وَدَاع شَهْرُ رَمَضَانَ وأَحْيَاء سُنَّةً الْخُرُوجِ إلَى مُصَلَّى الْعِيدِ
محمد البدر
1440/09/24 - 2019/05/29 14:04PM
الْخُطْبَةِ عَنْ (وَدَاع شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ وأَحْيَاء سُنَّةً الْخُرُوجِ إلَى مُصَلَّى الْعِيدِ)
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أَمَّا بَعْدُ:عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. سيمضى شهر رمضان المبارك، فالبدار البدار لاغتنام ما بقي فلعل بعضكم لا يُدركه بعد هذا العام.
عِبَادَ اللَّهِ: لقد شرع لكم مولاكم في ختام شهركم زكاة الفطر شكرًا لله على نعمة التوفيق لإتمام الصيام والقيام، وطُهرت للصائم من اللغو والرفث وطعمت للمساكين، وتحريكًا لمشاعر الأخوة والألفة بين المسلمين، وهي صاع من طعام من برّ أو نحوه من قوت البلد كالأرز وغيره، وتجب زكاة الفطر على كل نفس من المسلمين ، غربت عليها شمس آخر يوم من رمضان وهي حيَّة , فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:« أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِىَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِىَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
واما مقدارها فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ولا يجوز إخراجها نقداً فإخراجها نقدا فيه مخالفة لأمر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. واعلموا أنه لئن انقضى شهر رمضان المبارك فإن عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت،فإنّ الصيام لا يزال مشروعًا في غيره مِن الشهور، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وأتبِعوا صيامَ رمضان بصيام سِتًّا مِنْ شَوَّال ، عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:من حُسن التوديع لهذا الشهر المبارك الإكثارُ من التكبيرُ والمنقول عن أكثر الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ في صفات التكبير: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمدُ. وَ نقل عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ في التَّكْبِيرِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الحَمدُ ،اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا) رواه البيهقي بسند صحيح. قال الحافظ: « وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ زِيَادَةٌ فِي ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهَا »«فتح الباري» لابن حجر: (2/462). ومن السُّنَّةُ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ خارج البنيان فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدأُ بِهِ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُريدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا، قَطَعَهُ؛ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ، أَمَرَ بِهِ؛ ثُمَّ يَنْصَرِف»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قال ابن قدامةرحمه الله: ( وَلَنَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى وَيَدَعُ مَسْجِدَهُ , وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ , وَلا يَتْرُكُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَفْضَلَ مَعَ قُرْبِهِ , وَيَتَكَلَّفُ فِعْلَ النَّاقِصِ مَعَ بُعْدِهِ , وَلا يَشْرَعُ لأُمَّتِهِ تَرْكَ الْفَضَائِلِ , وَلأَنَّنَا قَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالاقْتِدَاءِ بِهِ , وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ النَّاقِصَ , وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْكَامِلَ , وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلا مِنْ عُذْرٍ .. إلخ " واحذروا من التكبير الجماعي الذي أحدثه الناس ومن السُّنَّةُ أن يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا ويُسن مخالفةالطَّرِيقِ ويُسن أن يفطر على تمرات ، قبل خروجه إلى المصلى. فَعَنْ جَابِرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:« كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا» رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ. وَعَنِ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
عِبَادَ اللَّهِ: اللهَ اللهَ فِي إحْيَاء سّنة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالخروج إلى مصلى العيد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا..إلخ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ الأَلبَانيُّ صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ.
الا وصلوا.
المرفقات
عَنْ-وَدَاع-شَهْرُ-رَمَضَانَ-المُبَا
عَنْ-وَدَاع-شَهْرُ-رَمَضَانَ-المُبَا