وسائل نبوية في التعليم

د. محمود بن أحمد الدوسري
1439/02/17 - 2017/11/06 09:50AM
                                                                       وسائل نبوية في التعليم
                                                                    د. محمود بن أحمد الدوسري
11/6/1438
       الحمد لله ... يقول ابن القيم - رحمه الله: (كان صلى الله عليه وسلم أفصحَ خلقِ الله, وأعذبَهم كلاماً, وأسرعَهم أداءً, وأحلاهم مَنْطِقاً, حتى إنَّ كلامه لَيَأْخُذُ بمجامع القلوب, ويَسبي الأرواح, ويشهد له بذلك أعداؤه. وكان إذا تكلَّم تكلَّم بكلامٍ مُفَصَّلٍ مُبَيَّنٍ, يعدُّه العادُّ, ليس بهذٍّ مُسْرِعٍ     لا يُحفظ, ولا مُنقطِع تخلَّلُه السَّكَتات)(1).
       عباد الله .. إن الدارس لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغه السنة وتعليمها يجد أنه كان حريصاً أشدَّ الحرص على أن يُنقل كلامه نقلاً صحيحاً دقيقاً، يؤدِّي إلى حفظ السنة في الصدور حِفظاً سليماً, ومن أهم الوسائل التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغه للسُّنة(2):
       أولاً: ترغيبُه في حِفظِ السنةِ وتبليغِها للناس: كان صلى الله عليه وسلم يردد في مناسبات عِدَّة: (وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)(3). ويقول أيضاً: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً)(4). وكان صلى الله عليه وسلم يدعو لنَقَلَةِ الحديث بالنَّضارة والبهاء والجَمال, فيقول: (نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حتى يُبَلِّغَهُ, فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ, وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ)(5). فأنت يا أيها المسلم .. بمقدورك أن تُبلِّغ السنُّةَ وتُشارك في نشرها عن طريق مُختَلف الوسائل المتاحة في التواصل الاجتماعي, ولو لم تكن فقيهاً. وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ من وَرَاءَكُمْ)(6). وقال صلى الله عليه وسلم - لمالكِ بنِ الحُوَيرث وأصحابِه رضي الله عنهم: (لو رَجَعْتُمْ إلى بِلاَدِكُمْ فَعَلَّمْتُمُوهُمْ)(7).
       ثانياً: دُعاؤه لأصحابه بالفَهمِ والحِفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لبعض أصحابه بالفقه والفهم؛ ومن ذلك دعاؤه المشهور لابن عباس رضي الله عنهما: (اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)(8), وكان صلى الله عليه وسلم يدعو لبعض أصحابه بالحفظ والضَّبط، فها هو ذا يقول لأصحابه يوماً: (مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي, ثُمَّ يَقْبِضْهُ, فَلَنْ يَنْسَى شَيْئاَ سَمِعَهُ مِنِّي). قال أبو هريرة رضي الله عنه: فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَاَنْت عَلَيَّ, فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ ما نَسِيتُ شيئاً سَمِعْتُهُ مِنْهُ(9).
       ثالثاً: توعُّده بالنار لمَنْ كَتَم عِلماً, أو كَذَب عليه متعمداً: فقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من كتمان العلم, في قوله: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ؛ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(10). وحذَّر صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً كذلك من الكذب عليه, في قوله: (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ, مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النَّارِ) (11). وهو تحذير لمَنْ جاء بعد الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأنهم عدول بتعديل الله لهم, قال ابن تيمية - رحمه الله: (فلا يُعرف من الصحابة مَنْ تعمَّد الكذبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنْ كان فيهم مَنْ له ذنوب، لكن هذا الباب مِمَّا عَصَمَهم الله فيه مِنْ تعمُّد الكذب على نبيِّهم)(12).
       رابعاً: إذنُه للصحابة بكتابةِ الحديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً أصحابه الكرام رضي الله عنهم عن كتابة الحديث في قوله: (لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي, وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غيرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ)(13). وسبب النهي: خشية اختلاط الحديث بالقرآن، أو أن يشتغل الناس بالحديث دون القرآن، فلما أمن ذلك أذن لأصحابه بكتابة الحديث زيادة في الضبط والإتقان.
       عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما, قال: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, أُرِيدُ حِفْظَهُ, فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ, وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ في الْغَضَبِ وَالرِّضَا ؟! فَأَمْسَكْتُ عَن الْكِتَابِ! فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إلى فِيهِ, فقال: (اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلاَّ حَقٌّ)(14).
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الكتابة, ويقول: (قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ)(15).
       خامساً: اعتمادُه صلى الله عليه وسلم وسائلَ وطُرُقاً للتعليم: كان صلى الله عليه وسلم مُعلِّماً بكلِّ ما في الكلمة من معانٍ؛ وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم؛ كما في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 129], بل إنَّ التعليمَ المُيَسَّرَ من أبرز معالم بِعثته صلى الله عليه وسلم للناس؛ وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لم يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا, ولا مُتَعَنِّتًا, وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا)(16), وقد استحدث المُعلِّمُ المُيسِّرُ صلى الله عليه وسلم وسائلَ وطرقاً للتعليم كان له فيها قَصَبُ السَّبقِ على النظريات الحديثة, ويجب أن يتنبَّه لذلك التَّربويون, والمتتبِّعُ لأحاديثه صلى الله عليه وسلم يجد ذلك واضحاً جليًّا, وقد أثمرَ هذا المنهجُ المبارك حِفْظَ السنةَ النبوية بشكلٍ مُبهِرٍ أبهر العالَم بأسره, ومن أهم وسائله في ذلك:
       1- تَكرارُه الحديثَ حتى يُفهم عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم حرص أن يُفهم كلامه ويتَّضح مراده, فإن كانت الكلمة تحتاج إلى إعادة أعادها, وربما كررها ثلاث مرات, حتى يطمئن أنها قد عُقِلت عنه: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَّهُ كان إذا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا حتى تُفْهَمَ عنه)(17).
       2- مُراجعتُه لِمَحفوظاتِ بعضِ أصحابه: عن الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ, فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ, ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِّكَ الأَيْمَنِ, ثُمَّ قُلْ: اللهم إني أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ, وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ, وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ, رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ, لاَ  مَلْجَأَ ولا مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إِلَيْكَ, آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الذي أَنْزَلْتَ, وَبِنَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ, واجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ, فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ على الْفِطْرَةِ). قال: فَرَدَّدْتُهُنَّ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ, فقلت: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ. قال:(قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ)(18).
      3- مُراعاتُه لِحَالِ أصحابِه: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُراعي حالَ الصحابة, فلا يُحدِّثهم إلاَّ وهم في حالٍ من الشوق إلى الاستماع والتَّعلُّم, ولا شكَّ أنَّ هذا آكد لرسوخ المسموع, والابتعاد من الملل والسَّآمة: عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: (كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ؛ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا)(19).
       4- يُحَدِّث بِتَروٍّ وتؤدةٍ, ولا يَسْرد الكلامَ سرداً: ولا يُدخِلُ الكلامَ بعضَه في بعض, وهو أدعى لسلامة المسموع, وحفظ السامع, وفهم الحديث: عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: (كان كَلاَمُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلاَماً فَصْلاً(20)؛ يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ)(21).
وعن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: (كان فِي كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْتِيلٌ(22) أو تَرْسِيلٌ(23) ) (24). 
      5- تقديمُه الفائدةَ أحياناً في صورةِ سؤالٍ: وتقديم الفائدة العلمية في صورة سؤال يجعل السامع والمتلقِّي يُحاول الوصول إلى الجواب, وهو أمر يجذب الانتباه والتشويق, فحينما يُجيب صلى الله عليه وسلم يرسخ حديثه في الأذهان؛ لأن العقول متهيأة, والقلوب متشوقة, والأذهان مشحوذة: عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا, وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ, فَحَدِّثُونِي ما هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي). قال عبد اللَّهِ: وَوَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ, ثُمَّ قالوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: (هِيَ النَّخْلَةُ)(25).  
 
                                                                        الخطبة الثانية
         الحمد لله ... أيها الإخوة الكرام .. ومن الوسائل التعليمية للنبي صلى الله عليه وسلم:
       6- استعمالُه المَثَلَ من باب تقريب المراد: ضَرْبُ الأمثالِ للمتعلمين والمتلقِّين من الأساليب التربوية التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث الشريفة؛ بغية تقريب المراد, وإيصاله للذِّهن, لِيُفْهَمَ ويُعْقَلَ, فكان يُمَثِّل البعيد بالقريب, والمجهول بالمعلوم, والمعنوي بالمحسوس, ومن أمثاله المشهورة: قوله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسُّوْءِ؛ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ...)(26). وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ من قَبْلِي؛ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتاً, فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ, إلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ, فَجَعَلَ الناسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ له, وَيَقُولُونَ: هَلاَّ وُضِعَتْ هذه اللَّبِنَةُ. قال: فَأَنَا اللَّبِنَةُ, وأنا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ). وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ؛ مَثَلُ الْجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ, تَدَاعَى له سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)(27). قال ابن القيم - رحمه الله - في معرض حديثه عن الأمثال المضروبة في السُّنة: (فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا من الأَمْثَالِ التي ضَرَبَهَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِتَقْرِيبِ الْمُرَادِ, وَتَفْهِيمِ الْمَعْنَى, وَإِيصَالِهِ إلَى ذِهْنِ السَّامِعِ, وَإِحْضَارِهِ في نَفْسِهِ بِصُورَةِ الْمِثَالِ الذي مَثَّلَ بِهِ, فإنه قد يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى تَعَقُّلِهِ وَفَهْمِهِ وَضَبْطِهِ, وَاسْتِحْضَارِهِ له بِاسْتِحْضَارِ نَظِيرِهِ, فإنَّ النَّفْسَ تَأْنَسُ بِالنَّظَائِرِ وَالأَشْبَاهِ الأُنْسَ التَّامَّ, وَتَنْفِرُ من الْغُرْبَةِ وَالْوَحْدَةِ وَعَدَمِ النَّظِيرِ)(28).
       7- اعتِمادُه الموقفَ منهجاً في التعليم: حيث كان صلى الله عليه وسلم يربط بين الموقف وبين الرسالة التي يُريد إيصالَها للمُتلقِّي, ممَّا يجعل ما يُقال أرسخ في الذهن, ومن ذلك: عن عُمَرَ بنِ أبي سَلَمَةَ رضي الله عنه قال: (كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ, فقال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا غُلاَمُ! سَمِّ اللَّهَ, وَكُلْ بِيَمِينِكَ, وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ). فما زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ(29).
       8- اعتِمادُه على مؤثِّرات سمعية بصرية: وهو صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر تحديداً سبق كلَّ النظريات العِلمية الحديثة في التعليم, حيث استعمل إمكاناتِ عصره المُتاحة آنذاك؛ لتكون وسائلَ لِعَرضِ المعلومة التي يُريد إيصالها.
        فمن المُؤثرات البصرية: ما جاء عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, فَخَطَّ خَطًّا, وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ, وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ, ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فقال: (هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ), ثُمَّ تَلاَ هَذِه الآيَةَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153](30).
       ومن المؤثرات السَّمعِية: ما جاء عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلاَ صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ؛ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ, يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ)(31). قال النووي - رحمه الله: (يُستحبُّ للخطيب أنْ يُفَخِّمَ أمْرَ الخُطبة, ويرفعَ صوتَه, ويُجْزِلَ كلامَه, ويكونَ مُطابِقاً للفَصْل الذي يتكلَّم فيه من ترغيبٍ أو ترهيب, ولعلَّ اشتدادَ غضبِه صلى الله عليه وسلم كان عند إنذارِه أمراً عظيماً, وتحديدِه خَطْباً جسِيماً)(32).
       9- اهتِمامُه بطلبة العلم ووصِيَّتُه بهم: وفي هذا ضَرَبَ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المَثَلَ الرائع عمليًّا؛ من خلال اهتمامِه واحتفائِه ووصيَّتِه بطلبة العلم: عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ, فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, وَاقْنُوهُمْ). أي: عَلِّمُوهُمْ(33).
       الدعاء ...
ــــــــــ
(1) زاد المعاد, (1/182).
(2) انظر: جهود الأئمة في حفظ السنة, أحمد بن عبد الرحمن الصويان, مجلة البيان, (عدد: 115), (ربيع الأول 1418 هـ), (ص 8)؛ السنة النبوية:
      مكانتها, عوامل بقائها, تدوينها, د. عبد المُهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي (ص 62)؛ مصادر التشريع ومنهج الاستدلال والتلقي, حمدي                عبد الله (ص 133).     
(3) رواه البخاري, (1/51), (ح 104)؛ ومسلم, (2/987), (ح 1354).
(4) رواه البخاري, (3/1275), (ح 3274).
(5) رواه أبو داود, (3/322), (ح 3660)؛ والترمذي, (5/33), (ح 2656).
(6) رواه البخاري, (1/29), (ح 53).
(7) رواه البخاري, (1/242), (ح 652).
(8) رواه البخاري, (1/66), (ح 143).
(9) رواه البخاري, (6/2677), (ح 6921).
(10) رواه أبو داود, (3/321), (ح 3685)؛ وابن ماجه, (1/97), (ح 264). وصححه الألباني في (صحيح أبي داود), (2/411), (ح 3658).
(11) رواه البخاري, (1/434), (ح 1229)؛ ومسلم, (1/10), (ح 4).
(12) الرد على الأخنائي, (ص 103, 104).
(13) رواه مسلم, (4/2298), (ح 3004).
(14) رواه أحمد في (المسند), (2/162), (ح 6510)؛ وأبو داود, (3/318), (ح 3646). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود), (2/408), (ح                  3646).
(15) رواه الحاكم في (المستدرك), (1/188), (ح 362). وصححه الألباني في (صحيح الجامع), (2/816), (ح 4434).
(16) رواه مسلم, (2/1104), (ح 1478).
(17) رواه البخاري, (1/48), (ح 95).
(18) رواه مسلم, (4/2081).
(19) رواه البخاري, (1/38), (ح 68)؛ ومسلم, (4/2173), (ح 2821).
(20) (كَلاَماً فَصْلاً): أي: مفصولاً بين أجزائه وواضحاً. انظر: عون المعبود, (13/126).
(21) رواه أبو داود, (4/261), (ح 4839). وحسنه الألباني في (صحيح سنن أبي داود), (3/189), (ح 4839).
(22) (تَرْتِيلٌ): أي: تأنٍّ وتمهُّلٍ, مع تبيين الحروف والحركات, بحيث يتمكَّن السامع من عدِّها.
(23) (أو تَرْسِيلٌ): هذا شكٌّ من الراوي, ومعنى الترتيل والترسيل واحد. انظر: عون المعبود, (13/126).
(24)  رواه أبو داود, (4/260), (ح 4838). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود), (3/189), (ح 4838).
(25) رواه البخاري, (1/34), (ح 61), ومسلم, (4/2164), (ح 2811).
(26) رواه البخاري, (5/2104), (ح 5241)؛ ومسلم, (4/2026), (ح 2628).
(27) رواه مسلم, (4/1999), (2586).
(28) إعلام الموقعين, (1/240).
(29) رواه البخاري, واللفظ له, (5/2056), (ح 5063)؛ ومسلم, (3/1599), (ح 2022).
(30) رواه أحمد في (المسند), (3/397), (ح 15312)؛ وعبد بن حميد في (مسنده), (ص 345), (ح 1141)؛ وابن ماجه, (1/6), (ح 11).
        وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه), (1/21), (ح 11).
(31) رواه مسلم, (2/592), (ح 867).
(32) شرح النووي على صحيح مسلم, (6/156).
(33) رواه ابن ماجه, (1/90), (ح 247). وحسنه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه), (1/99), (ح 203).
المرفقات

نبوية-في-التعليم

نبوية-في-التعليم

المشاهدات 1258 | التعليقات 0