وقفة مع حديث في سعة رحمة الله عز وجل
مبارك العشوان
1437/10/08 - 2016/07/13 21:23PM
الحمدُ للهِ نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفره... ورسوله.
اللهمَّ لكَ الحمدُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم على نبينا محمدٍ وعلى آلِهِ الطَّيبينَ، وصحبِهِ المُكَرَّمِين.
أما بعدُ: فاتقوا الله تعالى أيها الناسُ حقَّ تُقاتِهِ ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، اجتهدوا رحمكم الله في طاعةِ الله، واجتنبوا مَعصِيَتَهُ وَأمِّلُوا في فَضْلِهِ تعالى وكَرَمِهِ.
استَبْشِرُوا بِجَزِيلِ عَطَائِهِ، وواسِعِ رحمَتِه؛ فهو الغنيُّ الكريم، وهو: { ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيـمِ } وهو : { وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } يقول جلَّ وعلا عن نفسه: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } وتقول ملائكتُهُ: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا } ويقولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ؛ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم، وفي الحديث الآخر: ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ). رواه البخاري.
عباد الله: وَمِنْ عظيمِ فضلِ ربنا تبارك وتعالى، وجزيلِ إِنعَامِهِ، أنْ يَسَّرَ علينا التكاليفَ الشرعية، وَوَهَبَنَا عليها الأجورَ العظيمة، دَلَّنَا سُبحانهُ على أعمالٍ يُضاعِفُ بها الحسناتِ، وكفاراتٍ يَمحُو بها السيئات.
فكلمة التوحيد: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) من قالها موقنا بها دخل الجنة، ونقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ تُحُطُّ خَطَايَانا وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.
عباد الله: وَمِنْ جَزِيلِ عَطَاءِ الكريمِ سبحانه: ما جاء في البخاري ومسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ).
يقولُ ابنُ بَطَّالٍ رحمهُ الله تعالى: ولولا هذا التَّفَضُّلُ العظيمُ لم يدخلْ أحدٌ الجنة؛ لأنَّ السيئاتِ مِنَ العبادِ أكثرُ من الحسنات، فَلَطَفَ اللهُ بعباده بِأنْ ضَاعَفَ لهمُ الحسنات، ولم يُضَاعِفْ عليهمُ السيئات. أهـ
اللهُ جلَّ وعلا لا يُضِيعُ أجْرَ المحسنين، وقَصْدُ الخيرِ عَملٌ قَلْبِيٌ؛ واللهُ تعالى يُثِيْبُ عليه، ويكتبُ ذلكَ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً.
هذا إذا همَّ بالحسنة فلم يعملها، أما إذا همَّ بها ثم وفق فعملها، فتكتبُ بعشرِ أمثالها؛ كما قال تعالى: { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }.
ثم بعدَ العشرِ يُضَاعِفُهَا تعالى إلى سبعِ مائةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرة؛ يقول تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }. ويزدادُ هذا العطاءُ، وتَعْظُمُ المضاعفةُ؛ ويتفاوتُ الناسُ فيها، بناءً على ما يَصْحَبُ العملَ من الإخلاصِ والمتابعة؛ فكلما كانَ الإنسانُ في عبادتهِ أخلصَ لله؛ كان أجرُهُ أكثر، وكلما كان أتْبَعَ في عبادته لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عبادَتُهُ أكمل وثوابُه أكثر.
يقول الله تبارك وتعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } وجَاءَ رَجُلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ؛ فَقَالَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقِةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ ) رواه مسلم.
أما السيئةُ: فَمَنْ هَمَّ بها ثم تَرَكَهَا لله عز وجل فإنَّ الله تعالى لا يعاقبهُ عليها؛ بل إنَّ مِنْ فضلِهِ تعالى أن يكتُبَهَا حسنة كاملة.
هذا إذا ترك المعصية من أجل الله عز وجل لا رياءً و لا عجزًا، كما وُضِّحَ هذا في لفظٍ آخرَ عندَ مسلمٍ: ( وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ ) أي من أجلي، وكما يوضِّحُهُ حديثُ: ( إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ ) رواه البخاري.
ومن هَمَّ بالسيئةِ فعملها فتكتبُ سيئة واحدة، وقدْ يمحوها الله تعالى كما جاء هذا في روايةٍ أخرى.
بارك الله لي ولكم ... وأقول ما تسمعون…
الخطبة الثانية:
الحمد لله أما بعد: فَلْنَحْمَدِ اللهَ تعالى على عظيمِ فضلِهِ، ولْنَشْكُرْهُ على جزيلِ إنعامهِ، بإتمام الصيام، ولنحرصْ على كَسْبِ الحسنات، ولنجتهدْ في فِعْلِهَا؛ نَجِدْ عندَ اللهِ جَزَاءَهَا مُضَاعَفًا، ولنحذر كُلَّ الحذر من السيئات، ولنبتعدْ كلَّ البعدِ عنها.
عباد الله: وقد وُفِّقتُم لصيام رمضان فأتبعوهُ بِسِتٍّ من شوال، يَكُنْ لكم: ( كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) كما جاءَ ذلكَ في صحيحِ مسلم.
مَنْ كانَ عليه قضاءٌ من رمضان فليبدأ به ثم ليتبعه الست.
أخي المسلم: والقيامُ، وقراءة، القرآن، وإطعامُ الطعام؛ لا يَكُنْ آخرُ عهدِكَ بِهِ شهرُ رمضان: فقد: ( سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ) رواه مسلم.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ؛ واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ أو عَامًا أَو عَامَينِ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ، ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الحجر 99
ثم صلوا رحمكم الله وسلموا ... اللهم صل على محمد...
اللهم أعز الإسلام... عباد الله: اذكروا لله...
اللهمَّ لكَ الحمدُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم على نبينا محمدٍ وعلى آلِهِ الطَّيبينَ، وصحبِهِ المُكَرَّمِين.
أما بعدُ: فاتقوا الله تعالى أيها الناسُ حقَّ تُقاتِهِ ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، اجتهدوا رحمكم الله في طاعةِ الله، واجتنبوا مَعصِيَتَهُ وَأمِّلُوا في فَضْلِهِ تعالى وكَرَمِهِ.
استَبْشِرُوا بِجَزِيلِ عَطَائِهِ، وواسِعِ رحمَتِه؛ فهو الغنيُّ الكريم، وهو: { ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيـمِ } وهو : { وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } يقول جلَّ وعلا عن نفسه: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } وتقول ملائكتُهُ: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا } ويقولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ؛ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم، وفي الحديث الآخر: ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ). رواه البخاري.
عباد الله: وَمِنْ عظيمِ فضلِ ربنا تبارك وتعالى، وجزيلِ إِنعَامِهِ، أنْ يَسَّرَ علينا التكاليفَ الشرعية، وَوَهَبَنَا عليها الأجورَ العظيمة، دَلَّنَا سُبحانهُ على أعمالٍ يُضاعِفُ بها الحسناتِ، وكفاراتٍ يَمحُو بها السيئات.
فكلمة التوحيد: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) من قالها موقنا بها دخل الجنة، ونقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ تُحُطُّ خَطَايَانا وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.
عباد الله: وَمِنْ جَزِيلِ عَطَاءِ الكريمِ سبحانه: ما جاء في البخاري ومسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ).
يقولُ ابنُ بَطَّالٍ رحمهُ الله تعالى: ولولا هذا التَّفَضُّلُ العظيمُ لم يدخلْ أحدٌ الجنة؛ لأنَّ السيئاتِ مِنَ العبادِ أكثرُ من الحسنات، فَلَطَفَ اللهُ بعباده بِأنْ ضَاعَفَ لهمُ الحسنات، ولم يُضَاعِفْ عليهمُ السيئات. أهـ
اللهُ جلَّ وعلا لا يُضِيعُ أجْرَ المحسنين، وقَصْدُ الخيرِ عَملٌ قَلْبِيٌ؛ واللهُ تعالى يُثِيْبُ عليه، ويكتبُ ذلكَ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً.
هذا إذا همَّ بالحسنة فلم يعملها، أما إذا همَّ بها ثم وفق فعملها، فتكتبُ بعشرِ أمثالها؛ كما قال تعالى: { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }.
ثم بعدَ العشرِ يُضَاعِفُهَا تعالى إلى سبعِ مائةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرة؛ يقول تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }. ويزدادُ هذا العطاءُ، وتَعْظُمُ المضاعفةُ؛ ويتفاوتُ الناسُ فيها، بناءً على ما يَصْحَبُ العملَ من الإخلاصِ والمتابعة؛ فكلما كانَ الإنسانُ في عبادتهِ أخلصَ لله؛ كان أجرُهُ أكثر، وكلما كان أتْبَعَ في عبادته لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عبادَتُهُ أكمل وثوابُه أكثر.
يقول الله تبارك وتعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } وجَاءَ رَجُلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ؛ فَقَالَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقِةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ ) رواه مسلم.
أما السيئةُ: فَمَنْ هَمَّ بها ثم تَرَكَهَا لله عز وجل فإنَّ الله تعالى لا يعاقبهُ عليها؛ بل إنَّ مِنْ فضلِهِ تعالى أن يكتُبَهَا حسنة كاملة.
هذا إذا ترك المعصية من أجل الله عز وجل لا رياءً و لا عجزًا، كما وُضِّحَ هذا في لفظٍ آخرَ عندَ مسلمٍ: ( وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ ) أي من أجلي، وكما يوضِّحُهُ حديثُ: ( إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ ) رواه البخاري.
ومن هَمَّ بالسيئةِ فعملها فتكتبُ سيئة واحدة، وقدْ يمحوها الله تعالى كما جاء هذا في روايةٍ أخرى.
بارك الله لي ولكم ... وأقول ما تسمعون…
الخطبة الثانية:
الحمد لله أما بعد: فَلْنَحْمَدِ اللهَ تعالى على عظيمِ فضلِهِ، ولْنَشْكُرْهُ على جزيلِ إنعامهِ، بإتمام الصيام، ولنحرصْ على كَسْبِ الحسنات، ولنجتهدْ في فِعْلِهَا؛ نَجِدْ عندَ اللهِ جَزَاءَهَا مُضَاعَفًا، ولنحذر كُلَّ الحذر من السيئات، ولنبتعدْ كلَّ البعدِ عنها.
عباد الله: وقد وُفِّقتُم لصيام رمضان فأتبعوهُ بِسِتٍّ من شوال، يَكُنْ لكم: ( كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) كما جاءَ ذلكَ في صحيحِ مسلم.
مَنْ كانَ عليه قضاءٌ من رمضان فليبدأ به ثم ليتبعه الست.
أخي المسلم: والقيامُ، وقراءة، القرآن، وإطعامُ الطعام؛ لا يَكُنْ آخرُ عهدِكَ بِهِ شهرُ رمضان: فقد: ( سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ) رواه مسلم.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ؛ واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ أو عَامًا أَو عَامَينِ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ، ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الحجر 99
ثم صلوا رحمكم الله وسلموا ... اللهم صل على محمد...
اللهم أعز الإسلام... عباد الله: اذكروا لله...
المشاهدات 2093 | التعليقات 2
خطبة موفقة ونافعة ومختصرة
أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك
وأن يبارك فيما كتبت
أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك
وأن يبارك فيما كتبت
قلبي دليلي
جزاك ربي كل خير وكتب لك الأجر
تعديل التعليق