يوم القيامة وما أدراك ما يوم القيامة
محمد البدر
1434/02/15 - 2012/12/28 03:47AM
[align=justify]الخطبة الأولى:
اما بعد عباد الله يقول جل جلاله:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } و يقول جل وعلا {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ( 1 )يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}
و عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهْوَ الْقَتْلُ ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى بِهِ . وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِى الْبُنْيَانِ ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ . وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِى - آمَنُوا أَجْمَعُونَ ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا ، فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا » رواه البخاري . و عَنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَهْوَ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: « اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ ، مَوْتِى ، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا » رواه البخاري. وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخَوَّنَ الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنَُ الْخَائِنُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ وَسُوءُ الْجِوَارِ » رواه أحمد وصححه الألباني.
وعن ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ لا يُسَلِّمَ الرَّجُلُ إِلا عَلَى مَنْ يَعْرِفُ)رواه الطبراني وصححه الألباني ، وعن أنس قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِى الْمَسَاجِدِ » رواه النسائي وصححه الألباني.
عباد الله :إنه كما تسمعون فإن من العلامات ما وقع ومنها ما يُنتظر ومنها ما هو واقع مشاهد ، ألا ومن أهم علامات الساعة التي مضت وانتهت هي مبعثه عليه الصلاة والسلام ، فقد كانت بعثته إيذان بقيام الساعة كما في البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ »
والحديث يفيد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من علامات الساعة بل من بدايات تلك العلامات، وعند اليهود أنه عليه الصلاة والسلام يبعث مع الساعة وكانت آية انشقاق القمر في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علامة أخرى لذلك يقول جل وعلا : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ولا ينظر إلى من أنكرها من مبتعدة هذا الزمان وغيره لعمى في قلوبهم، فإن في ذلك أحاديث كلها صحيحة ومنها ما هو عند الإمام مسلم ، كحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى إِذَا انْفَلَقَ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الْجَبَلِ وَفِلْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « اشْهَدُوا ».
كما أن من علاماتها التي مضت نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِىءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى ».وقد وقعت كما أخبر الصادق المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أن من علاماتها أن الجزية والخراج يتوقفان ، وانظر صدق ذلك في واقع الأمة اليوم ، ومن ذلك ما أخبر به المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشارة لنا بفتح القسطنطينية وروما عاصمة الفاتيكان ، ذكر الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سئل أي المدينتين تُفتح أولاً قسطنطينية أم رومية ، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ». يَعْنِى قُسْطَنْطِينِيَّةَ. وقد ذكره الشيخ تحت قوله ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم، ومادياتهم وسلاحهم، لكي يستطيعوا أن يتغلبوا على قوتي الكفر والطغيان ، وهذا يبشرنا به الحديث وقال تحته وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفتح وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله ولا بد {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} قلت كأننا نرى بشائر هذا الفتح بعودة المسلمين إلى ربهم أفواجاً عودة أقضت مضاجع المنافقين والكافرين في ضل هذه الصحوة المباركة ورفع راية الجهاد في سبيل الله في كل مكان تبتغي العزة التي كتبها الله للمؤمنين {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} ،أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية :
أما بعد : عباد الله : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ».
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالا : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْقَتْلُ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
و عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ وَيَكْثُرَ الزِّنَا ، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ » رواه البخاري .
فهي فتن عظيمة أيها الأخوة :تدعو المرء من شدتها أن يتمنى الموت ليخلص مما هو فيه من بلاء نسأل الله العافية ، ومن ذلك أو من عظيم الفتن كثرة القتل وليس قتل المؤمنين للكفار ولكن قتل المسلم للمسلم ، ففي حديث أَبِى مُوسَى رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْقَتْلُ ». قَالُوا أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ إِنَّا لَنَقْتُلُ كُلَّ عَامٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفاً. قَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ». قَالُوا وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْءٍ وَلَيْسُوا عَلَى شَىْءٍ ». رواه أحمد وصححه الألباني وقال عليه الصلاة والسلام « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِى الْمَقْتُولُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ قُتِلَ »رواه مسلم .
هذا وإن الخلاص من الفتن ليس إلا بالاعتصام بحبل الله تعالى ولزوم شرعه ،وما بينه لنا حديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ » فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِى وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ « نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » متفق عليه .
ومن حديث العرباظ بن سارية رضي الله عنه يبين لنا طريق الخلاص واضحاً جلياً ، يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ « قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِى إِلاَّ هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
فاتقوا الله عباد الله :هذا وصلوا على المبعوث رحمة للعالمين { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب : 56
[/align]
اما بعد عباد الله يقول جل جلاله:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } و يقول جل وعلا {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ( 1 )يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}
و عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهْوَ الْقَتْلُ ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِى يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لاَ أَرَبَ لِى بِهِ . وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِى الْبُنْيَانِ ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ . وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ - يَعْنِى - آمَنُوا أَجْمَعُونَ ، فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا ، فَلاَ يَتَبَايَعَانِهِ وَلاَ يَطْوِيَانِهِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلاَ يَسْقِى فِيهِ ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُهَا » رواه البخاري . و عَنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَهْوَ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: « اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ ، مَوْتِى ، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا » رواه البخاري. وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخَوَّنَ الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنَُ الْخَائِنُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ وَسُوءُ الْجِوَارِ » رواه أحمد وصححه الألباني.
وعن ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ لا يُسَلِّمَ الرَّجُلُ إِلا عَلَى مَنْ يَعْرِفُ)رواه الطبراني وصححه الألباني ، وعن أنس قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِى الْمَسَاجِدِ » رواه النسائي وصححه الألباني.
عباد الله :إنه كما تسمعون فإن من العلامات ما وقع ومنها ما يُنتظر ومنها ما هو واقع مشاهد ، ألا ومن أهم علامات الساعة التي مضت وانتهت هي مبعثه عليه الصلاة والسلام ، فقد كانت بعثته إيذان بقيام الساعة كما في البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ »
والحديث يفيد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من علامات الساعة بل من بدايات تلك العلامات، وعند اليهود أنه عليه الصلاة والسلام يبعث مع الساعة وكانت آية انشقاق القمر في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علامة أخرى لذلك يقول جل وعلا : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ولا ينظر إلى من أنكرها من مبتعدة هذا الزمان وغيره لعمى في قلوبهم، فإن في ذلك أحاديث كلها صحيحة ومنها ما هو عند الإمام مسلم ، كحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى إِذَا انْفَلَقَ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الْجَبَلِ وَفِلْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « اشْهَدُوا ».
كما أن من علاماتها التي مضت نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِىءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى ».وقد وقعت كما أخبر الصادق المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أن من علاماتها أن الجزية والخراج يتوقفان ، وانظر صدق ذلك في واقع الأمة اليوم ، ومن ذلك ما أخبر به المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشارة لنا بفتح القسطنطينية وروما عاصمة الفاتيكان ، ذكر الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سئل أي المدينتين تُفتح أولاً قسطنطينية أم رومية ، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ». يَعْنِى قُسْطَنْطِينِيَّةَ. وقد ذكره الشيخ تحت قوله ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم، ومادياتهم وسلاحهم، لكي يستطيعوا أن يتغلبوا على قوتي الكفر والطغيان ، وهذا يبشرنا به الحديث وقال تحته وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفتح وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله ولا بد {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} قلت كأننا نرى بشائر هذا الفتح بعودة المسلمين إلى ربهم أفواجاً عودة أقضت مضاجع المنافقين والكافرين في ضل هذه الصحوة المباركة ورفع راية الجهاد في سبيل الله في كل مكان تبتغي العزة التي كتبها الله للمؤمنين {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} ،أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية :
أما بعد : عباد الله : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ».
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالا : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْقَتْلُ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
و عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ « إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ وَيَكْثُرَ الزِّنَا ، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ » رواه البخاري .
فهي فتن عظيمة أيها الأخوة :تدعو المرء من شدتها أن يتمنى الموت ليخلص مما هو فيه من بلاء نسأل الله العافية ، ومن ذلك أو من عظيم الفتن كثرة القتل وليس قتل المؤمنين للكفار ولكن قتل المسلم للمسلم ، ففي حديث أَبِى مُوسَى رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْقَتْلُ ». قَالُوا أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ إِنَّا لَنَقْتُلُ كُلَّ عَامٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفاً. قَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ». قَالُوا وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْءٍ وَلَيْسُوا عَلَى شَىْءٍ ». رواه أحمد وصححه الألباني وقال عليه الصلاة والسلام « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِى الْمَقْتُولُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ قُتِلَ »رواه مسلم .
هذا وإن الخلاص من الفتن ليس إلا بالاعتصام بحبل الله تعالى ولزوم شرعه ،وما بينه لنا حديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ » فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِى وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ « نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » متفق عليه .
ومن حديث العرباظ بن سارية رضي الله عنه يبين لنا طريق الخلاص واضحاً جلياً ، يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ « قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِى إِلاَّ هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
فاتقوا الله عباد الله :هذا وصلوا على المبعوث رحمة للعالمين { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب : 56
[/align]