يَومُ عَاشُورَاءَ عِبَرٌ وَأَحْكَام 4 مُحَرَّم 1435هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1435/01/03 - 2013/11/06 13:07PM
يَومُ عَاشُورَاءَ عِبَرٌ وَأَحْكَام 4 مُحَرَّم 1435هـ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين , ولا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِين , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِين , وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيُّ اللهِ وَرَسُولُهُ الأَمِين , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعين , وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
أَمَّا بَعْدُ : فِإِنَّ اللهَ تَعالَى يَقُولُ (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) فِإِذَا أَرَادَ اللهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ شَيْئَاً أَتَمَّهُ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ , فَلا رَادَّ لِحُكْمِهِ , وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
وَيَتَجَلَّى ذَلِكَ فِي حِفْظِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأَوْلِيَائِهِ وَحِمَايَتِهِ لأَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِم صَلَوَاتُ رَبِي وَسَلامُه , وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ حَفِظَهُ اللهُ مِنْ كَيْدِ فِرْعَوْنَ الذِي أَرَادَ قَتْلَهُ مِرَاراً لِرُؤْيَا رَآهَا مَفَادُهَا أَنَّ غُلاماً يَخْرُجُ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ هَلاكُ مُلْكِهُ عَلَى يَدَيْهِ , فَجَهِدَ فِرْعَوْنُ فِي تَوَقِّي ذَلِكَ وَقَتَلَ وَاحْتَاطَ , وَلَكِنْ : لا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَر !
جَاءَ مُوسَى حتَّى تَرَبَّى فِي قَصْرِ فِرْعَوْنَ وَبِحِمَايَةٍ مِنْهُ , وَرَدَّهُ اللهُ إلى أُمِّهِ وَأَرْضَعَتْهُ حتَّى كَبُرَ , وَتَرَعْرَعَ , ثُمَّ قَتَلَ وَاحِدَاً مِنْهُمْ انْتِصَارَاً للْحَقِّ ؛ وَجَهِدُوا فِي قَتْلِهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا لأَنَّ اللهَ مَعَهُ يَحْفَظُهُ , ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدْيَنَ وَقَابَل رَجُلاً صَالِحاً , قِيلَ : إنَّه ُشَعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلامُ , وقيل : هُوَ غَيْرُهُ , ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ ثَمَانِ سِنينَ وَأَتَمَّهَا مُوسَى عَشْراً وَذَلِكَ لأَمَانَتِهِ وَصِدْقِهِ وَقُوَّتِهِ , ثُمَّ بَعْدَ الْعَشْرِ عَادَ مُوسَى إلى دِيَارِ أَهْلِهِ , فَاصْطَفَاهْ اللهُ وَحَمَّلَهُ الرِّسَالةَ إِلَى الطَّاغِيَةِ فِرْعَوْنَ وَأَرْسَلَ مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ , فَدَخَلا عَلَى فِرْعَوْنَ , وَدَعَوَاهُ إلى اللهِ بِالقَوْلِ اللَّيِّنِ لَعَلَّهُ يَتَذَكُرُ أَوْ يَخْشَى , وَأَرَاهُ مُوسَى الْحَيَّةَ وَالعَصَا آيَتَيْنِ عَلى صِدْقِهِ , وَلكَنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ , فَمَنِ انْطَبَعَ قَلْبُهُ عَلى الْكُفْرِ فَلا يُؤْمِنُ مَهْمَا رَأَى مِن الْحُجَجِ , ثَمَّ جَمَعَ فِرْعَوْنُ السَّحَرَةَ لِمُنَازَلَةِ مُوسَى وهارونَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ , لِإبْطَالِ مَا أَتَيَا بِهِ , فَكَانَ الأَمْرُ بِالْعَكْسِ !
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا : أإِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ , قَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ : نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذَنْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ , قَالُوا : يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ؟ قَالَ : أَلْقُوا ! فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ !
فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ! فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ , فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ , وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ!
وكَاَنَ الْمُنْتَظَرُ أَنَّ فِرْعَوْنَ يُؤْمِنُ تَبَعَاً للسَّحَرَةِ لأَنَّهُ هُوَ الذِي أَتَى بِهِم , وَهُمْ أَهْلُ الْخِبَرَةِ فِي السِّحْرِ وَعَرِفُوا أَنَّ الذِي مَعَ مُوسَى لَيْسَ سِحْرَاً !
وَلَكِنَّهُ مَا كَانَ يُرِيدَ الحَقَّ , وَلِذَا أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ وَكَابَرَ وَتَنَكَّرَ !
ثُمَّ إِنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - جَهِدَ فِي دَعْوَتِهِ بِطُرِقٍ مُتَنَوِّعَةٍ !
وَلَكِنَّهُ مَا أَطَاعَ هُوَ وَلا قَوْمُهُ وَاسْتَمَرُّوا فِي العِنَادِ وَالْمُكَابَرَةِ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ , لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ ! فَمَا اتَّعَظُوا بَلِ , اسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ , وَكُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا : يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ !
فَكُلَّمَا كَشَف اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ! فَيَنْقُضُونَ عُهُودَهُمُ الَّتِي عَاهَدُوا اللهَ وَيُقِيمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ ! فَلَمَّا طَالَ الأَمَدُ , أَمَرَ اللهُ مُوسَى أَنْ يَسْرِيَ بِبَنِي إسْرَائِيلَ وَأَخْبَرَهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ سَوْفَ يُتَّبَعُونَ , فَلمَّا عَلِمَ فِرْعَوْنُ أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ وقال : إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ , وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ , فَجَمَعَ جُنُودَاً عَظِيمَةً , وأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ , فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانُ وكانَ الْبَحْرُ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِرْعَوْنُ خَلْفَهُمْ قَالُوا لِمُوسَى : إِنَّا لَمُدْرَكُونَ , فقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ !
وَهَكَذَا الْمُؤْمِنُ الوَاثِقُ بِرَبِّهِ يَتَوَكَلُ عَلَيْهِ مَهْمَا غَابَتْ الأَسْبَابُ الْمَادِّيَّةُ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) فَشَقَّ اللهُ لَهُم الْبَحْرَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقَاً وَأَمَرَ اللهُ الرِّيحَ فَلَفَحَتْ أَرْضَ البَحْرِ حتَّى صَارَ أرْضاً يَابِسَةً فِلِهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا) أَيْ : لَا تَخَافُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ أَنْ يَلْحَقُوكُمْ (وَلا تَخْشَى) مِنْ الْبَحْرِ أَنْ يُغْرِقَ أَنْتَ وَلَا وَقَوْمَكَ !
وَسَارَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حتَّى تَكَامَلُوا خُرُوجَاً مِنْ الْبَحْرِ , فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه , فَنَزَلُوا الْبَحْرَ فِي إثْرِهِم , فَلَمَّا تَكَامَلُوا نُزُولاً , أَمَرَ اللهُ الْبَحْرَ فَعَادَ وَالْتَأَمَ فَأَغْرَقَهُم اللهُ أجْمَعِين !
فَأَهْلَكَ اللهُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَأَنْجَى رَسُولَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَوْمَهُ , وَكَانَ ذَلِكَ فِي العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ , فَصَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ هَذَا اليَوْمَ شُكْراً للهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ , ثُمَّ صَامَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِهِ اقْتَدَاءً بِهِ وَشُكْرَاً للهِ !
أَيُّهَا الَمُسَلِمُونَ : وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الْمَدِينَةِ , وَجَدَ اليَهُودَ فِيهَا يَصُومُونَ العَاشِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَسَأَلَهُم عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوه , فَصَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ الصَّحَابَةَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِصِيَامِه , وقَالَ (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ؟ فَقَالَ (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَصُوم َيَوْمَاً قَبْلَهُ مُخَالَفَةً لليَهُودِ . فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضَاً , عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) قَالَ : فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : وَإِنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ هَذَا العَامِ هُوَ الخَمِيسِ القَادِمُ لأنْ شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ تَامٌّ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ الْمَحْكَمَةِ العُلْيَا بِالْمَمْلَكَة , فَلْنَصُمْ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالخَمِيْس , لِنَصُومَ عَاشُورَاءَ وَيَوْماً قَبْلَه .
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ! واللهُ تَعَالى أَعْلَمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِين وَقَيُّومُ السَّمَاواتِ السَّبْعِ والأَرضِين ، والصَلاةُ والسَّلامُ عَلى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً للْعَالَمِينَ , وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنُّةٌ , وَفَضْلُهُ عَظِيمٌ , وَلَكَنْ لَيْسَ مِن السُّنَّةِ تَعْظِيمُهُ أَوْ تَخْصِيصُهُ بِشَيْءٍ غَيرِ الصِّيَامِ كَمَنْ يَجْعَلُهُ يَوْمَ فَرِحٍ , وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَشَبَّهَ بِالْمُشْرِكِينَ وابْتَدَعَ فِي دِينِ اللهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ!
فَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ أَهْلُ خَيْبَرَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَصُومُوهُ أَنْتُمْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَكَذَلِكَ فَلا يَجُوزُ جَعْلُهُ يَوْمَ حُزْنٍ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْبِدَعِ الذِينَ يَنُوحُونَ فِيهِ وَيَلْطُمُونَ وَجَوهَهَمْ وَيَضْرِبُونَ رُؤُوسَهُمْ بِالسِّيُوفِ حُزْنَاً - بِزَعْمِهِم – عَلَى مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ !
وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ مَوْقِفُنَا مِنَ الْمَصَائِبِ أَنَّ نَقُولُ مَا أَرْشَدَنَا اللهُ إِلِيْهِ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
وَأَمَّا إِقَامُةُ الْمَآتِمِ وَإِظْهِارُ النِّيَاحِةِ وَلَطْمُ الْخُدُودِ وَشَقُّ الْجُيُوبِ فَمِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيِّةِ بَلْ مِمَّا تَبَرَّأَ رَسُولُ اللِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاعِلِهَا !
فَعَنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونُ مَحَبَّتَهُم واتِّبَاعَهُم لآلِ الْبَيْتِ ثُمَّ هُمْ يُخَالِفُونَهُم فِي الْبَقَاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ , حَيْثُ يَصِيحُونَ فِي يَوْمِ عَاشٌورَاءَ اسْتَغَاثَةً بِغَيْرِ اللهِ كَمَا هُوَ صَنِيعَهُم فِي نِدَاءِ الْحُسَيْنِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ بِأَعْلَى أَصْواتِهِم مِنْ دُونِ اللهِ ! وَهَذَا شِّرْكٌ أَكْبَر ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ وَالعَافِيةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسِالِك ِالْهَالِكَةِ وَالطُّرِقِ الضَّالَّةِ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ .
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَانْصُرْ الْمُسْلِمِين، وَأَذِلَّالشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالكَفَرَةِ الْمُلْحِدِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّين , وَانْصُرْ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي كِلِّ مَكَانٍوَعَادِ مَنْ عَادَاهُمْ يَا رَبَّ العَالَمِين . اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا أَهْلَ السُّنَّةِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي دَمَّاجِ بِاليَمَنِ عَلَى مُكَفِّرَةِوَسَبَّابَةِ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنينَ , اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ سَرِيعَ الحِسَابِ هَازِمَ الأَحْزَابِاللَّهُمَّ اهْزِمِ الْحُوثِيْيِنَ وَزَلْزِلِ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ , اللَّهُمَّ ادْفَع شَرَّهُمْ عَنْ إِخْوِانِنِا فِي دَمَّاجِ وَعَنْ سَائِرِ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ انْصُرْدِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ .اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اَللَّهُمَّ غَيْثاً مُغِيثاً , تَسْقِي بِهِ البِلادَ , وَتَجْعَلُهُ بَلاغاً لِلْحَاضِرِ وِالبَادَ , اَللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَامَّاً شَامِلاً لِبِلادِ الْمُسْلِمِينَ , اللَّهُمَّ اسْقِ بِهِ الوِهَادَ وَمَنَابِتَ الشَّجَرِ , اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا بِذُنُوبِنَا فَضْلَكَ , واغْفِرْ لنَا أَجْمَعِينَ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين !
المرفقات

يَومُ عَاشُورَاءَ عِبَرٌ وَأَحْكَام 4 مُحَرَّم 1435هـ.docx

يَومُ عَاشُورَاءَ عِبَرٌ وَأَحْكَام 4 مُحَرَّم 1435هـ.docx

المشاهدات 3445 | التعليقات 4

رائع

جزاك الله خير الجزاء


جزاك الله خير الجزاء


بسم لله الرحمن الرحيم
جزيت خبر الجزاء شيخنا الكريم محمد مبارك على هذه الخطبة التي ستلقى في اكثر المساجد غدا فلا حرمك الله الأجر والثواب..


وسع الله عليك وعلينا في علمه وبصرنا وإياك شيخ محمد خطبة وافية وكاملة في بيان المشروع والمحذور

نفع الله بك