وقفات مع الحج والحجيج وفضل صيام عرفة
سطام بن محمد النجمي
1433/12/03 - 2012/10/19 07:09AM
[FONT="] حمد لله امتن على الحجيج بالنفحات والألطاف , وخصهم بالتلبية أزكى هتاف ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أتم المناسك بشعيرة الطواف ، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله سني الشمائل زكي الأوصاف ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، الألى انتفعوا بمقاصد الحج بين نهل واغتراف , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين[/FONT] [FONT="] أما بعد ، فاتقوا الله عباد الله ، اتقوا الله واعمروا أوقاتكم الشريفة بالطاعات وازدلفوا في أيام العشر بمزيد القربات فنعم هي الفضائل , في هذه الأيام القلائل[/FONT] .[FONT="]قال عز من قائل (ياأيها الذين آمنوا [/FONT][FONT="]اتقوا الله[/FONT][FONT="] ولتنظر نفس ما قدمت لغد [/FONT][FONT="]واتقوا الله[/FONT][FONT="] إن الله خبير بما تعملون) عباد الله ما ضربت قدم على الأرض أشرف عند الله عز وجل ولا أزكى من قدم المطيع لربه، وما وفد وافد يسير على الفجاج أحب إلى الله من وافد على بيته من ركب الحج العزيز الذي فارق كل عزيز. إنه ركب الله ووفد الله القادم على الله، لذلك كانت قصة هذا الركب قصة مليئة بالعبر والعظات، فهو الوفد الذي لله خشع، وفي رحمة الله طمع، إنه وفد الله الذي تذكرك أقواله وأفعاله برحمة الله، أقوام باعوا الساعات واللحظات لكي يتقربوا إلى رب البريات. خرجوا إلى الله تبارك وتعالى بهذه الرحلة التي سطرت في دواوين الحسنات، فأقيلت بها العثرات، ورفعت بها الدرجات، فيا لله! كم فائز منهم برحمة الله! ويا لله! كم سعيد منهم برضوان الله[/FONT]!
[FONT="]وحي من [/FONT][FONT="]الروح [/FONT][FONT="]لا وحي من [/FONT][FONT="]القلم [/FONT][FONT="]*** [/FONT][FONT="]هز المشاعر من راسي إلى قدمي[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لما رأيت حجيج البيت يدفعهـم *** شوق إلى الله من عرب ومن عجم[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لبوا الــنـداء فما قرت رواحلهم *** حتى أناخوا قبيل الصبح بالحرم[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لبيك اللهــم يــا رباً نلــوذ بـه *** سجع الحناجر تحدوها بلا سئم[/FONT]
......[FONT="] ولنا مع الحج والحجيج وقفات :[/FONT]
[FONT="]الوقفة الأولى: إنها لحظة قبل أن يغادر هذا الحاج بيته ومنزله وهو يلقى على أبناءه النظرات وقد عقد القلب العزم على المسير إلى الله، والانتقال إلى رياض رحمة الله، إلى البيت العتيق إنك ستودع الأبناء والخلان إلى تأدية فرض الرحمن قف مع نفسك وتذكر ذلك النداء الذي يناديك من الأعماق ويذكرك بالفراق الأعظم والقدوم إلى الله فتزود من رحلة الحج المجيدة إلى الرحلة الكبرى والمنتهى الأبدي يوم يقوم الناس لرب العالمين [/FONT][FONT="][FONT="]فيا من أزمعت إلى تلك البقاع الرحلة , يا قاصدا إلى ضيافة رب العالمين الذهاب , زود قلبك بزاد الإيمان والتقوى قبل أن تتزود بزاد الدنيا والمتاع رد المظالم والحقوق إلى أصحابها واستسمح ممن أسئت إليه لأن مقصدك عظيم إنك ترجومغفرة الذنوب والعودة كما ولدتك أمك,,,[/FONT] ..[/FONT]
[FONT="]الوقفة الثانية :[/FONT]
[FONT="]أخي الحاج ما أجمل أن تصدح بشكر الله والثناء على لله ، فكم من وفود تمنت! وكم من قلوب حنت لكي تدخل البيت الحرام! كم من عيون تمنى أصحابها رؤية البيت الحرام! وكم من أجساد وأرواح طمعت أن تطوف ببيت الله! اخترمتها البحار، والتقمتها القفار، وصارت إلى العزيز القهار، والله تفضل فاختارك من بين العباد حاجاً وافداً، فما أجلها من نعمة وما أعظمها من منة! حتى إذا وطئت بيت الله وطئته وأنت تجل نعمة الله، وتعظم منحة الله، وطئت البيت الحرام وكلك إجلال وإعظام للملك العلام. أي بيت؟! أي مكان؟! أي بلد؟! أي منزل؟[/FONT] ! [FONT="]إنه البلد الذي اختاره الله من بين البلاد، أنه ليس لكثره أنهاره و أشجاره ولا لفتن من الدنيا بادية، ولكن فيه الروح والريحان، فيه الرضا والغفران، فيه الصفح والإحسان، فيا لله! ما أعظمها من منازل! عظمها الله ورفع شأنها الله، ما أعظمها من منازل! لو أذن تلك البقاع أن تتحدث، لو أذن لتلك المواضع أن تنطق، فكم عليها من دعوات أجيبت! وكم عليها من هموم فرجت[/FONT]! [FONT="]وكم عليها من كروب نفست،! إنها منازل الله، ومحط رحمة الله، حتى إذا وطئتها وطئتها بقلب يعظمها: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]. يا عبد الله! إذا نزلت إلى بيت الله فادخله لله منكسراً، ومن هيبته خاشعاً، ادخله بذلة لله، ادخله بالسكينة والوقار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح في يوم أعز الله فيه أهل دينه، دخل صلوات الله وسلامه عليه مطأطئاً رأسه ذلة لله، حتى إن لحيته تكاد تمس رحل دابته صلوات الله وسلامه عليه؛ ذلة وتواضع لله عز وجل، منازل لا ترفع فيها الرءوس خشية لله، ولا يظهر الإنسان فيها إلا الفاقة والحاجة إلى الله، فيها بيت توجهت إليه القلوب والقوالب، من الصفا، والمروة، ومنى، ومزدلفة، وعرفات، وأي عرفات! منازل مباركات، منازل عند الله جليلة، وأماكن عند الله عظيمة! ولسان كل حال مؤمل بين يدى مولاه ذليل [/FONT]
[FONT="]قلبي إلى البيت العتيق يـــتوق * وإلى الصفا وإلى الحطيم مشوق[/FONT]
[FONT="]ولزمزم الوحي العظـيم متـــــيم * وعلي من نور اليــــقين شروق[/FONT]
[FONT="]وإلى الطواف مع الجموع وقد أتت * فالدمع يجري والخشوع عميق[/FONT]
[FONT="]في مشهد فيه المهابة قد طغت * للقلب يشفي والعـــيون تروق[/FONT]
[FONT="]الوقفة الثالثة :[/FONT]
[FONT="]لقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فلما رقاها قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) . لماذا هلل؟ هلل لأنه بالأمس القريب كان يقف على الصفا يقول لهم -منذراً ومحذراً ومبيناً[/FONT] -: ([FONT="]قولوا لا إله إلا الله تفلحوا فقال له أبو لهب[/FONT]: [FONT="]تباً لك! ألهذا جمعتنا؟!) فبالأمس يكذب وبالأمس يهان وعلى هذا المكان، ويشاء الله عز وجل يوم حجة الوداع أن تأتي مائة ألف نفس تأتمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رقى الصفا تذكر عندما كان يهان بجوار البيت، فكان أول ما لفظ به توحيد الله، فقال: (لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده) فصلاح العقيدة سبب لكلّ صلاح، وأعظم مقاصد الحج توحيد الله في العقيدة والمنهج والإذعان له من كل فجّ والتقرّبُ له بالعجّ والثجّ، وما التلبيةُ التي يدوّي بها الحجيج وتهتزّ لها جَنَباتُ البلدِ الأمين وتجَلجِل بها المشاعرُ المقدّسة إلاّ عنوان التوحيدِ والإيمانِ وشعار الطاعة والإذعان، وقد وصفَ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إهلالَ النبيّ قائلاً: فأهلَّ رسولُ الله بالتوحيد: ((لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريكَ لك لبّيك، إنّ الحمدَ والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[2]، ولأجلِ التوحيدِ رُفعَت قواعِد هذا البيت المعظّم، وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا [الحج:26[/FONT].
[FONT="]والكعبة الغراء تـــروي قـــــــصة * فيها من الذكر الحكيم بريق[/FONT]
[FONT="]حيث الرسول قدامتصى قصــــواءه * في فتح مكة والزمان عــريق[/FONT]
[FONT="]اصعد بلال فـــــوق اطهر بقـــــعة* أذن لنسمع والنفــــوس تفيق[/FONT]
[FONT="]أذن فما أزكـــــى الأذان مــــدويا* في يوم عز بالحجيــــــج يضيق[/FONT]
[FONT="]الوقفة الرابعة :[/FONT]
[FONT="]حتى إذا شاء الله عز وجل ما شاء فمضيت بين الصفا والمروة، تنتقل من معلم توحيد إلى معلم توحيد لرب العبيد، حتى إذا شاء الله لك أن تبلغ الموطن المبارك، الذي هو الحج الأكبر، إنه عرفات، وما أدراك ما يوم عرفات؟! يوم تفطرت فيه القلوب لرب البريات، ما طلعت الشمس على يوم أفضل عند الله من يوم عرفة.! وقد كان من لطف الله وتيسيره أن جعل الموقف بعد الزوال سويعات، فاحتسب عند الله تبارك وتعالى فيها بالدعوات،عرفات حيث القلوب النكسرة التي تؤرقها الذنوب وتهدها الخطايا يقبل العبد على الله يناجيه ويناديه، بين لوعتين: لوعة الماضي، ولوعة المستقبل؛ أما الماضي فبينه وبين الله حدود طالما جاوزها، ومحارم طالما أصابها، وبينه ، وحقوق لخلقه ضيعها، فإذا صار العبد إلى ذلك الموقف، يصير بذلك القلب الخاشع الذليل، ويا لله ما أعظمه من موقف! لو أن الإنسان استشعر تلك الساعة المباركة، التي يدنو الله عز وجل فيها دنواً يليق بجلاله وعظمته لأهل الموقف، ويقول لملائكته: (ما أراد هؤلاء؟) يقول بعض العلماء[/FONT] : [FONT="]استفهام إجلال وإعظام وإكبار، أي : أي شيء أراد هؤلاء؟ يدل على أن الله سينزل عليهم من رحمته ورضوانه بما لم يخطر على بال، (ماذا أراد هؤلاء؟[/FONT]) [FONT="]أينسى الله تبارك وتعالى؟! وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:64]. تلك الخطى التي قدمت بها عليه، أينسى الشعث الذي تقربت به إليه؟ حتى إن الإمام أحمد رحمه الله سئل: هل ينظر الحاج في المرآة؟ قال: إن كان ينظر من أجل إصلاح شعره فلا؛ حتى لا يذهب شعثه. يقول بعض العلماء: إن الله تعالى يباهي بشعث الإنسان وغبره،؟![/FONT]
[FONT="]وبعد زوال الشمس كـان وقوفنـا *** إلى الليل نبكـي والدعـاء أطلنـاه [/FONT]
[FONT="]فكم حامـد كـم ذاكـر ومسبـح *** وكم مذنب يشكـو لمـولاه بلـواه [/FONT]
[FONT="]فكم خاضـع كـم خاشـع متذلـل *** وكم سائل مـدت إلـى الله كفـاه [/FONT]
[FONT="]وساوى عزيز في الوقوف ذليلنـا *** وكم ثوب عز في الوقوف لبسنـاه[/FONT]
[FONT="] ثم ارم بطرفك إلى هذه الأمم التي اجتمعت على عرفات، ذابت أنسابهم، وذهبت أحسابهم، وأصبحوا لا تستطيع أن تفرق بين الغني والفقير ولذلك إذا وقف العبد بعرفات، ونظر إلى تلك البريات، ونظر إلى تلك الأصوات والصيحات، فسبحان من علم لغاتها[/FONT] ! [FONT="]وسبحان من ميز ألفاظها! وسبحان من قضى حوائجها! لا يخفى عليه صوت، ولا تعجزه حاجة، أحد فرد صمد، لا يعييه سؤال سائل! لذلك أحبتي في الله! النظر في حال يوم عرفة يذكر بالله تبارك وتعالى. كان الناس مع الخليفة سليمان بن عبد الملك فجاءت صاعقة وهم وقوف بعرفة، ففزع الناس فزعاً شديداً، وفزع الخليفة سليمان رحمه الله فزعاً شديداً من تلك الصاعقة، فقال له عمر : يا أمير المؤمنين! هذه بين يدي رحمته؛ فكيف بالتي بين يدي عذابه؟! وما هي إلا لحظات حتى يشاء الله عز وجل للعبد، فينقضي موقفه، وتغيب عليه شمسه، ويأذن الله لأهل ذلك الموقف بالانصراف. وتأتي تلك الساعة العصيبة، والله إنها لمن أمر الساعات في الحج، وأعظم ساعة يتألم الإنسان فيها أثناء الحج، إنها ساعة الانصراف من عرفة، لا يدري هل الله عز وجل قبل دعوته أم لم يقبلها؟! لا يدري هل أجاب الله سؤاله أم لم يجبه؟! لا يدري أمرحوم أم محروم؟! فلذلك يبلغ بالإنسان من الشجن والأسى ما لا يعلمه إلا الله، فهو يقول: أأفيض ربي؟! فهل أنت راضٍ عني، أم لست راضياً عني؟! يناديه بقلب متقطع منفطر، رباه! إن لم ترض عني قبل هذا الموقف فارضَ عني ! حتى إذا سرت بين الشعاب وسرت بين تلك الوهاد، فلا إله إلا الله كم يسير عليها عبد غفرت ذنوبه فهو كيوم ولدته أمه! لا إله إلا الله يدفعون من عرفات، دخلوها مثقلين، ليخرجوا منها من الذنوب والخطايا مغسولين! ما أعظمه من موقف، لا إله إلا الله! يسيرون بين تلك الشعاب، يسيرون بين تلك الأودية كيوم ولدتهم أمهاتهم، ما نظر الله إلى سيئات مضت ولا عاملهم بها. فيا لله! كم دعوة كتب لصاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً[/FONT]! [FONT="]ويا لله! كم دعوة كتب لصاحبها رحمة لا يعذب بعدها أبداً! يسيرون بين تلك الشعاب العزيزة عند الله، بقلوب مليئة بإجلال الله، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يحسون معناها، ويتلذذون حلاوتها، ويصيبون فضلها وبغيتها[/FONT].
[FONT="]الوقفة الخامسة :ثم إلى المشعر إلى مزدلفة يفيضون ولربهم يطلبون [/FONT]
[FONT="]افيضوا وأنتم حامدون إلهكـم *** إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه [/FONT]
[FONT="]وسيروا إليه واذكروا الله عنده *** فسرنا وفي وقت العشاء نزلناه[/FONT]
[FONT="]ومنه أفضنا حيثما الناس قبلنا *** أفاضوا وغفران الإله طلبنـاه[/FONT]
[FONT="] وعند المشعر يفيضون إليه بقلوب مغسولة، مليئة بالخشوع مليئة بالإنابة والخضوع، قلوب تعظم الله تبارك وتعالى، كيف وقد حطت الخطايا، كيف وقد غسلت الرزايا. يقفون بالمشعر حتى إذا شاء الله عز وجل لهم وقضوا منسكهم فصلوا فجرهم ووقفوا موقفهم أنابوا وتضرعوا، ورفعوا الأكف إلى الله وقالوا[/FONT] : [FONT="]ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. يشعرون بهيبة المشعر وجلال ذلك الموقف، يقفون وكلهم شوق إلى رحمة الله بعد أن أفاضوا وأنابوا إلى ربهم، ولرحمته أصابوا[/FONT].
[FONT="]الوقفة السادسة :[/FONT]
[FONT="]ثم إلى منى، ومن منى إلى البيت العتيق: لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29] في هذه الأيام المباركات.. الأيام المعدودات ذكر وشكر واستغفار وتعظيم للعظيم القهار، أيام منىً أيام الذاكرين.. أيام الشاكرين، أحسوا بأن الله أصابهم برحمته، وأصابهم بعفوه ولطفه؛ فأخذت الألسن لا تفتر عن ذكره وشكره، وحق لها والله! بعد أن أصابت رحمة الله أن تثني على الله، وكيف لا تثني عليه وقد أعطاها عطاءً هو العطاء في الدنيا؟!. وفي منى تلك الساعات الطيبات، تلقى فيها الوجوه مضيئة، تلقى فيها الوجوه مشرقة من آثار العبادة، تلقى فيها إخواناً لك في الإسلام والدين لم يجمعك بهم حسب ولا نسب، ولم تجمعك بهم قربى، بل لم ترهم عينك من قبل قط، ولكن ترى وجهه فتعلم أنه يشهد أن لا إله إلا الله فتحبه وتسلم عليه وتهنئه، تهنئه برحمة الله أيام منى أيام جمع للمسلمين، لا يليق بالمسلم وهو يسير أمام إخوانه إلا وهو يفشي السلام بين المسلمين ويحسن إليهم بالإجلال والإكرام. تتجلى فيها أخوة الإسلام في أرقى مرتقاها إنها الأيام الطيبات، أيام تتلذذ فيها الأسماع بالتكبير والتحميد[/FONT] . [FONT="]يكبرون ويهللون ولربهم يحمدون ..[/FONT]
[FONT="]الوقفة الأخيرة: حال الحاج عند طواف الوداع[/FONT]
[FONT="]أحبتي في الله! وبعد ذلك -وما بعد ذلك؟- يسير العبد إلى آخر مرحلة من حجه، وهي: طواف الوداع، وهيا للحظة الأخيرة التي يودع فيها الإنسان بيت الله الحرام، يودع فيها دار السلام، يطوف بذلك البيت لكي يكون آخر عهده بالبيت طوافاً، ولطواف الوداع حلاوة، ولطواف الوداع لذة وطلاوة. طواف الوداع يذكرك بفضل هذه المنازل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: (كان الناس يسفرون من فجاج منى وعرفات) كان الناس يسفرون، يعني: يخرجون إلى ديارهم، ويرجعون إلى أمصارهم من فجاج منى وعرفات (فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافاً). فإذا طاف الإنسان طواف الوداع طافت به أشجان وأحزان، لأن العبد الصالح من أعظم ما يؤلمه، وأشد ما يجده في دينه إذا فارق الطاعة والعبادة، ولذلك كان بعض السلف إذا كانت آخر ليلة من رمضان جلس يبكي ويقول: ألا ليت شعري من هو المحروم فنعزيه؟ ألا ليت شعري من هو المقبول فنهنيه؟ فالإنسان إذا قضى عبادته وانتهى من حجه، فإنه لا يدري أقبل الله حجته أم لم يقبلها يتذكر المؤمن تلك الليالي التي باتها والجمرات التي رماها والمواقف التي وقفها وماهي عندما تقف جنب لجنب في ميزان نعمة واحدة من نعم الله عندما يطرق الذهن ويلامس الأذن قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله[/FONT] . [FONT="]قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمته) وهذا الصحابي الجليل عندما حضرته الوفاة جلس يبكي فجاءه ابنه سالم ، وقال: يا أبتاه[/FONT]! [FONT="]ألم تكن كذا وكذا وكذا. يذكره بما كان عليه من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يعدد فضائله التي فضله الله عز وجل بها حتى أكثر عليه، فقال رضي الله عنه: أجلسوني، ثم قال: يا بني! أتدري ممن يتقبل الله؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27].. ما عد نفسه شيئاً[/FONT]. [FONT="]إذا كان هذا عبد الله بن عمر ، فكيف نحن نطمع بحسناتنا وصالح أقوالنا وأفعالنا؟! وما يدري العبد لعل ذنباً أصابه أوجب عليه سخطاً لا رضا بعده، ولعل كبيرةً أصابها، ولعل عبداً من عباد الله ظلمه بمظلمة لم يقبل الله عز وجل عليه بعدها إذا غادرت لبيت لله فاعلم أنك قد عاهدت الله على توحيده؛ فإياك أن ترجع [/FONT]-[FONT="]والعياذ بالله- بالله مشركاً، إياك بعد أن ناديته وتشرفت بالوقوف بين يديه أن تستغيث بأحد سواه، أو تستجير بمن عداه، فقد وجدته حليماً رحيماً، ووجدته جواداً كريماً، فإلى أين تفر؟! إلى أين تعرض؟! فلذلك اجعله عهداً بينك وبين الله أن لا معاذ ولا ملاذ ولا منجى ولا ملجأ من الله إلا إلى الله، ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله عن بعض السلف[/FONT]: [FONT="]أنه وقف بمزدلفة -في المشعر- وقال: والله الذي لا إله إلا هو! إن لي ثلاثين عاماً أسأل الله ألا يجعله آخر العهد بهذا الموضع، وقد استجاب الله دعوتي، وإني لأستحيي أن أسأله هذا العام. فرجع فقبضه الله عز وجل. ؟! قال بعض العلماء: من علامة قبول الحج أن يكون العبد بعد الحج أصلح منه حالاً قبل الحج. يا عبد الله! اللهم تقبل حج الجحيج واجعله حجا لا رفث فيه ولا فسوق ولاجدال , وأصلح فيه النية والأعمال أقول قولي هذا، وأستغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين من ذلك ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . [/FONT]
[FONT="] الخطبة الثانية[/FONT]
[FONT="]الحمد كريم النوال فضل يوم عرفة وأكمل فيه الدين يباهي فيه ملائكته بالحجيج ويقيل فيه العثرات ويكفر السيئات وأصلى على خير الورى وأزكى من طاف بالبيت ورمى الجمرات وعلى آله الطيبين وصحبه من الأنصار والمهاجرين وبعد :[/FONT]
[FONT="]من فضل فيض كرم الواحد العلام أن جعل بركة وفضل يوم عرفة حتى لغير الحاج فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم. وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف[/FONT] . [FONT="]يقول الإمام النووي[/FONT]: "[FONT="]فهذا اليوم أفضل أيام السنة للدعاء، فينبغي أن يستفرغ الإنسان وُسْعَهُ في الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأن يدعوَ بأنواع الأدعية ويأتي بأنواع الأذكار ,ولا تنسَ التكبير من فجر يوم عرفة وحتى عصر ثالث أيام التشريق[/FONT]. [FONT="]عبد الله اعقد العزم على أن تُحدِثَ عملاً صالحًا خبيئة بينك وبين ربك[/FONT][FONT="]فإن صدقة السر تطفىء غضب الرب[/FONT][FONT="]فاجعل من هذا اليوم ميلادَ فجرٍ جديدٍ في حياتك، وسيرك إلى الله تعالى اغتنم ساعاته ولحظاتك فما فما أقلها في الحسبان وما أعظمها عند الله في الميزان ما يغرب عليك يوم عرفة إلا وقد كفرت سيئاتك وبدلت حسنات ليس عاما واحد بل عامين عمل قليل . وخير جزيل , فسبحان المتفضل الجليل , يضع المغانم بين يدي عباده فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشهر أقصر, يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل- : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة : 39]. يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله[/FONT] - [FONT="]عز وجل- : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة : 197وهوأحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه قال الله - عز وجل- : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28[/FONT]]. [FONT="]قال ابن عباس –رضي الله عنهما : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة[/FONT]. [FONT="]وهو أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل- : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [سورة الفجر:2]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح[/FONT].[FONT="]يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله[/FONT] - [FONT="]عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل[/FONT]. [FONT="]يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5]. قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة[/FONT].[FONT="] يوم عرفة يوم العيد لأهل الموقف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني[/FONT] .[FONT="]إنه يوم الدعاء الاعظم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر – رحمه الله - : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره[/FONT].[FONT="]إنه يوم[/FONT][FONT="]كثرة العتق من النار في يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح إنه يوم[/FONT][FONT="]مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني[/FONT] .[FONT="]يوم عرفة يوم يبدأ معه التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام منى .[/FONT]
[FONT="]إنه يوم فيه ركن الحج العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) متفق عليه[/FONT] . [FONT="] كل الشمائل اجتمعت في هذا اليوم فسارع أخي إلى الطاعات وبادر إلى القربات والتمس ما عند الله من رفيع الدرجات وتزود للأخرة قبل الفوات، فكم من مسوف باغته الأجل فصر به العمل ..[/FONT]
[FONT="]تزود من حياتك للمعـاد * وقم لله واجمع خير زاد[/FONT]
[FONT="]ولا تركن إلى الدنيا طويلا* فإن المـال يجمـع للنفاد[/FONT]
[FONT="]اللهم تقبل من الحجيج حجهم واعدهم الى اهلهم سالمين غانمين مهللين ومكبرين[/FONT]
[FONT="]اللهم ويسر [/FONT] [FONT="]الحج [/FONT][FONT="]لكل من لم يستطع ان يحج اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين لمن تحبه وترضاه واجعل في طريق الصلاح والإصلاح ممشاه وأجزل له على خدمة ضيوفك المثوبة والعطاء يا خافض الأرض ورافع السماء عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه وكرمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون .[/FONT]
[FONT="]وحي من [/FONT][FONT="]الروح [/FONT][FONT="]لا وحي من [/FONT][FONT="]القلم [/FONT][FONT="]*** [/FONT][FONT="]هز المشاعر من راسي إلى قدمي[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لما رأيت حجيج البيت يدفعهـم *** شوق إلى الله من عرب ومن عجم[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لبوا الــنـداء فما قرت رواحلهم *** حتى أناخوا قبيل الصبح بالحرم[/FONT][FONT="]
[/FONT][FONT="]لبيك اللهــم يــا رباً نلــوذ بـه *** سجع الحناجر تحدوها بلا سئم[/FONT]
......[FONT="] ولنا مع الحج والحجيج وقفات :[/FONT]
[FONT="]الوقفة الأولى: إنها لحظة قبل أن يغادر هذا الحاج بيته ومنزله وهو يلقى على أبناءه النظرات وقد عقد القلب العزم على المسير إلى الله، والانتقال إلى رياض رحمة الله، إلى البيت العتيق إنك ستودع الأبناء والخلان إلى تأدية فرض الرحمن قف مع نفسك وتذكر ذلك النداء الذي يناديك من الأعماق ويذكرك بالفراق الأعظم والقدوم إلى الله فتزود من رحلة الحج المجيدة إلى الرحلة الكبرى والمنتهى الأبدي يوم يقوم الناس لرب العالمين [/FONT][FONT="][FONT="]فيا من أزمعت إلى تلك البقاع الرحلة , يا قاصدا إلى ضيافة رب العالمين الذهاب , زود قلبك بزاد الإيمان والتقوى قبل أن تتزود بزاد الدنيا والمتاع رد المظالم والحقوق إلى أصحابها واستسمح ممن أسئت إليه لأن مقصدك عظيم إنك ترجومغفرة الذنوب والعودة كما ولدتك أمك,,,[/FONT] ..[/FONT]
[FONT="]الوقفة الثانية :[/FONT]
[FONT="]أخي الحاج ما أجمل أن تصدح بشكر الله والثناء على لله ، فكم من وفود تمنت! وكم من قلوب حنت لكي تدخل البيت الحرام! كم من عيون تمنى أصحابها رؤية البيت الحرام! وكم من أجساد وأرواح طمعت أن تطوف ببيت الله! اخترمتها البحار، والتقمتها القفار، وصارت إلى العزيز القهار، والله تفضل فاختارك من بين العباد حاجاً وافداً، فما أجلها من نعمة وما أعظمها من منة! حتى إذا وطئت بيت الله وطئته وأنت تجل نعمة الله، وتعظم منحة الله، وطئت البيت الحرام وكلك إجلال وإعظام للملك العلام. أي بيت؟! أي مكان؟! أي بلد؟! أي منزل؟[/FONT] ! [FONT="]إنه البلد الذي اختاره الله من بين البلاد، أنه ليس لكثره أنهاره و أشجاره ولا لفتن من الدنيا بادية، ولكن فيه الروح والريحان، فيه الرضا والغفران، فيه الصفح والإحسان، فيا لله! ما أعظمها من منازل! عظمها الله ورفع شأنها الله، ما أعظمها من منازل! لو أذن تلك البقاع أن تتحدث، لو أذن لتلك المواضع أن تنطق، فكم عليها من دعوات أجيبت! وكم عليها من هموم فرجت[/FONT]! [FONT="]وكم عليها من كروب نفست،! إنها منازل الله، ومحط رحمة الله، حتى إذا وطئتها وطئتها بقلب يعظمها: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]. يا عبد الله! إذا نزلت إلى بيت الله فادخله لله منكسراً، ومن هيبته خاشعاً، ادخله بذلة لله، ادخله بالسكينة والوقار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح في يوم أعز الله فيه أهل دينه، دخل صلوات الله وسلامه عليه مطأطئاً رأسه ذلة لله، حتى إن لحيته تكاد تمس رحل دابته صلوات الله وسلامه عليه؛ ذلة وتواضع لله عز وجل، منازل لا ترفع فيها الرءوس خشية لله، ولا يظهر الإنسان فيها إلا الفاقة والحاجة إلى الله، فيها بيت توجهت إليه القلوب والقوالب، من الصفا، والمروة، ومنى، ومزدلفة، وعرفات، وأي عرفات! منازل مباركات، منازل عند الله جليلة، وأماكن عند الله عظيمة! ولسان كل حال مؤمل بين يدى مولاه ذليل [/FONT]
[FONT="]قلبي إلى البيت العتيق يـــتوق * وإلى الصفا وإلى الحطيم مشوق[/FONT]
[FONT="]ولزمزم الوحي العظـيم متـــــيم * وعلي من نور اليــــقين شروق[/FONT]
[FONT="]وإلى الطواف مع الجموع وقد أتت * فالدمع يجري والخشوع عميق[/FONT]
[FONT="]في مشهد فيه المهابة قد طغت * للقلب يشفي والعـــيون تروق[/FONT]
[FONT="]الوقفة الثالثة :[/FONT]
[FONT="]لقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فلما رقاها قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) . لماذا هلل؟ هلل لأنه بالأمس القريب كان يقف على الصفا يقول لهم -منذراً ومحذراً ومبيناً[/FONT] -: ([FONT="]قولوا لا إله إلا الله تفلحوا فقال له أبو لهب[/FONT]: [FONT="]تباً لك! ألهذا جمعتنا؟!) فبالأمس يكذب وبالأمس يهان وعلى هذا المكان، ويشاء الله عز وجل يوم حجة الوداع أن تأتي مائة ألف نفس تأتمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رقى الصفا تذكر عندما كان يهان بجوار البيت، فكان أول ما لفظ به توحيد الله، فقال: (لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده) فصلاح العقيدة سبب لكلّ صلاح، وأعظم مقاصد الحج توحيد الله في العقيدة والمنهج والإذعان له من كل فجّ والتقرّبُ له بالعجّ والثجّ، وما التلبيةُ التي يدوّي بها الحجيج وتهتزّ لها جَنَباتُ البلدِ الأمين وتجَلجِل بها المشاعرُ المقدّسة إلاّ عنوان التوحيدِ والإيمانِ وشعار الطاعة والإذعان، وقد وصفَ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما إهلالَ النبيّ قائلاً: فأهلَّ رسولُ الله بالتوحيد: ((لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريكَ لك لبّيك، إنّ الحمدَ والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[2]، ولأجلِ التوحيدِ رُفعَت قواعِد هذا البيت المعظّم، وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا [الحج:26[/FONT].
[FONT="]والكعبة الغراء تـــروي قـــــــصة * فيها من الذكر الحكيم بريق[/FONT]
[FONT="]حيث الرسول قدامتصى قصــــواءه * في فتح مكة والزمان عــريق[/FONT]
[FONT="]اصعد بلال فـــــوق اطهر بقـــــعة* أذن لنسمع والنفــــوس تفيق[/FONT]
[FONT="]أذن فما أزكـــــى الأذان مــــدويا* في يوم عز بالحجيــــــج يضيق[/FONT]
[FONT="]الوقفة الرابعة :[/FONT]
[FONT="]حتى إذا شاء الله عز وجل ما شاء فمضيت بين الصفا والمروة، تنتقل من معلم توحيد إلى معلم توحيد لرب العبيد، حتى إذا شاء الله لك أن تبلغ الموطن المبارك، الذي هو الحج الأكبر، إنه عرفات، وما أدراك ما يوم عرفات؟! يوم تفطرت فيه القلوب لرب البريات، ما طلعت الشمس على يوم أفضل عند الله من يوم عرفة.! وقد كان من لطف الله وتيسيره أن جعل الموقف بعد الزوال سويعات، فاحتسب عند الله تبارك وتعالى فيها بالدعوات،عرفات حيث القلوب النكسرة التي تؤرقها الذنوب وتهدها الخطايا يقبل العبد على الله يناجيه ويناديه، بين لوعتين: لوعة الماضي، ولوعة المستقبل؛ أما الماضي فبينه وبين الله حدود طالما جاوزها، ومحارم طالما أصابها، وبينه ، وحقوق لخلقه ضيعها، فإذا صار العبد إلى ذلك الموقف، يصير بذلك القلب الخاشع الذليل، ويا لله ما أعظمه من موقف! لو أن الإنسان استشعر تلك الساعة المباركة، التي يدنو الله عز وجل فيها دنواً يليق بجلاله وعظمته لأهل الموقف، ويقول لملائكته: (ما أراد هؤلاء؟) يقول بعض العلماء[/FONT] : [FONT="]استفهام إجلال وإعظام وإكبار، أي : أي شيء أراد هؤلاء؟ يدل على أن الله سينزل عليهم من رحمته ورضوانه بما لم يخطر على بال، (ماذا أراد هؤلاء؟[/FONT]) [FONT="]أينسى الله تبارك وتعالى؟! وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:64]. تلك الخطى التي قدمت بها عليه، أينسى الشعث الذي تقربت به إليه؟ حتى إن الإمام أحمد رحمه الله سئل: هل ينظر الحاج في المرآة؟ قال: إن كان ينظر من أجل إصلاح شعره فلا؛ حتى لا يذهب شعثه. يقول بعض العلماء: إن الله تعالى يباهي بشعث الإنسان وغبره،؟![/FONT]
[FONT="]وبعد زوال الشمس كـان وقوفنـا *** إلى الليل نبكـي والدعـاء أطلنـاه [/FONT]
[FONT="]فكم حامـد كـم ذاكـر ومسبـح *** وكم مذنب يشكـو لمـولاه بلـواه [/FONT]
[FONT="]فكم خاضـع كـم خاشـع متذلـل *** وكم سائل مـدت إلـى الله كفـاه [/FONT]
[FONT="]وساوى عزيز في الوقوف ذليلنـا *** وكم ثوب عز في الوقوف لبسنـاه[/FONT]
[FONT="] ثم ارم بطرفك إلى هذه الأمم التي اجتمعت على عرفات، ذابت أنسابهم، وذهبت أحسابهم، وأصبحوا لا تستطيع أن تفرق بين الغني والفقير ولذلك إذا وقف العبد بعرفات، ونظر إلى تلك البريات، ونظر إلى تلك الأصوات والصيحات، فسبحان من علم لغاتها[/FONT] ! [FONT="]وسبحان من ميز ألفاظها! وسبحان من قضى حوائجها! لا يخفى عليه صوت، ولا تعجزه حاجة، أحد فرد صمد، لا يعييه سؤال سائل! لذلك أحبتي في الله! النظر في حال يوم عرفة يذكر بالله تبارك وتعالى. كان الناس مع الخليفة سليمان بن عبد الملك فجاءت صاعقة وهم وقوف بعرفة، ففزع الناس فزعاً شديداً، وفزع الخليفة سليمان رحمه الله فزعاً شديداً من تلك الصاعقة، فقال له عمر : يا أمير المؤمنين! هذه بين يدي رحمته؛ فكيف بالتي بين يدي عذابه؟! وما هي إلا لحظات حتى يشاء الله عز وجل للعبد، فينقضي موقفه، وتغيب عليه شمسه، ويأذن الله لأهل ذلك الموقف بالانصراف. وتأتي تلك الساعة العصيبة، والله إنها لمن أمر الساعات في الحج، وأعظم ساعة يتألم الإنسان فيها أثناء الحج، إنها ساعة الانصراف من عرفة، لا يدري هل الله عز وجل قبل دعوته أم لم يقبلها؟! لا يدري هل أجاب الله سؤاله أم لم يجبه؟! لا يدري أمرحوم أم محروم؟! فلذلك يبلغ بالإنسان من الشجن والأسى ما لا يعلمه إلا الله، فهو يقول: أأفيض ربي؟! فهل أنت راضٍ عني، أم لست راضياً عني؟! يناديه بقلب متقطع منفطر، رباه! إن لم ترض عني قبل هذا الموقف فارضَ عني ! حتى إذا سرت بين الشعاب وسرت بين تلك الوهاد، فلا إله إلا الله كم يسير عليها عبد غفرت ذنوبه فهو كيوم ولدته أمه! لا إله إلا الله يدفعون من عرفات، دخلوها مثقلين، ليخرجوا منها من الذنوب والخطايا مغسولين! ما أعظمه من موقف، لا إله إلا الله! يسيرون بين تلك الشعاب، يسيرون بين تلك الأودية كيوم ولدتهم أمهاتهم، ما نظر الله إلى سيئات مضت ولا عاملهم بها. فيا لله! كم دعوة كتب لصاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً[/FONT]! [FONT="]ويا لله! كم دعوة كتب لصاحبها رحمة لا يعذب بعدها أبداً! يسيرون بين تلك الشعاب العزيزة عند الله، بقلوب مليئة بإجلال الله، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يحسون معناها، ويتلذذون حلاوتها، ويصيبون فضلها وبغيتها[/FONT].
[FONT="]الوقفة الخامسة :ثم إلى المشعر إلى مزدلفة يفيضون ولربهم يطلبون [/FONT]
[FONT="]افيضوا وأنتم حامدون إلهكـم *** إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه [/FONT]
[FONT="]وسيروا إليه واذكروا الله عنده *** فسرنا وفي وقت العشاء نزلناه[/FONT]
[FONT="]ومنه أفضنا حيثما الناس قبلنا *** أفاضوا وغفران الإله طلبنـاه[/FONT]
[FONT="] وعند المشعر يفيضون إليه بقلوب مغسولة، مليئة بالخشوع مليئة بالإنابة والخضوع، قلوب تعظم الله تبارك وتعالى، كيف وقد حطت الخطايا، كيف وقد غسلت الرزايا. يقفون بالمشعر حتى إذا شاء الله عز وجل لهم وقضوا منسكهم فصلوا فجرهم ووقفوا موقفهم أنابوا وتضرعوا، ورفعوا الأكف إلى الله وقالوا[/FONT] : [FONT="]ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. يشعرون بهيبة المشعر وجلال ذلك الموقف، يقفون وكلهم شوق إلى رحمة الله بعد أن أفاضوا وأنابوا إلى ربهم، ولرحمته أصابوا[/FONT].
[FONT="]الوقفة السادسة :[/FONT]
[FONT="]ثم إلى منى، ومن منى إلى البيت العتيق: لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29] في هذه الأيام المباركات.. الأيام المعدودات ذكر وشكر واستغفار وتعظيم للعظيم القهار، أيام منىً أيام الذاكرين.. أيام الشاكرين، أحسوا بأن الله أصابهم برحمته، وأصابهم بعفوه ولطفه؛ فأخذت الألسن لا تفتر عن ذكره وشكره، وحق لها والله! بعد أن أصابت رحمة الله أن تثني على الله، وكيف لا تثني عليه وقد أعطاها عطاءً هو العطاء في الدنيا؟!. وفي منى تلك الساعات الطيبات، تلقى فيها الوجوه مضيئة، تلقى فيها الوجوه مشرقة من آثار العبادة، تلقى فيها إخواناً لك في الإسلام والدين لم يجمعك بهم حسب ولا نسب، ولم تجمعك بهم قربى، بل لم ترهم عينك من قبل قط، ولكن ترى وجهه فتعلم أنه يشهد أن لا إله إلا الله فتحبه وتسلم عليه وتهنئه، تهنئه برحمة الله أيام منى أيام جمع للمسلمين، لا يليق بالمسلم وهو يسير أمام إخوانه إلا وهو يفشي السلام بين المسلمين ويحسن إليهم بالإجلال والإكرام. تتجلى فيها أخوة الإسلام في أرقى مرتقاها إنها الأيام الطيبات، أيام تتلذذ فيها الأسماع بالتكبير والتحميد[/FONT] . [FONT="]يكبرون ويهللون ولربهم يحمدون ..[/FONT]
[FONT="]الوقفة الأخيرة: حال الحاج عند طواف الوداع[/FONT]
[FONT="]أحبتي في الله! وبعد ذلك -وما بعد ذلك؟- يسير العبد إلى آخر مرحلة من حجه، وهي: طواف الوداع، وهيا للحظة الأخيرة التي يودع فيها الإنسان بيت الله الحرام، يودع فيها دار السلام، يطوف بذلك البيت لكي يكون آخر عهده بالبيت طوافاً، ولطواف الوداع حلاوة، ولطواف الوداع لذة وطلاوة. طواف الوداع يذكرك بفضل هذه المنازل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: (كان الناس يسفرون من فجاج منى وعرفات) كان الناس يسفرون، يعني: يخرجون إلى ديارهم، ويرجعون إلى أمصارهم من فجاج منى وعرفات (فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافاً). فإذا طاف الإنسان طواف الوداع طافت به أشجان وأحزان، لأن العبد الصالح من أعظم ما يؤلمه، وأشد ما يجده في دينه إذا فارق الطاعة والعبادة، ولذلك كان بعض السلف إذا كانت آخر ليلة من رمضان جلس يبكي ويقول: ألا ليت شعري من هو المحروم فنعزيه؟ ألا ليت شعري من هو المقبول فنهنيه؟ فالإنسان إذا قضى عبادته وانتهى من حجه، فإنه لا يدري أقبل الله حجته أم لم يقبلها يتذكر المؤمن تلك الليالي التي باتها والجمرات التي رماها والمواقف التي وقفها وماهي عندما تقف جنب لجنب في ميزان نعمة واحدة من نعم الله عندما يطرق الذهن ويلامس الأذن قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله[/FONT] . [FONT="]قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمته) وهذا الصحابي الجليل عندما حضرته الوفاة جلس يبكي فجاءه ابنه سالم ، وقال: يا أبتاه[/FONT]! [FONT="]ألم تكن كذا وكذا وكذا. يذكره بما كان عليه من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يعدد فضائله التي فضله الله عز وجل بها حتى أكثر عليه، فقال رضي الله عنه: أجلسوني، ثم قال: يا بني! أتدري ممن يتقبل الله؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27].. ما عد نفسه شيئاً[/FONT]. [FONT="]إذا كان هذا عبد الله بن عمر ، فكيف نحن نطمع بحسناتنا وصالح أقوالنا وأفعالنا؟! وما يدري العبد لعل ذنباً أصابه أوجب عليه سخطاً لا رضا بعده، ولعل كبيرةً أصابها، ولعل عبداً من عباد الله ظلمه بمظلمة لم يقبل الله عز وجل عليه بعدها إذا غادرت لبيت لله فاعلم أنك قد عاهدت الله على توحيده؛ فإياك أن ترجع [/FONT]-[FONT="]والعياذ بالله- بالله مشركاً، إياك بعد أن ناديته وتشرفت بالوقوف بين يديه أن تستغيث بأحد سواه، أو تستجير بمن عداه، فقد وجدته حليماً رحيماً، ووجدته جواداً كريماً، فإلى أين تفر؟! إلى أين تعرض؟! فلذلك اجعله عهداً بينك وبين الله أن لا معاذ ولا ملاذ ولا منجى ولا ملجأ من الله إلا إلى الله، ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله عن بعض السلف[/FONT]: [FONT="]أنه وقف بمزدلفة -في المشعر- وقال: والله الذي لا إله إلا هو! إن لي ثلاثين عاماً أسأل الله ألا يجعله آخر العهد بهذا الموضع، وقد استجاب الله دعوتي، وإني لأستحيي أن أسأله هذا العام. فرجع فقبضه الله عز وجل. ؟! قال بعض العلماء: من علامة قبول الحج أن يكون العبد بعد الحج أصلح منه حالاً قبل الحج. يا عبد الله! اللهم تقبل حج الجحيج واجعله حجا لا رفث فيه ولا فسوق ولاجدال , وأصلح فيه النية والأعمال أقول قولي هذا، وأستغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين من ذلك ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . [/FONT]
[FONT="] الخطبة الثانية[/FONT]
[FONT="]الحمد كريم النوال فضل يوم عرفة وأكمل فيه الدين يباهي فيه ملائكته بالحجيج ويقيل فيه العثرات ويكفر السيئات وأصلى على خير الورى وأزكى من طاف بالبيت ورمى الجمرات وعلى آله الطيبين وصحبه من الأنصار والمهاجرين وبعد :[/FONT]
[FONT="]من فضل فيض كرم الواحد العلام أن جعل بركة وفضل يوم عرفة حتى لغير الحاج فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم. وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف[/FONT] . [FONT="]يقول الإمام النووي[/FONT]: "[FONT="]فهذا اليوم أفضل أيام السنة للدعاء، فينبغي أن يستفرغ الإنسان وُسْعَهُ في الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأن يدعوَ بأنواع الأدعية ويأتي بأنواع الأذكار ,ولا تنسَ التكبير من فجر يوم عرفة وحتى عصر ثالث أيام التشريق[/FONT]. [FONT="]عبد الله اعقد العزم على أن تُحدِثَ عملاً صالحًا خبيئة بينك وبين ربك[/FONT][FONT="]فإن صدقة السر تطفىء غضب الرب[/FONT][FONT="]فاجعل من هذا اليوم ميلادَ فجرٍ جديدٍ في حياتك، وسيرك إلى الله تعالى اغتنم ساعاته ولحظاتك فما فما أقلها في الحسبان وما أعظمها عند الله في الميزان ما يغرب عليك يوم عرفة إلا وقد كفرت سيئاتك وبدلت حسنات ليس عاما واحد بل عامين عمل قليل . وخير جزيل , فسبحان المتفضل الجليل , يضع المغانم بين يدي عباده فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشهر أقصر, يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل- : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة : 39]. يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله[/FONT] - [FONT="]عز وجل- : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة : 197وهوأحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه قال الله - عز وجل- : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28[/FONT]]. [FONT="]قال ابن عباس –رضي الله عنهما : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة[/FONT]. [FONT="]وهو أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل- : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [سورة الفجر:2]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح[/FONT].[FONT="]يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله[/FONT] - [FONT="]عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل[/FONT]. [FONT="]يوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5]. قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة[/FONT].[FONT="] يوم عرفة يوم العيد لأهل الموقف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني[/FONT] .[FONT="]إنه يوم الدعاء الاعظم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر – رحمه الله - : وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره[/FONT].[FONT="]إنه يوم[/FONT][FONT="]كثرة العتق من النار في يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح إنه يوم[/FONT][FONT="]مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني[/FONT] .[FONT="]يوم عرفة يوم يبدأ معه التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام منى .[/FONT]
[FONT="]إنه يوم فيه ركن الحج العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) متفق عليه[/FONT] . [FONT="] كل الشمائل اجتمعت في هذا اليوم فسارع أخي إلى الطاعات وبادر إلى القربات والتمس ما عند الله من رفيع الدرجات وتزود للأخرة قبل الفوات، فكم من مسوف باغته الأجل فصر به العمل ..[/FONT]
[FONT="]تزود من حياتك للمعـاد * وقم لله واجمع خير زاد[/FONT]
[FONT="]ولا تركن إلى الدنيا طويلا* فإن المـال يجمـع للنفاد[/FONT]
[FONT="]اللهم تقبل من الحجيج حجهم واعدهم الى اهلهم سالمين غانمين مهللين ومكبرين[/FONT]
[FONT="]اللهم ويسر [/FONT] [FONT="]الحج [/FONT][FONT="]لكل من لم يستطع ان يحج اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين لمن تحبه وترضاه واجعل في طريق الصلاح والإصلاح ممشاه وأجزل له على خدمة ضيوفك المثوبة والعطاء يا خافض الأرض ورافع السماء عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه وكرمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون .[/FONT]