يَوْمُ عَرَفَةَ - صلاةُ الْعِيدِ - يَوْمُ النَّحْرِ

محمد البدر
1442/12/05 - 2021/07/15 00:02AM

خُطْبَةِ عَنْ(يَوْمُ عَرَفَةَ - صلاةُ الْعِيدِ - يَوْمُ النَّحْرِ - الْهَدْيِ و الْأَضَاحِيِّ 1442)

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ﴾.يجتمع في الأسبوع القادم عبادات عظيمة منها يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ الْعِيدِ  وَالحجِّ إلَى بَيتِ اللهِ الحَرَامِ وَيَوْمُ النَّحْرِ–نسأل الله أن يوفق الجميع لإدراكها ،فَيَوْمُ عَرَفَةَ يُشرَعُ فِيهِ التَّكْبِيرِ المُقيَّدِ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى عصر آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِغَيْرِ الحَاج وَهُوَ اليَوْمُ الَّذِي يعم الله به عباده بالرحمات ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات،وأما أجره لِغَيْرِ الحَاج قَالَﷺ:«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ:أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ, وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمُ. وَقَالَﷺ:«مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَﷺ:«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ: ثُمَّ يَوْمُ النَّحْرِ وهو من أفضل الأيام عند الله قَالَﷺ:«إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَيُشرَعُ فِيهِ ذَبَحَ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ قَالَﷺ:«كُلُّ أيامِ التشريقِ ذَبْحٌ»رَوَاهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَيَبْدَأُ الذَبَحَ بعد صلاةُ الْعِيدِ قَالَﷺ:«مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّىَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا ،وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ ،لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَمن السنة أن يشهد المضحي أضحيته،وأن يَذْبَحْها أو ينحرها بنفسه إن استطاع فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«ضَحَّى النَّبِيُّﷺبِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وإن لم يستطع فليوكل ويشهدها ويكبر عليهاويقول «بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ»وأن يَأْكُلَ مِنْهَا شيئاً لفعلهﷺو تجزئ الشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ،فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا سُئِلَ«كيفَ كانتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رسولِ الله فقال:كان الرَّجلُ يُضَحِّي بالشَّاةِ عنهُ وعن أهلِ بَيْتِهِ فيأكلُون ويُطْعِمونَ حتى تَبَاهَى الناسُ فصارت كما ترَى»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وتجزئ الْبَدَنَةِ أو البقرة عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم؛فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺفَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»رَوَاهُ مُسْلِمُ.وأقل ما يجزئ من الضأن ما له نصف سنة ،وهو الجذع ،فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِﷺبِجَذَعٍ مِنْ الضَّأْنِ»رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وأقل ما يجزئ من الإبل الْبَقَر والمعز مُسنَّة (وهي من المعز ما له سنة، ومن الْبَقَر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات)قَالَﷺ:«لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»رَوَاهُ مُسْلِمُ.

والأفضل من الأضاحي جنساً:الإبل ، ثم الْبَقَر إن ضحى بها كاملة ، ثم الضان ثم المعز ، ثم سُبْعَ الْبَدَنَةِ ، ثم سُبْعَ الْبَقَرَةِ ، ومن نوى أن يضحي فليعلم أن فِي الأَضَاحِي أَرْبَعٌ لاَ تَجُوزُ:قَالَﷺ:«أَرْبَعٌ لاَ تَجُوزُ فِي الأَضَاحِي الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لاَ تَنْقَى»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وفي رواية«وَلَا بِالعَجْفَاءِ الَّتِي لَا تُنْقِي» وَالْعَرْجَاءُ البيّن  ظَلْعُها(أي:عرجها)وَالْكَسِيرُ(أي:المنكسرة)وَالْعَجْفَاءُ       (أي:الهزيلة)الَّتِي لاَ تَنْقَى(أي:لا مخ لها لضعفها وهزالها)

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. عِبَادَ اللَّهِ:وَخِتام أَيَّامُ الْعَشْرُ صلاةُ عِيدِ الأَضحَى المُبَارَكِ ويسن فِيهِ:الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيسر له ذلك ،ويَجوزُ بلا كراهةٍ صلاةُ العيدِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كان لعُذرٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وجائحة كورونا من باب أولى.قال النوويُّ:(فإنْ كان لهم عذرٌ في ترْك الخروج إلى الصحراء والمصلَّى للعيد، فلا خِلافَ أنَّهم مأمورون بالصَّلاة في المسجد، ومن الأعذار:المطر والوحل،والخوف والبرد،ونحوها) مِنَ السُّنَّةِ مخالفة الطَّريقَ فعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّﷺإِذَا كَانَ يومُ عيدٍ خَالَفَ الطَّريقَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.ويستحب التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ:«تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ»لثبوته عَنْ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.يَوْمُ العيد يوم شكر وبر وإحسان وإدخال السرور والبهجة والفرح على كل الناس، فلا تجعلوه يوم أشر وبطر ولا تجعلوه موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر .ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن خلفاءه الأربعةأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه ،واللهم واحفظ ولاة أمر المسلمين في كل مكان ووفقهم لتطبيق شرعك.اللّهمّ واصرف عن بلادنا جائحة كورونا وعن سائر بلاد المسلمين.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1626307215_يَوْمُ عَرَفَةَ - صلاةُ الْعِيدِ - يَوْمُ النَّحْرِ - الْهَدْيِ و الْأَضَاحِيِّ.pdf

المشاهدات 1572 | التعليقات 0