18 خطبة لفضيلة الشيخ د/ عبدالعزيز السدحان بعنوان ( إن شانئك هو الأبتر)

سعد أبوخليل
1442/03/12 - 2020/10/29 17:11PM

الخطبة الأولى

( إن شانئك هو الأبتر)

إن الحمد لله ... أما بعد:

فمعاشر المسلمين: لما كانت أمور الناس لا بد لها من حقوق وقيود تحكم حياتهم وتنظم مجتمعاتهم وترتب شؤونهم، وأعظم من هذا كله تضمن سعادتهم الدنيوية والبرزخية والأخروية. ولما كان -معاشر المسلمين- أعظم الحقوق حق الله تعالى الذي هو أساس الحقوق، وركنها الذي لا تقوم سائر الحقوق إلا به، كان من لوازم هذا الحق حق نبيه صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله واختاره لرسالته، فقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، فاستنارت به الأرض بعد ظلمتها، واهتدت به البشرية بعد حيرتها فأعاد صلى الله عليه وسلم للحنيفية السمحة ملة إبراهيم صفاءها، وأماط عنها ما علق بها من أوضار الجاهلية وضلالتها، فجمع الله به الأمة بعد شتاتها فتبدلت حالة أتباعه ومن آمن به إلى أحسن حال، غسلهم الإيمان ونقاهم وهذبهم فكانوا أتقياء بررة، تسودهم روح المودة والإخاء، يشد بعضهم بعضا كالبنيان المرصوص يؤثرون ولا يستأثرون فقادوا الناس بعد أن كانوا منقادين، وأصبحوا سادة بعد أن كانوا مسودين، ملؤوا الدنيا علما وعدلا، فكانوا أبر الناس بنبيهم في حياته بالذب عنه، وبعد مماته بالذب عن سنته.

          معاشر المسلمين: ولما كان القيام بحق النبي صلى الله عليه وسلم من القيام بحق الله تعالى الذي لا تصلح حياة الناس إلا به، كان على أمة الإسلام أن ترعى هذا الأمر حق رعايته، وأن توليه شديد العناية قولا وفعلا، فحاجة الناس إليه أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب، لأن وجود الطعام والشراب تقوم به حياة الأبدان، أما وجود الوحي وتمثله في نفوس الناس تقوم به حياة قلوبهم، وحياة القلوب أعظم من حياة الأبدان كما قرر هذا المثل بعض أهل العلم.

          معاشر المسلمين: وحقوق النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة مشهورة، ومن أعظم حقوقه صلى الله عليه وسلم محبته وتوقيره والدفاع عنه والرد على من أراد تنقصه وازدراءه "لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا". قال قتادة رحمه الله تعالى:"وتعزروه" تنصروه، وقوله:"وتوقروه" قال: أمر الله بتسويده وتفخيمه وتشريفه وتعظيمه.

          معاشر المسلمين: وإذا كان ديننا حث على حفظ حق من صنع لنا معروفا ولو كان سيء الخلق فكيف بمن صنع لنا معروفا وكان حسن الخُلُق، فكيف إذا كان صاحب المعروف علينا سببا لسعادتنا ونجاتنا في الدنيا والبرزخ والآخرة، وكان مع ذلك كله قد جمع كريم الخصال وطيب السجايا "وإنك لعلى خلق عظيم".

          معاشر المسلمين: لقد خص الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بكريم الأوصاف وجميل الشمائل، ومن ذلك رحمته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" قال ابن عباس:("عزيز عليه ما عنتم" شديد عليه ما شق عليكم "حريص عليكم" أن يؤمن كفاركم) وقال قتادة:(عزيز عليه عنت مؤمنهم، حريص على ضالهم أن يهديه الله).

          معاشر المسلمين: وكل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمسلمين في أصولها وفروعها. وكان صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه رؤوف رحيم يترفق بالمخطئين، يعود المرضى، يشيع الجنائز، يداعب الصغار، يوقر الكبار. وقبل ذلك راجع نبينا صلى الله عليه وسلم إلهنا تعالى ليخفف عنا عدد صلواتنا فما زال يراجعه حتى خففها من خمسين إلى خمس فجزاه الله تعالى عنا خير ما جزى نبيا عن أمته. ومن رحمته بعد ذلك ورأفته بأمته أنه ينادي ربه عندما يرى بعض أمته يذاد عن حوضه فيقول: يا رب أمتي أمتي، فجزاه الله تعالى خير ما جزى نبيا عن أمته. ومن رحمته ورأفته ما يكون في مقام الشفاعة العظمى عندما يخر ساجدا لربه تعالى تحت العرش، وبعد حمده لربه وحسن الثناء عليه يقال له: يا محمد ارفع رأسك. سل تعطه. اشفع تُشَفّع. فيقول صلى الله عليه وسلم: يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي. فجزاه الله تعالى عنا خير ما جزى نبيا عن أمته.

          معاشر المسلمين: لقد تواتر واشتهر ما قامت بعض صحف الغرب من نشر صور فيها تنقص وتهكم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النهج من أولئك الكفرة الفجرة وعاء من أوعية كثيرة يصبون فيها عظيم حقدهم وكيدهم على النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا والمسلمين عموما "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا".

          معاشر المسلمين: ولنا مع هذا الحديث وقفات:

الوقفة الأولى: معاشر المسلمين: إن مما ينبغي أن يُعلم وذلك قد خفي أو تجاهله كثي

المرفقات

إن-شانئك-هو-الأبتر-2

إن-شانئك-هو-الأبتر-2

المشاهدات 1089 | التعليقات 0