وصايا وتحايا قبل شهر الصيام
ALbeshre ALbeshre
الخطبة الأولى :
الحمد لله الكريم المنان، الرحيم الرحمن، مصرِّفِ الشهور والأعوام، ومبلِّغِ من يتفضل عليه شهرَ الصيام ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ أحمدُهُ على نعمه في كل لحظة وأوان، وأشهدُ بوحدانيته وكل موجود قد ذلّ واستكان. وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين وقدوة المتعبدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله التقوى التي شرعت لأجلها عبادات فمن يحققها لم يتحققها ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ﴾
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي جماع الخير كله, ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ﴾ .
عِبادَ الله: اتقُوا اللهَ تعالى، واعْلَمُوا أَنَّ التَذَكُّرَ والاعْتِبارَ سِمَةٌ مِن سِماتِ المؤمنين الصادِقِين، أَصْحابِ القُلُوبِ الحَيَّةِ، وهو مِن أَسبابِ فَلاحِ العبدِ وسَعادَتِهِ وانْتِفاعِه، ومِن صِفاتِ أَصحابِ العُقُولِ الراجِحةِ والفِطَرِ السَّلِيمَةِ والنُّفُوسِ المُقْبِلَةِ على الله. قال تعالى: ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُوا الأَلْبابِ )، وقال تعالى: ( وَما يَتَذَكَّرُ إلاَّ مَن يُنِيب ).
فَهُم يَعْتَبِرُون عِنْدَما يَرَون أَو يَسْمَعُون بِعُقُوباتِ المُخالِفِين لِأَمْرِ اللهِ ويَتَّعِظُون بِذلك. ويَعْتَبِرُون عِنْدَما يَرَون المَوْتَى، أَو يَمُرُّون بِالمَقابِرِ، فَيُحْدِثُ ذلك لَهُم تَوْبَةً وإِنابَةً. ويَعْتَبِرُون عِنْدَما يَدْخُلُون المُسْتَشْفَياتِ ويَرَون إِخوانَهُم المَرْضَى فَيَزْدادُ شُكْرُهُم عَلَى نِعمةِ الصِّحَّةِ. وأَنواعُ الاعتِبارِ يا عِبادَ اللهِ كثيرة. ومِن هذه الأَنواعِ: الاعْتِبارُ بِمُرُورِ الأيَّامِ وسُرعَةِ انْقِضائِها، وأَعْنِي بِذلك: الاِعتِبارَ الذي يَحْمِلُ العَبْدَ على محاسبةِ النَّفْسِ والاستِعدادِ للمَعاد، وإلا فسُرْعَةُ مُرُورِ الأيامِ يُدْرِكُها الناسُ كُلُّهُم، بَرُّهُم وفاجِرُهم،مُؤمنُهُم وكافِرُهُم.
فالاعْتِبارُ بِسُرعَةِ مُرُورِ الأَيَّامِ يُذَكِّرُ المؤمنين بِأُمُور:
أَوَلُها: هَوانُ الدنيا وأَنَها لا تَدُومُ لِأَحَد.
الثاني: القُرْبُ مِن الآخِرة، لِأَنَّ عُمُرَ الإنسانِ مَحْدُود، وكُلَّما تَقَدَّمَت بِه الأيامُ، ذَهَبَ جُزءٌ مِن عُمُرِه واقْتَرَبَ مِن الآخِرَة.
الثالث: الحِرْصُ على اسْتِغْلالِ العُمُرِ قبلَ الفَوات.
الرابع: الصبرُ على المَصائِبِ والأقدارِ المُرَةِ المُؤْلِمَة، فإن سُرْعَةَ مُرُورِ الأيامِ وانْقِضائِها،تُذَكِّرُ العبدَ المُصابَ بِأَنَّ مَرارةَ المُصيبَةِ مَرارةٌ مُنْقَطِعَةٌ لا تَدُوم، وتَعْقُبُها بَعد المَوتِ حلاوةٌ دائِمةٌ إذا صَبَرَ العبدُ واحتَسَب.
أيها المؤمنون: اعتَبِرُوا بِمُرُورِ الأيامِ واجعلُوا ذلك سَبباً لاجْتِهادِكُم، ومُحَفِّزًا لِمحاسبَةِ النفْسِ, والاقبالِ على الله، وتَذَكُّرِ المَوتِ والبَعْثِ والحساب، خُصُوصًا وأَنَّنا نَشْعُرُ بِتَقارُبِ الزمان وسُرْعةِ الأيام، مِصْداقًا لِقَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ( لا تقومُ الساعةُ حتى يتقاربَ الزمانُ فَتكونَ السنةُ كالشهرِ، ويكونَ الشهرُ كالجُمُعةِ، وتكونَ الجُمُعَةُ كاليوم، ويكونَ اليومُ كالساعةِ، وتكونَ الساعةُ كإضرامِ النارِ أو كإِحراقِ سَعْفَة ).
جُمْعَتُنا هذه: آخِرُ جمعةٍ مِن شعبان، نَسْتَقبلُ بَعدها شهرَ رمضان، الذي نسالُ اللهَ أن يُبَلِّغُنا إيَّاه، وأنْ يَجْعَلَنا مِمَّن يَصومُه ويَقومُه إيمانًا واحتِسابا. وطُولُ العُمُرِ إذا لم يَكُن على طاعَةِ الله، فإنَّه وبالٌ على صاحِبِه، لأن العَبْدَ سَيُسْأَلُ عَن عُمُرِه فيما أفناه. وخَيْرُ المؤمنين مَن طال عُمُرُه وحَسُنَ عملُه.
وقبيل أن يدخل الشهر, ونستنشق نسائم الخير, لنا مع هذه المناسبة عدة وقفات:
الوقفة الأولى: إذا دخل رمضان .. فإن دخوله ليس كدخول غيره من الشهور, فالسماء يحدث فيها تغير بدخوله, والأرض يحدث فيها تغير بدخوله, روى أبو هريرة رضي الله عنه كما عند البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخَل رمضانُ فُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنَّمَ، وسُلسِلَتِ الشياطينُ”.
الله أكبر .. أبواب الجنة تفتح فلا يُغلق منها باب ..
وأبواب النار تغلق فلا يُفتح منها باب ..
والشياطين تصفد وتسلسل فلا تصل إلى ما تصل إليه في غيره من الشهور ..
رمضان .. شهر أثنى عليه الرحمن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.
رمضان .. أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشر به, روى أبو هريرة رضي الله عنه كما عند النسائي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتاكم شهرُ رمضانَ شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تُفَتَّحُ فيه أبوابُ السماءِ، وتُغْلَقُ فيه أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، للهِ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ”.
رمضان بيَّن فضله جبريل عليه السلام, روى مالك بن الحويرث وغيره قال: صعدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ المنبرَ فلمَّا رقيَ عَتَبةً قال: آمينَ, ثمَّ رَقِيَ أُخرَى، فقال: آمينَ, ثمَّ رقيَ عتبةً ثالثةً، فقال: آمينَ. ثمَّ قال: أتاني جبريلُ فقال: يا محمَّدُ! مَن أدركَ رمضانَ، فلَم يُغْفَرْ لهُ؛ فأبعدَهُ اللهُ، فقلتُ: (آمينَ). قال: ومَن أدركَ والدَيْهِ أو أحدَهُما، فدخلَ النَّارَ؛ فأبعدَهُ اللهُ، فقلتُ: آمينَ. قال: ومَن ذُكِرْتَ عندَهُ فلَم يُصَلِّ عليكَ فأبعدَهُ اللهُ قلْ: آمينِ. فقلتُ : (آمينَ) .
أيها الإخوة .. شهر أثنى عليه الله تعالى .. واثنى عليه رسوله صلى الله عليه وسلم.. وأثنى عليه جبريل عليه السلام .. شهر تتغير له السماء والأرض .. هل نتركه يمر كغيره من الشهور؟
شهرُ الصّيامِ مُباركٌ قد خَصّهُ *** ذو الطَّولِ فيه بفضلهِ واختارَهُ
فإذا أتى فَتَحَ الإلهُ جِنانَهُ *** للصَّائمينَ لهُ وأغلق نارَهُ
الوقفة الثانية: أنجز أعمالك اليوم وتفرغ للعبادة غدًا.
العيد سيأتي في موعده .. لن يتقدم أو يتأخر.. والعجب من بعض الناس من الرجال والنساء الذين لا يبدؤون في شراء حاجيات العيد إلا في العشر الأواخر من رمضان, فتبدأ زحمات الطرق والأسواق, وترتفع الأسعار, وتقل السلع.
فابدأ من هذه الأيام واشتر ملابس العيد لك ولأسرتك, وجهز هدايا العيد إن كنت عازمًا على ذلك, واستقبل رمضان وقد أنجزت أعمالك وتفرغت لعبادة ربك سبحانه وتعالى, فالدقيقة في رمضان غالية ولا شك.
الوقفة الثالثة: من هذه اللحظة اعزم على الاجتهاد في العبادة في رمضان.
اعزم على طاعة ربك فللعزيمة على الخير أجر عند الله تعالى, فإذا عَمَل العبد الطاعة وُهِب الأجور العظيمة, روى مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن همَّ بحسَنةٍ فلم يعمَلْها كُتِبَت لَهُ حسَنةً, ومَن همَّ بحسَنةٍ فعمِلَها كُتِبَت لَهُ عَشرًا إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ، ومَن همَّ بسيِّئةٍ فلم يَعمَلْها لم تُكْتب, وإن عمِلَها كُتِبَت”.
اعزم من الآن على الطاعات.. عزمًا مؤكِّدًا للفعل, اعزم على ختم القرآن عدة مرات, واعزم على صلاة التراويح في المسجد كل يوم, اعزم على تفطير الصائمين وخطط لذلك, وابدأ في التجهيز له, اعزم على الصدقة في رمضان, وتلمَّس من اليوم حاجات الفقراء وبيوتهم واشتر أنت وأهلك ما تريدون التصدق به, اعزم على فعل الخير, وتذكر أنك مثاب, وأن رمضان شهر الطاعة, وأن للطاعة حلاوة.
جاء الصّيامُ فجاء الخيرُ أجمعُه *** ترتيلُ ذِكرٍ وتحميدٌ وتسبيحُ
فالنَّفس تدأب في قولٍ وفي عملٍ *** صوم النَّهار وباللَّيل التَّراويحُ
الوقفة الرابعة: أغلق ملفاتك المفتوحة ..
إن كان عليك قضاءٌ من رمضانَ فائت فبادر إلى قضائه غدًا, وتذكر أنك إن أخرت القضاء حتى يأتي شهر رمضان فإنه يجب عليك القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم.
إن كان بينك وبين أحد من إخوانك خصومة فبادر أنت إلى الإصلاح والإجتماع, وتذكر أن خيرهما الذي يبدأ بالسلام.
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
إن كان لديك معاصٍ وأنت مقيم عليها فبادر بالتوبة والإنابة لله تعالى, واعلم أن رمضان فرصة ذهبية للتغيير, ولتصحيح المسار إلى الله تعالى, فرصة لأن يصلح العبد علاقته مع الله, فيُنَقِّي ظاهره وباطنه من الذنوب والمعاصي, فرصة أن يتخلص من معاصٍ أدمن عليها, أفسدت عليه قلبه وعلاقته بربه وعلاقته مع الناس.
{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.
استقبل رمضان بنفس طاهرة نظيفة نقية, عازمةٍ على التخلص من المعاصي, عش حياة الطهر والنقاء وتذوق حلاوة الإيمان.
يقول ابن رجب رحمه الله: (لما سلسل الشيطان في شهر رمضان، وخمدت نيران الشهوات بالصيام، انعزل سلطان الهوى، وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل، فلم يبق للعاصي عذر، يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي، يا شموس التقوى والإيمان اطلعي، يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي، يا قلوب الصائمين اخشعي، يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي، ويا عيون المجتهدين لا تهجعي، يا ذنوب التائبين لا ترجعي، يا أرض الهوى ابلعي ماءك ويا سماء النفوس اقلعي، يا خواطر العارفين ارتعي، يا همم المحبين.. بغير الله لا تقنعي، قد مُدَّت في هذه الأيام، موائد الإنعام للصوام، فما منكم إلا من دعي: {يا قومنا أجيبوا داعي الله}, طوبى لمن أجاب فأصاب، وويل لمن طُرِد عن الباب وما دعي).
يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ *** حَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِ
لَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَا *** فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضًا شَهْرَ عِصْيانِ
وَاتْل القُرانَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِدًا *** فَإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِ
كَمْ كنتَ تعرِف ممَّنْ صَام في سَلَفٍ ** مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِ
أفْنَاهُمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْدهمُ ** حَيًّا فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدانِي
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية :
الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَأَنِهِ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً . أَمّا بَعدُ :
عِبادَ اللهِ: لا يَجُوزُ لَنا أنْ َنَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصِيامٍ. لِقَولِ نَبِيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :« لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ». وَقَدْ قَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَاصِدَاً َجَمْعَ الكَلِمَةِ, وَيَطَرُدَ الشُّكُوكِ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ». وَيَومُ الشَّكِّ هُوَ الثَّلاثِينُ مِنْ شَهْرِ شَعبَانَ.
وَيَومُ الشَّكِّ لِعَامِنَا هَذَا هُوَ يَومُ الأَحَدِ ,فإنْ كَانَ الجَوُّ ليلَةَ الأَحَدِ غَائِمَاً, وَلَمْ يُرَ هِلالُهُ فَلا يَجُوزُ صِيَامُ الأَحَدِ. إنَّمَا نُكَمِّلُ عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوماً، ولا عِبْرَةَ بِالحِسَابِ الفَلَكِيِّ المُجَرَّدِ كَمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ العِلْمِ لِقَولِ نَبِيَّنا صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ :«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ"
عبادَ اللهِ: لَعلَّنا فِي إقْبَالِ رَمَضَانَ أنْ نُجاهِدَ أَنفُسَنا ونُحَقِّقَ تَقوى اللهِ بِالبُعْدِ عن المُنكرَاتِ فإنَّ نَبِيَّنا صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». فَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ، يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَيُشَكِّكُونَ في ثَوَابِتِهِمْ, مُرْتَزِقَةٌ أفَّاكُونَ يَدُورُونَ مَعَ الإعْلامِ والمُسَلْسَلاتِ حَيثُ يَتَأَكَّلُونَ لا مَبَادِئَ ولا قِيَمٍ, لَمْ نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ، والقَنَواتِ الهَابِطَةِ, فَقَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ, واهجُروهم أَخْزَاهُمُ اللهُ, كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنَا وَأَفْسَدُوا أَبنَائَنا وبَنَاتِنا. وَسُبْحَانَ اللهِ: ( وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً(.
ولا تُشْغِلَنَّكُمُ الأَجْهِزَةُ الكَفِّيَّةُ! فَقَدْ تَجُرَّكُمْ إلى المَهَالِكِ مِنْ حَيثُ لا تَشْعُرُونَ. فَاعْتَصِمُوا بِاللهِ وَأَحْسِنُوا التَّعَامُلَ مَعَهَا, فَلا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أَمْرِ
اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ.
اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، وَاجْعَلْهُ شَهْرَ عِزٍّ وَنَصْرٍ وَتَمْكِينٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَمَا أَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يُعِينَنَا فِيهِ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.
عَبَادَ اللهِ: صَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رَوَاهُ مُسْلِم.
اللهم بَلِّغْنا رَمضان، اللهم بَلِّغْنا رَمضان، اللهم بَلِّغْنا رَمضان، اللهم اجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا، واجعلنا فيه من عتقائك من النار، اللهم وفقنا فيه للعمل الصالح ولا تجعلنا من الخاسرين، اللهم اجعلنا من المقبولين الفائزين، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أنزل على المسلمين رحمةً عامة وهداية عامةً يا ذا الجلال والإكرام اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين وانصر عبادك المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم من أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء, اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك, اللهم حبب إليهم الخير وأهله وبغض إليهم الشر وأهله، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .