ولَيالٍ عَشْرٍٍ + توجيهٌ للحجاجِ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1445/11/27 - 2024/06/04 10:16AM

4
وليال عشر + توجيه للحجاج ( راشد البداح – الزلفي ) 1 ذو الحجة 1445هـ.
الحمدُ للهِ نحمدُه وقدْ أعطانَا وكفانَا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، شهادةً نرجوْ بها فوزًا ورضوانًا، وأشهدُ أنَّ نبيَنا محمداً عبدُه ورسولُه، الذيْ لكلِ خيرٍ دعانَا، وما مِنْ شرٍ إلا عنهُ نَهاناَ، صلى اللهُ وسلَّمَ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبِهِ الذينَ كانوا على الخيرِ أعوانًا. أما بعدُ:

فاتقُوا اللهَ في أشهُرِكُمُ الحُرُمِ ﵟفَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡﵞﵝالتَّوۡبَةﵖﵓﵜ

وتخيَّلُوا لو أن رجلاً تاجرًا يطلبُكَ مبلغًا ضخمًا، ولكنكَ عجزتَ عن سدادِهِ، فقالَ لكَ التاجرُ: إن كنتَ تريدُ أنْ أُسقِطَ عنكَ الدَينَ كاملاً فتفضلْعندي على وليمةِ عشاءٍ. فهل يُعقلُ أن يبلغَ الكرمُ بإنسانٍ كهذا؟!

هذا المثالُ الرمزيُ يقرِّبُ لنا حالِنا مع كرمِ ربِنا وجودِهِ، حينَ تأتيْنا مواسمُ مضاعفةِ الحسناتِ: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} فالْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ بِاِنْتِهَازِ أفضَلِ أيَّامِ السَنَةِ، وَالْعَجَلَ الْعَجَلَ قَبْلَ هُجُومِ الْأَجَلِ.وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ".

فإنْ قلتَ: أيُ الأعمالِ أرجَى في عشرِ ذي الحِجَّةِ؟

فيُقالُ: أرجاهَا المحافظةُ على الصلواتِ المفروضاتِ بالمساجدِ، لاسيَما صلاتَي الظهرِ والعصرِ، فيا عجبًا لمنْ يَحرِصُ على السننِ، وقد ضيّعَالواجباتِ!.

وهنيئًا للمبكرينَ لصلاةِ الجمعةِ، فإن جمُعَتَنا هذه والتي تليها أفضلُمن مجموعِ الجُمعاتِ الماضياتِ، ولنستدرِكْ المكثَ عصرَ اليومِ بالمسجدِندعوْ ونطيلُ.

ومِن أعظمِ الأعمالِ المضاعَفةِ في العشرِ المباركةِ الإكثارُ من ذكرِ اللهِبالتسبيحِ والتهليلِ والتحميدِ والتكبيرِ، فالذكرُ شعارُ العشرِ.

وإن أمامَك اثنا عشرَ يومًا بمثابةِ الدورةِ التدريبيةِ للتعوُدِ على الذكرِبعدَها. فاجهَروا بِالتَّكْبيرِ فِي مَجَامِعِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ وَمَجَالِسِكُمْوأسواقِكُم؛ فالجهرُ به تذكيرٌ وتنبيهٌ، وإحياءٌ للسُنةِ وإشهارٌ للعبادةِ. وتنالُبه ما قَالَ اللَّهُ –تَعَالَى-: وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ(). متفقٌ عليهِ.

واقتدُوا بأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- اللذَينِ يَخْرُجَانِ أَيَّامَ الْعَشْرِ إِلَى السُّوقِ، [موطنِ الغفلةِ] فَيُكَبِّرَانِ، فَيُكَبِّرُ النَّاسُ مَعَهُمَا، لَا يَأْتِيَانِ السُّوقَ إِلَّا لِذَلِكَ)(). قالَ مَيمونُ بنُ مِهْرانَ: أدرَكْتُ الناسَ، وإنَّهمْلَيُكبِّرونَ في العَشْرِ، حتَّى كنتُ أشبِّهُهُ بالأمواجِ مِن كَثْرَتِها!().  

ومما يُشرعُ في العشرِ: استحبابُ صيامِ تسعةِ أيامٍ، فإن ضَعُفتَفيومًا ويومًا، والصيامُ يُعينُك على قلةِ الخروجِ والولوجِ، فإذا صاحَبَه كثرةُ مُكثٍ بالمسجدِ كان خيرًا على خيرٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ وَاِبْنِ سِيْرِيْنَ وَقَتَادَةَ أَنَّ صِيَامَ يَوْمٍ مِنَ الْعَشْرِ يَعْدِلُ سَنَةً().

أيُها المسارِعُ للخيراتِ: لا تقُلْ يا أسَفا فاتَني الحجُ! فثَمَّتَ حَجَّاتٌيَوْمِيَّةٌ تَنَالُها بعملَينِ صالحَينِ بِلا سَفَرٍ ولا تَكْلُفَةٍ! فيَا ربَنا مَا أربحَالتِّجارَةَ مَعَكَ!

العملُ الأولُ: استفتِحْ صَبَاحَاتِكَ بِحَجَّةٍ وبعُمرةٍ وأنتَ عندَ بيتِكَ! قالَ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ(). حسَّنَهُ سبْعَةُ عُلَماءَ: التِّرمذِيُّ والمُنذِريُّ والنَّوَوِيُّ والعِراقيُّ والشَّوكانيُّ والألبانيُّ وابنُ بازٍ. فصَلِّ ركْعَتَيْنِ بَعْدَ الشُّرُوقِ بِرُبُعِ سَاعَةٍ؛ تَنَلْ هذا الفَضْلَ. ومَاذَا عَنِ الْمَرْأَةِ؟! قَالَ الْعُلَمَاءُ:الْحَديثَ يَشْمَلُهَا لَوْ صَلَّتْ بمصلاها. فمَا أكْرَمَكَ يَا اللهُ! {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

العملُ الآخَرُ الذي يُعادِلُ الحجَ، بلْ تُحصِّلُ بِهِ أجرَ خَمْسِ حَجَّاتٍ يومِيَّةٍ! فقدْ قالْ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ. ما العَلاقَةُ؟! لكونِ التطهرِللصلاةِ بمثابةِ الإحرامِ للحجِ().

فَلَوْ تطهَّرْتَ مِنْ بَيْتِكَ، ومَشَيْتَ للْمَسْجِدِ جَمِيعَ الصَلَوَاتِ، وحافظتَ معها على سُنةِ الضُحَى يوميًا، فسَتَحْصُلُ في العشرِ على خمسينَ حَجَّةًوزيادةً! فأيُّ فضلٍ كهذا الفضلِ؟!

ألا وإن عملاً فاضلاً يجمعُ لكَ ذلكَ كلَه، ألا وهوَ كثرةُ المكثِ بالمسجدِوالترددِ عليهِ. ويكفيْ الماكثينَ بالمساجدَ حديثٌ حسنهُ البزارُ والإشبيليُ والمنذريُّ: أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- ضَمِنَ لِمَنْ كَانَتِ الْمَسَاجِدُ بَيْتَهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّحْمَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ وَالْجَنَّةِ().

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على خيرِ نبيٍ مصطفَى، أما بعدُ:

فأما أنتمْ أيُها الحُجاجُ الكرامُ الوافدُون لبيتِ اللهِ: فإنكم ضيوفُه، فأَقبِلُوا إليه بقلوبِكم قبلَ أبدانِكم، وأقيمُوا حدودَه في مشاعرِه وعظمُوا شعائرَه: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج32].

وكذلكَ استعِدُوا لحجِكم بحوائجِكم، واتبِعُوا التوجيهاتِ التي تحفظُأبدانَكم من الضررِ أو المرضِ –عافانا اللهُ وإياهمُ- ومن توجيهاتِ وزارةِالصحةِ للحجاجِ: الحرصُ على النظافةِ، والتوقيْ من ضرباتِ الشمسِ، باصطحابِ المِظلةِ الشمسيةِ، وبقلةِ التعرضِ للإجهادِ الحراريِ، وكثرةِ شربِ الماءِ، وبارتداءِ الكمامةِ، وتجنبِ الزحامِ والتدافُعِ وتسلقِ المرتفعاتِ.

• فاللهم احفظِ الحجاجَ واقبَلْ منا ومنهمْ.
• اللهم وَفِّقْ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ بِتَوْفِيقِكَ، واجزهِم خيراً على خدمةِ الحرمينِ وتوفيرِ التسهيلاتِ للحجاجِ والمعتمرينَ، ووفِقْ منظمِي الحجِ.وَاحْفَظْ أبْطَالَ الْحُدُودِ.
• اللهم أدِمْ لبلادِنا المباركةِ أمنَها وإيمانَها وسائرَ بلادِ المسلمينَ.
• اللهمَ أعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِكَ.
• اللهمَّ أقبِلْ بقلوبِنا في هذهِ العشرِ على طاعتِكَ.
• ‏ اللهمَّ بلِّغْنَا عرفتنا وعيدَنا الثَّانِيَ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مقبولِينَ.
• اللَّهُمَّ يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ ارزقنا جميعًا الفردوسَ بعد عمُر طويلٍ على عملٍ صالحٍ.
• اللهم صلِ وسلِمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1717485412_‎⁨وليال عشر توجيه للحجاج⁩.docx

1717485412_‎⁨وليال عشر توجيه للحجاج⁩.pdf

المشاهدات 662 | التعليقات 0