﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾
محمد البدر
1437/08/13 - 2016/05/20 01:23AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد :قال تعالى : ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء:11] ؛ أي أن الأولاد أمانةً في أعناقكم أيها الآباء تُسألون عنهم أمام الله تبارك وتعالى ، أمانةٌ وودائع مطلوبٌ من كل أبٍ وأم أن يقوم بحق ابنه عليه ؛ فكما أن الله جل وعلا أوصى الأبناء بالآباء برًا وإحسانًا وطاعةً وتأدُّبا فإنه جل وعلا قد أوصى الآباء بالأبناء عدلًا وتربيةً وحُسن تنشئة ، وإذا وقف الأب ووقفت الأم أمام الله عز وجل سألهما عن ذلك فعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم يقول : كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ : الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فالأبوين مكلفان بتربية هذه الذرية من صغرها وتعاهدها بالصلاح والاستقامة فالبيت مدرسة لهم والأبوان معلمان ومتحملان لأمانة فالرجل راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "، وهناك أمور مشتركة بين الأبوين يتعاونان عليها وهناك أمور خاصة لكل منهما فالأبناء على الأب خاصة أن يربيهم على الخير والبنات على الأم خاصة أن تربيهن على الخير فالأب يتعاهد أبناءه من الصغر يأمرهم بالصلاة حين يبلغون سن التمييز عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدهِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : ( مُرُوا أوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أبْنَاءُ سَبْعِ سِنينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا ، وَهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المضَاجِعِ ) رواه أَبُو داود وقال الألباني حسن صحيح .
هذه ثلاثة أوامر من الرسول صلى الله عليه وسلم نحو الأولاد أن يؤمروا بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، وإذا بلغوا العشر وتكاسلوا عنها يضربون حتى يتأدبوا ويحافظوا عليها، والثالث يفرق بينهم بالفرش فلا يتركون ينام بعضهم إلى جانب بعض خشية من الفتنة، ولئلا ينشؤوا على التساهل في الأعراض، والأم مكلفة ببناتها من ناحية دينهن ومن ناحية سترهن ولباسهن ومن ناحية شعورهن، فهي تربيهن على الشريعة وعلى الدين ولا تتركهن يذهبن مع البنات السائبات المسيبات على الأم مسؤولية عظيمة نحو بناتها وعلى الأب مسؤولية عظيمة نحو أبناءه، فيخرج بهم إلى المسجد في كل صلاة من الصلوات الخمس يأخذ بأيديهم إلى جنبه يصلون معه ويتعلمون الصلاة وعليه أن يجلس مع أولاده حال مجيئهم من المدارس يسألهم ماذا تعلموا وكم حفظوا من القرآن ما يحفظون من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك الأم تشارك في هذا ، فاتقوا الله في أولادكم ربوهم على الخير حتى إذا احتجتم في آخر العمر إلى خدمتهم يقومون برد الجميل، (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)، إذا كان الأبوان لم يربيا أولادهما وهم صغار فكيف يطلبون منهم البر إذا كبروا واحتاجوا إلى ذلك فاتقوا الله عباد الله وتحملوا مسؤوليتكم نحو أبناءكم فالفتن اليوم كما تعلمون تحيط بنا وتتلقف الأبناء في كل مكان، فإذا أهمل الأبوين التربية وخرج الأبناء إلى الشارع وجدوا الفتن والمغريات والملذات والشهوات والشبهات وقرناء السوء ، وسهل عليهم تتبع الشهوات وتعاطي الخمور والمسكرات والمخدرات حينئذٍ يفشو الفساد وتضيع بعض الأسر وتظهر الفرق والجماعات ودعاة الفتن والحريات والتحرر والتحزب فيفسد دينهم وتزرع فيهم الإلحاد والخروج من الدين فهم بين هذه التيارات المنحرفة والمخالفة للكتاب والسنة، والخروج من هذه الدائرة المظلمة هي التربية الصحيحة النقية على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فهو السبيل الوحيد للحفاظ عليهم وتجنيبهم هذه المخاطر .
فاتقوا الله عباد الله، الأولاد ما داموا صغارا فهم على الفطرة كل مولود يولد على الفطرة والفطرة هي الدين دين الإسلام، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، الفطرة إذا حوفظ عليها فإنها تنموا على الخير وتثمر الخير، أما إذا أهملت أو غيرت انحرفت، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ رضي الله عنه: (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) متفق عليه .أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عباد الله :فاتقوا الله عباد الله :وأعلموا أن الأولاد مسؤولية عظيمة في أعناق آبائهم وما يحصل لهم من صلاح فإن أجره يكون لآبائهم (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)، وما يحصل منهم من فساد فإن إثمه أو أعظم إثمه على والديهم، لأنهم لم يربوهم على الخير،وتركوهم هملا ،فاتقوا الله عباد الله وتنبهوا لأولادكم فأنتم المسؤولون عنهم أمام الله سبحانه يوم القيامة، وسيحاسبونكم عن إهمالكم وتضييعكم لهم.
الا وصلوا ...
[/align]
أما بعد :قال تعالى : ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء:11] ؛ أي أن الأولاد أمانةً في أعناقكم أيها الآباء تُسألون عنهم أمام الله تبارك وتعالى ، أمانةٌ وودائع مطلوبٌ من كل أبٍ وأم أن يقوم بحق ابنه عليه ؛ فكما أن الله جل وعلا أوصى الأبناء بالآباء برًا وإحسانًا وطاعةً وتأدُّبا فإنه جل وعلا قد أوصى الآباء بالأبناء عدلًا وتربيةً وحُسن تنشئة ، وإذا وقف الأب ووقفت الأم أمام الله عز وجل سألهما عن ذلك فعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم يقول : كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ : الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فالأبوين مكلفان بتربية هذه الذرية من صغرها وتعاهدها بالصلاح والاستقامة فالبيت مدرسة لهم والأبوان معلمان ومتحملان لأمانة فالرجل راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "، وهناك أمور مشتركة بين الأبوين يتعاونان عليها وهناك أمور خاصة لكل منهما فالأبناء على الأب خاصة أن يربيهم على الخير والبنات على الأم خاصة أن تربيهن على الخير فالأب يتعاهد أبناءه من الصغر يأمرهم بالصلاة حين يبلغون سن التمييز عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدهِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : ( مُرُوا أوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أبْنَاءُ سَبْعِ سِنينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا ، وَهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المضَاجِعِ ) رواه أَبُو داود وقال الألباني حسن صحيح .
هذه ثلاثة أوامر من الرسول صلى الله عليه وسلم نحو الأولاد أن يؤمروا بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، وإذا بلغوا العشر وتكاسلوا عنها يضربون حتى يتأدبوا ويحافظوا عليها، والثالث يفرق بينهم بالفرش فلا يتركون ينام بعضهم إلى جانب بعض خشية من الفتنة، ولئلا ينشؤوا على التساهل في الأعراض، والأم مكلفة ببناتها من ناحية دينهن ومن ناحية سترهن ولباسهن ومن ناحية شعورهن، فهي تربيهن على الشريعة وعلى الدين ولا تتركهن يذهبن مع البنات السائبات المسيبات على الأم مسؤولية عظيمة نحو بناتها وعلى الأب مسؤولية عظيمة نحو أبناءه، فيخرج بهم إلى المسجد في كل صلاة من الصلوات الخمس يأخذ بأيديهم إلى جنبه يصلون معه ويتعلمون الصلاة وعليه أن يجلس مع أولاده حال مجيئهم من المدارس يسألهم ماذا تعلموا وكم حفظوا من القرآن ما يحفظون من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك الأم تشارك في هذا ، فاتقوا الله في أولادكم ربوهم على الخير حتى إذا احتجتم في آخر العمر إلى خدمتهم يقومون برد الجميل، (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)، إذا كان الأبوان لم يربيا أولادهما وهم صغار فكيف يطلبون منهم البر إذا كبروا واحتاجوا إلى ذلك فاتقوا الله عباد الله وتحملوا مسؤوليتكم نحو أبناءكم فالفتن اليوم كما تعلمون تحيط بنا وتتلقف الأبناء في كل مكان، فإذا أهمل الأبوين التربية وخرج الأبناء إلى الشارع وجدوا الفتن والمغريات والملذات والشهوات والشبهات وقرناء السوء ، وسهل عليهم تتبع الشهوات وتعاطي الخمور والمسكرات والمخدرات حينئذٍ يفشو الفساد وتضيع بعض الأسر وتظهر الفرق والجماعات ودعاة الفتن والحريات والتحرر والتحزب فيفسد دينهم وتزرع فيهم الإلحاد والخروج من الدين فهم بين هذه التيارات المنحرفة والمخالفة للكتاب والسنة، والخروج من هذه الدائرة المظلمة هي التربية الصحيحة النقية على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فهو السبيل الوحيد للحفاظ عليهم وتجنيبهم هذه المخاطر .
فاتقوا الله عباد الله، الأولاد ما داموا صغارا فهم على الفطرة كل مولود يولد على الفطرة والفطرة هي الدين دين الإسلام، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، الفطرة إذا حوفظ عليها فإنها تنموا على الخير وتثمر الخير، أما إذا أهملت أو غيرت انحرفت، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ رضي الله عنه: (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) متفق عليه .أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عباد الله :فاتقوا الله عباد الله :وأعلموا أن الأولاد مسؤولية عظيمة في أعناق آبائهم وما يحصل لهم من صلاح فإن أجره يكون لآبائهم (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)، وما يحصل منهم من فساد فإن إثمه أو أعظم إثمه على والديهم، لأنهم لم يربوهم على الخير،وتركوهم هملا ،فاتقوا الله عباد الله وتنبهوا لأولادكم فأنتم المسؤولون عنهم أمام الله سبحانه يوم القيامة، وسيحاسبونكم عن إهمالكم وتضييعكم لهم.
الا وصلوا ...
[/align]