وهَكَذَا تُنْتَهِكُ الأَعْرَاض 28 مُحَرَّم 1436هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1436/01/26 - 2014/11/19 19:12PM
وهَكَذَا تُنْتَهِكُ الأَعْرَاض 28 مُحَرَّم 1436هـ (1)
الْحَمْدُ للهِ قَدَّرَ الأُمُورَ وَقَضَاهَا ، وَعَلَى مَا سَبَقَ عِلْمُهُ أَمْضَاهَا ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ رَبَّاً إِلَهًا ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، تَوَعَّدَ أَهْلَ الْإِجْرَامِ بِالنَّارِ وَلَظَاهَا ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وَأَزْكَاهَا ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَعْلَاِمِ تَقْوَاهَا وَبُدُورِ دُجَاهَا ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانِ إِلَى يَوْمِ الدَّينِ ، وَسَلَّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ : وَاعْلَمُوا أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شُرِعَتْ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ وَلِتَوْضِيحِ الْوَاجِبَاتِ وَبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ ، وِلِتَوْعِيَةِ الْمُجْتَمَعِ عَنِ الشُّرُورِ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ الْأُمُورِ ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ اسْتِمَاعُهَا وَحَرُمُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَهَا .
أَيُّهَا الْمِسْلِمُونَ : إِنَّ مَوْضُوعَ خُطْبَةِ الْيَوْمِ مَوْضُوعٌ خَطِيرٌ ، إِنَّهُ مُضِيِّقٌ لِلصُّدُورِ وَمُؤْلِمٌ لِلضَّمِيرِ ، وَإِنِّي مَا تَرَدَّدْتُ فِي خُطْبَةٍ مِثْلَ هَذِهِ ، وَمَا آلَمَ قَلْبِي وَأَوْجَعَ فُؤَادِي نَظِيرُ هَذَا الْمَوْضُوعِ ، وَواللهِ لَوْلَا الْخَوْفُ مِنَ اللهِ أَوَّلاً ثُمَّ إِرَادَةُ النُّصْحِ ثَانِيَاً ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا تَجَرَّأْتُ وَتَكَلَّمْتُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَلَمِ ، وَلِمَا يَحْوِي مِنَ الصَّرَاحَةِ التِي قَدْ تَجْرَحُ الْكَثِيرِينَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّهُ مَوْضُوعُ الْأَعْرَاضِ ، بَلْ وَبِعَبَارَةٍ أَوْضَحُ فَاحِشَةُ الزِّنَا ، إِنَّهَا الْفَاحِشَةُ التِي أَجْمَعَتْ كُتُبُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهَا ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ فَضْلَاً عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ لا يَرْضَاهَا لِنَسَائِهِ سَوَاءً كَانَتْ بِنْتَاً أَوْ زَوْجَةً أَوْ أُخْتَاً أَوْ أُمَّاً ، فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى . قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلً) وَقَالَ فِي عُقُوبَةِ الزُّنَاةِ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين) وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا التِي رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِيهِ (فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ، قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِي آخِرِهِ (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ : إِنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْفَاحَشِةِ عَلَى وَجْهِ الْقِلَّةِ أَوْ النُّدْرَةِ أَمْرٌ لا يَسْتَغْرَبُ ، وَلَكِنْ أَنْ تُوجَدَ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ ثُمَّ تَنْتَشِرُ انْتِشَارَ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ فِي بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَنِسَائِهِمْ أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ يَتَنَادَى أَهْلُ الْغِيرَةِ عَلَى قَطْعِهِ وَالْوُقُوفِ أَمَامَهُ .
وَقَبْلَ أَنْ أَسْتَطْرِدَ فِي الْمَوْضُوعِ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَقُولَ : إِنَّ الْخَيْرَ مَوْجُودٌ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَكَمْ مِنَ الْأَخْيَارِ وَالدُّعَاةِ الْفُضَلَاءِ ، وَصُوَّامِ النَّهَارِ وَقُوَّامِ اللَّيْلِ وَأَهْلِ الصَّدَقَةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ ، وَكَمْ مِنَ الدُّورِ النِّسَائِيَةِ الْمَلِيئَةِ بِالْخَيِّرَاتِ وَحَافِظَاتِ الْقُرْآنِ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمَاتِ ، وَللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّة .
وَلَكِنَّنَا فِي الْمُقَابِلِ نَرَى وَنَسْمَعُ وَيُشْتَكَى إِلَيْنَا مِنِ انْتِشَارِ الْفَسَادِ الأَخْلَاقِيِّ فِي جَامِعَاتِ البَنَاتِ وَالثَّانَوِيَّاتِ بَلْ وَالْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِطَّةِ ، خَاصَّةً بَعْدَ انْتِشَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الحَدِيثَةِ مِنَ الْجَوَّالَاتِ وَمَا تُسَهِّلُهُ مِنْ التَّوَاصُلِ عَبْر الاسْتِقْرَامِ والتِّلِقْرَامِ والسْكَايِبِ وَالتَّانْقُو وَغَيْرِهَا ، فَكَمْ مِنَ الْعَفَافِ انْتُهِكَ وَكَمْ مِنَ الْأَعْرَاضِ ضَاعَتْ ، وَكَمْ مِنَ الْفَضَائِحِ حَصَلَتْ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : مِنَ لا يُصَدِّقُ مَا أُحَذِّرُ مِنْهَ الآنَ فَلْيَسْأَلِ الْمُخْتَصِّينَ فِي هَذِهِ الْقَضَايَا ، اسْأَلُوا أَصْحَابَ الْفَضِيلَةِ قُضَاةَ الْمَحَاكِمِ ، اسْأَلُوا الْمُخْتَصِّينَ فِي الْقَضَايَا الْأُسَرِّيَةِ ، بَلِ اسْأَلُوا رِجَالَ الْهَيْئَةِ أَهْلَ الْمَيْدَانِ .
يَقُولُ أَحَدُهُمْ : لا يَكَادُ يَمُرُّ يَوْمٌ إِلَّا وَنَقْبِضُ عَلَى ثَلاثِ قَضَايَا وَرُبَّمَا أَكْثَرَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَلا نَقْبِضُ عَلَيْهِمْ فِي الْبُيُوتِ ، بَلْ فِي الطُّرُقَاتِ الْخَفِيَّةِ حَيْثُ يَكُونُ هُوَ وَهِيَ فِي مُؤَخِّرَةِ السَّيَّارَةِ يَفْعَلُ فِيهَا الْفَاحِشَة !
وَيَقُولُ آخَرَ : لَقَدْ كَثُرَتْ فِي السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ ظَاهِرَةُ خُرُوجِ الْفَتَيَاتِ فِي غَفْلَةِ مِنْ أَهَالِيهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ، فَأَمَّا الْجَامِعَاتُ فَحَدِّثْ وَلا حَرَجَ ، فَيَأْتِيهَا وَيُخْرِجُهَا فِي وَضَحِ النَّهَارِ إِمَّا بِالاتِّفَاقِ مَعَ الْحُرَّاسِ أَوْ بِالتَّهْدِيدِ أَوِ الْإِغْرَاءِ الْمَادِيِّ لَهُمْ .
وَأَمَّا بَنَاتُ الثَّانَوِيَّةِ فَإِنَّهَا إِذَا أَنْزَلَهَا وَلِيُّهَا عِنْدَ بَابِ الْمَدْرَسَةِ تَنْتَظِرُ قَلِيلاً حَتَّى يَذْهَبَ ثُمَّ تَكُونُ قَدْ ضَرَبَتْ مَوْعِدَاً مَعَ ذَلِكَ الْفَاجِرِ ثُمَّ يَخْرُجُ بِهَا طِوالَ يَوْمِهِ ثُمَّ يَرَدُّهَا عِنْدَ بَابِ الْمَدْرَسَةِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الدِّرَاسِيِّ وَكَأَنَّ شَيْئَاً لَمْ يَكُنْ !
وَأَمَّا الْأَسْوَاقُ فَمَاذَا عَسَانَا أَنْ نَقُول ؟ فَهَلْ نُخْبِرُكُم عَنْ خَرَابِ بَعْضِ الْبَائِعِينَ فِي الْمَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ ؟ وَعَنْ مُعَاكَسَاتِهِمْ لِلنَّسَاءِ وَإِغْرَائِهِمْ لَهُنَّ ؟ أَمْ نُحَدِثُّكُمْ عَنِ الثِّقَةِ الزَّائِدَةِ لِبَعْضِ الْمُغَفَّلِينَ مِنَ الرِّجَالِ آبَاءً وَأَزْوَاجَاً ، حَيْثُ يَأْتِي فَيَضَعُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِنْتَهُ فِي السُّوقِ وَتَكُونُ قَدِ اتَّفَقَتْ مَعَ ذَلِكَ الخَبِيثِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ مِنْ قَبْلُ ، ثُمَّ بِمُجَرَّدِ أَنْ يُحَرِّكَ مَحْرَمُهَا مِنَ الْمَكَانِ وَيَذْهَبُ إِلَى لَهُوْهِ وَدُنْيَاهُ ، بِمُجَرَّدِ أَنْ يَتَوَارَى عَنِ الْأَنْظَارِ إِذَا ذَلِكَ الْمُجْرِمُ يَتَلَقَّفَهَا .
بَلْ وَاللهِ لَقَدْ وَصَلَت الأَمْرُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الفَتَيَاتِ تَسْتَدْعِي عَشِيقَهَا إِلَى بَيْتِ أَهْلِهَا حَينَ يَذْهَبُونَ وَتَحَجَّجُ بِأَعْذَارٍ حَتَى تَبْقَى مَا تَخْرُجُ مَعَهُمْ , وَكَمْ سُجْلَتْ قَضَايَا فِي مَرَاكِزِ الهَيْئَاتِ بِهَذِهِ الصُّورَة , فَإِلَى اللهِ مَفْزَعُنَا وَإِلَيْهِ شَكْوَانَا ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ !
يَقُولُ أَحَدُ رِجَالِ الْهَيْئَةِ الْمُخْلِصِينَ ، وَاللهِ لَقَدْ قَبَضْنَا عَلَى بَنَاتٍ مِنْ جَمِيعِ طَبَقَاتِ الْمُجْتَمَعِ وَمِنْ كُلِّ فِئَاتِهِ فَلا يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّهُ سَالِمٌ أَوْ أَنَّ عِنْدَهُ ضَمَانَاً أَنَّ نِسَاءَهُ فِي مَأْمَنٍ ، فَلْيَتِّقِ اللهَ كُلُّ أَحَدٍ فِي عِرْضِهِ وَفِي نِسَائِهِ .
وَاسْمَعُوا يَا شَبَاب ، يَقُولُ : وَاللهِ إِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الشَّبَابَ الذِينَ نَقْبِضُ عَلَيْهِمْ قَدْ أَخْرَجُوا فَتَيَاتٍ ، نَقْبِضُ عَلَى فَتَيَاتِهِمْ قَدْ خَرَجْنَ مَعَ الرِّجَالِ ، فَسُبْحَانِ اللهِ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، وَمَنِ انْتَهَكَ أَعْرَاضَ النَّاسِ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ فِي عِرْضِهِ ، فُعُفُّو تَعُفُّ نِسَاؤُكُمْ يَا مُسْلِمُون .
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَفْزَعُ إِلَيْكَ وَنَعُوذُ بِكَ وَنَلْجَأُ إِلَيْكَ أَنْ تَحْفَظَ أَعْرَاضَنَا وَتَحْفَظَ نِسَاءَنَا ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَنَا وَاللهِ فِي حَرَجٍ مِنْكُمْ ، وَلَكِنْ اقْتَضَتِ الْحَالُ أَنْ نُصَرِّحَ بِمَا كُنَّا نُلَمِّحُ بِهِ أَوَّلاً ، فَالْعُذْرَ مِنَ اللهِ ثُمَّ مِنْكُمْ ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ : وَاعْلَمُوا أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شُرِعَتْ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ وَلِتَوْضِيحِ الْوَاجِبَاتِ وَبَيَانِ الْمُحَرَّمَاتِ ، وِلِتَوْعِيَةِ الْمُجْتَمَعِ عَنِ الشُّرُورِ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ مُدْلَهِمَّاتِ الْأُمُورِ ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ اسْتِمَاعُهَا وَحَرُمُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَهَا .
أَيُّهَا الْمِسْلِمُونَ : إِنَّ مَوْضُوعَ خُطْبَةِ الْيَوْمِ مَوْضُوعٌ خَطِيرٌ ، إِنَّهُ مُضِيِّقٌ لِلصُّدُورِ وَمُؤْلِمٌ لِلضَّمِيرِ ، وَإِنِّي مَا تَرَدَّدْتُ فِي خُطْبَةٍ مِثْلَ هَذِهِ ، وَمَا آلَمَ قَلْبِي وَأَوْجَعَ فُؤَادِي نَظِيرُ هَذَا الْمَوْضُوعِ ، وَواللهِ لَوْلَا الْخَوْفُ مِنَ اللهِ أَوَّلاً ثُمَّ إِرَادَةُ النُّصْحِ ثَانِيَاً ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا تَجَرَّأْتُ وَتَكَلَّمْتُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَلَمِ ، وَلِمَا يَحْوِي مِنَ الصَّرَاحَةِ التِي قَدْ تَجْرَحُ الْكَثِيرِينَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّهُ مَوْضُوعُ الْأَعْرَاضِ ، بَلْ وَبِعَبَارَةٍ أَوْضَحُ فَاحِشَةُ الزِّنَا ، إِنَّهَا الْفَاحِشَةُ التِي أَجْمَعَتْ كُتُبُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهَا ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ فَضْلَاً عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ لا يَرْضَاهَا لِنَسَائِهِ سَوَاءً كَانَتْ بِنْتَاً أَوْ زَوْجَةً أَوْ أُخْتَاً أَوْ أُمَّاً ، فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى . قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلً) وَقَالَ فِي عُقُوبَةِ الزُّنَاةِ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين) وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا التِي رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِيهِ (فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ، قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِي آخِرِهِ (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ : إِنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْفَاحَشِةِ عَلَى وَجْهِ الْقِلَّةِ أَوْ النُّدْرَةِ أَمْرٌ لا يَسْتَغْرَبُ ، وَلَكِنْ أَنْ تُوجَدَ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ ثُمَّ تَنْتَشِرُ انْتِشَارَ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ فِي بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَنِسَائِهِمْ أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ يَتَنَادَى أَهْلُ الْغِيرَةِ عَلَى قَطْعِهِ وَالْوُقُوفِ أَمَامَهُ .
وَقَبْلَ أَنْ أَسْتَطْرِدَ فِي الْمَوْضُوعِ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَقُولَ : إِنَّ الْخَيْرَ مَوْجُودٌ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَكَمْ مِنَ الْأَخْيَارِ وَالدُّعَاةِ الْفُضَلَاءِ ، وَصُوَّامِ النَّهَارِ وَقُوَّامِ اللَّيْلِ وَأَهْلِ الصَّدَقَةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ ، وَكَمْ مِنَ الدُّورِ النِّسَائِيَةِ الْمَلِيئَةِ بِالْخَيِّرَاتِ وَحَافِظَاتِ الْقُرْآنِ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمَاتِ ، وَللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّة .
وَلَكِنَّنَا فِي الْمُقَابِلِ نَرَى وَنَسْمَعُ وَيُشْتَكَى إِلَيْنَا مِنِ انْتِشَارِ الْفَسَادِ الأَخْلَاقِيِّ فِي جَامِعَاتِ البَنَاتِ وَالثَّانَوِيَّاتِ بَلْ وَالْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِطَّةِ ، خَاصَّةً بَعْدَ انْتِشَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الحَدِيثَةِ مِنَ الْجَوَّالَاتِ وَمَا تُسَهِّلُهُ مِنْ التَّوَاصُلِ عَبْر الاسْتِقْرَامِ والتِّلِقْرَامِ والسْكَايِبِ وَالتَّانْقُو وَغَيْرِهَا ، فَكَمْ مِنَ الْعَفَافِ انْتُهِكَ وَكَمْ مِنَ الْأَعْرَاضِ ضَاعَتْ ، وَكَمْ مِنَ الْفَضَائِحِ حَصَلَتْ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : مِنَ لا يُصَدِّقُ مَا أُحَذِّرُ مِنْهَ الآنَ فَلْيَسْأَلِ الْمُخْتَصِّينَ فِي هَذِهِ الْقَضَايَا ، اسْأَلُوا أَصْحَابَ الْفَضِيلَةِ قُضَاةَ الْمَحَاكِمِ ، اسْأَلُوا الْمُخْتَصِّينَ فِي الْقَضَايَا الْأُسَرِّيَةِ ، بَلِ اسْأَلُوا رِجَالَ الْهَيْئَةِ أَهْلَ الْمَيْدَانِ .
يَقُولُ أَحَدُهُمْ : لا يَكَادُ يَمُرُّ يَوْمٌ إِلَّا وَنَقْبِضُ عَلَى ثَلاثِ قَضَايَا وَرُبَّمَا أَكْثَرَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَلا نَقْبِضُ عَلَيْهِمْ فِي الْبُيُوتِ ، بَلْ فِي الطُّرُقَاتِ الْخَفِيَّةِ حَيْثُ يَكُونُ هُوَ وَهِيَ فِي مُؤَخِّرَةِ السَّيَّارَةِ يَفْعَلُ فِيهَا الْفَاحِشَة !
وَيَقُولُ آخَرَ : لَقَدْ كَثُرَتْ فِي السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ ظَاهِرَةُ خُرُوجِ الْفَتَيَاتِ فِي غَفْلَةِ مِنْ أَهَالِيهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ، فَأَمَّا الْجَامِعَاتُ فَحَدِّثْ وَلا حَرَجَ ، فَيَأْتِيهَا وَيُخْرِجُهَا فِي وَضَحِ النَّهَارِ إِمَّا بِالاتِّفَاقِ مَعَ الْحُرَّاسِ أَوْ بِالتَّهْدِيدِ أَوِ الْإِغْرَاءِ الْمَادِيِّ لَهُمْ .
وَأَمَّا بَنَاتُ الثَّانَوِيَّةِ فَإِنَّهَا إِذَا أَنْزَلَهَا وَلِيُّهَا عِنْدَ بَابِ الْمَدْرَسَةِ تَنْتَظِرُ قَلِيلاً حَتَّى يَذْهَبَ ثُمَّ تَكُونُ قَدْ ضَرَبَتْ مَوْعِدَاً مَعَ ذَلِكَ الْفَاجِرِ ثُمَّ يَخْرُجُ بِهَا طِوالَ يَوْمِهِ ثُمَّ يَرَدُّهَا عِنْدَ بَابِ الْمَدْرَسَةِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الدِّرَاسِيِّ وَكَأَنَّ شَيْئَاً لَمْ يَكُنْ !
وَأَمَّا الْأَسْوَاقُ فَمَاذَا عَسَانَا أَنْ نَقُول ؟ فَهَلْ نُخْبِرُكُم عَنْ خَرَابِ بَعْضِ الْبَائِعِينَ فِي الْمَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ ؟ وَعَنْ مُعَاكَسَاتِهِمْ لِلنَّسَاءِ وَإِغْرَائِهِمْ لَهُنَّ ؟ أَمْ نُحَدِثُّكُمْ عَنِ الثِّقَةِ الزَّائِدَةِ لِبَعْضِ الْمُغَفَّلِينَ مِنَ الرِّجَالِ آبَاءً وَأَزْوَاجَاً ، حَيْثُ يَأْتِي فَيَضَعُ زَوْجَتَهُ أَوْ بِنْتَهُ فِي السُّوقِ وَتَكُونُ قَدِ اتَّفَقَتْ مَعَ ذَلِكَ الخَبِيثِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ مِنْ قَبْلُ ، ثُمَّ بِمُجَرَّدِ أَنْ يُحَرِّكَ مَحْرَمُهَا مِنَ الْمَكَانِ وَيَذْهَبُ إِلَى لَهُوْهِ وَدُنْيَاهُ ، بِمُجَرَّدِ أَنْ يَتَوَارَى عَنِ الْأَنْظَارِ إِذَا ذَلِكَ الْمُجْرِمُ يَتَلَقَّفَهَا .
بَلْ وَاللهِ لَقَدْ وَصَلَت الأَمْرُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الفَتَيَاتِ تَسْتَدْعِي عَشِيقَهَا إِلَى بَيْتِ أَهْلِهَا حَينَ يَذْهَبُونَ وَتَحَجَّجُ بِأَعْذَارٍ حَتَى تَبْقَى مَا تَخْرُجُ مَعَهُمْ , وَكَمْ سُجْلَتْ قَضَايَا فِي مَرَاكِزِ الهَيْئَاتِ بِهَذِهِ الصُّورَة , فَإِلَى اللهِ مَفْزَعُنَا وَإِلَيْهِ شَكْوَانَا ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ !
يَقُولُ أَحَدُ رِجَالِ الْهَيْئَةِ الْمُخْلِصِينَ ، وَاللهِ لَقَدْ قَبَضْنَا عَلَى بَنَاتٍ مِنْ جَمِيعِ طَبَقَاتِ الْمُجْتَمَعِ وَمِنْ كُلِّ فِئَاتِهِ فَلا يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّهُ سَالِمٌ أَوْ أَنَّ عِنْدَهُ ضَمَانَاً أَنَّ نِسَاءَهُ فِي مَأْمَنٍ ، فَلْيَتِّقِ اللهَ كُلُّ أَحَدٍ فِي عِرْضِهِ وَفِي نِسَائِهِ .
وَاسْمَعُوا يَا شَبَاب ، يَقُولُ : وَاللهِ إِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الشَّبَابَ الذِينَ نَقْبِضُ عَلَيْهِمْ قَدْ أَخْرَجُوا فَتَيَاتٍ ، نَقْبِضُ عَلَى فَتَيَاتِهِمْ قَدْ خَرَجْنَ مَعَ الرِّجَالِ ، فَسُبْحَانِ اللهِ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، وَمَنِ انْتَهَكَ أَعْرَاضَ النَّاسِ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ فِي عِرْضِهِ ، فُعُفُّو تَعُفُّ نِسَاؤُكُمْ يَا مُسْلِمُون .
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَفْزَعُ إِلَيْكَ وَنَعُوذُ بِكَ وَنَلْجَأُ إِلَيْكَ أَنْ تَحْفَظَ أَعْرَاضَنَا وَتَحْفَظَ نِسَاءَنَا ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَنَا وَاللهِ فِي حَرَجٍ مِنْكُمْ ، وَلَكِنْ اقْتَضَتِ الْحَالُ أَنْ نُصَرِّحَ بِمَا كُنَّا نُلَمِّحُ بِهِ أَوَّلاً ، فَالْعُذْرَ مِنَ اللهِ ثُمَّ مِنْكُمْ ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحمد للَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وَأُصَلِّي وّأُسَلَّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهَ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَقُولُ أَهْلُ الاخْتِصَاصِ : إِنَّ أَكْثَرَ مَا يُسَبِّبُ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةُ مِنْ الْجَوَّالِ وَالْفِيسْ بُوكْ ، وَالتُّوِيتَرْ وَالْوَاتَسْ أَبْ ، فَتَنْشَأُ الْعَلَاقَةُ أَوَّلاً بِكِتَابَةٍ تُسَمَّى بَرِيئَةً لَيْسَ فِيهَا قَصْدٌ ثٌمَّ يَسْتَدْرِجُ الذِّئْبُ الضَّحِيَّةَ حَتَّى يُوقِعُهَا فِي شِرَاكِهِ ، وَرُبَّمَا وَعَدَهَا بِالزَّوَاجِ فَإذَا افْتَرَسَهَا رَمَاهَا وَذَهَبَ يَبْحَثُ عَنْ ضَحِيَّةٍ سِوِاهَا .
وَكَذَلِكَ مَا يُسَمَّى بِالسَّائِقِ الْأَجْنَبِيِّ الذِي أُعْطِيَ الثِّقَةَ التَّامَّةَ ، وَيَعْتَقِدُ بَعْضُ الرِّجَالِ الْحَمْقَى أَنّهُ لا خَطَرَ مِنْهُ ، فَكَمْ قُبِضَ عَلَى السَّائِقِ مَعْ زَوْجَةِ كَفِيلِهِ أَوْ بِنْتِهِ ! وَاسْمَحُوا لِي بِهَذَا التَّصْرِيحِ فَإِنَّ الأَمْرَ جَلَلٌ وَالْمَرَضُ نَزَلَ !
وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ مَفَاسِدُ مِنَ السَّائِقِ غَيْرِ الْمَكْفُولِ ، مِنْ أَصْحَابِ الْمَشَاوِيرِ الْخَاصَّةِ ، فَقُرْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ خَطَرٌ وَضَرَرٌ ، وَالْخُلْوَةُ بِهَا طَرِيقُ الزِّنَا ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال (لاَ يَخْلُوَنَّ أحدُكُمْ بِامْرأةٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَم) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ يَعْتَقُدُ أَنَّ أَهْلَهُ مَعْصُومُونَ وَأَنَّهُ بِاسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَلْعَبَ بِبَنَاتِ النَّاسِ وَهُوَ فِي مَأْمَنٍ ، وَمَا عَرَفَ الْمِسْكِينُ أَنَ الزِّنَا دَيْنٌ وَأَنَّ قَضَاءَهُ مِنْ ظَهْرِهِ قَرِيبَاً فِي زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ أَوْ أُخْتِهِ بَلْ رُبَّمَا أُمُّهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ ***كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ
مَنْ يَزْنِ فِي بَيْتٍ بِأَلْفِيْ دِرْهَمٍ *** فِي بَيْتِهِ يُزْنَى بِغَيْرِ الدِّرْهَمِ
فَاتَّقِ اللهَ أَيُّهَا الشَّابُّ وَخَفْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ , فَقَدْ تُقْبَضُ رُوحُكَ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ , فَتُبْ إِلَى اللهِ الآنَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ , وَاقْطَعْ عِلَاقَاتِكَ مَعَ الفَاجِرَاتِ , وَاحْذَرْ مِنْ بَطْشِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات .
وَأَخِيرَاً : فَإِنَّ الْحَلَّ لِهَذِهِ الْمُعْضَلِةِ ، وَالْمَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ مَا يَلِي :
(أَوَّلاً) أَنْ تَحْفَظَ نَفْسَكَ أَنْتَ أَوَّلاً وَتَتَّقِيَ اللهَ الذِي خَلَقَكَ مِنَ الْعَدَمِ وَيَرَاكَ وَأَنْتَ فِي الظُّلَمِ ، وَيَعْلَمُ سِرَّكَ وَعَلَانِيَتَكَ ، فَاحْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ . ثُمَّ عَلَيْكَ بالدُّعَاءُ أَنْ يَحْفَظَكَ اللهُ فِي دِينِكَ وَأَهْلِكِ وَعِرْضِكَ .
(ثَانِيَاً) أَنْ نَحْرِصَ عَلَى تَعْلِيمِ أَهْلِنَا الدِّينَ وَأَنْ يُقِيمُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَتَكُونُ بُيُوتُنَا بُيُوتَ طَاعَةٍ تُقَامُ فِيهَا الصَّلَاةُ وُيُقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنُ وَيُعَظَّمُ فِيهَا الرَّحْمَنُ .
(ثَالِثَاً) أَنْ نُرَاقِبَ أَهْلَنَا مُرَاقَبَةً يَعْلَمُونَهَا بُدُونِ تَجَسُّسٍ ، فَلَا نَتْرُكُ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ وَنُعْطِي الْفَتَاةَ الثِّقَةَ الزَّائِدَةَ ، بَلْ نَقُولُ لَهَا : الشَّرُّ كَثِيرٌ فَلا تَنْزِلِي لِلسُّوقِ وَحْدَكَ بَلْ لابُدَّ مِنْ مَحْرَمٍ مَعَكِ أَوْ عَلَى الأَقَلِّ مَعَ أَمِّكِ ، وَالْمَرْأَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَنْزِلَ مَعَهَا لِلسُّوقِ لِيَقْضِيَ حَاجَاتِهَا ، وَهَذَا حَقٌ عَلَيْهِ ثُمَّ هُوَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ عِرْضِهِ وَأَهْلِهِ .
(رَابِعَاً) مُتَابَعَةُ الْبَنَاتِ فِي الْمَدَارِسِ وَفِي الْجَامِعَاتِ وَتَتَكَرَّرُ زِيَارَةُ الْأُمِّ لِشُؤُونِ الطَّالِبَاتِ ، بَلْ حَتَّى الأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الرِّجَالِ يُتَابِعُ مَوْضُوعَ الْحُضُورِ وَالانْصِرَافِ . ثُمَّ لْيُحَدَّ جِدَّاً مِنْ خُرُوجِ النِّسَاءِ مَعَ السَّائِقِ سَوَاءً كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ خَارِجِهِ فَالرَّجُلُ وَاحِدٌ مِنْ أَيْ جِنْسِيَّةٍ .
(خَامِسَاً)
فَاللَّهُمَّ احْفَظْنَا فِي أَنْفُسِنَا وَفِي أَعْرَاضِنَا وَفِي نِسَائِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهُمَّ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا ، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا ، وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَر ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ ، اللهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ وَصَلِّ اللهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .أَمَّا بَعْدُ : فَيَقُولُ أَهْلُ الاخْتِصَاصِ : إِنَّ أَكْثَرَ مَا يُسَبِّبُ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةُ مِنْ الْجَوَّالِ وَالْفِيسْ بُوكْ ، وَالتُّوِيتَرْ وَالْوَاتَسْ أَبْ ، فَتَنْشَأُ الْعَلَاقَةُ أَوَّلاً بِكِتَابَةٍ تُسَمَّى بَرِيئَةً لَيْسَ فِيهَا قَصْدٌ ثٌمَّ يَسْتَدْرِجُ الذِّئْبُ الضَّحِيَّةَ حَتَّى يُوقِعُهَا فِي شِرَاكِهِ ، وَرُبَّمَا وَعَدَهَا بِالزَّوَاجِ فَإذَا افْتَرَسَهَا رَمَاهَا وَذَهَبَ يَبْحَثُ عَنْ ضَحِيَّةٍ سِوِاهَا .
وَكَذَلِكَ مَا يُسَمَّى بِالسَّائِقِ الْأَجْنَبِيِّ الذِي أُعْطِيَ الثِّقَةَ التَّامَّةَ ، وَيَعْتَقِدُ بَعْضُ الرِّجَالِ الْحَمْقَى أَنّهُ لا خَطَرَ مِنْهُ ، فَكَمْ قُبِضَ عَلَى السَّائِقِ مَعْ زَوْجَةِ كَفِيلِهِ أَوْ بِنْتِهِ ! وَاسْمَحُوا لِي بِهَذَا التَّصْرِيحِ فَإِنَّ الأَمْرَ جَلَلٌ وَالْمَرَضُ نَزَلَ !
وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ مَفَاسِدُ مِنَ السَّائِقِ غَيْرِ الْمَكْفُولِ ، مِنْ أَصْحَابِ الْمَشَاوِيرِ الْخَاصَّةِ ، فَقُرْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ خَطَرٌ وَضَرَرٌ ، وَالْخُلْوَةُ بِهَا طَرِيقُ الزِّنَا ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال (لاَ يَخْلُوَنَّ أحدُكُمْ بِامْرأةٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَم) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ يَعْتَقُدُ أَنَّ أَهْلَهُ مَعْصُومُونَ وَأَنَّهُ بِاسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَلْعَبَ بِبَنَاتِ النَّاسِ وَهُوَ فِي مَأْمَنٍ ، وَمَا عَرَفَ الْمِسْكِينُ أَنَ الزِّنَا دَيْنٌ وَأَنَّ قَضَاءَهُ مِنْ ظَهْرِهِ قَرِيبَاً فِي زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ أَوْ أُخْتِهِ بَلْ رُبَّمَا أُمُّهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ ***كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ
مَنْ يَزْنِ فِي بَيْتٍ بِأَلْفِيْ دِرْهَمٍ *** فِي بَيْتِهِ يُزْنَى بِغَيْرِ الدِّرْهَمِ
فَاتَّقِ اللهَ أَيُّهَا الشَّابُّ وَخَفْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ , فَقَدْ تُقْبَضُ رُوحُكَ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ , فَتُبْ إِلَى اللهِ الآنَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ , وَاقْطَعْ عِلَاقَاتِكَ مَعَ الفَاجِرَاتِ , وَاحْذَرْ مِنْ بَطْشِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات .
وَأَخِيرَاً : فَإِنَّ الْحَلَّ لِهَذِهِ الْمُعْضَلِةِ ، وَالْمَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ مَا يَلِي :
(أَوَّلاً) أَنْ تَحْفَظَ نَفْسَكَ أَنْتَ أَوَّلاً وَتَتَّقِيَ اللهَ الذِي خَلَقَكَ مِنَ الْعَدَمِ وَيَرَاكَ وَأَنْتَ فِي الظُّلَمِ ، وَيَعْلَمُ سِرَّكَ وَعَلَانِيَتَكَ ، فَاحْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ . ثُمَّ عَلَيْكَ بالدُّعَاءُ أَنْ يَحْفَظَكَ اللهُ فِي دِينِكَ وَأَهْلِكِ وَعِرْضِكَ .
(ثَانِيَاً) أَنْ نَحْرِصَ عَلَى تَعْلِيمِ أَهْلِنَا الدِّينَ وَأَنْ يُقِيمُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَتَكُونُ بُيُوتُنَا بُيُوتَ طَاعَةٍ تُقَامُ فِيهَا الصَّلَاةُ وُيُقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنُ وَيُعَظَّمُ فِيهَا الرَّحْمَنُ .
(ثَالِثَاً) أَنْ نُرَاقِبَ أَهْلَنَا مُرَاقَبَةً يَعْلَمُونَهَا بُدُونِ تَجَسُّسٍ ، فَلَا نَتْرُكُ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ وَنُعْطِي الْفَتَاةَ الثِّقَةَ الزَّائِدَةَ ، بَلْ نَقُولُ لَهَا : الشَّرُّ كَثِيرٌ فَلا تَنْزِلِي لِلسُّوقِ وَحْدَكَ بَلْ لابُدَّ مِنْ مَحْرَمٍ مَعَكِ أَوْ عَلَى الأَقَلِّ مَعَ أَمِّكِ ، وَالْمَرْأَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَنْزِلَ مَعَهَا لِلسُّوقِ لِيَقْضِيَ حَاجَاتِهَا ، وَهَذَا حَقٌ عَلَيْهِ ثُمَّ هُوَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ عِرْضِهِ وَأَهْلِهِ .
(رَابِعَاً) مُتَابَعَةُ الْبَنَاتِ فِي الْمَدَارِسِ وَفِي الْجَامِعَاتِ وَتَتَكَرَّرُ زِيَارَةُ الْأُمِّ لِشُؤُونِ الطَّالِبَاتِ ، بَلْ حَتَّى الأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الرِّجَالِ يُتَابِعُ مَوْضُوعَ الْحُضُورِ وَالانْصِرَافِ . ثُمَّ لْيُحَدَّ جِدَّاً مِنْ خُرُوجِ النِّسَاءِ مَعَ السَّائِقِ سَوَاءً كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ خَارِجِهِ فَالرَّجُلُ وَاحِدٌ مِنْ أَيْ جِنْسِيَّةٍ .
(خَامِسَاً)
(1) صاحب الفضيلة خطيب الجمعة :
هذا الموضوع من مواضيع الساعة وقد تركت والله أمورا وحقائق لا يحسن بثها يدمى لها القلب , فإياك وترك الخطابة فيه سواء بخطبتي أو غيرها , فالأمر جلل .
وإن لم تعرف أهمية الموضوع فقم بزيارة لأقرب مركز هيئة واسمع ما يهتز له الوجدان ويتقطع له القلب مما يحصل من الطوام !
والله لقد حدثني بالأمس القريب أحد أعضاء هيئة في الرياض , يقول عن بعض الإحصائيات : إننا قبضنا فيما بين الأول من ذي الحجة إلى التاسع على 18 فتاة , هذا في مركز واحد والرياض فيها ما يقارب 40 مركزا .
فالله ألله أخي الحبيب , الق الخطبة بحماس وقوة لعل الناس أن ينتبهوا من الغفلة التي رانت على القلوب , سدد الله خطاك ونفع بك .
المرفقات
وهَكَذَا تُنْتَهِكُ الأَعْرَاض 28 مُحَرَّم 1436هـ.doc
وهَكَذَا تُنْتَهِكُ الأَعْرَاض 28 مُحَرَّم 1436هـ.doc
المشاهدات 3249 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
أبو اليسر
خطبة موفقة ومختصرة ومؤثرة
تعديل التعليق