيث قتل ثلاثة أشخاص بعد أن اخترق مجمع السفارة الأميركية، وفي العاصمة السودانية الخرطوم حيث قتل شخص بعد اختراق مماثل.

وكما هو الحال في كل دورات الاحتجاج السابقة، من المأمون المراهنة على أن السخط بشأن فيلم "براءة المسلمين" سينحسر في نهاية الأمر، بالرغم من أن موت محتجين يثير مظالم جديدة يمكن أن تديم القضية، كما ذكرت المجلة.

ولكن الناطق باسم البيت الأبيض جي كارني ربما تجاوز حده عندما إصر يوم الجمعة على أن الاحتجاجات نشأت "ردا لا على سياسة الولايات المتحدة، ولا على الإدارة، ولا على الشعب الأميركي، وإنما ردا على فيديو، على فيلم حكمنا عليه بأنه يستحق الشجب ومثير للاشمئزاز. وهذا لا يبرر بأي شكل رد الفعل العنيف عليه، ولكن هذه ليست بأي حال احتجاجات موجهة ضد هيبة الولايات المتحدة أو سياساتها".

إن الأمر ليس أبدا بهذه البساطة، تقول المجلة. إن السبب في ما جرى هو دليل على العداء الأميركي للإسلام، كتدنيس القرآن، مثلاً، أو نشر فيديو يعطي صورة ممسوخة عن النبي محمد، تشعل الغضب نحو مؤسسات الولايات المتحدة في نفوس مثل هذا العدد الكبير من المسلمين، هو الطريقة التي نظر بها أولئك المسلمون لسياسة الولايات المتحدة.

والإهانات المباشرة للإسلام كتلك التي يحتوي عليها الفيلم المسيء هي أداة فعالة في أيدي أولئك الذين يهيجون ضد تورط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وضد أولئك العرب الذين يمكن أن يعملوا مع واشنطن.

وإهانات الولايات المتحدة الشنيعة مثل فيلم "براءة المسلمين" لن تترجم بسهولة إلى غضب ضد انحياز الولايات المتحدة لولا الغضب الذي يغلي منذ وقت طويل تجاه واشنطن بسبب غزواتها لبلدان إسلامية، ودعمها للحكومات الإسرائيلية والحكام العرب الطغاة، وضرباتها بالطائرات من دون طيار وأكثر.

إن الغضب العميق من السياسة الخارجية للولايات المتحدة هو حالة قائمة منذ مدة طويلة، وقد فشلت جهود اوباما في تغييرها. والسخط إزاء فيلم مسيء هو الفيروس الانتهازي الذي يثير أزمة عندما يختلط بالحالة القائمة من قبل.

وتستخدم حالات الإهانة الأميركية للإسلام لإثبات أن سياسات وأفعال الولايات المتحدة الأكثر إثارة لغضب العرب العاديين ليست مجرد خيارات السياسة الخارجية المدفوعة بالمصلحة الذاتية واجندات أخرى، وإنما تعبيرات عن عداء أعمق تجاه الإسلام نفسه، وهو دليل يعمل كمحفز كيماوي يسبب غليان الغضب المترسب.

نعم، إن هذا أمر يستغله دائما انتهازيون تحركهم اجندات سياسية ضيقة، ولكن الغضب نفسه حقيقي، وهو ليس مقتصراً على فيلم. ومن دون الغضب الموجود من قبل، سيكون الفيلم في الواقع مثل صاعق من دون ديناميت. واتحاد العنصرين وحده هو الذي يسبب الانفجار.

وبهذا المعنى، لا يمكن اعتبار منتقدي الرئيس اوباما الجمهوريين مخطئين في إيحائهم بأن الارتفاع هذا الأسبوع في الاحتجاجات يمثل، على الأقل جزئياً، ردا على تعامل الإدارة مع شؤون الشرق الأوسط أو حتى على ما سماه المرشح لمنصب نائب الرئيس بول رايان يوم الجمعة "إشارات مختلطة" من البيت الأبيض.

ولكن المجال الذي يخطي فيه رايان وأولئك الذين يرددون كلامه – خطأً شنيعا وهائلا– هو الإيحاء بأن الاحتجاجات هي رد فعل على التراجع عن "الوضوح الأخلاقي والحزم في تحديد الاتجاه"، وهي كلمات كانت شائعة في عهد إدارة بوش.

وعلى العكس من ذلك، هب العالم الإسلامي غضبا على الولايات المتحدة بصورة مستمرة خلال معظم مدة رئاسة بوش تحديداً بسبب حربيها على العراق وأفغانستان ودعمها غير المشروط لإسرائيل بينما هي تضرب الفلسطينيين، وبسبب النفاق الواضح في إتباعها سياسة تنادي بالديمقراطية والحرية بينما هي تعانق أصدقاء مستبدين.

وإذا كان العرب يشعرون بالغضب نتيجة "الرسائل المتباينة" التي تصدر عن إدارة اوباما، فإن ذلك يعود إلى أن الرئيس (الأميركي) تعهد في القاهرة في العام 2009 بكسر حاجز سياسة فترة بوش، لكنه فشل مرات كثيرة في تنفيذ تعهداته.

ولا يرجع الغضب الذي يعتمل في صدور العرب من التغييرات التي أجراها اوباما منذ فترة إدارة بوش، وإنما من استمرار إدارته أكثر من مرة في تنفيذ سياسات فترة بوش في الشرق الأوسط. ويطالب رايان أن يظهر اوباما "الريادة الأميركية" بالتعامل بمزيد من التقارب والخطى المتطابقة مع خطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فهل سيساعد ذلك على تهدئة مشاعر الجماهير المندفعة نحو سفارات الولايات المتحدة في العالم العربي؟


المصدر : المختصر
المشاهدات 1545 | التعليقات 0