{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ
محمد البدر
1435/07/24 - 2014/05/23 02:25AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد: قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } .
غداً وما أدراك ما غداً يوم يكرم فيه المرء أو يهان يوم يعلم المجتهد فيه نتيجة جهده كما يعلم الكسول فيه نتيجة كسله فمن جد وجد ومن زرع حصد.
أيَّام الاختِبارات من الأيَّام التي تحمل لها الأُسَر الهمَّ؛ لعدَّة أمور؛ منها ما يتعلَّق بِمستوى أوْلادهم الدِّراسي والأخلاقي، وبهذه المناسبة أوجِّه كلامي بادئًا بطالب العلم.
يا طلاب العلم : حذارِ حذار من الغشِّ، والوقْت الَّذي تضيِّعه قبل الاختبار في التَّحضير للغشِّ اصْرِفه في المذاكرة الجادَّة؛ لتنتفع بها، ولا تظنَّ أنَّ المسألة مجرَّد درجات أخذْتَها بغير حق.. لا؛ الأمر أعظم من ذلك؛ لأنَّك تتربَّى على الغشِّ، فتصبح في المستقبل خائنًا غشَّاشًا، ومن أعظم بلاء الأمَّة عقوق أوْلادِها الغشَّاشين، الَّذين يسيئون استِغلال السُّلطة وينهبون مقدَّرات الأمَّة، ويخونون الأمانة، ويغشُّون الأمَّة في مشاريعها الإنشائيَّة، مقابل السُّحت الذي يأخذونه من المقاولين، وبدايات هؤلاء الغشَّاشين ربَّما كانت على مقاعد الدِّراسة.
يا طلاب العلم : إذا طُلِب منك دليلٌ من السنَّة، فإن كنتَ تعرفه -ولو بالمعنى- فأجِبْ، وإلاَّ فأمسك عن الإجابة حتَّى لا تدخُل في قوْل النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم-: "مَن كذَب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعَدَه من النَّار"؛ رواه البخاري ومسلم.
فإذا كان الكذب على النَّبيِّ بهذا العظم؛ فالكذِب على الله -عزَّ وجلَّ- أعظم وأشنع، فتجنَّب الخوض في الأحْكام الشرعيَّة إذا كنتَ لا تعلم حُكْمَ الله فيها، ولا تؤْثِر الحاضر على الباقي.
الكتب والملخَّصات المدرسيَّة لا تخلو من ذِكْر الله، فيحرُم امتهانُها ورمْيُها في الشَّارع، فإذا كُنْتَ في غُنْيةٍ عنْها، فدَعْها في المدْرسة، أو قُمْ بِجمْعِها وأَرْسِلها للجِهات الخيريَّة التي تُعْنَى بها وينتفع بها.
يا طلاب العلم: أنبِّهُك إلى حُسْن النيَّة في طلَب العلْم ومراجعتِه؛ قال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى » رواه البخاري .
فعلى أقلِّ تقدير: جلُّ ما يُدَرَّس في مدارِسِنا -ولله الحمد- من العلوم التي يُثاب عليْها الطَّالب إذا حسُنت نيَّته؛ فهِي إمَّا من فروض الأعْيان، أو فروض الكفايات؛ فلتكُن النِّيَّة في مراجعة الدُّروس ليستْ للنَّجاح فقط؛ بل للانتِفاع بالعلم والنَّجاح، لاسيَّما طلاب العلوم الشرعيَّة؛ فقد ورد الوعيد الشَّديد في طلب العلم الشَّرعي لإرادة الدنيا فقط؛ فعن أبي هُرَيْرة قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: « مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »رواه أبو داود وصححه الألباني .
عرف الجنة يعني: ريحَها .
فَتُوعِّد مَن طلَب العلم الشَّرعي لأجْل الدُّنيا فقط؛ لأنَّ طلَب العِلْم من أعظم القُرَب إلى الله، فالإعراض عن قصْد الآخرة في طلَبِه معصية، فلتكن النيَّة التعبُّد لله مع طلب الشَّهادة، فتنوي أن تنتفِع أنت بِما تتلقَّاه من علوم دينيَّة ودنيويَّة، وتعدُّ نفسَك لأن ينتفِع بك المسلِمون، فتكون السَّاعات التي تقضيها على مقاعد الدِّراسة وفي المذاكرة قُربة تَجِدها في ميزان حسناتِك يوم القيامة.
عباد الله : اعلموا أن السَّهر لِلمذاكَرة إلى وقتٍ متأخِّر من اللَّيل قد يكون فيه مضرَّة على أوْلادِك، فأنت أعْلَم بِهِم؛ فإن كانوا يُذاكِرونَ في البيْت أو مع مجموعة موثوقةٍ - فحسن، وإلاَّ فلا بدَّ من العناية بِهذا الأمر، فضِعاف النُّفوس ممَّن باعوا أنفُسَهم للشَّيطان ينشطون في أيَّام الاختبارات، ويحاولون أن يحتكُّوا بالطلاب بزعم إعطائِهم ما يساعدهم على الدراسة، وهذه في الغالب نهاية الشابِّ، فإذا سقط الطالب في حبائِلهم وبدأ يتعاطى الحبوب المنشِّطة وغيرها، ضاع وأضاع غيره، إن لم يتداركه الله.أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية:
أمابعد عباد الله : يقول صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِى مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِى مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا » رواه مسلم.
أيها المعلم : تذكَّر أنَّ العدل بين الطلاَّب واجب عليك، وقد مدح الله العادلين أمثالَك، ووعدهم الأجر الجزيل؛ ف وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا » رواه مسلم.
ومدارسنا فيها من هذه النَّماذج الكثير ولله الحمد .
هذه السمة العامَّة في معلِّمينا ومعلِّماتنا -ولله الحمد- وإن كانت مدارسنا لا تخلو من طائفةٍ قليلةٍ ربَّما تتأثَّر بمواقف شخصيَّة، وسوء تصرُّف من الطلاب تترُك أثرًا في النفس؛ فالواجب التغلُّب على حظوظ النَّفس والعدل مع الجميع؛ امتثالا لأمْرِ الله -عزَّ وجلَّ- لنا بقولِه -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].
الا وصلوا ....
[/align]
أما بعد: قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } .
غداً وما أدراك ما غداً يوم يكرم فيه المرء أو يهان يوم يعلم المجتهد فيه نتيجة جهده كما يعلم الكسول فيه نتيجة كسله فمن جد وجد ومن زرع حصد.
أيَّام الاختِبارات من الأيَّام التي تحمل لها الأُسَر الهمَّ؛ لعدَّة أمور؛ منها ما يتعلَّق بِمستوى أوْلادهم الدِّراسي والأخلاقي، وبهذه المناسبة أوجِّه كلامي بادئًا بطالب العلم.
يا طلاب العلم : حذارِ حذار من الغشِّ، والوقْت الَّذي تضيِّعه قبل الاختبار في التَّحضير للغشِّ اصْرِفه في المذاكرة الجادَّة؛ لتنتفع بها، ولا تظنَّ أنَّ المسألة مجرَّد درجات أخذْتَها بغير حق.. لا؛ الأمر أعظم من ذلك؛ لأنَّك تتربَّى على الغشِّ، فتصبح في المستقبل خائنًا غشَّاشًا، ومن أعظم بلاء الأمَّة عقوق أوْلادِها الغشَّاشين، الَّذين يسيئون استِغلال السُّلطة وينهبون مقدَّرات الأمَّة، ويخونون الأمانة، ويغشُّون الأمَّة في مشاريعها الإنشائيَّة، مقابل السُّحت الذي يأخذونه من المقاولين، وبدايات هؤلاء الغشَّاشين ربَّما كانت على مقاعد الدِّراسة.
يا طلاب العلم : إذا طُلِب منك دليلٌ من السنَّة، فإن كنتَ تعرفه -ولو بالمعنى- فأجِبْ، وإلاَّ فأمسك عن الإجابة حتَّى لا تدخُل في قوْل النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم-: "مَن كذَب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعَدَه من النَّار"؛ رواه البخاري ومسلم.
فإذا كان الكذب على النَّبيِّ بهذا العظم؛ فالكذِب على الله -عزَّ وجلَّ- أعظم وأشنع، فتجنَّب الخوض في الأحْكام الشرعيَّة إذا كنتَ لا تعلم حُكْمَ الله فيها، ولا تؤْثِر الحاضر على الباقي.
الكتب والملخَّصات المدرسيَّة لا تخلو من ذِكْر الله، فيحرُم امتهانُها ورمْيُها في الشَّارع، فإذا كُنْتَ في غُنْيةٍ عنْها، فدَعْها في المدْرسة، أو قُمْ بِجمْعِها وأَرْسِلها للجِهات الخيريَّة التي تُعْنَى بها وينتفع بها.
يا طلاب العلم: أنبِّهُك إلى حُسْن النيَّة في طلَب العلْم ومراجعتِه؛ قال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى » رواه البخاري .
فعلى أقلِّ تقدير: جلُّ ما يُدَرَّس في مدارِسِنا -ولله الحمد- من العلوم التي يُثاب عليْها الطَّالب إذا حسُنت نيَّته؛ فهِي إمَّا من فروض الأعْيان، أو فروض الكفايات؛ فلتكُن النِّيَّة في مراجعة الدُّروس ليستْ للنَّجاح فقط؛ بل للانتِفاع بالعلم والنَّجاح، لاسيَّما طلاب العلوم الشرعيَّة؛ فقد ورد الوعيد الشَّديد في طلب العلم الشَّرعي لإرادة الدنيا فقط؛ فعن أبي هُرَيْرة قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: « مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »رواه أبو داود وصححه الألباني .
عرف الجنة يعني: ريحَها .
فَتُوعِّد مَن طلَب العلم الشَّرعي لأجْل الدُّنيا فقط؛ لأنَّ طلَب العِلْم من أعظم القُرَب إلى الله، فالإعراض عن قصْد الآخرة في طلَبِه معصية، فلتكن النيَّة التعبُّد لله مع طلب الشَّهادة، فتنوي أن تنتفِع أنت بِما تتلقَّاه من علوم دينيَّة ودنيويَّة، وتعدُّ نفسَك لأن ينتفِع بك المسلِمون، فتكون السَّاعات التي تقضيها على مقاعد الدِّراسة وفي المذاكرة قُربة تَجِدها في ميزان حسناتِك يوم القيامة.
عباد الله : اعلموا أن السَّهر لِلمذاكَرة إلى وقتٍ متأخِّر من اللَّيل قد يكون فيه مضرَّة على أوْلادِك، فأنت أعْلَم بِهِم؛ فإن كانوا يُذاكِرونَ في البيْت أو مع مجموعة موثوقةٍ - فحسن، وإلاَّ فلا بدَّ من العناية بِهذا الأمر، فضِعاف النُّفوس ممَّن باعوا أنفُسَهم للشَّيطان ينشطون في أيَّام الاختبارات، ويحاولون أن يحتكُّوا بالطلاب بزعم إعطائِهم ما يساعدهم على الدراسة، وهذه في الغالب نهاية الشابِّ، فإذا سقط الطالب في حبائِلهم وبدأ يتعاطى الحبوب المنشِّطة وغيرها، ضاع وأضاع غيره، إن لم يتداركه الله.أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية:
أمابعد عباد الله : يقول صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِى مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِى مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا » رواه مسلم.
أيها المعلم : تذكَّر أنَّ العدل بين الطلاَّب واجب عليك، وقد مدح الله العادلين أمثالَك، ووعدهم الأجر الجزيل؛ ف وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا » رواه مسلم.
ومدارسنا فيها من هذه النَّماذج الكثير ولله الحمد .
هذه السمة العامَّة في معلِّمينا ومعلِّماتنا -ولله الحمد- وإن كانت مدارسنا لا تخلو من طائفةٍ قليلةٍ ربَّما تتأثَّر بمواقف شخصيَّة، وسوء تصرُّف من الطلاب تترُك أثرًا في النفس؛ فالواجب التغلُّب على حظوظ النَّفس والعدل مع الجميع؛ امتثالا لأمْرِ الله -عزَّ وجلَّ- لنا بقولِه -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].
الا وصلوا ....
[/align]
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق