2إكْمَالا نَسْأَلُ اللهَ حُسْنَ الخِتَامِ 27/12/1442هـ

خالد محمد القرعاوي
1442/12/26 - 2021/08/05 07:11AM
2إكْمَالا نَسْأَلُ اللهَ حُسْنَ الخِتَامِ 27/12/1442هـ
الحَمدُ للهِ المُطَّلِعِ على السَّرَائِرِ، العَالِمِ بِمَكْنُونَاتِ الضَّمَائِرِ، أَشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ غَفَّارُ الذُّنُوبِ، وَسَاتِرُ العُيُوبِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمَاً، وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. أَخْشى النَّاسِ لِرَبِّهِ وَأَتْقَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ، وَمَنْ بِهِمُ التَزَمَ وَاقْتَفَى أمَّا بَعْدُ. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. أيُّها المُسلِمُونَ: نَسْألُ اللهَ في هذه السَّاعَةِ أنْ يُحْسِنَ لَنَا العَمَلَ والخِتَامَ. وَأنْ يُثَبِّتَنَا على صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ. لأنَّنا مُوقِنُونَ بِأَنَّ: «قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلُّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ». وَأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا وَفَّقَهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ قَبَضَهُ عَلَيْهِ). نَحْنُ مُحْتَاجُونَ لِذلِكَ لأنَّ: «الأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ». كَمَا قَالَهُ رَسُولُنَا اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. عبادَ الله: الأعمالُ الصَّالحاتُ سَبَبُ كلِّ خَيرٍ في الدّنيَا والآخِرة، وأَفْضَلُ الأعمَالِ أَعمالُ القلوبِ، كَالإيمانِ بِاللهِ والتوكُّلِ عَليهِ والخَوفِ مِنْهُ ورَجَاءِ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ. وَأَعمَالُ الجوارِحِ تَابِعَةٌ لأَعمالِ القلوبِ، وَنَتِيجَةُ ذلكَ مَا قَالَهُ اللهُ تَعَالى:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
أَمَّا الأَعمَالُ السَّيِّئَةُ فَهِيَ سَبَبٌ لكلِّ شرٍّ في الدّنيا والآخِرة، كمَا قَالَ تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ). فمَن وفَّقهُ اللهُ للعمَلِ الصالحِ فَقَد كَتَبَ لَهُ حُسنَ الْخِتَامِ، الذي هُوَ غَايَةُ الصّالحينَ وهِمَّةُ المتَّقينَ :(فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون (. واللهُ سُبْحَانَهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً. أَيُّهَا الأخُ المُسْلِمُ: إليكَ أسْبَابًا تُسْعِدُكَ فِي الدُّنْيَا وَتُحْسِنُ لَكَ الخِتَامَ فِ الأُخْرَى, فَعِهَا بِقَلْبِكَ وَأَعْمِلْ بِهَا جَوَارِحَكَ: فَتَحقِيقُ الإيمَانِ التَّامِ بِاللهِ, وَالنِّيةُ الصَّالِحَةُ, والإخلاصُ لَهُ مِنْ أَعْظَمِ أسْبَابِ حُسْنِ الخِتَامِ: فَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (المُسْلِمُ إذا سُئِلَ في القَبْرِ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فَذلكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ}
عِبَادَ اللهِ: وَالاسْتِقَامَةُ عَلى الدِّينِ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ حُسْنِ الخِتَامِ: فَالْمَسْتَقِيمُونَ تُبَشِّرُهُمْ الْمَلَائِكَةُ: (أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). وَحِينَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّقَفِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ:" قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ". أَيُّهَا الأَخُ الْمُسْلِمُ: ومِنْ أَسبَابِ الخَاتمةِ الحَسَنَةِ المحافَظَةُ على الصَّلواتِ الخَمْسِ جمَاعَةً مَعَ المسلِمِينَ، فَقَدْ بَشَّرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. بِحُسْنِ الِّلقَاءِ غَدًا فَقَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ».
عِبَادَ اللهِ: مَنْ أَرَادَ حُسْنَ الخِتَامِ فَليَلْزَمْ تقوَى الله في السِّرِّ والعَلَنِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنْ السَّبْعَةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ". مَنْ أَرَادَ حُسْنَ الخِتَامِ فليَجْتَنِبْ كَبَائِرَ الذُّنُوبِ والآثَامِ، كَمَا قَالَ الْمَلِكُ العَلاَّمُ: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا).
اللهُمَّ ارْزُقْنَا خَشْيَتَكَ في الغَيبِ والشَّهَادَةِ، وَحُسْنَ الْمُعْتَقَدِ وَالقَولِ وَالعَمَلِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله مُعزِّ مَن أَطَاعَهُ، ومُذِلِّ مَن عَصَاهُ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَلا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَأَشهَدُ أنَّ نَبيَّنا وَسَيّدنَا محمّدًا عَبدُ اللهِ ورَسُولُه وَمُصْطَفاهُ، اللّهُمّ صَلّ وسلِّم وبَارِك عليه وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ ومَن وَالاهُ. أمَّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ وَمُجَانَبَةِ حُرُمَاتِهِ؛ تَسْعَدُوا فِي الدُّنْيا وَتَنْجُوا مِن عَذَابِهِ، وَتَفُوزُوا بجنَّاتِهِ. اَيُّهَا الأَخُ المُسْلِمُ: إنْ أَرَدَّتَ حُسْنَ الخِتَامِ فَعَليكَ بِحُسْنِ العَمَلِ (جَزَاءً وِفَاقًا). وَأَلِحَّ على اللهِ بالدُّعَاءِ بِأَنْ يُحْسِنَ لَكَ الخِتَامَ وَأَنْ يُضْفِيَ عَليكَ سِتْرَهُ وَرَحْمَتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ.
عِبادَ الله: ومِن أَسبَابِ التَّوفيقِ لحسنِ الخَاتمَة: البُعدُ عن ظُلمِ الناسِ في نَفْسٍ أَو مَالٍ أَو عِرْضٍ. فَالظُّلْمُ يَمْنَعُ الخَاتِمَةَ الحَسَنَةَ، وَيُعَجِلُ بِعُقُوبَةِ الظَّالِمِ دُنْيًا وَأُخْرَى، كَمَا قَالَ رَسُولُنَا اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ»
 أَيُّها الْمُسْلِمُ: أَتُرِيدُ حُسْنَ الخِتَامِ؟ أَحْسِنْ إلى خَلْقِ اللهِ، فَإنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). وَفِي الحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ، وَالْآفَاتِ وَالْهَلَكَاتِ". صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ. يَا عَبْدَ اللهِ: أَتُرِيدُ أَحَدًا يُعِينُكَ على حُسْنِ الخِتَامِ؟ فَعَليكَ بِصُحْبَةٍ صَالِحَةٍ تُعَلِّمُكَ وَتُذَكِّرُكَ وَتَنْصَحُ لَكَ وفي الحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ». حَسَّنَهُ الألبَانِيُّ. أَتَظُنُّ يَا عَبْدَاللهِ أَنْ مَنْ اسْتَقَامَ على الدِّينِ كَمَنْ زَاغَ وانْحَرَفَ؟ كَلاَّ فِإنَّ اللهَ يَقُولُ: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). وَبَيَّنَ عَدْلَهُ بَينَ الفَرِيقَينِ فَقَالَ: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ). فَيَا مُؤمِنُونَ: أَحْسِنُوا الظَّنَ بِاللهِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا تَسْعَدُوا فِي الدُّنْيَا وَتَفُوزُوا فِي الآخِرَةِ. وَاسْعَوا رَحِمَكُمُ اللهُ إلى تَحصِيلِ أَسْبَابِ حُسنِ الْخَاتِمَةِ يُوفِّقُكُمْ رَبُّكُمْ لِذَلِكَ. فَاللهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْآخِرَةِ. اللهم وفقنا للعمل الصالح وثبتنا عليه، اللهم إنا نسألك قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا، وعلما نافعا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية والرِّزقِ، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا غائِبا إلا رددتهُ، ولا مَظلومَا إلا نَصَرْتَهُ، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودَنا، ووفِّق ولاةَ أمورنا لِما تُحبُّ وترضى واجعلهم رحمةً على رَعايَاهُم. اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بَك من الغلا والرِّبا والزنا وسُوءِ الفِتَنِ مَا ظَهَر منها وما بَطَنَ. عبادَ اللهِ: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعونَ
 
المشاهدات 1558 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا