وانتصف شهر الصوم .. خطبة مختصرة ومؤثرة
عبدالرحمن اللهيبي
1438/09/14 - 2017/06/09 03:08AM
هذه الخطبة جمعت من عدة خطب للمشايخ الكرام ولا تحضرني أسماءهم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله وكرمه تزداد الحسنات وتغفر الزلات ، أحمده سبحانه على ما أولى وهدى ، وأشكره على ما وهب وأعطى لا إله إلا هو العلي الأعلى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى ذو الخلُق الأسمىِ ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي النهى والتقى والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَبُّكُم حَكَمٌ عَدلٌ ، يَجزِي عَلَى الحَسَنَةِ أَضعَافًا مُضَاعَفَةً ، وَيَجزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثلَهَا ، وَلا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً وَلا يَظلِمُ ربك أَحَدًا ، وَمِن عَدلِهِ أَنَّهُ لا يَستَوِي عِندَهُ مُسلِمٌ وَكَافِرٌ ، وَلا مُؤمِنٌ وَمُنَافِقٌ ، وَلا تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ ، وَلا مُجتَهِدٌ في الصالحات وآخر فاتر ، بَل يَجزِي كُلاًّ بما عَمِلَ وَإِن كَانَ صَغِيرًا "فَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ. وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ "
أيها الصائمون: لقد انقضى من رمضان صدره، ومضى منه شطره، واكتمل منه بدره، اجتَهَدَ فِيهَا مَنِ اجتَهَدَ ، وَقَعَدَ عَنِ الخَيرِ مَن قَعَدَ ، وَسَتَذهَبُ هَذِهِ الأَيَّامُ المعدودات وَستَنقَضِي بما أُودِعَ فِيهَا من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وَلا وَاللهِ لَن يَكُونَ مَن أَقبَلَ فِيهَا كَمَن أَدبَرَ ، وَلا مَن حَفِظَ الفَرَائِضَ وَحَافَظَ عَلَيهَا كَمَن ضيعها أَو قَصَّرَ فِيهَا ، وَلا مَن تَصَدَّقَ وَأَنفَقَ وَأَعطَى وَاتَّقَى ، كَمَن بَخِلَ وَاستَغنى ، وَلا مَن قرأ القرآن وذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا كَمَن لم يَذكُرْهُ إِلاَّ قَلِيلاً .. لا وَاللهِ لا يَستَوُونَ " أَفَمَن كَانَ مُؤمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَستَوُونَ " " إِنَّ لِلمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ . مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ " " أَم نَجعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفسِدِينَ في الأَرضِ أَم نَجعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّار ِ"
أيها الصائمون: إِنَّ مِنَ المحزن والمُؤلِم حَقًّا أَنَّ يدخل الشهر وَينتَصِفُ ، وَثَمَّةَ قَومٌ مِنَّا ، لم يُغَيِّرُوا شَيئًا في حَيَاتِهِم ، لم يُغَيِّرُوا قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا ، لم يُحدِثُوا تَوبَةً وَلا عَجَّلُوا بِأَوبَةٍ ، ألا ننظر يا عباد الله إلى حالنا ، هاهي أَيَّامُنا تَصَرَّمَت وأَعوَامُنا تَتَابَعَت ، شَاخَ مَن شَاخَ ، ولا زلنا على حالنا في زمن الصبا ؟!
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَتَزَوَّدْ مِن خَيرِ الأعمال في سيد الشهور ، وأكثروا من ذكر الله وقراءة القرآن ففيها أعظم الثواب والأجور, وإِنَّهُ لا يَنسَى ذِكرَ اللهِ وَيَغفَلُ عنه في شهر جليل كرمضان إِلاَّ مَنِ استَولى عَلَى قَلبِهِ الشَّيطَانُ ، ذَلِكَ قَولُ رَبِّكُم – سُبحَانَهُ – حَيثُ يَقُولُ جل في علاه : " استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ فَأَنسَاهُم ذِكرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزبُ الشَّيطَانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ "
فاستدركوا ـ رحمكم الله ـ بقية هذا الشهر بالمسارعة إلى الخيرات، واغتنامِ الفضائل والقربات فمن كان قد أحسنَ فعليه بالتمام، ومن فرّط فليختم عشره الأخيرة بالحسنى فالعمل بالختام فهي خير ليالي الشهر وأعظمها وفيها ليلة القدر خير من ألف شهر
فيا لحسن الفائرين الذين اغتنموا هذا الشهر المبارك بأكمل وجه من صلاة وقرآن وقيام وصدقة فنظر الله إليهم وهم يتقربون إليه بألوان الطاعات وجليل القربات فغفر لهم واجتباهم ورفعهم وأعتق رقابهم , ويا لخسارة المفرطين الذين لم يعرفوا قدر هذه الأيام فأمضوا وقتهم بالملهيات واشغلوا أنفسهم بحظوظ الدنيا ومضت عليهم الشهر وهم على أسوأ حال
" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "
أقول قول هذا...
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ وَلا تَنسَوهُ " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ "
يا عبد الله، جدّ القوم وأنت قاعد، وقربوا وأنت متباعد، وقاموا وأنت راقد، وتذكروا وأنت شارد، إن قام العُبادُ لم تُرَ بينهم، وإن عُدَّ الصالحون فلست معهم، ترجو النجاة ببضاعة مزجاة، فلا صلاة ولا مناجاة، ولا توبة ولا مصافاة، لقد باشر الصالحون ليالي رمضان بصفاح وجوههم، وقيام أبدانهم، خالف خوف الله بينهم وبين السُهاد، وأطار من أعينهم الرقاد، عيونهم من رهبة الله تدمع، قلوبهم من خوفه تلين وتخشع، يعبدونه في ظلمة الليل والناس ضُجَّع، قومٌ أبرار، ليسوا بأثمة ولا فُجار، فيا من قضيت ليلك في معصية الخالق، وأضعت ليالي رمضان الشريفة في المحرمات والبوائق، يا لها من خسارة لا تشبهها خسارة، أن ترى أهل الإيمان واليقين، وركائب التائبين وقوافل المستغفرين، قد حظوا في ساعات الليل بالقرب والزلفى والرضوان، وقد رُميت بالطرد والإبعاد والحرمان
فيَا قَومِ ، أَلا بَاكٍ عَلَى مَا ظَهَرَ مِن عُيُوبِهِ ! أَلا رَاغِبٌ إِلى اللهِ في غُفرَانِ ذُنُوبِهِ ! ألم يأن لنا أن نعيش حياة نودع فِيهَا ذَنُوبًا طَالَمَا اقترفناها ، ونبادر فِيهَا صَالِحَاتٍ طَالَمَا هجرناها ..
عَبدَ اللهِ ، إنك تَتَعَامَلُ مَعَ رَبٍّ رَحِيمٍ جَوَادٍ كَرِيمٍ ، فَمَا الَّذِي يَصرِفُكَ عَنِ اغتِنَامِ هذه الأيام المباركات ؟ أَلا فَلا تُضَيِّعِ الوَقتَ ـ رَحِمَكَ اللهُ ـ وَإِنْ كُنتَ قَد قَصَّرتَ في نصف الشهر وَفَرَّطتَ ، أَو أَسَأتَ فيها وَتَعَدَّيتَ ، فَأَحسِنِ العَمَلَ في عشرها الأخيرة وَاصدُقِ الطَّلَبَ فيها، وَسَابِقْ في الخيرات وسارع إلى الطاعات ، فَعَسَى أَن تَكُونَ مِمَّن قِيلَ فِيهِم : " وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ "
فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وصونوا الْجَوَارِحِ عَنِ الْحَرَامِ، وغضوا الْأَبْصَارِ عَنِ الْآثَامِ، واحفظوا الْأَسْمَاعِ مِنَ الغيبة والمَعَازِفِ وَالْقِيَانِ، وفارقوا مَجَالِسِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، فَكَمْ مِنْ صَائِمٍ مَا صَامَ! وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ مَا قَامَ! وَكَمْ مِنْ عابدٍ بِالنَّهَارِ يمحوا ما كتب بِاللَّيْلِ! فحَذَارِ حَذَارِ أَنْ نَكُونَ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّ صِيَامَ الْقَلْبِ عَنِ الْآثَامِ قَبْلَ صِيَامِ الْأَبْدَانِ عَنِ الشَّرَابِ والطَّعَامِ.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله وكرمه تزداد الحسنات وتغفر الزلات ، أحمده سبحانه على ما أولى وهدى ، وأشكره على ما وهب وأعطى لا إله إلا هو العلي الأعلى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى ذو الخلُق الأسمىِ ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي النهى والتقى والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَبُّكُم حَكَمٌ عَدلٌ ، يَجزِي عَلَى الحَسَنَةِ أَضعَافًا مُضَاعَفَةً ، وَيَجزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثلَهَا ، وَلا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً وَلا يَظلِمُ ربك أَحَدًا ، وَمِن عَدلِهِ أَنَّهُ لا يَستَوِي عِندَهُ مُسلِمٌ وَكَافِرٌ ، وَلا مُؤمِنٌ وَمُنَافِقٌ ، وَلا تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ ، وَلا مُجتَهِدٌ في الصالحات وآخر فاتر ، بَل يَجزِي كُلاًّ بما عَمِلَ وَإِن كَانَ صَغِيرًا "فَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ. وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ "
أيها الصائمون: لقد انقضى من رمضان صدره، ومضى منه شطره، واكتمل منه بدره، اجتَهَدَ فِيهَا مَنِ اجتَهَدَ ، وَقَعَدَ عَنِ الخَيرِ مَن قَعَدَ ، وَسَتَذهَبُ هَذِهِ الأَيَّامُ المعدودات وَستَنقَضِي بما أُودِعَ فِيهَا من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وَلا وَاللهِ لَن يَكُونَ مَن أَقبَلَ فِيهَا كَمَن أَدبَرَ ، وَلا مَن حَفِظَ الفَرَائِضَ وَحَافَظَ عَلَيهَا كَمَن ضيعها أَو قَصَّرَ فِيهَا ، وَلا مَن تَصَدَّقَ وَأَنفَقَ وَأَعطَى وَاتَّقَى ، كَمَن بَخِلَ وَاستَغنى ، وَلا مَن قرأ القرآن وذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا كَمَن لم يَذكُرْهُ إِلاَّ قَلِيلاً .. لا وَاللهِ لا يَستَوُونَ " أَفَمَن كَانَ مُؤمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَستَوُونَ " " إِنَّ لِلمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ . مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ " " أَم نَجعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفسِدِينَ في الأَرضِ أَم نَجعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّار ِ"
أيها الصائمون: إِنَّ مِنَ المحزن والمُؤلِم حَقًّا أَنَّ يدخل الشهر وَينتَصِفُ ، وَثَمَّةَ قَومٌ مِنَّا ، لم يُغَيِّرُوا شَيئًا في حَيَاتِهِم ، لم يُغَيِّرُوا قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا ، لم يُحدِثُوا تَوبَةً وَلا عَجَّلُوا بِأَوبَةٍ ، ألا ننظر يا عباد الله إلى حالنا ، هاهي أَيَّامُنا تَصَرَّمَت وأَعوَامُنا تَتَابَعَت ، شَاخَ مَن شَاخَ ، ولا زلنا على حالنا في زمن الصبا ؟!
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَتَزَوَّدْ مِن خَيرِ الأعمال في سيد الشهور ، وأكثروا من ذكر الله وقراءة القرآن ففيها أعظم الثواب والأجور, وإِنَّهُ لا يَنسَى ذِكرَ اللهِ وَيَغفَلُ عنه في شهر جليل كرمضان إِلاَّ مَنِ استَولى عَلَى قَلبِهِ الشَّيطَانُ ، ذَلِكَ قَولُ رَبِّكُم – سُبحَانَهُ – حَيثُ يَقُولُ جل في علاه : " استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ فَأَنسَاهُم ذِكرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزبُ الشَّيطَانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ "
فاستدركوا ـ رحمكم الله ـ بقية هذا الشهر بالمسارعة إلى الخيرات، واغتنامِ الفضائل والقربات فمن كان قد أحسنَ فعليه بالتمام، ومن فرّط فليختم عشره الأخيرة بالحسنى فالعمل بالختام فهي خير ليالي الشهر وأعظمها وفيها ليلة القدر خير من ألف شهر
فيا لحسن الفائرين الذين اغتنموا هذا الشهر المبارك بأكمل وجه من صلاة وقرآن وقيام وصدقة فنظر الله إليهم وهم يتقربون إليه بألوان الطاعات وجليل القربات فغفر لهم واجتباهم ورفعهم وأعتق رقابهم , ويا لخسارة المفرطين الذين لم يعرفوا قدر هذه الأيام فأمضوا وقتهم بالملهيات واشغلوا أنفسهم بحظوظ الدنيا ومضت عليهم الشهر وهم على أسوأ حال
" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "
أقول قول هذا...
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ وَلا تَنسَوهُ " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ "
يا عبد الله، جدّ القوم وأنت قاعد، وقربوا وأنت متباعد، وقاموا وأنت راقد، وتذكروا وأنت شارد، إن قام العُبادُ لم تُرَ بينهم، وإن عُدَّ الصالحون فلست معهم، ترجو النجاة ببضاعة مزجاة، فلا صلاة ولا مناجاة، ولا توبة ولا مصافاة، لقد باشر الصالحون ليالي رمضان بصفاح وجوههم، وقيام أبدانهم، خالف خوف الله بينهم وبين السُهاد، وأطار من أعينهم الرقاد، عيونهم من رهبة الله تدمع، قلوبهم من خوفه تلين وتخشع، يعبدونه في ظلمة الليل والناس ضُجَّع، قومٌ أبرار، ليسوا بأثمة ولا فُجار، فيا من قضيت ليلك في معصية الخالق، وأضعت ليالي رمضان الشريفة في المحرمات والبوائق، يا لها من خسارة لا تشبهها خسارة، أن ترى أهل الإيمان واليقين، وركائب التائبين وقوافل المستغفرين، قد حظوا في ساعات الليل بالقرب والزلفى والرضوان، وقد رُميت بالطرد والإبعاد والحرمان
فيَا قَومِ ، أَلا بَاكٍ عَلَى مَا ظَهَرَ مِن عُيُوبِهِ ! أَلا رَاغِبٌ إِلى اللهِ في غُفرَانِ ذُنُوبِهِ ! ألم يأن لنا أن نعيش حياة نودع فِيهَا ذَنُوبًا طَالَمَا اقترفناها ، ونبادر فِيهَا صَالِحَاتٍ طَالَمَا هجرناها ..
عَبدَ اللهِ ، إنك تَتَعَامَلُ مَعَ رَبٍّ رَحِيمٍ جَوَادٍ كَرِيمٍ ، فَمَا الَّذِي يَصرِفُكَ عَنِ اغتِنَامِ هذه الأيام المباركات ؟ أَلا فَلا تُضَيِّعِ الوَقتَ ـ رَحِمَكَ اللهُ ـ وَإِنْ كُنتَ قَد قَصَّرتَ في نصف الشهر وَفَرَّطتَ ، أَو أَسَأتَ فيها وَتَعَدَّيتَ ، فَأَحسِنِ العَمَلَ في عشرها الأخيرة وَاصدُقِ الطَّلَبَ فيها، وَسَابِقْ في الخيرات وسارع إلى الطاعات ، فَعَسَى أَن تَكُونَ مِمَّن قِيلَ فِيهِم : " وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ "
فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وصونوا الْجَوَارِحِ عَنِ الْحَرَامِ، وغضوا الْأَبْصَارِ عَنِ الْآثَامِ، واحفظوا الْأَسْمَاعِ مِنَ الغيبة والمَعَازِفِ وَالْقِيَانِ، وفارقوا مَجَالِسِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، فَكَمْ مِنْ صَائِمٍ مَا صَامَ! وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ مَا قَامَ! وَكَمْ مِنْ عابدٍ بِالنَّهَارِ يمحوا ما كتب بِاللَّيْلِ! فحَذَارِ حَذَارِ أَنْ نَكُونَ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّ صِيَامَ الْقَلْبِ عَنِ الْآثَامِ قَبْلَ صِيَامِ الْأَبْدَانِ عَنِ الشَّرَابِ والطَّعَامِ.
المرفقات
انتصف شهر الصوم.doc
انتصف شهر الصوم.doc
المشاهدات 1195 | التعليقات 3
بوركت يا شيخ عيد وجزاك الله خيرا
مع أني كنت أقصدها والسبب أن الجمعة القادمة ستكون في يوم 21 يعني بعد فوات ليلة واحدة من العشر الأخيرة
ومع هذا فيبقى قولك وجيها وملاحظتك محل اعتبار
وجزاك الله خيرا
رفع الله قدرك شيخ عبدالرحمن وبارك الله فيك
عيد العنزي
الأول: (ومن فرّط فليختم عشره الأخيرة بالحسنى فالعمل بالختام فهي خير ليالي الشهر وأعظمها وفيها ليلة القدر خير من ألف شهر)
والثاني: (فَأَحسِنِ العَمَلَ في عشرها الأخيرة)
فهي مناسبة للعشر الأواخر وجزيت الجنة.
تعديل التعليق