وقفات مع شهر محرم
عبدالله اليابس
وَقَفَاتٌ مَعَ شَهرِ مُحَرَمٍ الجمعة 4/1/1440هـ
الحمدُ للهِ مُقدِّرِ المَقدور، ومُصرِّفِ الأَيَّامِ والشُهُور، ومُجرِي الأَعوامِ والدُّهُور، أَحمَدُهُ تَعَالَى وَأَشكُرُه، وأَتوبُ إِليهِ وأَستَغفِرُه، إليه تَصِيرُ الأُمُور، وهو العَفُوُّ الغَفُور، وأَشهدُ أن لا إِلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ شَهادةً تَنفعُ صاحِبَهَا يومَ يُبعثَرُ ما في القُبُورِ، ويُحَصّلُ ما في الصُدُور، وأشهدُ أن نَبينَا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه النبيِّ المجتبى, والحبيبِ المصطفى والعبدِ الشكور، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ ما امتَدَّتِ البُحُور، وتَعَاقَبَ العَشيُّ والبُكُور، والتَّابعينَ ومَنْ تَبِعَهُم بإِحسانٍ إلى يومِ النُّشُورِ، وسَلَّمَ تَسلِيمًا كثيرًا.
أَمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبادَ اللهِ حَقَّ تُقاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. وأَظَلَّنا شَهرٌ حرامٌ يُسمَّى بالمُحرَّم..
هذا الشهرُ هُوَ أَوَّلُ شُهورِ السَنَةِ الهِجرِيَةِ.. ولِهذا الَشهرِ فَضَائلُ وأَحكامُ نَتوقفُ مَعَهَا في هذهِ الخُطبةِ عِدَّةَ وَقَفَاتٍ بإِذنِ الله تعالى:
الوقفةُ الأُولى: شَهرُ مُحرَّمٍ هوَ أول شُهورِ السَنَةِ الهجريَة, وقد كانَ يُسَمَّى في الجَاهليةِ بالمؤتمر؛ لِأَنَّ العَربَ كانَتْ تَجتَمِعُ فيهِ لِلتَشَاوُرِ, وبالذاتِ في مسائِلِ الحربِ أو النَأيِ عنها, وقِيلَ بل لأنها كانت تَأتَمرُ فيه بأمر المَنعِ من الحرب, وسُمِّي بالمُحرمِ لأنَّه شَهرٌ حَرَّمَ اللهُ تعالى فيهِ القتال.
ومُحرَّمُ أحدُ الأشهُرِ الأَربعةِ الحُرُم الواردةِ في قولهِ تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}.
وهذهِ الأشهرُ الأربعةُ هيَ ذُو القَعدةِ وذُو الحِجةِ ومُحرَّمُ ورجب, وسُميت بالحُرُم لأنَّ اللهَ تعالى حَرَّم فيها القِتال, كما أنَّ الله خَصَّها بِنَهْيِ الإنسانِ أن يَظلِم فيها نفسَه.
الوقفةُ الثانيةُ: شهرُ محرمٍ شهر فَاضِل, ومِنْ فَضلِهِ أن الله تعالى نَسَبَهُ إليه, روى ابنُ ماجه وغيرُه وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: أيُّ الصِّيامِ أفضلُ بعدَ شَهْرِ رمضانَ؟ قالَ: (شَهْرُ اللَّهِ الَّذي تدعونَهُ المُحرَّمَ).
قالَ ابن رجبٍ رحمه الله: "وقد سَمَّى النبيُ صلى الله عليه وسلم المُحرَّمَ شهرَ الله. وإضافتُهُ إلى اللهِ تَدُلُ على شرفِهِ وفَضْلِهِ، فإن اللهَ تعالى لا يُضيفُ إليهِ إلا خَوَاصَ مخلوقَاتِه، كما نَسَبَ مُحمَّداً وإبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ وغيرَهُم من الأنبياءِ إلى عُبُوديَتِهِ، ونسب إليه بيتَهُ وناقَتَهُ، ..., وقد قيلَ في مَعنَى إضافِة هَذَا الشهرِ إلى اللهِ عز وَجَلَّ إنه إشارةٌ إلى أنَّ تَحريمَهُ إلى الله عز وجل, فليس لأحد تبديلُه, كما كانتِ الجاهليةُ يُحِلُّونَهُ ويُحَرِّمونَ مَكانَهُ صَفَراً، فأشارَ إلى أَنَّه شهرُ اللهِ الذي حرَّمَهُ، فليسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلقِهِ تَبدِيلُ ذلكَ وتَغييرُه".
الوقفة الثالثة: مِنْ أَفضلِ الأَعمالِ الفَاضلةِ في هَذَا الشَّهرِ الفَاضِلِ: الصيامُ, لما روى مُسلمٌ في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ).
قالَ ابنُ رجبٍ رحمهُ الله: "هذا الحديثُ صَريحٌ في أَنَّ أَفضَلَ ما تُطُوِّعَ بِهِ مِنَ الصِيامِ بعدَ رَمضانَ صومُ شَهرِ اللهِ المُحرَّم" ا.هـ.
قال أبو عثمانَ النهديِّ: "كانُوا يُعَظِّمونَ ثلاثَ عَشَراتٍ: العشرُ الأَخيرُ مِنْ رَمَضَانَ, والعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذي الحِجَةِ, والعَشرُ الأُوَلُ مِنْ مُحرَّم".
الوقفةُ الرابعة: مِن أعظمِ الأيامِ التي جاءِ الحَثُّ على صِيامِها يومُ العاشِرِ من مُحَرَّم, روى البخاريُ ومسلمٌ في صحيحيهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
نعم.. إنَّه يومٌ صَامَهُ النبيُ صلى الله عليه وسلم وأَمَرَ الناسَ بِصِيَامِهِ.. وكَفَى بِهذِهِ الجُملَةِ حَثًا على صيامِه.. اقتداءً بنبيِّ اللهِ وامتثالاً لأمرِهِ صلواتُ الله وسلامُه عليه.
فكيفَ إذا كان لصيامِ يومِ عاشوراءَ فَضلٌ عظيمٌ, فاسمع لما روى مُسلمٌ في صحيحه عن أبي قتادةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ).
الله أكبر.. صيامُ يومٍ وَاحِدٍ ــ إذا قُبِلَ ــ يُغفرُ بِهِ للإنسانِ ما ارتكبه طِوالَ سَنَةٍ كاملةٍ من معاصٍ وسيئاتٍ.. فكيف يُفَرِّطُ الإنسانُ في هذا الأجر العَظيمِ والفَضْلِ الكَبيرِ, بِأَنْ يُؤْثِرَ لَذَةً مُؤقَتةً على مَغفِرةِ ذنوبِ سَنَةٍ كاملة.
الوقفةُ الخامسة: لصيامِ يومِ عاشوراءَ مَرَاتبُ, فَأَوَّلُهَا وهي أَفضلُها: صيامُ يَومَي التَاسِعِ والعاشِر, والدليل على ذلك ما رواه مسلمٌ في صحيحه من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) يَعْنِي: مَعَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ.
أما المَرتبةُ الثَانيةُ وهي دُونَ الأولى: فصيامُ العاشرِ والحادي عَشَر, مخالفةً لليهودِ, ويمكن أن يُستأنسَ لذلك بالحديث الذي رواه الإمامُ أحمدُ وحسَّنهُ أحمدُ شاكر أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ قال: (صُومُوا يومَ عاشوراءَ وخالفوا فيهِ اليهودَ, وصوموا قَبلَهُ يومًا أو بعدَه يومًا).
المرتبةُ الثالثةُ من مراتِبِ صيامِ عاشوراءَ فهيَ إفرادُه بالصيامِ, قال شيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ رحمه الله: "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ, وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ".
أما صومُ التَاسِعِ والعاشرِ والحادي عشر فقد وردَ فيه حديثٌ ضعيفٌ, والأظهر أنه من كلامِ ابن عباسٍ رضي الله عنه, لَكنْ لو صامَ المسلمُ هَذهِ الأَيَّامَ الثَلاثةَ فإنَّهُ عَلَى خَيرٍ عَظيمٍ, إذ أنَّ فَضلَ الصيامِ عظيمٌ في كل وقتٍ, وفي شهرِ المحرم له فضل خاصٌّ, والله أعلم.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ, وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ, قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاشريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ, صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ, وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ..
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. تَنتَشرُ بَينَ النَّاسِ فِي ُكِّل عَامٍ مَع قُربِ حُلولِ عَاشوراء مَقَاطِعُ وَرَسَائِلُ عَنْ بِدْعِيَّةِ صَومِ يَومِ عَاشُوراءَ وَعَدَمِ سُنِّيَتِهِ, فَيُقَالُ في ذَلكَ:
صَومُ يَومِ عَاشوراءَ مُستَحبٌ بالإجماعِ, وَلَم يُخَالِف أَحدٌ في ذلك, قَالَ الإمامُ النَّوَوِيُ رحمهُ الله عَن صَومِ عَاشوراءَ: "وَأَجْمَعَ المُسلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيسَ بِواجِبٍ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ".
ولِلفائدَةِ فَقَدْ مَرَّ صِيامُ يَومِ عَاشُوراءَ بِأَربَعِ مَرَاحِلَ:
المرحلةُ الأُولى: أنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَّلمَ كانَ يَصومُهُ مَعَ قُريشٍ فِي الَجاهِلِيَةِ، إِذْ كانَتْ قُريشٌ تصومُهُ, لَكِنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ الناسَ بِصِيَامِهِ.
يقولُ القرطبيُ رحمهُ اللهُ: "لَعَلَّ قُريشاً كَانُوا يَسْتَنِدُونَ فِي صَومِهِ إِلَى شَرعِ مَنْ مَضَى كَإِبْرَاهيمَ عَلَيهِ السَّلام".
المرحلةُ الثانيةُ: حِينَمَا قَدِمَ النبيُّ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ المدينةَ في ربيعٍ الأَوَّلِ، وَبَعْدَ مُضِيِ فَترَةٍ مِنْ قُدُومِهِ رَأَى صِيَامَ اليهودِ لِعاشوراءَ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ الناسَ في السنةِ الثانيةِ مِنَ الِهجرِة بِصِيَامِهِ، وَأَكَّدَ الأَمْرَ بِصِيامِهِ وَالحَثِّ عَلَيهِ حَتَّى كَانُوا يُصَوِّمُونَهُ أَطفَالَهم, روى البخاريُ ومسلمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ, فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ).
وروى البخاريُ ومسلمٌ أيضاً عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: (مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ). قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ.
المرحلةُ الثالثة: بَعدَ فَرضِ صومِ شَهرِ رَمضانَ فِي السَنَةِ الثَانِيَةِ لِلهِجْرَةِ تَوَقَفَ النَّبيُّ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحَثِّ المُؤَكَّدِ عَلَى صِيَامِهِ معَ بَقَاِء اِستِحْبَابِهِ، رَوَى البخاريُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.
المرحلةُ الرابعةُ: أَنَّ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم عَزَمَ فِي آَخِرِ عُمُرِهِ عَلَى أَلَّا يَصُومَهُ مُفْرَدَاً بَلْ يَضُمَّ إِلِيهِ يَومَاً آَخَرَ مُخَالَفَةً لِأَهلِ الكِتَابِ فِي صِيَامِهِ, لِمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ في صَحِيحِه مِن حديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ).
أيها الإخوة.. هَذِهِ المَراحِلُ الأَربعُ هِي مَرَاحِلُ تشريعِ صيامِ يومِ عاشوراء, أَسأَلُ اللهَ تَعالَى أَنْ يُبَلِغَنا يومَ عاشُوراء, ويُعيننا فيهِ على الصيامِ إنَّهُ سميعٌ قريبُ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّلَاَةِ عَلَى نَبِيهِ مُحَمٍّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ لِلصَّلَاَةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَالْإكْثَارَ مِنْهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأيَّامِ, فَاللهَمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحبِهِ أَجَمْعَيْن.
عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمَرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وإيتاءِ ذِي الْقُرْبَى, وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَالْبَغِيِّ, يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ, فَاِذكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذكُركُمْ, وَاُشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ, وَلَذِكرُ اللهُ أكْبَرُ, وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
مع-شهر-محرم-4-1-1440
مع-شهر-محرم-4-1-1440