يا أمةً ستروي قصة رقصها الكتبُ بقلم : د.أميرة بنت علي الصاعدي
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1433/03/30 - 2012/02/22 06:33AM
يا أمةً ستروي قصة رقصها الكتبُ
بقلم : د.أميرة بنت علي الصاعدي
تُقاس الأممُ بعقولِ واهتمامات أبناءها ، وترقى الدولُ بأعظم إنجازاتها وصناعاتها ، ويخلّد التاريخ أسماء من نفع البشرية بعلمه أو بفكره أو باختراعه ، ولا يوجد أمة من الأمم على مر التاريخ ، قامت على أكتاف العاطلين والساقطين واللاهين والراقصين .
ويعجب المرء عندما يقرأ تاريخ أمتنا الحافل بسير رجال كالنجوم ، يُهتدى ويُقتدى بهم ، ونساء كالدّرر يلمعن في سماء الفضيلة ، وفتيات كالنور يسطعن في صفحات الأمة .
ولا يزال في سجل التاريخ ، أسماء لامعة كاللؤلؤ ، بينما أخرى سوداء كالبؤبؤ ، وبقية لا ذكر لها ولا سؤدد . وبمثل أولئك الرجال النجوم ، والنساء الدرر ، بلغ هذا الدين مابين المشرق والمغرب ، وفتحت البلاد والأمصار ، وسقطت ألوية الكفر وأمارات الظلام .
فانطلقت الفتوح انطلاق السهم من الرمية ، وأضاء الدين كل قارة وقرية ، ورُفعت راية الجهاد خفاقة عليّة ، فلبست أمة الإسلام عزاً ، وتدثرت فخراً ، وتوسعت شبراً شبراً ، وعلا ملكها أرضاً وبحراً ، كلّ ما أضاء نجمٌ في السماء ولاح ، وكلّ ما لمع دُريّ في الأفق وسطع ، وكل ما أشرق شمس وقمر ونُودي هي على الفلاح
رجالٌ ما عرفوا لهواً ولعباً ، وعاشوا قادة وسادة وأُسداً .
ونساءٌ ما عرفوا رقصاً وهزاً ولا فحشاً ، وعشن مخدرات مقصورات منصورات .
رجالٌ حموا الديار ، وغضوا الأبصار ، وحفظوا النساء الأحرار .
طهّروا قلوبهم ، فطهُرت بيوتهم ، وعلت نفوسهم ، فعلت منازلهم ، وكمُلت عقولهم ، فكمُلت أخلاقهم .
ونساءٌ مربيات فاضلات ، وحافظات للغيب قانتات ، ومتحجبات متسترات حييات .
تربين على الفضيلة ، فأحسنّ الخطاب والحجاب ، ورضعن العفة ، فأبين التبرج والتغنج .
ونشأن على الحياء ، فرفضن التبذل والتبختر في أوساط الرجال .
قديماً قالوا لنا : " من رقص نقص " ، فتركناه طلباً للإبقاء على عقولنا ، فلا نزيد النقص نقصاً ، وكرهناه حفاظاً على هيئاتنا ، لئلا نسقط من أذهان قدواتنا ..
كل ذلك ونحن في أوساط النساء .. وفي غمرة الأفراح .. وأوقات المباحات .
ولم يدُر بخلدنا برهة ، أن أمتنا يوماً ، سترقص على جراح أحزاننا ، وستتهاوى طرباً على ثوابت ديننا ، وستتمايل رقصاً في أوقات صلواتنا ..
ولم نصدق لحظة ، أننا سنشاهد مقطعاً محزناً مؤسفاً مؤلماً ، يُقطّع القلوب كمداً ، ويُدمي العيون حزناً ، فنرى رجالاً أشباه رجال ، ونساءً من ربات الحجال ، يتمايلن رقصاً ، ويتناغمن طرباً ، فيُلوحن بأيديهن طرداً للحياء ، ويتحركن هزاً ، تحية للشيطان والسفهاء .
يضربن بأرجلهن ، ليبدين زينتهن ومحاسنهن ، ويتبرجن ليَفتنّ ويُفتن ، ويتضاحكن مرحاً ليطمع الذي في قلبه مرضا .
بلا دينٍ يمنع ، أو راعٍ يردع ، أو حياءٍ يشفع ، أو ناصحٍ يُسمع .
والأعجب والأغرب : أن من يحتسب يُسجن ويُوقف ، ومن نصح وذكّر يُشهر به ويُكذّب ، ومن يصدق ذلك يُتوعد ويُهدد .
والمحزن المبكي : جراح إخواننا في سوريا تسيل وتضيع ، وأعراض أخواتنا العفيفات تُنتهك وتُستباح ، وأطفالهم يُقتّلون ويُذبّحون .
بينما في بقعة من الأرض : الغناء يعلو ويصدح ، والرقص يحلو ويُشجّع ، والباطل يزهو ويصدع ، والحق يسكت ويمنع .
فأنّى لأمةِ الغناء والرقص ، أن تُورّث القيم والخلق ، أو تلد القادة والسادة ، أو تصنع الرجال والأبطال !!.
يا أمتي مهلاً ! فماذا أقول لابني حين يسألني : لماذا لا يعود لنا مجداً يوماً أضعناه ؟!
ولماذا لا نرُجع بلداً قرناً ملكناه ؟! أو نصنع نجاحاً دهراً بلغناه ؟!
وكان جوابي حائراً خجلاً : لأننا يا ولدي رقصنا فنقصنا ، وطربنا فثملنا ، ولعبنا فغفلنا ، ولهونا ولغونا ، وضربنا يدَ كل من أيقظنا لنصحو ، وأوقفنا لنعلو ، وأسكتنا لنسمو .
عذراً يا أمتنا ليت التاريخ يقف فترة ، فلا يسطر فينا حرفاً أو سطراً ، وليتجاوز هذه المرة ، فرب طفلاً يُولد بعدُ ليحي هذه الأمة ، أو غيثاً ينزل يغسل هذه الكبوة ، أو فرجاً يأتي يكشف عنا الغمة .
وصدق القائل : الإسلام رداءٌ لا يُوضع على الأرض، فإن نزعه قومٌ ألبسه الله آخرين
(فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).
والله يذّكرنا بقوله :(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) .
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، ولا تقبض أرواحنا إلا وأنت راض عنا .
واستعملنا في طاعتك ولا تستبدلنا ، وارزقنا الإيمان والعمل الصالح ولا تخذلنا .
وصلى اللهم على نبيك محمد سيدنا وقائدنا ، وعلى آله وصحبه ومن والاه منا .
الثلاثاء 29/3/1433 هـ
بقلم : د.أميرة بنت علي الصاعدي
تُقاس الأممُ بعقولِ واهتمامات أبناءها ، وترقى الدولُ بأعظم إنجازاتها وصناعاتها ، ويخلّد التاريخ أسماء من نفع البشرية بعلمه أو بفكره أو باختراعه ، ولا يوجد أمة من الأمم على مر التاريخ ، قامت على أكتاف العاطلين والساقطين واللاهين والراقصين .
ويعجب المرء عندما يقرأ تاريخ أمتنا الحافل بسير رجال كالنجوم ، يُهتدى ويُقتدى بهم ، ونساء كالدّرر يلمعن في سماء الفضيلة ، وفتيات كالنور يسطعن في صفحات الأمة .
ولا يزال في سجل التاريخ ، أسماء لامعة كاللؤلؤ ، بينما أخرى سوداء كالبؤبؤ ، وبقية لا ذكر لها ولا سؤدد . وبمثل أولئك الرجال النجوم ، والنساء الدرر ، بلغ هذا الدين مابين المشرق والمغرب ، وفتحت البلاد والأمصار ، وسقطت ألوية الكفر وأمارات الظلام .
فانطلقت الفتوح انطلاق السهم من الرمية ، وأضاء الدين كل قارة وقرية ، ورُفعت راية الجهاد خفاقة عليّة ، فلبست أمة الإسلام عزاً ، وتدثرت فخراً ، وتوسعت شبراً شبراً ، وعلا ملكها أرضاً وبحراً ، كلّ ما أضاء نجمٌ في السماء ولاح ، وكلّ ما لمع دُريّ في الأفق وسطع ، وكل ما أشرق شمس وقمر ونُودي هي على الفلاح
رجالٌ ما عرفوا لهواً ولعباً ، وعاشوا قادة وسادة وأُسداً .
ونساءٌ ما عرفوا رقصاً وهزاً ولا فحشاً ، وعشن مخدرات مقصورات منصورات .
رجالٌ حموا الديار ، وغضوا الأبصار ، وحفظوا النساء الأحرار .
طهّروا قلوبهم ، فطهُرت بيوتهم ، وعلت نفوسهم ، فعلت منازلهم ، وكمُلت عقولهم ، فكمُلت أخلاقهم .
ونساءٌ مربيات فاضلات ، وحافظات للغيب قانتات ، ومتحجبات متسترات حييات .
تربين على الفضيلة ، فأحسنّ الخطاب والحجاب ، ورضعن العفة ، فأبين التبرج والتغنج .
ونشأن على الحياء ، فرفضن التبذل والتبختر في أوساط الرجال .
قديماً قالوا لنا : " من رقص نقص " ، فتركناه طلباً للإبقاء على عقولنا ، فلا نزيد النقص نقصاً ، وكرهناه حفاظاً على هيئاتنا ، لئلا نسقط من أذهان قدواتنا ..
كل ذلك ونحن في أوساط النساء .. وفي غمرة الأفراح .. وأوقات المباحات .
ولم يدُر بخلدنا برهة ، أن أمتنا يوماً ، سترقص على جراح أحزاننا ، وستتهاوى طرباً على ثوابت ديننا ، وستتمايل رقصاً في أوقات صلواتنا ..
ولم نصدق لحظة ، أننا سنشاهد مقطعاً محزناً مؤسفاً مؤلماً ، يُقطّع القلوب كمداً ، ويُدمي العيون حزناً ، فنرى رجالاً أشباه رجال ، ونساءً من ربات الحجال ، يتمايلن رقصاً ، ويتناغمن طرباً ، فيُلوحن بأيديهن طرداً للحياء ، ويتحركن هزاً ، تحية للشيطان والسفهاء .
يضربن بأرجلهن ، ليبدين زينتهن ومحاسنهن ، ويتبرجن ليَفتنّ ويُفتن ، ويتضاحكن مرحاً ليطمع الذي في قلبه مرضا .
بلا دينٍ يمنع ، أو راعٍ يردع ، أو حياءٍ يشفع ، أو ناصحٍ يُسمع .
والأعجب والأغرب : أن من يحتسب يُسجن ويُوقف ، ومن نصح وذكّر يُشهر به ويُكذّب ، ومن يصدق ذلك يُتوعد ويُهدد .
والمحزن المبكي : جراح إخواننا في سوريا تسيل وتضيع ، وأعراض أخواتنا العفيفات تُنتهك وتُستباح ، وأطفالهم يُقتّلون ويُذبّحون .
بينما في بقعة من الأرض : الغناء يعلو ويصدح ، والرقص يحلو ويُشجّع ، والباطل يزهو ويصدع ، والحق يسكت ويمنع .
فأنّى لأمةِ الغناء والرقص ، أن تُورّث القيم والخلق ، أو تلد القادة والسادة ، أو تصنع الرجال والأبطال !!.
يا أمتي مهلاً ! فماذا أقول لابني حين يسألني : لماذا لا يعود لنا مجداً يوماً أضعناه ؟!
ولماذا لا نرُجع بلداً قرناً ملكناه ؟! أو نصنع نجاحاً دهراً بلغناه ؟!
وكان جوابي حائراً خجلاً : لأننا يا ولدي رقصنا فنقصنا ، وطربنا فثملنا ، ولعبنا فغفلنا ، ولهونا ولغونا ، وضربنا يدَ كل من أيقظنا لنصحو ، وأوقفنا لنعلو ، وأسكتنا لنسمو .
عذراً يا أمتنا ليت التاريخ يقف فترة ، فلا يسطر فينا حرفاً أو سطراً ، وليتجاوز هذه المرة ، فرب طفلاً يُولد بعدُ ليحي هذه الأمة ، أو غيثاً ينزل يغسل هذه الكبوة ، أو فرجاً يأتي يكشف عنا الغمة .
وصدق القائل : الإسلام رداءٌ لا يُوضع على الأرض، فإن نزعه قومٌ ألبسه الله آخرين
(فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).
والله يذّكرنا بقوله :(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) .
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، ولا تقبض أرواحنا إلا وأنت راض عنا .
واستعملنا في طاعتك ولا تستبدلنا ، وارزقنا الإيمان والعمل الصالح ولا تخذلنا .
وصلى اللهم على نبيك محمد سيدنا وقائدنا ، وعلى آله وصحبه ومن والاه منا .
الثلاثاء 29/3/1433 هـ