﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾

محمد البدر
1437/03/21 - 2016/01/01 02:35AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
عباد الله: قال تعالى ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]
فلنحمدالله الذي هَدانا للإِسلام، وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] .
فبكمال هذا الدين تمت النعمة على المسلمين، فيجب عليهم أن يشكروها، وذلك بالتمسك بهذا الدين، والقيام بواجباته، وترك ما حرَّم الله سبحانه وتعالى من منهياته ، فأيُ إنسان يبتدع بدعةً فإنَّه يكفر بهذه النعمة، ولا يعترف بكمال هذا الدين، ويظن أنه قاصر، وأنه ناقص يحتاج إلى تكميل فهو مكذبُ لله عز وجل .
فالإسلام هو دين الله، الذي رضيه لعباده دينًا، ولا يقبل منهم دينًا سواه؛ قال تعالى : ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85] فلا مجال للمبتدعين، ولا للمغيرين والمُحدثين، والذي يُريد النجاة من النار والدخول في الجنَّة، ويريد رضا الله سبحانه وتعالى فعليه أن يتمسك بهذا الدين ، فالذي يقول أن الأديان كلها متساوية وكل إنسان يأخذ بأي دين يرتضيه منها فإنه سيصل إلى الجنَّة كما يقوله أهل البدع والظلال، أو الجُهال في هذا الزمان، الا فليعلم هؤلاء أن الأديان كُلها قد نُسخت والعمل بها لا يجوز ، وأن دين الإسلام سيبقى إلى أنَّ تقوم الساعة هو دينُ البشرية جميعاً لا يهودية، ولا نصرانية، ولا أي دين سوى هذا الدين دين الإسلام .
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
عباد الله : ولما توفي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِى وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ » صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وعن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ « قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِى إِلاَّ هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وعَنْ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ «لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وقال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِى أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا .. إلخ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .وقال أبو ذر رضي الله عنه : (تَرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ ، إِلا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا )صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
فالخير باقي في هذه الأمُّة لمن يُريد أن يتمسك به، ويشكر الله عليه، الخيرٌ باقً ولله الحمد ما بقي هذا الدين وهذا الإسلام قال تعالى : ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ ولم يتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن أكمل الله به الدين، فلا مجال للإضافة إلى هذا الدين، أو اقتراح أو اختراع أي شيءٍ زيادة على هذا الدين فعن عائشة رَضِي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
أقول قولي هذا ....

الخطبة الثانية :
عباد الله : وإن من أجلُّ النعم التي أنعم الله بها على الإنس والجنِّ بعثت النبي صلى الله عليه وسلم ، فبلَّغهم ما أُرسل به إليهم من ربِّهم على التمام والكمال قال الله عزَّ وجلَّ : ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ))
((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً))
عباد الله : اعلموا إن أهْل البِدَع يَعبدون الله بغير ما شَرع، فيفترون على الله الكذب، ويجْلِبون على أنفسهم التَّعب، ويقطعون السَّبيل، ويشغلون الناس بالأضاليل، لسان حالهِم أنَّ الله تعالى لم يُكمل دينه فيكملوه ، ولم يتمَّ نعمته فيتموه ، أو أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُبلِّغ الناس كلَّ ما أوحاه الله إليه، أو بلَّغه ولكن الصحابة لم يَفهموه أو لم يَهدوا الناس إليه، أو علموا شيئا لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أظلَمَهم لربِّهم! وما أقَلَّ توقيرَهم لنبيِّهم! وما أعظم جنايتهم على الصَّحابة! وما أضَرَّهم على أنفسهم! وما أشأمهم على مجتمعهم! وما أجرأَهم على دين ربِّهم! فيا ويلَهم، ما أعظم ما جنوه! وما أسوأ ما افتروه! فما حجَّتُهم عند الله جل وعلا، قال تعالى : ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ .
الا وصلوا...
[/align]
المشاهدات 2204 | التعليقات 0