{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} 20 / 8 /1445هـ

د عبدالعزيز التويجري
1445/08/19 - 2024/02/29 14:17PM

الخطبة الأولى {وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}            20/8/1445ه

الحمد لله الكبير المتعال، وله الشكر بالغدو والآصال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شديد المحال، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه  وسلم تسليما مزيدا. أما بعد .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

       يا أيها الإنسانُ إنكَ كادحٌ    **    إلى الله كدحا ما خلقت لتلعبا

   فإن طبتَ سعيًا تلقهُ عنك راضيا  **  وان سُؤت سعيا تلقه عنك مغْضَبا

   وحولك آفاتُ من الخلق جمةُ     **     تَنُوشُك فاحذر أن تُصاب وتعْطبا

لا فوز ولا نجاة، ولافلاح ولا نجاح، إلا بالإقبال على الله {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ..

أمش في مناكب الأرض ، وكل من رزق ربك ، وابتغ من فضله.. ما أخطأك تسلط على الخلق، وإعراض عن الخالق {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}

امش إلى الله سراعا في طاعاتك وإخباتك، ليهرول إليك في خيره ورضاه ، وليكن الله تجاهك في أمورك، ومفزعك عند ملماتك .. وإليه الحول والقوة عند ضعفك وعجزك .. لاتلتجأ لمخوق فتذل نفسك ، ولا تنس ربك فينساك.

 ومن فر من بعضِ العباد لبعضهم  **    فقد فرمن أفعى ليقربَ عقربا

   فكن هاربا منهم الى الله وحدَه     **      ولم أر غير اللهِ للمرءِ مهربا

 لا عز ولا هناء إلا بالاصغاء إلى أمر الله ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}

طاعة الله ورسوله أن تصغي بكل حواسك، وتهدي إليه بقلبك وإن خالف رغبتك وهواك " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ "

{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} لا تنشغل بمتجرك وتجارتك، ولا تلهى بتواصلٍ أو تسرح بمتابعة رياضةٍ وأنت تسمع منادي الإيمان «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ»

{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} لا تتثاقل بنومٍ وتعتذرُ بسهرٍ وأنت تسمع المآذن تخترق الفضاء «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ»

{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} فلا تسمع الحق بأذنك وتعرض عنه بقلبك، أو تنأى عنه بعملك، أو تخالفه بهواك.

 {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} لاتكونوا كالذين تقرع آذنهم آيات القرآن، ويبلغهم الحق والبيان، والنصح والرشاد فلا يسمعونه سماع تقبل وإذعان، بل سماع نفاق وإدهان ، يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.

.. إن هؤلاء شر من دب على الأرض ومشى، صمّ عن الحق لا يسمعونه، بكم عن الإيمان لا يعقلونه {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} ، فَهَم شَرُّ الْبَرِيَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ دابة مما سواهم مطيعة لله فِيمَا خَلَقَهَا، مهتدية بفطرة الله لها ، وَهَؤُلَاءِ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً . {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}.

الحق ظاهر لمن ابتغاه ، وسبيل النجاة واضح لمن سمع القرآن واهتدى بهداه ..

الحقُ ابلجُ والمنجاةُ عن كثبٍ      **     والأمرُ للهِ والعقبى لمن صلحا 

 يا ويح نفسٍ توانت عن مراشدِها  **   وطرفُها في عنان الغي قد جمحا

ترجو الخلاصَ ولم تنهج مسالكها   **     من باع رشدا بغي قلما ربحا

ولا يمكن أن ينجو المرءُ بصلاحه وعبادته وهو لأسرته وأهل بيته مضيعًا، ولتربيتهم مهملا «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ».«مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» متفق عليه

من اهتدى بهدى الله، واستعمل ما وهبه الله من مَلَكاتٍ ومواهبٍ استعمالا رشيدا، واتجه بها اتجاه خير وصلاح، كان مهتديا وفائزا حقا وصدقا {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} ومن أعرض عن ذكر ربه واستعمل ما وهبه الله من مَلَكاتٍ ومواهبٍ استعمالا سفيها، واتجه بها اتجاه شر وفسق وفساد كان ضالا وخاسرا {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي غفور رحيم

 

 

 

الخطبة الثانية ..

 الحمدلله على إحسانه والشكر له على فضله وامتنانه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وأصحابه أما بعد

من أراد محبة الله فليلزم فرائضه.. ومن أراد قربه فليلذ بجنابه، ولايضعف عن دعائه ، منافذ القربات عديدة "فاسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ .. الصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا".

   وأجدر خلق الله بالفوز مؤمن    ***   إلى الله أدى فرضه وتطوعا

هذه مقوماتُ النجاح لمن أرادها ، وبراهين الفوزِ لمن تمسك بها ، "فمَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ".

بلَّغنا الله وإياكم منازل الأبرار ، بجوار النبي المختار ، فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (*) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

 

اللهم اهدنا بهداك واجعل أعمالنا في رضاك اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا ...

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد

 

المرفقات

1709205495_{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}.docx

1709205565_{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}.pdf

المشاهدات 1110 | التعليقات 0