وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
محمد البدر
1437/02/22 - 2015/12/04 02:30AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أمَّا بعدُ:عباد الله :قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).إنَّ انتهاك هذه الحرمةِ التي عظَّمها الله والتعدِّي على المسلمين بأذيَّتهم لمن أعظم الذنوب والآثام، وتزدادُ الجريمةُ إثمًا إن كانت الأذيّة للصالحين والأخيار من المؤمنين، وفي الحديثِ القدسيّ: (يقول الله عزّ وجلّ: مَنْ عَادَ لي وليًّا فقدْ آذنتُهُ بالحرْب) رواه البخاري.
عباد الله :وان من الآداب والتوجيهات والأحكامِ والحدود التي تعظِّم الحرماتِ وتحمِي المسلم من أن يُمَسّ بأدنى أذى ولو كان لمشاعِره وأحاسيسِه، فقد قرَّر الإسلامُ الأخوّةَ مبدأً يستوجِب الإحسانَ وينفي الأذى ، قال الله عزّ وجلّ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ، وقال النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تَحاسَدُوا ولا تناجشُوا ولا تباغَضوا، ولا يبِعْ بعضُكُمْ على بيعِ بعْض، وكُونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أخو المسْلم؛ لا يظلمهُ ولا يحقِره ولا يَخْذُلُه، التقوى هَا هُنا -وأشارَ بيدِه إلى صدرِهِ ثلاثا-، بِحسْبِ امرئٍ منَ الشرِّ أنْ يحقرَ أخاهُ المسلِم، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرَامٌ دمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ) رواه مسلم، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه) متّفق عليه.
بل كانت حجّةُ الوَداع إعلانًا لحقوقِ المسلمِ وإشهارًا لمبدَأ كرامتِه وتعظيمِ حرمتِه وقدره عند الله وتحريم أذيَّته.
عبادَ الله : فمن هذه الآداب حرَّمت ما يؤدِّي إلى مضايقةِ المسلم في مشاعره، قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إذا كُنْتمْ ثلاثَة فَلا يتنَاجَى اثنانِ دونَ صاحبِهِمَا؛ فإنَّ ذلكَ يُحْزِنُه))، وفي رواية: (فإنَّ ذلكَ يُؤذِي المؤمِن، والله يكْرَهُ أذَى المؤمِن) رواه الترمذي وصححه الألباني .
بل وصل الأمرُ إلى الجزاءِ بالجنّة لمن أزال شوكةً عن طريق المسلمين، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مر َّرجلٌ بغصنِ شَجرةٍ على ظهرِ طريق، فقال : واللهِ لأُنحيَنَّ هذا عنِ المسلمِين لا يؤذِيهِم، فأُدخِلَ الجنَّة)) رواه مسلم.
فانظر ثوابَ من كفَّ عن المسلمين أذى وإن كان يسيرا، وإن لم يتسبب فيه. إنَّ مجرَّد كفِّ الأذى لَهُو معروفٌ وإحسان يُثاب عليه المسلم، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (تكفُّ شرَّكَ عنِ الناسِ فإنها صدقةٌ منكَ على نفسِك)رواه مسلم، ولما سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أيُّ المسلمين خَير؟ قال : (مَنْ سَلِمَ المسلِمُونَ مِنْ لسانِهِ ويدِه) متّفق عليه .
وعن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال : (إياكمْ والجلوسُ في الطُّرقاتِ)، فقالوا : يا رسولَ الله، ما لنا بدٌّ في مجالِسِنا نتحدَّثُ فيها! فقال عليه الصلاة والسلام : (إذا أبيتُمْ إلا المجلِسَ فأَعطُوا الطريقَ حقَّه)، قالُوا : ومَا حقُّ الطريقِ يا رسولَ الله؟! قال : (غضُّ البصر، وكفُّ الأذَى، وردُّ السَّلام، والأمْرُ بالمعرُوفِ، والنَّهي عن المنكر) متفق عليه.
فمِن صوَر الأذى : مضايقةُ المسلمين في طرُقاتهم وأماكِنهم العامّة ورميُ النفايات فيها بلا مبالاةٍ ولا احترام، يقول النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اتقُوا اللعَّانَين)، قالوا : وما اللعَّانانِ يارسولَ الله؟ قال : (الذي يتخلَّى في طريقِ الناسِ أو في ظلِّهِم)رواه مسلم ، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأنَّ إماطةَ الأذى عن الطريق صدقةٌ، وأنها من شُعَب الإيمان، كما أخرج الطبرانيّ وغيره بسند صحيح أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ آذَى المسلمين في طُرقِهِمْ وجَبَتْ عليه لعْنتُهم).ومن قواعد الإسلام العظام قولُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا ضَرَرَ ولا ضِرَار)رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
وعن جابر بنِ عبدالله رضي الله عنه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ أكلَ البصَلَ والثومَ والكُرّاث فلا يقربنَّ مسجدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ تتَأذَّى مما يتأذَّى منه بنُو آدم) رواه مسلم ، فدلَّ على منعِ أذيّة المؤمنين ولو لم تكن متعمَّدة، ولو كانت لغرضٍ مشروع، فيكفَ بالأذى المتعمَّد في موافقةِ هوى النّفس وشهوتها؟!
عباد الله :ومن الآداب التي حثت عليها الشريعة اجتناب الغيبة والنميمة وأذيّة الجيران والخدم والضعفاء، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »رواه أبو داود وصححه الالباني . فإذا كان هذا في ظلمِ المعاهَدِين فكيف بمن ظلم إخوانه المؤمنين ؟!
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يؤذِ جارَه) متّفق عليه.
فمِن الإيذاءِ السِّباب والشّتام والغيبة والنميمةُ والقَدح في الأعراض، والله تعالى يقول : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ).
وعن ابنِ عمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : صعِدَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبرَ فنادَى بصوتٍ رفِيع، فقال : (يا معشرَ مَنْ أسلَمَ بلسانِهِ ولمْ يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه، لا تُؤذُوا المسلمِينَ ولا تُعيِّرُوهُمْ ولا تتَّبِعُوا عورَاتِهِم؛ فإنَّه مَنْ تتبَّعَ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبَّعَ اللهُ عورتَه، ومنْ تتبَّعَ الله عورتَه يفضَحْهُ ولو في جوفِ رَحلِه)). قال : ونظر ابن عمرَ يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال : (ما أعظمَك! وما أعظم حرمتَك! والمؤمنُ أعظم حرمةً منكِ) رواه الترمذيّ وصححه الألباني .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
الخطبة الثانية :
عباد الله : أوصَى النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنساءِ في خطبةِ الوداع، كما وصَّى بهن وهو على فراش الموت. فويل لمن آذى وصيّةَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وظلَم النساءَ، وويل لمن آذَت زوجَها؛ فإنَّ الملائكة تلعنها. إنَّ أذيةَ أحدِ الزوجين للآخَر من أقبحِ صوَر الأذى. كما أنَّ تسلّط الرؤساءِ بالأذى على مرؤوسيهم وهضمَ حقوق العمّال وتأخير مصالح الناس في أيّ مجال هو داخلٌ في الوعيدِ الشديد بقول العزيز المجيد : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) .
هذا، وصلّوا....[/align]
أمَّا بعدُ:عباد الله :قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).إنَّ انتهاك هذه الحرمةِ التي عظَّمها الله والتعدِّي على المسلمين بأذيَّتهم لمن أعظم الذنوب والآثام، وتزدادُ الجريمةُ إثمًا إن كانت الأذيّة للصالحين والأخيار من المؤمنين، وفي الحديثِ القدسيّ: (يقول الله عزّ وجلّ: مَنْ عَادَ لي وليًّا فقدْ آذنتُهُ بالحرْب) رواه البخاري.
عباد الله :وان من الآداب والتوجيهات والأحكامِ والحدود التي تعظِّم الحرماتِ وتحمِي المسلم من أن يُمَسّ بأدنى أذى ولو كان لمشاعِره وأحاسيسِه، فقد قرَّر الإسلامُ الأخوّةَ مبدأً يستوجِب الإحسانَ وينفي الأذى ، قال الله عزّ وجلّ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ، وقال النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تَحاسَدُوا ولا تناجشُوا ولا تباغَضوا، ولا يبِعْ بعضُكُمْ على بيعِ بعْض، وكُونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أخو المسْلم؛ لا يظلمهُ ولا يحقِره ولا يَخْذُلُه، التقوى هَا هُنا -وأشارَ بيدِه إلى صدرِهِ ثلاثا-، بِحسْبِ امرئٍ منَ الشرِّ أنْ يحقرَ أخاهُ المسلِم، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرَامٌ دمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ) رواه مسلم، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه) متّفق عليه.
بل كانت حجّةُ الوَداع إعلانًا لحقوقِ المسلمِ وإشهارًا لمبدَأ كرامتِه وتعظيمِ حرمتِه وقدره عند الله وتحريم أذيَّته.
عبادَ الله : فمن هذه الآداب حرَّمت ما يؤدِّي إلى مضايقةِ المسلم في مشاعره، قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إذا كُنْتمْ ثلاثَة فَلا يتنَاجَى اثنانِ دونَ صاحبِهِمَا؛ فإنَّ ذلكَ يُحْزِنُه))، وفي رواية: (فإنَّ ذلكَ يُؤذِي المؤمِن، والله يكْرَهُ أذَى المؤمِن) رواه الترمذي وصححه الألباني .
بل وصل الأمرُ إلى الجزاءِ بالجنّة لمن أزال شوكةً عن طريق المسلمين، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مر َّرجلٌ بغصنِ شَجرةٍ على ظهرِ طريق، فقال : واللهِ لأُنحيَنَّ هذا عنِ المسلمِين لا يؤذِيهِم، فأُدخِلَ الجنَّة)) رواه مسلم.
فانظر ثوابَ من كفَّ عن المسلمين أذى وإن كان يسيرا، وإن لم يتسبب فيه. إنَّ مجرَّد كفِّ الأذى لَهُو معروفٌ وإحسان يُثاب عليه المسلم، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (تكفُّ شرَّكَ عنِ الناسِ فإنها صدقةٌ منكَ على نفسِك)رواه مسلم، ولما سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أيُّ المسلمين خَير؟ قال : (مَنْ سَلِمَ المسلِمُونَ مِنْ لسانِهِ ويدِه) متّفق عليه .
وعن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال : (إياكمْ والجلوسُ في الطُّرقاتِ)، فقالوا : يا رسولَ الله، ما لنا بدٌّ في مجالِسِنا نتحدَّثُ فيها! فقال عليه الصلاة والسلام : (إذا أبيتُمْ إلا المجلِسَ فأَعطُوا الطريقَ حقَّه)، قالُوا : ومَا حقُّ الطريقِ يا رسولَ الله؟! قال : (غضُّ البصر، وكفُّ الأذَى، وردُّ السَّلام، والأمْرُ بالمعرُوفِ، والنَّهي عن المنكر) متفق عليه.
فمِن صوَر الأذى : مضايقةُ المسلمين في طرُقاتهم وأماكِنهم العامّة ورميُ النفايات فيها بلا مبالاةٍ ولا احترام، يقول النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اتقُوا اللعَّانَين)، قالوا : وما اللعَّانانِ يارسولَ الله؟ قال : (الذي يتخلَّى في طريقِ الناسِ أو في ظلِّهِم)رواه مسلم ، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأنَّ إماطةَ الأذى عن الطريق صدقةٌ، وأنها من شُعَب الإيمان، كما أخرج الطبرانيّ وغيره بسند صحيح أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ آذَى المسلمين في طُرقِهِمْ وجَبَتْ عليه لعْنتُهم).ومن قواعد الإسلام العظام قولُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا ضَرَرَ ولا ضِرَار)رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
وعن جابر بنِ عبدالله رضي الله عنه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ أكلَ البصَلَ والثومَ والكُرّاث فلا يقربنَّ مسجدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ تتَأذَّى مما يتأذَّى منه بنُو آدم) رواه مسلم ، فدلَّ على منعِ أذيّة المؤمنين ولو لم تكن متعمَّدة، ولو كانت لغرضٍ مشروع، فيكفَ بالأذى المتعمَّد في موافقةِ هوى النّفس وشهوتها؟!
عباد الله :ومن الآداب التي حثت عليها الشريعة اجتناب الغيبة والنميمة وأذيّة الجيران والخدم والضعفاء، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »رواه أبو داود وصححه الالباني . فإذا كان هذا في ظلمِ المعاهَدِين فكيف بمن ظلم إخوانه المؤمنين ؟!
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يؤذِ جارَه) متّفق عليه.
فمِن الإيذاءِ السِّباب والشّتام والغيبة والنميمةُ والقَدح في الأعراض، والله تعالى يقول : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ).
وعن ابنِ عمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : صعِدَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبرَ فنادَى بصوتٍ رفِيع، فقال : (يا معشرَ مَنْ أسلَمَ بلسانِهِ ولمْ يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه، لا تُؤذُوا المسلمِينَ ولا تُعيِّرُوهُمْ ولا تتَّبِعُوا عورَاتِهِم؛ فإنَّه مَنْ تتبَّعَ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبَّعَ اللهُ عورتَه، ومنْ تتبَّعَ الله عورتَه يفضَحْهُ ولو في جوفِ رَحلِه)). قال : ونظر ابن عمرَ يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال : (ما أعظمَك! وما أعظم حرمتَك! والمؤمنُ أعظم حرمةً منكِ) رواه الترمذيّ وصححه الألباني .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
الخطبة الثانية :
عباد الله : أوصَى النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنساءِ في خطبةِ الوداع، كما وصَّى بهن وهو على فراش الموت. فويل لمن آذى وصيّةَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وظلَم النساءَ، وويل لمن آذَت زوجَها؛ فإنَّ الملائكة تلعنها. إنَّ أذيةَ أحدِ الزوجين للآخَر من أقبحِ صوَر الأذى. كما أنَّ تسلّط الرؤساءِ بالأذى على مرؤوسيهم وهضمَ حقوق العمّال وتأخير مصالح الناس في أيّ مجال هو داخلٌ في الوعيدِ الشديد بقول العزيز المجيد : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) .
هذا، وصلّوا....[/align]