وماذا بعد رمضان ..

عبدالله محمد الطوالة
1435/10/04 - 2014/07/31 14:52PM
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .
فاتّقوا الله رحِمكم الله، فاللّبيب من تفكّر في مآله، والحازمُ من تزوّد لارتِحاله، والعاقلُ من جدّ في صالح أعمالِه، نظر في المصِير فجانَب التّقصير، تفكر في ذل المقام فاجتنَب الحرام .. خُذوا يا عباد الله بالأحزم مِن أموركم .. فأمامَكم يومٌ لا ينفع فيه رب ارجعون ، ولا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ .. إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ..
أيها المسلمون، من صفا مع الله صافاه، ومن أوى إلى الله آواه، ومن فوّض إليه أمرَه كفاه، ومن باع نفسَه من الله اشتراه، وجعل ثمنَه جنتَه ورضاه. وعدٌ من الله صادق، وعهدٌ منه سابق، ومن أوفى بعهده من الله؟! {إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * ٱلتَّٰئِبُونَ ٱلْعَٰبِدُونَ ٱلْحَٰمِدُونَ ٱلسَّٰئِحُونَ ٱلركِعُونَ ٱلسَّٰجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ}
أحبتي في الله :كم كان جميلاً ورائعاً حين كنا ننظر لتلك الوجوه النيرة المتوضئة وهي تنطلق إلى المساجد لتشهد صلاة العشاء ومن بعدها صلاة التراويح! .. وأجمل منها حين ينطلقون في غلس الليل ليصلوا ما كتب الله لهم من صلاة القيام والتهجد .. وأجمل من ذلك كلهِ حينما تُذْرَفُ تلك الدمعات الحارة .. خشية من عقاب الله ورجاءً في رحمة الله! ما أجمل تلك الأجواء الإيمانية! العبقة بلذيذ الدعاء والمناجاة ، المليئة بالإنابة والإخبات لله رب العالمين!
أيها المسلمون، لقد رحل شهر الطاعات بأعمالكم، وخُتم فيه على أفعالكم وأقوالكم، والشهورَ واللياليَ والأعوام مقاديرُ للآجال ومواقيتُ للأعمال، تنقضي حثيثًا وتمضي جميعًا، والموت ميعاد مؤجل لا يؤخّر من حضرت ساعته ، والأيام خزائن حافظةٌ للأعمال {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا} ، ينادي ربكم: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه)) رواه مسلم ... فما أجملَ الطاعة تعقبها الطاعات، وما أبهى الحسنة تُجمع إليها الحسنات، وأكرِم بأعمال البر مترادفات متعاقبات .. حلقات في إثر حلقات ، تلك هي الباقيات الصالحات التي ندب الله إليها ورغَّب فيها .. ثم عليكم أن تكونوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، فالله لا يتقبل إلا من المتقين ..
ومن عزم على العودة إلى التفريط والتقصير بعد رمضان فالله حيّ لا يفنيه تداولُ الأزمان ، وهو يرضى عمن أطاعه في أي زمان، ويغضب على من عصاه في أي وقت كان، وفي مداومة المسلم على الطاعة بعد مواسم الخير المضاعفة دليل التوفيق وخيركم من طال عمره وحسن عمله .. ولئن كان رمضان قد ودعنا فإن الأعمال الصالحة لا تتوقف برحيله ، وإنما رمضان مدرسة ، فمن ذاق حلاوة الصيام في رمضان فليعلم أن الباب مفتوح للمواصلة بعد رمضان ، فقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام ست أيام من شوال وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عرفة، ويوم عاشوراء , وسَنَّ لنا صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ./. وكذلك يا عباد الله من استشعر حلاوة المناجاة في صلاته وسجوده في رمضان وأبصر الأثر الجميل في الدعاء والإلحاح على الله تعالى .. فليعلم العبد أن ربه تعالى قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، بل ويناديه في كل وقت: (ادعوني أستجب لكم)، بل جاء في الحديث الصحيح ((ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم))، فقال رجل من القوم: إذا نكثر؟ قال: ((الله أكثر)) .. وكذلك يا عباد الله من تعطر فمه بتلاوة كلام ربه وأمضى الساعات الطويلة خلال رمضان يتلو كتاب الله .. فليكن له ورد يومي من القرآن الكريم، فقد كان هذا هو هدي السلف رحمهم الله {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـٰرَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}
وكذلك من حافظ على صلاة التراويح والقيام طوال رمضان فليواصل ولو بثلاث ركعات ، فالحق تبارك وتعالى يقول:{وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} ، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول:((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن)) ..
وفي بذل المال أجر وطهر وسعة في الرزق ووعد من الكريم سبحانه بالخلف، فلنستمر في هذا العمل الجليل ولو بالقليل؟! ، يكفي في ذلك قوله تعالى: {وَأَقْرِضُواُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} وفي الحديث "اتقوا النار ولو بشق تمرة" .
معاشر المسلمين، لقد كان للجد في رمضان رونقاً جميلاً ، وطابعاً بهياً ، استطعمت النفوس حلاوة القرآن, وتلذذت بحسن القيام، وانشرحت بصنوف الخيرات والطاعات . كم من نفوس تعلمت وتربت، ؛ و كم من همم سمت و علت ، وكم من عزائم اشتعلت، فاهتزت وربت .. ثم أينعت وأثمرت ، فأنبتت من كل زوج بهيج. وليعلم ذوو الألباب والحجى أن المسارعة في الطاعات والمسابقة في الخيرات ليست مقصورة على مواسم وأزمنة معينة , بل هي عامة لجميع حياة العبد، وإنما خصت بعض المواسم بمزيد فضل!! رحمةً من الله ومنحة .. ليستكثر العبد من الخيرات، وليتدارك بعض ما فاته وفرط فيه أيام الغفلة ..
وإن المحاسن التي جنتها النفوس المسلمة في رمضان ينبغي أن تكون طريقاً للزيادة ومضاعفة الجهد والعمل ، لا أن تكون مدعاة للتقاعس والكسل ، ففترة رمضان كانت تربية إيمانية على الخير وفضائل الأعمال، ذاق حلاوتها أهلها الذين لا يحبون زوالها ولا ضياعها، وهذا مما يجعلهم يعقدون العزم على تثبيتها وترسيخها حتى تستحكم في قلوبهم وتمتزج بدماءهم، فهي زادهم وغذاؤهم وأنسهم وسعادتهم.
ولئن كان رمضان يا عباد الله مدرسةً رائعة للسموّ الروحيّ والكمال النفسيّ والإصلاح الخُلُقيّ، فليس عجبًا إذًا أن يُدعى المؤمنُ إلى الحرصِ على استمرار السّير على طريق رمضان ، ومواصَلَة الخُطَى على نهجِ الخير الذي سمت به ومسلك الرشدِ الذي ارتقت به النفوسُ في هذا الموسم العظيمِ؛ حفاظًا على هذه المكاسبِ العظيمة الكريمة، وحَذَرًا من النكوص على الأعقاب بالعودة إلى طاعة الشيطان واتِّباع خطواته بعدما ذاقت لذّةَ القرب في طاعة الرحمن والاستقامة على أمره، وهل يصحُّ لمن أصبح حرًّا بعتقِ الله له من النار هل يصحّ له أن يعودَ طوعًا إلى رقِّ الخطايا وعبودية الأوزار؟! .. وحق للمؤمن أن يتساءل : أين أثر رمضان بعد انقضائه إذا هُجر القرآن، وتُركت الصلاة مع الجماعة، وانتُهكت المحرمات؟! .. أين أثر الطاعة إذا أُكل الربا، وأُخذ أموال الناس بالباطل؟! .. أين أثر الصيام إذا أُعرض عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .. أين أثر الصيام والقيام إذا تحايل المسلم في معاملاته ، وكذب في أقواله وأفعاله ؟!
ولنتأمل كلام ابن القيم رحمه الله إذ يقول: "فبين العمل والقلب مسافة، في تلك المسافة قطاعٌ تمنع وصول العمل إلى القلب، فيكون الرجل كثير العمل، وما وصل منه إلى قلبه محبّة ولا خوف ولا رجاء ولا زهد في الدنيا ولا رغبة في الآخرة، ولا نور يفرق به بين أولياء الله وأعدائه، فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق ورأى الحق والباطل" انتهى كلامه رحمه الله.
يا أهل الطاعة، إن اللهُ لا يريد من سائر عباداتنا الحركات والجهد والمشقة، بل يطلب منا سبحانه ما وراء ذلك من التقوى والخشية له، قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، وقال تعالى: {لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ} .
لقد غرس رمضان في نفوسنا خيراً عظيماً، صقل القلوب، أيقظ الضمائر، طهّر النفوس، ومن استفاد من رمضان فإن حاله بعد رمضان خير له من حاله قبله، ومن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها، فاجعل أخيّ من نسمات رمضان المشرقة مفتاح خير لسائر العام، ومنهج حياة في كل الأحوال، احرص على بر الوالدين، وصلة الجيران، وزيارة الإخوان، وإصلاح ذات البين، ساعد المحتاجين، وأطعم المحرومين، تلذذ بمسح رأس اليتيم ، ساهم في زرع البسمة على شفاه الآخرين، صل رحمك، كن نبعاً متدفقاً بالخير كما كنت في رمضان.
لقد تعلمنا في مدرسة رمضان أنجع الدروس وأبلغ المواعظ، تعلّمنا كيف نقاوم نزغات الشيطان، تعلمنا كيف نقاوم هوى النفس الأمارة بالسوء، تعلمنا كيف ننبذ الخلاف وأسباب الفرقة. لقد تراصَّت الصفوف في رمضان كالسجد الواحد، فينبغي أن لا تتناثر بعد رمضان، لقد سكبت العيون الدموع في رمضان، فلنحذر أن يصيبها القحط والجفاف بعد رمضان، لقد اهتزت جنبات المساجد، ولهجت الألسن بالتهليل والتحميد والدعاء، فليدم هذا الجلال والجمال بعد رمضان، لقد علا محياك في رمضان سمت الصالحين، ذلٌّ وخضوع، إخباتٌ وسكينة، وقارٌ وخشية، فلا تمحه بعد رمضان بأخلاق الزهو والكبر والبطر والسفه، والبعد عن مضان الخير .. لقد امتدت يداك في رمضان بالعطاء، وأنفقت بسخاء، فلا تقبضها بعد رمضان. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} . بارك الله ..
الحمد لله وكفى ..
أما بعد: فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى، وتفكروا في سرعة مرور الأيام والليالي، وتذكروا بذلكم قرب انتقالكم من هذه الدنيا فتزدوا بصالح الأعمال، حلّ بنا شهر رمضان المبارك بخيراته وبركاته ونفحاته، ثم انتهى وارتحل سريعاً شاهداً عند ربه لمن عرف قدره واستفاد من خيره بمضاعفة الأعمال الصالحة وشاهداً على من أضاعه وفرط فيه بالغفلة والإساءة.
فيأيها الإخوة: إنّ في وصلِ البرِّ بالبِرّ وإتباع الخير بالخيرِ والحسَنَة بالحسنة آيةً بيِّنةً على حُسنِ وعيٍ وصِحّة فهمٍ وكمال توفيقٍ، حظِي به المتّقون من عباد الرحمن، والصَّفوة من عباد الله والأفذاذِ من أولي الألبابِ، الذين يرونَ في استدامةِ أمدِ الطاعةِ، وفي امتداد زمانها نعيمًا لا يعدله في الدنيا نعيمٌ وتوفيق لا يماثله توفيق؛ ذلك أنّهم يستيقنون أنّ الطاعةَ ليس لها زمنٌ محدود تنتهي بانتهائه، وأنّ العبادةَ ليس لها أجل معيَّنٌ تنقضي بانقضائه، بل هي حقُّ الله على العباد يعمُرون به الأوقاتَ ويستغرقون فيه الأزمانَ؛ رغبةً في الظفَر بموعود الله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ}
وتأسّيًا بهدي خير العبادِ صلوات الله وسلامه عليه الذي كان عملُه ديمةً ، كما أخبرت بذلك أمّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه وغيره: ((أحبُّ الأعمال إلى الله تعالى أَدوَمُها وإن قلَّ)) .. ولقد شرع لكم تعالى عقب رمضان قربه حميدة وسنة مباركة، فيها أجر عظيم وخير عميم؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)).
ولا فرق بين صيامها متتابعة أو متفرقة، لكن لا بد أن تكون بعد أن يقضي المسلم أو المسلمة ما أفطره من رمضان؛ لأن المفطر من رمضان لا يصدق عليه صيام رمضان حتى يتمّه ويكمله، لينال أجر صيام الدهر ..
فاتقوا الله عبادالله: عَرَفتُم فَالزَمُوا، وَبَدَأتُم فَاستَمِرُّوا، وَوُفِّقتُم فلا تَنكُصُوا، ذُقتُم حلاوةَ الإيمانِ وعرفتُم طَعمَه، صُمتُم وقُمتُم وصَلَّيتُم، ورتلتم القرآن ترتيلا .. فَالزَمُوا هذا الطريقَ المُنيرَ، واستَمِرُّوا على هذا الصراطِ المستقيمِ، قال صلى اللهُ عليه وسلم: "يا أيها الناسُ: أكلفوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون؛ فإن اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأعمالِ إلى اللهِ أدومها وَإِنْ قَلَّ". واستعينوا بالله فتلك وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "يا مُعاذُ: وَاللهِ إني لأُحِبُّكَ، فلا تَدَعَنَّ دُبَرَ كُلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللهم أَعِنِّي على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادَتِكَ"، واسألو الله الثَّبَاتَ على طاعتِهِ، واكلَفُوا مِنَ العِبادةِ ما تقدروا ، والقَصدَ القَصدَ تَبلغُوا، واصبروا ورابطوا تفلحوا ، وجاهدوا أَنفُسَكم تهتدوا، فهو سبحانَه القائلُ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} وهو القائل جل جلاله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} اسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلني وإياكم ومن نحب من المجاهدين الصابرين المحظوظين .. صلوا عباد الله ..
المشاهدات 2144 | التعليقات 2

للعلم والأمانة .. أكثره منقول وفيه شي من التصرف ..
أسأل الله أن ينفع به ..


جزاك الله خيرا