يا مسلمون ... هذه عقيدة الكريسميس

إبراهيم بن سلطان العريفان
1437/03/13 - 2015/12/24 17:43PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... خلق الله عز وجل الناس حنفاء موحدين مخلصين لله الدين، وفطرهم على التوحيد والإقرار بمعرفة الله عز وجل ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) لكن حصل الانحراف والضلال في البشر وأصابهم الشرك في العبادة.
فأرسل الله رسله للأمم مبشرين ومنذرين، يدعون إلى التوحيد ويحذرون من الشرك ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ) فعقيدة التوحيد هي أصل كل الرسالات. والإسلام هو دين جميع المرسلين من آدم ونوح عليها السلام إلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ).
أما تسمية اليهودية بهذا الاسم نسبة إلى ( يهوذا ) ابن يعقوب الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل الذين بعث فيهم موسى عليه السلام. فقلبت العرب الذال دالاً. وقيل نسبة إلى الهَودْ وهو التوبة والرجوع، كما في قول موسى عليه السلام لربه ( إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ) أي تبنا ورجعنا إليك يا ربنا. وكان اليهود أيام موسى عليه السلام يُعرفون بـ ( بني إسرائيل ) ثم أطلق عليهم ( يهود ) فيما بعد في عصورهم المتأخرة.
وأما الديانة النصرانية فسميت بهذا الاسم نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين وهي التي ولد فيها المسيح، أو إشارة إلى صفة : وهي نصرهم لعيسى عليه السلام، وتناصرهم فيما بينهم ، وهذا يخص المؤمنين منهم في أول الأمر ثم أطلق عليهم كلهم على وجه التغليب (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ) وفي العصور المتأخرة أطلق عليها ( المسيحية ) نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فالمسيحية هي النصرانية تماماً.
أيها الأخوة ... اليهودية والنصرانية كانت عقيدة كلاً منهما عقيدة التوحيد والإيمان، لكن وقع فيهما التحريف والتبديل.
النصرانية هي الدين المنزل من الله تعالى على عيسى عليه السلام وكتابها الإنجيل، وهي امتداد لليهودية، لأن بني إسرائيل حرفوا اليهودية الدين الذي أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام، وبدلوا التوراة فأرسل الله إليهم نبيه عيسى عليه السلام مصححاً لما حرفوه وليحل لهم بعض الطيبات التي حرمت عليهم، ومبشراً بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً يأتي من بعده ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) وعندما حصل التحريف في النصرانية وتعددت الأناجيل وتحول أتباعها عن التوحيد إلى الشرك المتمثل بالتثليث ، نُسخت هذه العقيدة الباطلة بالإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
وإلا فالمسيح عليه السلام جاء بالديانة النصرانية بيضاء نقيةً توحيدًا لله خالصًا، إلا أن النصارى انحرفوا بهذه الديانة عن وجهها الصحيح، إلى وثنية خالصة، وعقائد منحرفة لم يعرفها المسيح عليه السلام ولا حواريوه. وقد كان ابتداء الانحراف هذه الديانة بعد رفع المسيح عليه السلام. وهذه الديانة المحرفة لم تقرر على ما هي عليه في الوقت الحاضر إلا بعد انصرام ما يقارب خمسة قرون من رفع المسيح عليه السلام.
فعلى المسلم أن يعتبر من تلك الأمم التي ضلت عن الصواب لاتباعها للهوى وتحريفها لكتاب الله وكتمانها للحق والعلم، وإن كان وحياً منزلاً من الله تعالى عليهم فهؤلاء لا يجدون حرجاً في كتمانه ما دام لا يخدم أغراضهم وغاياتهم الفاسدة، وصدق الله إذا يقول ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ).
أيها الموحدون .. مرت النصرانية بعدة أطوار عبر التاريخ حتى وصلت إلى هذا الاعتقاد الفاسد فاستحقوا أن يكونوا من أهل الكفر والضلال كما استحق اليهود ذلك من قبلهم.
فكانت بداية النصرانية هي دين الله الحق. ولما رفع الله تعالى إليه عيسى عليه السلام، بقي عدد من أتباعه وأنصاره على الحق مدة يسيرة، حيث كان اليهود الذين لم يؤمنوا بعيسى عليه السلام لهم بالمرصاد يطاردونهم ويقتلونهم واستمر هذا الحال قرابة نصف قرن. وفي النصف الثاني من القرن الأول الميلادي - وهو عهد كتابة الأناجيل المبتدعة - عبارة عن اجتهادات لم تسمع من عيسى عليه السلام مشافهة وبعضها من دس اليهود، واستمر هذا الحال ما يزيد على ثلاثة قرون، عاشت فيه النصرانية في تخبط وافتراق، وتأثر بالفلسفات والآراء والطقوس الوثنية السائدة، إضافة إلى ما لعبه اليهود خلال هذه الفترة من الدس والتحريف وإشاعة الفرقة والاختلاف العقدي والمذهبي بين صفوف أتباع النصرانية.
وفي هذه الفترة فُقِد النص الصحيح للإنجيل وكثرت الأناجيل إلى حد لا يمكن الاهتداء إلى نص الإنجيل الثابت.
وفي آخر ما توصلت النصرانية اليوم .. بدأ بالتجمع الكبير الذي عقده ملك الرومان في سنة 325 م ، وهو تجمع حاسم قرر فيه مبتدعة النصارى الاتجاه نحو النصرانية الضالة، والتي هي مزيج من الوثنية الرومانية السائدة آنذاك، ومن اليهودية المحرفة وبقايا النصرانية المشوشة، والديانات الوثنية الهندية .. وفي هذا اللقاء رسخت عند النصارى عقيدة التثليث الوثنية وهي من أهم اعتقادهم عقيدة التثليث.. يزعمون أن الله عندهم ثلاثة حالات:
الأول : الإله الأب وله خصائص الألوهية وهو الله .
الثاني : الإله الابن وله خصائص البشرية وهو عيسى .
الثالث : الإله الروح القدس : وله خصائص الازدواجية بين الآلهية والبشرية وهو الروح التي حلت في مريم .
وعلى هذا فهم يزعمون أن الله تعالى ثالث ثلاثة ، وهذا هو الشرك المحض ، وقد ذكر تعالى ذلك عنهم ورد عليهم بقوله ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ) ولذا كفرهم الله بهذا الاعتقاد الباطل ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم 8 أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ).
ولقد كذبوا على عيسى ابن مريم عليه السلام افتراء عليه وزعموا أنه قال لهم اتخذوني وأمي إلهين، رد الله عليهم بقوله ( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ).
أيها الموحدون المؤمنون .. هذه لمحة سريعة عن النصرانية، ذلك الدين الذي أنزله الله على نبيه عيسى عليه السلام فأبى أتباع الهوى والشيطان إلا إطفاء نور الحق فحرفوا وبدلوا، وسار على باطلهم أتباعهم من بعدهم .. وهاهم ينشرون دينهم المحرف وعقيدتهم الفاسدة بوسائل مختلفة لإحكام سيطرتهم على كل الشعوب والدول ، بل حاربوا الإسلام ووقفوا سداً أمام انتشاره فخططوا وتآمروا ودبروا ولكن الله ( مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ).
ومهما عظمت جهود المنصرين في نشر عقيدتهم الفاسدة ، ومهاجمة الإسلام والمسلمين في عقر ديارهم ، تبقى شمس الإسلام مشرقة لا ولن يحجبها ظلام الشرك والوثنية . فقد تكفل جل في علاه بحفظه وحفظ كتابه الكريم رغم كيد أعدائه إلى قيام الساعة. وأمة الإسلام منصورة من ربها، ولا يتم لها هذا النصر إلا بالتمسك بالتوحيد والعروة الوثقى، وتبقى جهود العلماء والدعاة في بيان الإسلام والدعوة إليه من أعظم أسباب نصر هذا الدين.
فنسأل الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويوفق العلماء والدعاة وولاة الأمر في نشر الدين يا رب العالمين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... إن ما أوردته أناجيل النصارى المحرفة على لسان المسيح - عليه السلام - من كونه ابن الله، وأن الله حلَّ فيه، أو كون الله هو المسيح إلى غيرها من التُّهم والخُزعبلات، فإن عيسى عليه السلام منه بريء لمنافاته لعقيدة التوحيد التي جاء بها كغيره من الرسل؛ إذ يستحيل أن يصف المسيح نفسه بأوصاف الله عز وجل من الأزلية والأبدية من الصفات والأفعال الخاصة بالله عز وجل.
لقد تجرؤوا نصارى اليوم على ربكم، فنسبوا إليه الولد تعالى الله عن قولهم ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) لقد قالوا كلمة ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ).
فالكون كله انتفض من هذه الكلمة .. فأين المسلمون لا ينتفضون !! ونحن نرى بعض الدول العربية والإسلامية اليوم يقيمون الاحتفالات بعيد النصارى، بل تصرف ملايين الدراهم والدنانير من خزانة الدولة، ويهيأ لهم في المجمعات والأماكن العامة بمناسبة عيد الكريسميس .. وبعدها بأيام الاحتفال برأس السنة.
ونجد من شبابنا وبناتنا من يتبادل التهنئة والتبريكات مع النصارى الذي ( دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ) فكيف يليق بك يا مسلم – يا عبد الله – أن تقدم وردة حمراء أو هدية أو كلمة تهنئة لمن يسب الله تعالى وينقصه.
نسأل الله العلي القدير أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يريهم الحق حقًا ويرزقهم اتباعه، ويريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المشاهدات 1806 | التعليقات 0