وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِم
محمد البدر
1440/10/04 - 2019/06/07 02:44AM
﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾فَقُلْتُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ , وَيُصَلُّونَ , وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ »رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتهدون في إتقان العمل وإتمامه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ).
هكذا مضت ليالي شهر رمضان مسرعة ، وها نحن نعيش في أيام شهر شوال،فأين أثر رمضان بعد انقضائه ؟
أين اثر التقوى في رمضان ؟ إذا أُعرض عن سنة رسول الله إلى العادات والتقاليد؟ أين أثر الصيام والقيام إذا تحايل المسلم في بيعه وشرائه، وكذب في ليله ونهاره وطفف الموازين وغش وخادع وخان الأمانة؟
فإن كنا قد ودّعنا شهر رمضان المبارك فالمؤمن اللبيب لن ولم يودّع الطاعة والعبادة، بل إن حياته ومماته لله الواحد القهار قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ لقد غرس رمضان في نفوسنا خيراً عظيماً، فاجعلوا من شهر رمضان مفتاح للخير ومغلاقاً للشر سائر العام .
عِبَادَ اللَّهِ:تراصَّت الصفوف في رمضان أكثر من ذي قبل ، فلا تفرقوها بعد رمضان فتختلف قلوبكم، فَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِى الصَّلاَةِ وَيَقُولُ «اسْتَوُوا وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِم.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلاَفًا.
ولقد اهتزت جنبات المساجد بأصوات الأذان والتلاوات واكتظت بالمصلين ،ولهجت الألسن بالدعاء والذكر والاستغفار والتوبة والندم وسكبة العبرات ورقة القلوب وعاش الناس في جو إيماني عظيم ، فالله الله بمواصلة الجد والاجتهاد في العبادات والطاعات حتى بعد رمضان ،واعلموا أن عمل المؤمن عملٌ دائبٌ لا ينقضي إلا بالموت قَالَ تَعَالَى:﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.....
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللهِ هذَا خَيْرٌ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرورةٍ ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا فَقَالَ : « نَعَمْ ، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الأَعْمَالِ , وَنذكركم بصِيَامَ السِّتَّةِ مِنْ شَوَّال فما زال في شهر شوال متسع وبقية قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ » رَوَاهُ مُسْلِم.
فَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمُ الأَجْرَ . وَلا يُشْتَرَطُ فِي صِيَامِهَا التَّتَابُعُ وَالأَفْضُلُ الْبَدَارَ مَادَامَتِ النَّفْسُ مُتَعَوِّدَةً عَلَى الصِّيَامِ ،كذلك صيام يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. كذلك صيام ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« صَوْمُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأمُرُنَا بِصِيَامِ أيَّامِ البِيضِ :« ثَلاثَ عَشْرَةَ ، وَأرْبَعَ عَشْرَةَ ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.الا وصلوا عبادا الله ...
المرفقات
عن-وَالَّذِينَ-يُؤْتُونَ-مَا-آتَوْا-و
عن-وَالَّذِينَ-يُؤْتُونَ-مَا-آتَوْا-و