1 ــ خطبة في الحج : من فضائل الحج
جابر السيد الحناوي
من فضائل الحج
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" ( آل عمران : 102 )
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " ( النساء : 1 )
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " ( الأحزاب : 70 )
أما بعد ...
يقول الله تبارك وتعالي في كتابه العزيز : " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ " هذه الآية هي الآية رقم 197من سورة البقرة ، ومعناها أن وقت أداء الحج أشهر معلومات ، ولم يسم الله سبحانه وتعالي أشهر الحج في كتابه ؛ لأنها كانت معلومة عندهم مشهورة ، بحيث لا تحتاج إلى تخصيص ، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره ، وكما بين صلي الله عليه وسلم أوقات الصلوات الخمس ، وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم عليه السلام التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.
والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال ، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة ، فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا.
ويظلنا الآن الشهر الأول من أشهر الحج وهو شهر شوال ، ولذا فقد رأيت ــ بعد الاستعانة بالله سبحانه وتعالي ــ أن تكون خطبتنا اليوم ، وما يليها من خطب ــ بإذن الله تعالي ــ تكون فيما يتعلق ببعض أمور فريضة الحج ، فنقول وبالله التوفيق :
الحج هو الركن الخامس من أركان الاسلام ، أحد قواعد الاسلام ، أوجبه الله علي المسلمين بأوكد ألفاظ الوجوب عند العرب وأبلغها ، تأكيدا لحقه وتعظيما لحرمته ، فقال تبارك وتعالي : " ... وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " (آل عمران 97)
" وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ " اللام في لفظ الجلالة لام الايجاب والالزام ، ثم أكده بقوله سبحانه وتعالي : "على " التي هي من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب ، وقوله سبحانه وتعالي : " وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " فقوله سبحانه وتعالي : سبحانه وتعالي في هذا تغليظ علي تارك الحج ، ووصفه بالكفر لأنه لم يشكر ما أنعم الله عليه من صحة الجسم وسعة الرزق ولم يحج ، ثم ختم الآية بقوله سبحانه وتعالي : سبحانه وتعالي تشديد آخر وتوكييد ؛ لأن ذكر الاستغناء دليل علي المقت والسخط ، بل ودلل علي عظم السخط بقوله عز وجل: " عَنِ الْعَالَمِينَ " ولم يقل عمن لم يحج ، عبر عن سخطه عمن لم يحج بقوله : " فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " وهي تدل علي الاستغناء الكامل ، فكان في ذلك دلالة علي عظم السخط ، وشدة الغضب علي من لم يحج ــ وهو مستطيع ــ فالله غني عن العالمين وعن عبادتهم .
وكل هذا تغليظ علي المقصرين في أداء هذه الفريضة العظيمة ، التي لوتمت علي الوجه الذي شرعه الله ، لكان فيها الخير الكثير للإسلام والمسلمين ، فالمفروض أنه في هذه الشعيرة يجتمع أكبر مؤتمر اسلامي عام ، من مختلف الأقطار والأجناس ، والمفروض أنهم يتبادلون الرأى والمشورة في أمور شئونهم الدينية والدنيوية ، ليعود كل منهم إلي بلده وقد وصلوا إلي حلول تنفع المسلمين في جمع الكلمة ، وتوحيد الصفوف ، وإعداد العدة لما يرفع شأن الأمة الاسلامية ، ويدفع عنها كيد الأعداء الذين يتربصون بها الدوائر ، فلا ينتهي هذا المؤتمر العظيم ، إلا وقد أصبحوا يدا واحدة وقوة ضاربة علي من عاداهم ، وجسدا واحدا يتألم بتألم بعضهم لما يصيب البعض الآخر .
هذه هي أهم حكمة ظاهرة من مشروعية الحج ، وتغليظ الشرع علي المقصرين في أدائه .
فهل استطاع المسلمون توظيف هذا الموسم والمؤتمر السنوي الإلهي فيم شرعه الإله من أجله ؟ هل استفاد الحكام المسلمون من هذه الفرصة التى يدعوهم الإله عز وجل مرة في كل عام لعقد مؤتمرهم تحت رعايته تبارك وتعالي ؟
الملاحظ أنه لم يحدث شيء من ذلك ، بل العكس هو الحادث ، فلم يفكر أحد في الحكمة المقصودة من الحج هذه مطلقا ، بل اتخذوه موسما للسياحة ، حتي أسموها السياحة الدينية ، وأصبح الحج عندهم مصدرا للثراء السريع عن طريق الاتجار في دين الله ، وابتزاز أموال الناس بالباطل تحت اسم التأشيرات ، وأصبحت تجارة تأشيرات الحج والتحايل عليها تجارة رائجة تحقق الملايين ، وفي كل عام يزداد الاستغلال .. يزداد استغلال الحجيج سواء من جانب المصريين أو السعوديين علي حد سواء ، حتي أصبح أداء الحج وتكاليفه المادية فوق طاقة الناس بغير مبرر ، أليس في هذا صد عن سبيل الله ؟؟ ومما يؤسف له أن هذه الظاهرة لاتوجد إلا في مصر فقط ، أما بقية الدول الإسلامية فلم تفرخ فيها هذه الظاهرة بعد ، ونرجو من الله عز وجل ألا تطولها .
أخي المسلم :
لقد افتقدنا الحكمة العامة من مشروعية الحج ، والذين يستطيعون تأدية فريضة الحج الآن ، يؤدونها من منطلق شخصي فقط باعتبار أنها شعيرة يكفر الله بها الخطايا ، آملين أن ينسحب عليهم حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي يقول فيه : " مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " ( صحيح البخاري ج 5 / ص 400 ) والمعنى أنه إذا التزم الحاج بأداب هذا الحديث رجع بحج مبرور ، والحج المبرور هو الحج الذي لا يخالطه إثم ولا رياء ؛ فقَوْله صلي الله عليه وسلم :( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ ) يفيد اشتراط اخلاص الحج لله ، وقَوْله صلي الله عليه وسلم : ( فَلَمْ يَرْفُث ) هَذَا مِنْ قَوْل اللَّه تبارك وتعالي : ( فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ ) وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ فِي الآيَة الْجِمَاع ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِهِ فِي الْحَدِيث مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ ، مثل الْمُرَاد بِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلمفِي الصِّيَام " فَإِذَا كَانَ صَوْم أَحَدكُمْ فَلا يَرْفُث " (صحيح البخاري ج 6 / ص 474) وقَوْله صلي الله عليه وسلم : ( وَلَمْ يَفْسُق ) أَيْ لَمْ يَأْتِ بِسَيِّئَةٍ وَلَا مَعْصِيَة ( رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه ) أَيْ صَارَ مُشَابِهًا لِنَفْسِهِ فِي الْبَرَاءَة عَنْ الذُّنُوب فِي يَوْم وَلَدَتْهُ أُمّه ، أَيْ بِغَيْرِ ذَنْب ، وَظَاهِره غُفْرَان الصَّغَائِر وَالْكَبَائِر وَالتَّبِعَات ، وهذا من أكبر الشواهد علي ذلك ، فالحج المبرور الذي يرتب غفران الذنوب جميعا هو الذي لا يخالطه إثم ولا رياء ، ومن علاماته أن يرجع الحاج وحاله خيرا مما كان عليه قبل الحج ، ويداوم علي ذلك بعد الحج ، هذا هوالحج المبرورالذي ليس له جزاء إلا الجنة .
من فضائل الحج أيضا ما يبشر به قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : " تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ " ( سنن الترمذي ج 3 / ص 308 )
والمراد بـ ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ) أَيْ إِذَا اِعْتَمَرْتُمْ فَحُجُّوا وَإِذَا حَجَجْتُمْ فَاعْتَمِرُوا ( فَإِنَّهُمَا ) أَيْ الْحَجُّ وَالاعْتِمَارُ ( يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ) أَيْ يُزِيلانِهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْفَقْرَ الظَّاهِرَ بِحُصُولِ غِنَى الْيَدِ ، وَالْفَقْرَ الْبَاطِنُ بِحُصُولِ غِنَى الْقَلْبِ ( وَالذُّنُوبَ ) أَيْ يَمْحُوَانِهَا قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الصَّغَائِرُ وَلَكِنْ يَأْبَاهُ قَوْلُهُ ( كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ ) وَهُوَ مَا يَنْفُخُ فِيهِ الْحَدَّادُ لاشْتِعَالِ النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ ، ( خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) أَيْ وَسَخَهَا الذي يبعده الكير عن المعدن النقي ، ( وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ) الْمُرَادُ بِهَا الْحَجُّ الْمَقْبُولُ ، و الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنْ الْإِثْمِ ، أوَ الْحَجُّ الَّذِي وُفِّيَتْ أَحْكَامُهُ فَوَقَعَ مُوَافِقًا لِمَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ.
فالحج والعمرة يبعدان عن صاحبهما الفقر ، ويمحوان عنه الذنوب . . . . كبيرها وصغيرها ولا حرج علي فضل الله سبحانه وتعالي والله ذو الفضل العظيم يؤتيه من يشاء من عباده .
المتابعة بين الحج والعمرة إذن من فضائلها أنها تخلص صاحبها من الفقر والذنوب ، المتابعة بين الحج والعمرة تنفي الفقر عن المسلمين ، رغم أن ظاهرها أنها عبادة مكلفة ماديا ، ولكنها رغم أنف الماديين والعلمانيين المسلطين علينا .. تنفي الفقر ..
المتابعة بين الحج والعمرة سبب من أسباب زوال الفقر عن المسلمين ، رغم أنك حين تؤدي هذه العبادة تكلفك الآلاف .. ولكن الله عز وجل يعيدها إليك مرة أخري في الدنيا بزوال الفقر ، وفي الآخرة بغفران الذنوب ومحوها .
والذي أريد أن أركز عليه هنا هو زوال الفقر ...
الذين يحسبونها بالورقة والقلم ، بالكمبيوتر والآلات الحاسبة ، لن يجدوا لهذه المعادلة حلا ، أما المؤمن الموقن بصدق نبيه صلي الله عليه وسلم فلا يفكر هكذا وإنما يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، وصدق رسوله الكريم الذى لا ينطق عن الهوي ، فيشعر بالنتيجة ويحس بها بل ويلمسها في كل حياته .
المتابعة بين الحج والعمرة إذن مصدر من مصادر الرزق الإلهي المبارك الخفي ، الذي لا يعلم كنهه إلا الله .. ولهذا لما سـئل ابن تيمية عن رجل يريد أن يحج تطوعا ، هل الأفضل له أن يحج أم يتصدق بمصاريف الحج علي الفقراء ؟ قال : لا ، بل يحج ؛ لأنه إذا حج سوف يزيد رزقه ، ويجد عنده فائضا دائما يتصدق به علي الفقراء ، بعكس ما إذا تصدق مرة واحدة بنفقات الحج ثم انقطع عن الانفاق .
بمثل هذا الإيمان ، وبهذا المنطق يجب أن يفهم المسلمون حكمة المتابعة بين الحج والعمرة ... " تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ ... " أما الذين يصدون عن سبيل الله بتعجيز الناس عن أداء الحج والعمرة بحجة توفير العملة الأجنبية ، هؤلاء لن يصلحوا اقتصاد البلاد بهذا المنع ، بل سيزيدونها خرابا فوق خراب ؛ لأنهم بذلك يحرمون اقتصاد البلاد من مصدر إلهي من مصادر الرزق المبارك الخفي ، الذي لايحس به إلا المؤمنون حقا ، ولا يخضع لمقاييسكم البشرية القاصرة ، في حساب الثروة القومية للبلاد . . . فثوبوا إلي بارئكم ، وارجعوا إلي دينكم ، وارفعوا أيديكم عن العمار والحجاج . . . اللهم هل بلغت ؟؟ اللهم فاشهد .
يضاف إلي ما سبق من فضائل الحج ، فضيلة أعتبرها أنا شخصيا أكبر الفضائل ، هذه الفضيلة تتمثل في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : " الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ " (سنن ابن ماجه ج 8 / ص 452) والمراد بالضعيف هنا الذي لا يقوي علي الجهاد لعذر شرعي ، فيحصل له بالحج ثوابُ المجاهدين إذا أخلص في أعمال حجه ، فهو الباب المفتوح حتي الآن للجهاد ، والمجال الوحيد المسموح فيه بالجهاد ، بعد أن أوصدت .. وأغلقت قوي الظلم في وجوهنا جميع أبواب الجهاد ، وياليت هذا الباب يظل مفتوحا ، ولكن الملاحظ كما رأينا أنهم يصدون عن سبيله بوضع العراقيل أمام سهولة ويسر الحج إلي بيت الله الحرام . ( استخسروا فينا حتي جهاد النساء ، جهاد الستات استخسروه فينا ، استكثروه علينا .. وإنا لله وإنا إليه راجعون )
نعم الحج جهاد النساء ؛ فعن أمنا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ :" قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَخْرُجُ فَنُجَاهِدَ مَعَكَ فَإِنِّي لا أَرَى عَمَلا فِي الْقُرْآنِ أَفْضَلَ مِنْ الْجِهَادِ ؟ قَالَ : لا.. وَلَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ حَجُّ الْبَيْتِ حَجٌّ مَبْرُورٌ "( سنن النسائي ج 8 / ص 444) فبالله عليكم يامن بيدكم الأمر ، يسروا علي الناس سبيل الحج ، يسروا ولا تعسروا ، فإن الشرع يحث علي تعجيل الحج ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : " تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ " (مسند أحمد ج 6 / ص 253) وقد بين صلي الله عليه وسلم في حديث إخر بعض هذه الموانع فقال:" مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ " ( سنن ابن ماجه ج 8 / ص 426)
والمعني أَنه يُسْتَحَبّ التَّعْجِيل بالحج لِمَا فِي التَّأْخِير مِنْ تَعْرِيضه لموانع تحول بينه وبين أداء فريضة الحج حتي بعد القدرة عليها والاستطاعة ، و المرض من هذه الموانع ، فمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْمَرَض يَمْرَض فَيَمْنَعهُ ذَلِكَ عَنْ الْحَجّ وأداء مناسكه .
بل قد يذهب فعلا وهو قادر عليه فيضيع ماله فلا يتمكن من أدائه ، وهو المعني بقوله صلي الله عليه وسلم : " وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ".
وقد تعرض له الحاجة الشديدة التي تصرفه عن السفر إلي أداء مناسك الحج ، كانهدام بيت أو هلاك مال ، أو يوجد ما يمنعه من السفر ، كما هو حادث الآن من صعوبة الحصول علي التأشيرات إلا بعد دفع آلاف الجنيهات ، أو منع العديد من السفر لأداء فريضة الحج بحجة الخوف عليهم من أنفلوانزا الخنازير ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولهذا نذكر كل مستطيع بأن يسارع إلي الحج ما أمكنه ، فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ رضي الله عنهقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا " ( سنن الدارمي ج 5 / ص 329 )
وهنا أذكركم بأن تكونوا من أصحاب النوايا الصالحة والهمم العالية ، فقد يكتب لكم ثواب العمل دون أن تعملوه ؛ إذا أخلصتم النية وحبسكم العذر ، ومن ذلك ألا تستبعد ذهابك للحج رغم كل السواد الذي يخيم بالأفق ، بل تكون دائما علي أمل تفضل الله عليك ، فإن الله هو العزيز الحكيم ، الرزاق ذو القوة المتين ، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )
المشاهدات 32421 | التعليقات 11
هذه هي أهم حكمة ظاهرة من مشروعية الحج ، وتغليظ الشرع علي المقصرين في أدائه .
فهل استطاع المسلمون توظيف هذا الموسم والمؤتمر السنوي الإلهي فيم شرعه الإله من أجله ؟ هل استفاد الحكام المسلمون من هذه الفرصة التى يدعوهم الإله مرة في كل عام لعقد مؤتمرهم تحت رعايته ؟
الملاحظ أنه لم يحدث شيء من ذلك ، بل العكس هو الحادث ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل . علقه البيهقي (5/145) ,و أخرجه مرفوعا الإمام أحمد في مسنده ( 6/64 ، 6/75 ) وأبو داود رقم 1888 والترمذي رقم 903والحاكم في المستدرك 1/459 والبيهقي 5/145 وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبيمن طريق عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم عن عائشة به، و ضعفه الشيخالألباني رحمه الله تعالى في ضعيف أبي داود رقم 328، نعم يفيد المسلمون من هذا الاجتماع أفرادا وجماعات كما أفاد منه عمر رضي الله عنه في سؤال الناس عن ولاتهم ، في مثل لقاء المسلمين ، والوقوف على أحوالهم ، ولقاء أهل العلم ، والاستفادة منهم ، وطرح المشكلات عليهم ، وتقيم كل من وزارة الحج ورابطة العالم الإسلامي في مكة ومنى ندوات ومؤتمرات لعلماء المسلمين في حج كل عام، ويخطب خطيب عرفة حفظه الله كل عام خطبة جامعة موجهة لشعوب وحكام المسلمين ، لكن هذا لا يجعله أهم حكمة ظاهرة للحج بل أهم حكمة ظاهرة للحج إقامة ذكر الله تعالى وتوحيده ودعائه وتحصيل رضوانه ومغفرته.
هذه وجهة نظر أخيك وسأسر جدا أخي الكريم بمعرفة وجهة نظرك .
حفظك الله وسددك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل :
هذا أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال ابن عدي باطل وقال الذهبي منكر عن شريك وضعفه الألباني ويغني عنه ما أخرجه الإسماعيلي عن عبد الرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه يهوديّاً مات أو نصرانيّاً. قال ابن كثير رحمه الله: وهذا إسناد صحيح إلى عمر.
@جابر السيد الحناوي 989 wrote:
.. ولهذا لما سـئل ابن تيمية عن رجل يريد أن يحج تطوعا ، هل الأفضل له أن يحج أم يتصدق بمصاريف الحج علي الفقراء ؟ قال : لا ، بل يحج ؛ لأنه إذا حج سوف يزيد رزقه ، ويجد عنده فائضا دائما يتصدق به علي الفقراء ، بعكس ما إذا تصدق مرة واحدة بنفقات الحج ثم انقطع عن الانفاق .
أخي الفاضل : المسألة فيها تفصيل ، لخصته الفتوى التالية :
الأصل أن الحج النافلة أفضل من الصدقة بالمال الذي سينفقه في الحج . لكن قد يعرض من الأسباب ما يجعل الصدقة بالمال أفضل من حج النافلة ، كما لو كانت الصدقة في الجهاد في سبيل الله ، أو في الدعوة إلى الله ، أو على قوم مضطرين لا سيما إذا كانوا من أقاربه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارت" ( ص 206) :
وَالْحَجُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ وَاجِبَةً . وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ مَحَاوِيجُ فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ , وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مُضْطَرُّونَ إلَى نَفَقَتِهِ , فَأَمَّا إذَا كَانَ كِلاهُمَا تَطَوُّعًا فَالْحَجُّ أَفْضَلُ لأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَالِيَّةٌ وَكَذَلِكَ الأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ , لَكِنْ هَذَا بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ الْوَاجِبَ فِي الطَّرِيقِ وَيَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ , وَيَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَيُؤَدِّي الأَمَانَةَ وَلا يَتَعَدَّى عَلَى أَحَدٍ اهـ .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الحج والعمرة أفضل من الصدقة بنفقتهما لمن أخلص لله القصد ، وأتى بهذا النسك على الوجه المشروع، وقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ ) رواه البخاري (1773) ومسلم (1349) ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُمْرَةٌ فِي رَمَضَان تَعْدِلُ حَجَّة ) رواه البخاري (1782) مسلم (1256) اهـ .
وقال أيضاً :
من حج الفريضة فالأفضل له أن يتبرع بنفقة الحج الثاني للمجاهدين في سبيل الله ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل أي الأعمال أفضل ؟ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : حَجٌّ مَبْرُورٌ . رواه البخاري (26) ومسلم (83) .
فجعل الحج بعد الجهاد ، والمراد به حج النافلة لأن الحج المفروض ركن من أركان الإسلام مع الاستطاعة ، وفي الصحيحين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا ، وَمَنْ خَلَفَه فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ) ولا شك أن المجاهدين في سبيل الله في أشد الحاجة إلى المساعدة المادية ، والنفقة فيهم أفضل من النفقة في التطوع للحديثين المذكورين وغيرهما اهـ .
وقال أيضاً :
الأفضل لمن أدى فريضة الحجّ والعمرة أن ينفق ما يقابل حج التطوع وعمرة التطوع في مساعدة المجاهدين في سبيل الله ، لأن الجهاد الشرعي أفضل من حجّ التطوع وعمرة التطوّع اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز : هل الأفضل أن يتبرع لبناء مسجد أو يحج عن والديه ؟
فأجاب : إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعمير المسجد فتصرف نفقة الحج تطوعاً في عمارة المسجد لعظم النفع واستمراره وإعانة المسلمين على إقامة الصلاة جماعة .
أما إن كانت الحاجة غير ماسة إلى صرف النفقة ـ أعني نفقة الحج التطوع ـ في عمارة المسجد لوجود من يعمره غير صاحب الحجّ ، فحجه تطوعاً عن والديه بنفسه وبغيره من الثقات أفضل إن شاء الله ، لكن لا يجمعان في حجة واحدة بل يحج لكل واحد وحده اهـ .
انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (16/368-372) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الذي نرى أن بذل النفقة في الجهاد أفضل من بذلها في حج التطوع ، لأن نفل الجهاد أفضل من نفل الحج اهـ بتصرف .
فتاوى ابن عثيمين (2/677) .
يضاف إلي ما سبق من فضائل الحج ، فضيلة أعتبرها أنا شخصيا أكبر الفضائل ، هذه الفضيلة تتمثل في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : " الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ " (سنن ابن ماجه ج 8 / ص 452)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي صديقي الصدوق
اشكر لك مشاركتك القيمة وأرجو قبول اعتذاري لعدم الرد الفوري لأسباب خارجة عن الإرادة والحمد لله علي كل حال .. أما عن :
الملحوظة الأولي :
ترون " الاكتفاء بخطبة لبيان حكم الحج وفضله ومن يجب عليه وإلماحة لأحكامه و آدابه "
والمتتبع لعناصر الخطبة يجد أن هذا هو الواقع فعلا ، ففي المقدمة ذكرت بالحرف الواحد : " ويظلنا الآن الشهر الأول من أشهر الحج وهو شهر شوال ، ولذا فقد رأيت ــ بعد الاستعانة بالله سبحانه وتعالي أن تكون خطبتنا اليوم ، وما يليها من خطب ــ بإذن الله تعالي ــ تكون فيما يتعلق ببعض أمور فريضة الحج " ثم كان صلب الخطبة عن فضائل الحج ابتداء من : الحكمة العامة من مشروعية الحج ، ومرورا بفضل المتابعة بين الحج والعمرة ، ثم كون الحج جهاد الضعفاء ... وأيضا عنوان الخطبة هو : " من فضائل الحج " ولم المح من بعيد أو قريب لشرح أحكام الحج التفصيلي ولم أعد به ، لسبب بسيط جدا وهو أنني أشارككم الرأي في أن منبر الجمعة ليس المكان المناسب للغوص أو الإبحار في الأمور الفقهية التفصيلية ...
وهو ما ترونه أيضا في الخطبة الثانية وما يليها إن شاء الله سبحانه وتعالي من أن الخطب تبتعد عن التفصيلات الفقهية ، بل وتتناول مداخلات ترتبط بموضوع الخطبة تهم كل المسلمين سواء الحجاج منهم وغير الحجاج ، وأؤكد لكم أنني يسعدني كثيرا مثل هذه المشاركات ، بل وأستفيد منها الكثير.
الملحوظة الثانية
نعم ... " أهم حكمة ظاهرة للحج إقامة ذكر الله تعالى وتوحيده ودعائه وتحصيل رضوانه ومغفرته "
والواجب أن نعدل العبارة لتكون كالآتي : " هذه من الحكم الظاهرة من تشريع الحج " بدلا من عبارة " هذه هي أهم حكمة ظاهرة من مشروعية الحج " وأقر بأن الخطأ من نفسي ومن الشيطان والسداد والتوفيق من الله عز وجل ونسأل الله العفو والعافية .
وأرجو من الجهاز الفني بالملتقي عمل التعديل اللازم لأنه لا يوجد بالموقع أيقونات للتعديل بعد إرسال الخطبة .
الملحوظة الثالثة
ونفس ماقلناه في الملحوظة الثانية ، نرجو من الجهاز الفني تعديل الفقرة لتكون كالآتي :
] ولهذا نذكر كل مستطيع بأن يسارع إلي الحج ما أمكنه ، فعَنْ عن عبد الرحمن بن غنم أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه يهوديّاً مات أو نصرانيّاً. ( تفسير ابن كثير 2 / 85 ) [
ويسعدني جدا إذا وجدتم في أي خطبة من الخطب أي حديث ضعيف أن تنبهوني علي ذلك ، وياحبذا ذكر البديل من السنة الصحيحة كما فعلتم في هذه الملحوظة .
الملحوظة الرابعة
كون الحج أفضل أم الصدقة ؟ المسألة فيها تفصيل كما أوضحتم ، وقد اتفقنا علي أن خطبة الجمعة ليست مجالا للتفصيلات الفقهية ، التي جاء فيها أن الحج والعمرة أفضل من الصدقة بنفقتهما في بعض الأحوال .
ولا شك أنكم تعلمون أنه في المسائل الخلافية ، وفى الأمور غير المجمع عليها فليس لأحد أن يضطر أحدا لاعتناق مايراه ، طالما أن الخلاف سائغ شرعا وفيه متسع ، وكل خطيب أدري بأحوال عمار مسجده ، ومن هذا المنطلق كان تركيزي علي هذا الجانب خاصة وأن الظروف المحلية لا تساعد علي وصول التبرعات للمجاهدين لمن أراد مثل ذلك
الملحوظة الخامسة
حديث :" الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ "قلتم في المشاركة : "الحديث الذي ذكرتموه ... كبار علماء الحديث على تضعيفه " هنا كلمة ساقطة لاأدري ماهو قصدكم منها ، لكن المهم أن بعض كبار علماء الحديث قد حسنوه وصححوه فقد حسنه كل من : ابن حجر العسقلاني في موافقة الخبر الخبر ، والألباني في صحيح ابن ماجه والزرقاني في مختصر المقاصد ، و ملا علي قاري في الأسرار المرفوعة ، ومحمد جار الله الصعدي في النوافح العطرة ، ، و نص الألباني في صحيح الترغيب علي أنه حسن لغيره ، ونص في صحيح الجامع علي صحته ، وقال عنه المنذري في الترغيب والترهيب أن إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما .
أما قولكم : " أن طرح الموضوع بهذه المرارة والسخرية قد يحدث لدى الشباب ردات فعل تعود عليهم وعلى مجتمعهم بالضرر" ، فيؤسفني أنني لا أقبل وجهة النظر هذه ، بل الواجب أن يعلم الناس الحقيقة التي يعيشونها مهما كانت مرة ، لأن هذا هو أقصر الطرق لمواجهة المشاكل والخروج منها إلي بر الأمان ، بدلا من العيش في أحلام وأوهام ، أوالتشدق بأمجاد السلف الصالح دون العمل علي انسحابها علي الواقع الفعلي ؛ ولأننا إذا أشحنا بوجوههنا عن الحقيقة لمرارتها ، فإن هذا لايبطل الحقيقة الثابتة ، وإذا حاولنا أن نكتمها وراء أي حجاب فإن هذا لن يزيدها إلا وضوحا وجلاء ، فإن النعامة إذا أخفت رأسها في التراب لرؤية الصائد ، فإن هذا الإخفاء لايطرد الصائد ولا ينفي وجوده .
هذه هي وجهة نظري التي أتبناها ، وهي وجهة نظر أخوية أيضا ويسرني أن تشاركوني إياها .
وأخيرا همسة أخوية في أذنكم إذا سمحتم لي : لماذا تخفون شخصيتكم عنا وراء هذا الاسم المستعار " صديقك من صدقك " فالملتقي من التلاقي ، والتلاقي لايكون إلا بين أعلام لا بين ...
نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة
فهل استطاع المسلمون توظيف هذا الموسم والمؤتمر السنوي الإلهي فيم شرعه الإله من أجله ؟ هل استفاد الحكام المسلمون من هذه الفرصة التى يدعوهم الإله عز وجل مرة في كل عام لعقد مؤتمرهم تحت رعايته تبارك وتعالي ؟
الملاحظ أنه لم يحدث شيء من ذلك ، بل العكس هو الحادث ، فلم يفكر أحد في الحكمة المقصودة من الحج هذه مطلقا ، بل اتخذوه موسما للسياحة ، حتي أسموها السياحة الدينية ، وأصبح الحج عندهم مصدرا للثراء السريع عن طريق الاتجار في دين الله ، وابتزاز أموال الناس بالباطل تحت اسم التأشيرات ، وأصبحت تجارة تأشيرات الحج والتحايل عليها تجارة رائجة تحقق الملايين ، وفي كل عام يزداد الاستغلال .. يزداد استغلال الحجيج سواء من جانب المصريين أو السعوديين علي حد سواء ، حتي أصبح أداء الحج وتكاليفه المادية فوق طاقة الناس بغير مبرر ، أليس في هذا صد عن سبيل الله ؟؟ ومما يؤسف له أن هذه الظاهرة لاتوجد إلا في مصر فقط ، أما بقية الدول الإسلامية فلم تفرخ فيها هذه الظاهرة بعد ، ونرجو من الله عز وجل ألا تطولها .
هذه واحدة من الفضائل الظاهرة من مشروعية الحج ، وتغليظ الشرع علي المقصرين في أدائه .
فهل استطاع المسلمون توظيف هذا الموسم والمؤتمر السنوي الإلهي فيم شرعه الإله من أجله ؟ هل استفاد أولياء أمور المسلمين من هذه الفرصة التى يدعوهم الإله عز وجل مرة في كل عام لعقد مؤتمرهم تحت رعايته تبارك وتعالي ؟
الملاحظ أنه لم يحدث شيء من ذلك ، بل العكس هو الحادث ، فلم يفكر أحد في الحكمة المقصودة من الحج هذه مطلقا ، بل اتخذوه موسما للسياحة ، حتي أسموها السياحة الدينية ، وأصبح الحج عندهم مصدرا للثراء السريع عن طريق الاتجار في دين الله ، وابتزاز أموال الناس بالباطل تحت اسم التأشيرات ، وأصبحت تجارة تأشيرات الحج والتحايل عليها تجارة رائجة تحقق الملايين ، وفي كل عام يزداد الاستغلال .. يزداد استغلال الحجيج سواء من جانب المصريين أو السعوديين علي حد سواء .
وقد استشري استغلال السعوديين خاصة في هذا العام 1431 هـ ، وقد رأينا ذلك في استغلال فرصة تخفيض حصة مصر من تأشيرات العمرة ، والقصور في أماكن التسكين ( الفندقة ) الناتج عن الهدم الذي طال أماكن التوسعات حول الحرم المكي الشريف ، ففرضوا الفنادق علي شركات السياحة بأسعار أعلي بكثير عن قيمتها الحقيقية ، في مقابل الموافقة علي استخراج تأشيرات العمرة ، وهذا ما لمسه المعتمرون في عمرة رمضان هذا العام ، والذي أخشي أن يطول موسم الحج أيضا ، فأصبح هذا التصرف من جانب الوكلاء السعوديين سببا جديدا من أسباب زيادة تكاليف الحج والعمرة ، رغم أن الأصل أن تأشيرات الحج والعمرة مجانية ، إلا أن هذا التصرف من جانب الوكلاء أصبح بمثابة تحميل للتأشيرات بمبالغ لا مبرر لها ، كما لو كنا في سوق خضار ، نحمل بضاعة كاسدة علي بضاعة رائجة ، حتي أصبح أداء الحج وتكاليفه المادية فوق طاقة الناس بغير مبرر ، أليس في هذا صد عن سبيل الله ؟؟
إنني أناشد المسئولين بوزارة الحج السعودية النظر في هذا الموضوع ووضع حد عاجل وسريع لاستغلال الوكلاء السعوديين ، والذي يسيء إلي سمعة المملكة ، والجهود التي تبذلها وزارة الحج مشكورة حرصا علي راحة الحجاج والمعتمرين ، وأن يترك هذا الأمر حرا يخضع لعوامل العرض والطلب ، وليس لسياسة الاحتكار هذه .
الخطيب هو أولى الناس بالابتعاد عن هذا .
والمؤمن مؤمن كائنا من كان ... والضال ضال وإن كان من أعرق الناس في نسبه أو أغناهم أو أجملهم ...
فلعله يحسن التعبير بالأسماء الدالة على مسمياتها بدقة ...
فلا نقول مصري ولا سعودي ولا شامي ولا يمني ... بل نرتفع عن هذا التعميم الذي لا يليق بنا ونحن في موقع أظن من غايتنا الاجتماع على الدين والحق ...
وجزاك الله خير الجزاء أخي الشيخ الحناوي على مشاركاتك التي هي مما يحيي هذا الموقع وينشطه ...
إذا لم نحدد مكمن الخطأ ، وموقع الداء ، فلن نستطيع علاج المرض، وسيلقي كل طرف التبعة علي الآخر ، وستظل المشكلة علي ما هي عليه بغير حل .
ولا يمكن أن يحمل الكلام علي عنصرية أوجاهلية ، حيث بينت صراحة أن هذه الظاهرة المرضية لا تظهر إلا مع الحجاج والمعتمرين المصريين ، الذين يستغلهم الطرفان أسوأ استغلال ، وبدون الدخول في تفاصيل أكثرمن ذلك لأن هذا ليس ميدانها .
فكان من نتيجة ذلك أن أفرغت هذه العبادة من كثير من محتوياتها النبيلة .
وقد بينت صراحة أن المسئولين علي المستوي الرسمى ( وزارة الحج ) يبذلون أقصي ما في جهدهم لراحة الحجاج والمعتمرين ، إلا أن بعض الأفراد ـ الوكلاء السعوديين ـ قد تعدوا الحدود في استغلال موسم عمرة رمضان هذا العام 1431 هـ وأردت التنبيه إلي ذلك ، حتى لا يطول موسم الحج ايضا.
فليس هناك سوء تعبير ، ولا تعميم غير لائق ؛ والسكوت علي مثل هذه التصرفات غير المسئولة ، أو التستر عليها بأي حجة ، يفرق ولا يجمع .
وجزاك الله خيرا علي غيرتك التي أظن أنها في الله .
كما أشكر الشيخ صديقك من صدقك على هذه التنبيهات المفيدة,,
واللفتة الجميلة من الشيخ "مرور الكرام" كعادته يأتي متأخرا ويستخرج لنا الدقائق التي لا ترى بالعين المجردة، مع أنه مااارّ فماذا يصنع إذا استقعد للواحد؟؟!!هههه
فاللهم حوالينا ولا علينا..
*بالمناسبة أقترح عليك أن تغير معرّفك إلى " ساهر الكرام":
صديقك من صدقك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجهة نظر أخوية:
نحن نعرف أن نسبة الحجاج هي : حاج من كل ألف من السكان ، فإذا كان جامعكم يستوعب عشرة آلاف مثلا فمن سيحج منهم هم عشرة فقط ،وعلى هذا فقس قلة وكثرة ، فقد يكون المكان المناسب لشرح أحكام الحج التفصيلي الذي وعدتم به هو سلسلة دروس علمية ، والاكتفاء بخطبة لبيان حكم الحج وفضله ومن يجب عليه وإلماحة لأحكامه و آدابه ، والإفادة من بقية الخطب فيما يهم الشريحة العظمى من المصلين والرأي لكم.
هذه الملحوظة الأولى مما أردت التنبيه عليه ولا أظن بأخي الفاضل إلا سينشرح صدره لإخوانه ويبادلهم مشاعر الصفاء والأخوة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعديل التعليق