"إنه الله"                  

عبدالله التميمي
1439/10/17 - 2018/07/01 16:40PM

                                                   "إنه الله"                                   

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله ، أحمده سبحانه وأشكره على سابغ نعمه وجزيل عطاياه ، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له لا معبودَ بحقٍ سواه ، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله ونبيُّه ومصطفاه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه   ثم أما بعد:

فاتَّقوا الله معاشرَ الصائمين حقَّ تقواه ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾.

عباد الله: عبادةٌ عظيمةٌ يُحبها اللهُ عز وجل ، جالبةٌ لمحبتهِ ورضوانه ، لما فيها من تعظيمهِ وإظهارِ الافتقارِ إليه  ، إنَّها عبادةُ المدح ، نعم ، المدحُ للهِ الخالِق الرحيم ، الرزَّاقِ الكريم ، ذلك المدحُ الذي لا تزلُّفَ فيه ولا تملُّق ، ولا نفاقَ فيه ِولا تصنع ، تلك العبادةُ التي تَزيدُ العبدَ من ربِّه قُربًا وحُبًّا ، فما أجملَ الثناءَ لمن يَستحقُ حقًّا وصدقًا للإطراء ، وما أحسنَ التمجيدَ إذا كان في حقِ ربِ العبيد.

ثبت في صحيح البخاريِ من حديثِ ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلم  قال: ((لا أحدَ أغْيرُ من الله ؛ فلذلكَ حرَّمَ الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطن ، ولا أحدَ أحبُّ إليه المِدحةَ من الله ؛ فلذلكَ مَدَحَ نفسه)).

ونحن في ليالٍ عظيمة ٍتتنزلُ فيها الرحمات ، ويتفضلُ الربُ سبحانهُ بعظيمِ الهبات ، فلعلهُ سبحانهٌ أن يرحمنا ويعفو عنا بثنائنا عليه وتوحيدهِ وتنزيهِه.

أيها المسلمون: إنه الله جل جلاله ، له الأسماءُ الحسنى والصفاتُ العلى ،  ليس كمثلهِ شيءٌ وهو السميع البصير ، له مقاليدُ الأمور ، يدبرُ الأمر ، له الخلقُ والأمر ، فاطرُ السماواتِ والأرض ، ، إليهِ يرجعُ الأمرُ كله.

  (هو الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

يأتي نفر من كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم  فيقولون له: انسب لنا ربَّك ، فيأتي الجوابُ من اللهِ تعالى في غايةِ المدح والبيان والجمال: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾.

إنه الله ، الخالقُ الخلاَّقُ العليم ، "ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب"، أنشأ السماءَ وبناها: ﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴾ ، خلق الإنسانَ في أحسنِ تقويم ، خلقَ فسوى ، وقدرَ فهدى ، وأخرجَ المرعى فجعلهُ غثاء أحوى ، فالقُ الحبِ والنوى ، فالقُ الإصباح ، وجعلَ الليلَ سكناً والشمسَ والقمرَ حُسبَاناً.

 

 

إنه الله ، السميعُ البصير ، عالمُ الغيبِ والشهادة  ، حي قيوم ، لا تأخذهُ سنةٌ و لا نوم ،  يعلمُ ما في السماواتِ وما في الأرض ، ما يكونُ من نجوى ثلاثةٍ إلا هو رابعهم ، ولا خمسةٍ إلا هو سادسهم ، ولا أدنى من ذلكَ ولا أكثرَ إلا هو معهم أينما كانوا ، يعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تخُفي الصدور ، لا تخفى عليه خافية ، لا يخفى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماء ، السرُ عندَهُ علانية ، سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ،  عندَهُ علمُ الساعة ، ويعلمُ ما في الأرحام ، أحاطَ بكلِ شيءٍ علما ، وأحصى كلَ شيءٍ عدداً ﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ ، يعلمُ ما كانَ وما يكون ، وما لم يكن لو كانَ كيفَ سيكون.

إنه الله: القويُ الجبار ، العزيزُ القهار ، القادرُ المقتدر ،  مالكَ الملك ، يؤتي الملكَ من يشاء ، وينزعُ الملكَ ممن يشاء ، ويُعز من يشاء ، ويُذل من يشاء ، بيدهِ الخيرُ وهو على كلِ شيءٍ قدير ، لا يعجزهُ شيءٌ في السماواتِ ولا في الأرض ، إنما أمرهُ إذا أرادَ شيئاً أن يقولَ له كن فيكون ، ما من دابةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إن ربي على صراطٍ مستقيم ، طغى فرعونُ وقال أنا ربكم الأعلى ، فأخذهُ اللهُ نكالَ الآخرة ِوالأولى  ، واستكبر عادٌ وقالوا من أشدُ منا قوة ، فأهلكهم اللهُ بريحٍ صرصرٍ عاتية .

إنه الله ، الرحمنُ الرحيمُ التواب  ، وسعت رحمتهُ كلَ شيء ، أرسلَ الرسلَ وأنزلَ الكتبَ برحمته ، يقبلُ التوبةَ عن عباده ، ويعفو عن السيئات ، يبسطُ يدهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهار ، ويبسطُ يدهُ بالنهارِ ليتوبَ مسيءُ الليل ، يغفرُ الذنوبَ جميعاً ، ينادي عبادهُ فيقول:  يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة.

إنه الله: الغنيُ الحميد ، الرزاقُ ذو القوة ِالمتين ، الكريمُ الجواد ، واسعُ العطاء ، يداهُ مبسوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء ، لا يتعاظمُ شيئاً أعطاه ، بيدهِ خزائنُ السماواتِ الأرض ، يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حساب ، عمَّ بِرُّه ، واتَّصل خيرُه ، وكمُل عطاؤه ، وتمَّت نوافله ، وعمَّت فواضله ، وعزَّ سلطانه ، وبَرَّ قَسَمُه ، وجلَّ ثناؤه ، وعظُم جاهه ، وتقدَّست أسماؤه ، فلا إله غيره.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "ولله غيبُ السماواتِ والأرضِ وإليهِ يرجعُ الأمرُ كلهُ فاعبدهُ وتوكل عليه وما ربكَ بغافلٍ عما تعملون"

 

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة ونفعنا بما فيهما من آيات وحكمة أقول ما تسمعون وأستغفر الله.

 

 

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

عباد الله: إن من أجلِ مقاماتِ العبودية ، التعبدُ للهِ تعالى باستحضار ِعظمتهِ وجلالهِ ووحدانيته ، فاستحضروا تلك المعاني في صلاتكم وصيامكم وكل أعمالكم ،  ، صلوا صلاةَ مودع ، واقرأوا القرآن مستحضرينَ أنهُ كلامُ الله ، تصدقوا وسابقوا إلى مغفرة من ربكم .

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه  فقال في مُحكَم التنزيل:( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا )

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل حمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.  

 

المشاهدات 586 | التعليقات 0