﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:خُطْبَةُ عَنْ:بِدَايَةُ عَامٍ دِرَاسِيٍّ جَدِيْدٍ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ(2)اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3)الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4)عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾.نَحْنُ عَلَى أَعْتَابِ عَامٍ دِرَاسِيٍّ جَدِيْدٍ وَسَتَبدَأُ رِحْلَةَ الْعِلْمَ بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَمَسيرَةِ الفِكْرِ ، وَسَتَفْتَحُ حُصونَ الْعِلْمَ ،وَتتَهَيَّأَ قِلاعُ الْمَعْرِفَةِ ، وَسَيبزُغُ فَجْرٌ جَدِيدٌ،نَسْأَلُ اللهَ التَّوْفِيقَ لَأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا، وَالـمُعَلِّمِيْنَ وَالـمُعَلِّمَاتِ.
عِبَادَ اللَّهِ:لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى شَأنَ الْعِلْمَ وَأهلِه، فَالْعِلْمَ شَرَفٌ عَظِيمٌ،وَالعِلْمُ نورٌ يُستضاءُ بِهِ قَالَ تَعَالَى:﴿يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ﴾وَقَالَﷺ«مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فاطلُبُوا الْعِلْمَ لتَرَفَّعُوا عَنْ أَنْفُسَكُمْ الْجَهْل،وَاطلُبُوا الْعِلْمَ لِتَنْفَعُوا غَيْرَكُمْ وَأُمَّتُكُمْ وَاطلُبُوا الْعِلْمَ النَّافِعُ الصَّحِيحِ مِنْ كِتَابَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِﷺعَلَى فَهْمَ السَّلَفِ الصَّالِحِ قَالَﷺ:«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.ولا تَطلُبُوا الْعِلْمَ لِأَجْلِ المَنَاصِبِ وَالْوَظَائِفِ وَالْمُمَارَاةُ ،فَكُلُّهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ زَائِلٍ وَاعْمَلُوا وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ،قَالَﷺ:«مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»يَعْنِي رِيحَهَا.رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«لاَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلاَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلاَ تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فاطلُبُوا العِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ لِتَنَالُوا رِضَا رَبِّكُمْ أَولاً ثُمَّ الْفَلَاحَ وَالنَّجَاحِ وَالسَّعَادَةَ وَالْعِزَّةِ والرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
عِبَادَ اللَّهِ:يَا أَيُّهَا المُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ،عَلَيْكُمْ بِالرِّفْقِ وَاللِّينِ ؤبِالْأَبْنَاءِ فَهُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ،وَاجْعَلُوا أَعْمَالَكُمْ خَالِصَةٌ للهِ،وَقُدْوَتُكُمْ فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ هُوَ رَسُولُ اللَّهِﷺقَالَﷺ:«إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَاحْذَرُوا مِنَ الإِسْرَافَ فِي الْعِقَابِ أَوِ الهَجُومَ اللَّفظِيِّ عَلَى الطَّالِبُ الْمُخْطِئِ ،بل يَنْبَغِي أَنْ يَتَناسَبُ الْعِقَابِ مع حَجْمَ الخَطَأِ المُرتَكَب،وَاعْلَمُوا أَنْ التَّعْلِيمُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ،عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ.وَيَنْبَغِي عَلَى المُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ الِاقْتِدَاءُ بِإِمامِ الْعُلَمَاءِ وَقُدْوَةُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَﷺمَعَ النِّيَّةَ الصَّادِقَةَ الْإِخْلَاصُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ قَالَﷺ:«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى...»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.فَالعِلْمِ مَسْؤولِيَّةً عَظِيمَة،لِذَا يَجِبُ عَلَى الْمُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ تَكثِيفِ التَّوعِيَةِ وَالتَّوْجِيهَ وَالإِرشَادَ لِمَكَارِمَ الأَخْلاَقِ وَبَثُّ رُوحِ المَحَبَّةِ الْأُلْفَةِ وَالْإِخَاءُ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الطُّلَاَّبُ وَالطَّالِبَاتُ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَﷺ:«مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ مَنْهُومٌ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ , لَا تَنْقَضِي نُهْمَتُهُ , وَمَنْهُومٌ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا , لَا تَنْقَضِي نُهْمَتُهُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فَيَا أَيُّهَا الطُّلَاَّبُ وَالطَّالِبَاتُ:عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتُهُ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْإِخْلَاصُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ واصبروا ورابطوا واثبتوا على طَلَبِ الْعِلْمِ ، وحافظوا واحرصوا على الصلاة في المساجد،فلا خير فيمن ضيع الصلاة وتجملوا بالدين وتحلوا بالحلم والأناة وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة وتطلعوا إلى الهمم العالية، والعزيمة الصادقة واخفضوا جناح الذل من الرحمة للوالدين وكونوا رحماء ورفقاء بإخوانكم وعليكم بالاحترام والتوقير والتقدير للمعلمين،وحققوا آمال والديكم ومعلميكم قَالَﷺ:«وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً،سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَاطلُبُوا الْعِلْمَ النَّافِعُ قَالَﷺ:«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ:أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ:انتم اللبنة الأولى وأنتم الأساس والقدوة الحسنة للْأَبْنَاءِ ،فعلموهم العقيدة الصحيحة وعلموهم التوحيد والسنة وما عليه سلف الأمة ،علموهم كل خصال الخير ،عودوهم المحافظة على الصلاة في المساجد واحترامها قَالَ تَعَالَى:﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾وربوا بناتكم على الحشمة والعفاف وحسن الأخلاق،اجعلوا من الأبناء مواطنين صالحين نافعين لأمتهم ومجتمعاتهم وأوطانهم ،مطيعين لولاة الأمر محبين للعلماء قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾وحذروهم من خطر الجماعات المنحرفة المخالفة للكتاب والسنة،مثل الخوارج والاخوان والتبليغ والروافض وغيرهم.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ- مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ-وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1723677469_﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق