ولما رأى المؤمنون الأحزاب
الشيخ نواف بن معيض الحارثي
"ولما رأى المؤمنون الأحزاب"
الخطبة الأولى
الحمدُ للـهِ مُسبغِ النّعَمِ، دافعِ النّقَمِ، أجاب عبدَه إذ ناداهُ في الظُّلَم، ووعدَ بالنصرِ من التزمَ صراطَهُ الأقوَمَ، وأشهدُ أنَّ لا إله إلا اللـهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبْدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آله وأزواجِه وذريَّتِه وصحابتِه ومَن تبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ. أما بعد: فأوصيكم...فتقوى اللـهِ نورُ البصائرِ، وبها تحيا القلوبُ والضمائرُ.
عن البراءِ بنِ عازبٍ tقال: لما أَمرنا رسولُ اللـهِ r بحَفْرِ الخَنْدَقِ عَرَضَتْ لنا في بعضِ الخَنْدَقِ صخرةٌ لا تأخذُ فيها المَعَاوِلُ، فاشتَكَيْنا ذلك إلى النبيِّ r فجاء فأخذ المِعْوَلَ فقال: بسمِ اللهِ، فضربَ ضربةً فكسرَ ثُلُثَها، وقال : اللـهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللـهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ، فقال: اللـهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللـهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضربَ الثالثةَ وقال : بسمِ اللـهِ، فقطعَ بَقِيَّةَ الحَجَرِ، فقال : اللـهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللـهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ . النسائيُ وغيرُه .
أيها المسلمون: اصطفى اللـهُ لعبادِه دينًا قويمًا، ووعدَ بإظهارِه ونصرِ عبادِه، وزُهوقِ الباطلِ وأعوانِه، وسيرةُ النبيِّ r زاخرةٌ بالحِكَمِ والعِظاتِ، مليئةٌ بالمِحَن ِوالابتلاءاتِ، ولا مناصَ من علمِ سيرةِ النبيِّ r في شدائدِه.
واللـهُ قصَّ في كتابِه غزوةً سُمِّيتْ سورةٌ باسمِها، وأمرَ المؤمنينَ أن يتذكَّروا نعمةَ اللـهِ عليهم فيها في كلِّ حينٍ، فقال سبحانَه في مطلعِها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ).
وكانَ النبيُّ r إذا رقِيَ الصفا قال: "لا إله إلا اللـهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٍ، لا إله إلا اللـهُ وحدَه، أنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحدَه". م.
عباد الله : لقد كانت غزوةُ الأحزابِ غَزوةً عصيبةً مُخيفةً، في ليالٍ شاتيةٍ من السنةِ الخامسةِ من الهجرةِ، حرَّضَ يهودُ بني النضيرِ في خيبرَ كفارَ قريشٍ في مكةَ على قتالِ النبيِّ r، ووعدُوهم النصرَ والإعانةَ، فتحزَّبُوا وانضمَّ إليهم غطَفَانُ وغيرُها . فلما سمِعَ النبيُّ r بمسيرِهِم أمرَ المُسلمينَ بحفرِ خندقٍ حولَ المدينةِ، فامتثَلُوا أمرَه، وحفَروا ونقلُوا الترابَ على ظهورِهم، وهم في حالِ نصَبٍ وبردٍ وجوعٍ.
عن سهلِ t قال : كُنَّا مع رَسولِ اللَّـهِ r في الخَنْدَقِ، وهُمْ يَحْفِرُونَ ونَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ علَى أَكْتَافِنَا، فَقَالَ رَسولُ اللَّـهِ r اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ .خ. م .
وكان r ينقلُ معهم الترابَ، قال البراءُ t:"رأيتُ النبيَّ r ينقلُ من ترابِ الخندقِ حتى وارَى عنِّي الغُبارُ جِلدةَ بطنِه". خ.
وأتمُّوا حفرَ الخندقِ في نصفِ شهرٍ، وأصابَ الناسَ جوعٌ شديدٌ. وصفَ جابرٌ t ذلك الحالَ بقولِه :"عرضَت كُدْيَةٌ شديدةٌ ، فجاؤوا النبيَّ r فقالوا: هذه كُدْيَةٌ عرَضَت في الخندقِ، فقال:"أنا نازِل". ثم قامَ وبطنُه معصوبٌ بحجرٍ-أي: من الجوعِ. قال:"ولبِثنا ثلاثةَ أيامٍ لا نَذوقُ ذَوَاقًا".خ
وذهبَ جابرٌ t إلى امرأتِه فقالَ: رأيتُ بالنبيِّ r شيئًا ما كانَ في ذلك صبرٌ فذبحَ شاةً ،وطحنَ صاعًا من شعيرٍ، ودعا النبيَّ r ليأكُلَ، فأتَى النبيُّ r وبَصَقَ في البُرمَةِ ، وبصَقَ في العَجينِ، فباركَ اللـهِ في الطعامِ،
فأكلَ منه ألفُ رجلٍ. قال الراوي: "فأُقسِمُ باللـهِ! لقد أكَلوا حتى ترَكُوُه وانحرَفوا، وإن بُرمتَنا لَتَغِطُّ كما هي، وإن عجِينَنا ليُخبَزُ كما هو". خ. وكان r "يكسِرُ لإصحابِه الخُبزَ ويجعلُ عليه اللَّحمَ ويُقرِّبُه إليهم. فلم يزَلْ يكسِرُ الخُبزَ ويغرِفُ لهم حتى شبِعوا". خ.
عباد الله: أقبلَت الأحزابُ من يهودٍ ومُشركينَ من كلِّ صوبٍ وحدبٍ إلى المدينةِ في عشْرةِ آلافِ مُقاتلٍ (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)
وخرجَ رسولُ اللـهِ r في ثلاثةِ آلافٍ من المُسلمين، والخندقُ بينهم وبين المُشرِكين، وحاصَروا المُسلمينَ شهرًا، ولم يكن بينهم قتالٌ وإنما تراشُقٌ بالنِّبالِ، وقُتِلَ في هذا الرمْيِ ثلاثةٌ من المُشرِكينَ، واستُشهِدَ ستَّةٌ من المُسلمينَ، منهم: سعدُ بنُ معاذٍ t .
ومع حِصار الأحزابِ للمدينةِ استعانَ كُفَّارُ قريشٍ بيهودِ بني قُريظةَ، وكانوا في جنوبِ المدينةِ الشرقيِّ. فنقَضَوا العهدَ مع النبيِّ r، وكانوا مع الأحزابِ على حربِه r فضاقَ الخَطْبُ، واشتدَّ الحالُ، وظهرَ الخوفُ مع الجُوعِ والبَرْد (وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْـحَنَاجِرَ) .
وعظُم البلاءُ، وظهر النفاقُ، وساءَت الظُّنُون (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْـمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ). قال حُذيفةُ t "قال النبيُّ r: "ألا رجُلٌ يأتيني بخبَر القومِ جعلَه اللـهُ معي يومَ القيامةِ !". قال: فسكَتنا فلم يُجِبْه منَّا أحدٌ. وكرر ذلكَ مراراً ، قال حذيفةُ: فسكَتنا فلم يُجِبْه منَّا أحدٌ من أجلِ الخوفِ والجوعِ والبَرْدِ، فقال: "قُم يا حُذيفةُ، فائتِنا بخبرِ القومِ". قال: "فلم أجِد بُدًّا إذ دعاني باسمِي أن أقوم". م.
وانقطَعَت الأسبابُ الظاهرةُ للنَّصرِ، فلا عدَدَ ولا عُدَّة، والعدوُّ بقدرِ المُسلمِين مرَّاتٍ مُتعدِّدةٍ، ومُحيطٌ بهم من كلِّ جانبٍ.
قال شيخُ الإسلام "تحزَّبَ على المُسلمينَ عامَّةُ المُشرِكينَ الذين حولَهم، وجاؤوا بمجموعِهم إلى المدينةِ ليستأصِلوا المُؤمنينَ، وكان عَدُوًّا شديدَ العداوةِ لو تمكَّن من المُؤمنينَ لكانت نِكايتُه فيهم أعظمَ النِّكاياتِ".
ورسولُ اللـهِ r يُصبِّرُ الصحابةَ ويُبشِّرُهم ويعِدُهم بنصرِ اللـهِ، فقالوا: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) فثبَتَ الصحابةُ y والثباتُ نصرٌ، وتوكَّلُوا على اللـهِ وأحسَنوا الظنَّ به. قال شيخُ الإسلام: "غزوةُ الأحزابِ نصرَ اللـهُ فيها عبدَه، وأعزَّ فيها جُندَه بغيرِ قتالٍ؛ بل بثباتِ المؤمنينَ بإزاءِ عدوِّهِم".
أيها المؤمنون: لجأَ النبيُّ r إلى ربِّه وتضرَّعَ إليه مُتوسِّلاً بعلُوِّه تعالى، وقُدرتِه المُتضمِّنةِ للنَّصِر، قال عبدُ اللـهِ بنُ أبي أَوفَى t: دعا رسولُ اللـهُ r على الأحزابِ فقال: "اللهم مُنزِلَ الكتابِ، سريعَ الحسابِ، اهزِمِ الأحزابَ، اهزِمْهُم وزلزِلْـهُم". متفق عليه.
فألقَى اللـهُ الرُّعبَ في قلوبِ المُشرِكينَ، وأنزلَ نصرَه وخالفَ بين كلمةِ قُريشٍ واليهُودِ بتخذيلِ نُعيمِ بنِ مسعودٍ t بينهم، وعادُوا حانِقينَ على بعضِهم، مُضمِرينَ الكيدَ بينَهم، بعد أن كانوا مُتحزِّبين ضدَّ المُسلمينَ.
ثم عذَّبَهُم اللـهُ بريحٍ شديدةٍ بارِدةٍ، فلم يُقرَّ لهم قرارٌ، ولم تُوقَدْ لهم نارٌ، وأنزلَ اللـه ملائكةً أفزَعَتْهُم وقطَّعَت قلوبَهُم (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا) .
فتفرَّقُوا عن المدينةِ وهم بشرِّ خيبةٍ وخسرانٍ (وَرَدَّ اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّـهُ الْـمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) .
وأنزلَ اللـهِ في شأنِ هذه الغزوةِ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا) .
قال ابن كثيرٍ:"أُمِرَ الناسُ بالتأسِّي بالنبيِّ r يومَ الأحزابِ في صبرِه ومُصابَرَتِه ومُرابطَتِه ومُجاهدَتِه وانتِظارِه الفرَجَ من ربِّه". (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) . بارك الله لي ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..أما بعد: أيها المسلمون:
العِزةُ بالإسلامِ والصَّبرُ والثَّباتُ، وعَدمُ قَبولِ المُسَاوَماتِ والتَّنَازلاتِ، من دروسٍ هذ الغَزوةِ ، فَقَد استَشَارَ النَّبيُّ r سَعدَ بنَ مُعَاذٍ وسَعدَ بنَ عُبَادةَ سَيِّدا الأوسِ والخَزرَجِ، عَلى أن يُصالحَ غَطَفَانَ عَلى ثُلثِ ثِمَارِ المَدينةِ وَيَرجَعوا، شَفقةً بِحَالِ المُسلمينَ، فَقَالا: يَا رَسولَ اللـهِ، إنْ كَانَ اللـهُ أَمَركَ بهذا فَسمعًا وَطاعةً، وإنْ كَانَ شَيءُ تَصنعَه لَنَا فَلا حَاجةَ لَنَا فِيهِ،
قَد كُنَّا نَحنُ وَهؤلاءِ عَلى الشِّركِ وعِبادةِ الأوثانِ، لا نَعبدُ اللـهَ ولا نَعرِفُهُ، وَهُم لا يَطعَمونَ مِنَّها ثَمَرةً إلا بِيعًا أو قِرَى، أَفَحِينَ أَكرَمَنَا اللـهُ بالإسلامِ وَهَدَانا إليهِ وأَعزَّنَا بِكَ وَبِهِ نُعطِيهم أَموالَنا؟! واللـهِ مَا لَنا بهذا مِنْ حَاجةٍ، واللـهِ لا نُعطِيهم إلا السَّيفَ حَتى يَحكُمَ اللـهُ بَينَنا وبَينَهم، فَفرِحَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامِ بِما رَأى من الثَّباتِ والصُّمودِ.
عباد الله: إِنَّ مِنْ حُقُوقِ الأُخُوَّةِ فِي الدِّيْنِ وَلَوَازِمِهَا: أَنْ يَتَرَاحَمَ المسْلِمُوْنَ فِيْمَا بَيْنَهُمْ، وأَنْ يَنْصُـرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وأَنْ يُحِبَّ بَعضُهُم بَعضًا ، وَمِنْ هَذَا الشُّعُوْرِ الإِيْمَانِيِّ العَظِيْمِ اِنْطَلَقَتْ الحَمْلَةُ الشَعْبِيَّةُ المُبَارَكَةُ لِلْوُقُوفِ مَعَ الشَّعْبِ الفِلسْطِيْنِيِّ الشَّقِيْقِ فِيْ قِطَاعِ غَزَّةَ،
وَذَلِكَ عَبْرَ مِنَصَّةِ "سَاهِمَ"، وإنَّ مِنْ حَقِّ إِخْوَانِنَا فِيْ العَقِيْدِةِ والدِّيْنِ أَنْ نَشْعُرَ بِمُصَابِهِمْ، وأَنْ نَقِفَ مَعَهُمْ فِي كُرْبَتِهِمِ، وأَنْ نُقَدِّمَ لَهُمْ مَا يِمْكِنُ مِنْ اَلْـمُسَاعَدَاتِ اَلطِّبِّيَّةِ وَالْإِغَاثِيَّةِ.
وَهَذَا اَلتَّوْجِيهُ اَلْكَرِيمُ مِنْ وَلِيِّ أَمْرِنَا – وفقه اَللَّـهُ – يَأْتِي اِمْتِدَادًا لِمَوَاقِفِ بِلَادِنَا المُبَارَكَةِ تِجَاهَ الْقَضِيَّةِ الْفلَسْطِينِيَّةِ، فَاحْتَسِبُوا اَلْأَجْرَ فِي إِغَاثَةِ إِخْوَانِكُمْ؛ (ومَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ )
ومن واجبِنا كذلكَ الدُّعاءُ واستِنزَالُ النَّصرِ مِن السماءِ في الخلواتِ والجلواتِ . اللهمَّ يَا جَامعَ الشَّتاتِ، ومُخرجَ النَّباتِ، وَسَامعَ الأصواتِ مِنْ فَوقِ سَبعِ سَمواتٍ، اللهمَّ يَا مُجيبَ الدَّعواتِ، وَيَا قَاضيَ الحَاجاتِ، ويَا فَارجَ الكُرباتِ، يَا عَليماً بِحَالِنا وَحَالِ إخوانِنا في فِلسطينَ، اللهمَّ اجعَلْ لَهم مِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِن كُلِّ ضِيقٍ مَخرَجاً، اللهمَّ وَحِّدْ صُفوفَهم، وَسَدِّدْ رَميَهم، وأَعلِ كَلمتَهم، وانصرهم على عَدوكِ وَعدوِهم، اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ اليَهُودَ وَأعوَانَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، اللهمَّ شَتِّتْ شَملَهم.... ثم صلوا...
المرفقات
1700080920_ولما رأى المؤمنون الأحزاب.pdf
1700080925_ولما رأى المؤمنون الأحزاب.docx