وحدة الصف واجتماع الكلمة
عايد القزلان التميمي
1446/03/17 - 2024/09/20 07:22AM
الحمد لله الذي منّ علينا بالأمن والإيمان، وغمرنا بالفضل والنعم والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، المؤيد والبرهان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والذين اتبعوهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ((
أما بعدُ فيا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ : إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى الخَلْقِ كَثيرَة لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى ،
وَأَعْظَمُ النِّعَمِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نِعْمَة الأَمْنِ ، فالْأَمْنُ طُمَأْنِينة وسكينة وراحة في القَلْبِ ، والْحَياةُ لَا يَكونُ فِيهَا تُقَدِّمٌ وَتَطَوُّرٌ مِنْ دُونِ الأَمْنِ ، فَكَيْفَ يَطيبُ العَيْشُ إِذَا انْعَدَمَ الأَمْنُ ، فَمَعَ الأَمْنِ تَزْدادُ الْآمَالُ وَتَطْمَئِنُ النُّفوس ، فَإِذَا شَاعَ الأَمْنُ تَعَدَّدَتْ وازدهرت أَنْشِطَةُ الأَفْرادِ الِاقْتِصاديَّةِ والتِّجاريَّةِ وَتَنَوَّعَتْ الأَرْزاقُ , وَلِذَلِكَ ذِكْرَ اللَّهُ فِي كِتابِهِ عَنْ إِبْراهيمَ عَلَيْه السَّلام أَنَّهُ قَدَّمَ طَلَبَ الأَمْنِ عَلَى الرِّزْقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
)) وَإِذْ قَالَ إِبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمَنًا وَارْزُقَ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مِنْ آمَنٍ مِنْهُمْ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرِ فَأَمْتَعَهُ قَلِيلًا ثُمَّ أُضْطَرَهُ إِلَى عَذابِ النّارِ وَبِئْسَ المَصيرُ ))
و قَالَ سُبحَانَهُ: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لهمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ)) .
وأهْلُ التّوحيد الْخَالِص وَالْإِيمَان الصّحيح يفوزون بدفاع اللَّهِ عَنْهُمْ (( إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)).
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ : ( مِنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافىً فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا ) أخرجه الترمذي وحسّنه الألباني .
فَهَذِهِ الأُمورُ وَعَلَى رَأْسِها الأَمْنُ فِي الأوْطان , والْأَمْنُ فِي البَيْتِ هِيَ مِفْتاحُ السَّعادَةِ وَكَأَنَّكَ عِنْدَمَا تَمْلِكُها تَمْلِكُ الدُّنْيَا كُلَّها .
وَاعْلَمُوا أيها المؤمنون إِنَّ أَمنَ هَذَا البَلَد هوَ مَسْؤوليَّتِنا جَمِيعًا فَنَحْنُ مُسْتَهْدَفِينَ مِنْ الأَعْداءِ اَلْحاقِدينَ عَلَى بَلَدِنا بِمَا مَيَّزْنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ خَيْراتٍ وَقيادَةٍ تَحْكمُ بِشَريعَةِ الإِسْلامِ وَخِدْمَةِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وترابط اجتماعي بَيْنَ القيادَةِ والْمواطِنِ .
قال الله تعالى (( وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)).
عباد الله ومن نِعم الله علينا في بلادنا اللُّحمة الوطنية وتعني التماسك واجتماع الكلمة ووحدة الصف والاصطفاف خلف ولاة أمرنا وطاعتهم والدعاء لهم. وإننا مطالبون جميعا بأن نحافظ على هذه اللُّحمة من خلال التربية الأُسْرِيَّة السليمة لأبنائنا وتنشئتهم على حُبِّ وطنهم وولاة أمرهم، ولا يخفى عليكم أن التلاحم بين أبناء المملكة وقيادتها يُعَدُّ السِّمة الأبرز في مسيرة بلادنا التي بُنيت عليها منذ أيام المؤسس - رحمه الله - التي جعلت منها وحدة واحدة في المنشط والمكره عَصَيَّةً على أي حاقد أو حاسد.
ودينُنا الإسلاميّ يُوجب علينا أن نكونَ مع ولاة أمرِنا يدًا واحدة وصفًّا موحّدًا أمام ما يمكِن أن يستجدَّ من تحدّيات تستهدف الإسلامَ وتعاليمَه، أو تستهدف ثوابتَ مجتمعنا وأمننا واستقرارنا.
وإن المحافظة على تماسكنا ووحدتنا وأمن بلادنا ، واجب شرعي وأمر لا مساومة فيه،وَنَحُثُّ بَعْضَنا عَلَى ذَلِكَ وَنَتَعاوَنَ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعًا اسْتِجابَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ والْعُدْوانِ )).
وإن المحافظة على تماسكنا ووحدتنا وأمن بلادنا ، واجب شرعي وأمر لا مساومة فيه،وَنَحُثُّ بَعْضَنا عَلَى ذَلِكَ وَنَتَعاوَنَ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعًا اسْتِجابَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ والْعُدْوانِ )).
أَقُولُ مَا سمِعتُم ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أعزَّنا بالإسلام، وأكرمَنَا بالإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعدُ فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ- واعلمو أن أَغلَى مَا يَملِكُ المَرءُ بعد دِينِهِ وإيمانه وعقيدته هُو الوَطَنُ , فاغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وتاريخه المجيد، وعقيدته وتوحبده ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ .
وقد ربط القرآن بين حب الوطن وبين حب النفس؛ كما في قوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ ، وفي القرآن ربط بين الدين والوطن: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾ .
عباد الله يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُر اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ قال الله عز وجل (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) .
وَيَكُونُ الشُّكْرُ بِالْجَوَارِح وَذَلِك بِالْقِيَام بِطَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَاب مَعْصِيَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِآل دَاوُد ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ .
اللهم إنا نسألك شُكْرَ نِعْمَتِك ونَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ هَذَا، وَصَلُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ،
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارك على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ الْمُسْلِمِينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ
وأسأل الله أن يحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ، وأن يحفظ علينا ديننا ووطننا وعلمائنا ورجال أمننا وأن ينصر أبطالنا المرابطين على حدود بلادنا، وأن يحفظنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
المرفقات
1726806386_نعمة الأمن ووحدة الصف واجتماع الكلمة.docx