ولاية الرجل على المرأة بين إحكام الدين وتأويل المبطلين

احمد ابوبكر
1437/11/18 - 2016/08/21 08:18AM
[align=justify]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد :
أسمعتم هذا الضجيج .. ضجيج المطالبين بإسقاط ولاية الرجل عن المرأة ؟
أرأيتم كيف يميلون بأعناقهم، يزعم زاعمهم أن ولاية الرجل عادة ما أنزل الله بها من أثارة من علم !
ألم تسمعوا قول قائلهم - في برنامجه - وهو يتحدث مع المحامي د/ أسامة القحطاني - :( إن هذا زمن لم يعد يصلح لحكم الشريعة ! )
ثم لم يبهش إليه الدكتور بكلمة !
ولم ينفض في وجهه يده !
ولم يتمعر لكلمته وجهه !
بل جاء يجرجر ذيول الكلام يسوغ هذه البواطيل بمنكر من القول وزور ..

والآن .. فهل ولاية الرجل على المرأة شريعة مُحْكمة أم أعراف وعادات فرضها الرجال على النساء بغير بينة كما يقولون ؟

هل جاءت الأدلة بتقريرها وحفظها ؟ أم أنها مسألة اجتهادية اجتهدها علماء المسلمين في عصر من العصور وقلدهم فيها الناس ؟

دعونا ننظر في وجوه الأدلة نتصفح مآخذها وننظر دلالاتها، ونرى موقعها من هذا الدين العظيم .

• اقرأ قول الله تعالى :" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ( فإن أطعنكم ) فلا تبغوا عليهن سبيلا " ..
تأمل قوله تعالى : ( فإن أطعنكم )
انظر كيف جعله الله غايةً يقف عندها التأديب، فإنك إذا تأملت ذلك علمت دلالة هذه الآية على وجوب طاعة الزوج على زوجته حتى اقتضى التأديب إن تخلف وفرطت المرأة فيه .

• بل تأمل أيها المؤمن ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال : قال النبي ﷺ :" ﺇﺫا اﺳﺘﺄﺫﻧﻜﻢ ﻧﺴﺎﺅﻛﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﺄﺫﻧﻮا ﻟﻬﻦ " .
وفي هذا دليل بين على أن أمر الاستئذان للخروج من البيت بيد الرجل، حتى وجب ذلك على المرأة إذا أرادت الخروج إلى أشرف الأماكن، وفي هذا دلالة على وجوبه فيما دون ذلك من الخروج للأمر المباح .

• وانظر أيضا ما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال النبي ﷺ :
" ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥ تصوم ﻭﺯﻭجها ﺷﺎﻫﺪ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻧﻪ .. " .
فتأمل .. كيف أُمرت المرأة أن تستأذن زوجها في عبادة من عبادات التطوع، ونافلة من النوافل، فإنه لعظيم حق زوجها عليها أمرت أن لا تكون على حال قد تمتنع عن فراشه بمانع شرعي كالصوم إلا بإذنه، وفي هذا دلالة على ما دون ذلك من أمور المباحات كالخروج من البيت والسفر ونحوه .

• ومما يزيد هذا الأمر وضوحا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر في خطبة النبي ﷺ في حجة الوداع في ذكر حق الزوج قال :
" ﻭﻟﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻮﻃﺌﻦ ﻓﺮﺷﻜﻢ ﺃﺣﺪا ﺗﻜﺮﻫﻮﻧﻪ " .
وكذا في البخاري عن أبي هريرة قال النبي ﷺ :" ﻻ ﻳﺤﻞ للمرأة أن ﺗﺄﺫﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻧﻪ " .
وهذا يدل على أن طاعة الزوج تعظم على الزوجة حتى لا يحل لها أن تأذن لأحد يدخل عليها، ولو من أقاربها ممن يكرههم الزوج، وإذا حرم على الزوجة أن تدخل أحدا في بيت زوجها بغير إذنه ، فكيف بخروجها هي بغير إذنه ؟

• وفي الصحيحين قال النبي ﷺ :"ﺇﺫا ﺩﻋﺎ اﻟﺮﺟﻞ اﻣﺮﺃﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﺮاﺷﻪ ﻓﺄﺑﺖ ﻓﺒﺎﺕ ﻏﻀﺒﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻌﻨﺘﻬﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ " وأنت إذا علمت أن حق الفراش مشترك بين الزوج والزوجة، علمت عظيم حق الزوج، حين جاء هذا التغليظ الشديد لامتناعها عن أمر من مقتضى عقد النكاح .

• وقد كان زوجات النبي ﷺ على هذا الأمر الرشيد، فتأمل ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة وهي تحكي قصة الإفك، حين أخبرتها أم مسطح بما يخوض به أهل الإفك :" ﻓﻘﻠﺖ للنبي ﷺ : ﺃﺗﺄﺫﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺁﺗﻲ ﺃﺑﻮﻱ ؟
ﻗﺎﻟﺖ: ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻴﻘﻦ اﻟﺨﺒﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻟﺖ: ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ " .

يا الله ..
مع عظم ما أصاب الصديقة بنت الصديق، وكبر ما سمعته عائشة رضي الله عنها، وشدته على نفسها - ومع أن مقصدها التثبت مما سمعت - ومع هذا لم تخرج من بيتها إلا بإذن النبي ﷺ .

• وقد كانت زوجات النبي ﷺ يحافظن على ذلك حتى في أمر عبادتهن كالاعتكاف، فقد ثبت في البخاري ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ : ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻜﻒ اﻟﻌﺸﺮ اﻷﻭاﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓاﺳﺘﺄذنته ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻬﺎ .." .

• وأما استئذان زوجاته في الأمر من أمور دنيانهن؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﻡ ﺳﻠﻤﺔ اﺳﺘﺄﺫﻧﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎﻣﺔ، ﻓﺄﻣﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﺑﺎ ﻃﻴﺒﺔ ﺃﻥ ﻳﺤﺠﻤﻬﺎ " قال : حسبت أنه كان أخوها ، أو غلاما لم يحتلم " .

فإذا تأملت ذلك :
مع أدلة قوامة الرجال على النساء
وولاية النكاح
وولاية التأديب
وولاية حل عقدة النكاح بالطلاق
ووجوب المحرم في سفرها
علمت أن هؤلاء المنادين بإسقاط ولاية الرجل عن المرأة قد أتوا أمرا منكرا بردهم للأدلة الظاهرة في هذا .
وأنهم - في دعوتهم هذه - ليسوا يعارضون اجتهاد عالم أو قول فقيه !
ولكنهم يعارضون قول رب العالمين !
ويخالفون سنة نبيهم ﷺ !
ولكن أصحاب الهوى لا يأتون كفاحا فيردون دلالات الكتاب والسنة بواضحات الألفاظ .
فهم يعلمون أن ذلك مجلبة لشناعة الناس عليهم، ونفرتهم منهم !
ولكنهم يريمون بين ذلك .. وسبيلهم أن يدّعي مدعيهم : ما أردنا إلا ترك العادات المعارضة للحقوق !
ويقول قائلهم : إنما نبغي تنقية الدين من التقاليد !
ويأتي بعضهم وهو يتكايس يقول : إنما نريد أن ندفع ظلم المرأة وأن نحفظ حقها، ليسهل بعد ذلك نقبهم لسياج الأمة وثلمهم لتدين المسلمين .

وختاما فأود أن أقول :
من تأمل ختام آية " الرجال قوامون على النساء "
رأى كيف وعظ الله المؤمنين بقوله :" إن الله كان عليا كبيرا "
فما من أحد بغى على المرأة بولايته، وتسلط عليها بالظلم والتعنيف إلا لنقص استشعار علو الله وكبره في نفسه، وما هم بخيار هذه الأمة والله .


والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

كتبه / أبو المثنى محمد آل رميح .
الرياض
1437/11/17

[/align]
المشاهدات 1333 | التعليقات 0