يا أختاه . . الإحصاء على الزوجِ يُفسِدُه !
رشيد بن ابراهيم بوعافية
1435/07/23 - 2014/05/22 08:59AM
خطبة الجمعة : يا أختاه .. الإحصاء على الزوج يُفسِدُه ! .
الحمد لله ربّ العالمين ، نحمده سبحانه حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه ، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما ، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، ولا معبودَ بحقٍّ سواه ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار ، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم ، ثم أما بعد:
معشر المؤمنين : من أعظمِ مقاصدِ خطبةِ الجمعةِ التوجيهُ والإرشاد ،و حديثنا اليومَ خطابٌ توجيهيٌّ موجَّهٌ إلى الزوجين بصفةٍ خاصّة ، حولَ شكوَى نطقَ بها كثيرٌ من الأزواج ، جعلتهم يعيشون في تعاسةٍ و صراعٍ دائمٍ مع زوجاتِهِم . مفادُها :
حياتي معها جحيمٌ لا يُطاق! ؛ زوجَتِي تُحصي عليَّ كلَّ شيء حتّى الهواء الذي أتنفَّس ! : أين كنت ؟ ، و أين أنت ؟ ، ومع مَن ؟ و إلى أين تذهب ؟ ، مَن هذا المتّصل ؟ ، ورقمُ من هذا ؟ ، ولماذا تأخّرت ؟، ومع من تغدّيت ؟ ، إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعثَّرُ بها العِشرَة ، و يستحيلُ معها الوِفاق ، ويحصُلُ بها التنافُرُ و الشّقاق ! .
حولَ هذا الموضوع يكونُ الحديثُ و التوجيه ، ونسألُ اللهَ التوفيقَ إلى ما يُحبُّ ويرضَى :
أيها الإخوةُ في الله : أهلُ الذِّكْرِ يقولون : حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ بتقصيرٍ من الزوجين كِلَيهما :
الزوجةُ هاهُنا تصرُّفُها يدلُّ على جهلِها و نشوزِها وقلَّةِ دِينِها و خِسّةِ طبعِها و فقدانها شرفَ النفس و الحياء ، مع ما تجلِبُهُ لنفسِها من سَخَطِ اللهِ و غضبِه ، و الزوجُ الذي يشتكي هذا شكواهُ تدلُّ على ضعفِ رأيِه ، وقلَّةِ حيلَتِه ،و فشَلِهِ في التدبير والتسيير ، وانحطاطِ رُتبتِهِ عن مقامات الرجولةِ و الفُحُولَة ، وإليكم التفصيل ، ونبدأُ في توجيهِ الكلامِ إلى الزوجَة :
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك :
لماذا تُحصينَ عليهِ كلَّ شيء حتّى الهواء ؟! ، لماذا تلتقطينَ عليه الأنفاس ، وتُعُدّين له الدقائق ، وتحسِبِين له الخَطَوات و الحَرَكات ، و تراعِين عليهِ كلَّ شيءٍ يقوله أو يفعله ؟! ، أوَ تظُنّينَ أنَّ هذا التصرُّفَ دليلٌ على الذكاءِ و النجابَةِ و الحزم و رعايَةِ الزوج و الأسرة ؟! .
واللهِ هو علامةٌ على جهلِكِ و نشوزِكِ و قِلَّةِ دِينِكِ و خِسّةِ طبعِكِ و فقدانكِ شرفَ النفس و الحياء ، مع ما تجلِبينَهُ لنفسِكِ من سَخَطِ اللهِ و غضبِه ! :
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك : إنَّ اللهَ تعالى وصفَ الصالحاتِ من الزوجاتِ بالقُنوتِ الذي هو الخشوعُ و السُّهولةُ واللينُ والمطاوَعَة للزوج ، فقال سبحانه : )فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه( ( النساء : 34) ، فهل يتّفقُ مع تقومين بهِ مع القنوتِ أم ينافيه ؟! .
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وصفَ خيرَ النساءِ فقال :" خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية" ( الصحيحة : 1849 ) . فأين أنتِ من التودُّدِ للزوجِ ومن المواتاةِ و اللّين والمطاوَعَة ، أم أنَّكِ بتصرُّفِكَ ذلكَ غيرُ ودودٍ ولا مواتيةٍ ولا مواسِيَة ، بل متعاليةٌ مؤذيَةٌ عاصية ؟! .
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك :
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قارن بين صنفين من النساءِ فقال : " . . مِنَ السعادة المرأةُ تراها تُعْجِبُك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ... ،ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك" ( الصحيحة : 1047) ، فكونِي مُنصِفةً وانظُري أيَّ الوصفين تستحِقّين ؟! .
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ضربَ مثالاً نادرًا في حُسنِ خُلُقِ الزوجةِ مع زوجِها و شدَّةِ الاعتناءِ به فقال : " لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو أنَّ من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه " ( صحيح الجامع : 7725 ) ، فكونِي مُنصِفةً وانظُري هل أنتِ ممّن حاولت أداءَ حقِّ زوجِها على مائةِ ألفٍ ميلٍ من هذا الوصف العظيم ، أم أنَّكِ ممَّن حوَّلت حياةَ زوجِها المسكين إلى قيحٍ وصديد ، نسأل اللهَ السلامةَ والعافية ؟! .
أيها الإخوةُ في الله : هذا السُلوكُ السيئُ في الزوجاتِ كما قُلنا علامةٌ على جهلِ المرأةِ و نشوزِها و قِلَّةِ دِينِها و فقدانِها شرفَ النفس و الحياء ، إذ لو كانت تقيَّةً شريفةً حَيِيَّةً لعَرَفت مقامَ الزوجِ وعُلُوَّ مرتبتِهِ عند الله ، فحملها ذلك على الحياءِ منه ، و حُسْنِ الخُلُقِ معه ، و مطاوعتِهِ و التعبُّدِ للهِ بخدمتِهِ و طلبِ رضاه ، لا بإزعاجِهِ و إهانتِهِ و طلبِ غضَبِهِ و شَقاه !
نسأل الله السلامة والعافية و نسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب ، إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
أيها الإخوةُ في الله: حديثُنا الآن مع الأزواج: أهلُ الذِّكْرِ يقولون : حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ مع زوجٍ ضعيفِ الرأيِ من أوَّلِ أيامِهِ مع زوجته ، مسكينٍ قليلِ الحيلةِ ، فاشلٍ في التدبيرِ والتسييرِ من أوَّل أيّامِهِ مع زوجَتِه ، انحطَّت رتبتُهُ عن مقاماتِ الرجولة و الفحولة من أوَّلِ أيَّامِهِ مع زوجته :
الزوجةُ - أخي الكريم - متديِّنَةً أو غيرَ متديّنَة ؛ بطبعِها تَزِنُ الزوجَ من أوَّلِ أيَّامِه و تجرِّبُه ، مُسْتَغِلَّةً سِلاَحَها الأنثوِي من فراشٍ وجمالٍ ودَلَال ، فإن رأت فيهِ صلابَةً لا تنثَنِي ، ورجولَةً لا تنكسِر ، وعقلاً لا تستهويهِ الشهوة ولا تستعبِدُه ، ولمسَت فيهِ مخالبَ كمخالبِ الأسَد ؛ تختفِي عند اللَّعِبِ و الهِراش ، ولكنَّها تفتِكُ عندَ النّزالِ و المصارَعَة ، إذا وَزَنَتْهُ فَرَأَتهُ كذلك : جعلت لنفسِها حَدًّا بين اللعبِ و الجِد ، فلا تزالُ منهُ على خوفٍ و حذَر ولو كان شيخًا كبيرًا أو في القبر ، ولكم في حياةِ الأوّلين و الأجدادِ العِبرةُ و المعتبَر ! .
أمَّا إذا رأت فيهِ عقلاً تسهويهِ الشهوة و تستعبِدُه ، و ظهرًا يسهُلُ عليه الانحناءُ و الانثناء ، ورأيًا كالريشةِ في مهبِّ الريح ؛ جعلتهُ كالخاتَمِ في الأُصبُع تقلّبُهُ كيفما تشاء ، نسألُ اللهَ السلامة والعافية ! .
الزوجُ - معشر المؤمنين- : حينما يعوِّدُ زوجتهُ من أوَّل يومٍ على الصَّراحةِ والوضوحِ لا على الكَذِبِ والمراوغةِ والتهرّب ، حينما يضعُ لها النقاطَ على الحروفِ عند أوَّلِ امتحانٍ و تجريب ، حينما يصبرُ على جُنُونِهَا و هجرِها و اعوِجَاجِها حتَّى ينكسِر ؛ زوجٌ كهذا لا يمكنُ أن يُسألَ : أين كنت ؟ ، و أين أنت ؟ ، ومع مَن ؟ و إلى أين ؟ ، و مَن هذا المتّصل ؟ ، ورقمُ من هذا ؟ ، ولماذا تأخّرت ؟، ومع من تغدّيت ؟! .
و اسألوا أيها الأزواجُ الأجدادَ عن حياتِهِم مع زوجاتِهِم هل كان فيهم مثلُ هذا ؟ ، و ابحثُوا عن السبب ! ، واسألنَ أيَّتهَا الزوجاتُ الجدَّاتِ عن حياتِهِنَّ مع أزواجِهِم وهل كان فيهنَّ مثلُ هذا ، وابحثنَ عن السبب ! .
معشر المؤمنين : إن أريدُ إلَّا الإصلاحَ ما استطعت ، فلا يعني هذا الكلامُ الظلمَ ولا التعسُّفَ ولا الاستعبادَ و القهر ، إنَّما يعني رجوعَ كلِّ طرفٍ إلى فطرتِهِ التي فطرهُ اللهُ عليها : المرأةُ إلى شرفِها وحيائِها و إيمانِها و تقواهَا اللهَ في زوجِها ، والزوجُ إلى عدلِهِ وحزمِهِ و رُجولتِه و حُسن تسييره لبيته ، ولن يتمَّ هذا الرجوعُ في يومٍ و ليلة ، وأهمُّ شيءٍ فيه الانطلاق ، عسَى أن يجتمعَ الشملُ و يحصُلَ التوازُنُ و تختفي بإذنِ اللهِ هذه الشكوى .
نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل .. اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا،وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين . وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . .
الحمد لله ربّ العالمين ، نحمده سبحانه حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه ، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما ، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، ولا معبودَ بحقٍّ سواه ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار ، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم ، ثم أما بعد:
معشر المؤمنين : من أعظمِ مقاصدِ خطبةِ الجمعةِ التوجيهُ والإرشاد ،و حديثنا اليومَ خطابٌ توجيهيٌّ موجَّهٌ إلى الزوجين بصفةٍ خاصّة ، حولَ شكوَى نطقَ بها كثيرٌ من الأزواج ، جعلتهم يعيشون في تعاسةٍ و صراعٍ دائمٍ مع زوجاتِهِم . مفادُها :
حياتي معها جحيمٌ لا يُطاق! ؛ زوجَتِي تُحصي عليَّ كلَّ شيء حتّى الهواء الذي أتنفَّس ! : أين كنت ؟ ، و أين أنت ؟ ، ومع مَن ؟ و إلى أين تذهب ؟ ، مَن هذا المتّصل ؟ ، ورقمُ من هذا ؟ ، ولماذا تأخّرت ؟، ومع من تغدّيت ؟ ، إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعثَّرُ بها العِشرَة ، و يستحيلُ معها الوِفاق ، ويحصُلُ بها التنافُرُ و الشّقاق ! .
حولَ هذا الموضوع يكونُ الحديثُ و التوجيه ، ونسألُ اللهَ التوفيقَ إلى ما يُحبُّ ويرضَى :
أيها الإخوةُ في الله : أهلُ الذِّكْرِ يقولون : حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ بتقصيرٍ من الزوجين كِلَيهما :
الزوجةُ هاهُنا تصرُّفُها يدلُّ على جهلِها و نشوزِها وقلَّةِ دِينِها و خِسّةِ طبعِها و فقدانها شرفَ النفس و الحياء ، مع ما تجلِبُهُ لنفسِها من سَخَطِ اللهِ و غضبِه ، و الزوجُ الذي يشتكي هذا شكواهُ تدلُّ على ضعفِ رأيِه ، وقلَّةِ حيلَتِه ،و فشَلِهِ في التدبير والتسيير ، وانحطاطِ رُتبتِهِ عن مقامات الرجولةِ و الفُحُولَة ، وإليكم التفصيل ، ونبدأُ في توجيهِ الكلامِ إلى الزوجَة :
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك :
لماذا تُحصينَ عليهِ كلَّ شيء حتّى الهواء ؟! ، لماذا تلتقطينَ عليه الأنفاس ، وتُعُدّين له الدقائق ، وتحسِبِين له الخَطَوات و الحَرَكات ، و تراعِين عليهِ كلَّ شيءٍ يقوله أو يفعله ؟! ، أوَ تظُنّينَ أنَّ هذا التصرُّفَ دليلٌ على الذكاءِ و النجابَةِ و الحزم و رعايَةِ الزوج و الأسرة ؟! .
واللهِ هو علامةٌ على جهلِكِ و نشوزِكِ و قِلَّةِ دِينِكِ و خِسّةِ طبعِكِ و فقدانكِ شرفَ النفس و الحياء ، مع ما تجلِبينَهُ لنفسِكِ من سَخَطِ اللهِ و غضبِه ! :
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك : إنَّ اللهَ تعالى وصفَ الصالحاتِ من الزوجاتِ بالقُنوتِ الذي هو الخشوعُ و السُّهولةُ واللينُ والمطاوَعَة للزوج ، فقال سبحانه : )فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه( ( النساء : 34) ، فهل يتّفقُ مع تقومين بهِ مع القنوتِ أم ينافيه ؟! .
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وصفَ خيرَ النساءِ فقال :" خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية" ( الصحيحة : 1849 ) . فأين أنتِ من التودُّدِ للزوجِ ومن المواتاةِ و اللّين والمطاوَعَة ، أم أنَّكِ بتصرُّفِكَ ذلكَ غيرُ ودودٍ ولا مواتيةٍ ولا مواسِيَة ، بل متعاليةٌ مؤذيَةٌ عاصية ؟! .
أيَّتُها الزوجةُ اتَّقِ اللهَ تعالى في نفسِكِ و زوجِك :
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قارن بين صنفين من النساءِ فقال : " . . مِنَ السعادة المرأةُ تراها تُعْجِبُك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ... ،ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك" ( الصحيحة : 1047) ، فكونِي مُنصِفةً وانظُري أيَّ الوصفين تستحِقّين ؟! .
إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ضربَ مثالاً نادرًا في حُسنِ خُلُقِ الزوجةِ مع زوجِها و شدَّةِ الاعتناءِ به فقال : " لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو أنَّ من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه " ( صحيح الجامع : 7725 ) ، فكونِي مُنصِفةً وانظُري هل أنتِ ممّن حاولت أداءَ حقِّ زوجِها على مائةِ ألفٍ ميلٍ من هذا الوصف العظيم ، أم أنَّكِ ممَّن حوَّلت حياةَ زوجِها المسكين إلى قيحٍ وصديد ، نسأل اللهَ السلامةَ والعافية ؟! .
أيها الإخوةُ في الله : هذا السُلوكُ السيئُ في الزوجاتِ كما قُلنا علامةٌ على جهلِ المرأةِ و نشوزِها و قِلَّةِ دِينِها و فقدانِها شرفَ النفس و الحياء ، إذ لو كانت تقيَّةً شريفةً حَيِيَّةً لعَرَفت مقامَ الزوجِ وعُلُوَّ مرتبتِهِ عند الله ، فحملها ذلك على الحياءِ منه ، و حُسْنِ الخُلُقِ معه ، و مطاوعتِهِ و التعبُّدِ للهِ بخدمتِهِ و طلبِ رضاه ، لا بإزعاجِهِ و إهانتِهِ و طلبِ غضَبِهِ و شَقاه !
نسأل الله السلامة والعافية و نسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب ، إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
أيها الإخوةُ في الله: حديثُنا الآن مع الأزواج: أهلُ الذِّكْرِ يقولون : حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ مع زوجٍ ضعيفِ الرأيِ من أوَّلِ أيامِهِ مع زوجته ، مسكينٍ قليلِ الحيلةِ ، فاشلٍ في التدبيرِ والتسييرِ من أوَّل أيّامِهِ مع زوجَتِه ، انحطَّت رتبتُهُ عن مقاماتِ الرجولة و الفحولة من أوَّلِ أيَّامِهِ مع زوجته :
الزوجةُ - أخي الكريم - متديِّنَةً أو غيرَ متديّنَة ؛ بطبعِها تَزِنُ الزوجَ من أوَّلِ أيَّامِه و تجرِّبُه ، مُسْتَغِلَّةً سِلاَحَها الأنثوِي من فراشٍ وجمالٍ ودَلَال ، فإن رأت فيهِ صلابَةً لا تنثَنِي ، ورجولَةً لا تنكسِر ، وعقلاً لا تستهويهِ الشهوة ولا تستعبِدُه ، ولمسَت فيهِ مخالبَ كمخالبِ الأسَد ؛ تختفِي عند اللَّعِبِ و الهِراش ، ولكنَّها تفتِكُ عندَ النّزالِ و المصارَعَة ، إذا وَزَنَتْهُ فَرَأَتهُ كذلك : جعلت لنفسِها حَدًّا بين اللعبِ و الجِد ، فلا تزالُ منهُ على خوفٍ و حذَر ولو كان شيخًا كبيرًا أو في القبر ، ولكم في حياةِ الأوّلين و الأجدادِ العِبرةُ و المعتبَر ! .
أمَّا إذا رأت فيهِ عقلاً تسهويهِ الشهوة و تستعبِدُه ، و ظهرًا يسهُلُ عليه الانحناءُ و الانثناء ، ورأيًا كالريشةِ في مهبِّ الريح ؛ جعلتهُ كالخاتَمِ في الأُصبُع تقلّبُهُ كيفما تشاء ، نسألُ اللهَ السلامة والعافية ! .
الزوجُ - معشر المؤمنين- : حينما يعوِّدُ زوجتهُ من أوَّل يومٍ على الصَّراحةِ والوضوحِ لا على الكَذِبِ والمراوغةِ والتهرّب ، حينما يضعُ لها النقاطَ على الحروفِ عند أوَّلِ امتحانٍ و تجريب ، حينما يصبرُ على جُنُونِهَا و هجرِها و اعوِجَاجِها حتَّى ينكسِر ؛ زوجٌ كهذا لا يمكنُ أن يُسألَ : أين كنت ؟ ، و أين أنت ؟ ، ومع مَن ؟ و إلى أين ؟ ، و مَن هذا المتّصل ؟ ، ورقمُ من هذا ؟ ، ولماذا تأخّرت ؟، ومع من تغدّيت ؟! .
و اسألوا أيها الأزواجُ الأجدادَ عن حياتِهِم مع زوجاتِهِم هل كان فيهم مثلُ هذا ؟ ، و ابحثُوا عن السبب ! ، واسألنَ أيَّتهَا الزوجاتُ الجدَّاتِ عن حياتِهِنَّ مع أزواجِهِم وهل كان فيهنَّ مثلُ هذا ، وابحثنَ عن السبب ! .
معشر المؤمنين : إن أريدُ إلَّا الإصلاحَ ما استطعت ، فلا يعني هذا الكلامُ الظلمَ ولا التعسُّفَ ولا الاستعبادَ و القهر ، إنَّما يعني رجوعَ كلِّ طرفٍ إلى فطرتِهِ التي فطرهُ اللهُ عليها : المرأةُ إلى شرفِها وحيائِها و إيمانِها و تقواهَا اللهَ في زوجِها ، والزوجُ إلى عدلِهِ وحزمِهِ و رُجولتِه و حُسن تسييره لبيته ، ولن يتمَّ هذا الرجوعُ في يومٍ و ليلة ، وأهمُّ شيءٍ فيه الانطلاق ، عسَى أن يجتمعَ الشملُ و يحصُلَ التوازُنُ و تختفي بإذنِ اللهِ هذه الشكوى .
نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل .. اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا،وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين . وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . .
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
عضو نشطأهلا وسهلا ومرحبا بالشيخ الحبيب والأخ اللطيف بعد غياب طويل وانقطاع كثير.
عفا الله عنك وسامحك الله شيخ رشيد لا أقول على ما أدليت به في سطور هذه الخطبة وصغته في عباراتها اللطيفة والعلمية ولكن على ثغرة خلفها غيابك ما كان لكثير أن يسد مسدها مقامك ولعل هذه الخطبة كفارة نحسبها راجين الله ذلك.
تعديل التعليق