وانتصف شهر البركات
ابراهيم الهلالي
خطبة وانتصف شهر البركات
الحمد لله الغني الحفي، القوي الولي، الوفي العلي عن مداناة الأوهام،العظيم الحليم، الحكيم العليم، الحمد لله نحمده, ونستعين به ونستهديه ونستغفره, ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلّ له, ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله, وصفيّه وخليله. اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون, أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله تعالى, وأحثكم على طاعته, وأذكّركم قوله الحق:{ يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون}. وتلك الأيام نداولها بين الناس :
انتصف الشهر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز بالجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شهره وبحبل الله معتصما
فيا قوم آلا خاطبٌ في هذه الشهر إلى الرحمن ؟ ألا راغب فيما أعده الله للطائعين في الجنان ؟
ألا طالب لما أخبر به من النعيم المقيم مع أنه ليس الخبر كالعيان ؟ .
أيها المسلمون : ما أشبه الليلة بالبارحة! بالأمس كنا نستقبل رمضان وها نحن نودع أسبوعين كاملين مضيا بما فيهما من الطاعات والأعمال الصالحة من صيام وقيام وتلاوة قرآن، وربما عثرات وندامات، وها هي أيامه الجميلة ولياليه الطاهرة تمشي الهوينا لكي تطوي علينا هذا الشهر المبارك.
انتصف شهر رمضان ،ذهب نصف البضاعة في التفريط والإضاعة، والتسويف يمحق ساعة بعد ساعة،والشمس والقمر بحسبان، (شهر رمضان الذي أنزل في القرآن(،يا واقفا في مقام التحير،
هل أنت على عزم التغير،إلى متى ترضى بالنزول والهوان.
أيها المسلمون، لقد مضى من رمضان صدره، وانقضى منه شطره، واكتمل منه بدره، فاغتمنوا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، ولِجوا قبل أن يُغلق الباب، وبادروا أوقاته مهما أمكنكم، واشكروا الله على أن أخّركم إليه ومكّنكم، واجتهدوا في الطاعة قبل انقضائه، وأسرعوا بالمثاب قبل انتهائه، فساعاته تذهب، وأوقاته تُنهب، وزمانه يُطلب، ويوشك الضيف أن يرتحل، وشهر الصوم أن ينتقل، فأحسنوا فيما بقي، يغفر لكم ما مضى، فإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي.
أيها المسلمون : إن شهر رمضان قد انتصف ، فهل فينا من قهر نفسه وانتصف ؟
وهل فينا من قام فيه بما عرف ؟ وهل تشوقت أنفسنا لنيل الشرف ؟
أيها المحسن فيما مضى منه دُمْ على طاعتك وإحسانك ، وأيها المسيء وبخ نفسك على التفريط ولُمْها . إذا خسرنا في هذا الشهر متى نربح ؟ وإذا لم نسافر فيه نحو الفوائد فمتى سنبرح ؟
أيها المسلمون، تنصَّف الشهر وانهدم، وفاز من بحبل الله اعتصم، وخاف من زلّة القدم، واغتنم شهر رمضان خير مغتنم، وشقي الغافل العاصي بين الذل والسقم، والأمن والندم، ويا ويله يوم تحل على أهل المخالفات الآفات، يوم تنقطع أفئدة أهل التفريط بالزفرات، يوم يُحشر أهل المعاصي والدموع على الوجنات، يقول الرب العلي في الحديث القدسي: ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) أخرجه مسلم .فلنستدرك باقي الشهر عباد الله ، فإنه أشرف أوقات الدهر ، هذه أيام يحافظ عليها وتصان ، هي كالتاج على رأس الزمان ، ولنعلم أننا مسؤولون عما نضيعه من أوقات وأحيان نعم إننا مسؤولون عن هذه الأوقات من أعمارنا ، في أي مصلحة قضيناها ؟ أفي طاعة الله وذكره ، وتلاوة كتابه وتعلم دينه ، أم قضيناها فيما لا يعود علينا بكبير فائدة ، بل قد يباعدنا عن الله تعالى وعن مرضاته ، ويقربنا مما يسخطه والعياذ بالله ؟
إخواني مهما فات ما فات من الشهر فلا تيأسوا فإن نفحات الله تعالى لا يعلم حينها إلا هو ، ولعل فيما بقي خيرٌ مما فات ، بل نجزم ببقايا الخير لأن أمامنا ليالي العشر ، مضمار الصالحين، ومحل تسابق السابقين، يقول الإمام ابن رجب رحمه الله: وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات . اهـ وقد روى الطبراني وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده" .الله أكبر .. هذه نفحات القدس قد تنزلت .. هذه نسمات الأنس قد هبت .. هذه بساتين الجنان قد تزينت .. وجدير بالمؤمن أن يشمر ويجتهد .. وحري بالغافل أن يعاجل ، وجدير بالمقصر أن يشمر . وأن يقصر عن التقصير في الشهر القصير .يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (فرحة الحس عند الإفطار تناول الطعام، وفرحة الإيمان بالتوفيق لإتمام الصيام.يا هذا .. قدم دستور الحساب قبل الغروب ، فإن وجدت خللا فارقعه برقعة استغفار، فإذا جاء السحر فاعقد عقد الزهد في الدنيا عند نية الصوم ، وتجرع جرعة دمعة في إناء ركعة لعلك تطلع على خبايا وخفايا ما أعد للصائمين من مستور: ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) "
معاشر الصائمين: داءٌ وبيل أحرق الحسنات، وقطع حبال المودات، القلوب المتنافرة أما آن لها أن تتصافح؟ هل لازالت معاندة للفطرة السوية؟ هل لازال الكبر يوقد ضرامها؟ ويشعل فتيلها؟ أما نجح رمضان في أن يعيد البسمة لشفاه طال انغلاقها؟ إن هذه القلوب يُخشى عليها إن لم تفلح المواعظ في ليها للحق، فإن لفح جهنم هو القادر على أن يكسر مكابرتها، ويلوي أعناقها، ويرغم أنف باطلها. لهؤلاء أن يسمعوا هذه النصوص وأن يضعوا أنفسهم في الترتيب اللائق بها عند ذلك: فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم سئل من أفضل الناس؟ فقال :صلى الله عليه وسلم ((كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
لقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً قبل موته فقال: ((ألا فمن كنت جلدت له ظهراً فليستقد، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد(( هذا محمد r يريد أن يتخفف من تبعات الخلق فمن يأمن الطِلاب بعده؟!. ورحم الله أبا دجانة t، رئي وجهه يتهلل عند موته فسئل عن ذلك فقال: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي للمسلمين سليماً. ألا فما أحرى القلوب القاسية بفهم هذه الرسالة وإن لم تنتفع فيها ففي وعيد النبي r المبلغ عن ربه خير واعظ حين قال صلى الله عليه وسلم: ((هجر المسلم كسفك دمه))، وحين قال: ((تُعرض الأعمال على الله كل إثنين وخميس إلا المتخاصمين فيقول الله: أنظروا هذين حتى يصطلحا)). وإن لم يُفلح رمضان في إزالة صلابة هذه القلوب فوعيد الله تعالى غير بعيد حين قال تعالى: ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُم ،أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ ) وقوم ولجت بيوتهم اللعنة أين يجدون طعم الراحة؟ ومتى يتلذذون بطيب الرقاد؟ وكيف يُفلحون في دنيا أو دين؟
إنها دعوة صادقة، من قلب أخٍ محب تدارك شهرك بتوبة نصوح، من كل إثم عموماً ، ومن قطيعة الأرحام خصوصاً ، إن كنتم أزواجاً متقاطعين اتقوا الله وعودوا لدوحة الحب من جديد، واستنشقوا عبير السعادة في أسركم، وأرضوا ربكم، وأفرحوا قلوب أولادكم، وإن كنتم أقارب فاتقوا الله وصلوا حِبال ودكم، وتنفسوا عبير صفحكم، لا تدخلَنَّ عشر رمضان عليكم إلا بقلوب بيضاء، غسلتها نفحات الرحمة، ونسمات المغفرة، وطمع إحسان المولى الكريم. اللهم ياقريب يامجيب أدرك قلوباً أحرقها البعدُ عنك، وأظلمت بقطع ما أمرتَ بوصله، ومنعَتْ معروفاً أمرتَ ببذله.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
****************************
الخطبة الثانية
الحمد لله فاطر الخلق وفالق الإصباح وناشر الموتى وباعث من في القبور, وأشهد أن لا اله إلا الله,وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أما بعد : فيأيها المسلمون : هذه الأيام مطايــــــــــــــــــا فأين العدة قبل المنايــــــــــــا ؟.
أيها المسلمون: إن لشهر رمضان طعمًا خاصًّا وحديثًا يجلو القلوب ومحبة خاصة، وشعورًا غريبًا لا يشعر به إلا المحبون الراغبون في هذا الشهر وما فيه من الخير العظيم، وكأني بأولئك المؤمنين يطلقون العبرات والزفرات والدعوات، لعلهم أن يكونوا من عتقاء الله في هذا الشهر، وممن يمتن الله عليهم بقبول صيامه وقيامه، إن قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحنّ، ومن ألم فراقه تئنّ.
وما ضاع من أيامنا هل يقوَّم *** فهيهاتَ والأزمانُ كيف تقوم
ويومٌ بأرواحٍ يباع ويشترى *** وأيام وقت لا تسام بدرهم
لماذا نخسر رمضان؟! كلنا بحاجة إلى أن يسأل نفسه: لماذا نخسر رمضان؟! ألم نعلم فضائله ومزاياه؟! ألم نعلم أنه شهر عظيم، شهر التوبة والمغفرة ومحو السيئات، وشهر العتق من النيران، موسم الخيرات، وفرصة لا تعوض، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم، فما بالنا، أحقًّا من خسر رمضان يجهل هذه الفضائل أم يتجاهل؟!
إن الخسارة في هذا الشهر تتفاوت من إنسان لآخر، فهناك من كسب أرباحًا طائلة لا تعد ولا تحصى في هذا الشهر، ووالله إنه لهو السعيد، فليشكر الله فإنه فضل من الله ومنة: (فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مّنَ الْخَاسرِينَ) [البقرة: 64]، وهناك من خسر خسرانًا مبينًا: (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَـانَ وَلِيّاً مّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً)[النساء: 119]، وهناك من كان بَينَ بَين، فتارة يخسر وتارة يربح: (وَءاخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَـالِحاً وَءاخَرَ سَيّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) كيف يُخسر رمضان؟! وما هي أسباب خسرانه؟!
أولاً: الغفلة عن النية وعدم احتساب الأجر: فاعلم أنك ما تركت الطعام والشراب وابتعدت عن المعاصي والشهوات إلا لله وحده؛ طلبًا لرضاه واستجابة لأمره، لا يهمنّك أحد من الناس علم أم لم يعلم، فصومك لله وخوفك لله، ولهذه المعاني الجميلة قال الله في الحديث القدسي: "إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" . إذًا فالصيام عبادة خفية بينك وبين الله، لا يعلم بها إلا الله، فقد تشرب وتأكل لا يعلم بك أحد من الناس، ولكن (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، فمن صام بهذه المعاني وجد حلاوة الصيام وشعر بلذة رمضان فأقدم على الأعمال الصالحة أيما إقدام.
ثانيًا: من أسباب خسران رمضان: إهمال الصلوات الخمس: وتأخيرها عن وقتها وأداؤها بكسل وخمول، وهذا من أعظم أسباب خسارة رمضان، فمن لم يحرص على الفرائض ولم يقم بالواجبات، فكيف يرجى منه النوافل، بل كيف يرجى منه استغلال رمضان، ربما صلى الرجل في آخر الوقت، ينقر الصلاة نقر الغراب، فكيف لمن كان هذا حاله أن يستغل رمضان في طاعة الله والفوز فيه، بل هذا يُخشى على صيامه أن لا يقبل والعياذ بالله.
ثالثًا: من الأسباب: السهر: وهو من أعظم خسارة رمضان، وكيف يرجى لمن سهر طوال الليل أن يفوز برمضان، والسهر -عباد الله- مكروه إن كان على مباح، فكيف بمن سهر على حرام؟! وأكثر الناس اليوم يجلسون طوال الليل مع الأقارب أو مع الأصحاب، وتذهب الساعات بالقيل والقال وتتبع القنوات الفضائية، وربما جلسوا حتى وقت السحر لم يقرؤوا حرفًا من كتاب الله، أليست خسارة أن تضيع هذه الساعات الطوال من رمضان في كل ليلة بمثل هذا؟! وليت من سهر ولابد أخذ بحظ من كل طاعة ، وخاصة وقت نزول الملك الديان سبحانه في السحر ياغبن من فاته زمن مناجاة الرحيم الذي ينادي وهو الغني ( هل من مستغفر فأغفر له ) كنت قبل رمضان تتذرع أنك كنت نائماً ففات اللقاء، فما عذرك من فوته والمولى ينادي في السماء ، وأنت ساهٍ لاهٍ في الأرض.
رابعًا: من أسبا خسران رمضان كثرة الأكل: وهذا فيه من الخسارة ما الله به عليم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ". رواه الترمذي.ثم كثرة النوم والخمول والكسل: هو حصيلة أكيدة لكثرة الأكل والسهر، ولو نام العبد في الليل ساعات لجلس بعد صلاة الفجر يذكر الله ويقرأ القرآن، وأصبح طوال نهاره طيب النفس نشيط.
خامسًا: التسويف: وقد قطع هذا المرض أعمارنا حتى في أفضل الأيام والشهور، حتى ونحن نعلم أننا قد لا ندرك رمضان آخر، حتى ونحن نعلم أن رمضان شهر المغفرة والتوبة، حتى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وزيادة، لم تسلم من التسويف، فلا حول ولا قوة إلا بالله. هاك أخي المبارك مثالاً على التسويف في رمضان: قراءة القرآن: يريد الرجل أن يقرأ بعد صلاة الفجر ولكنه متعب من السهر، ثم بعد الظهر ولكنه مرهق من العمل، ثم بعد العصر ولكنه يشترى حاجيات البيت، وربما في الليل لكنه مع الأقارب أو مع الرفاق، وهكذا فينسلخ رمضان ولم يستطع أن يختم المصحف ولو مرة واحدة، فمسكين هذا العبد، لذلك كان التسويف من أعظم أسباب خسارة رمضان، إنه لمن الخسارة والحرمان أن تمر هذه الليالي المباركة على الإنسان وهو يسرح ومرح.
قل للذي ألِف الذنوب وأجرما *** وغدا على زلاته متندمًا
لا تيأسَنْ واطلب كريمًا دائمًا *** يُولي الجميل تفضلاً وتكرمًا
يا أيها العبد المسيء إلى متى *** تُفني زمانك في عسى ولربما؟!
بادر إلى مولاك يا من عمره *** قد ضاع في عصيانه وتصرما
اللهم أرنا الحق حقًّا ورزقنا اتباعه…وارزقنا تدارك المهلة، ولا تجعلنا نضيع ما بقي كما ضاع ما سبق اللهم آمين.
ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على الهادي البشير...الخ.