وزارة الشؤون الإسلامية(في موريتانيا) مهمة جسيمة و أداء هزيل
أبو عبد الرحمن
1432/04/21 - 2011/03/26 19:23PM
وزارة الشؤون الإسلامية مهمة جسيمة و أداء هزيل
للكاتب الموريتاني
الكور السالم ولد المختار الحاج / منسق جهوي سابق في الوزارة، وباحث في مجال الحوار الديني والثقافي في الحضارة الإسلامية
تضطلع الوزارات المكلفة بالشؤون الإسلامية بدور هام و أساسي لا يمكن الاستغناء عنه لارتباطه بالهوية الوطنية والأمن الاجتماعي، ومقدسات الأمة، ونظرا لجسامة مهمات هذه الوزارات كان لزاما علي القائمين علي شؤونها انتقاء نخب علمية نابهة تدرك بوعي تام حقائق الواقع، وتمتلك القدرات العلمية والعملية اللازمة لتغييره، ولكن هذا ينطبق علي القطاعات التي تدرك جسامة مهمتها وتستشعر خطرها من الناحية الأخلاقية أولا والقانونية ثانيا، وقطاع الشؤون الإسلامية في بلادنا ظل أكثر القطاعات ترنحا وفسادا، ورغم أن القيادة السياسية تختار له بين فينة و أخري شخصية علمية ودينية لها مكانتها في المجتمع، إلا أن ذلك لم ينعكس إيجابا علي القطاع، فاستفادة هذه الشخصيات من المكانة والمزايا المادية التي توفرها الوظيفة غالبا ما تفوق استفادة القطاع من "معرفتها" وخبراتها، وبالتالي كانت المردودية تنحصر فيما تجتنيه هذه الشخصيات من رواتب مغرية وتعويضات مجزية عن أتعاب الأسفار المتعددة بالإضافة إلي ما توفره بنود الصرف المرنة من فرص للكسب المادي بطريقة لا تعرض للمساءلة العلنية، وجميل أن يحافظ فقهاؤنا علي الحد الأدنى من قيم الترفع فهم أجدر من غيرهم بأن "يبيتوا علي الطوى ويظلو" حرصا علي كريم المأكل في هذه الحياة المنصرمة، والمتابع لما يجري سيدرك انعكاس شغل الوظيفة علي المعنيين من الناحية المادية والنفسية وربما الاجتماعية، ولكنه لن يلاحظ أي تحسن في القطاع وفي هذا المقال والمقالات التالية سوف أتناول أداء وزارة الشؤون الإسلامية، ومقارنة الدور الذي تلعبه في الوقت الراهن بما يجب أن يكون، و أدرك جيدا أن هذا النقد قد يساء فهمه من طرف من جعلوا من الإعلام مطية لارتقاء الوظائف السامية وسبيلا للتمتع بالمزايا المادية "المريحة عاجلا".
الكور السالم ولد المختار الحاج / منسق جهوي سابق في الوزارة، وباحث في مجال الحوار الديني والثقافي في الحضارة الإسلامية
تضطلع الوزارات المكلفة بالشؤون الإسلامية بدور هام و أساسي لا يمكن الاستغناء عنه لارتباطه بالهوية الوطنية والأمن الاجتماعي، ومقدسات الأمة، ونظرا لجسامة مهمات هذه الوزارات كان لزاما علي القائمين علي شؤونها انتقاء نخب علمية نابهة تدرك بوعي تام حقائق الواقع، وتمتلك القدرات العلمية والعملية اللازمة لتغييره، ولكن هذا ينطبق علي القطاعات التي تدرك جسامة مهمتها وتستشعر خطرها من الناحية الأخلاقية أولا والقانونية ثانيا، وقطاع الشؤون الإسلامية في بلادنا ظل أكثر القطاعات ترنحا وفسادا، ورغم أن القيادة السياسية تختار له بين فينة و أخري شخصية علمية ودينية لها مكانتها في المجتمع، إلا أن ذلك لم ينعكس إيجابا علي القطاع، فاستفادة هذه الشخصيات من المكانة والمزايا المادية التي توفرها الوظيفة غالبا ما تفوق استفادة القطاع من "معرفتها" وخبراتها، وبالتالي كانت المردودية تنحصر فيما تجتنيه هذه الشخصيات من رواتب مغرية وتعويضات مجزية عن أتعاب الأسفار المتعددة بالإضافة إلي ما توفره بنود الصرف المرنة من فرص للكسب المادي بطريقة لا تعرض للمساءلة العلنية، وجميل أن يحافظ فقهاؤنا علي الحد الأدنى من قيم الترفع فهم أجدر من غيرهم بأن "يبيتوا علي الطوى ويظلو" حرصا علي كريم المأكل في هذه الحياة المنصرمة، والمتابع لما يجري سيدرك انعكاس شغل الوظيفة علي المعنيين من الناحية المادية والنفسية وربما الاجتماعية، ولكنه لن يلاحظ أي تحسن في القطاع وفي هذا المقال والمقالات التالية سوف أتناول أداء وزارة الشؤون الإسلامية، ومقارنة الدور الذي تلعبه في الوقت الراهن بما يجب أن يكون، و أدرك جيدا أن هذا النقد قد يساء فهمه من طرف من جعلوا من الإعلام مطية لارتقاء الوظائف السامية وسبيلا للتمتع بالمزايا المادية "المريحة عاجلا".
ولن أشغل نفسي بتتبع نقاط التقصير في عمل قطاع الشؤون الإسلامية للسببين اثنين:
أولا: أني لا أريد النقد الهادم بل أرمي إلي إيقاظ المعنيين وتنبيه من لديهم "بقية أخلاق وشيء من التقوى" لعلهم يذكرون، فالذكري تنفع المؤمنين.
ثانيا: أعرف أن تتبع مواطن الخلل والتقصير بشكل حصري سيكون عملية مضنية، وحسبي أن أستعرض ملاحظة دالة حدثني بها بعض أهل القطاع و هو أنه يرجو أن يعين علي الوزارة أحد "النصارى الفرنسيين" فكلما جاءها من يظن به الفضل والصلاح أشاع فيها من قيم المحسوبية و الزبونية ما لم تعرفه من قبل، ناهيك عن الفساد المالي والإداري بشتى أنواعه.
وفي هذه الورقة سوف أتناول قطاع الشؤون الإسلامية وسوف أبين المهام المنوطة به كما بينها المرسوم المحدد لصلاحيات وزير الشؤون الإسلامية وهي:
• {ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية} ومن حقنا أن نتساءل ماذا رسخت الوزارة من القيم والفضائل الإسلامية، لا أدري هل تعتبر الوزارة أن من ترسيخ القيم ما يشاع بين فينة و أخرى من تضخيم الفواتير، واستلام مبالغ معتبرة خارج النظم والضوابط المحاسبية بأمر شفوي، و أستغرب أن يعتبر هذا من قبيل "ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية" ولا أتصور أن ملكات البعض في تطويع النصوص و إخضاعها لرغبات وتوجهات آخرين بإمكانها أن تدخل مثل هذه السلوكيات في إطار ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية.
• {تقديم الصورة الناصعة للإسلام في شموليته واعتداله وسماحته} قدمت الوزارة صورة ومثالا للمحسوبية في شهر رمضان الماضي حين أرسلت بعثات دعوية للداخل والخارج أقصي منها أصحاب الكفاءات العلمية والخلقية، واختير لها آخرون، البعض منهم – على أقل تقدير – حتى لا نقع في التعميم لا تتوفر فيه الحدود الدنيا من المعرفة ولا من الالتزام الأخلاقي، والبعثات الخارجية تم ابتعاثها بطريقة في غاية الغرابة، فقد تم إيفادها إلي دول لم تشعر سلطاتها بطبيعة أنشطتهم ولا مغزاها، ولم تكن مندرجة في إطار اتفاق بين الدول للتبادل العلمي والثقافي، مما جعل بعض هذه الدول تتحفظ علي وجودهم ليضطروا في النهاية إلي الرجوع سالمين، وحينما نشرت لقطات من هذه الحقائق عبر الإعلام بادرت الوزارة التي تستغل كل سانحة لتلميع صورتها إلي تغييم الرؤية بواسطة الضغط علي المعنيين حتى يتراجعوا عما كشفوا عنه من حقائق.
• {ضبط الفتوي وتقريبها من المواطنين } لا أعرف ولا أعتقد أن أحدا يعرف كيف ضبطت الوزارة الفتوى وقربتها من المواطنين، أرجو ألا يصغي المواطنون إلى الفتاوى العملية للوزارة انطلاقا من قاعدة "أن فعل غير المعصوم لا يعتد به" وأجزم أن الوزارة ليست معصومة وتقارير المفتشية العامة المحاطة بستار من التعتيم والسرية خير شهيد، وما لم تضبط الوزارة سلوكها فلن تضبط الفتوى.
• {مكافحة جميع أنواع الغلو والانحراف الفكري ومحاربة الأفكار الهدامة ومقاومة تيارات الخلاعة والاستلاب} أسجل هنا لصالح الوزارة القيام بحوار مع السلفيين الجهاديين رغم ما رافقه من ملابسات لم تكن مجدية، ورغم ما شابه من نكوص في التعهدات، ولكنه رغم ذلك يبقي خطوة في الاتجاه الصحيح، وفي ما يتعلق بمواجهة الأفكار الهدامة، نجد أن أخطرها هو ما يؤدي للردة وهو التنصير وموقف الوزارة منه موقف أقل ما يوصف به أنه مشين، لأنه -وللأسف- ينم عن لامبالاة بأكثر المسائل قدسية وهو العقيدة، ورغم ما أثارته بعض وسائط النشر الألكتروني بشأنه مدعما بالوثائق والإثباتات، فإن الوزارة لم تحرك ساكنا، وسوف أتحفظ انطلاقا من الواجب الشرعي في ستر عورات المؤمنين علي عبارة علق بها قيادي بارز في هذا القطاع علي مسألة التنصير لأنها مخلة دينيا و أخلاقيا، وهذا الموقف يطرح نقاط استفهام كبري من موقف الوزارة إزاء حملات التنصير المستعرة التي تستهدف بلادنا في عقيدتها وهويتها، وفي أكبر ضمان لوحدتها.
• {تشجيع الحوار والتعايش السلمي بين الحضارات والثقافات المختلفة} فيما يتعلق بالحوار أسلفت ما قيم به من حوار مع السلفيين الجهاديين، وفيما يتعلق بحوار الحضارات فبودي أن تدخل هذه الكلمة قاموس التداول في الوزارة، وبودي أن يكون بها بعض المؤهلين لمثل هذه المهمة، و أعرف أن من الصعوبة بمكان أن يتخطي أصحاب الكفاءات العلمية والفكرية عوائق المحسوبية و الزبونية المتفشية في الوزارة، ولن يعوز القائمين عليها تبرير غير مقنع لإقصاء من يريدون وترقية من يريدون في غياب المعايير الموضوعية، والتوجه الجاد والإخلاص للمبدأ، وعزاؤنا أن الزبد يذهب جفاء "وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
• {تفعيل دور القطاع في خدمة القضايا الوطنية والإنسانية وتعزيز السلم الاجتماعي} لا أعتقد أن أحدا على معرفة بأدنى دور لعبته هذه الوزارة في مجال خدمة الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الأهلي، وبالتأكيد فإن تأجيج الصراع الإثني بين أئمة المساجد لن يندرج في هذا السياق، وإشاعة قيم المحسوبية لن يخدم القضايا الوطنية ولن يعزز السلم الاجتماعي.
• {تشجيع وتطوير البحث في الميادين الإسلامية} لن يستطيع المزايدون والمتزلفون ومحترفوا مهنة التلميع والتبرير أن يسجلوا أي نقطة إيجابية للوزارة في هذا المضمار، وما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية هو إقصاء وتهميش الباحثين في مجال الدراسات الإسلامية، وفي ضوء الاختلال البنيوي المزمن في الوزارة لا يستغرب أن تنبو بأهل الاختصاص.
• {تنظيم الحج والعمرة وغيرهما من الشعائر الإسلامية واتخاذ كافة التدابير اللازمة داخليا وخارجيا علي الوجه الأكمل} حظي تنظيم الحج والعمرة بأهمية خاصة لما يوفره من سيولة ومزايا مادية توزع بطريقة يشوبها الكثير من الحيف والمحسوبية، لكنه ما دام يدر دخلا فسيبقى جديرا بالعناية والتركيز وفعلا أحيط بعناية كبيرة لا أعرف بالضبط مدي انسجام تلك العناية مع مردوده المادي، ولكنه رغم ذلك لم يخل من ثغرات وهنات مما دعي لتنظيم ورشة مراجعة لتقييم عملية تنظيمه، وأرجو ألا يكون الهدف منها استغلال بنود صرف مرنة في ميزانية الوزارة.
• {عمارة المساجد وصيانتها والعمل علي أدائها لرسالتها التعبدية والتربوية، والمحافظة علي أجواء السكينة والوقار في رحابها}، في مجال العناية بالمساجد والقيمين عليها نسجل للوزارة تنفيذ اكتتاب 500 إمام براتب 50.000 أوقية للشهر، ورغم أن هذا في حد ذاته يمثل بادرة إيجابية تستحق الإشادة والتنويه إلا أنه تم بصفة غير شفافة وغير عادلة و إن لم يصل إلي مستوي اختيار البعثات الرمضانية، فقد أقٌصيت في هذا الامتحان شخصيات علمية متميزة "ونجحت" فيه شخصيات قاصرة علميا علي الأقل، وكما تمت المسابقة بصورة غير شفافة، فقد ساهمت في إيثار النعرات العرقية داخل القطاع الديني مما جعل البعض يلوح بمطالب من قبيل "الكوتا" لشريحة اجتماعية علي غرار"الكوتا" المخصص للنساء في الانتخابات البلدية والتشريعية، وكما ساهم سلوك الوزارة في إثارة النعرات العرقية ساهم في إثارة الكثير من الخلافات والحزازات بين الأئمة، ومع هذا كله نكثت الوزارة بالكثير من تعهداتها اتجاه روابط العلماء والأئمة، وقصرت كثيرا في حق الفاعلين الحقيقيين داخل الحقل الديني.
• {تطوير العلاقات مع الدول والمنظمات الإسلامية في مجالات الأوقاف والشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ومحو الأمية} لا وجود لعلاقات مجدية أصلا حتي يتم تطويرها، سمعنا عن بعض الاتفاقيات مع النظام الليبي البائس ولكنها ظلت جعجعة بلا طحين، والبعض ممن في الوزارة يفضل التمر والطحين، وسمعنا تظلمات الأئمة المفترض ابتعاثهم لقطر وما يشوب قضيتهم من لغط يشي بافتقار القطاع للأهلية والكفاءة المهنية.
• {تفعيل إسهامات القطاع في المشاريع التنموية من خلال الأوقاف والزكوات} من السائغ ذكر قطاع الأوقاف لأنه – وكما يعرف البعض– يدر دخلا معتبرا ويوفر مزايا عديدة، و إقحام الزكاة لا أعرف هل هو مدرج في المرسوم، فقديما عرف العلماء الإدراج في المتن والسند، أم أن الوزارة أدرجته عن وعي ولكنها لم تستكشف بعد فرص الاستفادة منه.
وما قد يغرب عن البعض أن المحاسبة أكيدة بعاجلها وآجلها، ولن يفلت المقصرون ومن يستغلون النفوذ لتحقيق مآرب شخصية من العقاب لأن الشعوب بدأت تفيق، وفضاء الحريات المتاح يسمح بكشف المستور.
ورغبة في إصلاح هذا القطاع وفي لفت الانتباه إلي ضرورة تمثل القيم التي يجب أن تحكم سلوك أفراده، أردت إبداء هذه الملاحظات وستكون لنا وقفات مع هذا القطاع لن نغمطه فيها حقه، كما لن نتزلف لقواده.
وما نسجله بكل أسف أن ما أعلن عنه فخامة رئيس الجمهورية محمد بن عبد العزيز في برنامجه من محاربة للفساد بمظاهره المتعددة، ونشر للعدل وتحقيق للإنصاف لم يتحقق في وزارة الشؤون الإسلامية، التي مازالت وكرا للفساد والمحسوبية، ومثالا للعجز التام عن النهوض بواجب الإصلاح.
[URL="http://http://www.alakhbar.info/16294-0-0--F0-F5F-C5C0A-CF.html"]المصدر
أولا: أني لا أريد النقد الهادم بل أرمي إلي إيقاظ المعنيين وتنبيه من لديهم "بقية أخلاق وشيء من التقوى" لعلهم يذكرون، فالذكري تنفع المؤمنين.
ثانيا: أعرف أن تتبع مواطن الخلل والتقصير بشكل حصري سيكون عملية مضنية، وحسبي أن أستعرض ملاحظة دالة حدثني بها بعض أهل القطاع و هو أنه يرجو أن يعين علي الوزارة أحد "النصارى الفرنسيين" فكلما جاءها من يظن به الفضل والصلاح أشاع فيها من قيم المحسوبية و الزبونية ما لم تعرفه من قبل، ناهيك عن الفساد المالي والإداري بشتى أنواعه.
وفي هذه الورقة سوف أتناول قطاع الشؤون الإسلامية وسوف أبين المهام المنوطة به كما بينها المرسوم المحدد لصلاحيات وزير الشؤون الإسلامية وهي:
• {ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية} ومن حقنا أن نتساءل ماذا رسخت الوزارة من القيم والفضائل الإسلامية، لا أدري هل تعتبر الوزارة أن من ترسيخ القيم ما يشاع بين فينة و أخرى من تضخيم الفواتير، واستلام مبالغ معتبرة خارج النظم والضوابط المحاسبية بأمر شفوي، و أستغرب أن يعتبر هذا من قبيل "ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية" ولا أتصور أن ملكات البعض في تطويع النصوص و إخضاعها لرغبات وتوجهات آخرين بإمكانها أن تدخل مثل هذه السلوكيات في إطار ترسيخ القيم والفضائل الإسلامية.
• {تقديم الصورة الناصعة للإسلام في شموليته واعتداله وسماحته} قدمت الوزارة صورة ومثالا للمحسوبية في شهر رمضان الماضي حين أرسلت بعثات دعوية للداخل والخارج أقصي منها أصحاب الكفاءات العلمية والخلقية، واختير لها آخرون، البعض منهم – على أقل تقدير – حتى لا نقع في التعميم لا تتوفر فيه الحدود الدنيا من المعرفة ولا من الالتزام الأخلاقي، والبعثات الخارجية تم ابتعاثها بطريقة في غاية الغرابة، فقد تم إيفادها إلي دول لم تشعر سلطاتها بطبيعة أنشطتهم ولا مغزاها، ولم تكن مندرجة في إطار اتفاق بين الدول للتبادل العلمي والثقافي، مما جعل بعض هذه الدول تتحفظ علي وجودهم ليضطروا في النهاية إلي الرجوع سالمين، وحينما نشرت لقطات من هذه الحقائق عبر الإعلام بادرت الوزارة التي تستغل كل سانحة لتلميع صورتها إلي تغييم الرؤية بواسطة الضغط علي المعنيين حتى يتراجعوا عما كشفوا عنه من حقائق.
• {ضبط الفتوي وتقريبها من المواطنين } لا أعرف ولا أعتقد أن أحدا يعرف كيف ضبطت الوزارة الفتوى وقربتها من المواطنين، أرجو ألا يصغي المواطنون إلى الفتاوى العملية للوزارة انطلاقا من قاعدة "أن فعل غير المعصوم لا يعتد به" وأجزم أن الوزارة ليست معصومة وتقارير المفتشية العامة المحاطة بستار من التعتيم والسرية خير شهيد، وما لم تضبط الوزارة سلوكها فلن تضبط الفتوى.
• {مكافحة جميع أنواع الغلو والانحراف الفكري ومحاربة الأفكار الهدامة ومقاومة تيارات الخلاعة والاستلاب} أسجل هنا لصالح الوزارة القيام بحوار مع السلفيين الجهاديين رغم ما رافقه من ملابسات لم تكن مجدية، ورغم ما شابه من نكوص في التعهدات، ولكنه رغم ذلك يبقي خطوة في الاتجاه الصحيح، وفي ما يتعلق بمواجهة الأفكار الهدامة، نجد أن أخطرها هو ما يؤدي للردة وهو التنصير وموقف الوزارة منه موقف أقل ما يوصف به أنه مشين، لأنه -وللأسف- ينم عن لامبالاة بأكثر المسائل قدسية وهو العقيدة، ورغم ما أثارته بعض وسائط النشر الألكتروني بشأنه مدعما بالوثائق والإثباتات، فإن الوزارة لم تحرك ساكنا، وسوف أتحفظ انطلاقا من الواجب الشرعي في ستر عورات المؤمنين علي عبارة علق بها قيادي بارز في هذا القطاع علي مسألة التنصير لأنها مخلة دينيا و أخلاقيا، وهذا الموقف يطرح نقاط استفهام كبري من موقف الوزارة إزاء حملات التنصير المستعرة التي تستهدف بلادنا في عقيدتها وهويتها، وفي أكبر ضمان لوحدتها.
• {تشجيع الحوار والتعايش السلمي بين الحضارات والثقافات المختلفة} فيما يتعلق بالحوار أسلفت ما قيم به من حوار مع السلفيين الجهاديين، وفيما يتعلق بحوار الحضارات فبودي أن تدخل هذه الكلمة قاموس التداول في الوزارة، وبودي أن يكون بها بعض المؤهلين لمثل هذه المهمة، و أعرف أن من الصعوبة بمكان أن يتخطي أصحاب الكفاءات العلمية والفكرية عوائق المحسوبية و الزبونية المتفشية في الوزارة، ولن يعوز القائمين عليها تبرير غير مقنع لإقصاء من يريدون وترقية من يريدون في غياب المعايير الموضوعية، والتوجه الجاد والإخلاص للمبدأ، وعزاؤنا أن الزبد يذهب جفاء "وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
• {تفعيل دور القطاع في خدمة القضايا الوطنية والإنسانية وتعزيز السلم الاجتماعي} لا أعتقد أن أحدا على معرفة بأدنى دور لعبته هذه الوزارة في مجال خدمة الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الأهلي، وبالتأكيد فإن تأجيج الصراع الإثني بين أئمة المساجد لن يندرج في هذا السياق، وإشاعة قيم المحسوبية لن يخدم القضايا الوطنية ولن يعزز السلم الاجتماعي.
• {تشجيع وتطوير البحث في الميادين الإسلامية} لن يستطيع المزايدون والمتزلفون ومحترفوا مهنة التلميع والتبرير أن يسجلوا أي نقطة إيجابية للوزارة في هذا المضمار، وما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية هو إقصاء وتهميش الباحثين في مجال الدراسات الإسلامية، وفي ضوء الاختلال البنيوي المزمن في الوزارة لا يستغرب أن تنبو بأهل الاختصاص.
• {تنظيم الحج والعمرة وغيرهما من الشعائر الإسلامية واتخاذ كافة التدابير اللازمة داخليا وخارجيا علي الوجه الأكمل} حظي تنظيم الحج والعمرة بأهمية خاصة لما يوفره من سيولة ومزايا مادية توزع بطريقة يشوبها الكثير من الحيف والمحسوبية، لكنه ما دام يدر دخلا فسيبقى جديرا بالعناية والتركيز وفعلا أحيط بعناية كبيرة لا أعرف بالضبط مدي انسجام تلك العناية مع مردوده المادي، ولكنه رغم ذلك لم يخل من ثغرات وهنات مما دعي لتنظيم ورشة مراجعة لتقييم عملية تنظيمه، وأرجو ألا يكون الهدف منها استغلال بنود صرف مرنة في ميزانية الوزارة.
• {عمارة المساجد وصيانتها والعمل علي أدائها لرسالتها التعبدية والتربوية، والمحافظة علي أجواء السكينة والوقار في رحابها}، في مجال العناية بالمساجد والقيمين عليها نسجل للوزارة تنفيذ اكتتاب 500 إمام براتب 50.000 أوقية للشهر، ورغم أن هذا في حد ذاته يمثل بادرة إيجابية تستحق الإشادة والتنويه إلا أنه تم بصفة غير شفافة وغير عادلة و إن لم يصل إلي مستوي اختيار البعثات الرمضانية، فقد أقٌصيت في هذا الامتحان شخصيات علمية متميزة "ونجحت" فيه شخصيات قاصرة علميا علي الأقل، وكما تمت المسابقة بصورة غير شفافة، فقد ساهمت في إيثار النعرات العرقية داخل القطاع الديني مما جعل البعض يلوح بمطالب من قبيل "الكوتا" لشريحة اجتماعية علي غرار"الكوتا" المخصص للنساء في الانتخابات البلدية والتشريعية، وكما ساهم سلوك الوزارة في إثارة النعرات العرقية ساهم في إثارة الكثير من الخلافات والحزازات بين الأئمة، ومع هذا كله نكثت الوزارة بالكثير من تعهداتها اتجاه روابط العلماء والأئمة، وقصرت كثيرا في حق الفاعلين الحقيقيين داخل الحقل الديني.
• {تطوير العلاقات مع الدول والمنظمات الإسلامية في مجالات الأوقاف والشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ومحو الأمية} لا وجود لعلاقات مجدية أصلا حتي يتم تطويرها، سمعنا عن بعض الاتفاقيات مع النظام الليبي البائس ولكنها ظلت جعجعة بلا طحين، والبعض ممن في الوزارة يفضل التمر والطحين، وسمعنا تظلمات الأئمة المفترض ابتعاثهم لقطر وما يشوب قضيتهم من لغط يشي بافتقار القطاع للأهلية والكفاءة المهنية.
• {تفعيل إسهامات القطاع في المشاريع التنموية من خلال الأوقاف والزكوات} من السائغ ذكر قطاع الأوقاف لأنه – وكما يعرف البعض– يدر دخلا معتبرا ويوفر مزايا عديدة، و إقحام الزكاة لا أعرف هل هو مدرج في المرسوم، فقديما عرف العلماء الإدراج في المتن والسند، أم أن الوزارة أدرجته عن وعي ولكنها لم تستكشف بعد فرص الاستفادة منه.
وما قد يغرب عن البعض أن المحاسبة أكيدة بعاجلها وآجلها، ولن يفلت المقصرون ومن يستغلون النفوذ لتحقيق مآرب شخصية من العقاب لأن الشعوب بدأت تفيق، وفضاء الحريات المتاح يسمح بكشف المستور.
ورغبة في إصلاح هذا القطاع وفي لفت الانتباه إلي ضرورة تمثل القيم التي يجب أن تحكم سلوك أفراده، أردت إبداء هذه الملاحظات وستكون لنا وقفات مع هذا القطاع لن نغمطه فيها حقه، كما لن نتزلف لقواده.
وما نسجله بكل أسف أن ما أعلن عنه فخامة رئيس الجمهورية محمد بن عبد العزيز في برنامجه من محاربة للفساد بمظاهره المتعددة، ونشر للعدل وتحقيق للإنصاف لم يتحقق في وزارة الشؤون الإسلامية، التي مازالت وكرا للفساد والمحسوبية، ومثالا للعجز التام عن النهوض بواجب الإصلاح.
[URL="http://http://www.alakhbar.info/16294-0-0--F0-F5F-C5C0A-CF.html"]المصدر