وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
محمد البدر
خُطْبَةِ عَنْ(شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ)
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾.
وَقَالَﷺ:«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِﷺيَوْمًا خَطًّا ثُمَّ قَالَ:«هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ،وَعَنْ شِمَالِهِ،ثُمَّ قَالَ:«هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»ثُمَّ تَلَا﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾»حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وفي رواية قَالُوا:وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.ةَ قَالَﷺ:«إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.الهنات جمع هنة،والمراد بها هنا الفتن والأمور الحادثة.
عِبَادَ اللَّهِ:إنّ الدّين نزل كاملاً لا يحتاج تعديلاً و لا إضافةً و لا إنقاصاً ومعنى البدعة هي كلّ عبادةٍ أُحدِثت في الدّين لم تنزل في الكتاب أو السّنّة أي ما أحدثه النّاس في الدّين و لم يشرّعه الرّسولﷺوالبدعة عبارةٌ عن طريقةٍ في الدّين مخترعةٌ تضاهي الشّرعيّة يقصد بالسلوك بها التّقرّب إلى الله سبحانه وتعالى وهذا تعريف الإمام الشّاطبيّ للبدعة.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ :عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّﷺيَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّﷺفَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا:وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّﷺقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِﷺإِلَيْهِمْ،فَقَالَ:«أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«هَلْ تَعْرِفُ مَا يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ»قَالَ:قُلْتُ:لَا،قَالَ:«يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فنحن في زمن انتشرت فيه البدع و أصبحت فيه بعض السنن مهجورة، وَقَالَ الإِمَامِ ابنُ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:البِدَعُ أعظمُ مِن المعاصي بالكتاب والسُّنة وإجماعِ الأُمَّة.اهـ وَقَالَ الإِمَامِ ابنُ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:: ومِثلُ أئمةِ البدعِ مِن أهل المقالاتِ المُخالِفةِ للكتابِ والسُّنة أو العباداتِ المُخالِفة للكتاب والسُّنة، فإنَّ بيانَ حالِهم، وتحذيرَ الأُمَّة مِنهم واجبٌ باتفاق المسلمين، حتى قِيل لأحمدَ بنِ حنبل رَحِمَهُ اللهُ:الرَّجلُ يصومُ ويُصلي ويَعتكفُ أحبُّ إليكَ أو يتكلمُ في أهل البدع فقال: إذا قامَ وصلَّى واعتكَفَ فإنَّما هو لنفسه، وإذا تكلَّم في أهل البدع فإنَّما هو للمسلمين، هذا أفضل.اهـ وَقَالَ سُفيانَ الثوريِّ رَحِمَهُ اللهُ:« الْبِدْعَةَ أَحَبُّ إلَى إبْلِيسَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، لِأَنَّ الْبِدْعَةَ لَا يُتَابُ مِنْهَا، وَالْمَعْصِيَةُ يُتَابُ مِنْهَا».اهـ.وَقَالَ الإِمَامِ مَالِكِ رَحِمَهُ اللهُ:(مَن ابتدعَ في الإسلامِ بدعةً يراها حسنةً، فقد زعمَ أن محمدًا خَانَ الرسالة؛إلخ.
وَقال مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حَفِظَهُ اللهُ: إن وسائل كثيرة أصبحت الآن للابتداع وهي تنتشر بشكل كبير عبر ما يسمى بالواتس أب ومواقع التواصل الاجتماعي كالرسائل التي تدعو إلى التسابيح مثال:سبح بعدد معين وأرسلها للي عندك ولك مثل أجورهم” أو من يرسلون كلمات كـ “لا تقف عندك أو سيمنعك الشيطان” أو “آيات معينة” يتم إرسالها لمستخدمي تلك الوسائل وهي في الحقيقة ابتداع من عند أنفسهم.إلخ
ومن البدع المنتشرة (حملات الاستغفار وحملات الصلاة على النبي،وحملات الأدعية للميت وللوالدين وغيرها)فالواجب أن لا يُقدِم المسلمُ على نشر شيء أو الدعوة إليه إلا وهو على بيِّنةٍ منه،وبدليل شرعي؛وإذا أشكل عليه فليسأل أهلَ العلم؛قَالَ تَعَالَى:﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. الا وصلوا...
المرفقات
1625140351_شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.pdf