﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾.

محمد البدر
1438/10/27 - 2017/07/21 00:59AM

الخطبــة الاولــى:

أمَّا بَعْدُ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.الأشهر الحرم أربعة وهي شهر ذي القعدة, وشهر ذي الحجة, وشهر الله المحرم, وشهر رجب.هذه الأشهر الحرم لها مزيد عناية في تجنب الظلم، سواء كان ظلماً فيما بين الإنسان وبين ربه، أو ظلم فيما بينه وبين الخلق واما أشهر الحج فهي شوال وذو القعدة وذو الحجة كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ: إن الحج من أفضل العبادات وأجل القربات وهو ركنا من أركان الاسلام فرضه الله في العمر مرة واحدة وندبهم إلى الزيادة والاستكثار بعد ذلك.

ثم نبه عباده إلى أنه إنما شرع الحج لمصلحة العباد أنفسهم فإن الله لا تنفعه طاعة طائع كما لا تضره معصية عاص ولذا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ: يقول الشيخُ ابنُ بَازٍ -رحمه اللهُ-: ( مَن قَدَرَ عَلى الحَجِّ ولم يَحُجَّ الفَرِيضَةَ وَأَخَّرَهُ لِغَيرِ عُذرٍ فَقَد أَتَى مُنكَرًا عَظِيمًا وَمَعصِيَةً كَبِيرَةً، فَالوَاجِبُ عَلَيهِ التَّوبَةُ إِلى اللهِ مِن ذَلِكَ وَالبِدارُ بِالحَجِّ ).

عِبَادَ اللَّهِ: إن الله قد فرض على عباده أن يحجوا بيته الحرام في العمر مرة واحدة فًعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِى كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ « بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

فمن توفرت فيه شروط الوجوب فعليه أن يبادر إليه ولا يؤخره من غير عذر فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِى الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِى مَا يَعْرِضُ لَهُ »  رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ - أَوْ أَحَدِهِمَا عَنِ الآخَرِ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ »رواه ابن ماجه وحسنه الالباني .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ:إِنَّ فَضلَ الحَجِّ عَظِيمٌ وَأجرُهُ كَبِيرٌ، وَهُوَ يجمَعُ بَينَ العِبَادَةِ البَدَنِيَّةِ وَالمَادِيَّةِ، وَالأَحَادِيثُ في فَضلِهِ وَعَظِيمِ أَجرِهِ وَأَثرِهِ كَثِيرَةٌ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أيُّ العملِ أفضلُ ؟ قَالَ : « إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ » قيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : «الجهادُ في سَبيلِ اللهِ » قِيلَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : « حَجٌّ مَبْرُورٌ » متفقٌ عَلَيْهِ .

وًعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ « لاَ ، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

أقول قولي هذا ....

 

الخطبــة الثانيــة :

عِبَادَ اللَّهِ: ومن أراد أن يحج نافلة فعليه أن يلتزم بالأنظمة التي وضعتها الدولة مراعاة للمصلحة العامة والحد من زيادة عدد الحجاج فإنه يترتب على ذلك المشقة والتدافع و الحوادث والذي ينتج عنه عدد من الوفيات كذلك ينتج عنه قلة الخدمات وضعفها وتدنى مستواها ويؤدي إلى عرقلة وتأخير إنجاز بعض المشاريع التي تصب في مصلحة الزوار والمعتمرين والحجاج ،فالدولة وفقها الله لم تأل جهدا ولم تدخر وسعا في تذليل كل العقبات ومن تلك التدابير إلزام المواطنين والمقيمين باستخراج التصاريح مراعاة لما فيه الصالح العام ورتبة على ذلك عقاب صارم قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.الا وصلوا ....

المشاهدات 1090 | التعليقات 0