{ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }

مبارك العشوان 1
1441/11/25 - 2020/07/16 03:34AM

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عِبَادَ اللهِ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ: وَمَا أَعْــدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.)

قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.)

قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ.

عِبَادَ اللهِ: مَحَبَّةُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ وَمَحَبَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْجَبِ الوَاجِبَاتِ، وَمِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ.

مَنْ أَحَبَّ اللهَ تَعَالَى وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا وَجَدَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ؛ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ عَلَى العَبْدِ أَنْ يَسْعَى حَثِيْثًا لِتَحْصِيْلِ هَذِهِ المَحَبَّةِ  وَيَجْتَهِدَ فِي كُلِّ عَمَلٍ يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى وَيُحِبُّ أَهْلَهُ.

وَلَعَلَّنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَوَاصَى بِأَعْمَالٍ تُقَرِّبُنَا إِلَى رَبِّنَا، وَتُحَبِّبُنَا إِلَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

فَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ الأَعْمَالِ: اِتِّبَاعُ شَرْعِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ مِمَّا جَاءَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }. قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: زَعَمَ قَومٌ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اللهَ فَابْتَلَاهُمُ اللهُ بِهَذِهِ الآيَةِ.

وَقَالَ ابنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ: هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، حَتَّى يَتَّبِعَ الشَّرْعَ الْمُحَمَّدِيَّ وَالدِّينَ النَّبَوِيَّ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ... الخ.

فَانْظُرْ - وَفَّقَكَ اللهُ - فِي كُلِّ قَولٍ أَوْ عَمَلٍ تُقْدِمُ عَلَيهِ أوْ تُحْجِمُ عَنْهُ؛ هَلْ أَنْتَ فِيْهِ مُوَافِقٌ لِلسُّنَّةِ مُتَّبِعٌ، أَمْ مُخَالِفٌ مُبْتَدِعٌ.

وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِحُسْنِ الاتِّبَاعِ، وَعَصَمَنَا مِنَ الاِبْتِدَاعِ.

وَمِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا لِعَبْدِهِ: كَثْرَةُ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يُحِبُّ، اِبْتِدَاءً بِالفَرَائِضِ، ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ؛ فَفِي الحَدِيْثِ القُدْسِيِّ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ...) الخ رَوَاهُ البُخَارِيُّ. 

فَلْتَحْرِصُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - عَلَى الفَرَائِضِ؛ اِفْعَلُوا الوَاجِبَاتِ وَالْزَمُوهَا، وَاتْرُكُوا المُحَرَّمَاتِ وَلَا تَقْرَبُوهَا.

ثُمَّ عَلَيْكُمْ بِالنَّوَافِلِ؛ تَزَوَّدُوا مِنْهَا؛ أَكْثِرُوا مِنْ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ، كَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى.

خُذُوا مِنْ نَوَافِلِ الصِّيَامِ بِنَصِيْبٍ، وَمِنْ نَوَافِلِ الصَّدَقَةِ بِنَصِيبٍ وَمِنْ نَوَافِلِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ بِنَصِيْبٍ، أَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، تَعَلَّمُوا العِلْمَ وَعَلِّمُوهُ، أَحْسِنُوا فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَأَحْسِنُوا إِلَى عِبَادِ اللهِ.

عِنْدَ ذَلِكَ أَبْشِرُوا بِمَحَبَّةِ اللهِ لَكُمْ، أَبْشِرُوا؛ فَمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا هَدَاهُ لِلْخَيْرِ وَسَدَّدَهُ؛ وَصَرَفَهُ عَنِ الشَّرِّ وَعَصَمَهُ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ. 

الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ جَاءَ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ، وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الكَثِيْرُ مِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ: فَمِنْ ذَلِكَ: قَولُهُ تَعَالَى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }        { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } وَقَالَ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ عَلَامَاتٍ لَهُمْ؛ فَقَالَ: { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ }

وَمِنَ الأَحَادِيثِ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَحَدِيثَ الرَّجُلِ الَّذِي زَارَ أَخًا لَهُ؛ أَحَبَّهُ فِي اللهِ؛ فَأخْبَرَهُ المَلَكُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَبَّهُ.

عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ تَحَدَّثَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ عَنِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِلْمَحَبَّةِ، وَالْمُوجِبَةِ لَهَا؛ فِي كِتَابِهِ مَدَارِجِ السَّالِكِينَ؛ فَذَكَرَ عَشَرَةَ أَسْبَابٍ؛ مِنْهَا:  قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ لِمَعَانِيهِ.

وَمِنْهَا: دَوَامُ ذِكْرِ اللهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَمِنْهَا: إِيثَارُ مَحَابِّهِ تَعَالَى عَلَى مَحَابِّكَ.

وَمِنْهَا: مُطَالَعَةُ الْقَلْبِ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.

وَمِنْهَا: انْكِسَارُ الْقَلْبِ بِكُلِّيَّتِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَمِنْهَا: الْخَلْوَةُ بِهِ وَقْتَ النُّزُولِ الْإِلَهِيِّ، لِمُنَاجَاتِهِ وَتِلَاوَةِ كَلَامِهِ. وَمِنْهَا: مُبَاعَدَةُ كُلِّ سَبَبٍ يَحُولُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ... إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللهُ.

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَعْمُرَ قُلُوبَنَا بِحُبِّهِ جَلَّ وَعَلَا وَتَعْظِيْمِهِ وَخَوفِهِ وَرَجَاءِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ المُتَّقِينَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُــوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمـًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، .... حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِيْنَ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المشاهدات 2002 | التعليقات 0